- "التاكسيستية".. من "مكش في ثنيتي" إلى "أنا بولت صاحبي"..
- وزارة تكنولوجيا الاتصال: "الوزارة لم تسند أي ترخيص لتطبيق بولت، والتطبيق لا يخضع لقانون أو كراس شروط"
- خبير قانوني:"يمكن التوجه بلفت نظر لوزارة التجارة على أساس قانون تنظيم المنافسة والأسعار ويمكن لوزيري التجارة والنقل وضع تعريفة لعمل بولت"
- المدير التنفيذي للشركة:"أسعارنا عادية.. وإجبار الحريف على استعمال التطبيق يعرض صاحب التاكسي للفسخ النهائي للعقد"
- شوقي قداس:"التطبيق يقوم بنشاط غير قانوني.. الهيئة لم تتلق أي شكوى من المواطنين ومستعدون للتصدي للتجاوزات"
- "أنا يقظ" ترفع محضرا للإعلام بجريمة ضد التطبيق
- كاتب عام نقابة التاكسي الفردي:"بولت أعاد الاعتبار لسائقي التاكسي الفردي"
تحقيق: آيةجنان
تونس- الصباح
بخطى مترنحة يسير عاشور حاملا حقيبة ظهر أثقلت كاهله، منذ قرابة ربع ساعة يقف على حافة طريق "النسيم" عله يجد سيارة أجرة تقيه عناء الانتظار، الساعة شارفت على التاسعة صباحا، تناول عاشور منديلا ليمسح العرق الذي تصبب على جبينه من شدة الحر والإرهاق ثم فتح محفظته بيدين مرتعشتين ليجد عشرة دنانير رفع رأسه آملا أن يجد إحدى سيارات الأجرة، لكن دون جدوى رغم أن الطريق كان يعج بسيارات التاكسي حاملة لعلامة "بولت"، فقرر حينها أن يستعمل تطبيق "بولت" للنقل.
عاشور وهو ثلاثيني، أرهقته وسائل النقل والإعاقة لتجعل من حياته كفاحا متواصلا سعى لتحسينها رغما عن الظروف، الى حد الآن لا يملك إجابات عن تساؤلات نخرت تفكيره حول معاناة حاملي الإعاقة مع أزمة المواصلات في تونس، خاصة مع الحادثة التي عاشها مؤخرا مع احد السائقين المتعاقدين مع هذه التطبيقة الذي اعتدى عليه ضربا وحاول الاستيلاء على حاسوبه. وقد تحدث عاشور لصحيفة "الصباح" قائلا: "استعملت التطبيق وحددت المكان بالضبط وفورصعودي السيارة سألني عن اتجاهي مرة ثانية بصوت عال بدأ متشنجا وطريقة مستفزة في الحديث فطالبت بالنزول من السيارة وحينها بدء بالصراخ والسب والشتم".
حاول عاشور النزول من سيارة الأجرة لكن ردة فعل السائق كانت غريبة فقد عمد لاختطاف محفظته التي تحتوى على حاسوب محمول وعدة أجهزة أخرى وألقاها داخل السيارة محاولا الهروب، لكن عاشور تصدي له وفتح باب السيارة لأخذ المحفظة حينها تهجم عليه بإغلاق الباب عنوة مما تسبب لعاشور بجروح على مستوى الركبة واليد الحاملة للإعاقة ولم يكن له سوى الاتصال بالشرطة لإنقاذه من هذا السائق لكن لم يتلق أي رد.
هذه عينة من عينات معاناة التونسي اليومية مع سيارات التاكسي وتطبيقة "بولت"..
فماذا عن هذه التطبيقة وكيف دخلت تونس وأي تأثير لها في حركة النقل العمومي؟
تطبيق رقمي للنقل العمومي
مع ظهور تطبيقات النقل الرقمية في العديد من الدول الأجنبية مثل تطبيق "أوبر" و"كريم"، كان من المنتظر أن تحل هذه التطبيقات حال دخولها إلى تونس معضلة الأزمة الخانقة في النقل، بأسعار معقولة لكن ما حصل كان على عكس ما انتظره التونسيون، ففي أواخر سنة 2019 بدأت هذه التطبيقات بالانتشار شيئا فشيئا لكن بتكلفة أعلى من وسائل النقل الموجودة أصلا، وبتحكم من التاكسي الفردي، منها تطبيق بولت. فما هو الإطار القانوني لوجود هذه التطبيقات؟ ولماذا هذه التعريفة المرتفعة؟
تطبيق بديل للنقل العمومي؟
تعود بداية انطلاق "بولت" في العالم إلى العام 2013 باسم "تاكسي فاي"، وتم تغيير علامتها التجارية لاحقا إلى "بولت"، ولديها أكثر من 75 مليون عميل في أكثر من 45 دولة عبر أوروبا وإفريقيا حسب الموقع الإلكتروني للشركة.
وأطلقت الشركة الإستونية الأصل "بولت" عملها في تونس عام 2020 حيث أسست فرعيها في العاصمة ومدينة سوسة.
لكن عرفت الشركة في تونس والتي تعمل من خلال تطبيق إلكتروني، عديد الشكاوى بسبب غلاء الأسعار الذي يفوق تعريفة التاكسي العادي بأضعاف، إضافة إلى سوء تعامل بعض السائقين مع الحرفاء.
إذ يتوجه بعض التونسيين اليوم إلى "بولت" كحل بديل للأزمة الخانقة للمواصلات العمومية، وللهروب من الاكتظاظ والإرهاق، واختصارا للجهد والوقت، لكن مقابل تلك الراحة تثقل الأسعار المرتفعة كاهلهم، خاصة وأن سعر هذه الخدمة آخذ بالارتفاع تدريجيا منذ قدومها إلى تونس وحتى الآن.
تبدو مظاهر الازدحام والاكتظاظ جلية في محطات الحافلات والمترو في تونس، بل أصبحت أمرا مألوفا لدى عموم التونسيين ممن يضطرون لاستعمال وسائل النقل العمومي. إذ وحسب شهادات من تحدثوا لـ"الصباح" فإن هذه الأزمة آخذة في التفاقم خاصة مع كثرة توقف السفرات بسبب الإضرابات الفجئية وتعطل عربات المترو وغيرها من المشاكل.
أزمة النقل العمومي تعزز انتشار التطبيقات
"في محطة الحافلات بتونس البحرية على الساعة السابعة والنصف صباحا، يصطف المسافرون أمام شبابيك التذاكر، تدافع وشجار، الجميع في سباق مع الزمن للحاق الحافلة قبل وقوفها في المحطة، علهم يظفرون بمقاعد تقيهم عناء الوقوف"، هكذا يصف قصي الطالب الجامعي المشهد اذ تصل في بعض الأحيان مدة انتظاره للحافلة التي تقله إلى كليته عادة ساعة أو أكثر، ونادرا ما يحظى بفرصة الحصول على مقعد، على حد تعبيره.
يقول طالب الهندسة الميكانيكية بجامعة تونس المنار، وهو واحد من آلاف الطلبة الذين يستعملون النقل العمومي للتنقل نحو جامعاتهم:"معاناتنا مع النقل أصبحت أمرا روتينيا خاصة مع الظروف المادية القاسية التي يعيشها الطالب التونسي إذ نجد أنفسنا مجبرين في أغلبية الأحيان على استعمال النقل العمومي رغم رداءة خدماته، وتطبيقات النقل زادت الطين بلة بما تمارسه من احتيال".
أمام ما سبق تعترض الطلبة عدة مخاطر أخرى مثل النشل والتهديد باستعمال الأسلحة البيضاء خاصة داخل عربات المترو القريبة من الجامعات، مثل المترو رقم 4 والمترو رقم 5 اللذين شهدا عديد عمليات براكاج للطلبة تحت التهديد.
كانت أولى تجارب قصي مع تطبيق "بولت" خلال فترة الامتحانات، حين اضطر إلى طلب سيارة أجرة عبر التطبيق للحاق بالامتحان في أسرع وقت ممكن وقد تقاسم حينها الأجرة مع زملائه نظرا لغلائها وهي قرابة عشر دنانير بينما السعر العادي لا يتجاوز أربعة دنانير فقط. يقول قصي أنه لاحظ مع ظهور هذه التطبيقات اختفاء سيارات التاكسي بصفة مفاجئة بمحطة النقل في تونس البحرية، خاصة خلال فترات الذروة، ويضيف "هذا التطبيق يستغل معاناة المستهلك التونسي مع النقل العمومي، خاصة في الحالات الاستعجالية التي يضطر فيها الحريف إلى استعمال التاكسي الفردي، إلى جانب ذلك أصبح أغلب سائقي تاكسي "بولت" يجوبون المحطات دون اللافتة الرقمية قصد إيهام الحريف بأن السائق لا يعمل إلا عبر التطبيق وقد استبدلوا لفظ "مكش في ثنيتي"بـ"نخدم كان بولت"، هذا بالإضافة إلى الأسعار المجحفة التي يعتمدها التطبيق، على حد تعبيره.
" لا تخضع التطبيقات في تونس إلى ترخيص مسبق "
لم تُستحدث في تونس قوانين تتعلق بهذا النوع من التطبيقات، لكن بعد الاطلاع على ملف الشركة بالسجل الوطني للمؤسسات اتضح أن نشاط شركة "بولت" تكنولوجي ينضوي ضمن الأنشطة الإعلامية في شخصها المعنوي، وفي هذا السياق تقدمت "الصباح" بمطلب نفاذ لوزارة تكنولوجيا الاتصال وكان الرد كالآتي:"الوزارة لم تسند أي ترخيص لتطبيق "بولت"، وبالنسبة لتطوير واستغلال التطبيقات لا يستوجب الحصول على ترخيص مسبق من وزارة تكنولوجيا الاتصال وهي لا تعتبر جهة الإشراف على مثل هذه التطبيقات، هذا بالإضافة الى ان التطبيق "بولت" لا يخضع لقانون أو كراس شروط".
وهو ما أكده أيضا الخبير القانوني علاء الخميري في تعليقه على هذا الموضوع "وزارة تكنولوجيا الاتصال لا تعتبر سلطة إشراف على "بولت" ولا غيرها من التطبيقات، والشركات التي تقوم ببعث تطبيقات فعليا ليس لها سلطة إشراف بالمعنى القانوني، لكن يمكن التوجه بلفت نظر لوزارة التجارة على أساس قانون تنظيم المنافسة والأسعار ويمكن لوزيري التجارة والنقل تكوين بوابة تنظم عمل هذه التطبيقات للخروج من هذا الفراغ القانوني وتحديد إطار تنشط فيه هذه الشركات ومحاولة إيجاد تعريفة معينة لعملها". بالنسبة للقانون المنظم للتاكسي الفردي حسب الخميري فيشمل تاكسي "العداد" الذي يحسب بالكيلومتر وهناك تعريفة تحدد لكل كيلومتر وهذا تم تحديده بقانون من وزير النقل، ويضيف الخبير أن الحل لا يكمن في حجب هذه التطبيقات وإنما في الإلزام وفرض عقوبات على السائقين الذين يجبرون الحرفاء على استعمالها، وإلى جانب ذلك فإن وزارة النقل من دورها إيجاد حلول وعليها حتما أن تضع حدا لهذه الممارسات.
"أنا "بولت" صاحبي"
"بولت صاحبي" هكذا ردد سائق سيارة أجرة عند الإشارة له للوقوف من أحد المارة أمام المركب التجاري بالبحيرة، والحل إما استعمال تطبيق البولت أو الانتظار.
وهذا أيضا ما حصل مع زكي الذي تعود على استعمال التاكسي للتنقل إلى عمله، رحلته اليومية تكون في العادة من تونس إلى أريانة باستعمال التاكسي الفردي نظرا لاكتظاظ وسائل النقل العمومي، ولكن مؤخرا لاحظ ندرة سيارات الأجرة في تلك المناطق، وهو ما جعله يضطر لاستعمال التطبيق رغم غلاء السعر يقول زكي: "عند محاولتي إيقاف سيارة الأجرة العادية يجبرني بعض السائقين على استعمال التطبيق وعدا ذلك يرفضون التنقل"، ويصف زكي لـ"الصباح" ما حصل في المركب التجاري بالبحيرة أين تصطف سيارات الأجرة في العادة، يستقطبون المارة وعند محاولة الحصول على سيارة منهم يرددون "أنا نخدم بولت"، ويقول زكي في هذا السياق:"اليوم أصبحت السيارة من الأساسيات فبعد استعمال التاكسي العادي بأسعار معقولة أجد نفسي اليوم مضطرا لاستعمال بولت بأسعار باهظة". وهو ما اعتبره احتكارا واستغلالا مما دفعه إلى التواصل مع وزارة النقل بخصوص هذه التعريفة لكن لم يتلق أي رد بخصوص هذا الموضوع بعد.
تعتبر هذه السلوكيات التي يقوم بها السائقون مخالفة للاتفاق مع الشركة، إذ وحسب المدير التنفيذي لشركة بولت تكنولوجي فرع تونس جهاد النفزي، فإن العقد فرض أن يختار المتعاقدون الفترات التي يعملون فيها إما صباحية أو مسائية للعمل بالتطبيق وعند غياب الطلب فإن السائق عليه أن يعمل بصفة طبيعية وفي ما يتعلق بإجبار الحريف على استعمال التطبيق فإن هذا السلوك يعرضه لعقوبات أو الفسخ النهائي للعقد مع الشركة.
هل يقدم "بولت" توصيلة مرفّهة فعلا؟
عقارب الساعة تشير إلى الثامنة ليلا، تجلس سلوى على كرسي بلاستيكي في إحدى المحطات ببن عروس تنتظر لأكثر من ساعة ونصف قدوم الحافلة لكن دون جدوى.
لم يبق أمامها حلا سوى طلب سيارة أجرة من خلال تطبيق بولت لغياب النقل في تلك المنطقة.
فور وصول السيارة وصعود سلوى تفاجأت برائحة كحول تنبعث من السائق الذي استهل الحديث بالتعريف بنفسه، ثم رفع صوت الموسيقى لم تستجب سلوى لما يقوله وظلت تراقب الطريق خوفا من أن تُغَيَّر وجهتها، فور وصولها إلى المنزل تلقت رسالة من مجهول وبعد التثبت من الرقم اكتشفت بأنه السائق الذي أقلها، لم تجب على رسائله المتكررة ومع ذلك لم تتوقف محاولاته للتواصل معها، وتكررت هذه المحاولات بصفة يومية.
تقدمت سلوى بشكوى لشركة "بولت" فرع تونس لكن إلى اليوم لم تتلق أي رد منهم. ظهرت من خلال تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي تشكيات أخرى حول التطبيق، وتذمر العديد من المواطنين من تصرفات سائقي سيارات تاكسي البولت غير اللائقة وأمام غلاء سعر التطبيق فمن المفروض أن توفر لهم هذه الخدمة نقلا مرفها وآمنا مقابل غلاء السعر العادي لكن في المقابل يجد الحرفاء أنفسهم يتعرضون للشتم والسب والتحرش .
وظهرت هذه التجاوزات من خلال التدوينات على مواقع التواصل وهو ما يوضح حجم الانفلات في هذا القطاع الذي وصل إلى درجة لا يمكن تحملها أو السكوت عنها. فقد أصبحت بعض السلوكيات الخارجة عن أخلاقيات المهنة من بعض سائقي التاكسي أمرا عاديا أمام تكررها.
وعديدة هي الشكاوى التي رفعها الحرفاء من مستعملي التطبيق لكن في أغلب الأحيان لا تستجب الشركة لمطالبهم لأسباب مجهولة.
حرفاء "بولت" يشتكون استغلال معطياتهم الشخصية
يحتم استخدام التطبيق "بولت" على الحرفاء تأكيد تسجيلهم عبر ربط الحساب برقم الهاتف الجوال، وإلى جانب ذلك من الضروري إضافة حسابهم الخاص على الفيسبوك أو البريد الإلكتروني، ووفقا لموقع الشركة بإستونيا فإن هذه المعطيات يتم ضمها الى قاعدة البيانات الخاصة بالشركة، وحتى بعد محو الحساب تبقى هذه المعطيات مخزنة داخل قاعدة البيانات ليتمكن مستعمل التطبيق من استرجاع حسابه عند محوه، وهو ما يمكن أن يعرض الحريف لاستغلال معطياته الشخصية وأيضا إمكانية اختراق قاعدة بيانات الشركة ولعل ما حصل مع "أوبر" أوضح مثال على ذلك، ففي أكتوبر سنة 2016، وقع اختراق قاعدة بيانات شركة النقل الأمريكية "أوبر" ورافق الاختراق محاولة التستر على الأمر من قبل الشركة للحفاظ على الحرفاء. وقد شمل الاختراق حينها أسماء وعناوين البريد الإلكتروني وأرقام هواتف محمولة لمستخدمي "الأوبر" من مختلف أنحاء العالم وأسماء وأرقام لوحات ترخيص سيارات 600 ألف سائق أميركي وقد أخفت الشركة الأمر، لإعادة هيكلة فرق وعمليات الأمن الإلكتروني في الشركة. كما تعاقدت "أوبر" مع شركة مانديانت للأمن الإلكتروني للتحقيق في الاختراق. واعترفت بعد سنوات أنها كانت ملزمة بالإبلاغ عن سرقة معلومات لوحات الترخيص لسائقي الشركة ولم تفعل.
لم ينته الأمر عند ذلك بل بعد ست سنوات وقع تسريب ملف يخص هذه الشركة يكشف كيف تعاونت "أوبر" مع كبار السياسيين، وإلى أي مستويات ذهبت لتجنب العدالة حسب موقع BBC الإخباري وتشرح الملفات بالتفصيل المساعدة المكثفة التي تلقتها "أوبر" من قادة مثل إيمانويل ماكرون ومفوضة الاتحاد الأوروبي السابقة نيلي كرويس، كما أنها توضح كيف أمر الرئيس السابق لشركة سيارات الأجرة، شخصياً، بتشغيل نظام "إخفاء وإقفال البيانات" لمنع الشرطة التي كانت تداهم الشركة من الوصول إلى المعلومات الموجودة على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بها وتتألف ملفات "أوبر" من أكثر من 124 ألف وثيقة، بما في ذلك 83 ألف رسالة بريد إلكتروني وألف ملف آخر تتضمن محادثات، تمتد من عام 2013 إلى 2017. وذلك وفق مقال نشر على موقع BBC بتاريخ 11 جويلية.
وفي تونس تعرضت الحريفة م.ك التي اعتمدت التنقل عبر بولت، لاستغلال معطياتها الشخصية كرقم هاتفها من أحد السائقين الذي تمكن أيضا من الحصول على معلومات حول مكان سكنها من خلال التطبيق، حيث تعرضت إلى الهرسلة والاتصالات المتكررة من هذا السائق استمرت لأسابيع، وقامت بتقديم شكاية إلى الشركة لكن "دون جدوى" على حد تعبيرها ولم تتخذ الشركة أي إجراء تجاه السائق.
ما يثير القلق أيضا أنه ووفقا للشهادات التي تحصلنا عليها فإن المكتب المخصص لقبول مطالب الحرفاء لا يأخذ بعين الاعتبار التظلم والشكايات التي تمرر عبر التطبيق أو عبر الصفحة الرسمية أو الهاتف، من ذلك شهادة حريفة تعرضت للشتم والسب من قبل السائق خلال تنقلها عبر تاكسي يتبع للتطبيق، وعند اتصالها بالشركة لم يكترث السائق مرددا "ما عندك ما تعملي عملوها قبلك"، ثم اتصل بالمسؤولة ودار بينهم حديث فيما يخص رفع الشكاية من قبل حريفة.
إزاء حرب المعطيات الشخصية تحولت اليوم البيانات الى سلعة تباع وتشترى بأغلى الأسعار وفي هذا السياق يقول الخبير في السلامة الرقمية وليد الشنوفي "العديد من التطبيقات تستعمل هذا النوع من الربط من خلال الهاتف الجوال، للتأكد من وجود المستعمل فعليا" وبالنسبة لاستغلال المعطيات الشخصية يؤكد الشنوفي أن الشركات تقوم بحفظ معطيات الحرفاء داخل قاعدة البيانات الخاصة بها، وهو ما يجعل هذه المعلومات عرضة للاستغلال في أغراض أخرى خاصة بتغير مالكيها كل فترة وهذا "يجعل احتمال التلاعب بمعطيات الحرفاء أمرا واردا جدا خاصة وأنه لا يوجد ضمان من قبل الشركة يثبت أنه لن يتم التلاعب بها"، على حد تعبيره. وفي هذا السياق ينصح الخبير مستعملي التطبيق بتغيير أسمائهم على التطبيقة وغيره من التطبيقات التي تقوم باستغلال معطيات حرفائها، كذلك يمكن تخصيص شريحة لاستعمال مثل هذه التطبيقات للحفاظ على المعطيات الشخصية وبريد إلكتروني آخر لهذه الاستعمالات. أما فيما يخص الشكايات يقول الخبير "على عكس تطبيق بولت الذي لا يتخذ إجراءات صارمة لفصل السائقين، في حين أن بعض شركات النقل تعتمد اليوم معايير تضمن سلامة حرفائها وتخصص استبيانا لتقييم عمل السائقين وتضعه على ذمة الحرفاء".
ويضيف الشنوفي في هذا السياق بأن "البيانات تباع بأسعار باهظة جدا خاصة خلال الانتخابات"، أما فيما يخص الهجمات الرقمية فقد أكد أن أغلب لشركات ذات الخدمات الرقمية معرضة لاختراق بياناتها وعرضها للبيع أو للمساومة مع مالكها، بالنسبة للتجارة بالمعطيات الشخصية فيمكن أن يعتمدها أصحاب الشركات أو مخترقي البيانات خاصة، ورغم أن هذه الممارسات تعتبر غير قانونية لكنها أصبحت الأساليب المعتمدة من قبل عديد الدول ومنها تونس خاصة لضعف الترسانة القانونية من جانب حماية المعطيات الشخصية وأساليب حماية المواقع.
وفي هذا الصدد تواصلت صحيفة "الصباح" مع رئيس هيئة حماية المعطيات الشخصية شوقي قداس، حيث أشار إلى أزمة المعطيات الشخصية في تونس التي شهدت العديد من الانتهاكات الخطيرة وفي حديثه عن التطبيق "بولت" اعتبر قدّاس أن التطبيق يقوم بنشاط غير قانوني وأضاف بأن الهيئة لم تتلق أي شكوى من المواطنين في ما يخص هذا الأمر وشدد على أن الهيئة مستعدة لتلقي الشكاوى المتعلقة بهذا التطبيق وستقوم بالإجراءات اللازمة للتصدي للتجاوزات، مضيفا بأن هذه الشركة العالمية قد عرفت سابقا بالعديد من التجاوزات لكن البلدان الأوروبية تولي اهتماما شديدا للمعطيات الشخصية .
منظمة "أنا يقظ" ترفع محضر للإعلام بجريمة ضد التطبيق "بولت"
من جانبه، نشر أشرف العوادي رئيس منظمة "أنا يقظ" السابق تدوينة على موقع الفايسبوك في ما يتعلق بخدمات نقل التطبيق بولت ليتفاجأ في ما بعد بكم هائل من التعليقات حول المواقف التي اعترضت مستعمليها هذا إلى جانب سلوكيات سائقيها مما جعله يتوعد برفع دعوى قضائية بشركة بولت تكنولوجي.
بعد فترة من التدوينة نشرت منظمة "أنا يقظ" بيانا للرأي العام تعلم فيه بأنها تقدمت بإعلام بجريمة أمام النيابة العمومية ضد "بولت تكنولوجي" في شخص ممثلها القانوني، وذلك بعد أن تكررت الشكايات الواردة إلى المنظمة من قبل العديد من الحرفاء المتضررين من التطبيق، هذا وأكدت المنظمة في بيانها أن هذه الممارسات مخالفة لأحكام القوانين المتعلقة بالمبادلات والتجارة الإلكترونية الذي نص على ضرورة تحديد سعر المعاملة التجارية كما ينص على معاقبة كل من استغل جهل شخص في إطار عمليات البيع الإلكترونية هذا إلى جانب القانون المتعلق بإعادة تنظيم المنافسة والأسعار.
هل تخضع "بولت" لتعريفة النقل العمومي؟
لم تخضع خدمة "بولت" للتعريفة المفروضة على سيارات الأجرة، التي شهدت زيادة سنة 2018 إثر اتفاق تم إمضاؤه بين الإدارة العامة للنقل البري والجامعة الوطنية للنقل، لتصبح التعريفة بداية من 500 مليم لتطرأ عليها زيادة أخرى بنسبة 8% سنة 2020 وتصبح بداية من 540 مليما.
أما بالنسبة لتسعيرة "بولت"، فحسب جهاد النفزي المدير التنفيذي للشركة فإن "بولت" تقدم مجموعة من الخدمات مثل توفير سيارة تاكسي في أي وقت وأي مكان هذا بالإضافة لقربها من الحريف، والسرعة. أمام هذه الخدمات وقع تحديد التعريفة الموجودة بالتطبيق، على حد تعبير النفزي.
وفي هذا السياق وبالإجابة عن ارتفاع سعر "بولت" مقارنة بسيارات الأجرة العادية يقول جهاد "إن التطبيق لم يخالف التسعيرة القانونية التي حددتها وزارة النقل وذلك نظرا للخدمات المقدمة من التطبيق والتي تتطلب حتما مقابل أكثر من خدمة التاكسي العادي وهذا لا يتعارض مع قانون التعريفة العادية"، واعتبر أن هذه التسعيرة هي من حق التطبيق والعاملين فيه. من جهة أخرى امتنع مدير الشركة الإجابة عن سؤال يتعلق بعدد السائقين المتعاقدين مع التطبيق، معتبرا أنه أمر سري بين السائق والتطبيق ولا يحق للشركة الإفصاح عن هذه المعطيات.
لكن ورغم ما صرح به المدير التنفيذي حول قانونية عمل هذا التطبيق إلا أن عديد الشكاوى رفعت لوزارة النقل ومنها محضر تنبيه رفعه المحامي أحمد أمين شعور، بخصوص عدم خضوع التطبيق لتعريفة النقل الفردي، إلى جانب ذلك فقد انتبه العارض منذ مدة، الى أن أغلب سائقي التاكسي الفردي يرفضون التوقف لدى إشارته عليهم بالوقوف، ويمتنعون عن نقله بدعوى أنهم متعاقدون مع شركة "بولت" وأنه مجبر على طلب تاكسي عبر التطبيق الذي يكون عادة بأسعار مضاعفة، خاصة خلال فترات الذروة أو في ساعات متأخرة من الليل، وقد أوضح أمين شعور أن هذا المحضر مر عليه أكثر من ستة أشهر دون أي رد من وزارة النقل.
بولت "أعاد الاعتبار" للتاكسي الفردي
وفي إطار آخر، تحدثت "الصباح" إلى الكاتب العام للنقابة الوطنية للتاكسي الفردي محمد علي حنيش والذي بدوره أكد أن "تطبيق "بولت" أعاد الاعتبار لسائقي التاكسي الفردي"، وأن التعريفة الحالية مناسبة لكل متطلباتهم، خاصة أمام الظروف الاجتماعية القاسية التي يعيشها أصحاب سيارات الأجرة، على حد تعبيره، وأشار إلى أن النقابة سبق أن أرسلت العديد من المطالب لوزارة النقل بخصوص الزيادة في التعريفة لكن لم تتلق أي رد إلى اليوم.
ويوضح حنيش: "النقابة أيضا طالبت بتخفيض الاداءات المفروضة على قطاع التاكسي في علاقة بالمحروقات بما أن هذا القطاع يندرج ضمن قطاع الخدمات"، ويضيف "إن آخر زيادة في التعريفة كانت سنة 2018 وقع إقرارها بالنسبة للنقل في سيارات الأجرة وهي تعتبر غير ناجعة مقارنة بارتفاع أسعار قطع السيارات وارتفاع سعر البنزين إلى جانب ارتفاع سعر التأمين على السيارات".
وفي نفس الإطار عبر م.ب أحد سائقي التاكسي المتعاقدين مع "بولت"، بأن التعريفة عادية نظرا لما تشهده البلاد في العديد من القطاعات مقارنة بالخدمة المرفهة التي يقدمها التطبيق، فهذا السعر يعتبر عاديا، على حد تعبيره، وأكد لنا أن بعض السائقين يعمدون إلى إزالة اللوحة الرقمية للعمل بالتطبيق فقط.
عدة تجاوزات ساهم غياب القوانين الردعية أو التنظيمية لهذا القطاع في انتشارها، إذ أصبحت هذه التطبيقات اليوم تتحكم في أسعار التاكسي الفردي بصفة مباشرة أمام غياب تام للسلط المعنية، مما شجع على ذلك أيضا تقادم أسطول النقل العمومي الذي يجبر المواطنين على اللجوء لوسيلة نقل أكثر راحة رغم غلاء أسعارها.
ولازالت جل المؤسسات العمومية تعاني من خراب متواصل خصوصا في قطاع النقل العمومي بسبب تفشي ظاهرة الفساد التي نخرت هياكل الدولة، فضلا عن اهتراء أسطولها وتقادمه، ولا زالت أزمة المواطن مع هذا القطاع متواصلة دون أي حلول جذرية تنقذهم من العذاب الذي تربص بهم لسنوات ومما عمق الأزمة هو انتشار تطبيقات النقل العمومي التي تتغذى على ضعف النقل العمومي وتجبره في بعض الأحيان على التنقل باستعمال التطبيقات وذلك لاحتكارهم النقل الفردي خاصة مع استحواذهم على عدد هام من التاكسي الفردي منذ انتشارها في سنة 2020 الى غاية اليوم، هذا وقد أطلق رواد موقع التواصل الاجتماعي حملة لمقاطعة تطبيق "بولت" وذلك نظرا لغياب السلطات المعنية.
ملاحظة
تواصلنا في صحيفة "الصباح" مع وزارة النقل للحصول على موقف الوزارة من هذه التجاوزات، وإذا كانت ستتخذ إجراءات في هذا الغرض لكن مطلبنا قوبل بالتجاهل رغم المحاولات المتواصلة للحصول على رد منهم.
ملاحظة
تم تغيير بعض الأسماء حفاظا على السرية.
- "التاكسيستية".. من "مكش في ثنيتي" إلى "أنا بولت صاحبي"..
- وزارة تكنولوجيا الاتصال: "الوزارة لم تسند أي ترخيص لتطبيق بولت، والتطبيق لا يخضع لقانون أو كراس شروط"
- خبير قانوني:"يمكن التوجه بلفت نظر لوزارة التجارة على أساس قانون تنظيم المنافسة والأسعار ويمكن لوزيري التجارة والنقل وضع تعريفة لعمل بولت"
- المدير التنفيذي للشركة:"أسعارنا عادية.. وإجبار الحريف على استعمال التطبيق يعرض صاحب التاكسي للفسخ النهائي للعقد"
- شوقي قداس:"التطبيق يقوم بنشاط غير قانوني.. الهيئة لم تتلق أي شكوى من المواطنين ومستعدون للتصدي للتجاوزات"
- "أنا يقظ" ترفع محضرا للإعلام بجريمة ضد التطبيق
- كاتب عام نقابة التاكسي الفردي:"بولت أعاد الاعتبار لسائقي التاكسي الفردي"
تحقيق: آيةجنان
تونس- الصباح
بخطى مترنحة يسير عاشور حاملا حقيبة ظهر أثقلت كاهله، منذ قرابة ربع ساعة يقف على حافة طريق "النسيم" عله يجد سيارة أجرة تقيه عناء الانتظار، الساعة شارفت على التاسعة صباحا، تناول عاشور منديلا ليمسح العرق الذي تصبب على جبينه من شدة الحر والإرهاق ثم فتح محفظته بيدين مرتعشتين ليجد عشرة دنانير رفع رأسه آملا أن يجد إحدى سيارات الأجرة، لكن دون جدوى رغم أن الطريق كان يعج بسيارات التاكسي حاملة لعلامة "بولت"، فقرر حينها أن يستعمل تطبيق "بولت" للنقل.
عاشور وهو ثلاثيني، أرهقته وسائل النقل والإعاقة لتجعل من حياته كفاحا متواصلا سعى لتحسينها رغما عن الظروف، الى حد الآن لا يملك إجابات عن تساؤلات نخرت تفكيره حول معاناة حاملي الإعاقة مع أزمة المواصلات في تونس، خاصة مع الحادثة التي عاشها مؤخرا مع احد السائقين المتعاقدين مع هذه التطبيقة الذي اعتدى عليه ضربا وحاول الاستيلاء على حاسوبه. وقد تحدث عاشور لصحيفة "الصباح" قائلا: "استعملت التطبيق وحددت المكان بالضبط وفورصعودي السيارة سألني عن اتجاهي مرة ثانية بصوت عال بدأ متشنجا وطريقة مستفزة في الحديث فطالبت بالنزول من السيارة وحينها بدء بالصراخ والسب والشتم".
حاول عاشور النزول من سيارة الأجرة لكن ردة فعل السائق كانت غريبة فقد عمد لاختطاف محفظته التي تحتوى على حاسوب محمول وعدة أجهزة أخرى وألقاها داخل السيارة محاولا الهروب، لكن عاشور تصدي له وفتح باب السيارة لأخذ المحفظة حينها تهجم عليه بإغلاق الباب عنوة مما تسبب لعاشور بجروح على مستوى الركبة واليد الحاملة للإعاقة ولم يكن له سوى الاتصال بالشرطة لإنقاذه من هذا السائق لكن لم يتلق أي رد.
هذه عينة من عينات معاناة التونسي اليومية مع سيارات التاكسي وتطبيقة "بولت"..
فماذا عن هذه التطبيقة وكيف دخلت تونس وأي تأثير لها في حركة النقل العمومي؟
تطبيق رقمي للنقل العمومي
مع ظهور تطبيقات النقل الرقمية في العديد من الدول الأجنبية مثل تطبيق "أوبر" و"كريم"، كان من المنتظر أن تحل هذه التطبيقات حال دخولها إلى تونس معضلة الأزمة الخانقة في النقل، بأسعار معقولة لكن ما حصل كان على عكس ما انتظره التونسيون، ففي أواخر سنة 2019 بدأت هذه التطبيقات بالانتشار شيئا فشيئا لكن بتكلفة أعلى من وسائل النقل الموجودة أصلا، وبتحكم من التاكسي الفردي، منها تطبيق بولت. فما هو الإطار القانوني لوجود هذه التطبيقات؟ ولماذا هذه التعريفة المرتفعة؟
تطبيق بديل للنقل العمومي؟
تعود بداية انطلاق "بولت" في العالم إلى العام 2013 باسم "تاكسي فاي"، وتم تغيير علامتها التجارية لاحقا إلى "بولت"، ولديها أكثر من 75 مليون عميل في أكثر من 45 دولة عبر أوروبا وإفريقيا حسب الموقع الإلكتروني للشركة.
وأطلقت الشركة الإستونية الأصل "بولت" عملها في تونس عام 2020 حيث أسست فرعيها في العاصمة ومدينة سوسة.
لكن عرفت الشركة في تونس والتي تعمل من خلال تطبيق إلكتروني، عديد الشكاوى بسبب غلاء الأسعار الذي يفوق تعريفة التاكسي العادي بأضعاف، إضافة إلى سوء تعامل بعض السائقين مع الحرفاء.
إذ يتوجه بعض التونسيين اليوم إلى "بولت" كحل بديل للأزمة الخانقة للمواصلات العمومية، وللهروب من الاكتظاظ والإرهاق، واختصارا للجهد والوقت، لكن مقابل تلك الراحة تثقل الأسعار المرتفعة كاهلهم، خاصة وأن سعر هذه الخدمة آخذ بالارتفاع تدريجيا منذ قدومها إلى تونس وحتى الآن.
تبدو مظاهر الازدحام والاكتظاظ جلية في محطات الحافلات والمترو في تونس، بل أصبحت أمرا مألوفا لدى عموم التونسيين ممن يضطرون لاستعمال وسائل النقل العمومي. إذ وحسب شهادات من تحدثوا لـ"الصباح" فإن هذه الأزمة آخذة في التفاقم خاصة مع كثرة توقف السفرات بسبب الإضرابات الفجئية وتعطل عربات المترو وغيرها من المشاكل.
أزمة النقل العمومي تعزز انتشار التطبيقات
"في محطة الحافلات بتونس البحرية على الساعة السابعة والنصف صباحا، يصطف المسافرون أمام شبابيك التذاكر، تدافع وشجار، الجميع في سباق مع الزمن للحاق الحافلة قبل وقوفها في المحطة، علهم يظفرون بمقاعد تقيهم عناء الوقوف"، هكذا يصف قصي الطالب الجامعي المشهد اذ تصل في بعض الأحيان مدة انتظاره للحافلة التي تقله إلى كليته عادة ساعة أو أكثر، ونادرا ما يحظى بفرصة الحصول على مقعد، على حد تعبيره.
يقول طالب الهندسة الميكانيكية بجامعة تونس المنار، وهو واحد من آلاف الطلبة الذين يستعملون النقل العمومي للتنقل نحو جامعاتهم:"معاناتنا مع النقل أصبحت أمرا روتينيا خاصة مع الظروف المادية القاسية التي يعيشها الطالب التونسي إذ نجد أنفسنا مجبرين في أغلبية الأحيان على استعمال النقل العمومي رغم رداءة خدماته، وتطبيقات النقل زادت الطين بلة بما تمارسه من احتيال".
أمام ما سبق تعترض الطلبة عدة مخاطر أخرى مثل النشل والتهديد باستعمال الأسلحة البيضاء خاصة داخل عربات المترو القريبة من الجامعات، مثل المترو رقم 4 والمترو رقم 5 اللذين شهدا عديد عمليات براكاج للطلبة تحت التهديد.
كانت أولى تجارب قصي مع تطبيق "بولت" خلال فترة الامتحانات، حين اضطر إلى طلب سيارة أجرة عبر التطبيق للحاق بالامتحان في أسرع وقت ممكن وقد تقاسم حينها الأجرة مع زملائه نظرا لغلائها وهي قرابة عشر دنانير بينما السعر العادي لا يتجاوز أربعة دنانير فقط. يقول قصي أنه لاحظ مع ظهور هذه التطبيقات اختفاء سيارات التاكسي بصفة مفاجئة بمحطة النقل في تونس البحرية، خاصة خلال فترات الذروة، ويضيف "هذا التطبيق يستغل معاناة المستهلك التونسي مع النقل العمومي، خاصة في الحالات الاستعجالية التي يضطر فيها الحريف إلى استعمال التاكسي الفردي، إلى جانب ذلك أصبح أغلب سائقي تاكسي "بولت" يجوبون المحطات دون اللافتة الرقمية قصد إيهام الحريف بأن السائق لا يعمل إلا عبر التطبيق وقد استبدلوا لفظ "مكش في ثنيتي"بـ"نخدم كان بولت"، هذا بالإضافة إلى الأسعار المجحفة التي يعتمدها التطبيق، على حد تعبيره.
" لا تخضع التطبيقات في تونس إلى ترخيص مسبق "
لم تُستحدث في تونس قوانين تتعلق بهذا النوع من التطبيقات، لكن بعد الاطلاع على ملف الشركة بالسجل الوطني للمؤسسات اتضح أن نشاط شركة "بولت" تكنولوجي ينضوي ضمن الأنشطة الإعلامية في شخصها المعنوي، وفي هذا السياق تقدمت "الصباح" بمطلب نفاذ لوزارة تكنولوجيا الاتصال وكان الرد كالآتي:"الوزارة لم تسند أي ترخيص لتطبيق "بولت"، وبالنسبة لتطوير واستغلال التطبيقات لا يستوجب الحصول على ترخيص مسبق من وزارة تكنولوجيا الاتصال وهي لا تعتبر جهة الإشراف على مثل هذه التطبيقات، هذا بالإضافة الى ان التطبيق "بولت" لا يخضع لقانون أو كراس شروط".
وهو ما أكده أيضا الخبير القانوني علاء الخميري في تعليقه على هذا الموضوع "وزارة تكنولوجيا الاتصال لا تعتبر سلطة إشراف على "بولت" ولا غيرها من التطبيقات، والشركات التي تقوم ببعث تطبيقات فعليا ليس لها سلطة إشراف بالمعنى القانوني، لكن يمكن التوجه بلفت نظر لوزارة التجارة على أساس قانون تنظيم المنافسة والأسعار ويمكن لوزيري التجارة والنقل تكوين بوابة تنظم عمل هذه التطبيقات للخروج من هذا الفراغ القانوني وتحديد إطار تنشط فيه هذه الشركات ومحاولة إيجاد تعريفة معينة لعملها". بالنسبة للقانون المنظم للتاكسي الفردي حسب الخميري فيشمل تاكسي "العداد" الذي يحسب بالكيلومتر وهناك تعريفة تحدد لكل كيلومتر وهذا تم تحديده بقانون من وزير النقل، ويضيف الخبير أن الحل لا يكمن في حجب هذه التطبيقات وإنما في الإلزام وفرض عقوبات على السائقين الذين يجبرون الحرفاء على استعمالها، وإلى جانب ذلك فإن وزارة النقل من دورها إيجاد حلول وعليها حتما أن تضع حدا لهذه الممارسات.
"أنا "بولت" صاحبي"
"بولت صاحبي" هكذا ردد سائق سيارة أجرة عند الإشارة له للوقوف من أحد المارة أمام المركب التجاري بالبحيرة، والحل إما استعمال تطبيق البولت أو الانتظار.
وهذا أيضا ما حصل مع زكي الذي تعود على استعمال التاكسي للتنقل إلى عمله، رحلته اليومية تكون في العادة من تونس إلى أريانة باستعمال التاكسي الفردي نظرا لاكتظاظ وسائل النقل العمومي، ولكن مؤخرا لاحظ ندرة سيارات الأجرة في تلك المناطق، وهو ما جعله يضطر لاستعمال التطبيق رغم غلاء السعر يقول زكي: "عند محاولتي إيقاف سيارة الأجرة العادية يجبرني بعض السائقين على استعمال التطبيق وعدا ذلك يرفضون التنقل"، ويصف زكي لـ"الصباح" ما حصل في المركب التجاري بالبحيرة أين تصطف سيارات الأجرة في العادة، يستقطبون المارة وعند محاولة الحصول على سيارة منهم يرددون "أنا نخدم بولت"، ويقول زكي في هذا السياق:"اليوم أصبحت السيارة من الأساسيات فبعد استعمال التاكسي العادي بأسعار معقولة أجد نفسي اليوم مضطرا لاستعمال بولت بأسعار باهظة". وهو ما اعتبره احتكارا واستغلالا مما دفعه إلى التواصل مع وزارة النقل بخصوص هذه التعريفة لكن لم يتلق أي رد بخصوص هذا الموضوع بعد.
تعتبر هذه السلوكيات التي يقوم بها السائقون مخالفة للاتفاق مع الشركة، إذ وحسب المدير التنفيذي لشركة بولت تكنولوجي فرع تونس جهاد النفزي، فإن العقد فرض أن يختار المتعاقدون الفترات التي يعملون فيها إما صباحية أو مسائية للعمل بالتطبيق وعند غياب الطلب فإن السائق عليه أن يعمل بصفة طبيعية وفي ما يتعلق بإجبار الحريف على استعمال التطبيق فإن هذا السلوك يعرضه لعقوبات أو الفسخ النهائي للعقد مع الشركة.
هل يقدم "بولت" توصيلة مرفّهة فعلا؟
عقارب الساعة تشير إلى الثامنة ليلا، تجلس سلوى على كرسي بلاستيكي في إحدى المحطات ببن عروس تنتظر لأكثر من ساعة ونصف قدوم الحافلة لكن دون جدوى.
لم يبق أمامها حلا سوى طلب سيارة أجرة من خلال تطبيق بولت لغياب النقل في تلك المنطقة.
فور وصول السيارة وصعود سلوى تفاجأت برائحة كحول تنبعث من السائق الذي استهل الحديث بالتعريف بنفسه، ثم رفع صوت الموسيقى لم تستجب سلوى لما يقوله وظلت تراقب الطريق خوفا من أن تُغَيَّر وجهتها، فور وصولها إلى المنزل تلقت رسالة من مجهول وبعد التثبت من الرقم اكتشفت بأنه السائق الذي أقلها، لم تجب على رسائله المتكررة ومع ذلك لم تتوقف محاولاته للتواصل معها، وتكررت هذه المحاولات بصفة يومية.
تقدمت سلوى بشكوى لشركة "بولت" فرع تونس لكن إلى اليوم لم تتلق أي رد منهم. ظهرت من خلال تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي تشكيات أخرى حول التطبيق، وتذمر العديد من المواطنين من تصرفات سائقي سيارات تاكسي البولت غير اللائقة وأمام غلاء سعر التطبيق فمن المفروض أن توفر لهم هذه الخدمة نقلا مرفها وآمنا مقابل غلاء السعر العادي لكن في المقابل يجد الحرفاء أنفسهم يتعرضون للشتم والسب والتحرش .
وظهرت هذه التجاوزات من خلال التدوينات على مواقع التواصل وهو ما يوضح حجم الانفلات في هذا القطاع الذي وصل إلى درجة لا يمكن تحملها أو السكوت عنها. فقد أصبحت بعض السلوكيات الخارجة عن أخلاقيات المهنة من بعض سائقي التاكسي أمرا عاديا أمام تكررها.
وعديدة هي الشكاوى التي رفعها الحرفاء من مستعملي التطبيق لكن في أغلب الأحيان لا تستجب الشركة لمطالبهم لأسباب مجهولة.
حرفاء "بولت" يشتكون استغلال معطياتهم الشخصية
يحتم استخدام التطبيق "بولت" على الحرفاء تأكيد تسجيلهم عبر ربط الحساب برقم الهاتف الجوال، وإلى جانب ذلك من الضروري إضافة حسابهم الخاص على الفيسبوك أو البريد الإلكتروني، ووفقا لموقع الشركة بإستونيا فإن هذه المعطيات يتم ضمها الى قاعدة البيانات الخاصة بالشركة، وحتى بعد محو الحساب تبقى هذه المعطيات مخزنة داخل قاعدة البيانات ليتمكن مستعمل التطبيق من استرجاع حسابه عند محوه، وهو ما يمكن أن يعرض الحريف لاستغلال معطياته الشخصية وأيضا إمكانية اختراق قاعدة بيانات الشركة ولعل ما حصل مع "أوبر" أوضح مثال على ذلك، ففي أكتوبر سنة 2016، وقع اختراق قاعدة بيانات شركة النقل الأمريكية "أوبر" ورافق الاختراق محاولة التستر على الأمر من قبل الشركة للحفاظ على الحرفاء. وقد شمل الاختراق حينها أسماء وعناوين البريد الإلكتروني وأرقام هواتف محمولة لمستخدمي "الأوبر" من مختلف أنحاء العالم وأسماء وأرقام لوحات ترخيص سيارات 600 ألف سائق أميركي وقد أخفت الشركة الأمر، لإعادة هيكلة فرق وعمليات الأمن الإلكتروني في الشركة. كما تعاقدت "أوبر" مع شركة مانديانت للأمن الإلكتروني للتحقيق في الاختراق. واعترفت بعد سنوات أنها كانت ملزمة بالإبلاغ عن سرقة معلومات لوحات الترخيص لسائقي الشركة ولم تفعل.
لم ينته الأمر عند ذلك بل بعد ست سنوات وقع تسريب ملف يخص هذه الشركة يكشف كيف تعاونت "أوبر" مع كبار السياسيين، وإلى أي مستويات ذهبت لتجنب العدالة حسب موقع BBC الإخباري وتشرح الملفات بالتفصيل المساعدة المكثفة التي تلقتها "أوبر" من قادة مثل إيمانويل ماكرون ومفوضة الاتحاد الأوروبي السابقة نيلي كرويس، كما أنها توضح كيف أمر الرئيس السابق لشركة سيارات الأجرة، شخصياً، بتشغيل نظام "إخفاء وإقفال البيانات" لمنع الشرطة التي كانت تداهم الشركة من الوصول إلى المعلومات الموجودة على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بها وتتألف ملفات "أوبر" من أكثر من 124 ألف وثيقة، بما في ذلك 83 ألف رسالة بريد إلكتروني وألف ملف آخر تتضمن محادثات، تمتد من عام 2013 إلى 2017. وذلك وفق مقال نشر على موقع BBC بتاريخ 11 جويلية.
وفي تونس تعرضت الحريفة م.ك التي اعتمدت التنقل عبر بولت، لاستغلال معطياتها الشخصية كرقم هاتفها من أحد السائقين الذي تمكن أيضا من الحصول على معلومات حول مكان سكنها من خلال التطبيق، حيث تعرضت إلى الهرسلة والاتصالات المتكررة من هذا السائق استمرت لأسابيع، وقامت بتقديم شكاية إلى الشركة لكن "دون جدوى" على حد تعبيرها ولم تتخذ الشركة أي إجراء تجاه السائق.
ما يثير القلق أيضا أنه ووفقا للشهادات التي تحصلنا عليها فإن المكتب المخصص لقبول مطالب الحرفاء لا يأخذ بعين الاعتبار التظلم والشكايات التي تمرر عبر التطبيق أو عبر الصفحة الرسمية أو الهاتف، من ذلك شهادة حريفة تعرضت للشتم والسب من قبل السائق خلال تنقلها عبر تاكسي يتبع للتطبيق، وعند اتصالها بالشركة لم يكترث السائق مرددا "ما عندك ما تعملي عملوها قبلك"، ثم اتصل بالمسؤولة ودار بينهم حديث فيما يخص رفع الشكاية من قبل حريفة.
إزاء حرب المعطيات الشخصية تحولت اليوم البيانات الى سلعة تباع وتشترى بأغلى الأسعار وفي هذا السياق يقول الخبير في السلامة الرقمية وليد الشنوفي "العديد من التطبيقات تستعمل هذا النوع من الربط من خلال الهاتف الجوال، للتأكد من وجود المستعمل فعليا" وبالنسبة لاستغلال المعطيات الشخصية يؤكد الشنوفي أن الشركات تقوم بحفظ معطيات الحرفاء داخل قاعدة البيانات الخاصة بها، وهو ما يجعل هذه المعلومات عرضة للاستغلال في أغراض أخرى خاصة بتغير مالكيها كل فترة وهذا "يجعل احتمال التلاعب بمعطيات الحرفاء أمرا واردا جدا خاصة وأنه لا يوجد ضمان من قبل الشركة يثبت أنه لن يتم التلاعب بها"، على حد تعبيره. وفي هذا السياق ينصح الخبير مستعملي التطبيق بتغيير أسمائهم على التطبيقة وغيره من التطبيقات التي تقوم باستغلال معطيات حرفائها، كذلك يمكن تخصيص شريحة لاستعمال مثل هذه التطبيقات للحفاظ على المعطيات الشخصية وبريد إلكتروني آخر لهذه الاستعمالات. أما فيما يخص الشكايات يقول الخبير "على عكس تطبيق بولت الذي لا يتخذ إجراءات صارمة لفصل السائقين، في حين أن بعض شركات النقل تعتمد اليوم معايير تضمن سلامة حرفائها وتخصص استبيانا لتقييم عمل السائقين وتضعه على ذمة الحرفاء".
ويضيف الشنوفي في هذا السياق بأن "البيانات تباع بأسعار باهظة جدا خاصة خلال الانتخابات"، أما فيما يخص الهجمات الرقمية فقد أكد أن أغلب لشركات ذات الخدمات الرقمية معرضة لاختراق بياناتها وعرضها للبيع أو للمساومة مع مالكها، بالنسبة للتجارة بالمعطيات الشخصية فيمكن أن يعتمدها أصحاب الشركات أو مخترقي البيانات خاصة، ورغم أن هذه الممارسات تعتبر غير قانونية لكنها أصبحت الأساليب المعتمدة من قبل عديد الدول ومنها تونس خاصة لضعف الترسانة القانونية من جانب حماية المعطيات الشخصية وأساليب حماية المواقع.
وفي هذا الصدد تواصلت صحيفة "الصباح" مع رئيس هيئة حماية المعطيات الشخصية شوقي قداس، حيث أشار إلى أزمة المعطيات الشخصية في تونس التي شهدت العديد من الانتهاكات الخطيرة وفي حديثه عن التطبيق "بولت" اعتبر قدّاس أن التطبيق يقوم بنشاط غير قانوني وأضاف بأن الهيئة لم تتلق أي شكوى من المواطنين في ما يخص هذا الأمر وشدد على أن الهيئة مستعدة لتلقي الشكاوى المتعلقة بهذا التطبيق وستقوم بالإجراءات اللازمة للتصدي للتجاوزات، مضيفا بأن هذه الشركة العالمية قد عرفت سابقا بالعديد من التجاوزات لكن البلدان الأوروبية تولي اهتماما شديدا للمعطيات الشخصية .
منظمة "أنا يقظ" ترفع محضر للإعلام بجريمة ضد التطبيق "بولت"
من جانبه، نشر أشرف العوادي رئيس منظمة "أنا يقظ" السابق تدوينة على موقع الفايسبوك في ما يتعلق بخدمات نقل التطبيق بولت ليتفاجأ في ما بعد بكم هائل من التعليقات حول المواقف التي اعترضت مستعمليها هذا إلى جانب سلوكيات سائقيها مما جعله يتوعد برفع دعوى قضائية بشركة بولت تكنولوجي.
بعد فترة من التدوينة نشرت منظمة "أنا يقظ" بيانا للرأي العام تعلم فيه بأنها تقدمت بإعلام بجريمة أمام النيابة العمومية ضد "بولت تكنولوجي" في شخص ممثلها القانوني، وذلك بعد أن تكررت الشكايات الواردة إلى المنظمة من قبل العديد من الحرفاء المتضررين من التطبيق، هذا وأكدت المنظمة في بيانها أن هذه الممارسات مخالفة لأحكام القوانين المتعلقة بالمبادلات والتجارة الإلكترونية الذي نص على ضرورة تحديد سعر المعاملة التجارية كما ينص على معاقبة كل من استغل جهل شخص في إطار عمليات البيع الإلكترونية هذا إلى جانب القانون المتعلق بإعادة تنظيم المنافسة والأسعار.
هل تخضع "بولت" لتعريفة النقل العمومي؟
لم تخضع خدمة "بولت" للتعريفة المفروضة على سيارات الأجرة، التي شهدت زيادة سنة 2018 إثر اتفاق تم إمضاؤه بين الإدارة العامة للنقل البري والجامعة الوطنية للنقل، لتصبح التعريفة بداية من 500 مليم لتطرأ عليها زيادة أخرى بنسبة 8% سنة 2020 وتصبح بداية من 540 مليما.
أما بالنسبة لتسعيرة "بولت"، فحسب جهاد النفزي المدير التنفيذي للشركة فإن "بولت" تقدم مجموعة من الخدمات مثل توفير سيارة تاكسي في أي وقت وأي مكان هذا بالإضافة لقربها من الحريف، والسرعة. أمام هذه الخدمات وقع تحديد التعريفة الموجودة بالتطبيق، على حد تعبير النفزي.
وفي هذا السياق وبالإجابة عن ارتفاع سعر "بولت" مقارنة بسيارات الأجرة العادية يقول جهاد "إن التطبيق لم يخالف التسعيرة القانونية التي حددتها وزارة النقل وذلك نظرا للخدمات المقدمة من التطبيق والتي تتطلب حتما مقابل أكثر من خدمة التاكسي العادي وهذا لا يتعارض مع قانون التعريفة العادية"، واعتبر أن هذه التسعيرة هي من حق التطبيق والعاملين فيه. من جهة أخرى امتنع مدير الشركة الإجابة عن سؤال يتعلق بعدد السائقين المتعاقدين مع التطبيق، معتبرا أنه أمر سري بين السائق والتطبيق ولا يحق للشركة الإفصاح عن هذه المعطيات.
لكن ورغم ما صرح به المدير التنفيذي حول قانونية عمل هذا التطبيق إلا أن عديد الشكاوى رفعت لوزارة النقل ومنها محضر تنبيه رفعه المحامي أحمد أمين شعور، بخصوص عدم خضوع التطبيق لتعريفة النقل الفردي، إلى جانب ذلك فقد انتبه العارض منذ مدة، الى أن أغلب سائقي التاكسي الفردي يرفضون التوقف لدى إشارته عليهم بالوقوف، ويمتنعون عن نقله بدعوى أنهم متعاقدون مع شركة "بولت" وأنه مجبر على طلب تاكسي عبر التطبيق الذي يكون عادة بأسعار مضاعفة، خاصة خلال فترات الذروة أو في ساعات متأخرة من الليل، وقد أوضح أمين شعور أن هذا المحضر مر عليه أكثر من ستة أشهر دون أي رد من وزارة النقل.
بولت "أعاد الاعتبار" للتاكسي الفردي
وفي إطار آخر، تحدثت "الصباح" إلى الكاتب العام للنقابة الوطنية للتاكسي الفردي محمد علي حنيش والذي بدوره أكد أن "تطبيق "بولت" أعاد الاعتبار لسائقي التاكسي الفردي"، وأن التعريفة الحالية مناسبة لكل متطلباتهم، خاصة أمام الظروف الاجتماعية القاسية التي يعيشها أصحاب سيارات الأجرة، على حد تعبيره، وأشار إلى أن النقابة سبق أن أرسلت العديد من المطالب لوزارة النقل بخصوص الزيادة في التعريفة لكن لم تتلق أي رد إلى اليوم.
ويوضح حنيش: "النقابة أيضا طالبت بتخفيض الاداءات المفروضة على قطاع التاكسي في علاقة بالمحروقات بما أن هذا القطاع يندرج ضمن قطاع الخدمات"، ويضيف "إن آخر زيادة في التعريفة كانت سنة 2018 وقع إقرارها بالنسبة للنقل في سيارات الأجرة وهي تعتبر غير ناجعة مقارنة بارتفاع أسعار قطع السيارات وارتفاع سعر البنزين إلى جانب ارتفاع سعر التأمين على السيارات".
وفي نفس الإطار عبر م.ب أحد سائقي التاكسي المتعاقدين مع "بولت"، بأن التعريفة عادية نظرا لما تشهده البلاد في العديد من القطاعات مقارنة بالخدمة المرفهة التي يقدمها التطبيق، فهذا السعر يعتبر عاديا، على حد تعبيره، وأكد لنا أن بعض السائقين يعمدون إلى إزالة اللوحة الرقمية للعمل بالتطبيق فقط.
عدة تجاوزات ساهم غياب القوانين الردعية أو التنظيمية لهذا القطاع في انتشارها، إذ أصبحت هذه التطبيقات اليوم تتحكم في أسعار التاكسي الفردي بصفة مباشرة أمام غياب تام للسلط المعنية، مما شجع على ذلك أيضا تقادم أسطول النقل العمومي الذي يجبر المواطنين على اللجوء لوسيلة نقل أكثر راحة رغم غلاء أسعارها.
ولازالت جل المؤسسات العمومية تعاني من خراب متواصل خصوصا في قطاع النقل العمومي بسبب تفشي ظاهرة الفساد التي نخرت هياكل الدولة، فضلا عن اهتراء أسطولها وتقادمه، ولا زالت أزمة المواطن مع هذا القطاع متواصلة دون أي حلول جذرية تنقذهم من العذاب الذي تربص بهم لسنوات ومما عمق الأزمة هو انتشار تطبيقات النقل العمومي التي تتغذى على ضعف النقل العمومي وتجبره في بعض الأحيان على التنقل باستعمال التطبيقات وذلك لاحتكارهم النقل الفردي خاصة مع استحواذهم على عدد هام من التاكسي الفردي منذ انتشارها في سنة 2020 الى غاية اليوم، هذا وقد أطلق رواد موقع التواصل الاجتماعي حملة لمقاطعة تطبيق "بولت" وذلك نظرا لغياب السلطات المعنية.
ملاحظة
تواصلنا في صحيفة "الصباح" مع وزارة النقل للحصول على موقف الوزارة من هذه التجاوزات، وإذا كانت ستتخذ إجراءات في هذا الغرض لكن مطلبنا قوبل بالتجاهل رغم المحاولات المتواصلة للحصول على رد منهم.