بعد ثورة 14 جانفي 2011 شارك الاتحاد العام التونسي كأحد العناصر الأساسية في مختلف المراحل التي مرت بها البلاد وفي إدارة الحوار والتفاوض بين الفاعلين السياسيين، في كل الحوارات الوطنية التي عرفتها البلاد التونسية ما بعد 2011.
بعد جانفي 2011
وصل المشهد السياسي في تونس إلى مأزق حقيقي يهدد التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي، مما استوجب تدخل الاتحاد العام التونسي للشغل ومجموعة من المنظمات الوطنية لإنقاذ البلاد من سيناريوهات تعطل الدولة، والفوضى والانفلات المحتمل، خاصة بعد تعدد العمليات الإرهابية واستهداف المدنيين، وقد ساهمت المشاركة المكثفة للقيادات الميدانية للمركزية النقابية وقواعدها في اعتصامي القصبة كما شاركت في المفاوضات بين ممثلي المجلس الوطني لحماية الثورة والحكومة المؤقتة، وبرزت مشاركة الاتحاد العام التونسي للشغل في مرحلة الانتقال الديمقراطي من خلال الإضرابات والاعتصامات، والمطالبة بالزيادة في الأجور، وتطهير الإدارة التونسية من الفساد، وقد ساعد البعد الاجتماعي النقابي للحراك، في تحقيق مكاسب وتحسين الأجور وتسوية الوضعيات المهنية الهشة، إلى جانب الترقيات والانتدابات، وفي هذه الفترة الانتقالية استرجعت المنظمة نفوذها على الدولة والشارع على حد سواء، بمعنى أنها أصبحت الفاعل الاجتماعي القادر على الدفاع وافتكاك الحقوق المهنية والمالية لمنخرطيه وباقي العمال التونسيين في القطاع العام.
الحوار الوطني ووثيقة قرطاج
وبعد 14 جانفي 2011 أربكت عودة الاتحاد إلى المشهد السياسي والاجتماعي بقوة الفاعلين السياسيين الجدد، وذلك بفضل الوساطة في الحوارات الوطنية وأبرزها حوار 2013 والاصطفاف الواضح لاتحاد الشغل، وباقي المنظمات الوطنية إلى جانب مطالبِ المعارضة ومواقفها، وهو ما أعطاها إمكانيات أكبر لتعبئة الرأي العام ضد السلطة الحاكمة، حيث تولى الاتحاد العام التونسي للشغل مهمة تنظيم الحوار الوطني وتسيير مختلف جلساته، واستطاع لعب دور الوسيط المركزي والفاعل الاجتماعي المفوض بترتيب وتحديد أولويات الجلسات التفاوضية، والإشراف على تنفيذ مخرجاتها في سياق الحوار الوطني.
كما لعبت قيادات المنظمة الشغيلة دورا مهما في إدارة الحوار والتفاوض مع الفاعلين السياسيين بهدف إقناعهم لاستكمال صياغة الدستور الجديد، وإزاحة حكومة "الترويكا" باستبدالها بحكومة تكنوقراط، كما تدخلت القيادة النقابية في اختيار وزير حكومة تكنوقراط، وقد أظهر الاتحاد العام التونسي للشغل استقلاليته وقدرته على تعبئة القوى السياسية المختلفة حول هدف مشترك، والتفاوض وبناء حل وسط من خلال الحوار، ويرى الكثير من الملاحظين أن المنظمة الشغيلة أصبحت خيمة يمكن أن تتعايش فيه جميع القوى السياسية، وأصبحت المنظمة بعد فوزها بجائزة “نوبل” تتمتع بسلطة أكبر.
في 2016، أطلق الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي الدعوة لمختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين إلى ضرورة إعادة تشكيل حكومة وحدة وطنية، بحجة فشل حكومة الحبيب الصيد في تفعيل البرامج والمشاريع الحكومية، وعدم القدرة على إيجاد الحلول للمشاكل الاجتماعية، وتوصلت تسعة أحزاب سياسية مع المنظمات إلى إبرام وثيقة قرطاج الأولى وأنتجت حكومة لها علاقة متينة مع قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل.
ما بعد 25 جويلية
شدد الاتحاد العام التونسي للشغل على ضرورة أن ترافق التدابير الاستثنائية التي أقرها الرئيس قيس سعيد في 25 جويلية 2021 جملة من الضمانات الدستورية والحقوقية، كما أكد على ضرورة عدم إرجاع البرلمان للعمل بسبب تورطه في تعطيل الدولة وانتشار الفساد كذلك اقترحت المركزية النقابية ضرورة الالتجاء لمبدإ التشاركية في إعداد خارطة الطريق المتعلقة بإدارة الدولة ما بعد 25 جويلية، وقد رحبت المنظمة بإجراءات الرئيس معتبرة إياها خطوة ضرورية للقطع مع منظومة الفساد وهيمنة حركة النهضة على دواليب الدولة، وبعد مدة عبر الأمين العام نور الدين الطبوبي عن قلق المنظمة الشغيلة من غياب إستراتيجية التغيير، وقال في تصريح إعلامي "نحن نتعامل مع ما بعد 25 جويلية بطريقة نقدية إيجابية، من أجل أن تبقى تونس ديمقراطية ذات مؤسسات، من خلال التعجيل في إطار التشاركية بين قانون انتخابي جديد، ثم الذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة".
تصريحات الطبوبي أربكت الوضع وساد التوتر بين الرئيس والأمين العام ووصل إلى حد المقاطعة، حيث طالب الاتحاد رئاسة الجمهورية بضرورة تسريع الإجراءات وتقديم خارطة طريق والتشارك في اختيار رئيس الحكومة الجديد، وقد تم استنكار انفراد رئيس الجمهورية بالسلطة بعد إصدار الأمر الرئاسي عدد 117، الذي يوقف العمل بالدستور وإجراء إصلاحات دون تشاور مع المنظمات أو الأحزاب السياسية، وجاء المنشور عدد 20 المتعلق بوقف التفاوض الاجتماعي ليوسع الهوة بين الاتحاد والرئيس الذي اكتفى بأخذ تزكية المنظمة وامتصاص مخاوفها دون تقديم تنازلات.
وجيه الوافي
تونس- الصباح
بعد ثورة 14 جانفي 2011 شارك الاتحاد العام التونسي كأحد العناصر الأساسية في مختلف المراحل التي مرت بها البلاد وفي إدارة الحوار والتفاوض بين الفاعلين السياسيين، في كل الحوارات الوطنية التي عرفتها البلاد التونسية ما بعد 2011.
بعد جانفي 2011
وصل المشهد السياسي في تونس إلى مأزق حقيقي يهدد التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي، مما استوجب تدخل الاتحاد العام التونسي للشغل ومجموعة من المنظمات الوطنية لإنقاذ البلاد من سيناريوهات تعطل الدولة، والفوضى والانفلات المحتمل، خاصة بعد تعدد العمليات الإرهابية واستهداف المدنيين، وقد ساهمت المشاركة المكثفة للقيادات الميدانية للمركزية النقابية وقواعدها في اعتصامي القصبة كما شاركت في المفاوضات بين ممثلي المجلس الوطني لحماية الثورة والحكومة المؤقتة، وبرزت مشاركة الاتحاد العام التونسي للشغل في مرحلة الانتقال الديمقراطي من خلال الإضرابات والاعتصامات، والمطالبة بالزيادة في الأجور، وتطهير الإدارة التونسية من الفساد، وقد ساعد البعد الاجتماعي النقابي للحراك، في تحقيق مكاسب وتحسين الأجور وتسوية الوضعيات المهنية الهشة، إلى جانب الترقيات والانتدابات، وفي هذه الفترة الانتقالية استرجعت المنظمة نفوذها على الدولة والشارع على حد سواء، بمعنى أنها أصبحت الفاعل الاجتماعي القادر على الدفاع وافتكاك الحقوق المهنية والمالية لمنخرطيه وباقي العمال التونسيين في القطاع العام.
الحوار الوطني ووثيقة قرطاج
وبعد 14 جانفي 2011 أربكت عودة الاتحاد إلى المشهد السياسي والاجتماعي بقوة الفاعلين السياسيين الجدد، وذلك بفضل الوساطة في الحوارات الوطنية وأبرزها حوار 2013 والاصطفاف الواضح لاتحاد الشغل، وباقي المنظمات الوطنية إلى جانب مطالبِ المعارضة ومواقفها، وهو ما أعطاها إمكانيات أكبر لتعبئة الرأي العام ضد السلطة الحاكمة، حيث تولى الاتحاد العام التونسي للشغل مهمة تنظيم الحوار الوطني وتسيير مختلف جلساته، واستطاع لعب دور الوسيط المركزي والفاعل الاجتماعي المفوض بترتيب وتحديد أولويات الجلسات التفاوضية، والإشراف على تنفيذ مخرجاتها في سياق الحوار الوطني.
كما لعبت قيادات المنظمة الشغيلة دورا مهما في إدارة الحوار والتفاوض مع الفاعلين السياسيين بهدف إقناعهم لاستكمال صياغة الدستور الجديد، وإزاحة حكومة "الترويكا" باستبدالها بحكومة تكنوقراط، كما تدخلت القيادة النقابية في اختيار وزير حكومة تكنوقراط، وقد أظهر الاتحاد العام التونسي للشغل استقلاليته وقدرته على تعبئة القوى السياسية المختلفة حول هدف مشترك، والتفاوض وبناء حل وسط من خلال الحوار، ويرى الكثير من الملاحظين أن المنظمة الشغيلة أصبحت خيمة يمكن أن تتعايش فيه جميع القوى السياسية، وأصبحت المنظمة بعد فوزها بجائزة “نوبل” تتمتع بسلطة أكبر.
في 2016، أطلق الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي الدعوة لمختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين إلى ضرورة إعادة تشكيل حكومة وحدة وطنية، بحجة فشل حكومة الحبيب الصيد في تفعيل البرامج والمشاريع الحكومية، وعدم القدرة على إيجاد الحلول للمشاكل الاجتماعية، وتوصلت تسعة أحزاب سياسية مع المنظمات إلى إبرام وثيقة قرطاج الأولى وأنتجت حكومة لها علاقة متينة مع قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل.
ما بعد 25 جويلية
شدد الاتحاد العام التونسي للشغل على ضرورة أن ترافق التدابير الاستثنائية التي أقرها الرئيس قيس سعيد في 25 جويلية 2021 جملة من الضمانات الدستورية والحقوقية، كما أكد على ضرورة عدم إرجاع البرلمان للعمل بسبب تورطه في تعطيل الدولة وانتشار الفساد كذلك اقترحت المركزية النقابية ضرورة الالتجاء لمبدإ التشاركية في إعداد خارطة الطريق المتعلقة بإدارة الدولة ما بعد 25 جويلية، وقد رحبت المنظمة بإجراءات الرئيس معتبرة إياها خطوة ضرورية للقطع مع منظومة الفساد وهيمنة حركة النهضة على دواليب الدولة، وبعد مدة عبر الأمين العام نور الدين الطبوبي عن قلق المنظمة الشغيلة من غياب إستراتيجية التغيير، وقال في تصريح إعلامي "نحن نتعامل مع ما بعد 25 جويلية بطريقة نقدية إيجابية، من أجل أن تبقى تونس ديمقراطية ذات مؤسسات، من خلال التعجيل في إطار التشاركية بين قانون انتخابي جديد، ثم الذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة".
تصريحات الطبوبي أربكت الوضع وساد التوتر بين الرئيس والأمين العام ووصل إلى حد المقاطعة، حيث طالب الاتحاد رئاسة الجمهورية بضرورة تسريع الإجراءات وتقديم خارطة طريق والتشارك في اختيار رئيس الحكومة الجديد، وقد تم استنكار انفراد رئيس الجمهورية بالسلطة بعد إصدار الأمر الرئاسي عدد 117، الذي يوقف العمل بالدستور وإجراء إصلاحات دون تشاور مع المنظمات أو الأحزاب السياسية، وجاء المنشور عدد 20 المتعلق بوقف التفاوض الاجتماعي ليوسع الهوة بين الاتحاد والرئيس الذي اكتفى بأخذ تزكية المنظمة وامتصاص مخاوفها دون تقديم تنازلات.