إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

طوفان "قوارب الموت" يتصاعد.. "الصباح" تعاين وتنقل قصصا مؤلمة لـ"حارقين" نحو الفضاء الأوروبي

الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والاجتماعية لـ"الصباح ": الدولة التونسية ليس لديها استراتيجية وطنية واضحة  فيما يتعلق بالهجرة غير النظامية .

 تونس-الصباح

طوفان من قوارب الهجرة الغير النظامية انطلقت من تونس في اتجاه  الفضاء الاوروبي وتحديدا نحو السواحل الايطالية حوالي 8 آلاف مهاجر بين تونسي واجنبي وتحديدا من جنسيات افريقية وصلوا إلى الأراضي  الإيطالية انطلاقا من تونس منذ بداية السنة الحالية 2022 . رقم مفزع  يكشف عن عمق الازمة الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها بلادنا ، ازمة افقدت التونسي الأمل في غد أفضل،  حالة من الاكتئاب والاحباط العميق يعيش على وقعها كل الفئات الإجتماعية وكل الأعمار بسبب انقطاع السبل من بطالة وارتفاع في الأسعار وفقدان العديد من المواد الأساسية، أسباب جعلت حياة المواطن صعبة بل ومرهقة الى أبعد الحدود.

والملف للانتباه ان قوارب الموت لم تعد حكرا على الشباب بل باتت  تشمل أيضا الكهول والأطفال والفتيات والحوامل عائلات بأكملها باتت تجازف بحياتها فتركب المجهول تركب زوارق قد تصل الى ايطاليا وقد تغرق في عرض البحر، أفراد يحالفهم الحظ فتم انقاذهم واخرين ينتشلون بعد فوات الاوان.

فوفق رمضان بن عمر الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لـ"الصباح " فان عدد الواصلين إلى إيطاليا يعد بالآلاف وهو يقارب اليوم 8 آلاف مهاجر فيما تم احباط وصول قرابة 13 الفا.

وبين بن رمضان ان الأرقام تضاعفت مقارنة بالسنوات الفارطة حيث كشفت إحصاءات المنتدى  ارتفاع أعداد المهاجرين التونسيين غير النظاميين أخيرا، بالمقارنة مع الأعوام المنقضية إلى إيطاليا 858 سنة 2019، و5655 سنة 2020.

ووفق المصدر ذاته، أصبحت الجنسية التونسية تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الواصلين إلى السواحل الإيطالية بنسبة 18 بالمائة بعدما كانت في المرتبة الثالثة في النصف الأول من السنة الحالية، وقُدّر عدد القُصّر التونسيين الواصلين إلى إيطاليا بـ1242 وعدد الأسر الواصلة بـ300 منذ بداية 2022.

وبالنسبة لعدد النساء المهاجرات بطرق غير نظامية انطلاقا من تونس فقد تجاوزت 29 ألف ، إذ اعتبر ان أسبابا اقتصادية واجتماعية وثقافية، دفعت المرأة إلى المشاركة في الهجرة غير النظامية.

واضاف بين عمر أنّ الدولة التونسية ليس لديها استراتيجية وطنية واضحة  فيما يتعلق بالهجرة غير النظامية .

وبيّن، الناطق الرسمي باسم المنتدى، أن مشروع الهجرة لم يعد حكرا على بعض الفئات والاعمار بل اصبح يشمل كل  التونسيين بصرف النظر عن الفئات المشاركة فيه حيث لم تعد الهجرة غير النظامية مرتبطة بأسباب اقتصادية واجتماعية فقط موضحا أن الأبعاد اختلفت وأكثرها تأثيرا البعد الاقتصادي.

 

حنان قيراط

مدنين: 123عملية هجرة غير نظامية..بمشاركة 895 تونسيا.. والقبض على 7 عناصر متطرفة 

 

مدنين -الصباح

تعرف سواحل ولاية مدنين بصفة متواترة عمليات هجرة غير نظامية او  ما يسمى بـ"حرقة"  نحو السواحل الاوروبية ،عمليات تسبقها استعدادات وتحضيرات يشارك فيها منظمين ووسطاء .

واكد عدد من المتابعين لهذه العمليات لمراسل "الصباح" بولاية مدنين ان  الحرقة اصبحت عبارة عن تجارة فيها سماسرة ووسطاء واسعار تخصع للعرض والطلب. اموال تدفع من قبل الراغبين في اجتياز الحدود البحرية سواء كانوا تونسيين او أفارقة رغم علمهم بالمخاطر التي تنتظرهم على مراكب الموت  في اتجاه الفضاء الاوروبي وتحديدا نحو السواحل الايطالية .

123 عملية هجرة غير نظامية منذ بداية السنة

ومتابعة لعمليات الهجرة الغير نظامية من قبل اقليم الحرس الوطني بالجنوب والذي يرجع له بالنظر المنطقة البحرية بقابس والمنطقة البحرية بجزيرة جربة والمنطقة البحرية بجرجيس خلال الفترة المتراوحة بين غرة جانفي 2022 إلى غاية 28 اوت 2022بلغ عددها 123وبلغ عدد المجتازين 1639منهم 895  تونسيا وبلغ عدد المنظمين لهذه العمليات 44 منهم 43 تونسيا و01 أجنبي بحسب المتحدث باسم الحرس الوطني حسام الجبابلي لمراسل "الصباح" بولاية مدنين .

ذات المصدر اضاف ان عدد الوسطاء بلغ 07 منهم 06 تونسيين وان عدد المفتش عنهم 22، مضيفا انه تم  ايقاف 07 عناصر متطرفة كانوا يحاولون اجتياز الحدود خلسة .

المجتمع المدني يطلق ناقوس الخطر

وفي سياق متصل ولرصد اراء ومواقف المتابعين لظاهرة الهجرة الغير نظامية رصد مراسل "الصباح" بولاية مدنين بعض الاراء حيث افادتنا نجاة الاخضر ناشطة جمعياتية، ان الهجرة غير النظامية هي في الحقيقة "حُرقة" في قلوب الأهل والأقارب والأصدقاء قد لا يُدرك وقعها القاسي من اختار قوارب الموت بحثا عن غد أفضل أو "الجنة الموعودة" هربا من وضع معيشي صعب في ظل ظرف اقتصادي واجتماعي وسياسي غير مستقر وطبقة سياسية جرفتها الصراعات وتصفية الحسابات بعيدا عن المشاغل الحقيقية للمواطن. وأضافت بالقول" المُهاجر راكب أمواج البحر ترك وراءه أسرة مكلومة ولم يعد يؤثّر فيه دموع الأم ولوعة الأب ووجع الحبيب، قلبه لا يتأثّر بالندم أقول هذا عن دراية نظرا لاحتكاكي ببعض من حاولوا الهجرة ولم يسعفهم الحظ أو من تمكّنوا من الوصول إلى الضفة الأخرى، الجميع غير نادم عن المحاولة !!."

وشددت بالقول" اليوم لا يوجد حومة أو حي لم يهجره شبابه وصرنا نعيش على وضع الترقّب من التالي؟ كل يوم تأتينا الأخبار تباعا عن مغادرة هذا وذاك وغرق وانتشال جثث وأجساد كان جوف البحر قبرهم..ولا أعتقد بأن الوضع سيتغيّر في المستقبل القريب في ظل غياب حلول لظاهرة البطالة خاصة بطالة أصحاب الشهائد العليا المعطّلين عن العمل والذين للأسف تخسرهم تونس بعد أن صرفت على تعليمهم واستثمرت فيهم ليبنوا مستقبل البلاد إلا أنهم اليوم اما ان يكون الموت مالهم أو ان يساهموا في تعمير بلدان أخرى مستفيدة بدرجة أولى من هجرتهم فهم يد عاملة بأجور بخسة ودون تغطية اجتماعية ومسلوبي الحقوق."

واردفت الناشطة في المجتمع المدني "أنا أيضا معطّلة عن العمل لسنوات ولكنّني لم أفكّر يوما في الهجرة غير النظامية رغم فرص التشغيل الضعيفة أو المعدومة إلا أنّني لم أيئس من البحث كغيري من الشباب الذي يصرّ على حقّه في شغل يحفظ الكرامة والعيش الكريم ليس عبر شركات أهلية أو عقود شغل هشّة مهينة فهذه الحلول الرقيعة في اعتقادي هي سبب من أسباب ركوب البحر دون خوف أو ندم أو التفاتة إلى الوراء عندما يتنصّل المسؤولين من مسؤولياتهم تكون النتيجة هجرة غير نظامية بلا توقّف."

واكدت ان الهجرة غير النظامية شهدت في السنوات الأخيرة بولاية مدنين  توسّعا غير مسبوق إذ شملت الموظّف والمراهق والنساء والفتيات واسر بأكملها فالزوج والزوجة والأبناء في نفس القارب يشقون طريقهم نحو المجهول!!

وابرزت قائلة "هذا في اعتقادي خطير جدا، وخوفي الحقيقي بأننا سنستفيق يوما ما، وقد يكون هذا اليوم أقرب ممّا نعتقد، على تهرّم سكّاني وبالتالي لا يد عاملة ولا كفاءات وقد نحتاج إلى المهاجرين واللاجئين كيد عاملة بديلة."

واعتبرت ان موضوع الهجرة غير النظامية يحتاج إلى تحليل عميق من مختصين في علم النفس والاجتماع لدراسة علمية للأسباب وهبّة جماعية من جميع الأطراف المتداخلة من سياسيين ومجتمع مدني وإعلام،.. كل في مجال تدخّله واختصاصه ويبقى الأهم، وفق قولها، القيام بإصلاحات اجتماعية واقتصادية عاجلة ووضع سياسات تشغيلية مستعجلة لفتح الآفاق أمام الشباب الذي فقد الأمل في أن يحقّق الشعار الذي رفعه في ثورة 2011 "شغل، حرية، كرامة وطنية".

ومن جهته أكد الاستاذ مصباح مارس وهو ناشط وحقوقي فقد اكد أن الهجرة غير الشرعية أو ركوب قوارب الموت أو المصطلح الرائج مجتمعيا "الحرقة" ظاهرة موغلة في الزمن ومتعددة الوجهات وتتعلق بالولوج الى دول ذات وضعية اقتصادية أفضل وضعت قيودا لسفر التونسي لها والاقامة بها.

وقد أبرز ان الاسباب الاقتصادية من الاسباب الرئيسية للهجرة غير قانونية منذ بدايتها ولازالت ولكن العشريتين الأخيرة شهدت اهمية العامل النفسي الذي يمكن اختزاله في حالة الاحباط وغياب الأمل من المستقبل الذي يدفع لهجرة حتى من يتمتع بمورد رزق محترم من الشباب وحتى الكهول ورغم ادراكهم ان المعيشة في الفضاء الاوروبي صعبة وأبعد ما تكون عن الجنة التي يبحثون عنها.

وتبقى الشهادات الحية لمن خاضوا تجربة "الحرقة" عبر قوارب الموت أهم ما يمكن التعويل عليه لمواجهة الآفة في ظل فشل تعاطي المنظومة القانونية تشريعا وتطبيقا ...

وكشف محدثنا ان شهادات البعض من "الحراقة" ضمن ملفات قضائية أو حتى خارجها ضمن دائرة الصداقات والقرابة ممن فشلوا في الوصول الى الفضاء الاوروبي ومن هددت حياتهم ونجوا من الموت تقدم وقائع مروعة ومرعبة تتعدد تفاصيلها ولكنها تتحد في ما يمكن اختصاره  برعب مواجهة الموت وتصلح لصياغة سيناريوهات لافلام درامية ..كما لا تقل اهمية شهادات من وصلوا للفضاء الاوروبي وفشلوا سواء عادوا أو لازالوا فلا عمل أو استقرار بل اصبحوا من سكان الشوارع ويحترفون التسول بعد أن عانوا من استغلال وابتزاز وتحيل بني وطنهم في ديار الغربة وقلة منهم من استقرت احواله..

واعتبر ان  الظاهرة لن تعالج طالما المجتمع الدولي غير متضامن في معالجتها، والجانب الغربي غير متحمل لمسؤوليته عن الفقر والشلل الاقتصادي لدول  المهاجرين بابتزاز ثرواتهم وبالاتفاقيات الاستعمارية  مكتفيا بتقديم مساعدات امنية لدعم المعالجة الامنية من دول وفضاءات العبور وكانها حارسة لحدوده .

شهادات صادمة

الاستاذ عبد العزيز لغزال ناشط في المجتمع المدني بمدنين ورجل ثقافة قدم العديد من الشهادات الصادمة وقصص واقعية كان قد عايشها منها حكاية شاب من عائلة متوسطة الحال فقد أسرّ ذات ليلة لأمه أنّه ينوي "الحرقة".. لم تتعجب الأم ولم ترفض الرّأي والمقترح لا بل اقتنعت أن المستقبل الزاهر سيكون في الغرب ...نبّهها ألا تعلم والده لأن هذا الأخير كان رافضا الأمر برمّته فقد التاع العديد من جيرانه وأبناء بلدته جراء هذه المغامرة ...جمع الولد بعض ما ادخر وباعت الأم البعض مما تملك من مصوغها وخفّض له منظم الرحلة التسعيرة باعتبار أنه أقنع ثلاثة آخرين من أبناء الحي ...

وجاء اليوم الموعود وتحت جناح الظلام تسلل صحبة رفاقه كل ذلك تم على احسن وجه والأب لا يعلم بشيء ..لم تنم الأم ليلتها وقد وضعت هاتفها تحت المخدة في انتظار البشرى بشرى الوصول الى بر الأمان ...

مرّ اليوم الأول ولم يصلها أي خبر تعاظم خوفها وظلت تدعو لابنها ...وعند موعد أخبار الثامنة تسمرت الأم أمام الشاشة الصغيرة كان حدسها  - وحدس الأم لا يخطئ عادة - يخبرها سرا أن أمرا ما حصل... لقد أعلن المذيع أنّ حرس الحدود قد انقذوا مجموعة من "الحرّاقة" وهناك خمسة مفقودون يجري البحث عنهم ... تسمرت الأم في مكانها حاولت أمام زوجها أن تخفي اضطرابها وعاودها الأمل أن يكون ابنها من الناجين ...ومر اليوم الثّاني ولا أخبار سارة حينها انهارت فبكت بكاء الأم الثكلى وأخبرت الزوج بلأمر واعتذرت له ..وهل يصلح الاعتذار ما حصل ؟

وفي صبيحة اليوم الثالث رنّ هاتفها انه رقم مجهول ..سلمت الهاتف لزوجها وهربت نحو احدى الغرف ..تشجع الأب وتلقى المكالمة انه صوت ابنه يخاطبه من المستشفى ليروي له ما حدث والعبارات تقطع صوته ... فرح الاب وأخبر الزوجة وشدا الرحال نحو صفاقس.....

اما القصة الثانية فقد رواها لنا والد أحد الشبان اذ قال ان ابنه يشتغل بعمل قار وان اجرته الشهرية تتجاوز الألف دينار وقد انطلق في بناء مسكن ..الا انه اعتبر ان البناء والتجهيز وجمع مال والزواج سيتطلب الكثير من الوقت والعمل ...فقرر الحرقة ولم يعلم أبويه بالأمر إلا عندما وصل لنبيدوزا ... يقول الأب لقد غضبت واضطربت ولعنت الحظ والشيطان وقطعت المكالمة غير اني في النهاية رضيت بحكم الله وها أن ابني متواجد بفرنسا وعمله غير مستقر يعيش في خوف متواصل من القاء القبض عليه واعادته الى تونس ...

قصص عديدة موجعة تحيلنا على ضرورة اهتمام المختصين  والسياسيين بهذه المسألة الحارقة التي تحولت من ظاهرة اجتماعية إلى ثقافة شبابية جديدة من خلال عرض اشرطة مصورة حول مآسي البحر وحول الظروف التعيسة التي يعيشها " الحرّاقة " في الغربة من اهانة وفقر ..ولا ننسى ان على السياسيين ان يحولوا تونس الى بلد مرغب لا منفّر للشباب.

ميمون التونسي

 

بنزرت: طريق الحرقة سالكها مفقود او مطرود.. وقليله مولود

بنزرت-الصباح

في اقصى نقطة من شمال افريقيا تمتد سواحل جهة بنزرت على طول 200 كم مثلت محور نشاط ومصدر رزق الآلاف من العائلات قبل ان تتحول تدريجيا الى نقطة انطلاق رحلات الابحار خلسة نحو السواحل الايطالية التي لا تبعد سوى 137 ميل بحري والمؤكد ان «الحارق " يعلم ان مصيره سيكون بين مفقود  او مطرود  وبنسبة قليلة مولود حين ينجح في الحصول على اوراق الاقامة والعودة بالسيارة الفارهة وضمان حياة كريمة  عجز عن تحقيقها  في بلادنا.

داخله مفقود 

 حسب المعطيات التي استقتها "الصباح" من مصادر مختلفة ، فان الوحدات الامنية والعسكرية تحبط سنويا ما بين 180-200 محاولة للإبحار خلسة انطلاقا من سواحل بنزرت احيانا في المهد وحتى على مقربة من خطوط التماس مع الحدود الدولية  وتضم هذه "الحرقات" غالبا شبان تونسيين الذكور من معتمديات بنزرت الشمالية ، العالية ، منزل جميل ، راس الجبل وكل الطبقات الاجتماعية بحثا عن مستقبل افضل ، هروبا من احكام سجنية فيما يبحث اخرون عن التجمع العائلي او المغامرة حيث شارك احد أبناء بنزرت الاثرياء في 06  محاولات من اجل المتعة كما تشهد الطريق البحرية  الرابطة بين بنزرت والسواحل الايطالية عبور "حرقات جزائرية  بعضها في " شقف " متهالك ..وقد انقذت فرق الحرس البحري ببنزرت وجيش البحر خلال السنتين الماضيتين اكثر من 200 تونسي و37 جزائري وعدد قليل من حاملي جنسيات أخرى افريقية واسيوية  من الهلاك بعد ان تقطعت بهم السبل بين الازرقين البحر والسماء  كما لفظت شواطئ الجهة  بداية سنة 2021  عدد06 جثث لحارقين جزائريين و04 من  اصول افريقية جنوب الصحراء لكن هذه المخاطر  والمآسي لم تمنع  تكرار المحاولات  فنهاية الاسبوع الماضي  سيطرت وحدات الحرس البحري ببنزرت على  07 قوارب هجرة سرية انطلقت من شواطئ معتمديات راس الجبل ، بنزرت الشمالية والجنوبية على متنها 78 شاب و06 اطفال وفتاة من ضمنهم 12 مفتش عنه ..

ويصل سنويا  ما بين  900 الى 950 حارقا بأمان الى السواحل الاوروبية انطلاقا من شواطئ بنزرت بعد تحضيرات شاقة وتدخل وسطاء في مراحل متعددة  لكن بعد تطور اساليب "الحرقة " انتفى دور الوسيط واصبحت  المحاولة سهلة اذ يكفي اختمار الفكرة تحت تأثير الأصدقاء او المواد المخدرة ووجود  جهاز الملاحة عبر الاقمار الصناعية وسترات نجاة وقارب مها كان حجمه لدخول البحر ثم مشاركة المغامرة على مواقع التواصل الاجتماعي التي ضجت خلال الاسابيع الماضية بـفيديوهات شبان واسر على متن قوارب في رحلات تتحول احيانا  الى معاناة وحتى مأساة  اخرها  فقدان الاتصال بـ25 شاب من معتمديات  منزل جميل وبنزرت الجنوبية تضاربت الاخبار حول مصيرهم بين تأكيد ناشط تونسي في مجال الهجرة  مقيم بايطاليا غرقهم ومبشر وجودهم بأحد الموانئ المالطية ليشيع الفرح  لو لساعات  في صفوف الاسر  المكلومة ..

 خارجه مولود

لمزيد التعمق في الموضوع اتصلت "الصباح" بالشاب (م ح )  31 سنة ،اعزب ، مؤهل تعليمي متوسط مقيم عادة  في مدينة بنزرت اين اشتغل بمجالات عديدة دون ضمان الاستقرار المادي  قبل ان تخامره فكرة "الحرقة" ويغادر يوم 16 اوت 2022 رفقة ثلاثة اصدقاء على متن  مركب  طوله  3.90 متر بمحرك قوة 20 حصان استهلك 120 لتر من البنزين لقطع 140 ميل بحري انتهت في ميناء مرسالا تراباني الايطالية وقد بلغت تكاليف  العملية 10 آلاف  دينار لشراء القارب والمحروقات  400 دينار مصاريف مختلفة اضافة الى 600 اورو تكاليف الاعاشة والتنقل بالقطار من صقلية  الى روما ثم  ميلانو اين استقبلهم تونسي  مقيم بايطاليا سلمهم مبلغ مالي ونسق مع وسيط  محلي نقلهم عبر المسالك الوعرة الى فرنسا اين يقيم محدثنا حاليا في العاصمة  باريس فيما توجه  صديقاه الى طولون لتنطلق رحلة الاندماج التي تتطلب  الحصول على مقر للسكنى وهي عملية صعبة في ضل القوانين السائدة في الدولة الاوروبية  وحسب محدثنا فقد تمكن من ضمان غرفة في انتظار دخول معمعة البحث عن عمل بعد تدخلات من تونس وخارجها ..

الاندماج أصعب من الحرقة

معمعة عاشها ابن بنزرت (محمد علي ع ) 38 سنة  تقني سامي في الاعلامية  بلغ  ايطاليا بلاد الجمال والآمال قصد  العيش في مجتمع منغلق يحمل اصلا  فكرة سيئة على الوافدين من شمال افريقيا brutta figura لكن مساعي الاندماج لم تكن سهلة في مدينة ميلانو اين اقام لفترة قصيرة قبل ان يرحل الى جنوة اين كانت الامور افضل .."لتفرض الاحترام في بلاد الناس يجب ان تمتلك بعض المهارات والمهن وتتقن المفردات الاساسية للغة وان تحترم التقاليد السائدة وتحافظ على مظهر لائق وتلتزم بالقوانين وتبتعد عن التجمعات والمناطق المشبوهة وان يبتعد عن السلوكيات الخطيرة وان يقلل  الاختلاط بأبناء  بلده ولو كانوا من نفس الحي "هكذا اكد محمد علي مضيفا" على المغترب ان يضع خطط مختلفة للعيش مع او بدون معارفه  و يحبذ الإقامة في مدن صغيرة او مينائية قوانينها غير صارمة مع المهاجرين عكس  ميلانو وبادوفا وبولونيا طورينو ومودنا  اين تكثر الاغراءات  ويصبر على الجوع والبرد  القاسي  ويعمل بجد  مع الحرص على تأكيد اقامته عبر بطاقات التنقل والدخول الى الملاعب او الملاهي مع تحين فرص تسوية وضعية الإقامة  على مفتاح الجنة وضمان المستقبل نهائيا..

آلية تونسنا لادماج العائدين

في كل الأحوال وحتى ان تعذر الاندماج وطرد المهاجر او عاد طوعا لأرض الوطن لسبب او لآخر فإمكانه التسجيل بالية الادماج " تونسنا " الممولة أوروبيا والتي تمكنه وفق ضوابط محددة أهمها  الجنسية التونسية ، بلوغ 18 سنة ، عدم الحصول على شهادة إقامة دائمة  في دولة أوروبية ،العودة من دول فرنسا، المانيا ، سويسرا او هولندا قبل 12 شهر والإقامة في البلدان الأوروبية المذكورة اكثر من 06 اشهر  مع عدم الحصول على مساعدات اجتماعية او اقتصادية في اطار برنامج مشابه مثل  erin –errin   -ofii –giz –fedasil –oim .. ويحصل المهاجر العائد بعد الموافقة على ملفه على مساعدات اجتماعية ومرافقة  صحية وحتى نفسية ان تطلب الامر إضافة الى بعث مشاريع للحساب الخاص وقد مكنت الالية الجديدة 12 مهاجرا من أبناء بنزرت من خط صفحة جديدة في حياتهم في انتظار استكمال إجراءات الموافقة على 21 مطلبا مماثلا.

 

ساسي الطرابلسي

 

صفاقس..جويلية حطم كل الأرقام بـ180 "حرقة" و3000 مجتاز

 صفاقس-الصباح

تشهد السواحل البحرية في الفترة الأخيرة عمليات هجرة غير نظامية متواترة وغالبا ما يقع الإعلان عن إحباط عمليات "حرقة" من طرف وحدات الحرس البحري التي وصفت هذه الإحصائيات بالقياسية خاصة خلال شهري جويلية وأوت من هذه السنة .

 ضبط 23 عملية"حرقة" وإنقاذ حوالي 530 مجتازا

حيث أكد مصدر أمني نهاية الاسبوع الماضي ان  وحدات بحرية تابعة  للحرس الوطني بصفاقس ،قرقنة ،المهدية والطوافة نسر التابعين لاقليم الحرس البحري بالوسط  من ضبط 23 عملية هجرة غير نظامية وهو ما إعتبرته وحدات الحرير البحرية رقما قياسيا، كما تم ضبط وإنقاذ حوالي 530 مجتازا منهم ما يزيد عن 150 تونسيا من مختلف ولايات الجمهورية، ومن فئات عمرية مختلفة وعدد من المجتازين  من  بلدان إفريقيا جنوب الصحراء كما تمكنت نفس الوحدات من حجز 07 مراكب و14 محركا بحريا .

أرقام قياسية "للحرقة" في شهر جويلية

وفي ذات السياق أكد مصدر أمني ان  وحدات الحرس البحرية  سجلت خلال شهر جويلية الماضي أرقاما قياسية في  عمليات الهجرة غير النظامية بالمناطق البحرية للحرس الوطني بصفاقس، المهدية ، قرقنة والطوافة نسر3 حيث تم ضبط حوالي  180 عملية وحوالي 3000 مجتاز منهم حوالي 900 تونسي اصيلي ولايات مختلفة ومن مختلف الفئات العمرية من بينهم عناصر مفتش عنهم من اجل قضايا مختلفة والبقية اصيلي بلدان إفريقيا جنوب الصحراء ، وتم حجز حوالي 70 مركبا بحريا ، و15 زورقا مطاطيا، و 60 محركا بحريا ، 10 سيارات وشاحنات خفيفة مع مبالغ مالية هامة من العملة التونسية والاجنبية كما تم   التعرف  على حوالي 150 منظم ووسيط في هذه  العمليات وتمكنت ذات الوحدات من القاء القبض على معضمهم.

طريق االوصول إلى "لامبيدوزا" محفوف بالمخاطر

نحن لا نعلم من حيثيات مسار عملية الهجرة غير النظامية سوى ما تنقله الصحافة من أخبار أو تنشره البيانات الأمنية من ارقام وإحصائيات لعدد المجتازين او عدد الضحايا من قتلى ومفقودين أو أعداد الناجين أو إحصاء المحجوز من معدات بحرية تؤمن رحلة  هؤلاء المهاجرين، رحلة الاجتياز  من الفكرة إلى التطبيق وفق رواية "أحد المشاركين في تنظيم الحرقة" لـ"الصباح" يقول, نقوم بتجميع عدد الافراد الذين يرغبون باجتياز البحر ويكون العدد في كل عملية بين 20  و30  شخصا، يدفعون مقابل الهجرة بين 3 و5 ٱلاف دينار، يتم تجميعهم  بمأوى قريب من احد السواحل البحرية بصفاقس على غرار شاطئ قرقنة الذي يعد من بين أهم نقاط تجميع وعبور للحدود البحرية الايطالية بالنسبة لمهاجري جهة صفاقس لمدة تتراوح بين ليلة وتصل إلى ثلاث أو أربع ليالي والبقاء مرتبط بالعامل المناخي، مشيرا إلى أن أفضل الاوقات لركوب البحر قبل الفجر مع ارتفاع درجات الحرارة وهدوء البحر  حيث يتم نقل الراغبين في الهجرة عبر قوارب صغيرة إلى المركب الذي سيقلهم . وخلال المدة المقضاة يتم تزويدهم بالاكل والشرب ويطلبون منهم غلق هواتفهم وعدم التواصل مع أقاربهم ، وفي الاثناء يتم تجهيز "الفلوكة" أو "الشقف" والتثبت من جاهزيته وشراء مايكفي من مادة البنزين. كما تتدخل عدة اطراف في تنظيم عملية واحدة من الهجرة غير النظامية وأهمها "المنظم الكبير "(الذي عادة لا  يظهر في الواجهة) والاطراف  المساعدة في تأمين تجميع الاموال والأشخاص والمستلزمات الضرورية من أكل ومعدات بحرية ونقل و"رايس" وهو ربان القارب الذي لابد ان يكون ذو خبرة كبيرة في قيادة القارب وإصلاح المحرك أو العطب الذي قد يطرؤ أثناء الرحلة، ثم يتم اقتسام عشرات الملايين بين المتدخلين في عملية الحرقة ، ولا يتم استرجاع هذه الأموال في صورة عمليات الإحباط. خلال الرحلة قد ينجو القارب وراكبيه، او قد يغرق أو يحصل عطب فينتج عنه ضحايا الموت والفقدان وقد ينجو بعضهم سباحة أو بتدخل الوحدات الأمنية البحرية في عملية مراقبة أو تمشيط في عرض البحر.

ضحايا تحيل "منظمو الحرقة"

يروي أحد ضحايا التحيل في عملية هجرة غير نظامية  ل"الصباح"  كيفية التحيل في تنظيم عمليات الهجرة وهو شاب ثلاثيني عاطل عن العمل وأصيل إحدى ضواحي ولاية صفاقس، إذ افادنا ان أحد العناصر المنظمة لعملية "الحرقة" يوهمون الاشخاص الذين يرغبون في الهجرة ثم يفتكون اموالهم وهم بالعشرات وكل فرد يدفع للمنظم مبلغت في حدود  4 ٱلاف دينار، يجمعون الضحايا داخل بيت مهجور أو بعيد عن أنظار لمدة ثلاثة أو أربعة أيام ثم يوهمونهم ان وحدات أمنية  ألقت القبض على المنظم وحجزت اموال "الحرقة" وهي في الطريق إلى البيت الذي يجتمعون به لتفتيش المكان والقبض عليهم فيضطرون إلى مغادرة المكان خوفا وهلعا.

 

عتيقة العامري

 

سيدي بوزيد: القصر في مقدمة "الحارقين"!!!

سيدي بوزيد-الصباح

تصاعدت في الفترة الاخيرة بولاية سيدي بوزيد، ظاهرة الهجرة غير النظامية في اتجاه الأراضي الإيطالية، وشملت وبشكل غير مسبوق، هجرة عائلات بأكملها  اتخذت من القوارب وسيلةً للرحيل، للوصول إلى الضفة  الأخرى للمتوسط. والأكيد أن الظاهرة تصاعدت بشكل لافت خلال الاشهر القليلة الماضية.

30 شخصا من عائلة واحدة هاجروا  سراً !!!

وتؤكد معطيات حصرية تحصلت عليها الصباح من مصادر رسمية على الصعيد الجهوي بولاية سيدي بوزيد، أن49 قاصراً وصلوا إلى السواحل الإيطالية في إطار هجرة غير نظامية، خلال الأشهر 8 الأولى من العام الحالي 2022،  رقم مفزع وسط غياب رد فعل من السلطات التونسية.

ووفق ذات المعطيات فان 30 شخصا  من عائلة واحدة هاجروا سرا خلال نفس الفترة من السنة الحالية .

  24%  من المهاجرين  قُصّر!!

 و شكّل القصّر  اصلي ولاية سيدي بوزيد ظاهرة فارقة في الآونة الأخيرة، إذ مثّل "الحارقون " إلى إیطالیا، من مجموع المهاجرين الغير نظاميين نحو 24% خلال الفترة القليلة الماضية.

اسباب هجرة القصر

 تعود أسباب هجرة القصّر إلى عوامل اقتصادية واجتماعية مرتبطة بوضعية الطفولة بولاية سيدي بوزيد، من حیث الانقطاع المدرسي، وأزمة مؤسسات رعایة الطفولة، بالإضافة الى ما تعانیه العائلات جرّاء صعوبات عمّقتھا آثار جائحة كورونا.

 الحرقة..سراب وأفق مسدود

"رحلتي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة هكذا بدأ "طه" سرد تجريته لمراسل "الصباح" بسيدي بوزيد حيث تحدث، بكل لوعة، عن ذكريات الهجرة غير النظامية نحو الفضاء الاوروبي، رحلة  أكد انها كانت محفوفة بالمخاطر حين قرر ركوب زورق الهجرة غير الشرعية من سواحل مدينة صفاقس التونسية نحو جزيرة لامبيدوزا الإيطالية بعد أن ضاقت به السبل للالتحاق بزوجته الأجنبية أمام رفض السلطات الفرنسية تمكينه من تأشيرة السفر بشكل قانوني.

وواصل طه حديثه  بقول ان 40 شخصا بينهم نساء شاركوه رحلة الموت التي استغرقت 4 أيام بسبب سوء الأحوال الجوية ليصل بعدها القارب المتهالك أو "الشقف" نحو جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، حيث تم استقبالهم في مركز الإيواء لمدة يومين ومن ثم تم إخضاعهم للحجر الصحي في إحدى السفن البحرية الإيطالية لمدة 10 أيام.

رحلة المعاناة الحقيقية، وفق قوله، انطلقت بانتهاء مدة الحجر الصحي، فلم يسعفه الحظ للتسلل من الأراضي الإيطالية نحو فرنسا، بل كانت عربة الترحيلات في انتظاره بعد ان قيده شرطيان إيطاليان بالأغلال، بعد تفتيش وصفه بالمذل والمهين لكرامته، ليتم نقله إلى أحد السجون، ومن ثم ترحيله إلى تونس بشكل قسري.

يشعر طه بالمرارة والألم لأن كل ما طلبه هو الحق في التنقل والالتقاء بزوجته الفرنسية، لكنه مع ذلك يؤكد استعداده لركوب البحر مجددا مهما كانت العواقب في سبيل لم شمل العائلة، كما يقول.

بدورها عبرت "سناء" لـ"الصباح"، وهي طالبة ، عن رغبتها بصفة جدية في الهجرة لأي بلد يضمن كرامتها وفق قولها، وأرجعت أسباب رغبتها في الهجرة للظروف المادية القاسية التي تعيشها في تونس رغم سعيها المتواصل للحصول على عمل.

وتقول سناء في حديثها: "أريد الهجرة لأن تونس لا تنسجم مع أبسط طموحاتي، فهنا لدينا حكومات امعنت في سلب احلام الشعب حكومات فشلت  في توفير أبسط ظروف العيش الكريم ، حكومات أزمت الوضع الاقتصادي عوض النهوض به، وقتلت طموح الشباب الباحث عن الكرامة بشتى الطرق"،وفق تعبيرها.

إبراهيم سليمي

طوفان "قوارب الموت" يتصاعد.. "الصباح" تعاين وتنقل قصصا مؤلمة لـ"حارقين"  نحو الفضاء الأوروبي

الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والاجتماعية لـ"الصباح ": الدولة التونسية ليس لديها استراتيجية وطنية واضحة  فيما يتعلق بالهجرة غير النظامية .

 تونس-الصباح

طوفان من قوارب الهجرة الغير النظامية انطلقت من تونس في اتجاه  الفضاء الاوروبي وتحديدا نحو السواحل الايطالية حوالي 8 آلاف مهاجر بين تونسي واجنبي وتحديدا من جنسيات افريقية وصلوا إلى الأراضي  الإيطالية انطلاقا من تونس منذ بداية السنة الحالية 2022 . رقم مفزع  يكشف عن عمق الازمة الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها بلادنا ، ازمة افقدت التونسي الأمل في غد أفضل،  حالة من الاكتئاب والاحباط العميق يعيش على وقعها كل الفئات الإجتماعية وكل الأعمار بسبب انقطاع السبل من بطالة وارتفاع في الأسعار وفقدان العديد من المواد الأساسية، أسباب جعلت حياة المواطن صعبة بل ومرهقة الى أبعد الحدود.

والملف للانتباه ان قوارب الموت لم تعد حكرا على الشباب بل باتت  تشمل أيضا الكهول والأطفال والفتيات والحوامل عائلات بأكملها باتت تجازف بحياتها فتركب المجهول تركب زوارق قد تصل الى ايطاليا وقد تغرق في عرض البحر، أفراد يحالفهم الحظ فتم انقاذهم واخرين ينتشلون بعد فوات الاوان.

فوفق رمضان بن عمر الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لـ"الصباح " فان عدد الواصلين إلى إيطاليا يعد بالآلاف وهو يقارب اليوم 8 آلاف مهاجر فيما تم احباط وصول قرابة 13 الفا.

وبين بن رمضان ان الأرقام تضاعفت مقارنة بالسنوات الفارطة حيث كشفت إحصاءات المنتدى  ارتفاع أعداد المهاجرين التونسيين غير النظاميين أخيرا، بالمقارنة مع الأعوام المنقضية إلى إيطاليا 858 سنة 2019، و5655 سنة 2020.

ووفق المصدر ذاته، أصبحت الجنسية التونسية تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الواصلين إلى السواحل الإيطالية بنسبة 18 بالمائة بعدما كانت في المرتبة الثالثة في النصف الأول من السنة الحالية، وقُدّر عدد القُصّر التونسيين الواصلين إلى إيطاليا بـ1242 وعدد الأسر الواصلة بـ300 منذ بداية 2022.

وبالنسبة لعدد النساء المهاجرات بطرق غير نظامية انطلاقا من تونس فقد تجاوزت 29 ألف ، إذ اعتبر ان أسبابا اقتصادية واجتماعية وثقافية، دفعت المرأة إلى المشاركة في الهجرة غير النظامية.

واضاف بين عمر أنّ الدولة التونسية ليس لديها استراتيجية وطنية واضحة  فيما يتعلق بالهجرة غير النظامية .

وبيّن، الناطق الرسمي باسم المنتدى، أن مشروع الهجرة لم يعد حكرا على بعض الفئات والاعمار بل اصبح يشمل كل  التونسيين بصرف النظر عن الفئات المشاركة فيه حيث لم تعد الهجرة غير النظامية مرتبطة بأسباب اقتصادية واجتماعية فقط موضحا أن الأبعاد اختلفت وأكثرها تأثيرا البعد الاقتصادي.

 

حنان قيراط

مدنين: 123عملية هجرة غير نظامية..بمشاركة 895 تونسيا.. والقبض على 7 عناصر متطرفة 

 

مدنين -الصباح

تعرف سواحل ولاية مدنين بصفة متواترة عمليات هجرة غير نظامية او  ما يسمى بـ"حرقة"  نحو السواحل الاوروبية ،عمليات تسبقها استعدادات وتحضيرات يشارك فيها منظمين ووسطاء .

واكد عدد من المتابعين لهذه العمليات لمراسل "الصباح" بولاية مدنين ان  الحرقة اصبحت عبارة عن تجارة فيها سماسرة ووسطاء واسعار تخصع للعرض والطلب. اموال تدفع من قبل الراغبين في اجتياز الحدود البحرية سواء كانوا تونسيين او أفارقة رغم علمهم بالمخاطر التي تنتظرهم على مراكب الموت  في اتجاه الفضاء الاوروبي وتحديدا نحو السواحل الايطالية .

123 عملية هجرة غير نظامية منذ بداية السنة

ومتابعة لعمليات الهجرة الغير نظامية من قبل اقليم الحرس الوطني بالجنوب والذي يرجع له بالنظر المنطقة البحرية بقابس والمنطقة البحرية بجزيرة جربة والمنطقة البحرية بجرجيس خلال الفترة المتراوحة بين غرة جانفي 2022 إلى غاية 28 اوت 2022بلغ عددها 123وبلغ عدد المجتازين 1639منهم 895  تونسيا وبلغ عدد المنظمين لهذه العمليات 44 منهم 43 تونسيا و01 أجنبي بحسب المتحدث باسم الحرس الوطني حسام الجبابلي لمراسل "الصباح" بولاية مدنين .

ذات المصدر اضاف ان عدد الوسطاء بلغ 07 منهم 06 تونسيين وان عدد المفتش عنهم 22، مضيفا انه تم  ايقاف 07 عناصر متطرفة كانوا يحاولون اجتياز الحدود خلسة .

المجتمع المدني يطلق ناقوس الخطر

وفي سياق متصل ولرصد اراء ومواقف المتابعين لظاهرة الهجرة الغير نظامية رصد مراسل "الصباح" بولاية مدنين بعض الاراء حيث افادتنا نجاة الاخضر ناشطة جمعياتية، ان الهجرة غير النظامية هي في الحقيقة "حُرقة" في قلوب الأهل والأقارب والأصدقاء قد لا يُدرك وقعها القاسي من اختار قوارب الموت بحثا عن غد أفضل أو "الجنة الموعودة" هربا من وضع معيشي صعب في ظل ظرف اقتصادي واجتماعي وسياسي غير مستقر وطبقة سياسية جرفتها الصراعات وتصفية الحسابات بعيدا عن المشاغل الحقيقية للمواطن. وأضافت بالقول" المُهاجر راكب أمواج البحر ترك وراءه أسرة مكلومة ولم يعد يؤثّر فيه دموع الأم ولوعة الأب ووجع الحبيب، قلبه لا يتأثّر بالندم أقول هذا عن دراية نظرا لاحتكاكي ببعض من حاولوا الهجرة ولم يسعفهم الحظ أو من تمكّنوا من الوصول إلى الضفة الأخرى، الجميع غير نادم عن المحاولة !!."

وشددت بالقول" اليوم لا يوجد حومة أو حي لم يهجره شبابه وصرنا نعيش على وضع الترقّب من التالي؟ كل يوم تأتينا الأخبار تباعا عن مغادرة هذا وذاك وغرق وانتشال جثث وأجساد كان جوف البحر قبرهم..ولا أعتقد بأن الوضع سيتغيّر في المستقبل القريب في ظل غياب حلول لظاهرة البطالة خاصة بطالة أصحاب الشهائد العليا المعطّلين عن العمل والذين للأسف تخسرهم تونس بعد أن صرفت على تعليمهم واستثمرت فيهم ليبنوا مستقبل البلاد إلا أنهم اليوم اما ان يكون الموت مالهم أو ان يساهموا في تعمير بلدان أخرى مستفيدة بدرجة أولى من هجرتهم فهم يد عاملة بأجور بخسة ودون تغطية اجتماعية ومسلوبي الحقوق."

واردفت الناشطة في المجتمع المدني "أنا أيضا معطّلة عن العمل لسنوات ولكنّني لم أفكّر يوما في الهجرة غير النظامية رغم فرص التشغيل الضعيفة أو المعدومة إلا أنّني لم أيئس من البحث كغيري من الشباب الذي يصرّ على حقّه في شغل يحفظ الكرامة والعيش الكريم ليس عبر شركات أهلية أو عقود شغل هشّة مهينة فهذه الحلول الرقيعة في اعتقادي هي سبب من أسباب ركوب البحر دون خوف أو ندم أو التفاتة إلى الوراء عندما يتنصّل المسؤولين من مسؤولياتهم تكون النتيجة هجرة غير نظامية بلا توقّف."

واكدت ان الهجرة غير النظامية شهدت في السنوات الأخيرة بولاية مدنين  توسّعا غير مسبوق إذ شملت الموظّف والمراهق والنساء والفتيات واسر بأكملها فالزوج والزوجة والأبناء في نفس القارب يشقون طريقهم نحو المجهول!!

وابرزت قائلة "هذا في اعتقادي خطير جدا، وخوفي الحقيقي بأننا سنستفيق يوما ما، وقد يكون هذا اليوم أقرب ممّا نعتقد، على تهرّم سكّاني وبالتالي لا يد عاملة ولا كفاءات وقد نحتاج إلى المهاجرين واللاجئين كيد عاملة بديلة."

واعتبرت ان موضوع الهجرة غير النظامية يحتاج إلى تحليل عميق من مختصين في علم النفس والاجتماع لدراسة علمية للأسباب وهبّة جماعية من جميع الأطراف المتداخلة من سياسيين ومجتمع مدني وإعلام،.. كل في مجال تدخّله واختصاصه ويبقى الأهم، وفق قولها، القيام بإصلاحات اجتماعية واقتصادية عاجلة ووضع سياسات تشغيلية مستعجلة لفتح الآفاق أمام الشباب الذي فقد الأمل في أن يحقّق الشعار الذي رفعه في ثورة 2011 "شغل، حرية، كرامة وطنية".

ومن جهته أكد الاستاذ مصباح مارس وهو ناشط وحقوقي فقد اكد أن الهجرة غير الشرعية أو ركوب قوارب الموت أو المصطلح الرائج مجتمعيا "الحرقة" ظاهرة موغلة في الزمن ومتعددة الوجهات وتتعلق بالولوج الى دول ذات وضعية اقتصادية أفضل وضعت قيودا لسفر التونسي لها والاقامة بها.

وقد أبرز ان الاسباب الاقتصادية من الاسباب الرئيسية للهجرة غير قانونية منذ بدايتها ولازالت ولكن العشريتين الأخيرة شهدت اهمية العامل النفسي الذي يمكن اختزاله في حالة الاحباط وغياب الأمل من المستقبل الذي يدفع لهجرة حتى من يتمتع بمورد رزق محترم من الشباب وحتى الكهول ورغم ادراكهم ان المعيشة في الفضاء الاوروبي صعبة وأبعد ما تكون عن الجنة التي يبحثون عنها.

وتبقى الشهادات الحية لمن خاضوا تجربة "الحرقة" عبر قوارب الموت أهم ما يمكن التعويل عليه لمواجهة الآفة في ظل فشل تعاطي المنظومة القانونية تشريعا وتطبيقا ...

وكشف محدثنا ان شهادات البعض من "الحراقة" ضمن ملفات قضائية أو حتى خارجها ضمن دائرة الصداقات والقرابة ممن فشلوا في الوصول الى الفضاء الاوروبي ومن هددت حياتهم ونجوا من الموت تقدم وقائع مروعة ومرعبة تتعدد تفاصيلها ولكنها تتحد في ما يمكن اختصاره  برعب مواجهة الموت وتصلح لصياغة سيناريوهات لافلام درامية ..كما لا تقل اهمية شهادات من وصلوا للفضاء الاوروبي وفشلوا سواء عادوا أو لازالوا فلا عمل أو استقرار بل اصبحوا من سكان الشوارع ويحترفون التسول بعد أن عانوا من استغلال وابتزاز وتحيل بني وطنهم في ديار الغربة وقلة منهم من استقرت احواله..

واعتبر ان  الظاهرة لن تعالج طالما المجتمع الدولي غير متضامن في معالجتها، والجانب الغربي غير متحمل لمسؤوليته عن الفقر والشلل الاقتصادي لدول  المهاجرين بابتزاز ثرواتهم وبالاتفاقيات الاستعمارية  مكتفيا بتقديم مساعدات امنية لدعم المعالجة الامنية من دول وفضاءات العبور وكانها حارسة لحدوده .

شهادات صادمة

الاستاذ عبد العزيز لغزال ناشط في المجتمع المدني بمدنين ورجل ثقافة قدم العديد من الشهادات الصادمة وقصص واقعية كان قد عايشها منها حكاية شاب من عائلة متوسطة الحال فقد أسرّ ذات ليلة لأمه أنّه ينوي "الحرقة".. لم تتعجب الأم ولم ترفض الرّأي والمقترح لا بل اقتنعت أن المستقبل الزاهر سيكون في الغرب ...نبّهها ألا تعلم والده لأن هذا الأخير كان رافضا الأمر برمّته فقد التاع العديد من جيرانه وأبناء بلدته جراء هذه المغامرة ...جمع الولد بعض ما ادخر وباعت الأم البعض مما تملك من مصوغها وخفّض له منظم الرحلة التسعيرة باعتبار أنه أقنع ثلاثة آخرين من أبناء الحي ...

وجاء اليوم الموعود وتحت جناح الظلام تسلل صحبة رفاقه كل ذلك تم على احسن وجه والأب لا يعلم بشيء ..لم تنم الأم ليلتها وقد وضعت هاتفها تحت المخدة في انتظار البشرى بشرى الوصول الى بر الأمان ...

مرّ اليوم الأول ولم يصلها أي خبر تعاظم خوفها وظلت تدعو لابنها ...وعند موعد أخبار الثامنة تسمرت الأم أمام الشاشة الصغيرة كان حدسها  - وحدس الأم لا يخطئ عادة - يخبرها سرا أن أمرا ما حصل... لقد أعلن المذيع أنّ حرس الحدود قد انقذوا مجموعة من "الحرّاقة" وهناك خمسة مفقودون يجري البحث عنهم ... تسمرت الأم في مكانها حاولت أمام زوجها أن تخفي اضطرابها وعاودها الأمل أن يكون ابنها من الناجين ...ومر اليوم الثّاني ولا أخبار سارة حينها انهارت فبكت بكاء الأم الثكلى وأخبرت الزوج بلأمر واعتذرت له ..وهل يصلح الاعتذار ما حصل ؟

وفي صبيحة اليوم الثالث رنّ هاتفها انه رقم مجهول ..سلمت الهاتف لزوجها وهربت نحو احدى الغرف ..تشجع الأب وتلقى المكالمة انه صوت ابنه يخاطبه من المستشفى ليروي له ما حدث والعبارات تقطع صوته ... فرح الاب وأخبر الزوجة وشدا الرحال نحو صفاقس.....

اما القصة الثانية فقد رواها لنا والد أحد الشبان اذ قال ان ابنه يشتغل بعمل قار وان اجرته الشهرية تتجاوز الألف دينار وقد انطلق في بناء مسكن ..الا انه اعتبر ان البناء والتجهيز وجمع مال والزواج سيتطلب الكثير من الوقت والعمل ...فقرر الحرقة ولم يعلم أبويه بالأمر إلا عندما وصل لنبيدوزا ... يقول الأب لقد غضبت واضطربت ولعنت الحظ والشيطان وقطعت المكالمة غير اني في النهاية رضيت بحكم الله وها أن ابني متواجد بفرنسا وعمله غير مستقر يعيش في خوف متواصل من القاء القبض عليه واعادته الى تونس ...

قصص عديدة موجعة تحيلنا على ضرورة اهتمام المختصين  والسياسيين بهذه المسألة الحارقة التي تحولت من ظاهرة اجتماعية إلى ثقافة شبابية جديدة من خلال عرض اشرطة مصورة حول مآسي البحر وحول الظروف التعيسة التي يعيشها " الحرّاقة " في الغربة من اهانة وفقر ..ولا ننسى ان على السياسيين ان يحولوا تونس الى بلد مرغب لا منفّر للشباب.

ميمون التونسي

 

بنزرت: طريق الحرقة سالكها مفقود او مطرود.. وقليله مولود

بنزرت-الصباح

في اقصى نقطة من شمال افريقيا تمتد سواحل جهة بنزرت على طول 200 كم مثلت محور نشاط ومصدر رزق الآلاف من العائلات قبل ان تتحول تدريجيا الى نقطة انطلاق رحلات الابحار خلسة نحو السواحل الايطالية التي لا تبعد سوى 137 ميل بحري والمؤكد ان «الحارق " يعلم ان مصيره سيكون بين مفقود  او مطرود  وبنسبة قليلة مولود حين ينجح في الحصول على اوراق الاقامة والعودة بالسيارة الفارهة وضمان حياة كريمة  عجز عن تحقيقها  في بلادنا.

داخله مفقود 

 حسب المعطيات التي استقتها "الصباح" من مصادر مختلفة ، فان الوحدات الامنية والعسكرية تحبط سنويا ما بين 180-200 محاولة للإبحار خلسة انطلاقا من سواحل بنزرت احيانا في المهد وحتى على مقربة من خطوط التماس مع الحدود الدولية  وتضم هذه "الحرقات" غالبا شبان تونسيين الذكور من معتمديات بنزرت الشمالية ، العالية ، منزل جميل ، راس الجبل وكل الطبقات الاجتماعية بحثا عن مستقبل افضل ، هروبا من احكام سجنية فيما يبحث اخرون عن التجمع العائلي او المغامرة حيث شارك احد أبناء بنزرت الاثرياء في 06  محاولات من اجل المتعة كما تشهد الطريق البحرية  الرابطة بين بنزرت والسواحل الايطالية عبور "حرقات جزائرية  بعضها في " شقف " متهالك ..وقد انقذت فرق الحرس البحري ببنزرت وجيش البحر خلال السنتين الماضيتين اكثر من 200 تونسي و37 جزائري وعدد قليل من حاملي جنسيات أخرى افريقية واسيوية  من الهلاك بعد ان تقطعت بهم السبل بين الازرقين البحر والسماء  كما لفظت شواطئ الجهة  بداية سنة 2021  عدد06 جثث لحارقين جزائريين و04 من  اصول افريقية جنوب الصحراء لكن هذه المخاطر  والمآسي لم تمنع  تكرار المحاولات  فنهاية الاسبوع الماضي  سيطرت وحدات الحرس البحري ببنزرت على  07 قوارب هجرة سرية انطلقت من شواطئ معتمديات راس الجبل ، بنزرت الشمالية والجنوبية على متنها 78 شاب و06 اطفال وفتاة من ضمنهم 12 مفتش عنه ..

ويصل سنويا  ما بين  900 الى 950 حارقا بأمان الى السواحل الاوروبية انطلاقا من شواطئ بنزرت بعد تحضيرات شاقة وتدخل وسطاء في مراحل متعددة  لكن بعد تطور اساليب "الحرقة " انتفى دور الوسيط واصبحت  المحاولة سهلة اذ يكفي اختمار الفكرة تحت تأثير الأصدقاء او المواد المخدرة ووجود  جهاز الملاحة عبر الاقمار الصناعية وسترات نجاة وقارب مها كان حجمه لدخول البحر ثم مشاركة المغامرة على مواقع التواصل الاجتماعي التي ضجت خلال الاسابيع الماضية بـفيديوهات شبان واسر على متن قوارب في رحلات تتحول احيانا  الى معاناة وحتى مأساة  اخرها  فقدان الاتصال بـ25 شاب من معتمديات  منزل جميل وبنزرت الجنوبية تضاربت الاخبار حول مصيرهم بين تأكيد ناشط تونسي في مجال الهجرة  مقيم بايطاليا غرقهم ومبشر وجودهم بأحد الموانئ المالطية ليشيع الفرح  لو لساعات  في صفوف الاسر  المكلومة ..

 خارجه مولود

لمزيد التعمق في الموضوع اتصلت "الصباح" بالشاب (م ح )  31 سنة ،اعزب ، مؤهل تعليمي متوسط مقيم عادة  في مدينة بنزرت اين اشتغل بمجالات عديدة دون ضمان الاستقرار المادي  قبل ان تخامره فكرة "الحرقة" ويغادر يوم 16 اوت 2022 رفقة ثلاثة اصدقاء على متن  مركب  طوله  3.90 متر بمحرك قوة 20 حصان استهلك 120 لتر من البنزين لقطع 140 ميل بحري انتهت في ميناء مرسالا تراباني الايطالية وقد بلغت تكاليف  العملية 10 آلاف  دينار لشراء القارب والمحروقات  400 دينار مصاريف مختلفة اضافة الى 600 اورو تكاليف الاعاشة والتنقل بالقطار من صقلية  الى روما ثم  ميلانو اين استقبلهم تونسي  مقيم بايطاليا سلمهم مبلغ مالي ونسق مع وسيط  محلي نقلهم عبر المسالك الوعرة الى فرنسا اين يقيم محدثنا حاليا في العاصمة  باريس فيما توجه  صديقاه الى طولون لتنطلق رحلة الاندماج التي تتطلب  الحصول على مقر للسكنى وهي عملية صعبة في ضل القوانين السائدة في الدولة الاوروبية  وحسب محدثنا فقد تمكن من ضمان غرفة في انتظار دخول معمعة البحث عن عمل بعد تدخلات من تونس وخارجها ..

الاندماج أصعب من الحرقة

معمعة عاشها ابن بنزرت (محمد علي ع ) 38 سنة  تقني سامي في الاعلامية  بلغ  ايطاليا بلاد الجمال والآمال قصد  العيش في مجتمع منغلق يحمل اصلا  فكرة سيئة على الوافدين من شمال افريقيا brutta figura لكن مساعي الاندماج لم تكن سهلة في مدينة ميلانو اين اقام لفترة قصيرة قبل ان يرحل الى جنوة اين كانت الامور افضل .."لتفرض الاحترام في بلاد الناس يجب ان تمتلك بعض المهارات والمهن وتتقن المفردات الاساسية للغة وان تحترم التقاليد السائدة وتحافظ على مظهر لائق وتلتزم بالقوانين وتبتعد عن التجمعات والمناطق المشبوهة وان يبتعد عن السلوكيات الخطيرة وان يقلل  الاختلاط بأبناء  بلده ولو كانوا من نفس الحي "هكذا اكد محمد علي مضيفا" على المغترب ان يضع خطط مختلفة للعيش مع او بدون معارفه  و يحبذ الإقامة في مدن صغيرة او مينائية قوانينها غير صارمة مع المهاجرين عكس  ميلانو وبادوفا وبولونيا طورينو ومودنا  اين تكثر الاغراءات  ويصبر على الجوع والبرد  القاسي  ويعمل بجد  مع الحرص على تأكيد اقامته عبر بطاقات التنقل والدخول الى الملاعب او الملاهي مع تحين فرص تسوية وضعية الإقامة  على مفتاح الجنة وضمان المستقبل نهائيا..

آلية تونسنا لادماج العائدين

في كل الأحوال وحتى ان تعذر الاندماج وطرد المهاجر او عاد طوعا لأرض الوطن لسبب او لآخر فإمكانه التسجيل بالية الادماج " تونسنا " الممولة أوروبيا والتي تمكنه وفق ضوابط محددة أهمها  الجنسية التونسية ، بلوغ 18 سنة ، عدم الحصول على شهادة إقامة دائمة  في دولة أوروبية ،العودة من دول فرنسا، المانيا ، سويسرا او هولندا قبل 12 شهر والإقامة في البلدان الأوروبية المذكورة اكثر من 06 اشهر  مع عدم الحصول على مساعدات اجتماعية او اقتصادية في اطار برنامج مشابه مثل  erin –errin   -ofii –giz –fedasil –oim .. ويحصل المهاجر العائد بعد الموافقة على ملفه على مساعدات اجتماعية ومرافقة  صحية وحتى نفسية ان تطلب الامر إضافة الى بعث مشاريع للحساب الخاص وقد مكنت الالية الجديدة 12 مهاجرا من أبناء بنزرت من خط صفحة جديدة في حياتهم في انتظار استكمال إجراءات الموافقة على 21 مطلبا مماثلا.

 

ساسي الطرابلسي

 

صفاقس..جويلية حطم كل الأرقام بـ180 "حرقة" و3000 مجتاز

 صفاقس-الصباح

تشهد السواحل البحرية في الفترة الأخيرة عمليات هجرة غير نظامية متواترة وغالبا ما يقع الإعلان عن إحباط عمليات "حرقة" من طرف وحدات الحرس البحري التي وصفت هذه الإحصائيات بالقياسية خاصة خلال شهري جويلية وأوت من هذه السنة .

 ضبط 23 عملية"حرقة" وإنقاذ حوالي 530 مجتازا

حيث أكد مصدر أمني نهاية الاسبوع الماضي ان  وحدات بحرية تابعة  للحرس الوطني بصفاقس ،قرقنة ،المهدية والطوافة نسر التابعين لاقليم الحرس البحري بالوسط  من ضبط 23 عملية هجرة غير نظامية وهو ما إعتبرته وحدات الحرير البحرية رقما قياسيا، كما تم ضبط وإنقاذ حوالي 530 مجتازا منهم ما يزيد عن 150 تونسيا من مختلف ولايات الجمهورية، ومن فئات عمرية مختلفة وعدد من المجتازين  من  بلدان إفريقيا جنوب الصحراء كما تمكنت نفس الوحدات من حجز 07 مراكب و14 محركا بحريا .

أرقام قياسية "للحرقة" في شهر جويلية

وفي ذات السياق أكد مصدر أمني ان  وحدات الحرس البحرية  سجلت خلال شهر جويلية الماضي أرقاما قياسية في  عمليات الهجرة غير النظامية بالمناطق البحرية للحرس الوطني بصفاقس، المهدية ، قرقنة والطوافة نسر3 حيث تم ضبط حوالي  180 عملية وحوالي 3000 مجتاز منهم حوالي 900 تونسي اصيلي ولايات مختلفة ومن مختلف الفئات العمرية من بينهم عناصر مفتش عنهم من اجل قضايا مختلفة والبقية اصيلي بلدان إفريقيا جنوب الصحراء ، وتم حجز حوالي 70 مركبا بحريا ، و15 زورقا مطاطيا، و 60 محركا بحريا ، 10 سيارات وشاحنات خفيفة مع مبالغ مالية هامة من العملة التونسية والاجنبية كما تم   التعرف  على حوالي 150 منظم ووسيط في هذه  العمليات وتمكنت ذات الوحدات من القاء القبض على معضمهم.

طريق االوصول إلى "لامبيدوزا" محفوف بالمخاطر

نحن لا نعلم من حيثيات مسار عملية الهجرة غير النظامية سوى ما تنقله الصحافة من أخبار أو تنشره البيانات الأمنية من ارقام وإحصائيات لعدد المجتازين او عدد الضحايا من قتلى ومفقودين أو أعداد الناجين أو إحصاء المحجوز من معدات بحرية تؤمن رحلة  هؤلاء المهاجرين، رحلة الاجتياز  من الفكرة إلى التطبيق وفق رواية "أحد المشاركين في تنظيم الحرقة" لـ"الصباح" يقول, نقوم بتجميع عدد الافراد الذين يرغبون باجتياز البحر ويكون العدد في كل عملية بين 20  و30  شخصا، يدفعون مقابل الهجرة بين 3 و5 ٱلاف دينار، يتم تجميعهم  بمأوى قريب من احد السواحل البحرية بصفاقس على غرار شاطئ قرقنة الذي يعد من بين أهم نقاط تجميع وعبور للحدود البحرية الايطالية بالنسبة لمهاجري جهة صفاقس لمدة تتراوح بين ليلة وتصل إلى ثلاث أو أربع ليالي والبقاء مرتبط بالعامل المناخي، مشيرا إلى أن أفضل الاوقات لركوب البحر قبل الفجر مع ارتفاع درجات الحرارة وهدوء البحر  حيث يتم نقل الراغبين في الهجرة عبر قوارب صغيرة إلى المركب الذي سيقلهم . وخلال المدة المقضاة يتم تزويدهم بالاكل والشرب ويطلبون منهم غلق هواتفهم وعدم التواصل مع أقاربهم ، وفي الاثناء يتم تجهيز "الفلوكة" أو "الشقف" والتثبت من جاهزيته وشراء مايكفي من مادة البنزين. كما تتدخل عدة اطراف في تنظيم عملية واحدة من الهجرة غير النظامية وأهمها "المنظم الكبير "(الذي عادة لا  يظهر في الواجهة) والاطراف  المساعدة في تأمين تجميع الاموال والأشخاص والمستلزمات الضرورية من أكل ومعدات بحرية ونقل و"رايس" وهو ربان القارب الذي لابد ان يكون ذو خبرة كبيرة في قيادة القارب وإصلاح المحرك أو العطب الذي قد يطرؤ أثناء الرحلة، ثم يتم اقتسام عشرات الملايين بين المتدخلين في عملية الحرقة ، ولا يتم استرجاع هذه الأموال في صورة عمليات الإحباط. خلال الرحلة قد ينجو القارب وراكبيه، او قد يغرق أو يحصل عطب فينتج عنه ضحايا الموت والفقدان وقد ينجو بعضهم سباحة أو بتدخل الوحدات الأمنية البحرية في عملية مراقبة أو تمشيط في عرض البحر.

ضحايا تحيل "منظمو الحرقة"

يروي أحد ضحايا التحيل في عملية هجرة غير نظامية  ل"الصباح"  كيفية التحيل في تنظيم عمليات الهجرة وهو شاب ثلاثيني عاطل عن العمل وأصيل إحدى ضواحي ولاية صفاقس، إذ افادنا ان أحد العناصر المنظمة لعملية "الحرقة" يوهمون الاشخاص الذين يرغبون في الهجرة ثم يفتكون اموالهم وهم بالعشرات وكل فرد يدفع للمنظم مبلغت في حدود  4 ٱلاف دينار، يجمعون الضحايا داخل بيت مهجور أو بعيد عن أنظار لمدة ثلاثة أو أربعة أيام ثم يوهمونهم ان وحدات أمنية  ألقت القبض على المنظم وحجزت اموال "الحرقة" وهي في الطريق إلى البيت الذي يجتمعون به لتفتيش المكان والقبض عليهم فيضطرون إلى مغادرة المكان خوفا وهلعا.

 

عتيقة العامري

 

سيدي بوزيد: القصر في مقدمة "الحارقين"!!!

سيدي بوزيد-الصباح

تصاعدت في الفترة الاخيرة بولاية سيدي بوزيد، ظاهرة الهجرة غير النظامية في اتجاه الأراضي الإيطالية، وشملت وبشكل غير مسبوق، هجرة عائلات بأكملها  اتخذت من القوارب وسيلةً للرحيل، للوصول إلى الضفة  الأخرى للمتوسط. والأكيد أن الظاهرة تصاعدت بشكل لافت خلال الاشهر القليلة الماضية.

30 شخصا من عائلة واحدة هاجروا  سراً !!!

وتؤكد معطيات حصرية تحصلت عليها الصباح من مصادر رسمية على الصعيد الجهوي بولاية سيدي بوزيد، أن49 قاصراً وصلوا إلى السواحل الإيطالية في إطار هجرة غير نظامية، خلال الأشهر 8 الأولى من العام الحالي 2022،  رقم مفزع وسط غياب رد فعل من السلطات التونسية.

ووفق ذات المعطيات فان 30 شخصا  من عائلة واحدة هاجروا سرا خلال نفس الفترة من السنة الحالية .

  24%  من المهاجرين  قُصّر!!

 و شكّل القصّر  اصلي ولاية سيدي بوزيد ظاهرة فارقة في الآونة الأخيرة، إذ مثّل "الحارقون " إلى إیطالیا، من مجموع المهاجرين الغير نظاميين نحو 24% خلال الفترة القليلة الماضية.

اسباب هجرة القصر

 تعود أسباب هجرة القصّر إلى عوامل اقتصادية واجتماعية مرتبطة بوضعية الطفولة بولاية سيدي بوزيد، من حیث الانقطاع المدرسي، وأزمة مؤسسات رعایة الطفولة، بالإضافة الى ما تعانیه العائلات جرّاء صعوبات عمّقتھا آثار جائحة كورونا.

 الحرقة..سراب وأفق مسدود

"رحلتي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة هكذا بدأ "طه" سرد تجريته لمراسل "الصباح" بسيدي بوزيد حيث تحدث، بكل لوعة، عن ذكريات الهجرة غير النظامية نحو الفضاء الاوروبي، رحلة  أكد انها كانت محفوفة بالمخاطر حين قرر ركوب زورق الهجرة غير الشرعية من سواحل مدينة صفاقس التونسية نحو جزيرة لامبيدوزا الإيطالية بعد أن ضاقت به السبل للالتحاق بزوجته الأجنبية أمام رفض السلطات الفرنسية تمكينه من تأشيرة السفر بشكل قانوني.

وواصل طه حديثه  بقول ان 40 شخصا بينهم نساء شاركوه رحلة الموت التي استغرقت 4 أيام بسبب سوء الأحوال الجوية ليصل بعدها القارب المتهالك أو "الشقف" نحو جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، حيث تم استقبالهم في مركز الإيواء لمدة يومين ومن ثم تم إخضاعهم للحجر الصحي في إحدى السفن البحرية الإيطالية لمدة 10 أيام.

رحلة المعاناة الحقيقية، وفق قوله، انطلقت بانتهاء مدة الحجر الصحي، فلم يسعفه الحظ للتسلل من الأراضي الإيطالية نحو فرنسا، بل كانت عربة الترحيلات في انتظاره بعد ان قيده شرطيان إيطاليان بالأغلال، بعد تفتيش وصفه بالمذل والمهين لكرامته، ليتم نقله إلى أحد السجون، ومن ثم ترحيله إلى تونس بشكل قسري.

يشعر طه بالمرارة والألم لأن كل ما طلبه هو الحق في التنقل والالتقاء بزوجته الفرنسية، لكنه مع ذلك يؤكد استعداده لركوب البحر مجددا مهما كانت العواقب في سبيل لم شمل العائلة، كما يقول.

بدورها عبرت "سناء" لـ"الصباح"، وهي طالبة ، عن رغبتها بصفة جدية في الهجرة لأي بلد يضمن كرامتها وفق قولها، وأرجعت أسباب رغبتها في الهجرة للظروف المادية القاسية التي تعيشها في تونس رغم سعيها المتواصل للحصول على عمل.

وتقول سناء في حديثها: "أريد الهجرة لأن تونس لا تنسجم مع أبسط طموحاتي، فهنا لدينا حكومات امعنت في سلب احلام الشعب حكومات فشلت  في توفير أبسط ظروف العيش الكريم ، حكومات أزمت الوضع الاقتصادي عوض النهوض به، وقتلت طموح الشباب الباحث عن الكرامة بشتى الطرق"،وفق تعبيرها.

إبراهيم سليمي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews