إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بسبب ارتفاع الضغط الجبائي : الاستثمارات تهوي والتهرب الضريبي يلحق خسائر بأكثر من 6 مليار دينار سنويا !

تشكو المنظومة الجبائية في تونس، منذ عقود من الزمن ، عديد النقائص ، التي أثرت على الاستثمار وتنامي ظاهرة التهرب الضريبي ، وذلك رغم اتخاذ أكثر من 500 إجراء ضريبي جديد منذ عام 2011 لفائدة رجال الاعمال والمستثمرين، الا ان ارتفاع الضغط الجبائي مع نهاية العام 2020 الى أكثر من 25 بالمائة وفق بيانات حكومية رسمية ، أثر بشكل مباشر على نسق الاستثمارات بالبلاد التي تراجعت بشكل لافت بعد ان كانت نسبتها أكثر من 24.6 بالمائة سنة 2010، وكلفت الدولة خسائر ناهزت 6 مليار دينار سنويا نتيجة التهرب الضريبي من المؤسسات والافراد.

وتساهم الضرائب في تمويل ميزانية الدولة بنسبة تجاوزت 60 بالمائة، وارتفعت الايرادات بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث وصلت إلى 30 مليار دينار في عام 2019، مقابل 12,5 مليار دينار في سنة 2010، وبلغ الضغط الجبائي في العام 2019 نسبة 25.3 % وشهد ارتفاعا منذ العام 2016 ليسجل 20.8 % و21.9 % في العام 2017، وعلى الرغم من التشكيك في بعض الأرقام واعتبار الضغط الجبائي ارفع من النسب المعلنة إلا أن تونس تعد الأعلى إفريقيا في هذا المقياس.

التهرب الضريبي والتهريب الاموال

وحسب الخبير الاقتصادي والمحاسب وليد بن صالح فإن نسبة الضغط الجبائي في تونس تقترب من 35٪، فيما قدر حجم ثروات التونسيين المهربة إلى الخارج ب2,2 مليار دولار أي حوالي 6 مليار دينار، و ذلك نتيجة ارتفاع الضغط الجبائي ونقص العدالة الجبائية ، ما دفع بأصحاب الثروات في تونس الى تهريب أموالهم الى الخارج، ولإسترجاع هذه الثروات المهربة، شدد بن صالح ،على ضرورة مراجعة مجلة الصرف واضفاء مرونة اكبر على مسك العملة الصعبة بالنسبة للتونسيين من مستثمرين ورجال اعمال.

ووفق دراسة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ارتفعت نسبة الضريبة من الناتج المحلي الإجمالي في تونس بنسبة 1.6 % بين 2016 و2017، فيما أشارت الدراسة إلى أن نحو 26 بلدا إفريقيا حافظ على درجة 17.2 % خلال الفترة نفسها. ويعتبر بعض الخبراء ان نسبة الضغط الجبائي اعلى من النسب المعلنة باعتبار وجود اداءات اخرى غير معتمدة في طريقة الاحتساب.

وسجلت تونس أعلى نسبة ضغط جبائي مقارنة بمعدل دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي بلغ المعدل فيها 15.4 في المائة وأعلى كذلك من معدل دول الاتحاد الأوروبي الذي بلغ 20.2 في المئة في العام 2016.وكانت تونس من البلدان التي عولت إلى حد كبير على مواردها الداخلية وبالخصوص الموارد المالية لتمويل إنفاقها العام وقد مولت العائدات الضريبية ميزانية الدولة بمعدل 60 في المائة ما بين 1986 و2017 .

ضغط جبائي الاعلى في افريقيا

ومنذ 2011 تفاقم العجز من سنة إلى أخرى بسبب الاضطرابات الاجتماعية وحالة عدم الاستقرار السياسي، ليبلغ المعدل الحقيقي للضغط الجبائي في تونس 35,5 بالمائة، وهو المعدل الأرفع في إفريقيا، في حين أن المعدل، الذي تعلن عنه الحكومة في حدود 25,4 بالمائة بحسب ما أوضحه الخبير في المحاسبة، وليد بن صالح، مؤكدا أن المعدل المعلن من الحكومة لا يأخذ في الاعتبار سوى الضريبة المباشرة وغير المباشرة.

واثر الارتفاع المسجل من سنة الى أخرى في الضرائب الى بروز عامل خطير يتمثل في هروب المستثمرين وهو أحد أبرز الاسباب التي تجبر المستثمرين على العدول عن قرار توسيع استثماراتهم في تونس منذ عقد من الزمن ، ولم تتوفق تونس في تعبئة الاستثمارات الخارجية المباشرة المستهدفة في كامل السنة الماضية والمقدرة بنحو 3 مليار دينار لكامل 2020 ، بسبب تنامي تداعيات جائحة فيروس كورونا الذي عطل حركة تدفق الاستثمارات في كامل أنحاء العالم ومن ضمنها تونس.

ووفق ما نشرته وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي ، في بيانات حديثة ، فقد استطاعت تونس أن تستقطب خلال كامل العام الماضي 1.885 مليون دينار مقابل 2648 مليون دينار في سنة 2019 أي بتراجع لافت بنسبية 28.8 بالمائة.ومن المتوقع ان ترتفع المداخيل الجبائية للدولة لسنة 2021 بنسبة 9.7 بالمائة مقارنة بسنة 2020 لتصل الى 29725 مليون دينار (م د) مقابل 26107 م د لسنة 2020 .

وتتوزع المداخيل الجبائية، باعتبار نظام الاستخلاص، بنسبة 75 بالمائة الى مداخيل النظام الداخلي و25 بالمائة إلى مداخيل متأتية من التوريد، ويتوقع أن تزيد المداخيل الجبائية بالنظام الداخلي، بما قدره 2596 م د (13.3 بالمائة خلال 2021) ، مقابل تراجع بـ 9 بالمائة لسنة 2020 ، في حين سترتفع المداخيل الجبائية المتأتية من التوريد بـنسبة 15.6 بالمائة.

زيادة في الآداءات المباشرة للدولة

وقدرت الاداءات المباشرة في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2021 بـ 12805 د م مسجلة بذلك زيادة بـ 10 بالمائة مقارنة بسنة 2020 ، وتعود هذه الزيادة بالأساس إلى احتساب مردود الاجراءات الجبائية الجديدة المقترحة ضمن قانون المالية، علما وان الاداءات المباشرة لسنة 2021 تتميز بارتفاع مردود الضريبة على الدخل بــ9.5 بالمقارنة مع سنة 2020 وارتفاع مردود الضريبة على الشركات 11.7 بالمائة بالمقارنة مع سنة 2020.

تراجع الاستثمارات وهروب المستثمرين

وسجل المعهد في تقريره الاخير، تراجع الاستثمارات في البلاد خلال العشرية الاخيرة بسبب عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وتفاقم هذا الوضع مع وصول جائحة كوفيد -19 وتأثيرها على النشاط الاقتصادي محليًا وعالميًا.

وأشارت بيانات المعهد انه من المرجح ان تبلغ الاستثمارات خلال سنتي 2020 و2021 نسبة 13 بالمائة و14 بالمائة، مقابل 24.6 بالمائة في سنة 2010 ، مبرزا ان الاستثمار الأجنبي المباشر، شهد انخفاضًا كبيرا منذ الاطاحة بنظام السابق ليصل إلى معدل متوسط قدره 2.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4.2 بالمائة بين عامي 2000-2010.

وكشف المعهد في بيانات حديثة خسارة تونس لحصصها السوقية في الاتحاد الأوروبي، حيث انخفضت من 0.62 بالمائة في عام 2010 إلى 0.55 بالمائة في المتوسط خلال الفترة 2011-2016 ، و 0.51 بالمائة بين عامي 2017 و 2018، ومازالت التداعيات متواصلة ومستمرة مع جائحة كوفيد-19، والامر ازداد سوء بعد تسجيل زيادة في العجز التجاري الذي كان لا يراوح 7.5 بالمائة الى حدود 2011، ليرتفع الى 13.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مع موفى 2020.

وشهدت تونس منذ سنة 2011 نموا ضعيفا لم يسمح بإحداث مواطن شغل جديدة وقيمة مضافة، وكانت نسبة النمو قد استقرت لفترة طويلة قبل 2011 في حدود 4 بالمائة سنويا ، وانخفضت الى نحو 2 بالمائة سنويا، اثر ظهور الأزمة المالية سنة 2008، في حين كان لهذه الأزمة وقع شديد في مختلف أنحاء العالم وخاصة في أوروبا، الشريك الاستراتيجي لتونس، ومرت العديد من البلدان فيها بأزمة حادة وركود اقتصادي.

وأظهرت دراسات تم اعدادها منذ 2012، أن نسبة النمو الممكن تحقيقها في تونس لا تتجاوز 4 بالمائة سنويا ولبلوغ مستويات أعلى من ذلك، لابد من ارساء العديد من الاصلاحات القطاعية، ووضع استراتيجية شاملة، والى الآن لم تنفذ خطط واضحة لدفع الاقتصاد وتحقيق النمو الممكن في تونس جراء انعدام الاستقرار السياسي وغياب الرؤية والإرادة، مما أدى الى تدهور مستوى المعيشة وتفاقم البطالة وتدهور القدرة الشرائية.

ومنذ الفترة الممتدة بين 2011 و 2019، ارتفعت نسبة البطالة من 13 بالمائة من مجموع السكان النشيطين إلى 17.4 بالمائة وفق آخر تحيين لمعهد الاحصاء ، وذلك دون احتساب تأثير فيروس كوفيد – 19، اي ان النسبة أكثر من 18 بالمائة، باعتبار تأثير هذا الوباء.

تخفيف العبء الجبائي

وتشير جميع الإحصائيات ، ان تونس لم تعد قادرة عن المنافسة في المجال الصناعي، حيث يشهد هذا القطاع تراجعا كبيرا من سنة إلى أخرى منذ 15 عاما، وحسب الخبراء تفتقر تونس إلى استراتيجية صناعية طموحة، فقد ترك القطاع الخاص يتخبط بمفرده خلال ازمة كورونا ، فيما شهدت قطاعات الصناعات التقليدية، على غرار النسيج وصناعة الجلود والأحذية والصناعية الميكانيكية والالكترونية والصناعات الغذائية، تراجعا هاما نتيجة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية والامنية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية.

ويحذر خبراء المحاسبة، من أزمة مالية حادة ستعيشها بلادنا في الفترة القادمة، خاصة مع تواصل رتفاع الضغط الجبائي المسلط على الشركات والمؤسسات ، ما عمق ازمتها ودفع بالمئات من الشركات الاجنبية وعلى رأسها الشركات الطاقية الى مغادرة البلاد، وللحد من انعكاسات ذلك يشدد الخبراء على ضرورة البحث عن موارد مالية جديدة للدولة وتخفيف العبء الجبائي، في ظل عجز المؤسسات والشركات على دفع التزاماتها الجبائية في الوقت الراهن بسبب الأزمة الحادة التي خلفتها جائحة كوفيد - 19، واتخاذ الاجراءات العاجلة في شأن عدد من المؤسسات الصناعية الوطنية لانقاذها من الافلاس.

وتظل معضلة توفير موارد مالية للدولة خلال هذه الفترة صعبة ذاتيا، بالنظر الى الازمات الكبيرة التي تعيشها عدة قطاعات بفعل جائحة كورونا، الامر الذي دفع بعدد من خبراء الاقتصاد الى الدعوة بإعداد مخطط انعاش اقتصادي طارئ ينطلق العمل بداية من السنة الحالية.

وتواجه تونس ضائقة مالية غير مسبوقة مع عجز مالي بلغ 11.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020، وهو أعلى مستوى تمّ تسجيله منذ حوالي 40 سنة ، فيما تهدف ميزانية الدولة لعام 2021 إلى خفض العجز المالي في البلاد إلى 6.6%.

سفيان المهداوي

بسبب ارتفاع الضغط الجبائي : الاستثمارات تهوي والتهرب الضريبي يلحق خسائر بأكثر من 6 مليار دينار سنويا !

تشكو المنظومة الجبائية في تونس، منذ عقود من الزمن ، عديد النقائص ، التي أثرت على الاستثمار وتنامي ظاهرة التهرب الضريبي ، وذلك رغم اتخاذ أكثر من 500 إجراء ضريبي جديد منذ عام 2011 لفائدة رجال الاعمال والمستثمرين، الا ان ارتفاع الضغط الجبائي مع نهاية العام 2020 الى أكثر من 25 بالمائة وفق بيانات حكومية رسمية ، أثر بشكل مباشر على نسق الاستثمارات بالبلاد التي تراجعت بشكل لافت بعد ان كانت نسبتها أكثر من 24.6 بالمائة سنة 2010، وكلفت الدولة خسائر ناهزت 6 مليار دينار سنويا نتيجة التهرب الضريبي من المؤسسات والافراد.

وتساهم الضرائب في تمويل ميزانية الدولة بنسبة تجاوزت 60 بالمائة، وارتفعت الايرادات بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث وصلت إلى 30 مليار دينار في عام 2019، مقابل 12,5 مليار دينار في سنة 2010، وبلغ الضغط الجبائي في العام 2019 نسبة 25.3 % وشهد ارتفاعا منذ العام 2016 ليسجل 20.8 % و21.9 % في العام 2017، وعلى الرغم من التشكيك في بعض الأرقام واعتبار الضغط الجبائي ارفع من النسب المعلنة إلا أن تونس تعد الأعلى إفريقيا في هذا المقياس.

التهرب الضريبي والتهريب الاموال

وحسب الخبير الاقتصادي والمحاسب وليد بن صالح فإن نسبة الضغط الجبائي في تونس تقترب من 35٪، فيما قدر حجم ثروات التونسيين المهربة إلى الخارج ب2,2 مليار دولار أي حوالي 6 مليار دينار، و ذلك نتيجة ارتفاع الضغط الجبائي ونقص العدالة الجبائية ، ما دفع بأصحاب الثروات في تونس الى تهريب أموالهم الى الخارج، ولإسترجاع هذه الثروات المهربة، شدد بن صالح ،على ضرورة مراجعة مجلة الصرف واضفاء مرونة اكبر على مسك العملة الصعبة بالنسبة للتونسيين من مستثمرين ورجال اعمال.

ووفق دراسة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ارتفعت نسبة الضريبة من الناتج المحلي الإجمالي في تونس بنسبة 1.6 % بين 2016 و2017، فيما أشارت الدراسة إلى أن نحو 26 بلدا إفريقيا حافظ على درجة 17.2 % خلال الفترة نفسها. ويعتبر بعض الخبراء ان نسبة الضغط الجبائي اعلى من النسب المعلنة باعتبار وجود اداءات اخرى غير معتمدة في طريقة الاحتساب.

وسجلت تونس أعلى نسبة ضغط جبائي مقارنة بمعدل دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي بلغ المعدل فيها 15.4 في المائة وأعلى كذلك من معدل دول الاتحاد الأوروبي الذي بلغ 20.2 في المئة في العام 2016.وكانت تونس من البلدان التي عولت إلى حد كبير على مواردها الداخلية وبالخصوص الموارد المالية لتمويل إنفاقها العام وقد مولت العائدات الضريبية ميزانية الدولة بمعدل 60 في المائة ما بين 1986 و2017 .

ضغط جبائي الاعلى في افريقيا

ومنذ 2011 تفاقم العجز من سنة إلى أخرى بسبب الاضطرابات الاجتماعية وحالة عدم الاستقرار السياسي، ليبلغ المعدل الحقيقي للضغط الجبائي في تونس 35,5 بالمائة، وهو المعدل الأرفع في إفريقيا، في حين أن المعدل، الذي تعلن عنه الحكومة في حدود 25,4 بالمائة بحسب ما أوضحه الخبير في المحاسبة، وليد بن صالح، مؤكدا أن المعدل المعلن من الحكومة لا يأخذ في الاعتبار سوى الضريبة المباشرة وغير المباشرة.

واثر الارتفاع المسجل من سنة الى أخرى في الضرائب الى بروز عامل خطير يتمثل في هروب المستثمرين وهو أحد أبرز الاسباب التي تجبر المستثمرين على العدول عن قرار توسيع استثماراتهم في تونس منذ عقد من الزمن ، ولم تتوفق تونس في تعبئة الاستثمارات الخارجية المباشرة المستهدفة في كامل السنة الماضية والمقدرة بنحو 3 مليار دينار لكامل 2020 ، بسبب تنامي تداعيات جائحة فيروس كورونا الذي عطل حركة تدفق الاستثمارات في كامل أنحاء العالم ومن ضمنها تونس.

ووفق ما نشرته وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي ، في بيانات حديثة ، فقد استطاعت تونس أن تستقطب خلال كامل العام الماضي 1.885 مليون دينار مقابل 2648 مليون دينار في سنة 2019 أي بتراجع لافت بنسبية 28.8 بالمائة.ومن المتوقع ان ترتفع المداخيل الجبائية للدولة لسنة 2021 بنسبة 9.7 بالمائة مقارنة بسنة 2020 لتصل الى 29725 مليون دينار (م د) مقابل 26107 م د لسنة 2020 .

وتتوزع المداخيل الجبائية، باعتبار نظام الاستخلاص، بنسبة 75 بالمائة الى مداخيل النظام الداخلي و25 بالمائة إلى مداخيل متأتية من التوريد، ويتوقع أن تزيد المداخيل الجبائية بالنظام الداخلي، بما قدره 2596 م د (13.3 بالمائة خلال 2021) ، مقابل تراجع بـ 9 بالمائة لسنة 2020 ، في حين سترتفع المداخيل الجبائية المتأتية من التوريد بـنسبة 15.6 بالمائة.

زيادة في الآداءات المباشرة للدولة

وقدرت الاداءات المباشرة في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2021 بـ 12805 د م مسجلة بذلك زيادة بـ 10 بالمائة مقارنة بسنة 2020 ، وتعود هذه الزيادة بالأساس إلى احتساب مردود الاجراءات الجبائية الجديدة المقترحة ضمن قانون المالية، علما وان الاداءات المباشرة لسنة 2021 تتميز بارتفاع مردود الضريبة على الدخل بــ9.5 بالمقارنة مع سنة 2020 وارتفاع مردود الضريبة على الشركات 11.7 بالمائة بالمقارنة مع سنة 2020.

تراجع الاستثمارات وهروب المستثمرين

وسجل المعهد في تقريره الاخير، تراجع الاستثمارات في البلاد خلال العشرية الاخيرة بسبب عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وتفاقم هذا الوضع مع وصول جائحة كوفيد -19 وتأثيرها على النشاط الاقتصادي محليًا وعالميًا.

وأشارت بيانات المعهد انه من المرجح ان تبلغ الاستثمارات خلال سنتي 2020 و2021 نسبة 13 بالمائة و14 بالمائة، مقابل 24.6 بالمائة في سنة 2010 ، مبرزا ان الاستثمار الأجنبي المباشر، شهد انخفاضًا كبيرا منذ الاطاحة بنظام السابق ليصل إلى معدل متوسط قدره 2.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4.2 بالمائة بين عامي 2000-2010.

وكشف المعهد في بيانات حديثة خسارة تونس لحصصها السوقية في الاتحاد الأوروبي، حيث انخفضت من 0.62 بالمائة في عام 2010 إلى 0.55 بالمائة في المتوسط خلال الفترة 2011-2016 ، و 0.51 بالمائة بين عامي 2017 و 2018، ومازالت التداعيات متواصلة ومستمرة مع جائحة كوفيد-19، والامر ازداد سوء بعد تسجيل زيادة في العجز التجاري الذي كان لا يراوح 7.5 بالمائة الى حدود 2011، ليرتفع الى 13.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مع موفى 2020.

وشهدت تونس منذ سنة 2011 نموا ضعيفا لم يسمح بإحداث مواطن شغل جديدة وقيمة مضافة، وكانت نسبة النمو قد استقرت لفترة طويلة قبل 2011 في حدود 4 بالمائة سنويا ، وانخفضت الى نحو 2 بالمائة سنويا، اثر ظهور الأزمة المالية سنة 2008، في حين كان لهذه الأزمة وقع شديد في مختلف أنحاء العالم وخاصة في أوروبا، الشريك الاستراتيجي لتونس، ومرت العديد من البلدان فيها بأزمة حادة وركود اقتصادي.

وأظهرت دراسات تم اعدادها منذ 2012، أن نسبة النمو الممكن تحقيقها في تونس لا تتجاوز 4 بالمائة سنويا ولبلوغ مستويات أعلى من ذلك، لابد من ارساء العديد من الاصلاحات القطاعية، ووضع استراتيجية شاملة، والى الآن لم تنفذ خطط واضحة لدفع الاقتصاد وتحقيق النمو الممكن في تونس جراء انعدام الاستقرار السياسي وغياب الرؤية والإرادة، مما أدى الى تدهور مستوى المعيشة وتفاقم البطالة وتدهور القدرة الشرائية.

ومنذ الفترة الممتدة بين 2011 و 2019، ارتفعت نسبة البطالة من 13 بالمائة من مجموع السكان النشيطين إلى 17.4 بالمائة وفق آخر تحيين لمعهد الاحصاء ، وذلك دون احتساب تأثير فيروس كوفيد – 19، اي ان النسبة أكثر من 18 بالمائة، باعتبار تأثير هذا الوباء.

تخفيف العبء الجبائي

وتشير جميع الإحصائيات ، ان تونس لم تعد قادرة عن المنافسة في المجال الصناعي، حيث يشهد هذا القطاع تراجعا كبيرا من سنة إلى أخرى منذ 15 عاما، وحسب الخبراء تفتقر تونس إلى استراتيجية صناعية طموحة، فقد ترك القطاع الخاص يتخبط بمفرده خلال ازمة كورونا ، فيما شهدت قطاعات الصناعات التقليدية، على غرار النسيج وصناعة الجلود والأحذية والصناعية الميكانيكية والالكترونية والصناعات الغذائية، تراجعا هاما نتيجة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية والامنية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية.

ويحذر خبراء المحاسبة، من أزمة مالية حادة ستعيشها بلادنا في الفترة القادمة، خاصة مع تواصل رتفاع الضغط الجبائي المسلط على الشركات والمؤسسات ، ما عمق ازمتها ودفع بالمئات من الشركات الاجنبية وعلى رأسها الشركات الطاقية الى مغادرة البلاد، وللحد من انعكاسات ذلك يشدد الخبراء على ضرورة البحث عن موارد مالية جديدة للدولة وتخفيف العبء الجبائي، في ظل عجز المؤسسات والشركات على دفع التزاماتها الجبائية في الوقت الراهن بسبب الأزمة الحادة التي خلفتها جائحة كوفيد - 19، واتخاذ الاجراءات العاجلة في شأن عدد من المؤسسات الصناعية الوطنية لانقاذها من الافلاس.

وتظل معضلة توفير موارد مالية للدولة خلال هذه الفترة صعبة ذاتيا، بالنظر الى الازمات الكبيرة التي تعيشها عدة قطاعات بفعل جائحة كورونا، الامر الذي دفع بعدد من خبراء الاقتصاد الى الدعوة بإعداد مخطط انعاش اقتصادي طارئ ينطلق العمل بداية من السنة الحالية.

وتواجه تونس ضائقة مالية غير مسبوقة مع عجز مالي بلغ 11.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020، وهو أعلى مستوى تمّ تسجيله منذ حوالي 40 سنة ، فيما تهدف ميزانية الدولة لعام 2021 إلى خفض العجز المالي في البلاد إلى 6.6%.

سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews