إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

النظرية العامة للانتخاب2/3 .. "بخصوص المشهد السياسي التونسي : تغيير قواعد التصويت في الانتخابات التشريعية لسنة 2022 لتصبح على المترشحين الفرديين لا القوائم "

 بقلم : الحبيب الذوادي(*)

يبدو الحديث عن نظام الاقتراع لدى البعض حديثا عن مسألة قانونية صرفة غير أن المسألة سياسية بامتياز فتونس ومنذ 2011 برز بها خطاب ينتقد نظام الاقتراع على القائمات بحجة انه يخدم مصلحة الأحزاب السياسية ويسمح بصعود نواب دون أن يكونوا معروفين أو يتمتعون بشعبية لمجرد وجودهم في إحدى المراتب الأولى على قائمات الأحزاب الكبرى وقد اعتبر البعض أن نظام الاقتراع على القائمات هو المسؤول عل حصول إحدى الأحزاب التونسية مع انتخابات 2011 على أغلبية نسبية في المجلس الوطني التأسيسي (قرابة 40% من المقاعد) في حين الاقتراع على الأفراد في دوائر صغيرة وعلى دورتين حينها كان كفيلا بالحد من حجم تمثيلية وكانت من أبرز العوامل التي دفعت إلى توجه الأغلبية اليوم إلى تفضيل تغيير نظام الاقتراع المعتمد حاليا بعد فشل منظومة الاقتراع المعتمد على القائمات منذ انتخابات سنة 2011 التي كانت بهدف إنتاج برلمان متعدد التوجهات السياسية والفكرية والثقافية يسمح حينها بتمثيله أوسع للأحزاب حتى الصغيرة منها بالبرلمان، بغرض تشريك أكبر عدد ممكن من الكيانات الحزبية والإيديولوجية في كتابة دستور جديد حينها للجمهورية التونسية الثانية .

 وما ساهم أيضا في إبراز مساوئ نظام الاقتراع على القائمات اعتمادا على النسبية مع احتساب أكبر البقايا هو في تواصل اعتماده من قبل المجلس التأسيسي نفسه لتنظيم تشريعية 2014 إذ لم يساعد على انتخاب أغلبية مريحة حزبية داخل البرلمان تسمح لها بتشكيل حكومة دون اللجوء إلى تحالفات والمثير للاستغراب هو أن الأغلبية البرلمانية آنذاك ساهمت في تفضيل نفس نظام الاقتراع في انتخابات 2019 التي أفرزت انتخاب برلمان منقسم ضعيف ومشتت رغم ثبوت فشله في صعود لون حزبي أغلبي بالبرلمان واكتفت بتعديلات بسيطة لم تمس من جوهر نظام الاقتراع مثل إقرار نظام العتبة والتشديد في شروط الترشح، الأمر الذي كان له تأثير قويا في داخل البرلمان حينها وقبل حله من خلال انتشار ممارسات سياسية سيئة مثل المحسوبية وتعاظم نفوذ اللوبيات المالية ، وشراء الذمم وتعطل وظيفة التشريع وغيرها بما انه اقترع فاسد ويسمح للأحزاب التلاعب بأصوات الناس إذ يتم وعدهم بأشياء ثم يتم التنكر لهم في حال انتخابهم، إلا انه من محاسن هذا النظام أنه ساهم على الحفاظ على تمثلية محترمة للمرأة في البرلمان ناهزت 36 % في انتخابات 2014 و23 % في انتخابات 2019 مع صعود فئة الشباب ، وتمكين مختلف الأصناف من أن تكون عنصرا فعالا في الحياة السياسية ، غير أن هذا التنوع عطّل عمليات التوافق سواء في التصويت على مشاريع القوانين أو تشكيل الحكومات ومن ثم فان دور وعي المواطن والتحلي بروح المواطنة اليوم سيكون سدا منيع أمام محاولات عودة منظومة ما قبل 24 جويلية في أشكالها المختلفة ،فلا خوف على المسار الإصلاحي لأنه محمي من قبل إرادة الشعب لان المواطن أصبح اليوم واعيا بتكتيك وسيناريوهات اللوبيات الفاسدة الساعية لإفشال المسار وإرباكه بمحاولتهم تضييق العيش على المواطن عبر الاحتكار وترفيع الأسعار، وبث الفوضى والاستنجاد بالأجنبي.... فلن يحول كل ذلك دون إرساء مقومات الإصلاح وتأسيس دولة التونسيين ، مع ضرورة وجود تمثيلية أكثر للمرأة وللشباب المتعين اليوم على جميع الأصعدة .

رغم التقاليد الانتخابية التي ترسخت لدى التونسيين والتي ارتكزت لسنوات على الاقتراع على القوائم بشكل ينسجم مع الثقافة السياسية القائمة على الأحزاب ورغم مواصلة العمل به بعد الثورة التونسية إلا أن رئيس الجمهورية قيس سعيد كشف أن التصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة خلال شهر ديسمبر 2022 ستكون في دورتين وعلى الأفراد وليس على القائمات بحسب نتائج الاستشارة الوطنية الالكترونية حول نظام الاقتراع المفضل التي أفرزت اختيار

70.7 % من المشاركين نظام الاقتراع على الأفراد في حين فضل 21.8% نظام الاقتراع على القوائم وذلك بإشراف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتركيبة مغايرة ، بعد أن يقول الشعب كلمته بخصوص الدستور الجديد والنظام السياسي خلال استفتاء 25/07/2022 وكان ذلك خلال زيارته لضريح الزعيم الحبيب بورقيبة في أفريل حينها 2022.

 (*)باحث وناشط في الحقل الجمعياتي

 بمدينة بنزرت

 

النظرية العامة  للانتخاب2/3 .. "بخصوص  المشهد السياسي  التونسي : تغيير قواعد التصويت  في الانتخابات  التشريعية  لسنة 2022  لتصبح على المترشحين  الفرديين لا  القوائم "

 بقلم : الحبيب الذوادي(*)

يبدو الحديث عن نظام الاقتراع لدى البعض حديثا عن مسألة قانونية صرفة غير أن المسألة سياسية بامتياز فتونس ومنذ 2011 برز بها خطاب ينتقد نظام الاقتراع على القائمات بحجة انه يخدم مصلحة الأحزاب السياسية ويسمح بصعود نواب دون أن يكونوا معروفين أو يتمتعون بشعبية لمجرد وجودهم في إحدى المراتب الأولى على قائمات الأحزاب الكبرى وقد اعتبر البعض أن نظام الاقتراع على القائمات هو المسؤول عل حصول إحدى الأحزاب التونسية مع انتخابات 2011 على أغلبية نسبية في المجلس الوطني التأسيسي (قرابة 40% من المقاعد) في حين الاقتراع على الأفراد في دوائر صغيرة وعلى دورتين حينها كان كفيلا بالحد من حجم تمثيلية وكانت من أبرز العوامل التي دفعت إلى توجه الأغلبية اليوم إلى تفضيل تغيير نظام الاقتراع المعتمد حاليا بعد فشل منظومة الاقتراع المعتمد على القائمات منذ انتخابات سنة 2011 التي كانت بهدف إنتاج برلمان متعدد التوجهات السياسية والفكرية والثقافية يسمح حينها بتمثيله أوسع للأحزاب حتى الصغيرة منها بالبرلمان، بغرض تشريك أكبر عدد ممكن من الكيانات الحزبية والإيديولوجية في كتابة دستور جديد حينها للجمهورية التونسية الثانية .

 وما ساهم أيضا في إبراز مساوئ نظام الاقتراع على القائمات اعتمادا على النسبية مع احتساب أكبر البقايا هو في تواصل اعتماده من قبل المجلس التأسيسي نفسه لتنظيم تشريعية 2014 إذ لم يساعد على انتخاب أغلبية مريحة حزبية داخل البرلمان تسمح لها بتشكيل حكومة دون اللجوء إلى تحالفات والمثير للاستغراب هو أن الأغلبية البرلمانية آنذاك ساهمت في تفضيل نفس نظام الاقتراع في انتخابات 2019 التي أفرزت انتخاب برلمان منقسم ضعيف ومشتت رغم ثبوت فشله في صعود لون حزبي أغلبي بالبرلمان واكتفت بتعديلات بسيطة لم تمس من جوهر نظام الاقتراع مثل إقرار نظام العتبة والتشديد في شروط الترشح، الأمر الذي كان له تأثير قويا في داخل البرلمان حينها وقبل حله من خلال انتشار ممارسات سياسية سيئة مثل المحسوبية وتعاظم نفوذ اللوبيات المالية ، وشراء الذمم وتعطل وظيفة التشريع وغيرها بما انه اقترع فاسد ويسمح للأحزاب التلاعب بأصوات الناس إذ يتم وعدهم بأشياء ثم يتم التنكر لهم في حال انتخابهم، إلا انه من محاسن هذا النظام أنه ساهم على الحفاظ على تمثلية محترمة للمرأة في البرلمان ناهزت 36 % في انتخابات 2014 و23 % في انتخابات 2019 مع صعود فئة الشباب ، وتمكين مختلف الأصناف من أن تكون عنصرا فعالا في الحياة السياسية ، غير أن هذا التنوع عطّل عمليات التوافق سواء في التصويت على مشاريع القوانين أو تشكيل الحكومات ومن ثم فان دور وعي المواطن والتحلي بروح المواطنة اليوم سيكون سدا منيع أمام محاولات عودة منظومة ما قبل 24 جويلية في أشكالها المختلفة ،فلا خوف على المسار الإصلاحي لأنه محمي من قبل إرادة الشعب لان المواطن أصبح اليوم واعيا بتكتيك وسيناريوهات اللوبيات الفاسدة الساعية لإفشال المسار وإرباكه بمحاولتهم تضييق العيش على المواطن عبر الاحتكار وترفيع الأسعار، وبث الفوضى والاستنجاد بالأجنبي.... فلن يحول كل ذلك دون إرساء مقومات الإصلاح وتأسيس دولة التونسيين ، مع ضرورة وجود تمثيلية أكثر للمرأة وللشباب المتعين اليوم على جميع الأصعدة .

رغم التقاليد الانتخابية التي ترسخت لدى التونسيين والتي ارتكزت لسنوات على الاقتراع على القوائم بشكل ينسجم مع الثقافة السياسية القائمة على الأحزاب ورغم مواصلة العمل به بعد الثورة التونسية إلا أن رئيس الجمهورية قيس سعيد كشف أن التصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة خلال شهر ديسمبر 2022 ستكون في دورتين وعلى الأفراد وليس على القائمات بحسب نتائج الاستشارة الوطنية الالكترونية حول نظام الاقتراع المفضل التي أفرزت اختيار

70.7 % من المشاركين نظام الاقتراع على الأفراد في حين فضل 21.8% نظام الاقتراع على القوائم وذلك بإشراف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتركيبة مغايرة ، بعد أن يقول الشعب كلمته بخصوص الدستور الجديد والنظام السياسي خلال استفتاء 25/07/2022 وكان ذلك خلال زيارته لضريح الزعيم الحبيب بورقيبة في أفريل حينها 2022.

 (*)باحث وناشط في الحقل الجمعياتي

 بمدينة بنزرت

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews