واكبت "الصباح نيوز " يوم أمس الأربعاء الندوة العلمية التي نظمتها المندوبية الجهوية للأسرة والعمران البشري ببنزرت في إطار برنامجها في التكوين المستمر بالاشتراك مع الإدارة الجهوية للصحة ببنزرت الصحية بأحد الفضاءات السياحية بالمدينة حول موضوع اجتماعي بالإعاقة والجندرة ، وآخر علمي وطبي يتعلق بالحالة الصحية للمرأة في فترة ما بعد الخصوبة .
وبعد كلمة المندوب الجهوي لديوان الأسرة والعمران البشري ببنزرت الدكتور محسن البوبكري الذي وضع الندوة في إطارها ودعا الحضور إلى الوقوف دقيقة صمت ترحما على روح الطبيب الراحل الفرجاني الرياحي ، قدمت الدكتورة والأستاذة الجامعية رانية غويل مداخلة حول الإعاقة والجندرة : قراءة في الوصم الاجتماعي والعنف ، فتساءلت في البداية : أين مكانة المرأة ذات الإعاقة في المجتمع ؟ أين دور الحركات والمنظمات النسائية في الدفاع عنها ؟ لماذا تبحث عن المساواة بين الرجل والمرأة ، ولا تبخث عن المساواة بين النساء أنفسهن: الحاملات للإعاقة ، المهمشات ، عاملات الفلاحة ، المشردات ؟
وأكدت في مستهل حديثها أن لب المشكلة يتمثل في قبول الآخر ، وأن النظرة مبنية بالأساس على الجسد ، ومصدرها الأول العائلة التي تكرس التعامل التقليدي مع المرأة ذات الإعاقة ، بالنظر إليها كجسد قاصر ، عصي على الشد والانجذاب ، وهي نظرة تمتد الى المجتمع وينميها الموروث الشعبي في الأمثال ، مثل " كالاطرش في الزفة " ، "العمشاء في دار العميان" . والخطورة التي يمثلها هذا المخيال الشعبي أنه يتحول إلى ممارسة تحول دون قبول الآخر المختلف بسبب اللون أو الجنس أو الدين أو الإعاقة .
العنف المخفي
وبعدما تحدثت عن انواع العنف كالمادي واللفظي والمعنوي ، ركزت على العنف المخفي الذي يجعل المرأة ذات الإعاقة موصومة اجتماعيا : فالمجتمع مثلا يشرع طلاق المرأة ذات الإعاقة ، وليس العكس ،تقول إحدى المستجوبات : "طلقني زوجي بعد أن أصبحت على كرسي متحرك" .وتحدثت المحاضرة عن شكل اخر من العنف المخفي ويتمثل في استئصال الرحم في بعض الدول العربية بالنسبة للمرأة ذات الإعاقة بتعلة الخوف على شرف العائلة ، والمحافظة عليه.
تفعيل الحق في الاختلاف
وختمت المحاضرة مداخلتها بالحديث عن بعض الاستراتيجيات البديلة وتتمثل في استثمار الجسد كرأس مال مادي ، إذ وظفته بعضهن في الرياضة فتالقن وطنيا ودوليا ، مثل روعة التليلي التي حاورتها ولمست لديها قوة العزم والإرادة والصبر والتحدي ، وقالت لها " لو لم أكن معوقة لما كنت بطلة " ، وكسرت بذلك تلك الصورة النمطية حول عجز ذوات الإعاقة ، ومنهن من استغللن الجسد العاجز في التسول ، وكلما كانت درجة الإعاقة عميقة كان الاستثمار أكبر ، باستدرار الشفقة. وأكدت أن الحلول ممكنة ، وتتمثل في تفعيل الحق في الاختلاف ، وتفعيل القوانين التي تضمن لذوات الإعاقة حقوقهن في التعليم والتشغيل والرعاية والترفيه وغيرها.
أعراض انقطاع الطمث ومضاعفاته
وأما المداخلة العلمية الثانية ، والتي كانت علمية بامتياز فقد تناولت المضاعفات الصحية ما بعد الخصوبة ، قدمها الأستاذ الجامعي ورئيس قسم طب النساء بالمستشفى الجامعي ببنزرت مشعل المورالي ، والدكتورة إيناس الحفيان ، تم خلالها الكشف عن أعراض انقطاع الطمث والمضاعفات الصحية التي يمكن أن تتعرض لها المرأة في فترة ما بعد الخصوبة . وأكد المحاضران أهمية التعرف على تلك الأعراض والمضاعفات وأسباب الالتهابات وسيلان الدم ، قصد التدارك منذ البداية في إطار التوقي ؛ باعتبار أن الوقاية خير من العلاج ، ولأن هذه الحالات ليست مرضا ، وانما هي حالة فيزيولوجية تعتري المرأة في سن معينة . وتم تتويج هذه المداخلة بجملة من النصائح للنساء في فترة ما بعد الخصوبة ، منها المحافظة على نظام تغذية مناسب ، والمثابرة على ممارسة نشاط رياضي وتجنب التدخين والكحول ، واجتناب الضغوط المختلفة.
وفي خاتمة اللقاء تم توزيع شهادات المشاركة على الحضور .
منور غرسلي