إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

انطلقت أمس في ظرفية استثنائية وسط توتر سياسي واجتماعي.. أي حظوظ لنجاح المفاوضات بين الحكومة والصندوق؟

 

 

-الحكومة تسير بخطى سريعة رغم صعوبة تفعيل الإصلاحات

تونس-الصباح

انطلقت أمس بصفة رسمية المفاوضات بين الحكومة التونسية وفريق من صندوق النقد الدولي حضر الى تونس، للاتفاق حول برنامج تمويل جديد، وسط وضع استثنائي تمر به البلاد وتزامنا مع انطلاق حملة استفتاء الـ25 من الشهر الجاري، فضلا عن التطورات التي عرفها المشهد السياسي والاجتماعي في اليومين الأخيرين وما يتعلق بوثيقة الدستور محور الاستفتاء.

هذه الظرفية الاستثنائية التي تعيش على وقعها البلاد، تنضاف إليها ضغوطات أخرى تتعلق بالأساس بتلويح الاتحاد العام التونسي للشغل بالدخول في إضراب عام وهو الثاني على التوالي الذي تقرره المنظمة الشغيلة والذي من شانه قلب الموازين باتجاه تعطل مسار هذه المفاوضات بين الصندوق والحكومة وهي التي تواجه ضغوطات متزايدة للتوصل الى اتفاق تمويل جديد بعد تفعيل حزمة من الإصلاحات المتفق بشأنها والتي تشمل تقليص كتلة الأجور الكبيرة، وإصلاح المؤسسات العمومية، ومراجعة نظام الدعم ووقف الانتدابات في الوظيفة العمومية..

بالمقابل، يبدو أن الحكومة لا تكترث بكل هذه الضغوطات التي تواجهها من جهة وتواجه مسار المفاوضات مع الصندوق من جهة ثانية، وهي التي تمضي قدما وبالسرعة القصوى في هذا التوجه، بل وتؤكد أن تفعيل إجراءات البرنامج الإصلاحي سيتزامن مع بدء المفاوضات بعد أن انطلقت في جزء منه منذ فترة - ونقصد هنا الترفيع في أسعار المحروقات تمهيدا لرفع الدعم نهائيا عن الطاقة-.

وما زاد من ثقة الحكومة في تسريعها تفعيل برنامجها الإصلاحي رغم رفض الأوساط التونسية، المفعول الايجابي للتصريحات التي أثنى من خلالها مسؤولو الصندوق في آخر زيارة رسمية قام بها مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهاد أزعور الى تونس والتي أكد خلالها ترحيب الصندوق ببرنامج الإصلاح الذي أعلنته الحكومة مؤخرا، معتبرا أن هذا البرنامج يحقق عدة منافع تتمثل في تقوية الشعور بالملكية وزيادة المصداقية، مما يجعل فرص النجاح أكبر مما كانت عليه في السابق..

وكان مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي جهاد أزعور قد أدى زيارة إلى تونس يومي 20 و21 جوان 2022 والتقى خلالها برئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيسة الحكومة نجلاء بودن ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي، وعددا من ممثلي المجتمع المدني لمناقشة برنامج الإصلاح الاقتصادي الحكومي..

وتجد الإصلاحات التي أعلنتها الحكومة معارضة كبيرة من قبل الشعب التونسي وخاصة من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل باعتبار أن البرنامج الحكومي شمل العديد من الاكراهات على غرار المساس بأجور ومرتبات الأجراء والشغالين ورفع الدعم عن الطاقة والمواد الأساسية، فضلا عن التفويت في المنشآت العمومية، والتي رفضها الاتحاد بشدة حتى أنها كانت النقطة الخلافية التي أعلن عنها ومازال متمسكا بها..

 من بين هذه الاكراهات التي تضمنها البرنامج الرفع التدريجي للدعم عن أسعار المحروقات وقوارير الغاز المنزلي والمواد الغذائية وبيعها للمواطنين بأسعارها الحقيقية مقابل تمتع العائلات المستحقة للدعم بتحويلات مالية وعدة إجراءات مصاحبة أخرى.

بالمقابل، تبدو الحكومة مطمئنة لمسار المفاوضات مع الصندوق تبعا للبرنامج الإصلاحي الذي أعدته واشتغلت عليه بمشاركة أكثر من 400 كفاءة تونسية، لإعداد ملف نوعي، وهو ملف مقبول من ناحية واقعيته واستباقيته للأزمة وقدرته على الإصلاح.. حسب ما أعلنت عنه مؤخرا.

كما تعتبر الحكومة أن البرنامج الإصلاحي يهدف بالأساس الى استعادة الثقة واستحثاث نسق الاستثمار والتنمية الاجتماعية لبعث اقتصاد قادر على مواجهة الصدمات، كما انه سيكون الحل الأوحد لاستقطاب تمويلات جديدة تحتاجها للميزانية العمومية بمجرد تفعيل اتفاق التمويل مع صندوق النقد الدولي الذي يهدف الى تعبئة ما يناهز الـ12 مليار دينار ..

ووسط كل هذه الضغوطات التي تواجهها الحكومة في الداخل وفي الخارج، يرى عدد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي أن البرنامج الإصلاحي الذي قدمته الحكومة بالرغم من ثرائه إلا انه يواجه إشكاليات حقيقية في التطبيق باعتبار غياب شروط ضرورية للانطلاق في تنفيذه خصوصا في ظل عدم الاستقرار السياسي والظرف العالمي وتأثير الحرب الروسية الأوكرانية على التقدم في انجازه، فضلا عن عدم ايلاء رئيس الجمهورية الأولوية الكبرى للمسائل الاقتصادية الحارقة.

الى جانب غياب التوافق أو تقارب وجهات النظر بين رؤية الحكومة ورؤية اتحاد الشغل للبرنامج الإصلاحي والخلاف الكبير بينها خصوصا حول كتلة الأجور وإصلاح المؤسسات العمومية وإقرار المنظمة الشغيلة إضرابا عاما في المؤسسات العمومية يوم 16 جوان الجاري يليه تلويح بإضراب جديد في الأفق ..

كما أن تعنت الحكومة بالمقابل ومواصلتها في سياسة اتخاذ القرار الأحادي على نفس التوجه الذي اختاره رئيس الجمهورية في العديد من القرارات التي اتخذها في الآونة الأخيرة سيصعب الوضع أكثر في قادم الأيام وقد يعطل مسار المفاوضات مع الصندوق حتى وان انطلقت فيها باعتبار أن ابرز شروط الصندوق الاتفاق والتوافق بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين.

من ذلك أكد جهاد أزعور في زيارته الأخيرة الى تونس ان الصندوق يؤكد على أهمية وجود حوار واسع يشارك فيه كل من شركاء في المجتمع، مشيرا الى أن الصندوق يشدد على أهمية حوار داخلي وجدواه حول برنامج الإصلاحات لخلق مساحة مشتركة لدعم هذا البرنامج.

كما أشار ازعور الى أن الصندوق مع مبدأ المشاركة والتحمل المشترك للمسؤولية في ما يتعلق بإجراءات البرنامج الإصلاحي، مؤكدا في ذات السياق أن بدء المفاوضات حول اتفاق جديد سيكون في غضون أسابيع وعلى مدى يتواصل ببن 3 و4 سنوات.

ومع ما ستسفر عنه أولى اللقاءات التي انطلقت أمس وبصفة رسمية بين فريق من صندوق النقد ومسؤولي الحكومة التونسية، تبقى التخوفات قائمة بشأن نجاح هذه المفاوضات الى غاية انتهاء أشغالها أعقاب الأسبوع الجاري..

وفاء بن محمد

 

 

 

انطلقت أمس في ظرفية استثنائية وسط توتر سياسي واجتماعي.. أي حظوظ لنجاح المفاوضات بين الحكومة والصندوق؟

 

 

-الحكومة تسير بخطى سريعة رغم صعوبة تفعيل الإصلاحات

تونس-الصباح

انطلقت أمس بصفة رسمية المفاوضات بين الحكومة التونسية وفريق من صندوق النقد الدولي حضر الى تونس، للاتفاق حول برنامج تمويل جديد، وسط وضع استثنائي تمر به البلاد وتزامنا مع انطلاق حملة استفتاء الـ25 من الشهر الجاري، فضلا عن التطورات التي عرفها المشهد السياسي والاجتماعي في اليومين الأخيرين وما يتعلق بوثيقة الدستور محور الاستفتاء.

هذه الظرفية الاستثنائية التي تعيش على وقعها البلاد، تنضاف إليها ضغوطات أخرى تتعلق بالأساس بتلويح الاتحاد العام التونسي للشغل بالدخول في إضراب عام وهو الثاني على التوالي الذي تقرره المنظمة الشغيلة والذي من شانه قلب الموازين باتجاه تعطل مسار هذه المفاوضات بين الصندوق والحكومة وهي التي تواجه ضغوطات متزايدة للتوصل الى اتفاق تمويل جديد بعد تفعيل حزمة من الإصلاحات المتفق بشأنها والتي تشمل تقليص كتلة الأجور الكبيرة، وإصلاح المؤسسات العمومية، ومراجعة نظام الدعم ووقف الانتدابات في الوظيفة العمومية..

بالمقابل، يبدو أن الحكومة لا تكترث بكل هذه الضغوطات التي تواجهها من جهة وتواجه مسار المفاوضات مع الصندوق من جهة ثانية، وهي التي تمضي قدما وبالسرعة القصوى في هذا التوجه، بل وتؤكد أن تفعيل إجراءات البرنامج الإصلاحي سيتزامن مع بدء المفاوضات بعد أن انطلقت في جزء منه منذ فترة - ونقصد هنا الترفيع في أسعار المحروقات تمهيدا لرفع الدعم نهائيا عن الطاقة-.

وما زاد من ثقة الحكومة في تسريعها تفعيل برنامجها الإصلاحي رغم رفض الأوساط التونسية، المفعول الايجابي للتصريحات التي أثنى من خلالها مسؤولو الصندوق في آخر زيارة رسمية قام بها مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهاد أزعور الى تونس والتي أكد خلالها ترحيب الصندوق ببرنامج الإصلاح الذي أعلنته الحكومة مؤخرا، معتبرا أن هذا البرنامج يحقق عدة منافع تتمثل في تقوية الشعور بالملكية وزيادة المصداقية، مما يجعل فرص النجاح أكبر مما كانت عليه في السابق..

وكان مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي جهاد أزعور قد أدى زيارة إلى تونس يومي 20 و21 جوان 2022 والتقى خلالها برئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيسة الحكومة نجلاء بودن ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي، وعددا من ممثلي المجتمع المدني لمناقشة برنامج الإصلاح الاقتصادي الحكومي..

وتجد الإصلاحات التي أعلنتها الحكومة معارضة كبيرة من قبل الشعب التونسي وخاصة من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل باعتبار أن البرنامج الحكومي شمل العديد من الاكراهات على غرار المساس بأجور ومرتبات الأجراء والشغالين ورفع الدعم عن الطاقة والمواد الأساسية، فضلا عن التفويت في المنشآت العمومية، والتي رفضها الاتحاد بشدة حتى أنها كانت النقطة الخلافية التي أعلن عنها ومازال متمسكا بها..

 من بين هذه الاكراهات التي تضمنها البرنامج الرفع التدريجي للدعم عن أسعار المحروقات وقوارير الغاز المنزلي والمواد الغذائية وبيعها للمواطنين بأسعارها الحقيقية مقابل تمتع العائلات المستحقة للدعم بتحويلات مالية وعدة إجراءات مصاحبة أخرى.

بالمقابل، تبدو الحكومة مطمئنة لمسار المفاوضات مع الصندوق تبعا للبرنامج الإصلاحي الذي أعدته واشتغلت عليه بمشاركة أكثر من 400 كفاءة تونسية، لإعداد ملف نوعي، وهو ملف مقبول من ناحية واقعيته واستباقيته للأزمة وقدرته على الإصلاح.. حسب ما أعلنت عنه مؤخرا.

كما تعتبر الحكومة أن البرنامج الإصلاحي يهدف بالأساس الى استعادة الثقة واستحثاث نسق الاستثمار والتنمية الاجتماعية لبعث اقتصاد قادر على مواجهة الصدمات، كما انه سيكون الحل الأوحد لاستقطاب تمويلات جديدة تحتاجها للميزانية العمومية بمجرد تفعيل اتفاق التمويل مع صندوق النقد الدولي الذي يهدف الى تعبئة ما يناهز الـ12 مليار دينار ..

ووسط كل هذه الضغوطات التي تواجهها الحكومة في الداخل وفي الخارج، يرى عدد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي أن البرنامج الإصلاحي الذي قدمته الحكومة بالرغم من ثرائه إلا انه يواجه إشكاليات حقيقية في التطبيق باعتبار غياب شروط ضرورية للانطلاق في تنفيذه خصوصا في ظل عدم الاستقرار السياسي والظرف العالمي وتأثير الحرب الروسية الأوكرانية على التقدم في انجازه، فضلا عن عدم ايلاء رئيس الجمهورية الأولوية الكبرى للمسائل الاقتصادية الحارقة.

الى جانب غياب التوافق أو تقارب وجهات النظر بين رؤية الحكومة ورؤية اتحاد الشغل للبرنامج الإصلاحي والخلاف الكبير بينها خصوصا حول كتلة الأجور وإصلاح المؤسسات العمومية وإقرار المنظمة الشغيلة إضرابا عاما في المؤسسات العمومية يوم 16 جوان الجاري يليه تلويح بإضراب جديد في الأفق ..

كما أن تعنت الحكومة بالمقابل ومواصلتها في سياسة اتخاذ القرار الأحادي على نفس التوجه الذي اختاره رئيس الجمهورية في العديد من القرارات التي اتخذها في الآونة الأخيرة سيصعب الوضع أكثر في قادم الأيام وقد يعطل مسار المفاوضات مع الصندوق حتى وان انطلقت فيها باعتبار أن ابرز شروط الصندوق الاتفاق والتوافق بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين.

من ذلك أكد جهاد أزعور في زيارته الأخيرة الى تونس ان الصندوق يؤكد على أهمية وجود حوار واسع يشارك فيه كل من شركاء في المجتمع، مشيرا الى أن الصندوق يشدد على أهمية حوار داخلي وجدواه حول برنامج الإصلاحات لخلق مساحة مشتركة لدعم هذا البرنامج.

كما أشار ازعور الى أن الصندوق مع مبدأ المشاركة والتحمل المشترك للمسؤولية في ما يتعلق بإجراءات البرنامج الإصلاحي، مؤكدا في ذات السياق أن بدء المفاوضات حول اتفاق جديد سيكون في غضون أسابيع وعلى مدى يتواصل ببن 3 و4 سنوات.

ومع ما ستسفر عنه أولى اللقاءات التي انطلقت أمس وبصفة رسمية بين فريق من صندوق النقد ومسؤولي الحكومة التونسية، تبقى التخوفات قائمة بشأن نجاح هذه المفاوضات الى غاية انتهاء أشغالها أعقاب الأسبوع الجاري..

وفاء بن محمد

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews