إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مع قرب الإعلان عن انطلاق المفاوضات.. إضراب عام جديد في الأفق قد يغير مسار التفاوض مع صندوق النقد

 

 

تونس-الصباح

بعد أن أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، منذ يومين تنفيذ إضراب عام جديد بالقطاع العام والوظيفة العمومية، سيحدد موعده في وقت لاحق، تدخل البلاد منعرجا آخر في مسار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي بلغت فيها أشواطا متقدمة توجت بزيارة رفيعة المستوى لأبرز مسؤولي الصندوق بحر الأسبوع المنقضي اعتبرت زيارة "إعطاء الضوء الأخضر" لانطلاق المفاوضات الرسمية في اقرب الآجال.

لكن الإضراب الجديد والثاني على التوالي الذي تقرره المنظمة الشغيلة قد يقلب الموازين باتجاه تعطل مسار هذه المفاوضات بين الصندوق والحكومة وهي التي تواجه ضغوطات متزايدة للتوصل إلى اتفاق تمويل جديد بعد تفعيل حزمة من الإصلاحات المتفق بشأنها والتي تشمل تقليص كتلة الأجور الكبيرة، وإصلاح المؤسسات العمومية، ومراجعة نظام الدعم ووقف الانتدابات في الوظيفة العمومية، هذه الضغوطات الخارجية تنضاف إليها ضغوطات داخلية من قبيل رفض الاتحاد المشاركة في الحوار الوطني حول الإصلاحات السياسية وتتالي الإضرابات التي تعكس وضع البلاد الاجتماعي المضطرب وغير المستقر، الحاضن لمثل هذه المفاوضات المصيرية..

وكانت العديد من الأطراف قد تجنبت هذه الإضرابات لضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي في فترة ما بعد حراك الـ 25 من جويلية وحماية مسار الانتقال الديمقراطي الذي أشاد به الخارج ما بعد ثورة 2011، لكن المنظمة الشغيلة تعتبر قرار الإضراب العام ردة فعل تجاه القرارات الأحادية التي تقررها رئاسة الجمهورية والتي أحدثت في مجملها اضطرابات اجتماعية خاصة تلك التي تتعلق بجيب التونسي وعلى رأسها قرارات البرنامج الحكومي الإصلاحي.

ففي الوقت الذي تعتبر فيه الحكومة أن تفعيل هذا البرنامج سيمر بالبلاد إلى بر الأمان على المدى القصير والمتوسط، تصفه المنظمة الشغيلة ومن ورائها العديد من التونسيين بأنه برنامج غير واقعي وستكون تداعياته وخيمة في قادم الأيام على المقدرة الشرائية للمواطن.

ويعد هذا الإضراب الجديد الثاني من نوعه بعد إضراب 16 جوان الحالي، والذي سيشمل أكثر من 650 ألف موظف، ما سيشكل ضغطاً جديدا على الحكومة التي تواجه أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة، وعلى الحكومة التي كانت منذ يومين فقط قبل إعلان الاتحاد عن قرارها الدخول في إضراب عام جديد في القطاع العام والوظيفة العمومية، قد استبشرت لتصريحات مسؤولي الصندوق الايجابية خلال زيارة مدير إدارة شمال إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور إلى تونس بحر الأسبوع المنقضي للوقوف عند آخر لمسات البرنامج الإصلاحي المزمع تفعيله قريبا بالتزامن مع انطلاق المفاوضات الرسمية.

حيث كشف جهاد أزعور مدير دائرة الشرق الأوسط واسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي أن الصندوق يؤكد على أهمية وجود حوار واسع يشارك فيه كل من شركاء في المجتمع، مشيرا إلى أن الصندوق يشدد على أهمية حوار داخلي وجدواه حول برنامج الإصلاحات لخلق مساحة مشتركة لدعم هذا البرنامج.

كما أشار أزعور في ندوة صحفية حضرتها "الصباح" في الرباط بالمغرب إلى أن الصندوق مع مبدإ المشاركة والتحمل المشترك للمسؤولية في ما يتعلق بإجراءات البرنامج الإصلاحي، مؤكدا في ذات السياق أن بدء المفاوضات حول اتفاق جديد سيكون في غضون أسابيع وعلى مدى يتواصل ببن 3 و4 سنوات.

أما في ما يتعلق بالتداعيات المنتظرة جراء الإضراب العام الذي تنوي المنظمة الشغيلة تنفيذه قريبا، حذر الخبراء المختصون في الشأن المالي والاقتصادي من أن هذا الإضراب ستكون له تكلفة اقتصادية باهظة وتداعيات مالية واقتصادية خطيرة، سواء بشكل مباشر، من خلال خسارة يوم عمل من الناتج الداخلي المحلي، وتراجع المداخيل الجبائية، أو بشكل غير مباشر، من خلال التأثير على مناخ الاستثمار، لا سيما على مسار التفاوض بين الحكومة وصندوق النقد الدولي.

وتراوحت التقديرات الخاصة بخسائر الإضراب في ما بين 200 و300 مليون دينار بسبب تعطل قرابة 159 مؤسسة حكومية تنتمي للقطاع العام وهي مؤسسات ربحية، مع توقعات بان يتضاعف الرقم في حال شمل قطاع الوظيفة العمومية، والقطاع الخاص، ما يزيد في إنهاك الميزانية العامة للبلاد التونسية ..

وذلك بسبب أن جزءا كبيرا من مؤسسات القطاع العام المضربة في الـ 16 جوان الجاري، جلها مؤسسات ربحية، وتساهم بدور كبير في الحركة الاقتصادية بالبلاد بالمقابل كانت ابرز مطالب الاتحاد تتمحور حول تفعيل اتفاقيات سابقة بقيمة 1000 مليون دينار..

ويرى بعض خبراء الاقتصاد، أن كل يوم إضراب يؤثر على معدلات النمو للبلاد، حيث أن تعطل العمل في شركة واحدة ينجر عنه آليا تعطل الحركة الاقتصادية في جزء كبير من الشركات، ما يؤثر سلبا على الإيرادات التي تحتاجها الدولة لإدارة شؤونها.

وبالرجوع إلى الإضراب العام الذي تم تنفيذه في الـ 16 من جوان الجاري، فقد دخل في هذا الإضراب أعوان القطاع العام من أجل الدفاع عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، بعد اتهامات بمماطلة الحكومة في الاستجابة إلى مطالبهم المشروعة واستهانتها ببرقية التنبيه بالإضراب الصادرة منذ 31 ماي 2022 والتي جاءت بقرار من الهيئة الإدارية الوطنية منذ 23 ماي 2022 وبعد جلسة لم تقدم أي حل لتجاوز الأزمة ضمن اللجنة المركزية، تقدّمت فيها الحكومة بإجابات لا توحي برغبة حقيقية في تجاوز الإضراب وإيجاد الحلول للخروج بنتائج إيجابية في المفاوضات لتجنّب البلاد في هذا الظرف الدقيق المزيد من التوتّر وتؤمّن الاستقرار الاجتماعي.

وبعد الانتهاء من الإضراب بيوم واحد، كان قد أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، نجاح إضراب القطاع العام بنسبة مشاركة بلغت 96.22 بالمائة، وفق ما جاء في كلمة الأمين العام لإتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، على هامش مشاركته في الإضراب بالعاصمة.

وشارك في الإضراب حسب مسؤولي اتحاد الشغل 159 مؤسسة عمومية، للمطالبة بتحسين أجور الموظفين وتعزيز قدرتهم الشرائية، بجانب مطالب اجتماعية أخرى، وطالب الطبوبي، في كلمته، الحكومة بـ"تعديل المقدرة الشرائية وزيادة أجور العاملين في القطاع العام ، وباحترام الاتفاقيات المتعلقة بالمفاوضات الاجتماعية".

وتبقى المؤسسات العمومية من ابرز الإصلاحات التي طالب بها صندوق النقد الدولي في البرنامج الجديد، وضمنتها في بند خاص الحكومة في برنامجها الإصلاحي، بعد أن انطلقت في جزء هام من الإصلاحات الخاصة بها مع موفى السنة المنقضية كرسالة كضمانة للجهات المانحة بجديتها في التوجه إلى إصلاحها.

وانطلقت الحكومة في تطبيق حزمة من الإصلاحات المتعثرة المطلوبة من صندوق النقد الدولي وتشمل إصلاح 7 من المؤسسات العمومية والشركات، وشملت عملية الإصلاح والهيكلة حسب الاتفاق المعلن بين الحكومة واتحاد الشغل شركة الخطوط التونسية وشركة الفولاذ والشركة التونسية للشحن والترصيف وديوان الأراضي الدولية والصيدلية المركزية والشركة التونسية للصناعات الصيدلية والشركة التونسية للكهرباء والغاز.

وفاء بن محمد

 

 

 

مع قرب الإعلان عن انطلاق المفاوضات.. إضراب عام جديد في الأفق قد يغير مسار التفاوض مع صندوق النقد

 

 

تونس-الصباح

بعد أن أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، منذ يومين تنفيذ إضراب عام جديد بالقطاع العام والوظيفة العمومية، سيحدد موعده في وقت لاحق، تدخل البلاد منعرجا آخر في مسار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي بلغت فيها أشواطا متقدمة توجت بزيارة رفيعة المستوى لأبرز مسؤولي الصندوق بحر الأسبوع المنقضي اعتبرت زيارة "إعطاء الضوء الأخضر" لانطلاق المفاوضات الرسمية في اقرب الآجال.

لكن الإضراب الجديد والثاني على التوالي الذي تقرره المنظمة الشغيلة قد يقلب الموازين باتجاه تعطل مسار هذه المفاوضات بين الصندوق والحكومة وهي التي تواجه ضغوطات متزايدة للتوصل إلى اتفاق تمويل جديد بعد تفعيل حزمة من الإصلاحات المتفق بشأنها والتي تشمل تقليص كتلة الأجور الكبيرة، وإصلاح المؤسسات العمومية، ومراجعة نظام الدعم ووقف الانتدابات في الوظيفة العمومية، هذه الضغوطات الخارجية تنضاف إليها ضغوطات داخلية من قبيل رفض الاتحاد المشاركة في الحوار الوطني حول الإصلاحات السياسية وتتالي الإضرابات التي تعكس وضع البلاد الاجتماعي المضطرب وغير المستقر، الحاضن لمثل هذه المفاوضات المصيرية..

وكانت العديد من الأطراف قد تجنبت هذه الإضرابات لضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي في فترة ما بعد حراك الـ 25 من جويلية وحماية مسار الانتقال الديمقراطي الذي أشاد به الخارج ما بعد ثورة 2011، لكن المنظمة الشغيلة تعتبر قرار الإضراب العام ردة فعل تجاه القرارات الأحادية التي تقررها رئاسة الجمهورية والتي أحدثت في مجملها اضطرابات اجتماعية خاصة تلك التي تتعلق بجيب التونسي وعلى رأسها قرارات البرنامج الحكومي الإصلاحي.

ففي الوقت الذي تعتبر فيه الحكومة أن تفعيل هذا البرنامج سيمر بالبلاد إلى بر الأمان على المدى القصير والمتوسط، تصفه المنظمة الشغيلة ومن ورائها العديد من التونسيين بأنه برنامج غير واقعي وستكون تداعياته وخيمة في قادم الأيام على المقدرة الشرائية للمواطن.

ويعد هذا الإضراب الجديد الثاني من نوعه بعد إضراب 16 جوان الحالي، والذي سيشمل أكثر من 650 ألف موظف، ما سيشكل ضغطاً جديدا على الحكومة التي تواجه أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة، وعلى الحكومة التي كانت منذ يومين فقط قبل إعلان الاتحاد عن قرارها الدخول في إضراب عام جديد في القطاع العام والوظيفة العمومية، قد استبشرت لتصريحات مسؤولي الصندوق الايجابية خلال زيارة مدير إدارة شمال إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور إلى تونس بحر الأسبوع المنقضي للوقوف عند آخر لمسات البرنامج الإصلاحي المزمع تفعيله قريبا بالتزامن مع انطلاق المفاوضات الرسمية.

حيث كشف جهاد أزعور مدير دائرة الشرق الأوسط واسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي أن الصندوق يؤكد على أهمية وجود حوار واسع يشارك فيه كل من شركاء في المجتمع، مشيرا إلى أن الصندوق يشدد على أهمية حوار داخلي وجدواه حول برنامج الإصلاحات لخلق مساحة مشتركة لدعم هذا البرنامج.

كما أشار أزعور في ندوة صحفية حضرتها "الصباح" في الرباط بالمغرب إلى أن الصندوق مع مبدإ المشاركة والتحمل المشترك للمسؤولية في ما يتعلق بإجراءات البرنامج الإصلاحي، مؤكدا في ذات السياق أن بدء المفاوضات حول اتفاق جديد سيكون في غضون أسابيع وعلى مدى يتواصل ببن 3 و4 سنوات.

أما في ما يتعلق بالتداعيات المنتظرة جراء الإضراب العام الذي تنوي المنظمة الشغيلة تنفيذه قريبا، حذر الخبراء المختصون في الشأن المالي والاقتصادي من أن هذا الإضراب ستكون له تكلفة اقتصادية باهظة وتداعيات مالية واقتصادية خطيرة، سواء بشكل مباشر، من خلال خسارة يوم عمل من الناتج الداخلي المحلي، وتراجع المداخيل الجبائية، أو بشكل غير مباشر، من خلال التأثير على مناخ الاستثمار، لا سيما على مسار التفاوض بين الحكومة وصندوق النقد الدولي.

وتراوحت التقديرات الخاصة بخسائر الإضراب في ما بين 200 و300 مليون دينار بسبب تعطل قرابة 159 مؤسسة حكومية تنتمي للقطاع العام وهي مؤسسات ربحية، مع توقعات بان يتضاعف الرقم في حال شمل قطاع الوظيفة العمومية، والقطاع الخاص، ما يزيد في إنهاك الميزانية العامة للبلاد التونسية ..

وذلك بسبب أن جزءا كبيرا من مؤسسات القطاع العام المضربة في الـ 16 جوان الجاري، جلها مؤسسات ربحية، وتساهم بدور كبير في الحركة الاقتصادية بالبلاد بالمقابل كانت ابرز مطالب الاتحاد تتمحور حول تفعيل اتفاقيات سابقة بقيمة 1000 مليون دينار..

ويرى بعض خبراء الاقتصاد، أن كل يوم إضراب يؤثر على معدلات النمو للبلاد، حيث أن تعطل العمل في شركة واحدة ينجر عنه آليا تعطل الحركة الاقتصادية في جزء كبير من الشركات، ما يؤثر سلبا على الإيرادات التي تحتاجها الدولة لإدارة شؤونها.

وبالرجوع إلى الإضراب العام الذي تم تنفيذه في الـ 16 من جوان الجاري، فقد دخل في هذا الإضراب أعوان القطاع العام من أجل الدفاع عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، بعد اتهامات بمماطلة الحكومة في الاستجابة إلى مطالبهم المشروعة واستهانتها ببرقية التنبيه بالإضراب الصادرة منذ 31 ماي 2022 والتي جاءت بقرار من الهيئة الإدارية الوطنية منذ 23 ماي 2022 وبعد جلسة لم تقدم أي حل لتجاوز الأزمة ضمن اللجنة المركزية، تقدّمت فيها الحكومة بإجابات لا توحي برغبة حقيقية في تجاوز الإضراب وإيجاد الحلول للخروج بنتائج إيجابية في المفاوضات لتجنّب البلاد في هذا الظرف الدقيق المزيد من التوتّر وتؤمّن الاستقرار الاجتماعي.

وبعد الانتهاء من الإضراب بيوم واحد، كان قد أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، نجاح إضراب القطاع العام بنسبة مشاركة بلغت 96.22 بالمائة، وفق ما جاء في كلمة الأمين العام لإتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، على هامش مشاركته في الإضراب بالعاصمة.

وشارك في الإضراب حسب مسؤولي اتحاد الشغل 159 مؤسسة عمومية، للمطالبة بتحسين أجور الموظفين وتعزيز قدرتهم الشرائية، بجانب مطالب اجتماعية أخرى، وطالب الطبوبي، في كلمته، الحكومة بـ"تعديل المقدرة الشرائية وزيادة أجور العاملين في القطاع العام ، وباحترام الاتفاقيات المتعلقة بالمفاوضات الاجتماعية".

وتبقى المؤسسات العمومية من ابرز الإصلاحات التي طالب بها صندوق النقد الدولي في البرنامج الجديد، وضمنتها في بند خاص الحكومة في برنامجها الإصلاحي، بعد أن انطلقت في جزء هام من الإصلاحات الخاصة بها مع موفى السنة المنقضية كرسالة كضمانة للجهات المانحة بجديتها في التوجه إلى إصلاحها.

وانطلقت الحكومة في تطبيق حزمة من الإصلاحات المتعثرة المطلوبة من صندوق النقد الدولي وتشمل إصلاح 7 من المؤسسات العمومية والشركات، وشملت عملية الإصلاح والهيكلة حسب الاتفاق المعلن بين الحكومة واتحاد الشغل شركة الخطوط التونسية وشركة الفولاذ والشركة التونسية للشحن والترصيف وديوان الأراضي الدولية والصيدلية المركزية والشركة التونسية للصناعات الصيدلية والشركة التونسية للكهرباء والغاز.

وفاء بن محمد

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews