في الوقت الذي يدق فيه العالم نواقيس الخطر أمام التغيرات المناخية المتسارعة تشهد بلادنا تقلص المخزون المائي في السدود حيث بلغت الموارد المائية المعبأة إلى غاية 25 سبتمبر الجاري 758 مليون متر مكعب وهو ما يمثل نسبة 32% من طاقة الاستيعاب القصوى وبنقص يتجاوز 278 مليون متر مكعب مقارنة بمعدل نفس الفترة في السنوات الثلاثة الأخيرة.
ويعود هذا النقص إلى ضعف التساقطات خلال الموسمين الماضيين و تزايد الطلب على المياه وهو ما يفرض حسب الخبراء اتخاذ عدة إجراءات قد تسهم في ترشيد الاستهلاك و الحفاظ على الثروات المائية و إيجاد حلول بديلة سواء لتنمية الموارد المائية او لحسن توظيفها في الشرب و الري.
سدود الشمال: تقلص في المخزون
تعد منظومة مياه الشمال المنظومة الأهم في توفير مياه الشرب و مياه الري و نظرا لضعف الإيرادات سجل مخزون المياه في سدود الشمال تقلصا كبيرا حيث لم تتجاوز النسبة العامة للتعبئة 37,8 % إلى حدود 25 من شهر سبتمبر الجاري.
ورغم أن هذه النسبة تعتبر أفضل مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة إلا أنها تعد نسبة ضعيفة أمام المعدل العام خلال العشرية الأخيرة. ويقدر المخزون الحالي في سد سيدي سالم اكبر سدود بلادنا ب 100,3 مليون متر مكعب وهو ما يمثل 17% فقط من طاقة استيعابه القصوى ( في حدود 685,7 مليون متر مكعب) كما تقلص مخزون المياه بسد بوهرتمة إلى حوالي 24.8 مليون متر مكعب وهو ما يمثل 22 % من طاقة الاستيعاب القصوى التي تقدر ب 115,85 مليون متر مكعب.
كما تشكو أهم السدود الموجهة لمياه الشرب بدورها من تقلص في المخزون الذي لا يتجاوز في سد بني مطير 18,5 م م مكعب اي بنسبة 30,7% وفي سد كساب 21,8 م م مكعب أي بنسبة لا تتجاوز 28,5 %.
ومع ضعف الإيرادات بسدود الشمال تواصل تقلص المخزون بعدما حافظت السحوبات اليومية على نسقها الذي يتجاوز 2,2 مليون متر مكعب.
سدود الوسط و الوطن القبلي: نسبة امتلاء لا تتجاوز 15%
رغم تحسن مخزون المياه في بعض سدود الوسط والوطن القبلي فإن نسبة التعبئة ظلت ضعيفة حيث وصلت إلى ما دون 5% في كل من الهوارب وسيدي يعيش والرمل والحمى.
وتبلغ كميات المياه المجمعة في سدود الوسط 67,7 م م مكعب أي بنسبة 15% من طاقة الخزن الجملية. أما في سدود الوطن القبلي فقد تقلصت نسبة التعبئة إلى ما دون 8,5 %.
مدير عام السدود: الأشغال ستمكن من تعبئة أكثر من 350 مليون إضافية
تبلغ طاقة الاستيعاب القصوى للمنشآت المائية في بلادنا قرابة 3000 مليون متر مكعب من المياه. وتأتي منظومة سدود الشمال كأهم المنظومات المائية في تونس بطاقة استيعاب تناهز 2340 م م مكعب ثم سدود الوسط بطاقة استيعاب 577 م م مكعب وتحتل سدود الوطن القبلي المرتبة الثالثة من حيث القدرة التخزينة للمياه والتي لا تتجاوز 73 م م مكعب.
وقد اعتبرت الإدارة العامة للسدود والأشغال المائية الكبرى ان "منظومة المياه في تونس تشكو من الاستنزاف ومن تزايد الطلب" وقال فايز مسلّم مدير عام السدود إن تونس ورغم المجهودات المبذولة "لا تزال تحتاج إلى تعبئة موارد مائية جديدة بالنظر إلى التغيرات المناخية وظاهرة انحباس الأمطار" .
وقال مسلّم إن "الأشغال التي تشهدها عدة مناطق ستمكن من تعبئة 353 مليون متر مكعب منها قرابة 200 مليون متر مكعب في سد ملاڨ الأعلى الذي قاربت فيه نسبة الأشغال 30% " وأضاف انه "سيتم قريبا الإعلان عن طلب العروض لإنجاز سد خلاد بتبرسق من ولاية باجة بطاقة استيعاب تقدر بـ45 مليون متر مكعب".
من جهة أخرى شدد المدير العام للسدود على ضرورة ان" يعي المواطن بالتحديات المطروحة أمام مشكل المياه وأن ينخرط في المجهودات الرامية إلى الحفاظ على هذه الثروة من الاستنزاف معتبرا أن بلادنا قد أولت موضوع المياه ما يستحقه ضمن الخطط الإستراتيجية الموضوعة منذ الاستقلال والتي مكنت حسب قوله في تخفيف حدة المشاكل المطروحة".
الخبير في المياه محمد صالح قلايد: ضرورة صيانة شبكات مياه الشرب ومياه الري المتقادمة والمهترئة
أمام هذه التحديات يرى الباحث والخبير محمد صالح قلايد انه "من الضروري العمل على مزيد تعبئة الموارد المائية من خلال الإسراع في استكمال بعض الأشغال كأشغال الترفيع في حاجز سد بوهرتمة والذي سيمكن من تعبئة قرابة 35 مليون متر مكعب وأشغال سد ملاڨ 2 الذي سيمكن من حماية سد ملاڨ القديم ومن تعبئة قرابة 200 مليون متر مكعب من الموارد المائية ".
على صعيد آخر دعا محمد صالح قلايد إلى"مزيد التحكم في المخزون المائي عبر حماية المنشآت المائية من الترسبات و ذلك بتكثيف عمليات التشجير" مشيرا إلى ضعف الترسبات بسد بني مطير مقارنة ببقية السدود والتي تظل حسب رأيه دون المعدل العادي للترسبات وذلك بفضل الغطاء النباتي الكثيف الذي يسهم في عملية تصفية المياه و في المحافظة على التربة من الانجراف وهو ما تفتقر إليه بقية السدود التي تجاوزت نسبة الترسبات في بعضها 50% .
ومن الخطوات الأساسية المطروحة حسب "قلايد" للحفاظ على الثروة المائية "صيانة شبكات مياه الشرب ومياه الري المتقادمة والمهترئة والتقليل من بعض الزراعات المستهلكة للمياه كالقرعيات والطماطم والفراولة وإتباع التقنيات الحديثة للاقتصاد في مياه الري".
هل تحمي مجلة المياه الموارد الجوفية من الاستنزاف؟
على صعيد آخر أشار الخبير محمد صالح قلايد إلى ما تتعرض له المياه الجوفية من استنزاف و دعا إلى الإسراع في إصدار"مجلة المياه "التي تتضمن حسب قوله " إجراءات تقطع مع الاستغلال العشوائي للموارد المائية الجوفية و تحمي هذه الثروة الوطنية من الاستنزاف (عبر الاستغلال المفرط و العشوائي) ومن التلوث (عبر ما تفرزه بعض الوحدات الصناعية و التّحويلية من مواد ملوثة في التربة)".
كما اعتبر محمد صالح قلايد أن اللجوء لتحلية المياه يظل احد الخيارات الضرورية إذا ما تواصلت الصعوبات المناخية.
وتجدر الإشارة إلى أن عديد السدود والمنشآت المائية شهدت في السنوات الأخيرة عدة صعوبات جعلت المخزون في بعضها يصل إلى أدنى مستوياته بما حتم ضخ كميات من المياه من منشآت مائية أخرى.
ابو رهام
في الوقت الذي يدق فيه العالم نواقيس الخطر أمام التغيرات المناخية المتسارعة تشهد بلادنا تقلص المخزون المائي في السدود حيث بلغت الموارد المائية المعبأة إلى غاية 25 سبتمبر الجاري 758 مليون متر مكعب وهو ما يمثل نسبة 32% من طاقة الاستيعاب القصوى وبنقص يتجاوز 278 مليون متر مكعب مقارنة بمعدل نفس الفترة في السنوات الثلاثة الأخيرة.
ويعود هذا النقص إلى ضعف التساقطات خلال الموسمين الماضيين و تزايد الطلب على المياه وهو ما يفرض حسب الخبراء اتخاذ عدة إجراءات قد تسهم في ترشيد الاستهلاك و الحفاظ على الثروات المائية و إيجاد حلول بديلة سواء لتنمية الموارد المائية او لحسن توظيفها في الشرب و الري.
سدود الشمال: تقلص في المخزون
تعد منظومة مياه الشمال المنظومة الأهم في توفير مياه الشرب و مياه الري و نظرا لضعف الإيرادات سجل مخزون المياه في سدود الشمال تقلصا كبيرا حيث لم تتجاوز النسبة العامة للتعبئة 37,8 % إلى حدود 25 من شهر سبتمبر الجاري.
ورغم أن هذه النسبة تعتبر أفضل مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة إلا أنها تعد نسبة ضعيفة أمام المعدل العام خلال العشرية الأخيرة. ويقدر المخزون الحالي في سد سيدي سالم اكبر سدود بلادنا ب 100,3 مليون متر مكعب وهو ما يمثل 17% فقط من طاقة استيعابه القصوى ( في حدود 685,7 مليون متر مكعب) كما تقلص مخزون المياه بسد بوهرتمة إلى حوالي 24.8 مليون متر مكعب وهو ما يمثل 22 % من طاقة الاستيعاب القصوى التي تقدر ب 115,85 مليون متر مكعب.
كما تشكو أهم السدود الموجهة لمياه الشرب بدورها من تقلص في المخزون الذي لا يتجاوز في سد بني مطير 18,5 م م مكعب اي بنسبة 30,7% وفي سد كساب 21,8 م م مكعب أي بنسبة لا تتجاوز 28,5 %.
ومع ضعف الإيرادات بسدود الشمال تواصل تقلص المخزون بعدما حافظت السحوبات اليومية على نسقها الذي يتجاوز 2,2 مليون متر مكعب.
سدود الوسط و الوطن القبلي: نسبة امتلاء لا تتجاوز 15%
رغم تحسن مخزون المياه في بعض سدود الوسط والوطن القبلي فإن نسبة التعبئة ظلت ضعيفة حيث وصلت إلى ما دون 5% في كل من الهوارب وسيدي يعيش والرمل والحمى.
وتبلغ كميات المياه المجمعة في سدود الوسط 67,7 م م مكعب أي بنسبة 15% من طاقة الخزن الجملية. أما في سدود الوطن القبلي فقد تقلصت نسبة التعبئة إلى ما دون 8,5 %.
مدير عام السدود: الأشغال ستمكن من تعبئة أكثر من 350 مليون إضافية
تبلغ طاقة الاستيعاب القصوى للمنشآت المائية في بلادنا قرابة 3000 مليون متر مكعب من المياه. وتأتي منظومة سدود الشمال كأهم المنظومات المائية في تونس بطاقة استيعاب تناهز 2340 م م مكعب ثم سدود الوسط بطاقة استيعاب 577 م م مكعب وتحتل سدود الوطن القبلي المرتبة الثالثة من حيث القدرة التخزينة للمياه والتي لا تتجاوز 73 م م مكعب.
وقد اعتبرت الإدارة العامة للسدود والأشغال المائية الكبرى ان "منظومة المياه في تونس تشكو من الاستنزاف ومن تزايد الطلب" وقال فايز مسلّم مدير عام السدود إن تونس ورغم المجهودات المبذولة "لا تزال تحتاج إلى تعبئة موارد مائية جديدة بالنظر إلى التغيرات المناخية وظاهرة انحباس الأمطار" .
وقال مسلّم إن "الأشغال التي تشهدها عدة مناطق ستمكن من تعبئة 353 مليون متر مكعب منها قرابة 200 مليون متر مكعب في سد ملاڨ الأعلى الذي قاربت فيه نسبة الأشغال 30% " وأضاف انه "سيتم قريبا الإعلان عن طلب العروض لإنجاز سد خلاد بتبرسق من ولاية باجة بطاقة استيعاب تقدر بـ45 مليون متر مكعب".
من جهة أخرى شدد المدير العام للسدود على ضرورة ان" يعي المواطن بالتحديات المطروحة أمام مشكل المياه وأن ينخرط في المجهودات الرامية إلى الحفاظ على هذه الثروة من الاستنزاف معتبرا أن بلادنا قد أولت موضوع المياه ما يستحقه ضمن الخطط الإستراتيجية الموضوعة منذ الاستقلال والتي مكنت حسب قوله في تخفيف حدة المشاكل المطروحة".
الخبير في المياه محمد صالح قلايد: ضرورة صيانة شبكات مياه الشرب ومياه الري المتقادمة والمهترئة
أمام هذه التحديات يرى الباحث والخبير محمد صالح قلايد انه "من الضروري العمل على مزيد تعبئة الموارد المائية من خلال الإسراع في استكمال بعض الأشغال كأشغال الترفيع في حاجز سد بوهرتمة والذي سيمكن من تعبئة قرابة 35 مليون متر مكعب وأشغال سد ملاڨ 2 الذي سيمكن من حماية سد ملاڨ القديم ومن تعبئة قرابة 200 مليون متر مكعب من الموارد المائية ".
على صعيد آخر دعا محمد صالح قلايد إلى"مزيد التحكم في المخزون المائي عبر حماية المنشآت المائية من الترسبات و ذلك بتكثيف عمليات التشجير" مشيرا إلى ضعف الترسبات بسد بني مطير مقارنة ببقية السدود والتي تظل حسب رأيه دون المعدل العادي للترسبات وذلك بفضل الغطاء النباتي الكثيف الذي يسهم في عملية تصفية المياه و في المحافظة على التربة من الانجراف وهو ما تفتقر إليه بقية السدود التي تجاوزت نسبة الترسبات في بعضها 50% .
ومن الخطوات الأساسية المطروحة حسب "قلايد" للحفاظ على الثروة المائية "صيانة شبكات مياه الشرب ومياه الري المتقادمة والمهترئة والتقليل من بعض الزراعات المستهلكة للمياه كالقرعيات والطماطم والفراولة وإتباع التقنيات الحديثة للاقتصاد في مياه الري".
هل تحمي مجلة المياه الموارد الجوفية من الاستنزاف؟
على صعيد آخر أشار الخبير محمد صالح قلايد إلى ما تتعرض له المياه الجوفية من استنزاف و دعا إلى الإسراع في إصدار"مجلة المياه "التي تتضمن حسب قوله " إجراءات تقطع مع الاستغلال العشوائي للموارد المائية الجوفية و تحمي هذه الثروة الوطنية من الاستنزاف (عبر الاستغلال المفرط و العشوائي) ومن التلوث (عبر ما تفرزه بعض الوحدات الصناعية و التّحويلية من مواد ملوثة في التربة)".
كما اعتبر محمد صالح قلايد أن اللجوء لتحلية المياه يظل احد الخيارات الضرورية إذا ما تواصلت الصعوبات المناخية.
وتجدر الإشارة إلى أن عديد السدود والمنشآت المائية شهدت في السنوات الأخيرة عدة صعوبات جعلت المخزون في بعضها يصل إلى أدنى مستوياته بما حتم ضخ كميات من المياه من منشآت مائية أخرى.