إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد أن فهم خطوط اللعبة.. الجيش التونسي ينأي بنفسه عن عبث السياسيين ويؤكد حياديته مجددا



انهت المؤسسة العسكرية امس الاول جدل التدخل العسكري في الحياة السياسية وذلك بعد جلسة الاستماع لوزير الدفاع إبراهيم البرتاجي أمام لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح بمجلس نواب الشعب.

واذ اكدت المؤسسة العسكرية ترفعها عن المشاغل السياسية، فإنها،أيضا أنهت دعوات بعض دعاة التداخل السياسي بالعسكري سواء من خلال دعوة الرئيس لتفعيل الفصل 80 من الدستور أو عبر الدفع بالمؤسسة لتعويض من فشلوا في تفعيل ادوارهم تحت قبة البرلمان وخارجها قصد ضمان تغيير موازين القوى السياسية.

ولم تهدأ شخصيات سياسية وبرلمانية في اقحام الجيش ضمن دائرة الصراع الذي احتد اكثر مع مغادرة الوزير السابق والامين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي محمد عبو حكومة الياس الفخفاخ بعد سعي الإطاحة بها برلمانيا ودعوة قيس سعيد لاستقالتها لاحقا.

أولى دعوات التدخل جاءت يوم 30 نوفمبر 2020 حين توجه محمد عبو في رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد وحمّله مسؤولية انقاذ البلاد باتخاذ الخطوات اللازمة لذلك.

وقد زادت دعوة عبو تأثيرا اثر استضافته في قناة الحوار التونسي يوم 1 ديسمبر حين  خاطب الرئيس قائلا: “سيدي الرئيس المخرج اليوم عندك انت والا خلي الناس تخرج للشارع”، مقترحا تفعيل الفصل 80 من الدستور المتعلق بخطر داهم وعدم اجراء أي حوار مع النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة وتطبيق القانون عليهم.

ومع ارتفاع حماس محمد عبو لنشر الجيش ارتفعت الاصوات المنددة بهذا الموقف اذ اعتبر خصومه ان دعوة أمين عام التيار تأتي كردة فعل عكسي بعد سقوط الوزير من على رأس وزارته في اقل من سبعة اشهر في وقت اكد فيه عبو على الاذاعة الخاصة بهيئة مكافحة الفساد أن حكومة الفخفاخ باقية لمدة قد تتجاوز الاربع سنوات.

وقد وجهت قيادات الاغلبية النيابية في البرلمان وانصارهم على مواقع التواصل الاجتماعي نقدا حادا لعبو الذي عدل من موقفه يوم 16 ديسمبر واكد على إذاعة موزاييك قائلا: "لم ادع إلى أي انقلاب".

وزادت مثل هذه الدعوات في مزيد من التشنج بعد ان القى بضلاله على اداء الجميع وشكل مجددا مدخلا لإقحام الجيش الوطني والأمن الجمهوري في مناكفات سياسية تدرك معه القوات الحاملة للسلاح أنها مجرد منطلقات لإعادة توزيع السلطة واقتسامها مجددا.

وعجز ت الاطراف السياسية عن ادارة ازمتها مع محاولات بعضهم تقسيم الساحة الوطنية بين "خيريين واشرار" وبين "وطنيين وعملاء" وبين "حداثيين واسلاميين" وقد انتعشت هذه الثنائيات اكثر مع ارتفاع وتيرة الازمة تحت قبة البرلمان التي وجد فيها البعض فرصة متينة لتفكيك منظومة الحكم والدعوة الى تغييرات تشمل طبيعة الحكم وتحوير الدستور الذي لم يعد يستجيب لمتطلبات المرحلة.

واذ يرى بعضهم أن واقع الأزمة يقتضي التفكير خارج الصندوق عبر عسكرة الحياة السياسية وتمصير الوضع العام فان اخرين يرون أن الدعوة لإقحام الجيش في تفاصيل سياسية ماهي الا دعوة للانقلاب على الديمقراطية وعبث قد لا يجد صداه اعتبارا لمواقف سابقة أبرزها موقف المؤسسة العسكرية من ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي وحمايته للمحتجين حينها وعدم قفزه على سلطة رغم الفراغ المفزع وقتها.

ولعل الملفت في هذا السياق تقاطع دعوة العسكرة بين الأميرال الأسبق والمستشار السابق لرئيس الجمهورية كمال العكروت والوزير والأمين العام السابق للتيار الديمقراطي محمد عبو .

وقد تقاطع موقف عبو زمنيا وفعليا مع ما دعا له الاميرال كمال العكروت في تدوينة وصفت بالغريبة حيث دوّن صاحبها " معركتنا اليوم معركة إنقاذ وطن من إرهابيين وسفهاء وجهلة ومرضى نفسانيا، قاعدين يلعبوا بأمن بلادنا وبمستقبل أولادنا الحياد والوقوف فوق الربوة تخاذل وجبن…" 

واذ يبدو ما كتبه العكروت وصرح به محمد عبو محدود في التأثير والفعل اعتبارا للدور الوطني للمؤسسة العسكرية فان ذلك لا يعني التجاوز او غض الطرف عنه خاصة إذا ما عدنا لتدوينات عدد من الشخصيات السياسية أبرزها القيادي بحركة النهضة رفيق عبد السلام والباحث الاسلامي المقيم بالولايات المتحدة الامريكية رضوان المصمودي اللذين حذرا من انقلاب محتمل.

تهمة الدعوة للانقلاب نفاها العكروت في حواره الأخير لجريدة "الصباح" يوم 18 افريل الماضي حين أكد أن دعوته تكمن في "إيجاد الطريق الاسلم للخروج من الازمة يجب ان يكون هناك فهم مشترك للأسباب وقناعة تتقاسمها الاغلبية وهذا غير متوفر اليوم للأسف اعتقد ان نجاح أي دولة يرتكز على منظومتها السياسية وقيادتها باعتبار أن الجانب السياسي هو المحدد للتوجهات العامة للبلاد وما يوفره من مناخ يؤثر مباشرة على مناخ الاستثمار الداخلي والخارجي وذلك بالسلب او بالإيجاب".

خليل الحناشي

  بعد أن فهم خطوط اللعبة.. الجيش التونسي ينأي بنفسه عن عبث السياسيين ويؤكد حياديته مجددا



انهت المؤسسة العسكرية امس الاول جدل التدخل العسكري في الحياة السياسية وذلك بعد جلسة الاستماع لوزير الدفاع إبراهيم البرتاجي أمام لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح بمجلس نواب الشعب.

واذ اكدت المؤسسة العسكرية ترفعها عن المشاغل السياسية، فإنها،أيضا أنهت دعوات بعض دعاة التداخل السياسي بالعسكري سواء من خلال دعوة الرئيس لتفعيل الفصل 80 من الدستور أو عبر الدفع بالمؤسسة لتعويض من فشلوا في تفعيل ادوارهم تحت قبة البرلمان وخارجها قصد ضمان تغيير موازين القوى السياسية.

ولم تهدأ شخصيات سياسية وبرلمانية في اقحام الجيش ضمن دائرة الصراع الذي احتد اكثر مع مغادرة الوزير السابق والامين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي محمد عبو حكومة الياس الفخفاخ بعد سعي الإطاحة بها برلمانيا ودعوة قيس سعيد لاستقالتها لاحقا.

أولى دعوات التدخل جاءت يوم 30 نوفمبر 2020 حين توجه محمد عبو في رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد وحمّله مسؤولية انقاذ البلاد باتخاذ الخطوات اللازمة لذلك.

وقد زادت دعوة عبو تأثيرا اثر استضافته في قناة الحوار التونسي يوم 1 ديسمبر حين  خاطب الرئيس قائلا: “سيدي الرئيس المخرج اليوم عندك انت والا خلي الناس تخرج للشارع”، مقترحا تفعيل الفصل 80 من الدستور المتعلق بخطر داهم وعدم اجراء أي حوار مع النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة وتطبيق القانون عليهم.

ومع ارتفاع حماس محمد عبو لنشر الجيش ارتفعت الاصوات المنددة بهذا الموقف اذ اعتبر خصومه ان دعوة أمين عام التيار تأتي كردة فعل عكسي بعد سقوط الوزير من على رأس وزارته في اقل من سبعة اشهر في وقت اكد فيه عبو على الاذاعة الخاصة بهيئة مكافحة الفساد أن حكومة الفخفاخ باقية لمدة قد تتجاوز الاربع سنوات.

وقد وجهت قيادات الاغلبية النيابية في البرلمان وانصارهم على مواقع التواصل الاجتماعي نقدا حادا لعبو الذي عدل من موقفه يوم 16 ديسمبر واكد على إذاعة موزاييك قائلا: "لم ادع إلى أي انقلاب".

وزادت مثل هذه الدعوات في مزيد من التشنج بعد ان القى بضلاله على اداء الجميع وشكل مجددا مدخلا لإقحام الجيش الوطني والأمن الجمهوري في مناكفات سياسية تدرك معه القوات الحاملة للسلاح أنها مجرد منطلقات لإعادة توزيع السلطة واقتسامها مجددا.

وعجز ت الاطراف السياسية عن ادارة ازمتها مع محاولات بعضهم تقسيم الساحة الوطنية بين "خيريين واشرار" وبين "وطنيين وعملاء" وبين "حداثيين واسلاميين" وقد انتعشت هذه الثنائيات اكثر مع ارتفاع وتيرة الازمة تحت قبة البرلمان التي وجد فيها البعض فرصة متينة لتفكيك منظومة الحكم والدعوة الى تغييرات تشمل طبيعة الحكم وتحوير الدستور الذي لم يعد يستجيب لمتطلبات المرحلة.

واذ يرى بعضهم أن واقع الأزمة يقتضي التفكير خارج الصندوق عبر عسكرة الحياة السياسية وتمصير الوضع العام فان اخرين يرون أن الدعوة لإقحام الجيش في تفاصيل سياسية ماهي الا دعوة للانقلاب على الديمقراطية وعبث قد لا يجد صداه اعتبارا لمواقف سابقة أبرزها موقف المؤسسة العسكرية من ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي وحمايته للمحتجين حينها وعدم قفزه على سلطة رغم الفراغ المفزع وقتها.

ولعل الملفت في هذا السياق تقاطع دعوة العسكرة بين الأميرال الأسبق والمستشار السابق لرئيس الجمهورية كمال العكروت والوزير والأمين العام السابق للتيار الديمقراطي محمد عبو .

وقد تقاطع موقف عبو زمنيا وفعليا مع ما دعا له الاميرال كمال العكروت في تدوينة وصفت بالغريبة حيث دوّن صاحبها " معركتنا اليوم معركة إنقاذ وطن من إرهابيين وسفهاء وجهلة ومرضى نفسانيا، قاعدين يلعبوا بأمن بلادنا وبمستقبل أولادنا الحياد والوقوف فوق الربوة تخاذل وجبن…" 

واذ يبدو ما كتبه العكروت وصرح به محمد عبو محدود في التأثير والفعل اعتبارا للدور الوطني للمؤسسة العسكرية فان ذلك لا يعني التجاوز او غض الطرف عنه خاصة إذا ما عدنا لتدوينات عدد من الشخصيات السياسية أبرزها القيادي بحركة النهضة رفيق عبد السلام والباحث الاسلامي المقيم بالولايات المتحدة الامريكية رضوان المصمودي اللذين حذرا من انقلاب محتمل.

تهمة الدعوة للانقلاب نفاها العكروت في حواره الأخير لجريدة "الصباح" يوم 18 افريل الماضي حين أكد أن دعوته تكمن في "إيجاد الطريق الاسلم للخروج من الازمة يجب ان يكون هناك فهم مشترك للأسباب وقناعة تتقاسمها الاغلبية وهذا غير متوفر اليوم للأسف اعتقد ان نجاح أي دولة يرتكز على منظومتها السياسية وقيادتها باعتبار أن الجانب السياسي هو المحدد للتوجهات العامة للبلاد وما يوفره من مناخ يؤثر مباشرة على مناخ الاستثمار الداخلي والخارجي وذلك بالسلب او بالإيجاب".

خليل الحناشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews