إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المعارك الأدبية بين شعراء العمودي والنثري.. تخفف الجمود.. تجيب عن الحيرة وتضع النقاط على الحروف

تونس– الصباح

عادة ما تضفي المعارك الادبية على الورق في الكتب والمجلات والجرائد طابعا من الحراك والحيوية على المشهد الثقافي وتنشئ تفاعلا في الآراء بين اعلام الفكر والأدب والمثقفين من القراء .. معارك كلما اندلعت تخفف من طابع الجمود والركود الذي قد تسقط فيه الساحة وتجيب عن الاسئلة الغامضة والمحيرة وتضع الكثير من النقاط على الحروف و تخلص الساحة من المتطفلين والأدعياء .

ومع ظهور الانترنيت تحولت هذه المعارك من الورق الى المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة..وهذا التحول من المنبر الكلاسيكي "المراقب " الى النشر الحر في الفايسبوك مثلا ابعد هذه المعارك عن الكثير من قواعد التعامل النزيه وعن اخلاقيات وأدبيات النقاش خاصة وان باب المشاركة في هذه المواقع مفتوح امام كل راغب سواء كان من النخبة المثقفة او القراء العاديين وحتى " الجاهل " بأدبيات الحوار،وهو ما افقد هذه المعارك اهميتها ومتعتها حتى اصبحت المعارك عبارة عن مشاكسات وتراشق بالتهمابعدت عنها النخبة الحقيقية التي تطور بهذه المعارك الادبية الساحة الادبية والثقافية بصفة عامة .وتبقى من اهم المعارك الادبية واشهرها تلك التي تندلع من حين لآخر بين شعراء العمودي والنثري  وهذه ليست معارك جديدة كما ان شعر النثر ليس جديدا وخاصة بعد ان عثر الباحثون على النثر في العصر الجاهلي  وعلى جذور التفعيلة في القرن الخامس والسادس الهجري وهذا يعني ان انثر ليس ابن عصرنا فقط وانما هو قديم جدا وله حق البقاء تماما مثل الشعر العمودي.حرب ضروس بين اشكال الشعر والمحافظة على الاغراض.

هذه المعارك الادبية في جنس الشعر لم تشمل الاغراض التي ما زالت كما كانت منذ قرون خلت وتتمثل في الغزل والرثاء والقريض والوجدان والاخوانيات والثورة والحماسة والحق والحياة ولكنها شملت الاساليب والأشكال رغم ان التجارب اثبتت بقاء العمودي والتفعيلة جنبا الى جنب في عصرنا هذا وخاصة عند كل ما تمر به الشعوب العربية من ازمات .  وقد عرفت تونس معارك ادبية ازدهرت بها الاجناس الادبية وظهرت من خلالها مدارس مختلفة في الشعر والقصة والرواية وحتى النقد منذ ظهور " جماعة تحت السور " وحركة الطليعة الادبية ومعركة العمودي والحر وحركة شعراء التسعينات التي كانت لها نتائج مهمة..  خلال الكثير من هذه المعارك طرح سؤال هل يعود ازدهار الشعر الحر في تونس وفي بقية البلدان العربية الى الاقتداء بالشعراء الغربيين والانفتاح على الآداب الاجنبية بصفة عامة ونتيجة حتمية لترجمة الشعر الاجنبي والتماهي معه ام انه نتيجة تحولات اجتماعية تماما مثلما كان العروض نتيجة تحولات اجتماعية معينة اثّرت فيه وعليه؟

ازدهرت المعارك الادبية العربية وعرفت اوجها في خمسينيات القرن الماضيوفي هذا المجال يمكن التذكير بتلك التي خاضها انيس منصور في خمسينيات القرن الماضي في مصر حول الفلسفة والوجودية ووجود حضارات في اماكن غير معروفة في العالم ومعارك زكي مبارك ضد احمد امين حول الادب الجاهلي والأدب العربي ومعارك طه حسين والعقاد والمعارك الشعرية التي دارت رحاها في الكثير من البلدان العربية حول نظم القصيدة العربية المعاصرة، ومعركة ريادة الشعر العربي الحديث في العراق بين بدر شاكر السياب ونازك الملائكة التي تدخل فيها كذلك البياتي وبلند الحيدري مطالبين بحق الريادة، ومعركة الشاعران الرصافي والزهاوي الشهيرة في العراق التي امتدت على صفحات المجلات والجرائد اليومية ومعركة قصيدة النثر في مصر التي قادها الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي وانخرط فيها الكثير من الأدباء المصريين واتسعت رقعتها لتشمل الحداثة كلها. في ظل هذه المعارك الادبية ازدهرت الساحة الثقافية والأدبية في كامل البلدان العربية رغم قلة منابر النشر ..

حركة "نص " تواجه المؤسسة النقدية الصارمة

هذه المعارك كانت ترتكز على مثلث بثلاثة اضلع وهي الاديب والمفكر والقارئ يقدون نارها ويذكونها فتنهض بالأدب والنقد والشعر.. الاديب والمفكر يطلقان العنان لأفكارهما ولرغبتهما في التجريب والتجديد والتجاوز واقتراح المختلف عن السائد في الساحة الادبية والثقافية والقارئ الذي يؤمّن التفاعل ويحدث الصدى الذي يشجع على مواصلة المعركة .. ولعل انسحاب القارئ وقلة تجاوبه هو الذي سبب قلة هذه المعارك وتشتتها بعد تشتت النشر نظرا لكثرة المنابر ودخول وسائل الاتصال الحديثة.

وفي هذه السنوات اقتصرت المعارك الادبية تقريبا على تلك التي تقودها " حركة نص" منذ ان تأسست سنة 2010 ومن بين مؤسسيها الشعراء امامة الزاير وعبد الفتاح بن حمودة وخالد الهداجي ونزار الحميدي ...هؤلاء كانوا يؤمنون بالنصّ بغضّ النظر عن أشكاله المتنوعة. وقد سميت حركتهم ب " نص " انتصارا للنص في حد ذاته، ولإيمانهم بان النص الجيّد وحده يخدم القضايا النبيلة. كان هؤلاء المؤسسين –حسب ما صرحت به الشاعرة امامة الزاير في عديد المرات – يؤمنون :"بالمغامرة النصية بعيدا عن متاريس الناقد المهترئة وحدوده المرسومة سلفا. وليس لحركة النص من بداية أو نهاية.. فالنص بطبعه التحرّك أبدا.. وليس من شيمه الركود والاستكانة. كان هدفنا جماليا معلنين التزامنا بقضايا الانسان وبهواجس شارعنا التونسي والعربي..
فكرنا كيف يمكننا من مواقعنا، أن نفعل في هذا الواقع، أن نتجرأ على سمومه، لم نصمت يوما.. ولسنا دمى خرساء. لذلك أعتقد أننا نقوم بواجبنا".                         

وتضيف  الشاعرة :" قد يسمون ما نؤسسه في الساحة الادبية التونسية تشويشا أو ما شاؤوا من مسميات بلا معنى. فنحن نعرف جيدا أنّ النظام اعتاد تسمية كل ما هو خارج عنه بالفوضى بالتشويش و الضوضاء.. وقد كان  لي شرف الفوضى والتشويش... لي شرف أن أكون حرة لا جارية في قافلة العبيد ".                    

  طبعا يعود هذا التصريح الى ما قبل سنة 2011 أي خلال نظام الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي.

رغم حرص وتشدد المؤسسة النقدية العربية وعملها على حصر الشعر في شكل ثابت وتقييد الشعراء بتفاعيل العروض بين بحور رصينة وأخرى لينة وببلاغة محددة سلفا وفرضها لطريق لا بد ان يسلكها الجميع حتى لا ينعتوا بالمارقين ويتم فصلهم من قائمة الشعراء فقد ظهرت قصيدة النثر متجرئة على العروض والبلاغة مكونة لمدرسة الشعر الحر المعتمدة على ايقاعها الداخلي وقد كان اغلب روادها ومؤسسيها قادرين على كتابة الشعر العمودي والحر والنثري ملتزمين بالقضايا العربية والوطنية وبالراهن الثقافية والسياسي.

الالتجاء للقصيد العمودي في القضايا العربية المؤلمة

محاربة القصيدة العمودية والدعوة الى تجاوزها والتخلي عنها عطلتها في البداية وفرضت على رموزها نوعا من العزلة او الاختفاء من الساحة الشعرية ولكنها دفعت وشجعت البعض منهم الى التجريب والمزاوجة بين العمودي والحديث- وقد تمكن من هذه المزاوجة مثلا  الشاعر التونسي جمال الصليعي المشهور جدا في الخليج اكثر من تونس - وفرضوا العمودي بقصائد رائعة زادها حسن الالقاء والإحساس العميق بالكلمة توهجا واقبل عليها الجمهور يطلبها ويصفق لأصحابها  لقوة ايقاعها وقدرتها على النفاذ الى الاعماق ولتجديدها في الخطاب الشعري والناي به عن الخطاب الخشبي المعتاد ولابتعادها عن الضبابية والثرثرة واجترار تجارب السابقين او المعاصرين..
الشعر العمودي، الشعر الحرّ ، قصيدة النثر ، قصيدة الومضة، اشكال واساليب شعرية تعايشت في تونس وازدهرت وظهرت اسماء شعرية كبيرة ذاع صيتها في كامل الوطن العربي وحتى في البلدان الغربية بعد ان ازدهرت حركة الترجمة ونتيجة للانفتاح وتنظيم التظاهرات الدولية الكبرى وفي النهاية امن الجميع بان الشعر ليس بشكله وإنما بما يحمله من زخم ايقاعي تحمله الكلمة وجرس موسيقي ينفذ الى القلب وينعشه ونقله للواقع والراهن..  ولكن ما تمت ملاحظته خلال الازمات العربية والاعتداءات المتكررة على حضارتنا وتعمد القوى العظمى شن الحروب علينا.. عندما احتلت العراق واستبيحت ارواح وأعراض الفلسطينيين  وهزت الكوارث الطبيعية والزلازل المجتمعات العربية توحّد صف اصحاب كل هذه الاشكال والأساليب من الشعراء واجتمعوا على قول الشعر العمودي للتعبير عن قوة الالم وعمق الجراح .. ففي حرب الخليج كانت اغلب القصائد عمودية وقد جربها العديد من الشعراء الذين كانوا يضيقون الخناق على شعراء العمودي وتقريبا ينبذونهم ويرفضونهم ويعتبرون ان التزامهم بالتفعيلة تقليد وعيش في الماضي ورجعية شعرية وبكاء على الاطلال.

علياء بن نحيلة

المعارك الأدبية بين شعراء العمودي والنثري.. تخفف الجمود.. تجيب عن الحيرة وتضع النقاط على الحروف

تونس– الصباح

عادة ما تضفي المعارك الادبية على الورق في الكتب والمجلات والجرائد طابعا من الحراك والحيوية على المشهد الثقافي وتنشئ تفاعلا في الآراء بين اعلام الفكر والأدب والمثقفين من القراء .. معارك كلما اندلعت تخفف من طابع الجمود والركود الذي قد تسقط فيه الساحة وتجيب عن الاسئلة الغامضة والمحيرة وتضع الكثير من النقاط على الحروف و تخلص الساحة من المتطفلين والأدعياء .

ومع ظهور الانترنيت تحولت هذه المعارك من الورق الى المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة..وهذا التحول من المنبر الكلاسيكي "المراقب " الى النشر الحر في الفايسبوك مثلا ابعد هذه المعارك عن الكثير من قواعد التعامل النزيه وعن اخلاقيات وأدبيات النقاش خاصة وان باب المشاركة في هذه المواقع مفتوح امام كل راغب سواء كان من النخبة المثقفة او القراء العاديين وحتى " الجاهل " بأدبيات الحوار،وهو ما افقد هذه المعارك اهميتها ومتعتها حتى اصبحت المعارك عبارة عن مشاكسات وتراشق بالتهمابعدت عنها النخبة الحقيقية التي تطور بهذه المعارك الادبية الساحة الادبية والثقافية بصفة عامة .وتبقى من اهم المعارك الادبية واشهرها تلك التي تندلع من حين لآخر بين شعراء العمودي والنثري  وهذه ليست معارك جديدة كما ان شعر النثر ليس جديدا وخاصة بعد ان عثر الباحثون على النثر في العصر الجاهلي  وعلى جذور التفعيلة في القرن الخامس والسادس الهجري وهذا يعني ان انثر ليس ابن عصرنا فقط وانما هو قديم جدا وله حق البقاء تماما مثل الشعر العمودي.حرب ضروس بين اشكال الشعر والمحافظة على الاغراض.

هذه المعارك الادبية في جنس الشعر لم تشمل الاغراض التي ما زالت كما كانت منذ قرون خلت وتتمثل في الغزل والرثاء والقريض والوجدان والاخوانيات والثورة والحماسة والحق والحياة ولكنها شملت الاساليب والأشكال رغم ان التجارب اثبتت بقاء العمودي والتفعيلة جنبا الى جنب في عصرنا هذا وخاصة عند كل ما تمر به الشعوب العربية من ازمات .  وقد عرفت تونس معارك ادبية ازدهرت بها الاجناس الادبية وظهرت من خلالها مدارس مختلفة في الشعر والقصة والرواية وحتى النقد منذ ظهور " جماعة تحت السور " وحركة الطليعة الادبية ومعركة العمودي والحر وحركة شعراء التسعينات التي كانت لها نتائج مهمة..  خلال الكثير من هذه المعارك طرح سؤال هل يعود ازدهار الشعر الحر في تونس وفي بقية البلدان العربية الى الاقتداء بالشعراء الغربيين والانفتاح على الآداب الاجنبية بصفة عامة ونتيجة حتمية لترجمة الشعر الاجنبي والتماهي معه ام انه نتيجة تحولات اجتماعية تماما مثلما كان العروض نتيجة تحولات اجتماعية معينة اثّرت فيه وعليه؟

ازدهرت المعارك الادبية العربية وعرفت اوجها في خمسينيات القرن الماضيوفي هذا المجال يمكن التذكير بتلك التي خاضها انيس منصور في خمسينيات القرن الماضي في مصر حول الفلسفة والوجودية ووجود حضارات في اماكن غير معروفة في العالم ومعارك زكي مبارك ضد احمد امين حول الادب الجاهلي والأدب العربي ومعارك طه حسين والعقاد والمعارك الشعرية التي دارت رحاها في الكثير من البلدان العربية حول نظم القصيدة العربية المعاصرة، ومعركة ريادة الشعر العربي الحديث في العراق بين بدر شاكر السياب ونازك الملائكة التي تدخل فيها كذلك البياتي وبلند الحيدري مطالبين بحق الريادة، ومعركة الشاعران الرصافي والزهاوي الشهيرة في العراق التي امتدت على صفحات المجلات والجرائد اليومية ومعركة قصيدة النثر في مصر التي قادها الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي وانخرط فيها الكثير من الأدباء المصريين واتسعت رقعتها لتشمل الحداثة كلها. في ظل هذه المعارك الادبية ازدهرت الساحة الثقافية والأدبية في كامل البلدان العربية رغم قلة منابر النشر ..

حركة "نص " تواجه المؤسسة النقدية الصارمة

هذه المعارك كانت ترتكز على مثلث بثلاثة اضلع وهي الاديب والمفكر والقارئ يقدون نارها ويذكونها فتنهض بالأدب والنقد والشعر.. الاديب والمفكر يطلقان العنان لأفكارهما ولرغبتهما في التجريب والتجديد والتجاوز واقتراح المختلف عن السائد في الساحة الادبية والثقافية والقارئ الذي يؤمّن التفاعل ويحدث الصدى الذي يشجع على مواصلة المعركة .. ولعل انسحاب القارئ وقلة تجاوبه هو الذي سبب قلة هذه المعارك وتشتتها بعد تشتت النشر نظرا لكثرة المنابر ودخول وسائل الاتصال الحديثة.

وفي هذه السنوات اقتصرت المعارك الادبية تقريبا على تلك التي تقودها " حركة نص" منذ ان تأسست سنة 2010 ومن بين مؤسسيها الشعراء امامة الزاير وعبد الفتاح بن حمودة وخالد الهداجي ونزار الحميدي ...هؤلاء كانوا يؤمنون بالنصّ بغضّ النظر عن أشكاله المتنوعة. وقد سميت حركتهم ب " نص " انتصارا للنص في حد ذاته، ولإيمانهم بان النص الجيّد وحده يخدم القضايا النبيلة. كان هؤلاء المؤسسين –حسب ما صرحت به الشاعرة امامة الزاير في عديد المرات – يؤمنون :"بالمغامرة النصية بعيدا عن متاريس الناقد المهترئة وحدوده المرسومة سلفا. وليس لحركة النص من بداية أو نهاية.. فالنص بطبعه التحرّك أبدا.. وليس من شيمه الركود والاستكانة. كان هدفنا جماليا معلنين التزامنا بقضايا الانسان وبهواجس شارعنا التونسي والعربي..
فكرنا كيف يمكننا من مواقعنا، أن نفعل في هذا الواقع، أن نتجرأ على سمومه، لم نصمت يوما.. ولسنا دمى خرساء. لذلك أعتقد أننا نقوم بواجبنا".                         

وتضيف  الشاعرة :" قد يسمون ما نؤسسه في الساحة الادبية التونسية تشويشا أو ما شاؤوا من مسميات بلا معنى. فنحن نعرف جيدا أنّ النظام اعتاد تسمية كل ما هو خارج عنه بالفوضى بالتشويش و الضوضاء.. وقد كان  لي شرف الفوضى والتشويش... لي شرف أن أكون حرة لا جارية في قافلة العبيد ".                    

  طبعا يعود هذا التصريح الى ما قبل سنة 2011 أي خلال نظام الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي.

رغم حرص وتشدد المؤسسة النقدية العربية وعملها على حصر الشعر في شكل ثابت وتقييد الشعراء بتفاعيل العروض بين بحور رصينة وأخرى لينة وببلاغة محددة سلفا وفرضها لطريق لا بد ان يسلكها الجميع حتى لا ينعتوا بالمارقين ويتم فصلهم من قائمة الشعراء فقد ظهرت قصيدة النثر متجرئة على العروض والبلاغة مكونة لمدرسة الشعر الحر المعتمدة على ايقاعها الداخلي وقد كان اغلب روادها ومؤسسيها قادرين على كتابة الشعر العمودي والحر والنثري ملتزمين بالقضايا العربية والوطنية وبالراهن الثقافية والسياسي.

الالتجاء للقصيد العمودي في القضايا العربية المؤلمة

محاربة القصيدة العمودية والدعوة الى تجاوزها والتخلي عنها عطلتها في البداية وفرضت على رموزها نوعا من العزلة او الاختفاء من الساحة الشعرية ولكنها دفعت وشجعت البعض منهم الى التجريب والمزاوجة بين العمودي والحديث- وقد تمكن من هذه المزاوجة مثلا  الشاعر التونسي جمال الصليعي المشهور جدا في الخليج اكثر من تونس - وفرضوا العمودي بقصائد رائعة زادها حسن الالقاء والإحساس العميق بالكلمة توهجا واقبل عليها الجمهور يطلبها ويصفق لأصحابها  لقوة ايقاعها وقدرتها على النفاذ الى الاعماق ولتجديدها في الخطاب الشعري والناي به عن الخطاب الخشبي المعتاد ولابتعادها عن الضبابية والثرثرة واجترار تجارب السابقين او المعاصرين..
الشعر العمودي، الشعر الحرّ ، قصيدة النثر ، قصيدة الومضة، اشكال واساليب شعرية تعايشت في تونس وازدهرت وظهرت اسماء شعرية كبيرة ذاع صيتها في كامل الوطن العربي وحتى في البلدان الغربية بعد ان ازدهرت حركة الترجمة ونتيجة للانفتاح وتنظيم التظاهرات الدولية الكبرى وفي النهاية امن الجميع بان الشعر ليس بشكله وإنما بما يحمله من زخم ايقاعي تحمله الكلمة وجرس موسيقي ينفذ الى القلب وينعشه ونقله للواقع والراهن..  ولكن ما تمت ملاحظته خلال الازمات العربية والاعتداءات المتكررة على حضارتنا وتعمد القوى العظمى شن الحروب علينا.. عندما احتلت العراق واستبيحت ارواح وأعراض الفلسطينيين  وهزت الكوارث الطبيعية والزلازل المجتمعات العربية توحّد صف اصحاب كل هذه الاشكال والأساليب من الشعراء واجتمعوا على قول الشعر العمودي للتعبير عن قوة الالم وعمق الجراح .. ففي حرب الخليج كانت اغلب القصائد عمودية وقد جربها العديد من الشعراء الذين كانوا يضيقون الخناق على شعراء العمودي وتقريبا ينبذونهم ويرفضونهم ويعتبرون ان التزامهم بالتفعيلة تقليد وعيش في الماضي ورجعية شعرية وبكاء على الاطلال.

علياء بن نحيلة

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews