إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في منتدى الجمعية التونسية للقانون الدستوري: نقائص مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء.. ومزاياه تحت المجهر

ـ توطئة صادمة.. تكريس للنظام الرئاسوي.. تأسيس للنظام القاعدي وللدولة الدينية ونسف لاستقلالية السلطة القضائية

ـ أفضل ما في المشروع باب الحقوق والحريات ولكن تم حذف شرط مهم وهو التناسب

تونس: الصباح

لإثراء النقاش حول مضامين مشروع الدستور المعروض على استفتاء 25 جويلية 2022، بادرت الجمعية التونسية للقانون الدستوري بتنظيم ندوة علمية أثثها خبراء في القانون الدستوري وأساتذة بكليات الحقوق والعلوم القانونية والسياسية والاجتماعية وفي مقدمتهم رئيسة الجمعية سلوى الحمروني وسليم اللغماني وسلسبيل القليبي ومعتز القرقوري وسناء بن عاشور ولمياء ناجي وإقبال بن موسى ومنية قاري وكوثر دباش ومنى التابعي وهناء بن عبده وأسماء غشام وأحلام الضيف.

 ووضع المشاركون في المنتدى مشروع الدستور الصادر يوم 30 جوان تحت المجهر وشرحوه بابا بابا، وقدموا قراءات نقدية رصينة ومعمقة لأغلب فصوله سواء على مستوى الصياغة القانونية أو على مستوى المضامين، وكشفوا نقائصه ومزاياه وبالنظر إلى توطئته الصادمة، وإلى ضربه مبدأ توازن السلط وتكريسه النظام الرئاسوي ونسفه استقلالية السلطة القضائية وشطبه الهيئات الدستورية المستقلة، خلص جلهم إلى أن مساوئ مشروع دستور الرئيس قيس سعيد أكثر بكثير من محاسنه، مقارنة بدستور 2014، بما في ذلك ما جاء في باب الحقوق والحريات الذي ذهب إلى ظن عدد كبير من الناشطين في المجتمع المدني أنه جيد. ففي هذا السياق أشارت رئيسة الجمعية سلوى الحمروني إلى أنه فعلا تم في مشروع الدستور الإبقاء على أغلب الحقوق والحريات المنصوص عليها في دستور 2014 بما فيها حرية المعتقد والضمير كما تمت إضافة حقوق أخرى للعاطلين عن العمل والأطفال مجهولي النسب والمسنين ولكن تم التخلي في هذا المشروع عن فصول حامية للحقوق والحريات ومنها الفصل 19 الذي أوجب على الأمن أن يحترم الحقوق والحريات، كما تم التراجع عن الحق في المشاركة السياسية من خلال حصر الانتخاب العام الحر المباشر والسري في الانتخابات الرئاسية، كما لو أن الانتخابات التشريعية لا تنطبق عليها هذه المعايير وتم الإبقاء على دين المترشح لرئاسة الجمهورية إلى جانب إقصاء مزدوجي الجنسية من حق الترشح للانتخابات الرئاسية وإقصاء التونسيين بالخارج من حق الانتخاب ومنع القضاة من الحق النقابي في الإضراب. ولاحظت الحمروني أن مشروع الدستور نص على حقوق فرية لكن من يقرأ كامل باب الحقوق والحريات يعتقد أنه مجرد خطأ مطبعي لأن المشروع لا يولي أهمية للفرد بل هو يعبر عن هوس بالأمة.. وخلصت رئيسة الجمعية إلى وجود تراجع على مستوى ضمانات الحقوق والحريات لأنه على حد تعبيرها بالإمكان التنصيص على جميع الحقوق والحريات الموجودة في العالم في دستور ولكن في ظل عدم وجود ضمانات لهذه الحقوق والحريات فلا فائدة منها ونبهت الحمروني إلى محاذير حذف الفصل 49 من دستور 2014 وهو نفس ما أشار إليه الأستاذ سليم اللغماني.

ما بني على باطل فهو باطل

ولخص التقرير الذي أعده الأستاذ سليم اللغماني جل المسائل التي تم تناولها بالدرس ونقاشها خلال هذه الندوة العلمية المنعقدة طيلة أمس بالعاصمة بحضور عدد من الجامعيين والمهتمين بالشأن العام.

وبين اللغماني أنه إذا اعتبرنا أن الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية، هو خروج عن الإطار الدستوري وبالتالي هو باطل يجب اعتبار أن الأمر الرئاسي عدد 578 لسنة 2022 المؤرّخ في 30 جوان 2022 المتعلّق بنشر مشروع الدستور الجديد للجمهورية التونسية موضوع الاستفتاء المقرر ليوم الاثنين 25 جويلية 2022 بدوره باطل، كما أن الاستفتاء المزمع تنظيمه يوم الاثنين 25 جويلية 2022 باطل، وذلك عملا بمقولة إن كل ما يبنى على باطل فهو باطل، وهي مقولة صحيحة نظريا لكنها خاطئة على مستوى عملي، لأنه في كثير من الأحيان في تاريخ تونس وحتى في التجارب المقارنة نجد أن بعض ما يبنى على باطل يصبح واقعا، وبالتالي لا يمكن غض الطرف عن هذه الإمكانية.

 وفسر اللغماني أن الدستور في النهاية هو نص يحمل تصورا للدولة لهويتها واختياراتها الأساسية، وهو نص يضمن الحقوق والحريات ويرسي نظاما سياسيا، ويضمن علوية الدستور ودولة القانون، فهذا هو حسب قوله، تعريف للدساتير الديمقراطية ومحتواها. وذكر أنه في ما يخص تصور مشروع الدستور للدولة، فالدولة في المشروع هي دولة دون تاريخ قريب وهي دولة لها تاريخ قديم وهي دولة تحقق مقاصد الإسلام، كما أنها دولة دون سلطات.

ولكن هل يكفي اجتناب استعمال كلمة السلطة لكي تنتفي السلطة؟ عن هذا السؤال أجاب عنه الجامعي بالنفي لأن السلطة حسب تفسيره هي هيكل له صلاحيات أسنده إياها الدستور، وبهذا المعنى هناك في مشروع الدستور سلط، وذكر أنه تم اختيار كلمة وظيفة، والوظيفة هي ممارسة سلطة لاختصاصاتها، وبالتالي ليس من المهم التركيز على هذه العبارات التي لا أهمية لها، لأن المشروع دون شك ينظم السلطات والعلاقات بين هذه السلطات، وبالتالي السؤال الأهم لا يكمن في وجود عبارة سلطة أو عدم وجودها بقدر ما يكمن في التوازن بين السلط، والملاحظ في هذا الصدد أن هذا التوازن مختل إلى أبعد الحدود..

علاقة الدولة بالإسلام

بين الأستاذ سليم اللغماني أنه عند قراءة مشروع الدستور يجب التساؤل أيضا عن علاقة الدولة بالإسلام وقد جاء في الفصل الخامس من المشروع لينصص على أن "تونس جزء من الأمة الإسلاميّة، وعلى الدّولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النّفس والعرض والمال والدّين والحريّة" والدولة بهذا المعنى هي دولة دينية، بينما أسس دستور 2014 لدين دولة، وهناك اختلاف كبير بين دولة دينية ودين دولة. ولاحظ الأستاذ بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية أن العديد من الدول الغربية لها دين رسمي على غرار بريطانيا ومالطا والدنمارك واليونان فكل هذه الدول لديها دين دولة، وذكر أنه إضافة إلى ذلك فإن مشروع الدستور لم يؤكد على أن " تونس دولة مدنية، تقوم على المواطنة، وإرادة الشعب، وعلوية القانون" كما جاء في الفصل الثاني من دستور 2014، وفي المقابل نجد هذا المشروع في الفصل 27 أكد على أن الدولة تضمن حرية المعتقد وحرية الضمير بكل وضوح بصياغة أفضل مما هو في دستور 2014 وتحديدا في الفصل السادس منه الذي نص على أن " الدّولة راعية للدّين، كافلة لحريّة المعتقد والضّمير وممارسة الشّعائر الدّينيّة، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التّوظيف الحزبي"، ولكن في الفصل الموالي من المشروع وهو الفصل 28 هناك تقييد لحرية القيام بالشعائر الدينية بشرط عدم الإخلال بالأمن العام، ونص هذا الفصل على أن تحمي الدولة حريّة القيام بالشّعائر الدينية ما لم تخلّ بالأمن العام والإخلال بالأمن العام هو مفهوم ضبابي جدا وبالتالي لم يقع تجاوز الضبابية والغموض الموجود في دستور 2014 لأن ما جاء في نص مشروع الدستور هو بدوره حمال أوجه.

الحقوق والحريات

ولئن أشار الأستاذ سليم اللغماني إلى بعض النقائص الواردة في مشروع الدستور، فإنه لاحظ أن أفضل ما ورد في هذا المشروع هو باب الحقوق والحريات لكنه سرعان ما استدرك وقال إنه دون مستوى دستور 2014 في نقطة مهمة بل في أهم نقطة وهي مسألة ضبط حدود الحقوق والحريات الموجودة في الفصل 49 من الدستور الحالي لأن المشروع المعروض على الاستفتاء في الفصل 55 ورد خاليا من مبدأ التناسب ومن شرط أن يكون الحد ضروريا في دولة مدنية ديمقراطية، حيث اكتفى المشروع بالتنصيص على أن القيود يجب أن تكون مبررة بأهدافها ودون ذكر الشرط الأهم وهو التناسب الذي جاء في الفصل 49.

وللتذكير فقد نص الفصل 49 من دستور 2014 على ما يلي" يحدد القانون الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها. ولا توضع هذه الضوابط إلا لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير، أو لمقتضيات الأمن العام، أو الدفاع الوطني، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها. وتتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك. لا يجوز لأي تعديل أن ينال من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة في هذا الدستور".

نظام رئاسوي

ولدى حديثه عن طبيعة النظام السياسي الذي جاء به مشروع الدستور الجديد أشار الأستاذ سليم اللغماني إلى أن النظام السياسي هو من ناحية نظام رئاسوي ومن ناحية أخرى هو يؤسس للنظام القاعدي، فهو نظام رئاسوي لأنه يأخذ من النظام البرلماني ويأخذ من النظام الرئاسي كل ما من شأنه تعزيز موقع رئيس الجمهورية. وهو نظام نجد فيه رئيس الجمهورية رئيسا غير مسؤول سياسيا وجزائيا، ورئيس لديه إمكانية الالتجاء إلى حالة الاستثناء ولكنها حالة استثناء دون قيد أو حد، لأن المحكمة الدستورية لم تعد تتدخل بعد شهر للنظر في استمرار حالة الاستثناء كما تم التنصيص عليه في الفصل 80 من دستور 2014 فالرئيس هو الذي يتمكن تماما من حالة الاستثناء وكان الفصل 80 من الدستور الحالي نص على أنه "لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب.

ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة.

وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.

وبعد مضي ثلاثين يوما على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتُّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه.

 وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما. ويُنهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها. ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب"، لكن في مشروع الدستور الجديد نجد أن رئيس الجمهورية هو الذي يتمكن تماما من حالة الاستثناء إذ لا توجد آجل ولا دور للمحكمة الدستورية.

وأضاف الجامعي أن الأمر لم يقتصر عند هذا الحد فرئيس الجمهورية في مشروع الدستور يتمتع بحق الاستفتاء التشريعي المباشر وحق الاستفتاء التشريعي الدستوري المباشر والحال أنه لا توجد أي دولة ديمقراطية في العالم يتم فيها الاستفتاء مباشرة دون المرور عبر البرلمان، وبالتالي فرئيس الجمهورية بالاستفتاء التشريعي المباشر ينتصب سلطة تشريعية وبالاستفتاء الدستوري المباشر ينتصب سلطة تأسيسية.

وذكر اللغماني أنه في نفس المشروع المعروض على الاستفتاء نجد لرئيس الجمهورية حكومة وهي رهينة إرادته ورئيس الجمهورية يمكنه أن يسميها ويقيلها دون شرط كما أنها محصنة من لائحة اللوم على اعتبار أن لائحة اللوم الموجودة في الدستور اسمية لأنه يجب أن يتم تقديمها من قبل الغرفتين أي مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم ويكون ذلك بأغلبية الأعضاء أما التصويت فيتم من قبل الغرفتين بأغلبية الثلثين وهي أغلبية صعبة كما لو أن الأمر يتعلق بتغيير دستور وهو ما يعني أن الحكومة محصنة من البرلمان ولكن في المقابل نجد أن البرلمان يمكن حله إذا وجه لائحة لوم للحكومة، ورئيس الجمهورية في هذه الحالة يمكنه أن يحل البرلمان. وتساءل الجامعي أن مشروع الدستور نص على فرضية حل البرلمان ولكن ألا يجب حل الغرفتين لأن لائحة اللوم تقدم من قبل الغرفتين معا وليس فقط من قبل غرفة واحدة أي مجلس نواب الشعب فقد أتاح رئيس الجمهورية لنفسه حرية الحل.

تمهيد للنظام القاعدي

ولاحظ الأستاذ بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية سليم اللغماني أنه إلى جانب ما جاء به مشروع الدستور من نظام رئاسوي نجد فيه تمهيدا واضحا جليا للنظام القاعدي حيث تم التنصيص فيه على سحب الوكالة وعلى مجلس وطني للجهات والأقاليم، وتم السكوت عن طريقة انتخاب النواب وعدم ذكر إن كان الانتخاب مباشرا أو غير مباشر. وأضاف اللغماني أن ما يلفت الانتباه أيضا هو حذف الباب الاقتصادي والاجتماعي الذي ورد في مشروع الدستور الذي أعدته الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة برئاسة العميد الصادق بلعيد وهذا مفهوم لأنه في النظام القاعدي الشعب هو الذي يريد في صورة الإبقاء على هذا الباب فسيتم حذف سلطة القواعد.

نسف استقلالية القضاء

وفي قراءة لمشروع الدستور وتحديدا للأحكام ذات العلاقة بالقضاء، لاحظ الأستاذ سليم الغماني أنه تم نسف ضمانات استقلال القضاء، وذلك لأنه بمقتضى هذا المشروع نجد القضاة يتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية على أساس الترشيح. وذكر أن الفصل 120 من المشروع نص على أن تسمية القضاة تكون بأمر من رئيس الجمهورية بمقتضى ترشيح من مجلس القضاء الأعلى المعني. في حين نص الفصل 106 من دستور 2014 على أنهم يعينون بناء على الرأي المطابق، ولكن الأخطر من ذلك، وفق تعبير الجامعي، هو أن الفصل 121 من المشروع نص على أن القاضي لا ينقل دون رضاه، ولا يعزل، كما لا يمكن إيقافه عن العمل أو إعفاؤه، أو تسليط عقوبة عليه، إلاّ في الحالات التي يضبطها القانون، وبين أن هذا الفصل كان سيكون جيدا لو لم يقع التنصيص فيه على عبارة إلا في الحالات التي يضبطها القانون، وهو ما يعني أن كل هذه الضمانات هي رهينة القانون، وبهذه الكيفية فقد تمت العودة إلى دستور 1959.

أما في علاقة بالمحكمة الدستورية، فقال اللغماني إنه تم التنصيص في مشروع الدستور على أن تركيبة هذه المحكمة تتكون من قضاة على مشارف التقاعد، لكن لم يقع تحديد المدة المتبقية قبل بلوغ سن التقاعد، ولم يقع تحديد مدة العضوية والاكتفاء بالإشارة إلى أنه عند خروجهم يعوضهم من يليهم بصفة آلية وبالتالي فإن المعوضين لن يمضوا في المحكمة سوى سنة أو سنتين، وأضاف أن التركيبة تتكون من قضاة ماليين وعدليين وإداريين، وبالنظر إلى هذه الاختصاصات يمكن القول إن هناك قليل منهم فقط متمكن من منطق القانون الدستوري والحال أن القانون الدستوري هو منطق، ثم أن رئيس الجمهورية هو الذي يختار من بين القضاة أعضاء للمحكمة الدستورية، ويمكن اعتبار قرارات المحكمة الدستورية غير ملزمة لأن الفصل 129 من مشروع الدستور نص على أن قرارات المحكمة الدستورية ملزمة لجميع السلطات والحال أنه لا توجد في المشروع سلطات، وهي بهذا المعنى غير ملزمة وإذا كانت ملزمة فهي ملزمة لأشباح.

ولاحظ الأستاذ سليم اللغماني أنه في صورة مزيد التعمق في قراءة مشروع الدستور فإنه سيتم الدخول أكثر فأكثر في التفاصيل والجزئيات، وهذه العملية عادة ما يتم القيام بها لتحسين النص لكنه لا يوجد لديه أي أمل في تحسين مشروع الدستور لأنه ليس من الممكن أن يتحسن النص، والرئيس سعيد لن يقبل تحسينه وبالتالي ليست هناك جدوى من التعمق في دراسته. وخلص الجامعي إلى أنه إذا تم التنسيب، فإن كل من يعتبر أن الحكم الأفضل هو ذلك الحكم الذي يرتب الأمور ترتيبا تجعل السلطة تحد من السلطة فإن هذا المشروع في نظره متأخر على دستور 2014، ولكن بالنسبة لكل من يعتبر أن الحكم هو حكم المستبد العادل فان مشروع الدستور في نظره هو أفضل من دستور 2014 وبالنسبة إلى من يعتبر أنه سوف يقترع يوم 25 جويلية لصاحب المشروع أو ضد صاحب المشروع فإن المشروع إذا لا يعدو أن يكون إلا حبرا على ورق لأن هذه الفئة لن تقرأ المشروع وهي ليست في حاجة إلى قراءته إن كانت ستصوت لشخص سواء معه أو ضده..

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في منتدى الجمعية التونسية للقانون الدستوري: نقائص مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء.. ومزاياه تحت المجهر

ـ توطئة صادمة.. تكريس للنظام الرئاسوي.. تأسيس للنظام القاعدي وللدولة الدينية ونسف لاستقلالية السلطة القضائية

ـ أفضل ما في المشروع باب الحقوق والحريات ولكن تم حذف شرط مهم وهو التناسب

تونس: الصباح

لإثراء النقاش حول مضامين مشروع الدستور المعروض على استفتاء 25 جويلية 2022، بادرت الجمعية التونسية للقانون الدستوري بتنظيم ندوة علمية أثثها خبراء في القانون الدستوري وأساتذة بكليات الحقوق والعلوم القانونية والسياسية والاجتماعية وفي مقدمتهم رئيسة الجمعية سلوى الحمروني وسليم اللغماني وسلسبيل القليبي ومعتز القرقوري وسناء بن عاشور ولمياء ناجي وإقبال بن موسى ومنية قاري وكوثر دباش ومنى التابعي وهناء بن عبده وأسماء غشام وأحلام الضيف.

 ووضع المشاركون في المنتدى مشروع الدستور الصادر يوم 30 جوان تحت المجهر وشرحوه بابا بابا، وقدموا قراءات نقدية رصينة ومعمقة لأغلب فصوله سواء على مستوى الصياغة القانونية أو على مستوى المضامين، وكشفوا نقائصه ومزاياه وبالنظر إلى توطئته الصادمة، وإلى ضربه مبدأ توازن السلط وتكريسه النظام الرئاسوي ونسفه استقلالية السلطة القضائية وشطبه الهيئات الدستورية المستقلة، خلص جلهم إلى أن مساوئ مشروع دستور الرئيس قيس سعيد أكثر بكثير من محاسنه، مقارنة بدستور 2014، بما في ذلك ما جاء في باب الحقوق والحريات الذي ذهب إلى ظن عدد كبير من الناشطين في المجتمع المدني أنه جيد. ففي هذا السياق أشارت رئيسة الجمعية سلوى الحمروني إلى أنه فعلا تم في مشروع الدستور الإبقاء على أغلب الحقوق والحريات المنصوص عليها في دستور 2014 بما فيها حرية المعتقد والضمير كما تمت إضافة حقوق أخرى للعاطلين عن العمل والأطفال مجهولي النسب والمسنين ولكن تم التخلي في هذا المشروع عن فصول حامية للحقوق والحريات ومنها الفصل 19 الذي أوجب على الأمن أن يحترم الحقوق والحريات، كما تم التراجع عن الحق في المشاركة السياسية من خلال حصر الانتخاب العام الحر المباشر والسري في الانتخابات الرئاسية، كما لو أن الانتخابات التشريعية لا تنطبق عليها هذه المعايير وتم الإبقاء على دين المترشح لرئاسة الجمهورية إلى جانب إقصاء مزدوجي الجنسية من حق الترشح للانتخابات الرئاسية وإقصاء التونسيين بالخارج من حق الانتخاب ومنع القضاة من الحق النقابي في الإضراب. ولاحظت الحمروني أن مشروع الدستور نص على حقوق فرية لكن من يقرأ كامل باب الحقوق والحريات يعتقد أنه مجرد خطأ مطبعي لأن المشروع لا يولي أهمية للفرد بل هو يعبر عن هوس بالأمة.. وخلصت رئيسة الجمعية إلى وجود تراجع على مستوى ضمانات الحقوق والحريات لأنه على حد تعبيرها بالإمكان التنصيص على جميع الحقوق والحريات الموجودة في العالم في دستور ولكن في ظل عدم وجود ضمانات لهذه الحقوق والحريات فلا فائدة منها ونبهت الحمروني إلى محاذير حذف الفصل 49 من دستور 2014 وهو نفس ما أشار إليه الأستاذ سليم اللغماني.

ما بني على باطل فهو باطل

ولخص التقرير الذي أعده الأستاذ سليم اللغماني جل المسائل التي تم تناولها بالدرس ونقاشها خلال هذه الندوة العلمية المنعقدة طيلة أمس بالعاصمة بحضور عدد من الجامعيين والمهتمين بالشأن العام.

وبين اللغماني أنه إذا اعتبرنا أن الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية، هو خروج عن الإطار الدستوري وبالتالي هو باطل يجب اعتبار أن الأمر الرئاسي عدد 578 لسنة 2022 المؤرّخ في 30 جوان 2022 المتعلّق بنشر مشروع الدستور الجديد للجمهورية التونسية موضوع الاستفتاء المقرر ليوم الاثنين 25 جويلية 2022 بدوره باطل، كما أن الاستفتاء المزمع تنظيمه يوم الاثنين 25 جويلية 2022 باطل، وذلك عملا بمقولة إن كل ما يبنى على باطل فهو باطل، وهي مقولة صحيحة نظريا لكنها خاطئة على مستوى عملي، لأنه في كثير من الأحيان في تاريخ تونس وحتى في التجارب المقارنة نجد أن بعض ما يبنى على باطل يصبح واقعا، وبالتالي لا يمكن غض الطرف عن هذه الإمكانية.

 وفسر اللغماني أن الدستور في النهاية هو نص يحمل تصورا للدولة لهويتها واختياراتها الأساسية، وهو نص يضمن الحقوق والحريات ويرسي نظاما سياسيا، ويضمن علوية الدستور ودولة القانون، فهذا هو حسب قوله، تعريف للدساتير الديمقراطية ومحتواها. وذكر أنه في ما يخص تصور مشروع الدستور للدولة، فالدولة في المشروع هي دولة دون تاريخ قريب وهي دولة لها تاريخ قديم وهي دولة تحقق مقاصد الإسلام، كما أنها دولة دون سلطات.

ولكن هل يكفي اجتناب استعمال كلمة السلطة لكي تنتفي السلطة؟ عن هذا السؤال أجاب عنه الجامعي بالنفي لأن السلطة حسب تفسيره هي هيكل له صلاحيات أسنده إياها الدستور، وبهذا المعنى هناك في مشروع الدستور سلط، وذكر أنه تم اختيار كلمة وظيفة، والوظيفة هي ممارسة سلطة لاختصاصاتها، وبالتالي ليس من المهم التركيز على هذه العبارات التي لا أهمية لها، لأن المشروع دون شك ينظم السلطات والعلاقات بين هذه السلطات، وبالتالي السؤال الأهم لا يكمن في وجود عبارة سلطة أو عدم وجودها بقدر ما يكمن في التوازن بين السلط، والملاحظ في هذا الصدد أن هذا التوازن مختل إلى أبعد الحدود..

علاقة الدولة بالإسلام

بين الأستاذ سليم اللغماني أنه عند قراءة مشروع الدستور يجب التساؤل أيضا عن علاقة الدولة بالإسلام وقد جاء في الفصل الخامس من المشروع لينصص على أن "تونس جزء من الأمة الإسلاميّة، وعلى الدّولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النّفس والعرض والمال والدّين والحريّة" والدولة بهذا المعنى هي دولة دينية، بينما أسس دستور 2014 لدين دولة، وهناك اختلاف كبير بين دولة دينية ودين دولة. ولاحظ الأستاذ بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية أن العديد من الدول الغربية لها دين رسمي على غرار بريطانيا ومالطا والدنمارك واليونان فكل هذه الدول لديها دين دولة، وذكر أنه إضافة إلى ذلك فإن مشروع الدستور لم يؤكد على أن " تونس دولة مدنية، تقوم على المواطنة، وإرادة الشعب، وعلوية القانون" كما جاء في الفصل الثاني من دستور 2014، وفي المقابل نجد هذا المشروع في الفصل 27 أكد على أن الدولة تضمن حرية المعتقد وحرية الضمير بكل وضوح بصياغة أفضل مما هو في دستور 2014 وتحديدا في الفصل السادس منه الذي نص على أن " الدّولة راعية للدّين، كافلة لحريّة المعتقد والضّمير وممارسة الشّعائر الدّينيّة، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التّوظيف الحزبي"، ولكن في الفصل الموالي من المشروع وهو الفصل 28 هناك تقييد لحرية القيام بالشعائر الدينية بشرط عدم الإخلال بالأمن العام، ونص هذا الفصل على أن تحمي الدولة حريّة القيام بالشّعائر الدينية ما لم تخلّ بالأمن العام والإخلال بالأمن العام هو مفهوم ضبابي جدا وبالتالي لم يقع تجاوز الضبابية والغموض الموجود في دستور 2014 لأن ما جاء في نص مشروع الدستور هو بدوره حمال أوجه.

الحقوق والحريات

ولئن أشار الأستاذ سليم اللغماني إلى بعض النقائص الواردة في مشروع الدستور، فإنه لاحظ أن أفضل ما ورد في هذا المشروع هو باب الحقوق والحريات لكنه سرعان ما استدرك وقال إنه دون مستوى دستور 2014 في نقطة مهمة بل في أهم نقطة وهي مسألة ضبط حدود الحقوق والحريات الموجودة في الفصل 49 من الدستور الحالي لأن المشروع المعروض على الاستفتاء في الفصل 55 ورد خاليا من مبدأ التناسب ومن شرط أن يكون الحد ضروريا في دولة مدنية ديمقراطية، حيث اكتفى المشروع بالتنصيص على أن القيود يجب أن تكون مبررة بأهدافها ودون ذكر الشرط الأهم وهو التناسب الذي جاء في الفصل 49.

وللتذكير فقد نص الفصل 49 من دستور 2014 على ما يلي" يحدد القانون الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها. ولا توضع هذه الضوابط إلا لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير، أو لمقتضيات الأمن العام، أو الدفاع الوطني، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها. وتتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك. لا يجوز لأي تعديل أن ينال من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة في هذا الدستور".

نظام رئاسوي

ولدى حديثه عن طبيعة النظام السياسي الذي جاء به مشروع الدستور الجديد أشار الأستاذ سليم اللغماني إلى أن النظام السياسي هو من ناحية نظام رئاسوي ومن ناحية أخرى هو يؤسس للنظام القاعدي، فهو نظام رئاسوي لأنه يأخذ من النظام البرلماني ويأخذ من النظام الرئاسي كل ما من شأنه تعزيز موقع رئيس الجمهورية. وهو نظام نجد فيه رئيس الجمهورية رئيسا غير مسؤول سياسيا وجزائيا، ورئيس لديه إمكانية الالتجاء إلى حالة الاستثناء ولكنها حالة استثناء دون قيد أو حد، لأن المحكمة الدستورية لم تعد تتدخل بعد شهر للنظر في استمرار حالة الاستثناء كما تم التنصيص عليه في الفصل 80 من دستور 2014 فالرئيس هو الذي يتمكن تماما من حالة الاستثناء وكان الفصل 80 من الدستور الحالي نص على أنه "لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب.

ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة.

وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.

وبعد مضي ثلاثين يوما على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتُّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه.

 وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما. ويُنهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها. ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب"، لكن في مشروع الدستور الجديد نجد أن رئيس الجمهورية هو الذي يتمكن تماما من حالة الاستثناء إذ لا توجد آجل ولا دور للمحكمة الدستورية.

وأضاف الجامعي أن الأمر لم يقتصر عند هذا الحد فرئيس الجمهورية في مشروع الدستور يتمتع بحق الاستفتاء التشريعي المباشر وحق الاستفتاء التشريعي الدستوري المباشر والحال أنه لا توجد أي دولة ديمقراطية في العالم يتم فيها الاستفتاء مباشرة دون المرور عبر البرلمان، وبالتالي فرئيس الجمهورية بالاستفتاء التشريعي المباشر ينتصب سلطة تشريعية وبالاستفتاء الدستوري المباشر ينتصب سلطة تأسيسية.

وذكر اللغماني أنه في نفس المشروع المعروض على الاستفتاء نجد لرئيس الجمهورية حكومة وهي رهينة إرادته ورئيس الجمهورية يمكنه أن يسميها ويقيلها دون شرط كما أنها محصنة من لائحة اللوم على اعتبار أن لائحة اللوم الموجودة في الدستور اسمية لأنه يجب أن يتم تقديمها من قبل الغرفتين أي مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم ويكون ذلك بأغلبية الأعضاء أما التصويت فيتم من قبل الغرفتين بأغلبية الثلثين وهي أغلبية صعبة كما لو أن الأمر يتعلق بتغيير دستور وهو ما يعني أن الحكومة محصنة من البرلمان ولكن في المقابل نجد أن البرلمان يمكن حله إذا وجه لائحة لوم للحكومة، ورئيس الجمهورية في هذه الحالة يمكنه أن يحل البرلمان. وتساءل الجامعي أن مشروع الدستور نص على فرضية حل البرلمان ولكن ألا يجب حل الغرفتين لأن لائحة اللوم تقدم من قبل الغرفتين معا وليس فقط من قبل غرفة واحدة أي مجلس نواب الشعب فقد أتاح رئيس الجمهورية لنفسه حرية الحل.

تمهيد للنظام القاعدي

ولاحظ الأستاذ بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية سليم اللغماني أنه إلى جانب ما جاء به مشروع الدستور من نظام رئاسوي نجد فيه تمهيدا واضحا جليا للنظام القاعدي حيث تم التنصيص فيه على سحب الوكالة وعلى مجلس وطني للجهات والأقاليم، وتم السكوت عن طريقة انتخاب النواب وعدم ذكر إن كان الانتخاب مباشرا أو غير مباشر. وأضاف اللغماني أن ما يلفت الانتباه أيضا هو حذف الباب الاقتصادي والاجتماعي الذي ورد في مشروع الدستور الذي أعدته الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة برئاسة العميد الصادق بلعيد وهذا مفهوم لأنه في النظام القاعدي الشعب هو الذي يريد في صورة الإبقاء على هذا الباب فسيتم حذف سلطة القواعد.

نسف استقلالية القضاء

وفي قراءة لمشروع الدستور وتحديدا للأحكام ذات العلاقة بالقضاء، لاحظ الأستاذ سليم الغماني أنه تم نسف ضمانات استقلال القضاء، وذلك لأنه بمقتضى هذا المشروع نجد القضاة يتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية على أساس الترشيح. وذكر أن الفصل 120 من المشروع نص على أن تسمية القضاة تكون بأمر من رئيس الجمهورية بمقتضى ترشيح من مجلس القضاء الأعلى المعني. في حين نص الفصل 106 من دستور 2014 على أنهم يعينون بناء على الرأي المطابق، ولكن الأخطر من ذلك، وفق تعبير الجامعي، هو أن الفصل 121 من المشروع نص على أن القاضي لا ينقل دون رضاه، ولا يعزل، كما لا يمكن إيقافه عن العمل أو إعفاؤه، أو تسليط عقوبة عليه، إلاّ في الحالات التي يضبطها القانون، وبين أن هذا الفصل كان سيكون جيدا لو لم يقع التنصيص فيه على عبارة إلا في الحالات التي يضبطها القانون، وهو ما يعني أن كل هذه الضمانات هي رهينة القانون، وبهذه الكيفية فقد تمت العودة إلى دستور 1959.

أما في علاقة بالمحكمة الدستورية، فقال اللغماني إنه تم التنصيص في مشروع الدستور على أن تركيبة هذه المحكمة تتكون من قضاة على مشارف التقاعد، لكن لم يقع تحديد المدة المتبقية قبل بلوغ سن التقاعد، ولم يقع تحديد مدة العضوية والاكتفاء بالإشارة إلى أنه عند خروجهم يعوضهم من يليهم بصفة آلية وبالتالي فإن المعوضين لن يمضوا في المحكمة سوى سنة أو سنتين، وأضاف أن التركيبة تتكون من قضاة ماليين وعدليين وإداريين، وبالنظر إلى هذه الاختصاصات يمكن القول إن هناك قليل منهم فقط متمكن من منطق القانون الدستوري والحال أن القانون الدستوري هو منطق، ثم أن رئيس الجمهورية هو الذي يختار من بين القضاة أعضاء للمحكمة الدستورية، ويمكن اعتبار قرارات المحكمة الدستورية غير ملزمة لأن الفصل 129 من مشروع الدستور نص على أن قرارات المحكمة الدستورية ملزمة لجميع السلطات والحال أنه لا توجد في المشروع سلطات، وهي بهذا المعنى غير ملزمة وإذا كانت ملزمة فهي ملزمة لأشباح.

ولاحظ الأستاذ سليم اللغماني أنه في صورة مزيد التعمق في قراءة مشروع الدستور فإنه سيتم الدخول أكثر فأكثر في التفاصيل والجزئيات، وهذه العملية عادة ما يتم القيام بها لتحسين النص لكنه لا يوجد لديه أي أمل في تحسين مشروع الدستور لأنه ليس من الممكن أن يتحسن النص، والرئيس سعيد لن يقبل تحسينه وبالتالي ليست هناك جدوى من التعمق في دراسته. وخلص الجامعي إلى أنه إذا تم التنسيب، فإن كل من يعتبر أن الحكم الأفضل هو ذلك الحكم الذي يرتب الأمور ترتيبا تجعل السلطة تحد من السلطة فإن هذا المشروع في نظره متأخر على دستور 2014، ولكن بالنسبة لكل من يعتبر أن الحكم هو حكم المستبد العادل فان مشروع الدستور في نظره هو أفضل من دستور 2014 وبالنسبة إلى من يعتبر أنه سوف يقترع يوم 25 جويلية لصاحب المشروع أو ضد صاحب المشروع فإن المشروع إذا لا يعدو أن يكون إلا حبرا على ورق لأن هذه الفئة لن تقرأ المشروع وهي ليست في حاجة إلى قراءته إن كانت ستصوت لشخص سواء معه أو ضده..

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews