إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في تونس: التمويلات والتبرعات شبه معطلة.. والمؤسسات المالية دون مساهمات تذكر!!

* التبرعات الاجتماعية والهبات لا تحقق أهدافها في تونس !

* أموال بقيمة 30 مليون دينار تخصصها الدولة للمد التضامني لا يعرف مآلها !

*أين دور البنوك في المجال التضامني ودعم المؤسسات الاجتماعية؟

تونس- الصباح

نظّم المركز التّونسيّ لبعث المشاريع الاجتماعيّة وشركاؤه، مؤسّسة فريدريش ناومان للحريّة وجمعية التّعاون من أجل السّلام ACPP ومنظمة ''أوكسفام'' تونس، أمس ندوة وطنيّة تحت عنوان "الاقتصاد الاجتماعيّ والتّضامنيّ، التّأثيرات النّاتجة عن العشريّة الأخيرة، وأي رؤية للمستقبل"، جمعت العديد من الخبراء الاقتصاديين والفاعلين في المجتمع المدني، وتم من خلالها استعراض دراسة اقتصادية حديثة، حذرت من تراجع الموارد المالية المتعلقة بالتبرعات الاجتماعية، وحثت على ضرورة وضع إستراتيجية وطنية تدعم الاقتصاد التضامني، بمشاركة المنظمات والجمعيات والمؤسسات المالية المانحة، بالإضافة الى المجتمع المدني لتوفير التمويلات المناسبة التي تدفع بالحركة الاقتصادية وتخلق مناخا اجتماعيا مستقرا، وتحد من مؤشرات البطالة المتنامية.

وانتظمت هذه النّدوة بمناسبة إطلاق مشروع MedRiSSE الجديد الذي يركّز على الابتكار، بتمويل مشترك من برنامج ENI CBCMED ومشروع MedUP لتعزيز ريادة الأعمال الاجتماعيّة في البحر الأبيض المتوسط، بتمويل مشترك من الاتّحاد الأوروبيّ، وبمشاركة خبراء من الأردن وفلسطين واليونان وإسبانيا والبرتغال.

وتمّ خلال الندوة دعوة روّاد الأعمال الاجتماعيّين، من عدّة جهات بالبلاد إلى جانب الهياكل العموميّة المعنيّة وممثلين عن المؤسّسات الماليّة والمنظمات الدّاعمة لريادة الأعمال الاجتماعيّة لتبادل وجهات النظر حول العديد من العراقيل التي تحول دون توفير التمويلات الاجتماعية، بالإضافة إلى ورشات عمل مع تقديم نتائج وتوصيات دراسات حديثة تمّ إعدادها من قبل الأطراف المنظمة للنّدوة.

أموال نجهل مصيرها

وكشف المستشار الاقتصادي محمد الدالي صفية معد دراسة اقتصادية اجتماعية لفائدة منظمة "أوكسفام"، في تصريح لـ"الصباح"، أن توفير التمويلات والتبرعات الاجتماعية في تونس يكاد يكون شبه معطل، فالبنوك لا تشارك في المد التضامني، والتبرعات الدولية لا تفي بحاجيات تونس لدفع نسق النمو وتحقيق الاستقرار الاجتماعي، لافتا الى أن الدولة خصصت 30 مليون دينار لتمويل الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في قانون المالية لسنة 2022، وجلها ستحول إلى البنك التونسي للتضامن، مشددا على أن" هذه الأموال لا نعلم مصيرها، وأين ستصرف؟

وأضاف الدالي صفية بالقول، أن أغلب الأموال المخصصة لتقديم الدعم التضامني والاجتماعي، تحول الى البنك التونسي للتضامن، ومن ثم لا نعلم مصيرها، لافتا الى أن الحلول البديلة في الوقت الراهن للنهوض بالواقع الاجتماعي للأفراد يقتصر على الهبات المقدمة عبر التعاون الثنائي بين الدول، في ظل غياب شبه تام للبنوك في المجال التضامني الاجتماعي، وأيضا في الدورة الاقتصادية للبلاد، وهو ما أكدته الدراسة التي تم إعدادها بالتعاون مع منظمة "أوكسفام" تونس.

دعم أصحاب المشاريع الاجتماعية

من جهتها، قالت رئيسة المركز التّونسي لبعث المشاريع الاجتماعيّة أسماء منصور، في تصريح لـ"الصباح"، إنه "رغم عملنا بكلّ حركيّة ونشاط على مدى عشر سنوات لدعم التّنمية الاجتماعية والاقتصاديّة في تونس، من خلال تعزيز منظومة جديدة للابتكار وريادة الأعمال الاجتماعيّة، فإن خلق الثروة والتمويلات الضرورية للمساهمة في بعث المشاريع الاجتماعية مازال لا يلبي حاجيات البلاد، لافتة إلى أنه رغم ذلك تمكّن المركز التونسي لبعث المشاريع الاجتماعية من إطلاق أنشطة متعدّدة لتحسيس الشّباب والتأطير والتدريب ودعّم عدّة مبادرات لأصحاب المشاريع الاجتماعيّة في مختلف مناطق البلاد، ونسعى بالتّنسيق مع جميع الأطراف المعنيّة لخلق ديناميكيّة للتّغيير الاجتماعيّ وتوفير الحوافز والتمويلات من أجل تحقيق مشاريع جيّدة ومستدامة ذات تأثير مجتمعيّ أو بيئيّ".

من جهتها، قالت أميمة جغام، مكلّفة بالمناصرة لدى منظمة ''أوكسفام'' تونس أنّه "ما زلنا نواجه اليوم العديد من التحدّيات في مجال تطوير قطاع الاقتصاد الاجتماعيّ والتّضامنيّ ومنظومته الخاصّة إذ يتطلب ذلك مزيد العمل على تحسين الإطار القانونيّ والتّحفيزي إلى جانب وضع آليّات لدعم أصحاب المشاريع ذات الصّبغة الاجتماعيّة وتوفير المعلومات اللاّزمة والتنسيق والإحاطة في مختلف الجهات بالإضافة إلى توفير أدوات وتشجيعات للتّمويل من قبل البنوك العموميّة والخاصّة".

ودعا صابر الوحيشي المشرف على ورشة للصياغة التشاركية للسياسات العمومية خلال التظاهرة، الى ضرورة العمل منذ اليوم على وضع سياسة تشاركية بين جميع الأطراف الفاعلة للنهوض بالواقع الاجتماعي، ودفع التنمية بالجهات عبر أطر وسياسات واضحة، وذات جودة عبر تشريك المجتمع المدني، لافتا الى أن الأهمية القصوى اليوم لدفع التنمية تقوم على إرساء سياسة تشاركية في أخذ القرار مع الجميع دون إقصاء أحد.

وفي مداخلته، أشار خوسيه ماريا رويبيرز، من جمعية التّعاون من أجل السّلام (ACPP) خلال الندوة بالقول "إنّ المدن والبلديّات لها دور هامّ تؤدّيه من أجل تعزيز منظومة الاقتصاد الاجتماعيّ والتّضامنيّ من خلال الإسهام في بلورة سياسات عموميّة تشاركيّة واستغلال الإمكانيّات الخاصّة والطاقات الشبابيّة على المستوى الجهويّ بهدف إرساء تنمية مستدامة ومتوازنة اجتماعيّا، وهناك العديد من الآليّات والحلول لدفع التّعاون المشترك بين القطاعين العامّ والخاصّ وتوسيع دائرة العمل الجماعيّ لتحسين منظومة ريادة الأعمال ذات الصبغة الاجتماعيّة، وهذه النّدوة سمحت لنا بتقديم تجارب ناجحة في بلدان أخرى وفي مجالات متعدّدة كالتّعليم والخدمات الاجتماعية والرّعاية الصحيّة والاستدامة البيئيّة. وفي منطقة البحر الأبيض المتوسّط أو خارجها، اتّخذت المدن والبلديّات طرقا وآليّات تشاركيّة لبناء هذا التّعاون المثمر بين كافّة الأطراف على أساس الثقة المتبادلة وصنع القرار المشترك".

ضرورة إحداث التّغيير ودفع التّنمية المستدامة

وحسب المنظمين، شهد قطاع الاقتصاد الاجتماعيّ والتّضامنيّ نموا ملحوظا في السنوات الأخيرة على الصّعيدين الوطنيّ والدّولي. وأصبح حلّ المشكلات الاجتماعيّة ممكنا من خلال المبادرات المختلفة الّتي تجاوزت الجهود الفرديّة، وذلك من خلال العمل المشترك مع المنظمات وهياكل الدّولة والمؤسّسات الخاصّة بهدف إحداث تغيير إيجابيّ في المجتمع. وركّزت مختلف المبادرات في المناطق الداخليّة على معالجة قضايا اجتماعيّة وبيئيّة وثقافيّة. وتمّ إنشاء العديد من هياكل الدّعم ومنصّات للمرافقة والتأطير كما تمّ تطوير العديد من المشاريع من قبل روّاد أعمال شباب ملتزمين اجتماعيا. وساهمت هذه الحركيّة في إرساء علاقات تعاون مثمرة بين الجهات الفاعلة محليّا ودوليّا.

ويساهم إنشاء المؤسّسات الاجتماعية وتأثيرها على الاقتصاد والمجتمع بطريقة كلّية أو جزئيّة في تحقيق أهداف الأمم المتّحدة السّبعة عشر للتّنمية المستدامة في أفق 2030 ، إذ هي تساعد على خلق فرص للعمل والثّروة وتحدّ من الفقر والتّهميش كما تضمن التكافل الاجتماعيّ إزاء الفئات الضّعيفة وتقلّل من عدم المساواة بين الجنسين. وتتميّز نماذج أعمال المشاريع الاجتماعيّة بقدرتها على الابتكار والتأثير المجتمعيّ إذ هي لا تهدف أساسا إلى تحقيق الأرباح الماليّة الخالصة وإنّما عليها أن تكون ناجعة ومستدامة في تصرّفها المالي.

واستخدمت العديد من الشّركات النّاشئة التّونسية تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات لتطوير مشاريع ذات أثر اجتماعيّ، ممّا ساهم في توظيف الشّباب وإدماجهم، خاصّة منهم خرّيجو التّعليم العالي. كما اقتحمت هذه المؤسّسات الاجتماعيّة أيضا قطاعات تفتقر إلى خدمات متعدّدة مثل التّعليم والإدماج الاجتماعيّ والصحّة والتي كانت تؤمّن كليّا من قبل الدّولة.

ضرورة دعم المؤسسات ذات الصبغة الاجتماعية

ويمكن أن يتطوّر التّأثير المجتمعيّ الإيجابيّ الذي تولّده الشّركات الاجتماعية وينتشر بسرعة في عدّة مناطق أخرى من خلال تعميم نماذج الأعمال وتشجيع الشّباب على الاستثمار في التّجارب النّاجحة. وقد تمّت ملاحظة ذلك بشكل خاصّ في بعض المجالات والقطاعات مثل مساعدة الحرفيات أو صغار الفلاحين على تسويق منتوجاتهم عبر الإنترنات وشبكات التواصل الاجتماعي، والمعارض المختلفة أو في مجال الإحاطة بالأطفال والأشخاص ذوي الاحتياجات الخصوصية أوفي مجال التّعليم والتّدريب أو كذلك في مجال الطبّ عن بعد ورقمنة الخدمات. كما تساهم الشّركات الاجتماعية في الحدّ من التفرقة الجنسيّة وفي تعزيز قدرات المرأة في المدن أو في الوسط الريفي وتمكينها اقتصاديّا في عدّة ميادين، مثل الفلاحة والحرف التقليديّة وتحويل المنتوجات الغذائية وغيرها.

ومن التوصيات التي دعا إليها المشرفون على الندوة لتحقيق مستقبل أفضل في مجال الاقتصاد الاجتماعيّ والتضامنيّ، تحسين الإطار القانونيّ وآليّات الدّعم لبعث المؤسّسات ذات الصّبغة الاجتماعيّة، وتطوير العرض والطلب من حيث تمويل المشاريع المبتكرة في مختلف المناطق، وتشريك الشّباب (ذكورا وإناثا) في منظومة ريادة الأعمال الاجتماعيّة وتعزيز قدراتهم الذاتيّة، وإزالة الحواجز القانونية وتسهيل الإجراءات الإداريّة للمشاريع ذات الصبغة الاجتماعيّة، بالإضافة الى وضع برامج خاصّة بريادة الأعمال الاجتماعيّة النسائيّة، ودفع التعاون بينها، فضلا عن تعزيز دور البنوك والصّناديق العامّة أو الخاصّة في تمويل أفضل المبادرات بالجهات، وتطوير شبكات الدّعم والتدريب والإحاطة بباعثي المؤسّسات ذات الصبغة الاجتماعية، من قبل الهياكل الفاعلة العموميّة والخاصّة، وتحسين التواصل مع الشباب بهدف بعث مشاريع نموذجية ناجحة وهادفة ومؤثرة اجتماعيا.

 

 سفيان المهداوي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في تونس: التمويلات والتبرعات شبه معطلة.. والمؤسسات المالية دون مساهمات تذكر!!

* التبرعات الاجتماعية والهبات لا تحقق أهدافها في تونس !

* أموال بقيمة 30 مليون دينار تخصصها الدولة للمد التضامني لا يعرف مآلها !

*أين دور البنوك في المجال التضامني ودعم المؤسسات الاجتماعية؟

تونس- الصباح

نظّم المركز التّونسيّ لبعث المشاريع الاجتماعيّة وشركاؤه، مؤسّسة فريدريش ناومان للحريّة وجمعية التّعاون من أجل السّلام ACPP ومنظمة ''أوكسفام'' تونس، أمس ندوة وطنيّة تحت عنوان "الاقتصاد الاجتماعيّ والتّضامنيّ، التّأثيرات النّاتجة عن العشريّة الأخيرة، وأي رؤية للمستقبل"، جمعت العديد من الخبراء الاقتصاديين والفاعلين في المجتمع المدني، وتم من خلالها استعراض دراسة اقتصادية حديثة، حذرت من تراجع الموارد المالية المتعلقة بالتبرعات الاجتماعية، وحثت على ضرورة وضع إستراتيجية وطنية تدعم الاقتصاد التضامني، بمشاركة المنظمات والجمعيات والمؤسسات المالية المانحة، بالإضافة الى المجتمع المدني لتوفير التمويلات المناسبة التي تدفع بالحركة الاقتصادية وتخلق مناخا اجتماعيا مستقرا، وتحد من مؤشرات البطالة المتنامية.

وانتظمت هذه النّدوة بمناسبة إطلاق مشروع MedRiSSE الجديد الذي يركّز على الابتكار، بتمويل مشترك من برنامج ENI CBCMED ومشروع MedUP لتعزيز ريادة الأعمال الاجتماعيّة في البحر الأبيض المتوسط، بتمويل مشترك من الاتّحاد الأوروبيّ، وبمشاركة خبراء من الأردن وفلسطين واليونان وإسبانيا والبرتغال.

وتمّ خلال الندوة دعوة روّاد الأعمال الاجتماعيّين، من عدّة جهات بالبلاد إلى جانب الهياكل العموميّة المعنيّة وممثلين عن المؤسّسات الماليّة والمنظمات الدّاعمة لريادة الأعمال الاجتماعيّة لتبادل وجهات النظر حول العديد من العراقيل التي تحول دون توفير التمويلات الاجتماعية، بالإضافة إلى ورشات عمل مع تقديم نتائج وتوصيات دراسات حديثة تمّ إعدادها من قبل الأطراف المنظمة للنّدوة.

أموال نجهل مصيرها

وكشف المستشار الاقتصادي محمد الدالي صفية معد دراسة اقتصادية اجتماعية لفائدة منظمة "أوكسفام"، في تصريح لـ"الصباح"، أن توفير التمويلات والتبرعات الاجتماعية في تونس يكاد يكون شبه معطل، فالبنوك لا تشارك في المد التضامني، والتبرعات الدولية لا تفي بحاجيات تونس لدفع نسق النمو وتحقيق الاستقرار الاجتماعي، لافتا الى أن الدولة خصصت 30 مليون دينار لتمويل الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في قانون المالية لسنة 2022، وجلها ستحول إلى البنك التونسي للتضامن، مشددا على أن" هذه الأموال لا نعلم مصيرها، وأين ستصرف؟

وأضاف الدالي صفية بالقول، أن أغلب الأموال المخصصة لتقديم الدعم التضامني والاجتماعي، تحول الى البنك التونسي للتضامن، ومن ثم لا نعلم مصيرها، لافتا الى أن الحلول البديلة في الوقت الراهن للنهوض بالواقع الاجتماعي للأفراد يقتصر على الهبات المقدمة عبر التعاون الثنائي بين الدول، في ظل غياب شبه تام للبنوك في المجال التضامني الاجتماعي، وأيضا في الدورة الاقتصادية للبلاد، وهو ما أكدته الدراسة التي تم إعدادها بالتعاون مع منظمة "أوكسفام" تونس.

دعم أصحاب المشاريع الاجتماعية

من جهتها، قالت رئيسة المركز التّونسي لبعث المشاريع الاجتماعيّة أسماء منصور، في تصريح لـ"الصباح"، إنه "رغم عملنا بكلّ حركيّة ونشاط على مدى عشر سنوات لدعم التّنمية الاجتماعية والاقتصاديّة في تونس، من خلال تعزيز منظومة جديدة للابتكار وريادة الأعمال الاجتماعيّة، فإن خلق الثروة والتمويلات الضرورية للمساهمة في بعث المشاريع الاجتماعية مازال لا يلبي حاجيات البلاد، لافتة إلى أنه رغم ذلك تمكّن المركز التونسي لبعث المشاريع الاجتماعية من إطلاق أنشطة متعدّدة لتحسيس الشّباب والتأطير والتدريب ودعّم عدّة مبادرات لأصحاب المشاريع الاجتماعيّة في مختلف مناطق البلاد، ونسعى بالتّنسيق مع جميع الأطراف المعنيّة لخلق ديناميكيّة للتّغيير الاجتماعيّ وتوفير الحوافز والتمويلات من أجل تحقيق مشاريع جيّدة ومستدامة ذات تأثير مجتمعيّ أو بيئيّ".

من جهتها، قالت أميمة جغام، مكلّفة بالمناصرة لدى منظمة ''أوكسفام'' تونس أنّه "ما زلنا نواجه اليوم العديد من التحدّيات في مجال تطوير قطاع الاقتصاد الاجتماعيّ والتّضامنيّ ومنظومته الخاصّة إذ يتطلب ذلك مزيد العمل على تحسين الإطار القانونيّ والتّحفيزي إلى جانب وضع آليّات لدعم أصحاب المشاريع ذات الصّبغة الاجتماعيّة وتوفير المعلومات اللاّزمة والتنسيق والإحاطة في مختلف الجهات بالإضافة إلى توفير أدوات وتشجيعات للتّمويل من قبل البنوك العموميّة والخاصّة".

ودعا صابر الوحيشي المشرف على ورشة للصياغة التشاركية للسياسات العمومية خلال التظاهرة، الى ضرورة العمل منذ اليوم على وضع سياسة تشاركية بين جميع الأطراف الفاعلة للنهوض بالواقع الاجتماعي، ودفع التنمية بالجهات عبر أطر وسياسات واضحة، وذات جودة عبر تشريك المجتمع المدني، لافتا الى أن الأهمية القصوى اليوم لدفع التنمية تقوم على إرساء سياسة تشاركية في أخذ القرار مع الجميع دون إقصاء أحد.

وفي مداخلته، أشار خوسيه ماريا رويبيرز، من جمعية التّعاون من أجل السّلام (ACPP) خلال الندوة بالقول "إنّ المدن والبلديّات لها دور هامّ تؤدّيه من أجل تعزيز منظومة الاقتصاد الاجتماعيّ والتّضامنيّ من خلال الإسهام في بلورة سياسات عموميّة تشاركيّة واستغلال الإمكانيّات الخاصّة والطاقات الشبابيّة على المستوى الجهويّ بهدف إرساء تنمية مستدامة ومتوازنة اجتماعيّا، وهناك العديد من الآليّات والحلول لدفع التّعاون المشترك بين القطاعين العامّ والخاصّ وتوسيع دائرة العمل الجماعيّ لتحسين منظومة ريادة الأعمال ذات الصبغة الاجتماعيّة، وهذه النّدوة سمحت لنا بتقديم تجارب ناجحة في بلدان أخرى وفي مجالات متعدّدة كالتّعليم والخدمات الاجتماعية والرّعاية الصحيّة والاستدامة البيئيّة. وفي منطقة البحر الأبيض المتوسّط أو خارجها، اتّخذت المدن والبلديّات طرقا وآليّات تشاركيّة لبناء هذا التّعاون المثمر بين كافّة الأطراف على أساس الثقة المتبادلة وصنع القرار المشترك".

ضرورة إحداث التّغيير ودفع التّنمية المستدامة

وحسب المنظمين، شهد قطاع الاقتصاد الاجتماعيّ والتّضامنيّ نموا ملحوظا في السنوات الأخيرة على الصّعيدين الوطنيّ والدّولي. وأصبح حلّ المشكلات الاجتماعيّة ممكنا من خلال المبادرات المختلفة الّتي تجاوزت الجهود الفرديّة، وذلك من خلال العمل المشترك مع المنظمات وهياكل الدّولة والمؤسّسات الخاصّة بهدف إحداث تغيير إيجابيّ في المجتمع. وركّزت مختلف المبادرات في المناطق الداخليّة على معالجة قضايا اجتماعيّة وبيئيّة وثقافيّة. وتمّ إنشاء العديد من هياكل الدّعم ومنصّات للمرافقة والتأطير كما تمّ تطوير العديد من المشاريع من قبل روّاد أعمال شباب ملتزمين اجتماعيا. وساهمت هذه الحركيّة في إرساء علاقات تعاون مثمرة بين الجهات الفاعلة محليّا ودوليّا.

ويساهم إنشاء المؤسّسات الاجتماعية وتأثيرها على الاقتصاد والمجتمع بطريقة كلّية أو جزئيّة في تحقيق أهداف الأمم المتّحدة السّبعة عشر للتّنمية المستدامة في أفق 2030 ، إذ هي تساعد على خلق فرص للعمل والثّروة وتحدّ من الفقر والتّهميش كما تضمن التكافل الاجتماعيّ إزاء الفئات الضّعيفة وتقلّل من عدم المساواة بين الجنسين. وتتميّز نماذج أعمال المشاريع الاجتماعيّة بقدرتها على الابتكار والتأثير المجتمعيّ إذ هي لا تهدف أساسا إلى تحقيق الأرباح الماليّة الخالصة وإنّما عليها أن تكون ناجعة ومستدامة في تصرّفها المالي.

واستخدمت العديد من الشّركات النّاشئة التّونسية تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات لتطوير مشاريع ذات أثر اجتماعيّ، ممّا ساهم في توظيف الشّباب وإدماجهم، خاصّة منهم خرّيجو التّعليم العالي. كما اقتحمت هذه المؤسّسات الاجتماعيّة أيضا قطاعات تفتقر إلى خدمات متعدّدة مثل التّعليم والإدماج الاجتماعيّ والصحّة والتي كانت تؤمّن كليّا من قبل الدّولة.

ضرورة دعم المؤسسات ذات الصبغة الاجتماعية

ويمكن أن يتطوّر التّأثير المجتمعيّ الإيجابيّ الذي تولّده الشّركات الاجتماعية وينتشر بسرعة في عدّة مناطق أخرى من خلال تعميم نماذج الأعمال وتشجيع الشّباب على الاستثمار في التّجارب النّاجحة. وقد تمّت ملاحظة ذلك بشكل خاصّ في بعض المجالات والقطاعات مثل مساعدة الحرفيات أو صغار الفلاحين على تسويق منتوجاتهم عبر الإنترنات وشبكات التواصل الاجتماعي، والمعارض المختلفة أو في مجال الإحاطة بالأطفال والأشخاص ذوي الاحتياجات الخصوصية أوفي مجال التّعليم والتّدريب أو كذلك في مجال الطبّ عن بعد ورقمنة الخدمات. كما تساهم الشّركات الاجتماعية في الحدّ من التفرقة الجنسيّة وفي تعزيز قدرات المرأة في المدن أو في الوسط الريفي وتمكينها اقتصاديّا في عدّة ميادين، مثل الفلاحة والحرف التقليديّة وتحويل المنتوجات الغذائية وغيرها.

ومن التوصيات التي دعا إليها المشرفون على الندوة لتحقيق مستقبل أفضل في مجال الاقتصاد الاجتماعيّ والتضامنيّ، تحسين الإطار القانونيّ وآليّات الدّعم لبعث المؤسّسات ذات الصّبغة الاجتماعيّة، وتطوير العرض والطلب من حيث تمويل المشاريع المبتكرة في مختلف المناطق، وتشريك الشّباب (ذكورا وإناثا) في منظومة ريادة الأعمال الاجتماعيّة وتعزيز قدراتهم الذاتيّة، وإزالة الحواجز القانونية وتسهيل الإجراءات الإداريّة للمشاريع ذات الصبغة الاجتماعيّة، بالإضافة الى وضع برامج خاصّة بريادة الأعمال الاجتماعيّة النسائيّة، ودفع التعاون بينها، فضلا عن تعزيز دور البنوك والصّناديق العامّة أو الخاصّة في تمويل أفضل المبادرات بالجهات، وتطوير شبكات الدّعم والتدريب والإحاطة بباعثي المؤسّسات ذات الصبغة الاجتماعية، من قبل الهياكل الفاعلة العموميّة والخاصّة، وتحسين التواصل مع الشباب بهدف بعث مشاريع نموذجية ناجحة وهادفة ومؤثرة اجتماعيا.

 

 سفيان المهداوي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews