إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مع تنامي التحذيرات بشان الأمن الغذائي.. واردات الحبوب ترتفع إلى أكثر من 48% ومساع للحد من أزمة الغذاء في تونس

 

 

تونس- الصباح

انطلقت الحكومة التونسية في الفترة الأخيرة، في تطبيق خطة استباقية ناجعة تهدف لضمان الأمن الغذائي في البلاد، من خلال رفع مشتريات الحبوب، وأيضا تشجيع الفلاحين على مضاعفة مساحات زراعة الحبوب، ورفع سعر شراء القمح والشعير من الفلاحين المحليين، وذلك ضمن مساعي الحكومة للحد من تأثيرات الحرب الروسية- الأوكرانية، التي أثرت على إمدادات العديد من الدول ومن بينها تونس.

وحسب معطيات صادرة، أمس، عن المرصد الوطني للفلاحة، شهد نسق توريد الحبوب في الفترة الأخيرة ارتفاعا بنسبة 48,6 بالمائة، بالإضافة إلى مادة السكر بنسبة 141,0 بالمائة والزيوت النباتية 70,1 بالمائة، علما وان سعر القمح عرف ارتفاعا بلغ 90,2 بالمائة مقارنة بالسنة المنقضية في حين سجلت بقية منتجات الحبوب كالقمح اللين والشعير والذرة زيادة تتراوح بين 44 بالمائة و55 بالمائة، ويرتبط هذا الارتفاع أساسا بالحرب الروسية الأوكرانية.

وبدأت تونس، منذ اندلاع الحرب الأوكرانية- الروسية، في تامين احتياجاتها من الحبوب والمحروقات، والتي بدأت تأخذ منحى تصاعديا في أسعارها، الأمر الذي يستنزف ميزانية البلاد التونسية لسنة 2022، والتي تعاني عجزا فادحا بسبب تبعات الجائحة الصحية التي أرهقت الاقتصاد العالمي لأكثر من سنتين، إلا انه رغم ذلك، نجحت تونس إلى حد ما في تأمين احتياجاتها من القمح، مقارنة بعدة دول عربية في المنطقة بدأت تعاني من نقص فادح في مادة القمح.

ويحذر خبراء الاقتصاد، اليوم، من تداعيات الأزمة الأوكرانية - الروسية، على ميزانية تونس، التي بدأت تشهد فعلا ضغوطا إضافية، لا سيما على مستوى تضاعف نفقات الدعم، ونفقات الاستيراد، وتسجيل عجز تجاري فادح، يتوقع معه ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات خطيرة.

ومع اندلاع الحرب في أوكرانيا، رجح عدد من خبراء الاقتصاد أن يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب إلى زيادة في أسعار نحو اغلب المواد التي تحتاجها تونس، وذلك بسبب ارتفاع مصاريف الشحن، وارتفاع مخاطر نقل السلع في العالم.

كما من المتوقع أن يكون لهذه الحرب تأثير سلبي على نسبة التضخم في تونس، واهتراء مخزون البلاد من العملة الصعبة بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية، علما وان عدة دول عربية، بدأت تتلمس أثار الأزمة التي خلفتها الحرب في أوكرانيا على سلع غذائية أبرزها القمح الذي ارتفعت أسعاره عالميا.

تحذيرات بشأن الأمن الغذائي

وجدد تقرير نشره المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، تحذيرات حول الخطر الذي يهدد الأمن الغذائي في تونس، والتدهور الحاد للمقدرة الشرائية، وذلك في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وتفاقما كبيرا في عجز الميزان التجاري والغذائي.

وأشار معهد الدراسات الإستراتيجية في تقرير حديث، إلى أن "تونس شهدت خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2022 تدهورا واضحا للمقدرة الشرائية للفرد، مع تسجيل الميزان الغذائي لمؤشرات سلبية ازدادت حدتها بفعل الحرب في أوكرانيا".

وحذر المعهد التونسي من خطورة الحرب شق أوروبا، على الأمن الغذائي بالبلاد، مشيرا إلى "ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة، لتجنب استفحال الأزمة التي توشك على الانفجار خلال النصف الثاني من العام الجاري والأشهر الأولى من عام 2023".

وأزاح تقرير المعهد النقاب عن حقيقة الوضع الغذائي في البلاد، لافتا إلى أن الوضع العالمي يهدد الأمن الغذائي للتونسيين، داعيا إلى مقاربات عاجلة للحد من انعكاسات الأزمة الاقتصادية الدولية على الأمن الغذائي للتونسيين، كما جدد خبراء الاقتصاد عقب التقرير الدعوة العاجلة إلى الانخراط في مبادرات لتقليص تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، والعمل على إشراك الفلاحين ومختلف الفاعلين في مجالات الزراعة في خطة وطنية، تهدف إلى التخفيف من حدة انعكاسات الأزمة على الوضع الغذائي.

وحددت وزارة الاقتصاد والتخطيط، مؤخرا، تكاليف الحرب الأوكرانية-الروسية، على ميزانية الدولة، والتي من المتوقع أن تفوق 4 مليار دينار، ناتجة عن الزيادات في أسعار النفط والحبوب، ما دفع بالوزارة إلى تكثيف المشاورات مع الشركاء الماليين لتونس في الخارج، والبحث عن موارد مالية جديدة للتخفيف من وطأة الأزمة على الاقتصاد التونسي والميزانية العامة للبلاد التونسية التي تواجه عجزا متواصلا بأكثر من 20 مليار دينار.

نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي

وكان وزير الفلاحة، قد أوضح مؤخرا لـ"الصباح"، في أعقاب الإعلان عن مخطط الحكومة للفترة القادمة، أنّ مختلف الإجراءات المتخذة لإنجاح البرنامج الاستراتيجي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب شملت جميع حلقات المنظومة الفلاحيّة، وتم الانطلاق فيها بداية من هذه السنة من خلال الترفيع في تسعيرة الحبوب، علاوة على إقرار حزمة فنية متكاملة ترتكز على توفير المستلزمات الفلاحية من بذور وأسمدة وأدوية وغيرها من المنتجات الفلاحية الضرورية، ووضع برنامج تمويل داعم للفلاحة وبرنامج إحاطة شاملة بمهنيي القطاع من الفلاّحين.

وأثر الصعود القياسي في أسعار القمح نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية سلبا على قطاع الخبز في كثير من الدول العربية، وتوجد 9 دول عربية تستحوذ على 22.9% من المستوردات العالمية، وتشمل لائحة أكبر المستوردين، مصر والجزائر والمغرب والعراق واليمن والسعودية والسودان والإمارات بالإضافة إلى تونس، ويتجاوز حجم واردات هذه الدول 40 مليون طن سنويا.

وسجلت واردات الحبوب في تونس خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الفارط ارتفاعا لتتجاوز حاجز 500 مليون دينار وذلك وفق بيانات رسمية صادرة عن المرصد الفلاحي، كما قدرت جهات رسمية قيمة واردات تونس من الحبوب لهذه السنة بنحو مليار دولار، علما وان متوسط محصول تونس من الحبوب خلال السنوات العشر الماضية نحو 1.5 مليون طن، حوالي 3.4 مليون طن سنويا.

 

سفيان المهداوي

 

 

 

 

 

 

 

 

مع تنامي التحذيرات بشان الأمن الغذائي..  واردات الحبوب ترتفع إلى أكثر من 48% ومساع للحد من أزمة الغذاء في تونس

 

 

تونس- الصباح

انطلقت الحكومة التونسية في الفترة الأخيرة، في تطبيق خطة استباقية ناجعة تهدف لضمان الأمن الغذائي في البلاد، من خلال رفع مشتريات الحبوب، وأيضا تشجيع الفلاحين على مضاعفة مساحات زراعة الحبوب، ورفع سعر شراء القمح والشعير من الفلاحين المحليين، وذلك ضمن مساعي الحكومة للحد من تأثيرات الحرب الروسية- الأوكرانية، التي أثرت على إمدادات العديد من الدول ومن بينها تونس.

وحسب معطيات صادرة، أمس، عن المرصد الوطني للفلاحة، شهد نسق توريد الحبوب في الفترة الأخيرة ارتفاعا بنسبة 48,6 بالمائة، بالإضافة إلى مادة السكر بنسبة 141,0 بالمائة والزيوت النباتية 70,1 بالمائة، علما وان سعر القمح عرف ارتفاعا بلغ 90,2 بالمائة مقارنة بالسنة المنقضية في حين سجلت بقية منتجات الحبوب كالقمح اللين والشعير والذرة زيادة تتراوح بين 44 بالمائة و55 بالمائة، ويرتبط هذا الارتفاع أساسا بالحرب الروسية الأوكرانية.

وبدأت تونس، منذ اندلاع الحرب الأوكرانية- الروسية، في تامين احتياجاتها من الحبوب والمحروقات، والتي بدأت تأخذ منحى تصاعديا في أسعارها، الأمر الذي يستنزف ميزانية البلاد التونسية لسنة 2022، والتي تعاني عجزا فادحا بسبب تبعات الجائحة الصحية التي أرهقت الاقتصاد العالمي لأكثر من سنتين، إلا انه رغم ذلك، نجحت تونس إلى حد ما في تأمين احتياجاتها من القمح، مقارنة بعدة دول عربية في المنطقة بدأت تعاني من نقص فادح في مادة القمح.

ويحذر خبراء الاقتصاد، اليوم، من تداعيات الأزمة الأوكرانية - الروسية، على ميزانية تونس، التي بدأت تشهد فعلا ضغوطا إضافية، لا سيما على مستوى تضاعف نفقات الدعم، ونفقات الاستيراد، وتسجيل عجز تجاري فادح، يتوقع معه ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات خطيرة.

ومع اندلاع الحرب في أوكرانيا، رجح عدد من خبراء الاقتصاد أن يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب إلى زيادة في أسعار نحو اغلب المواد التي تحتاجها تونس، وذلك بسبب ارتفاع مصاريف الشحن، وارتفاع مخاطر نقل السلع في العالم.

كما من المتوقع أن يكون لهذه الحرب تأثير سلبي على نسبة التضخم في تونس، واهتراء مخزون البلاد من العملة الصعبة بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية، علما وان عدة دول عربية، بدأت تتلمس أثار الأزمة التي خلفتها الحرب في أوكرانيا على سلع غذائية أبرزها القمح الذي ارتفعت أسعاره عالميا.

تحذيرات بشأن الأمن الغذائي

وجدد تقرير نشره المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، تحذيرات حول الخطر الذي يهدد الأمن الغذائي في تونس، والتدهور الحاد للمقدرة الشرائية، وذلك في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وتفاقما كبيرا في عجز الميزان التجاري والغذائي.

وأشار معهد الدراسات الإستراتيجية في تقرير حديث، إلى أن "تونس شهدت خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2022 تدهورا واضحا للمقدرة الشرائية للفرد، مع تسجيل الميزان الغذائي لمؤشرات سلبية ازدادت حدتها بفعل الحرب في أوكرانيا".

وحذر المعهد التونسي من خطورة الحرب شق أوروبا، على الأمن الغذائي بالبلاد، مشيرا إلى "ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة، لتجنب استفحال الأزمة التي توشك على الانفجار خلال النصف الثاني من العام الجاري والأشهر الأولى من عام 2023".

وأزاح تقرير المعهد النقاب عن حقيقة الوضع الغذائي في البلاد، لافتا إلى أن الوضع العالمي يهدد الأمن الغذائي للتونسيين، داعيا إلى مقاربات عاجلة للحد من انعكاسات الأزمة الاقتصادية الدولية على الأمن الغذائي للتونسيين، كما جدد خبراء الاقتصاد عقب التقرير الدعوة العاجلة إلى الانخراط في مبادرات لتقليص تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، والعمل على إشراك الفلاحين ومختلف الفاعلين في مجالات الزراعة في خطة وطنية، تهدف إلى التخفيف من حدة انعكاسات الأزمة على الوضع الغذائي.

وحددت وزارة الاقتصاد والتخطيط، مؤخرا، تكاليف الحرب الأوكرانية-الروسية، على ميزانية الدولة، والتي من المتوقع أن تفوق 4 مليار دينار، ناتجة عن الزيادات في أسعار النفط والحبوب، ما دفع بالوزارة إلى تكثيف المشاورات مع الشركاء الماليين لتونس في الخارج، والبحث عن موارد مالية جديدة للتخفيف من وطأة الأزمة على الاقتصاد التونسي والميزانية العامة للبلاد التونسية التي تواجه عجزا متواصلا بأكثر من 20 مليار دينار.

نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي

وكان وزير الفلاحة، قد أوضح مؤخرا لـ"الصباح"، في أعقاب الإعلان عن مخطط الحكومة للفترة القادمة، أنّ مختلف الإجراءات المتخذة لإنجاح البرنامج الاستراتيجي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب شملت جميع حلقات المنظومة الفلاحيّة، وتم الانطلاق فيها بداية من هذه السنة من خلال الترفيع في تسعيرة الحبوب، علاوة على إقرار حزمة فنية متكاملة ترتكز على توفير المستلزمات الفلاحية من بذور وأسمدة وأدوية وغيرها من المنتجات الفلاحية الضرورية، ووضع برنامج تمويل داعم للفلاحة وبرنامج إحاطة شاملة بمهنيي القطاع من الفلاّحين.

وأثر الصعود القياسي في أسعار القمح نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية سلبا على قطاع الخبز في كثير من الدول العربية، وتوجد 9 دول عربية تستحوذ على 22.9% من المستوردات العالمية، وتشمل لائحة أكبر المستوردين، مصر والجزائر والمغرب والعراق واليمن والسعودية والسودان والإمارات بالإضافة إلى تونس، ويتجاوز حجم واردات هذه الدول 40 مليون طن سنويا.

وسجلت واردات الحبوب في تونس خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الفارط ارتفاعا لتتجاوز حاجز 500 مليون دينار وذلك وفق بيانات رسمية صادرة عن المرصد الفلاحي، كما قدرت جهات رسمية قيمة واردات تونس من الحبوب لهذه السنة بنحو مليار دولار، علما وان متوسط محصول تونس من الحبوب خلال السنوات العشر الماضية نحو 1.5 مليون طن، حوالي 3.4 مليون طن سنويا.

 

سفيان المهداوي

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews