تونس – الصباح
3 أيام تفصلنا عن استفتاء 25 جويلية، ورغم ذلك يتواصل الجدل حول مشروع الدستور الذي أطلق عليه جل معارضيه دستور الرئيس قيس سعيد فيما يعتبره مناصروه دستور الجمهورية الجديدة.. وبين اخذ ورد يبقى فحوى او مضمون ما جاء في هذا المشروع محل انتقادات داخليا وخارجيا في علاقة بمخاوف تتجسد في ان هذه الوثيقة تهدد مكاسب الحقوق والحريات وتأسيس لسلطوية جديد.
وفي هذا السياق وضعت "الصباح" القيادي بحركة نداء تونس ورئيس المعهد العربي للديمقراطية خالد شوكات الذي يعتبر أن هذا الدستور المقترح فضيحة بالمعنى الديمقراطي والحقوقي على السواء ويدعو للتصويت عليه بـ"لا" وجها لوجه مع الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي محسن النابتي الذي يعتبر أن الدستور جعل سلطة واحدة وهي سلطة الشعب والبقية وظائف ملزمة بالقيام بوظائفها ويدعو للتصويت عليه بـ"نعم".
إعداد جهاد الكلبوسي
الأسئلة :
1- ثلاثة أيام تفصلنا عن تنظيم الاستفتاء حول مشروع الدستور الذي قدمه رئيس الجمهورية قيس سعيد، هل تعتقد أن النظام السياسي الجديد في حال مر سيغير من الواقع التونسي؟
2- كيف تعلق على الانتقادات والقراءات حول فحوى مضمون مشروع الدستور التي تشير الى انه سيمس الحقوق والحريات وانه تأسيس جديد لسلطوية جديدة؟
3- هل أن تونس في حاجة الى دستور جديد أم هو تعبير عن إرادة شعبية؟
4- حسب رأيك بغض النظر عن "نعم" أو"لا" هل ستكون هناك مشاركة مكثفة يوم 25 جويلية؟
* خالد شوكات وزير ونائب سابق: الدستور المقترح فضيحة بالمعنى الديمقراطي والحقوقي على السواء
1- أبدا لن يغيّر هذا الدستور من الواقع شيئا لان القرار والمسار بخصوصه لم يكن تشاركيا، بل كان انفراديا فرديا كما لم يحدث مع أي دستور في التاريخ والجغرافيا، وهو اقرب الى "النزوة الفردية" بالمعنى السياسي والأخلاقي، حيث كان نتاج رغبة الرئيس سعيّد بمفرده، وقد صاغه بنفسه، وهو يعتمد على قوة الأمر الواقع ومسايرة مؤسسات القوة الصلبة في فرضه على التونسيين. وخلاصة القول أن هذا الدستور حتى وإن مرّ لن يحل اي مشكل بل سيعمّق أزمات تونس السياسية والاقتصادية والتنموية، وسيجعل انقسام التونسيين نخباً وشعبا أكثر حدة، وسيضعف أكثر موقع تونس إقليميا ودوليا. إن النظام السياسي الذي كانت تونس بحاجة إليه ليس هو العودة بتونس الى نظام رئاسوي وكان بمقدورنا تعديل دستور 2014 لتلافي نقاط الضعف والهنات وليس فرض دستور جديد على التونسيين في خرق فاضح للشرعية الدستورية والثورية.
2- هذا الدستور سيعيد بلادنا الى القواعد المتخلّفة للاجتماع السياسي، بعد أن أصبحت بلدنا ضمن نادي الدول الديمقراطية وتحررت من نير الأنظمة الفردية التسلّطية، ومجرد جعل منصب الرئيس سلطة فوق دستورية مقدسة ومعصومة ولا يحاسبها أو يراقبها احد ولا يمكن لأي مؤسسة محاكمتها أو عزلها سيقود حتما الى المس بالحقوق والحرّيات وجميع المكتسبات التي تحققت خلال سنوات الانتقال الديمقراطي بفضل الثورة ودماء الشهداء وتضحيات أجيال من المناضلين الديمقراطيين، هذا فضلا عن ضرب أهم مبدأ ديمقراطي ألا وهو الفصل بين السلطات ناهيك عن تحويلها الى مجرد وظائف تخضع لهيمنة الرئيس. إن هذا الدستور المقترح فضيحة بالمعنى الديمقراطي والحقوقي على السواء، وهو فعلا تأسيس لسلطوية جديدة في سياق تاريخي لم يعد يقبل بهكذا أنظمة متخلفة.
3 - تونس لم تكن أبدا في حاجة الى دستور جديد، وكان يكفي إدخال إصلاحات على دستور الجمهورية الثانية كانت النخب السياسية أجمعت عليها من قبيل توحيد السلطة التنفيذية وتعديل القانون الانتخابي. أما الزعم بوجود إرادة شعبية فمن قبيل المسرحيات والضحك على الذقون. ولقد تابعنا حركة الشارع طيلة السنة الماضية ولاحظنا الفرق الكبير بين مظاهرات المعارضة الجماهيرية وتحركات أنصار الرئيس التي لم تتجاوز بضع مئات. فضلا عن فضيحة الاستشارة الالكترونية التي لم يتجاوز المشاركون فيها 5% رغم تعبئة موارد الدولة في دعمها وتخفيض السن الانتخابي وغيرها. ان الإرادة الشعبية يعبر عنها من خلال الانتخابات، ولو كانت هناك رغبة في احترام الإرادة الشعبية لتمت الدعوة لانتخابات مبكرة تشريعية ورئاسية وهكذا تحل الأزمات بالانتخابات لا بالانقلابات.
4- لا أعتقد أن المشاركة ستزيد عن 15 بالمائة ممن يحق لهم المشاركة، واعتقد أن نسبة المشاركة الضحلة ستعني عمليا أن هذا الدستور ولد ميّتا ولن يحظى بالشرعية المطلوبة، ففي مثل هذه الحالات يفترض ألا تقل نسبة المشاركين عن الثلثين ونسبة المؤيدين نن ثلاثة أرباع، حتى يكون الدستور قويا وقادرا على التغيير، أما والحال هذه فقد كان مسارًا لإهدار أموال الأمة ووقتها.
* محسن النابتي (التيار الشعبي): الدستور أسس لسلطة واحدة وهي سلطة الشعب والبقية وظائف ملزمة
1- الدستور الجديد سيمر والشعب التونسي سيصنع ملحمة جديدة يوم 25 جويلية 2022 لإنهاء منظومة أذاقته الويلات وأطاحت بأحلامه وآماله وضيعت تضحياته، والدستور الجديد هو منطلق لتغيير الواقع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
سياسيا أنهى الدستور الحالي مسألة تشتت السلطة بإرساء نظام رئاسي واضح المعالم وكذلك كرس المشاركة والرقابة الشعبية في البرلمان بغرفتين الى جانب تحرير المحكمة الدستورية من كل محاصصة أو تعيين وهذا تحرير لمؤسسات الدولة لتعمل بسلاسة وتحت الرقابة الشعبية كذلك اقتصاديا أكد على اقتران الديمقراطية بالتنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية الى جانب تجريم التهرب الضريبي وسيادة الشعب على ثرواته وضمان الدولة لكل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الإنسانية من عمل وصحة وثقافة وبيئة.
الدستور أسس لسلطة واحدة وهي سلطة الشعب والبقية وظائف ملزمة بالقيام بوظائفها وفق القانون لتحقيق مصالح الشعب.
2- الحقوق والحريات ضمنها دستور الجمهورية الجديدة أكثر من ذي قبل بل وحصنها من أي محاولة تنقيح للحد منها وهو أمر غير مسبوق وما يروجه البعض هو محاولة لتأليب دول ومنظمات خارجية لا أكثر بعد أن قطعوا علاقتهم بشعبهم ولم يبق لهم إلا الخارج يكتبون له اللافتات بلغته ويبعثون له بالشكاوى .
3- تونس في حاجة الى دستور جديد هذا أكيد لان الدستور القديم تمت صياغته على قياس منظومة بذاتها وغير قابل للحياة بعد أن انهارت تلك المنظومة وأسقطها الشعب فهو مبني على المحاصصة وتقاسم الحكم على الطريقة الطائفية، ولا يمكن لمنظومة وطنية أن تحكم بالدستور السابق، لذلك كان لزاما تغيير الدستور لتمكين القوى الوطنية المؤمنة بالدولة وصاحبة المشروع الوطني السيادي من انجاز المهام الوطنية في الحرية والديمقراطية السليمة والكرامة الإنسانية والسيادة الوطنية.
4- الدستور سيمر و"نعم" ستكون بفارق كبير وثقتنا كبيرة أن الشعب التونسي سينفذ عبورا وطنيا نحو بر الآمان فالــ"نعم" تعني الاستقرار والخروج من حالة الاستثناء واستكمال بناء مؤسسات الدولة من محكمة دستورية وبرلمان والتفرغ للبناء إن شاء الله.
ندعو التونسيين إلى ضرورة التصويت بنعم على مشروع الدستور في استفتاء 25 جويلية، للقطع مع الفوضى وإنهاء حكم العصابات في البلاد.
فمشروع الدستور ليس نصا مغلقا بل هو نص مرن ويمكن إدخال إصلاحات عليه. وأهم ضمانة جاءت في هذا الدستور هي تعزيز آليات الرقابة والمشاركة الشعبية، إضافة إلى أنه يمنع أي انحراف بالسلطة.. لابدّ من التصويت بـ"نعم" لضمان استكمال مسار 25 جويلية والتأسيس لتونس الجديدة والقطع مع العشرية السوداء ولمحاسبة الفاسدين الذين سيطروا على الثروة الوطنية، وقاموا بتخريب مؤسسات الدولة.