إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

عقد اجتماعي جديد أم وثيقة لاستئناف المفاوضات الاجتماعية : على ماذا أمضى الاتحاد ؟

بقلم: نوفل سلامة

يبدو أن خطاب الغموض وعدم الوضوح ما زال هو المتحكم في العملية التواصلية التي تنتهجها حكومة السيدة نجلاء بودن منذ الإعلان عن تنفيذ التدابير الاستثنائية يوم 25 جويلية 2021 .. ويبدو كذلك أن سياسة المناورة والإيهام والمرور بقوة هو الأسلوب المسيطر على المشهد العام بالبلاد وخاصة في علاقة بالمشهد السياسي وبكيفية إدارة الحكم .. نقول هذا الكلام ليس انطباعا شخصيا وإنما هو حقيقة باتت اليوم ثابتة ونراها في كل خطوة تخطى لحلحلة الوضع المأزوم والخروج من حالة الانسداد السياسي الذي ما زال يرافقنا رغم أن استفتاء 25 جويلية الأخير قد أنهى المعركة السياسية بين من يعارض وبين من يحكم وأنهى كذلك حالة تنازع الشرعيات لصالح شرعية وحيدة هي شرعية الرئيس قيس سعيد والدليل هذه المرة في هيمنة حالة اللبس في العلاقات ما حصل في الإجتماع الذي جمع كل من الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول ورئيسة الحكومة نجلاء بودن وبحضور وإشراف مديرة مكتب منظمة العمل الدولية لبلدان المغرب العربي " رانيا يخعازي " التي لعبت دورا كبيرا في عقد هذا اللقاء وبذلت جهدا لتقريب وجهات النظر من أجل تجاوز الخلافات والعودة إلى طاولة الحوار نحو الاتفاق على خارطة طريق اجتماعية تعيد الاستقرار والهدوء الذي تطالب به الأطراف الأجنبية لمواصلة التعامل مع تونس ومواصلة دعمها للمسار الديمقراطي الذي اختارته البلاد بعد الثورة.

هذا اللقاء الثلاثي الذي تم برعاية طرف أجنبي أفضى كما هو معلوم إلى اتفاق قدمته الحكومة التونسية إلى الرأي العام على أنه اتفاق على عقد اجتماعي جديد هو بمثابة الحدث التاريخي بعد فترة من الفتور والتوتر وسوء الفهم عرفتها العلاقة بين الاتحاد ومنظومة حكم 25 جويلية وبعد مرحلة عرفت الكثير من الشد والجذب والاتهامات المتبادلة وفقدان الثقة بين الطرفين دامت أكثر من اللزوم، مرحلة شهدت خلافات حادة حول جملة من المواضيع في مقدمتها المفاوضات الاجتماعية المعطلة والزيادة في أجور الموظفين ومسألة رفع الدعم عن المواد الأساسية لعيش المواطن الذي يراه الاتحاد سابقا لأوانه ويحتاج رؤية تشاركية لا تقصي الاتحاد وملف تسوية وضعية المؤسسات العمومية التي تشكو صعوبات مالية وملف الصناديق الاجتماعية وسؤال تسريح العمال والتخلي عن الانتدابات وغير ذلك من القضايا الاجتماعية الحارقة و سوقت له اعلاميا على أنه إمضاء على عقد اجتماعي ينهي المشاحنات والخلافات ويفتح الباب إلى الدخول في مرحلة سياسية جديدة تحتاج فيها البلاد إلى الاستقرار والهدوء ما يسمح بالمضي في تنفيذ الاصلاحات الملحة التي يطالب بها صندوق النقد الدولي وتجاوز الصعوبات التي تمر بها البلاد وخاصة السماح بالانطلاق بسرعة في تنفيذ الوعود التي وعد بها رئيس الجمهورية وتحقيق الرقي الاقتصادي والاجتماعي الذي يطالب به الناس والذي من أجله صوت جزء من الشعب على الدستور الجديد.

هذه رؤية السيدة نجلاء بودن لهذا اللقاء وهذه قراءة الحكومة لما تم الاتفاق والإمضاء عليه حيث سارعت هذه الأخيرة بعد انتهاء اللقاء إلى نشر الوثيقة التي امضت عليها المنظمات الاجتماعية والتي جاءت في صفحتين مع إدراج صورة جماعية للأطراف الثلاث الموقعة الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه للتأويل والجدل والقراءات المختلفة حول حقيقة وجود عقد اجتماعي جديد بين الاتحاد والحكومة وطرح السؤال حول حقيقة الوثيقة التي أمضى عليها الاتحاد.

لم ننتظر طويلا حتى جاء الرد سريعا من قيادة الاتحاد التي صرحت عشية الاجتماع بأن اللقاء الذي حصل مع منظمة الأعراف ورئيسة الحكومة وبحضور ممثلة منظمة العمل الدولية لم يكن من أجل الاتفاق على بنود عقد اجتماعي جديد كما لم يكن في إطار دراسة مضمون بنود عقد اجتماعي تقترحه الحكومة ذلك أن البلاد حسب الاتحاد تتوفر على عقد اجتماعي تم إمضاؤه منذ سنة 2013 وهو مازال صالحا وتم الاتفاق صلبه على المسائل الحيوية التي تحقق الاستقرار السياسي والأمان الاجتماعي ما يسمح للبلاد بالانطلاق نحو تحقيق التنمية المنشودة وأن الوثيقة التي أمضى عليها اتحاد الشغل بمعية إتحاد الاعراف هي وثيقة من أجل استئناف التفاوض مع الحكومة ومواصلة الحوار والنقاش المتعثر منذ 25 جويلية 2021 والعودة إلى الحوارات المنقطعة منذ ذلك التاريخ والتوقف عن اتباع سياسة المشاحنات والرشق بالتهم والتخوين مع الاتحاد .. ما تم الاتفاق عليه في الحقيقة هو وثيقة لاستعادة الثقة بين الحكومة والاتحاد هي عبارة على إعلان نوايا حسنة وطي صفحة الخلافات والذهاب إلى طاولة الحوار المفضي إلى تلبية المطالب الاجتماعية من أجل تحقيق حالة من السلم الاجتماعي يطالب بها الجميع الشعب قبل الحكومة ذلك أن الاتحاد يعتبر ان معالجة القضايا الشائكة يتطلب التمسك بالحوار واعتماد رؤية تشاركية ويحتاج إلى التفاوض بدل خيار الانفراد بالرأي والتمسك بالمقاربة الأحادية وفرض الأمر الواقع وإقصاء الشريك الاجتماعي والطرف النقابي المعني في المقام الأول بالوضع الاجتماعي.

وهذا يعني أن ما تم الترويج له من طرف الحكومة بخصوص اللقاء الذي جمع الاتحادين والحكومة وبحضور ممثل عن منظمة العمل الدولية لم يكن اجتماعا من أجل الإمضاء على عقد اجتماعي جديد وإنما كان لقاء من أجل استئناف الحوار والنقاش حول المسائل الاجتماعية المتعثرة لا غير وأنه على خلاف ما روجت له الحكومة فإن ما تم الإمضاء عليه هو وثيقة للعودة إلى طاولة المفاوضات الاجتماعية .

ويعني كذلك أن قراءة الحكومة لهذا الاجتماع الذي سوقت له خارجيا وداخليا على أنه امضاء تاريخي على عقد اجتماعي جديد هو في نظر الاتحاد العام التونسي للشغل مواصلة في خطاب الغموض والخطاب الملتوي الذي يبطن أكثر مما يظهر وهي سياسة متواصلة تتبعها الحكومة تنتج وضعية الالتباس وعدم وضوح في الرؤية وهو خطاب تواصلي يقوم على قول الحقيقة من جانب واحد وهي وضعية لا تساعد على استعادة الثقة ولا تبنى علاقات واضحة ولا تسمح بالحديث بنفس اللغة بين المحاورين ويبدو أن القراءة المختلفة لمخرجات هذا اللقاء بين الحكومة والاتحاد دليل على أن الاطراف المتحاورة غير متفقة منذ البداية على أساسيات الحوار وفحوى اللقاء وعلامة على أن كل محاور له قناعاته ومنطقاته ومخرجاته التي جاء بها قبل البدء في الحوار ويبدو كذلك أننا أمام مشهد ما زال يراوح مكانه وأمام مأزق الخطاب التواصلي المبهم الذي لا يؤسس معنى وهذه مشكلة كبرى تعاني منها منظومة حكم 25 جويلية التي عودتنا على مثل هذا الخطاب التواصلي الذي لا يحقق معنى واضحا ويستمر في لعبة الغموض واللبس الأسلوب الذي يوفر هامشا من المناورة والتحرك الحر من دون تحمل أي مسؤولية تجعله تحت طائلة المحاسبة الشعبية.

 

عقد اجتماعي جديد أم وثيقة لاستئناف المفاوضات الاجتماعية : على ماذا أمضى الاتحاد ؟

بقلم: نوفل سلامة

يبدو أن خطاب الغموض وعدم الوضوح ما زال هو المتحكم في العملية التواصلية التي تنتهجها حكومة السيدة نجلاء بودن منذ الإعلان عن تنفيذ التدابير الاستثنائية يوم 25 جويلية 2021 .. ويبدو كذلك أن سياسة المناورة والإيهام والمرور بقوة هو الأسلوب المسيطر على المشهد العام بالبلاد وخاصة في علاقة بالمشهد السياسي وبكيفية إدارة الحكم .. نقول هذا الكلام ليس انطباعا شخصيا وإنما هو حقيقة باتت اليوم ثابتة ونراها في كل خطوة تخطى لحلحلة الوضع المأزوم والخروج من حالة الانسداد السياسي الذي ما زال يرافقنا رغم أن استفتاء 25 جويلية الأخير قد أنهى المعركة السياسية بين من يعارض وبين من يحكم وأنهى كذلك حالة تنازع الشرعيات لصالح شرعية وحيدة هي شرعية الرئيس قيس سعيد والدليل هذه المرة في هيمنة حالة اللبس في العلاقات ما حصل في الإجتماع الذي جمع كل من الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول ورئيسة الحكومة نجلاء بودن وبحضور وإشراف مديرة مكتب منظمة العمل الدولية لبلدان المغرب العربي " رانيا يخعازي " التي لعبت دورا كبيرا في عقد هذا اللقاء وبذلت جهدا لتقريب وجهات النظر من أجل تجاوز الخلافات والعودة إلى طاولة الحوار نحو الاتفاق على خارطة طريق اجتماعية تعيد الاستقرار والهدوء الذي تطالب به الأطراف الأجنبية لمواصلة التعامل مع تونس ومواصلة دعمها للمسار الديمقراطي الذي اختارته البلاد بعد الثورة.

هذا اللقاء الثلاثي الذي تم برعاية طرف أجنبي أفضى كما هو معلوم إلى اتفاق قدمته الحكومة التونسية إلى الرأي العام على أنه اتفاق على عقد اجتماعي جديد هو بمثابة الحدث التاريخي بعد فترة من الفتور والتوتر وسوء الفهم عرفتها العلاقة بين الاتحاد ومنظومة حكم 25 جويلية وبعد مرحلة عرفت الكثير من الشد والجذب والاتهامات المتبادلة وفقدان الثقة بين الطرفين دامت أكثر من اللزوم، مرحلة شهدت خلافات حادة حول جملة من المواضيع في مقدمتها المفاوضات الاجتماعية المعطلة والزيادة في أجور الموظفين ومسألة رفع الدعم عن المواد الأساسية لعيش المواطن الذي يراه الاتحاد سابقا لأوانه ويحتاج رؤية تشاركية لا تقصي الاتحاد وملف تسوية وضعية المؤسسات العمومية التي تشكو صعوبات مالية وملف الصناديق الاجتماعية وسؤال تسريح العمال والتخلي عن الانتدابات وغير ذلك من القضايا الاجتماعية الحارقة و سوقت له اعلاميا على أنه إمضاء على عقد اجتماعي ينهي المشاحنات والخلافات ويفتح الباب إلى الدخول في مرحلة سياسية جديدة تحتاج فيها البلاد إلى الاستقرار والهدوء ما يسمح بالمضي في تنفيذ الاصلاحات الملحة التي يطالب بها صندوق النقد الدولي وتجاوز الصعوبات التي تمر بها البلاد وخاصة السماح بالانطلاق بسرعة في تنفيذ الوعود التي وعد بها رئيس الجمهورية وتحقيق الرقي الاقتصادي والاجتماعي الذي يطالب به الناس والذي من أجله صوت جزء من الشعب على الدستور الجديد.

هذه رؤية السيدة نجلاء بودن لهذا اللقاء وهذه قراءة الحكومة لما تم الاتفاق والإمضاء عليه حيث سارعت هذه الأخيرة بعد انتهاء اللقاء إلى نشر الوثيقة التي امضت عليها المنظمات الاجتماعية والتي جاءت في صفحتين مع إدراج صورة جماعية للأطراف الثلاث الموقعة الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه للتأويل والجدل والقراءات المختلفة حول حقيقة وجود عقد اجتماعي جديد بين الاتحاد والحكومة وطرح السؤال حول حقيقة الوثيقة التي أمضى عليها الاتحاد.

لم ننتظر طويلا حتى جاء الرد سريعا من قيادة الاتحاد التي صرحت عشية الاجتماع بأن اللقاء الذي حصل مع منظمة الأعراف ورئيسة الحكومة وبحضور ممثلة منظمة العمل الدولية لم يكن من أجل الاتفاق على بنود عقد اجتماعي جديد كما لم يكن في إطار دراسة مضمون بنود عقد اجتماعي تقترحه الحكومة ذلك أن البلاد حسب الاتحاد تتوفر على عقد اجتماعي تم إمضاؤه منذ سنة 2013 وهو مازال صالحا وتم الاتفاق صلبه على المسائل الحيوية التي تحقق الاستقرار السياسي والأمان الاجتماعي ما يسمح للبلاد بالانطلاق نحو تحقيق التنمية المنشودة وأن الوثيقة التي أمضى عليها اتحاد الشغل بمعية إتحاد الاعراف هي وثيقة من أجل استئناف التفاوض مع الحكومة ومواصلة الحوار والنقاش المتعثر منذ 25 جويلية 2021 والعودة إلى الحوارات المنقطعة منذ ذلك التاريخ والتوقف عن اتباع سياسة المشاحنات والرشق بالتهم والتخوين مع الاتحاد .. ما تم الاتفاق عليه في الحقيقة هو وثيقة لاستعادة الثقة بين الحكومة والاتحاد هي عبارة على إعلان نوايا حسنة وطي صفحة الخلافات والذهاب إلى طاولة الحوار المفضي إلى تلبية المطالب الاجتماعية من أجل تحقيق حالة من السلم الاجتماعي يطالب بها الجميع الشعب قبل الحكومة ذلك أن الاتحاد يعتبر ان معالجة القضايا الشائكة يتطلب التمسك بالحوار واعتماد رؤية تشاركية ويحتاج إلى التفاوض بدل خيار الانفراد بالرأي والتمسك بالمقاربة الأحادية وفرض الأمر الواقع وإقصاء الشريك الاجتماعي والطرف النقابي المعني في المقام الأول بالوضع الاجتماعي.

وهذا يعني أن ما تم الترويج له من طرف الحكومة بخصوص اللقاء الذي جمع الاتحادين والحكومة وبحضور ممثل عن منظمة العمل الدولية لم يكن اجتماعا من أجل الإمضاء على عقد اجتماعي جديد وإنما كان لقاء من أجل استئناف الحوار والنقاش حول المسائل الاجتماعية المتعثرة لا غير وأنه على خلاف ما روجت له الحكومة فإن ما تم الإمضاء عليه هو وثيقة للعودة إلى طاولة المفاوضات الاجتماعية .

ويعني كذلك أن قراءة الحكومة لهذا الاجتماع الذي سوقت له خارجيا وداخليا على أنه امضاء تاريخي على عقد اجتماعي جديد هو في نظر الاتحاد العام التونسي للشغل مواصلة في خطاب الغموض والخطاب الملتوي الذي يبطن أكثر مما يظهر وهي سياسة متواصلة تتبعها الحكومة تنتج وضعية الالتباس وعدم وضوح في الرؤية وهو خطاب تواصلي يقوم على قول الحقيقة من جانب واحد وهي وضعية لا تساعد على استعادة الثقة ولا تبنى علاقات واضحة ولا تسمح بالحديث بنفس اللغة بين المحاورين ويبدو أن القراءة المختلفة لمخرجات هذا اللقاء بين الحكومة والاتحاد دليل على أن الاطراف المتحاورة غير متفقة منذ البداية على أساسيات الحوار وفحوى اللقاء وعلامة على أن كل محاور له قناعاته ومنطقاته ومخرجاته التي جاء بها قبل البدء في الحوار ويبدو كذلك أننا أمام مشهد ما زال يراوح مكانه وأمام مأزق الخطاب التواصلي المبهم الذي لا يؤسس معنى وهذه مشكلة كبرى تعاني منها منظومة حكم 25 جويلية التي عودتنا على مثل هذا الخطاب التواصلي الذي لا يحقق معنى واضحا ويستمر في لعبة الغموض واللبس الأسلوب الذي يوفر هامشا من المناورة والتحرك الحر من دون تحمل أي مسؤولية تجعله تحت طائلة المحاسبة الشعبية.

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews