إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

هل أتاك حديث المبادرات...؟ .. أضغاث أحلام كما جاء بها الأوّلون..ǃ

 

بقلم: مصدّق الشّريف (*)

*يحقّ لنا اليوم أن نرفض ما تريد جهات عدّة من منظمات وطنيّة ومجتمع مدني إحياءه من جديد ولو في نسخة جديدة لها شكل ومضمون واحد واحد واحد

منذ سنة 2012 أصدرنا مقالا تحت عنوان "الحديد لا يُطرق إلاّ ساخنا" تنديدا بتخريب اقتصاد البلاد وإدخالها في دوّامة العنف والتّسفير إلى بؤر التّوتّر والمتاجرة بالإسلام السّياسي. وحين توالت الاغتيالات السياسيّة والعسكريّة والأمنيّة قلنا لبعضهم "ارحلوا". وفي الوقت الذي كانت فيه الحوارات والسّجالات قائمة على قدم وساق كتبنا لبعضهم الآخر "تونس لم تناديكم". كانت مقالاتنا، على صفحات جريدة الصّباح الغرّاء، شاهدة على أنّ مواقفنا ثابتة وأنّنا لم نخش في الحقّ لومة لائمة ولا تزال.

لقد طبّل الكثيرون، وخاصّة منهم السياسيّون والإعلاميّون، لالتقاء الخطّين المتوازيين بعد أن كان خطبا مستحيلا. وهلّلوا لما سُمّي آنذاك "التّوافق" وكبّروا الرّباعي الرّاعي للحوار "الوطنيّ" الذي انطلق يوم 5 أكتوبر 2013. وفي الحقيقة، فإنّه لم يكن، بالنّسبة إلينا، إلاّ رباعيّا راعيا للغنيمة وحفاظ كلّ جهة على مصالحها. ولنا في ما قاله رئيس حركة النهضة وقتها شهادة على ادّعائنا: "خرجنا من الحكومة ولكننا لم نخرج من الحكم".

"بوس خوك، طاح الكف على ظله" بهذين الشّعارين مُحقت إرادة الشعب ومرّ من بيدهم الحلّ والعقد بطرق سافرة على أجساد الشهداء والجرحى الأبرار وأرواحهم. وقد أثبتت الأيام والسّنوات أنّ ما جدّ من أحداث وما اُبرم من تحالفات وتوافقات بُني على أساس المصالح والمحاصصات الضّيقة، ولو أنّه كوفئ بجائزة نوبل للسّلام سنة 2015. فاليوم اتّفاق وغدا وأمرǃ

بذرة الصّفاء والنّوايا الحسنة التي همّها مصلحة الوطن وأهله لا بدّ أن تُثمر وتينع وتُنبت في كلّ رقعة من البلاد أزهارا فواحة وثمارا لا حصر لها ولا عدّ. ما شهدنا ذلك. فبعد التّوافق والحوار الكلّ يعلم ما حصل لتونسنا من تدهور وخراب وإفلاس وانهيار للمؤسّسات. مسكينة تونس ومساكين أبناؤهاǃ

يحقّ لنا اليوم أن نرفض ما تريد جهات عدّة من منظمات وطنيّة ومجتمع مدني إحياءه من جديد ولو في نسخة جديدة لها شكل ومضمون واحد واحد واحد. إنها المبادرات مرّة أخرى وما أدراك ما المبادراتǃ كأنّ الأمر أصبح من قبيل الموضة أو "اعمل كيف جارك وإلاّ حوّل باب دارك". وما كثرة المبادرات إلاّ دليل ساطع على أنّ أصحابها ليسوا على قلب رجل واحد في سبيل مصلحة تونس. كلّ يغنّي على ليلاه. كلّ يريد الزّعامة. كلّ يريد أن يقول أنا أو لا أحد. كلّ يريد أن يسجّل اسمه ويدخل التّاريخ. هكذا يخيّل إليهم. هكذا تحدّثهم أنفسهم. هكذا يريدون ويشتهونǃ

تزعم هذه المبادرة أو تلك انقاذ تونس. ويعمل أصحابها، دون أن نستثني منهم أحدا، جاهدين على في رسكلة وجوه الخراب التي كانت السّبب الرّئيسي في مصائبنا وتبييضها. ولئن قال العلاّمة عبد الرحمان بن خلدون "العدل أساس العمران"، فإنّ الصّدق في القول والإخلاص في العمل هو العنوان الوحيد لإنقاذ تونس. ستكشف الأيّام أنّهم يكرّرون صيغ المخاتلة نفسها ويظهرون نقيض ما يبطنون. ولكنّ عزاءنا أنّ محاولات استغباء أبناء شعبنا لن تنجح لأنّ التّونسيّات والتّونسيّين أبقوهم ويستحيل أن تنطلي عليهم هذه الحيلة ثانية.

*أستاذ متقاعد

هل أتاك حديث المبادرات...؟ .. أضغاث أحلام كما جاء بها الأوّلون..ǃ

 

بقلم: مصدّق الشّريف (*)

*يحقّ لنا اليوم أن نرفض ما تريد جهات عدّة من منظمات وطنيّة ومجتمع مدني إحياءه من جديد ولو في نسخة جديدة لها شكل ومضمون واحد واحد واحد

منذ سنة 2012 أصدرنا مقالا تحت عنوان "الحديد لا يُطرق إلاّ ساخنا" تنديدا بتخريب اقتصاد البلاد وإدخالها في دوّامة العنف والتّسفير إلى بؤر التّوتّر والمتاجرة بالإسلام السّياسي. وحين توالت الاغتيالات السياسيّة والعسكريّة والأمنيّة قلنا لبعضهم "ارحلوا". وفي الوقت الذي كانت فيه الحوارات والسّجالات قائمة على قدم وساق كتبنا لبعضهم الآخر "تونس لم تناديكم". كانت مقالاتنا، على صفحات جريدة الصّباح الغرّاء، شاهدة على أنّ مواقفنا ثابتة وأنّنا لم نخش في الحقّ لومة لائمة ولا تزال.

لقد طبّل الكثيرون، وخاصّة منهم السياسيّون والإعلاميّون، لالتقاء الخطّين المتوازيين بعد أن كان خطبا مستحيلا. وهلّلوا لما سُمّي آنذاك "التّوافق" وكبّروا الرّباعي الرّاعي للحوار "الوطنيّ" الذي انطلق يوم 5 أكتوبر 2013. وفي الحقيقة، فإنّه لم يكن، بالنّسبة إلينا، إلاّ رباعيّا راعيا للغنيمة وحفاظ كلّ جهة على مصالحها. ولنا في ما قاله رئيس حركة النهضة وقتها شهادة على ادّعائنا: "خرجنا من الحكومة ولكننا لم نخرج من الحكم".

"بوس خوك، طاح الكف على ظله" بهذين الشّعارين مُحقت إرادة الشعب ومرّ من بيدهم الحلّ والعقد بطرق سافرة على أجساد الشهداء والجرحى الأبرار وأرواحهم. وقد أثبتت الأيام والسّنوات أنّ ما جدّ من أحداث وما اُبرم من تحالفات وتوافقات بُني على أساس المصالح والمحاصصات الضّيقة، ولو أنّه كوفئ بجائزة نوبل للسّلام سنة 2015. فاليوم اتّفاق وغدا وأمرǃ

بذرة الصّفاء والنّوايا الحسنة التي همّها مصلحة الوطن وأهله لا بدّ أن تُثمر وتينع وتُنبت في كلّ رقعة من البلاد أزهارا فواحة وثمارا لا حصر لها ولا عدّ. ما شهدنا ذلك. فبعد التّوافق والحوار الكلّ يعلم ما حصل لتونسنا من تدهور وخراب وإفلاس وانهيار للمؤسّسات. مسكينة تونس ومساكين أبناؤهاǃ

يحقّ لنا اليوم أن نرفض ما تريد جهات عدّة من منظمات وطنيّة ومجتمع مدني إحياءه من جديد ولو في نسخة جديدة لها شكل ومضمون واحد واحد واحد. إنها المبادرات مرّة أخرى وما أدراك ما المبادراتǃ كأنّ الأمر أصبح من قبيل الموضة أو "اعمل كيف جارك وإلاّ حوّل باب دارك". وما كثرة المبادرات إلاّ دليل ساطع على أنّ أصحابها ليسوا على قلب رجل واحد في سبيل مصلحة تونس. كلّ يغنّي على ليلاه. كلّ يريد الزّعامة. كلّ يريد أن يقول أنا أو لا أحد. كلّ يريد أن يسجّل اسمه ويدخل التّاريخ. هكذا يخيّل إليهم. هكذا تحدّثهم أنفسهم. هكذا يريدون ويشتهونǃ

تزعم هذه المبادرة أو تلك انقاذ تونس. ويعمل أصحابها، دون أن نستثني منهم أحدا، جاهدين على في رسكلة وجوه الخراب التي كانت السّبب الرّئيسي في مصائبنا وتبييضها. ولئن قال العلاّمة عبد الرحمان بن خلدون "العدل أساس العمران"، فإنّ الصّدق في القول والإخلاص في العمل هو العنوان الوحيد لإنقاذ تونس. ستكشف الأيّام أنّهم يكرّرون صيغ المخاتلة نفسها ويظهرون نقيض ما يبطنون. ولكنّ عزاءنا أنّ محاولات استغباء أبناء شعبنا لن تنجح لأنّ التّونسيّات والتّونسيّين أبقوهم ويستحيل أن تنطلي عليهم هذه الحيلة ثانية.

*أستاذ متقاعد

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews