في الوقت الذي يتابع فيه التلاميذ المسجلين في القطاع الخاص دراستهم في كنف الهدوء والاستقرار يعيش التعليم العمومي على وقع إشكاليات تكاد لا تنتهي، فبعيدا عن التجاذبات الحاصلة بين الأطراف الاجتماعية- بشقيها الأساسي والثانوي- وسلطة الإشراف عديدة هي الإشكاليات التي تواجهها مدارس كثيرة بما يؤشر إلى انقطاع عن الدراسة رغم مرور اقل من شهر على العودة المدرسية.
من هذا المنطلق جدير بالذكر أن حوالي 30 بالمائة من التلاميذ لم يلتحقوا بعد بمقاعد الدراسة بعد أن تسببت مقاطعة المعلمين النواب والمتعاقدين، للتدريس منذ بداية السنة الدراسية الحالية – وذلك احتجاجا على عدم تسوية وضعياتهم المهنية والإدارية- في عدم التحاق حوالي 390 ألف تلميذ في التعليم الابتدائي بمقاعد الدراسة وفقا لتقديرات الجامعة العامة للتعليم الأساسي التي كشفت عنها مؤخرا خلال ندوة صحفية..
إذ يبلغ عدد تلاميذ المرحلة الابتدائية في السنة الدراسية الجديدة 1 مليون و232 ألفا و600 تلميذ بما يعني أن حوالي 30 بالمائة منهم لم يلتحقوا بمقاعد الدراسة حتى الآن. أما الـ 70 بالمائة المتبقية من التلاميذ فهي ترزح على وقع إشكاليات متنوعة ومختلفة تؤشر إلى انقطاعات مدرسية متكررة بما من شانه أن يزعزع من استقرار المناخ المدرسي.
في هذا الخصوص نفذ أمس أولياء تلاميذ المدرسة الابتدائية أولاد الصلعاني التابعة لمعتمدية القلعة الكبرى، اعتصاما أمام مقرّ المدرسة، احتجاجا على النقص المُسجل في الإطار التربوي (معلم وحارس)، وبسبب اهتراء البنية التحتية للمؤسسة التربوية، وتَكدّس بقايا حضيرة بناء، من أتربة وقضبان حديدية، أصبحت تشكل خطرا على التلاميذ.
ووفقا لما نقلته أمس إذاعة "جوهرة أف أم" فقد أكدّ أحد الأولياء توقف الدروس بالمدرسة المذكورة، إلى حين توفير الظروف الملائمة للتدريس، مشيرا إلى أنّ مجموعة من الأولياء توّجهوا إلى مقرّ المندوبية الجهوية للتربية بسوسة لمقابلة المندوبة، وإيجاد حلّ سريع، لتمكين أبنائهم من العودة إلى مقاعد الدراسة في أقرب الآجال.. وعديدة هي الاعتصامات والاحتجاجات الني نفذت مؤخرا في عدد من ولايات الجمهورية على غرار جندوبة والقصرين بعد أن قام الأسبوع الماضي عدد من متساكني منطقة مقسم التراب من معتمدية حاسي الفريد، التابعة لولاية القصرين، بغلق الطريق وإضرام النّار في الإطارات المطاطيّة احتجاجاً على النّقل المدرسي المفقود، والمتهرئ إذا وجد، والذي من المفترض أن يقلّ التلاميذ المرسمين بالإعدادية السالفة الذكر..
كما قام الأولياء بمنع التلاميذ من مزاولة تعليمهم بالمؤسسة المذكورة إلى حدود توفير نقل لائق لهم..، ليتكرر السيناريو ذاته في مدارس أخرى للأسباب نفسها أو غيرها ...
من جهة أخرى وبما أن جلسة التفاوض التي انعقدت أول أمس بين جامعة التعليم الأساسي ووزارتي التربية والشؤون الاجتماعية قد انتهت دون التوصل إلى اتفاق وفق ما صرّح به المكلّف بالإعلام بالجامعة العامة للتعليم الأساسي توفيق الشابي، ليشير هذا الأخير في معرض تصريحاته الإعلامية إلى أن جامعة التعليم الأساسي قد تولت خلال الجلسة بقديم جملة من التصورات والمقترحات في ما يتعلّق بوضعية التشغيل الهشّ في القطاع والمقدرة الشرائية، وسيتم التفاعل مع كل هذه النقاط في جلسة قادمة من المرجّح أن تكون قبل 7 أكتوبر الجاري (موعد انعقاد هيئة إدارية لإتحاد الشغل)، علما وأن الجامعة العامة للتعليم الأساسي قد طالبت بتحسين المقدرة الشرائية للمدرسين وصرف مستحقاتهم المالية وإنهاء التشغيل الهش في وقت يمثل عدد المدرسين المتعاقدين ثلث العاملين في القطاع.
وأضافت الجامعة في بيان أصدرته قبيل حلول اليوم العالمي للمعلم الموافق لليوم 5 أكتوبر من كل سنة أن الظروف المعيشية للمدرسين تزداد سوءا واصفة حال المدرسة العمومية بـ"الكارثي" داعية إلى ضرورة إعادة تصنيف التدريس كمهنة شاقة وإصلاح المنظومة التربوية بشكل عميق يمس كل عناصرها.
وجددت في سياق آخر، مساندتها للمدرسين المتعاقدين العاملين في إطار التشغيل الهش معتبرة أن المربي يستقبل هذه السنة، اليوم العالمي للمعلم، في ظروف غير عادية تفرض الإقرار بحقه في مكانة اجتماعية مرموقة منددة بما وصفته عدم احترام سلطة الإشراف لمصداقية التفاوض بخصوص عدم تفعيل محاضر الجلسات المبرمة بين الطرفين.
ولفتت الجامعة العامة للتعليم الأساسي إلى أن الوزارة لا تلتزم بالانتظام في صرف مستحقات المدرسين (الساعات الإضافية والتنشيط الثقافي ومنحة الريف والمنح الشهرية للمتعاقدين) داعية إياها إلى صرف الانعكاس المالي للترقية 2020 الخاصة بمدرسي التعليم.
في هذا الخضم تختلف الإشكاليات والهدف واحد: مناخ تربوي متأزم قابل "للانفجار" في قادم الأيام بما أن الأطراف الاجتماعية تستعد للتصعيد والاعتصام للمطالبة بحقوقها، في الوقت الذي يتطلع فيه كثيرون أولهم الأولياء إلى تسوية عاجلة حتى يتسنى إنقاذ السنة الدراسية. واليوم ونحن نحتفي باليوم العالمي للمعلم يصح التساؤل بإلحاح: هل من هدنة اجتماعية في الأفق أو هل من تسوية تنصف المربي وآلاف التلاميذ؟
منال حرزي
تونس- الصباح
في الوقت الذي يتابع فيه التلاميذ المسجلين في القطاع الخاص دراستهم في كنف الهدوء والاستقرار يعيش التعليم العمومي على وقع إشكاليات تكاد لا تنتهي، فبعيدا عن التجاذبات الحاصلة بين الأطراف الاجتماعية- بشقيها الأساسي والثانوي- وسلطة الإشراف عديدة هي الإشكاليات التي تواجهها مدارس كثيرة بما يؤشر إلى انقطاع عن الدراسة رغم مرور اقل من شهر على العودة المدرسية.
من هذا المنطلق جدير بالذكر أن حوالي 30 بالمائة من التلاميذ لم يلتحقوا بعد بمقاعد الدراسة بعد أن تسببت مقاطعة المعلمين النواب والمتعاقدين، للتدريس منذ بداية السنة الدراسية الحالية – وذلك احتجاجا على عدم تسوية وضعياتهم المهنية والإدارية- في عدم التحاق حوالي 390 ألف تلميذ في التعليم الابتدائي بمقاعد الدراسة وفقا لتقديرات الجامعة العامة للتعليم الأساسي التي كشفت عنها مؤخرا خلال ندوة صحفية..
إذ يبلغ عدد تلاميذ المرحلة الابتدائية في السنة الدراسية الجديدة 1 مليون و232 ألفا و600 تلميذ بما يعني أن حوالي 30 بالمائة منهم لم يلتحقوا بمقاعد الدراسة حتى الآن. أما الـ 70 بالمائة المتبقية من التلاميذ فهي ترزح على وقع إشكاليات متنوعة ومختلفة تؤشر إلى انقطاعات مدرسية متكررة بما من شانه أن يزعزع من استقرار المناخ المدرسي.
في هذا الخصوص نفذ أمس أولياء تلاميذ المدرسة الابتدائية أولاد الصلعاني التابعة لمعتمدية القلعة الكبرى، اعتصاما أمام مقرّ المدرسة، احتجاجا على النقص المُسجل في الإطار التربوي (معلم وحارس)، وبسبب اهتراء البنية التحتية للمؤسسة التربوية، وتَكدّس بقايا حضيرة بناء، من أتربة وقضبان حديدية، أصبحت تشكل خطرا على التلاميذ.
ووفقا لما نقلته أمس إذاعة "جوهرة أف أم" فقد أكدّ أحد الأولياء توقف الدروس بالمدرسة المذكورة، إلى حين توفير الظروف الملائمة للتدريس، مشيرا إلى أنّ مجموعة من الأولياء توّجهوا إلى مقرّ المندوبية الجهوية للتربية بسوسة لمقابلة المندوبة، وإيجاد حلّ سريع، لتمكين أبنائهم من العودة إلى مقاعد الدراسة في أقرب الآجال.. وعديدة هي الاعتصامات والاحتجاجات الني نفذت مؤخرا في عدد من ولايات الجمهورية على غرار جندوبة والقصرين بعد أن قام الأسبوع الماضي عدد من متساكني منطقة مقسم التراب من معتمدية حاسي الفريد، التابعة لولاية القصرين، بغلق الطريق وإضرام النّار في الإطارات المطاطيّة احتجاجاً على النّقل المدرسي المفقود، والمتهرئ إذا وجد، والذي من المفترض أن يقلّ التلاميذ المرسمين بالإعدادية السالفة الذكر..
كما قام الأولياء بمنع التلاميذ من مزاولة تعليمهم بالمؤسسة المذكورة إلى حدود توفير نقل لائق لهم..، ليتكرر السيناريو ذاته في مدارس أخرى للأسباب نفسها أو غيرها ...
من جهة أخرى وبما أن جلسة التفاوض التي انعقدت أول أمس بين جامعة التعليم الأساسي ووزارتي التربية والشؤون الاجتماعية قد انتهت دون التوصل إلى اتفاق وفق ما صرّح به المكلّف بالإعلام بالجامعة العامة للتعليم الأساسي توفيق الشابي، ليشير هذا الأخير في معرض تصريحاته الإعلامية إلى أن جامعة التعليم الأساسي قد تولت خلال الجلسة بقديم جملة من التصورات والمقترحات في ما يتعلّق بوضعية التشغيل الهشّ في القطاع والمقدرة الشرائية، وسيتم التفاعل مع كل هذه النقاط في جلسة قادمة من المرجّح أن تكون قبل 7 أكتوبر الجاري (موعد انعقاد هيئة إدارية لإتحاد الشغل)، علما وأن الجامعة العامة للتعليم الأساسي قد طالبت بتحسين المقدرة الشرائية للمدرسين وصرف مستحقاتهم المالية وإنهاء التشغيل الهش في وقت يمثل عدد المدرسين المتعاقدين ثلث العاملين في القطاع.
وأضافت الجامعة في بيان أصدرته قبيل حلول اليوم العالمي للمعلم الموافق لليوم 5 أكتوبر من كل سنة أن الظروف المعيشية للمدرسين تزداد سوءا واصفة حال المدرسة العمومية بـ"الكارثي" داعية إلى ضرورة إعادة تصنيف التدريس كمهنة شاقة وإصلاح المنظومة التربوية بشكل عميق يمس كل عناصرها.
وجددت في سياق آخر، مساندتها للمدرسين المتعاقدين العاملين في إطار التشغيل الهش معتبرة أن المربي يستقبل هذه السنة، اليوم العالمي للمعلم، في ظروف غير عادية تفرض الإقرار بحقه في مكانة اجتماعية مرموقة منددة بما وصفته عدم احترام سلطة الإشراف لمصداقية التفاوض بخصوص عدم تفعيل محاضر الجلسات المبرمة بين الطرفين.
ولفتت الجامعة العامة للتعليم الأساسي إلى أن الوزارة لا تلتزم بالانتظام في صرف مستحقات المدرسين (الساعات الإضافية والتنشيط الثقافي ومنحة الريف والمنح الشهرية للمتعاقدين) داعية إياها إلى صرف الانعكاس المالي للترقية 2020 الخاصة بمدرسي التعليم.
في هذا الخضم تختلف الإشكاليات والهدف واحد: مناخ تربوي متأزم قابل "للانفجار" في قادم الأيام بما أن الأطراف الاجتماعية تستعد للتصعيد والاعتصام للمطالبة بحقوقها، في الوقت الذي يتطلع فيه كثيرون أولهم الأولياء إلى تسوية عاجلة حتى يتسنى إنقاذ السنة الدراسية. واليوم ونحن نحتفي باليوم العالمي للمعلم يصح التساؤل بإلحاح: هل من هدنة اجتماعية في الأفق أو هل من تسوية تنصف المربي وآلاف التلاميذ؟