إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

النقابات العمالية الكبرى.. من سلطة مضادة قبل 25 جويلية.. إلى أخرى تائهة

 

 

تونس-الصباح

على عكس مواقفها من الوضع العام منذ إعلان التدابير الاستثنائية السنة الماضية وعلى الرغم من أنها سلطة مضادة ومنافسة لكل السياسيين لم تنجح النقابات العمالية في لعب دور المعارضة للسلطات القائمة.

وقد عملت النقابات العمالية على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل والكنفيدرالية العامة للشغل على تعويم الموقف النهائي من مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء ورفضت النقابتان الحسم فيه سواء بالدعوة للتصويت بـ"نعم" أو "لا" لتترك حرية الاختيار لمنظوريها.

وخلافا لموقف اتحاد الشغل والكنفدرالية العامة فقد كان لاتحاد عمال تونس موقف واضح بدعوة أنصاره ومنخرطيه للاستجابة لمقتضيات الجمهورية الجديدة والتصويت بـ"نعم" على الاستفتاء.

ولئن اختلفت المواقف فإن ذلك لم يمنع بعض المتابعين من استنتاج ان ترك حرية الاختيار للنقابيين هو احالة مباشرة لديمقراطية التداول داخل الهياكل النقابية وهو ما ينفي ما راج عن ديكتاتورية المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل أو المجلس الكنفدرالي للكنفدرالية العامة التونسية للشغل.

كما يرى محللون أن فتح الأبواب أمام حرية الاختيار مدخل واضح لتجنب الصدام النقابي بين المركزية النقابية بالعاصمة والنقابيين بالجهات ما من شانه أن يؤثر على أداء النقابات لاحقا.

وعلى العكس من ذلك تماما فإن آخرين يرون في تعويم الموقف هروبا من المسؤولية السياسية وتجنبا لصدام محتمل مع رئيس الجمهورية قيس سعيد في حال نجح الاستفتاء ودخل الدستور حيز التطبيق والذي يعطي لقرطاج صلاحيات واسعة ومسكا غير مسبوق لكل أوراق السلطة.

اتحاد شغل.. يراوغ نفسه

لم يكن تقييم الاتحاد العام التونسي للشغل للنص الدستوري المعروض على الاستفتاء مخالفا لموقف الكنفدرالية العامة التونسية للشغل بعد أن تطابقت درجات التخوف بين المنظمتين.

وفي هذا الإطار أصدر الاتحاد مجموعة من الملاحظات حول مشروع الدستور الصادر بالرّائد الرسمي بتاريخ 30 جوان 2022 معتبرا التوطئة لا تليق بدستور تونس ووضعت خصّيصا لتبرير 25 جويلية، وتحقيق رغبة شخصية في كتابة تاريخ جديد.

كما اعتبرت ملاحظات الاتحاد أن مشروع الدستور لم يأخذ بعين الاعتبار إرادة واختيارات المشاركين في الحوار الاستشاري بدار الضيافة ولا بمشروع اللجنة الاستشارية المكلّفة بالصياغة وانفرد واضعه بالرأي واستبداده بالاختيار عكس ما صرّحت به التوطئة.

كما أشار الاتحاد إلى وجود إخلال بمبدأي الفصل والتوازن بين السلط في المشروع، معتبرا أنه مكّن رئيس الجمهورية من التحكم في جميع السلطات ومركز بين يديه جميع الصلاحيات وجعله فوق كل محاسبة ومراقبة وحصّنه من كلّ مساءلة سياسية أو جزائية.

ورغم تسليطه الضوء على مجموع المخاوف الواردة في دستور سعيد فقد اتخذ الاتحاد موقفا مخيبا للآمال حسب توصيف أستاذ القانون الدستوري وعضو الهيئة الاستشارية لما أطلق عليه بالجمهورية الجديدة أمين محفوظ.

وعبر محفوظ في تصريح سابق على إذاعة شمس اف ام عن استغرابه من موقف الاتحاد العام التونسي للشغل بخصوص مشروع الدستور الصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية يوم 30 جوان.

واعتبر أن اتحاد الشغل مثّل خيبة أمل بترك حرية الاختيار للتصويت بـ"نعم" أو "لا" على الاستفتاء على الدستور يوم 25 جويلية.

وقال محفوظ إن كل ما يهم المنظمة الشغيلة هو حق الإضراب والحق النقابي فحسب ولا مشكل لها فيما يتعلق بالاستبداد والمنهج التسلطي.

موقف عكس التقييمات..

في تقييمه لمسار الانتقال الديمقراطي وبعد اطلاعه على مشروع الدستور خلص المجلس الكنفدرالي للكنفدرالية العامة التونسية للشغل المجتمع نهاية الأسبوع الماضي بالمقر المركزي بتونس، برئاسة الأمين العام الحبيب قيزة الى "عديد المخاطر والإخلالات". ولخص مجلس الكنفدرالية تخوفاته في ثلاث نقاط أساسية تراوحت بين ماهو حقوقي وسياسي ونقابي.

وعبر المجلس عن تخوفات حقوقية بعد حذف التنصيص على مدنية الدولة ولامركزيتها وعدم التنصيص على وجوب احترام المنظومة الكونية لحقوق الإنسان إضافة الى حضور مفاهيم وآليات من شأنها ضرب هذه المدنية.

أما سياسيا فقد أثار مجلس الكنفدرالية عدم التوازن بين السلط التنفيذية والتشريعية والقضائية والفصل بينها والتقليص من صلاحيات المحكمة الدستورية مع إلغاء الهيئات الدستورية الرقابية والتعديلية وخاصة تغول سلطة رئيس الجمهورية بمنحه صلاحيات كبرى وسطوة على جميع المؤسسات دون الخضوع للمساءلة مما ينجر عنه تأسيس نظام رئاسوي سلطوي.

أما في الجانب الاجتماعي والنقابي انتقد المجلس تغييب دور القطاع الثالث التضامني وعدم التنصيص على إرساء المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وعدم التنصيص على تفعيل التعددية النقابية.

السحباني.. بين الذاتي والموضوعي

من جهته دعا اتّحاد عمال تونس، هياكله النقابية ومنخرطيه إلى المشاركة في استفتاء 25 جويلية بـ"كثافة" والتصويت بـ"نعم" على الدستور، رغم "بعض الاخلالات في بعض فصوله".

وعزا الأمين العام لاتحاد عمال تونس إسماعيل السحباني في بيان منبثق عن اجتماع الهيئة المركزية الوطنية للاتحاد الذي استمر ليومين، تلاه بحضور ممثلي وسائل الإعلام، موقف المنظمة الداعم للدستور الجديد رغم "بعض الاخلالات في بعض فصوله" إلى ما وصفه البيان بـ "الوضع الكارثي للعشرية السابقة على جميع المستويات السياسية الاقتصادية والاجتماعية وتماشيا مع انتفاضة 25 جويلية 2021 التي ساندها الاتحاد"، وبما واجهه الاتحاد من "إقصاء وتهميش من قبل الحكومات المتعاقبة خلال العشرية الماضية وحرمانه من المشاركة في المفاوضات الاجتماعية والامتيازات التي تتمتع بها المنظمات الأخرى".

وجاء في بيان الهيئة أنّ مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء يحمل "بعض الإخلالات في بعض الفصول التي يمكن تداركها مستقبلا".

ودعا البيان الهياكل والنقابات العامّة والأساسية والجامعات إلى الاجتماع بالعمال في المقرات والمؤسسات لشرح موقف الاتحاد وحثهم على التصويت بـ"نعم" على الدستور.

خليل الحناشي

 

 

 

النقابات العمالية الكبرى.. من سلطة مضادة قبل 25 جويلية.. إلى أخرى تائهة

 

 

تونس-الصباح

على عكس مواقفها من الوضع العام منذ إعلان التدابير الاستثنائية السنة الماضية وعلى الرغم من أنها سلطة مضادة ومنافسة لكل السياسيين لم تنجح النقابات العمالية في لعب دور المعارضة للسلطات القائمة.

وقد عملت النقابات العمالية على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل والكنفيدرالية العامة للشغل على تعويم الموقف النهائي من مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء ورفضت النقابتان الحسم فيه سواء بالدعوة للتصويت بـ"نعم" أو "لا" لتترك حرية الاختيار لمنظوريها.

وخلافا لموقف اتحاد الشغل والكنفدرالية العامة فقد كان لاتحاد عمال تونس موقف واضح بدعوة أنصاره ومنخرطيه للاستجابة لمقتضيات الجمهورية الجديدة والتصويت بـ"نعم" على الاستفتاء.

ولئن اختلفت المواقف فإن ذلك لم يمنع بعض المتابعين من استنتاج ان ترك حرية الاختيار للنقابيين هو احالة مباشرة لديمقراطية التداول داخل الهياكل النقابية وهو ما ينفي ما راج عن ديكتاتورية المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل أو المجلس الكنفدرالي للكنفدرالية العامة التونسية للشغل.

كما يرى محللون أن فتح الأبواب أمام حرية الاختيار مدخل واضح لتجنب الصدام النقابي بين المركزية النقابية بالعاصمة والنقابيين بالجهات ما من شانه أن يؤثر على أداء النقابات لاحقا.

وعلى العكس من ذلك تماما فإن آخرين يرون في تعويم الموقف هروبا من المسؤولية السياسية وتجنبا لصدام محتمل مع رئيس الجمهورية قيس سعيد في حال نجح الاستفتاء ودخل الدستور حيز التطبيق والذي يعطي لقرطاج صلاحيات واسعة ومسكا غير مسبوق لكل أوراق السلطة.

اتحاد شغل.. يراوغ نفسه

لم يكن تقييم الاتحاد العام التونسي للشغل للنص الدستوري المعروض على الاستفتاء مخالفا لموقف الكنفدرالية العامة التونسية للشغل بعد أن تطابقت درجات التخوف بين المنظمتين.

وفي هذا الإطار أصدر الاتحاد مجموعة من الملاحظات حول مشروع الدستور الصادر بالرّائد الرسمي بتاريخ 30 جوان 2022 معتبرا التوطئة لا تليق بدستور تونس ووضعت خصّيصا لتبرير 25 جويلية، وتحقيق رغبة شخصية في كتابة تاريخ جديد.

كما اعتبرت ملاحظات الاتحاد أن مشروع الدستور لم يأخذ بعين الاعتبار إرادة واختيارات المشاركين في الحوار الاستشاري بدار الضيافة ولا بمشروع اللجنة الاستشارية المكلّفة بالصياغة وانفرد واضعه بالرأي واستبداده بالاختيار عكس ما صرّحت به التوطئة.

كما أشار الاتحاد إلى وجود إخلال بمبدأي الفصل والتوازن بين السلط في المشروع، معتبرا أنه مكّن رئيس الجمهورية من التحكم في جميع السلطات ومركز بين يديه جميع الصلاحيات وجعله فوق كل محاسبة ومراقبة وحصّنه من كلّ مساءلة سياسية أو جزائية.

ورغم تسليطه الضوء على مجموع المخاوف الواردة في دستور سعيد فقد اتخذ الاتحاد موقفا مخيبا للآمال حسب توصيف أستاذ القانون الدستوري وعضو الهيئة الاستشارية لما أطلق عليه بالجمهورية الجديدة أمين محفوظ.

وعبر محفوظ في تصريح سابق على إذاعة شمس اف ام عن استغرابه من موقف الاتحاد العام التونسي للشغل بخصوص مشروع الدستور الصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية يوم 30 جوان.

واعتبر أن اتحاد الشغل مثّل خيبة أمل بترك حرية الاختيار للتصويت بـ"نعم" أو "لا" على الاستفتاء على الدستور يوم 25 جويلية.

وقال محفوظ إن كل ما يهم المنظمة الشغيلة هو حق الإضراب والحق النقابي فحسب ولا مشكل لها فيما يتعلق بالاستبداد والمنهج التسلطي.

موقف عكس التقييمات..

في تقييمه لمسار الانتقال الديمقراطي وبعد اطلاعه على مشروع الدستور خلص المجلس الكنفدرالي للكنفدرالية العامة التونسية للشغل المجتمع نهاية الأسبوع الماضي بالمقر المركزي بتونس، برئاسة الأمين العام الحبيب قيزة الى "عديد المخاطر والإخلالات". ولخص مجلس الكنفدرالية تخوفاته في ثلاث نقاط أساسية تراوحت بين ماهو حقوقي وسياسي ونقابي.

وعبر المجلس عن تخوفات حقوقية بعد حذف التنصيص على مدنية الدولة ولامركزيتها وعدم التنصيص على وجوب احترام المنظومة الكونية لحقوق الإنسان إضافة الى حضور مفاهيم وآليات من شأنها ضرب هذه المدنية.

أما سياسيا فقد أثار مجلس الكنفدرالية عدم التوازن بين السلط التنفيذية والتشريعية والقضائية والفصل بينها والتقليص من صلاحيات المحكمة الدستورية مع إلغاء الهيئات الدستورية الرقابية والتعديلية وخاصة تغول سلطة رئيس الجمهورية بمنحه صلاحيات كبرى وسطوة على جميع المؤسسات دون الخضوع للمساءلة مما ينجر عنه تأسيس نظام رئاسوي سلطوي.

أما في الجانب الاجتماعي والنقابي انتقد المجلس تغييب دور القطاع الثالث التضامني وعدم التنصيص على إرساء المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وعدم التنصيص على تفعيل التعددية النقابية.

السحباني.. بين الذاتي والموضوعي

من جهته دعا اتّحاد عمال تونس، هياكله النقابية ومنخرطيه إلى المشاركة في استفتاء 25 جويلية بـ"كثافة" والتصويت بـ"نعم" على الدستور، رغم "بعض الاخلالات في بعض فصوله".

وعزا الأمين العام لاتحاد عمال تونس إسماعيل السحباني في بيان منبثق عن اجتماع الهيئة المركزية الوطنية للاتحاد الذي استمر ليومين، تلاه بحضور ممثلي وسائل الإعلام، موقف المنظمة الداعم للدستور الجديد رغم "بعض الاخلالات في بعض فصوله" إلى ما وصفه البيان بـ "الوضع الكارثي للعشرية السابقة على جميع المستويات السياسية الاقتصادية والاجتماعية وتماشيا مع انتفاضة 25 جويلية 2021 التي ساندها الاتحاد"، وبما واجهه الاتحاد من "إقصاء وتهميش من قبل الحكومات المتعاقبة خلال العشرية الماضية وحرمانه من المشاركة في المفاوضات الاجتماعية والامتيازات التي تتمتع بها المنظمات الأخرى".

وجاء في بيان الهيئة أنّ مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء يحمل "بعض الإخلالات في بعض الفصول التي يمكن تداركها مستقبلا".

ودعا البيان الهياكل والنقابات العامّة والأساسية والجامعات إلى الاجتماع بالعمال في المقرات والمؤسسات لشرح موقف الاتحاد وحثهم على التصويت بـ"نعم" على الدستور.

خليل الحناشي

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews