تونس-الصباح
أجاب أمس رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان واحد أعمدة الحوار الوطني على النصف الأول من سؤال الحوار الوطني وعلاقته بالأحزاب، حيث نفى بسام الطريفي ما تردد عن وجود نية لإقصاء الأحزاب السياسية من هذه المبادرة.
وشكل هذا النفي مدخلا مهما لحشد المجتمع الحزبي وراء المبادرة الرباعية التي يقودها كل من الاتحاد العام التونسي للشغل وهيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
ولم تكن منطلقات رفض مشاركة الأحزاب من باب الإشاعة أو نقلا عن الكواليس السياسية بل كانت من خلال التصريحات المتكررة لعميد المحامين حاتم مزيو حيث تحدث يوم الخميس 5 جانفي الجاري عن مبادرة الحوار التي يتم الإعداد لها من طرف اتحاد الشغل وعمادة المحامين ورابطة حقوق الإنسان.
وفي تصريح إعلامي على خلفية الوقفة الاحتجاجية للمحامين بالعاصمة وأثناء توصيفه لمشروع الحوار الوطني قال مزيو: "إن هذه المبادرة لازالت في طور المشاورات الأولى مؤكدا التوصل إلى اتفاق على ضرورة أن تكون هذه شاملة وعميقة لا أن تكون سياسية فقط."
وأضاف أن المبادرة تهدف إلى الانطلاق في إصلاح شامل اقتصادي واجتماعي وسياسي على أن يتم تقديمها وعرضها على رئيس الجمهورية قيس سعيد باعتباره صاحب شرعية انتخابية، على حد تعبيره.
وبخصوص مشاركة الأحزاب السياسية كشف عميد المحامين أنه من غير الممكن عرضها أو تقديمها للأحزاب السياسية المدعوة قبل ذلك إلى مراجعة أدائها والارتقاء به واسترجاع ثقة الشعب."
وعلى اعتبار انه لا حوار سياسي دون أحزاب وفي إطار خطته التجميعية سارع الاتحاد العام التونسي للشغل وعلى لسان ناطقه الرسمي سامي الطاهري للتقليل من منسوب تأثير هذا التصريح .
وقال الطاهري خلال إشرافه على اجتماع عمالي تحضيرا لأشغال الهيئة الإدارية بجندوبة "إن المبادرة لا يمكنها أن تستثني الأحزاب لأن المنظمة النقابية ترى أن القطع مع الأحزاب عبثي ولا يمكنه تأمين العملية الديمقراطية لان النموذج القائم على الأشخاص لا يتيح المحاسبة والمساءلة زيادة على أن فرص نجاحه في نظام ديمقراطي ناشئ محدودة".
ودفع موقف الاتحاد بعميد المحامين للتخفيض من حدية رأيه تجاه الأحزاب ليُعدل على إثرها حاتم مزيو من تصريحاته باستبعاد الأطراف السياسية، وقال خلال حضوره بـ"موزايك" أول أمس الأربعاء أن "المبادرة وطنية.. وثوابتنا في المحاماة أن للأحزاب دور في الحياة السياسية، وبالمناسبة على الأحزاب أن ترتقي بدورها في البلاد، وعليها القيام بمراجعات ونقد ذاتي.. لازم الناس تتعلم تعترف بالخطأ متاعها..''
وإذ تبدو الإجابة واضحة في تحديد مشاركة الأحزاب فان ملامح المشاركين لم تتحدد بعد في حين ظهرت بوادر الإقصاء من الحوار الوطني حتى قبل أن يبدأ أصلا.
ولعل الطريف في هذا السياق أن تصريحات الاتحاد العام التونسي للشغل بضرورة تشريك الأحزاب في الحوار الوطني قابلتها رسائل نقابية متضاربة بعد أن ظهرت بوادر إقصاء لبعض الأحزاب.
فقد أفاد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، حفيّظ حفيظ بتاريخ 12 جانفي الجاري خلال إشرافه، بصفاقس على اجتماع المجلس الجهوي لاتحاد الشغل بصفاقس "إننا لن نتحاور مع الأطراف التي تعتبر حراك 25 جويلية 2021 انقلابا، في إطار هذه المبادرة".
وأشار إلى أن “تونس منقسمة اليوم سياسيا إلى ثلاثة أطراف، يتمثل الطرف الأول في من يعتبر أن حراك 25 جويلية 2021 انقلاب، والطرف الثاني في من يدعم حراك 25 جويلية دون نقاش، والطرف الثالث ومن ضمنهم اتحاد الشغل، وهم الذين يتقاطعون ويدعمون حراك 25 جويلية مع انتقاد بقية محطات مساره".
وتبدو رسالة حفيظ حفيظ واضحة الوجهة وتحديدا إلى تلك الأحزاب التي أعلنت تبنيها لخيار "مقاومة الانقلاب" حسب وصفها ورفض التطبيع معه وإلباسه ثوب الإصلاح والتصحيح.
ولعبت أحزاب التيار الديمقراطي وحزب العمال وائتلاف الكرامة والحزب الجمهوري وحركة النهضة وآفاق تونس والتكتل والقطب وغيرها ادوار متقدمة في إفشال الاستحقاق الانتخابي لـ17ديسمبر واستفتاء 25جويلية الماضي وكسر سردية "الشارع يساند الرئيس" بالنزول للساحات العامة والشوارع رفضا للإجراءات الاستثنائية وما تلاها من قرارات.
فهل أن مبادرة الحوار الوطني القادم مبادرة لخدمة وترميم نظام سعيد أم سعي حقيقي للإصلاح والإنقاذ؟ ويبقى السؤال الأبرز هل يقبل الرئيس بالحوار والحال انه كان قد اشرف على حوار في أفريل الماضي؟
سؤال لم تتأخر الإجابة عنه حيث توقع الأمين العام الجديد لحزب التيار الديمقراطي نبيل حجي أن سعيد لن يقبل بأي حوار ومهما كانت الجهة التي تقف وراءه.
وقدم حجي أمس دليلين اثنين أولهما أن سعيّد استقبل في نفس اليوم الذي أعلن فيه الثلاثي عن اعتزامه إطلاق المبادرة سمير ماجول رئيس اتحاد الصناعة والتجارة يعني انه دعا من ليس ضمن المبادرة، وثانيهما أن رئيسة الحكومة نجلاء استقبلت أمين عام اتحاد عمال تونس البشير السحباني فهل تذكرت صدفة هذا الاتحاد؟
وقال حجي في حوار على إذاعة “شمس أف أم” أن "كل من يستمع إلينا الآن يعلم أن رئيس الجمهورية لن يستمع إلى المبادرة..، نحن خبرناه وعلمناه وفهمنا طريقة تفكيره فهو يرى أن 11 بالمائة نجاح..، وهو يعتقد انه في الطريق الصحيح وان البقية يتآمرون وهو لا يرى نفسه على خطأ وبالتالي فسيصنّف هذه المبادرة في خانة المؤامرة ."
خليل الحناشي