إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المحكمة الدستورية.. التوقيع أو عدم التوقيع لن يغير المعادلة  

لم يكن توقيع الرئيس على مشروع قانون المحكمة الدستورية وكذلك عدم توقيعه الحدث الفارق الذي سيغير معادلة العلاقة بين الرئاسة والبرلمان.

كما لم يكن انتظار أجل 4 أيام الدستورية(التي انتهت أمس السبت) من تاريخ المصادقة الثانية للبرلمان عن مشروع تنقيح القانون الأساسي للمحكمة الدستورية، لمعرفة موقف الرئيس، بمثابة الإعلان عن انفراج الأزمة أو الدخول في منعرج جديد، لأن منطق المغالبة والتصريحات النارية المتبادلة ومناخ انعدام الثقة وتصيد الأخطاء والحرص على تسجيل النقاط في مرمى الخصم أكثر من الحرص على الحلول لمشاكل بلاد ومنظومة تبدو متواصلة وحلها ليس رهين المحكمة الدستورية فقط.  

 يعلم الجميع  أن جذور المأزق عميقة وغياب المحكمة الدستورية على امتداد العهدة الانتخابية الفارطة وواقع المشهد السياسي والبرلماني بعد الانتخابات الأخيرة  جعل حل الأزمة مستعصيا قانونيا ورهين توافق سياسي صعب المنال في ظل حالة التشرذم وحدة التجاذبات المتصاعدة.

ضبابية في الأفق

ولا تلوح في الأفق القريب بوادر انفراج أو تغيير جذري في معادلة حروب الكل ضد الكل. كما يصعب التكهن بمدى قدرة الفرقاء اليوم على الجلوس على طاولة التفاوض لا سيما مع تتالي تعثر مبادرة الحوار التي تتقاذفها التصريحات والحسابات ومازالت في حكم المجهول في غياب مناخ تهدئة حقيقي.

 وآخر هذه السجالات والتصريحات المتبادلة تلك الصادرة عن  نائب رئيس حركة النهضة علي العريض، حين تحدث عن "إمكانية وجود الرئاسة في الحوار الوطني لا تزال قائمة، والأفضل أن يكون الرئيس راعياً ومشاركاً، وبإمكانه استعادة موقعه إذا تجاوز حالة الاصطفاف”، مستدركا بأن "الحوار دون الرئاسة ليس مستحيلاً إذا أصرت على ذلك، وبإمكانه أن يتمّ بين الأحزاب والمنظمات الاجتماعية، ويفضي إلى خير كثير للبلاد"، على حد تعبيره.

ليأتيه الرد من الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل والناطق باسمه سامي الطاهري معتبرا تصريحات العريض - وقوله بأن الحوار من دون رئاسة الجمهورية ليس مستحيلا- فتنة.

تأزم منظومة

تدفع الأزمة المتشعبة وتعثر الحوار والحلول للإقرار بأن مأزق المحكمة الدستورية كان بمثابة الضمانة الأخيرة قبل الاقرار بمأزق أكبر لمسار الانتقال ودخوله غرفة الانعاش منذ فترة.

ولعل ما تؤكده باستمرار تقارير الدولة يصب في باب تقلص الثقة في التجربة التونسية وبداية تآكل المنظومة حتى قبل أن يكتمل بناؤها.

 فقد كشف تقرير صادر عن المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية (مكتب تونس) مؤخرا أن تطبيق الدستور في تونس كان محتشمًا، حيث لم يصادق مجلس نواب الشعب خلال الفترة الممتدة من 2020 إلى 31 مارس 2021 ( 6 أشهر)، على أيّ قانون يتعلق بالحقوق المدنية والسياسـية والمساواة والفصل بين السلطات واستقلالية القضاء ودولة القانون والشفافية والهيئات الدستورية المستقلة واللامركزية، « ما يجعل عدّة أحكام من الدستور غير منزّلة بعد ».

كما تعرض تقرير هذه المنظمة الصادر بداية الأسبوع، بخصوص "متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى الإطار القانوني "، إلى « التأخر » الحاصل في إرساء المحكمة الدستورية، التي اعتبر أنها تحتل مكانة محورية صلب الهيكلة المؤسساتية التونسية، مذكّرًا بأنه كان من المفترض إرساؤها في أجل أقصاه سنة من تاريخ الانتخابات التشريعية لسنة 2014 حسب نصّ الدستور.

أمّا بخصوص اللامركزية، فقد أوضح تقرير المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية أنه تم إصدار أمر حكومي وحيد خلال فترة المتابعة الأخيرة ( أكتوبر 2020/مارس 2021) ليصل عدد الأوامر المنشورة إلى حدّ يوم 31 مارس 2021، ثلاثة عشر أمرًا من جملة الأربعين أمرا المنصوص عليها في مجلّة الجماعات المحلية الصادرة في 9 ماي 2018. علما وأنّ تجسيد اللامركزية والباب السابع من الدستور المتعلق بالسلطة المحلية يتوقف على سنّ هذه النصوص.

وفي ما يتعلق بالهيئات الدستورية المستقلة المنصوص عليها في الباب السادس من الدستور والبالغ عددها خمس، لاحظ التقرير أنه لم يتم إرساء إلا هيئة واحدة وهي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بينما لايزال مسار إرساء هيئة الاتصال السمعي البصري وهيئة حقوق الإنسان وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة وكذلك هيئة الحوكمة الرشيدة و مكافحة الفساد، معطّلاً.

وأكد أن هذا التأخير الكبير في تطبيق الدستور يجعل من الهيكلة المؤسساتية غير مكتملة بعد 7 سنوات من المصادقة عليه.

م.ي

المحكمة الدستورية.. التوقيع أو عدم التوقيع لن يغير المعادلة  

لم يكن توقيع الرئيس على مشروع قانون المحكمة الدستورية وكذلك عدم توقيعه الحدث الفارق الذي سيغير معادلة العلاقة بين الرئاسة والبرلمان.

كما لم يكن انتظار أجل 4 أيام الدستورية(التي انتهت أمس السبت) من تاريخ المصادقة الثانية للبرلمان عن مشروع تنقيح القانون الأساسي للمحكمة الدستورية، لمعرفة موقف الرئيس، بمثابة الإعلان عن انفراج الأزمة أو الدخول في منعرج جديد، لأن منطق المغالبة والتصريحات النارية المتبادلة ومناخ انعدام الثقة وتصيد الأخطاء والحرص على تسجيل النقاط في مرمى الخصم أكثر من الحرص على الحلول لمشاكل بلاد ومنظومة تبدو متواصلة وحلها ليس رهين المحكمة الدستورية فقط.  

 يعلم الجميع  أن جذور المأزق عميقة وغياب المحكمة الدستورية على امتداد العهدة الانتخابية الفارطة وواقع المشهد السياسي والبرلماني بعد الانتخابات الأخيرة  جعل حل الأزمة مستعصيا قانونيا ورهين توافق سياسي صعب المنال في ظل حالة التشرذم وحدة التجاذبات المتصاعدة.

ضبابية في الأفق

ولا تلوح في الأفق القريب بوادر انفراج أو تغيير جذري في معادلة حروب الكل ضد الكل. كما يصعب التكهن بمدى قدرة الفرقاء اليوم على الجلوس على طاولة التفاوض لا سيما مع تتالي تعثر مبادرة الحوار التي تتقاذفها التصريحات والحسابات ومازالت في حكم المجهول في غياب مناخ تهدئة حقيقي.

 وآخر هذه السجالات والتصريحات المتبادلة تلك الصادرة عن  نائب رئيس حركة النهضة علي العريض، حين تحدث عن "إمكانية وجود الرئاسة في الحوار الوطني لا تزال قائمة، والأفضل أن يكون الرئيس راعياً ومشاركاً، وبإمكانه استعادة موقعه إذا تجاوز حالة الاصطفاف”، مستدركا بأن "الحوار دون الرئاسة ليس مستحيلاً إذا أصرت على ذلك، وبإمكانه أن يتمّ بين الأحزاب والمنظمات الاجتماعية، ويفضي إلى خير كثير للبلاد"، على حد تعبيره.

ليأتيه الرد من الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل والناطق باسمه سامي الطاهري معتبرا تصريحات العريض - وقوله بأن الحوار من دون رئاسة الجمهورية ليس مستحيلا- فتنة.

تأزم منظومة

تدفع الأزمة المتشعبة وتعثر الحوار والحلول للإقرار بأن مأزق المحكمة الدستورية كان بمثابة الضمانة الأخيرة قبل الاقرار بمأزق أكبر لمسار الانتقال ودخوله غرفة الانعاش منذ فترة.

ولعل ما تؤكده باستمرار تقارير الدولة يصب في باب تقلص الثقة في التجربة التونسية وبداية تآكل المنظومة حتى قبل أن يكتمل بناؤها.

 فقد كشف تقرير صادر عن المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية (مكتب تونس) مؤخرا أن تطبيق الدستور في تونس كان محتشمًا، حيث لم يصادق مجلس نواب الشعب خلال الفترة الممتدة من 2020 إلى 31 مارس 2021 ( 6 أشهر)، على أيّ قانون يتعلق بالحقوق المدنية والسياسـية والمساواة والفصل بين السلطات واستقلالية القضاء ودولة القانون والشفافية والهيئات الدستورية المستقلة واللامركزية، « ما يجعل عدّة أحكام من الدستور غير منزّلة بعد ».

كما تعرض تقرير هذه المنظمة الصادر بداية الأسبوع، بخصوص "متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى الإطار القانوني "، إلى « التأخر » الحاصل في إرساء المحكمة الدستورية، التي اعتبر أنها تحتل مكانة محورية صلب الهيكلة المؤسساتية التونسية، مذكّرًا بأنه كان من المفترض إرساؤها في أجل أقصاه سنة من تاريخ الانتخابات التشريعية لسنة 2014 حسب نصّ الدستور.

أمّا بخصوص اللامركزية، فقد أوضح تقرير المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية أنه تم إصدار أمر حكومي وحيد خلال فترة المتابعة الأخيرة ( أكتوبر 2020/مارس 2021) ليصل عدد الأوامر المنشورة إلى حدّ يوم 31 مارس 2021، ثلاثة عشر أمرًا من جملة الأربعين أمرا المنصوص عليها في مجلّة الجماعات المحلية الصادرة في 9 ماي 2018. علما وأنّ تجسيد اللامركزية والباب السابع من الدستور المتعلق بالسلطة المحلية يتوقف على سنّ هذه النصوص.

وفي ما يتعلق بالهيئات الدستورية المستقلة المنصوص عليها في الباب السادس من الدستور والبالغ عددها خمس، لاحظ التقرير أنه لم يتم إرساء إلا هيئة واحدة وهي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بينما لايزال مسار إرساء هيئة الاتصال السمعي البصري وهيئة حقوق الإنسان وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة وكذلك هيئة الحوكمة الرشيدة و مكافحة الفساد، معطّلاً.

وأكد أن هذا التأخير الكبير في تطبيق الدستور يجعل من الهيكلة المؤسساتية غير مكتملة بعد 7 سنوات من المصادقة عليه.

م.ي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews