إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في دراسة جديدة لجمعية المفكرة القانونية: نظام البناء القاعدي.. مشروع مليء بالتناقضات.. ويفتح الباب للاستبداد

تونس- الصباح

قدمت جمعية المفكرة القانونية خلال لقاء علمي عقدته أمس بالعاصمة دراسة تحت عنوان "الرئيس يريد: تناقضات نظام البناء القاعدي ومخاطره" أنجزها كل من مهدي العش ومحمد الصحبي الخلفاوي وسامي بن غازي. وخلصت هذه الدارسة إلى وجود جملة من التناقضات في البناء القاعدي الذي توجد مؤشرات عديدة على تنزيله رويدا رويدا انطلاقا من الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية ومرورا بالاستشارة الوطنية ووصولا إلى مشروع الدستور المعروض على استفتاء 25 جويلية.

فعلى مستوى الشكل، يدعي مشروع البناء القاعدي إعادة السلطة للشعب، لكن لم يقع عرضه على الشعب لنقاشه والتداول بشأنه ونقده، أما على مستوى المضمون فهناك تناقض بين شعار حكم الشعب نفسه بنفسه وبين الواقع الذي كرسه مشروع الدستور والذي يقوم على حكم الفرد وعلى النظام الرئاسوي الذي يكاد رئيس الجمهورية فيه أن يكون إمبراطورا.

ومن بين التناقضات الأخرى التي كشفتها الدراسة التناقض بين وعد إعادة تأسيس الديمقراطية وبين إضعاف للأحزاب السياسية وقول بأن فترة صلوحيتها التاريخية انتهت لصالح روابط أهلية ما قبل مدنية، وحتى السياسة فقد تم حصرها في حدود جغرافية ومضمونية ضيقة وتحديدا في استحقاق التنمية المحلية.

كما عرت الدراسة التناقض بين الادعاء بالانتصار للثورة ضد سياسات الانتقال الديمقراطي التي انحرفت بمسارها وبين تعريض المكتسبات التي جاءت بها الثورة من حقوق وحريات لخطر محدق. ونبه الباحثون الذين أعدوا الدراسة حول البناء القاعدي إلى وجود تناقض بين ما تقوم عليه فلسفة النظام القاعدي من تطهير السياسة من الفساد، وبين ما سيؤدي إليه الاقتراع على الأفراد من تشجيع للزبانية السياسية كمحرك للتصويت، وفسروا أن التجارب المقارنة بينت أن الفساد لا ينقص بإضعاف الأحزاب بل بتقويتها وتوفير التمويل العمومي لها مقابل تشديد الرقابة عليها والحد من تبعيتها لرأس المال وللوبيات الفساد السياسي.. وذهبوا إلى أبعد من ذلك وتحدثوا في دراستهم عن وجود تناقض بين الحقيقة المتمثلة في مركزة السلطة وحصر التمثيل في الأعيان والوجاهات المحلية، وبين الادعاء بأن مشروع البناء القاعدي هو مشروع متقدم على ما أنجزته الإنسانية فمفسرو البناء القاعدي يقولون إنه صالح للإنسانية جمعاء.

النظام الرئاسوي الوجه الآخر للبناء القاعدي

في تقديم للدراسة حول تناقضات نظام البناء القاعدي ومخاطره، لاحظ الباحث مهدي العش أن مشروع البناء القاعدي بدأ يتشكل منذ سنة 2011 لكنه لم يدرس وهذا المشروع هو البرنامج الوحيد لرئيس الجمهورية قيس سعيد لكنه لم يناقش حتى بعد وصول سعيد للسلطة ولم يناقش حتى بعد 25 جويلية، إذ جوبه في كل مرة بالسخرية ولم يكن هناك نقاش جدي حوله، ليس لأن المختصين لم يخوضوا فيه بل لأن أصحابه أنفسهم لم يعرضوه كوثيقة متكاملة على النقاش وإنما اقتصروا على تقديم تفاسير له. وأمام هذه الوضعية كانت هناك حاجة ملحة على حد وصفه لدراسته خاصة وأنه منذ 25 جويلية أصبحت هناك مؤشرات جدية على توجه نحو تنزيله على ارض الواقع، فبمقتضى الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية أعطى رئيس الجمهورية لنفسه سلطة تأسيسية، كما أن الاستشارة التي أطلقها قامت على فلسفة البناء القاعدي، وليس هذا فقط إذ هناك مؤشرات أخرى على توجه رئيس الجمهورية لتنزيل النظام القاعدي نجدها في المرسوم المتعلق بالشركات الأهلية وفي مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء.

وفسر العش أن مشروع الدستور جاء بنظام رئاسوي فالوجه الآخر للنظام القاعدي هو رئاسوية النظام، إذ نجد فيه سحب الوكالة من النواب، وكذلك المجلس الوطني للجهات والأقاليم وفضلا عن ذلك فإن الدستور لم ينص على أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم ينتخب مباشرة، كما أن الدستور نص على المجالس المحلية وربما يكون المجلس الوطني للجهات والأقاليم تصعيدا من المحليات كما هو موجود في النظام القاعدي. وعن سؤال حول ما إذا كان التنصيص في النسخة الثانية لمشروع الدستور على شرط الانتخاب المباشر دليلا على تراجع رئيس الجمهورية عن فلسفة النظام القاعدي، أجاب مهدي العش بالنفي. وأشار إلى أنهم من خلال الدراسة التي أنجزوها قبل صدور مشروع الدستور أرادوا فهم الأفكار التي بني عليها المشروع القاعدي، ومن أهم هذه الأفكار، التركيز على الانفجار الثوري وتعويض الديمقراطية المستوردة بديمقراطية نابعة من الثورة ومثلما انطلقت الثورة من المعتمديات وصولا إلى المركز وجب أن يكون البناء من تحت إلى فوق وأن يكون من أصغر الدوائر إلى المركز ومثلما لم يحتج الشعب إلى الأحزاب لكي يقوم بالثورة فهو ليس في حاجة إليها لكي يمارس الديمقراطية.

وفسر العش أن البناء القاعدي يقوم على الانتخاب المباشر على الأفراد على مستوى المعتمديات وهو ما يتطلع مشروع الدستور إلى تحقيقه لكن من دون إعلان النوايا بشكل واضح.. وأضاف أن شعار البناء القاعدي هو إعادة السلطة للشعب، فالشعب هو الذي يحكم نفسه بنفسه لكن في هذه الحالة كان من المفروض فتح نقاش عام ليختار الشعب تفاصيل النظام الذي يريده لكن هذا لم يحدث إذ تم إعداد مشروع الدستور وإصداره دون فتح نقاش حوله وقال إن دراستهم في البداية قامت على تسبيق صدق النوايا لكن تبين لهم عند التعمق فيها أن صدق النوايا غير كاف لأنه يمكن أن يعبد الطريق إلى الجحيم بالنظر إلى التناقضات والإخلالات الموجودة في مشروع النظام القاعدي، وذكر أنه إذا كان البناء القاعدي من الناحية التقنية نظاما سياسيا ونظام اقتراع فكان من المفروض أن يتم عرضه على النقاش العام. وتعقيبا على استفسار حول رؤى المفسرين للبناء القاعدي بين أن المفسرين يعتبرون أن التنافس السياسي يتم في المحليات ويكون على مطالب محلية، ولكن أن يتم اختزال السياسة في القضية المطلبية المحلية فهذا مشكل لأنه يؤدي إلى إلغاء الصراع السياسي.. ففي البناء القاعدي الكلمة تعود إلى الشعب في المحليات والشعب يعبر بطريقة عفوية وهو ما يعني عدم الحاجة إلى وجود أحزاب ومنظمات وصراع أفكار وبرامج..

تنزيل المشروع رويدا رويدا

أما الصحبي الخلفاوي فأشار إلى أن الدراسة تم انجازها من قبل ثلاثة باحثين رغبة منهم في إثراء النقاش حول النظام القاعدي والديمقراطية التمثيلية والديمقراطية الليبرالية وحول أسباب الفشل المسجل خلال العشرية السوداء. وذكر أنه عندما تم طرح موضوع البناء القاعدي من قبل قيس سعيد هناك من سخروا منه وقالوا انه غير ممكن لكن في الواقع هناك تنزيل لهذا المشروع الذي يفتح الباب أمام خطر الاستبداد.

ولاحظ سامي بن غازي أنه بالنظر إلى شح الكتابات حول البناء القاعدي من قبل من يتبنونه فقد اضطروا إلى الاستماع إلى تسجيلات صوتية للمدافعين عنه واستنتجوا انه نظام غير مكتمل من ناحية ومن ناحية أخرى فهو مليء بالتناقضات. وذكر أنه في ظل انعدام وضوح الطرح من المفروض ألا يتم التداول بشأن النظام القاعدي لكن هذا لم يحدث وفي المقابل نجد أن هناك توجها لتنزيله، ففي مشروع الدستور الصادر يوم 30 جوان هناك تأسيس للبناء القاعدي وفي النسخة الثانية من المشروع تبلورت الفكرة بوضوح. وطالب بن غازي دعاة البناء القاعدي إلى فتح حوار وإثراء النقاش حول ما جاء في الدراسة التي أنجزوها والرد عليها وخاصة الإجابة على الإشكاليات متعلقة بفلسفة البناء القاعدي لأنهم يعتقدون انه في صورة تواصل تنزيل البناء القاعدي فإن الوضع سيكون خطيرا.

أما الأستاذ حمادي الرديسي فلاحظ أن مشروع البناء القاعدي وفق ما جاء في الدراسة هو مشروع ارتجالي ويتم تنزيله بالتقسيط، وهو يعتقد أن البرنامج ليس ارتجاليا وبالتقسيط بل هو فقير من حيث الإطار النظري وأيضا من حيث الأطروحة، فهو يقوم على تمركز السلطة في يد شخص واحد من جهة ومن جهة أخرى على فكرة أن الشعب يريد، فمن ناحية نجد فردا وهو الرئيس يريد ومن ناحية أخرى نجد الشعب يريد. ويرى الجامعي أن المشروع فيه لخبطة وتردد وإخفاء للحقيقية وطمس للديمقراطية التمثيلية. ونبه الرديسي إلى أن مشروع البناء القاعدي سيفكك المجتمع لأنه يغلب المنطقة والجهة على الشعب، وخلص إلى أن النظام الجهوي لا يمكن أن يكون بديلا للديمقراطية التمثيلية، وأشار إلى أنه بتغيير طريقة الاقتراع سنجد أنفسنا في انتخابات تقوم على العروشية الجهوية وبارونات الجهات وفي النهاية ستساهم الانتخابات في تفكك الدولة.

سعيدة بوهلال

 

في دراسة جديدة لجمعية المفكرة القانونية: نظام البناء القاعدي.. مشروع مليء بالتناقضات.. ويفتح الباب للاستبداد

تونس- الصباح

قدمت جمعية المفكرة القانونية خلال لقاء علمي عقدته أمس بالعاصمة دراسة تحت عنوان "الرئيس يريد: تناقضات نظام البناء القاعدي ومخاطره" أنجزها كل من مهدي العش ومحمد الصحبي الخلفاوي وسامي بن غازي. وخلصت هذه الدارسة إلى وجود جملة من التناقضات في البناء القاعدي الذي توجد مؤشرات عديدة على تنزيله رويدا رويدا انطلاقا من الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية ومرورا بالاستشارة الوطنية ووصولا إلى مشروع الدستور المعروض على استفتاء 25 جويلية.

فعلى مستوى الشكل، يدعي مشروع البناء القاعدي إعادة السلطة للشعب، لكن لم يقع عرضه على الشعب لنقاشه والتداول بشأنه ونقده، أما على مستوى المضمون فهناك تناقض بين شعار حكم الشعب نفسه بنفسه وبين الواقع الذي كرسه مشروع الدستور والذي يقوم على حكم الفرد وعلى النظام الرئاسوي الذي يكاد رئيس الجمهورية فيه أن يكون إمبراطورا.

ومن بين التناقضات الأخرى التي كشفتها الدراسة التناقض بين وعد إعادة تأسيس الديمقراطية وبين إضعاف للأحزاب السياسية وقول بأن فترة صلوحيتها التاريخية انتهت لصالح روابط أهلية ما قبل مدنية، وحتى السياسة فقد تم حصرها في حدود جغرافية ومضمونية ضيقة وتحديدا في استحقاق التنمية المحلية.

كما عرت الدراسة التناقض بين الادعاء بالانتصار للثورة ضد سياسات الانتقال الديمقراطي التي انحرفت بمسارها وبين تعريض المكتسبات التي جاءت بها الثورة من حقوق وحريات لخطر محدق. ونبه الباحثون الذين أعدوا الدراسة حول البناء القاعدي إلى وجود تناقض بين ما تقوم عليه فلسفة النظام القاعدي من تطهير السياسة من الفساد، وبين ما سيؤدي إليه الاقتراع على الأفراد من تشجيع للزبانية السياسية كمحرك للتصويت، وفسروا أن التجارب المقارنة بينت أن الفساد لا ينقص بإضعاف الأحزاب بل بتقويتها وتوفير التمويل العمومي لها مقابل تشديد الرقابة عليها والحد من تبعيتها لرأس المال وللوبيات الفساد السياسي.. وذهبوا إلى أبعد من ذلك وتحدثوا في دراستهم عن وجود تناقض بين الحقيقة المتمثلة في مركزة السلطة وحصر التمثيل في الأعيان والوجاهات المحلية، وبين الادعاء بأن مشروع البناء القاعدي هو مشروع متقدم على ما أنجزته الإنسانية فمفسرو البناء القاعدي يقولون إنه صالح للإنسانية جمعاء.

النظام الرئاسوي الوجه الآخر للبناء القاعدي

في تقديم للدراسة حول تناقضات نظام البناء القاعدي ومخاطره، لاحظ الباحث مهدي العش أن مشروع البناء القاعدي بدأ يتشكل منذ سنة 2011 لكنه لم يدرس وهذا المشروع هو البرنامج الوحيد لرئيس الجمهورية قيس سعيد لكنه لم يناقش حتى بعد وصول سعيد للسلطة ولم يناقش حتى بعد 25 جويلية، إذ جوبه في كل مرة بالسخرية ولم يكن هناك نقاش جدي حوله، ليس لأن المختصين لم يخوضوا فيه بل لأن أصحابه أنفسهم لم يعرضوه كوثيقة متكاملة على النقاش وإنما اقتصروا على تقديم تفاسير له. وأمام هذه الوضعية كانت هناك حاجة ملحة على حد وصفه لدراسته خاصة وأنه منذ 25 جويلية أصبحت هناك مؤشرات جدية على توجه نحو تنزيله على ارض الواقع، فبمقتضى الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية أعطى رئيس الجمهورية لنفسه سلطة تأسيسية، كما أن الاستشارة التي أطلقها قامت على فلسفة البناء القاعدي، وليس هذا فقط إذ هناك مؤشرات أخرى على توجه رئيس الجمهورية لتنزيل النظام القاعدي نجدها في المرسوم المتعلق بالشركات الأهلية وفي مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء.

وفسر العش أن مشروع الدستور جاء بنظام رئاسوي فالوجه الآخر للنظام القاعدي هو رئاسوية النظام، إذ نجد فيه سحب الوكالة من النواب، وكذلك المجلس الوطني للجهات والأقاليم وفضلا عن ذلك فإن الدستور لم ينص على أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم ينتخب مباشرة، كما أن الدستور نص على المجالس المحلية وربما يكون المجلس الوطني للجهات والأقاليم تصعيدا من المحليات كما هو موجود في النظام القاعدي. وعن سؤال حول ما إذا كان التنصيص في النسخة الثانية لمشروع الدستور على شرط الانتخاب المباشر دليلا على تراجع رئيس الجمهورية عن فلسفة النظام القاعدي، أجاب مهدي العش بالنفي. وأشار إلى أنهم من خلال الدراسة التي أنجزوها قبل صدور مشروع الدستور أرادوا فهم الأفكار التي بني عليها المشروع القاعدي، ومن أهم هذه الأفكار، التركيز على الانفجار الثوري وتعويض الديمقراطية المستوردة بديمقراطية نابعة من الثورة ومثلما انطلقت الثورة من المعتمديات وصولا إلى المركز وجب أن يكون البناء من تحت إلى فوق وأن يكون من أصغر الدوائر إلى المركز ومثلما لم يحتج الشعب إلى الأحزاب لكي يقوم بالثورة فهو ليس في حاجة إليها لكي يمارس الديمقراطية.

وفسر العش أن البناء القاعدي يقوم على الانتخاب المباشر على الأفراد على مستوى المعتمديات وهو ما يتطلع مشروع الدستور إلى تحقيقه لكن من دون إعلان النوايا بشكل واضح.. وأضاف أن شعار البناء القاعدي هو إعادة السلطة للشعب، فالشعب هو الذي يحكم نفسه بنفسه لكن في هذه الحالة كان من المفروض فتح نقاش عام ليختار الشعب تفاصيل النظام الذي يريده لكن هذا لم يحدث إذ تم إعداد مشروع الدستور وإصداره دون فتح نقاش حوله وقال إن دراستهم في البداية قامت على تسبيق صدق النوايا لكن تبين لهم عند التعمق فيها أن صدق النوايا غير كاف لأنه يمكن أن يعبد الطريق إلى الجحيم بالنظر إلى التناقضات والإخلالات الموجودة في مشروع النظام القاعدي، وذكر أنه إذا كان البناء القاعدي من الناحية التقنية نظاما سياسيا ونظام اقتراع فكان من المفروض أن يتم عرضه على النقاش العام. وتعقيبا على استفسار حول رؤى المفسرين للبناء القاعدي بين أن المفسرين يعتبرون أن التنافس السياسي يتم في المحليات ويكون على مطالب محلية، ولكن أن يتم اختزال السياسة في القضية المطلبية المحلية فهذا مشكل لأنه يؤدي إلى إلغاء الصراع السياسي.. ففي البناء القاعدي الكلمة تعود إلى الشعب في المحليات والشعب يعبر بطريقة عفوية وهو ما يعني عدم الحاجة إلى وجود أحزاب ومنظمات وصراع أفكار وبرامج..

تنزيل المشروع رويدا رويدا

أما الصحبي الخلفاوي فأشار إلى أن الدراسة تم انجازها من قبل ثلاثة باحثين رغبة منهم في إثراء النقاش حول النظام القاعدي والديمقراطية التمثيلية والديمقراطية الليبرالية وحول أسباب الفشل المسجل خلال العشرية السوداء. وذكر أنه عندما تم طرح موضوع البناء القاعدي من قبل قيس سعيد هناك من سخروا منه وقالوا انه غير ممكن لكن في الواقع هناك تنزيل لهذا المشروع الذي يفتح الباب أمام خطر الاستبداد.

ولاحظ سامي بن غازي أنه بالنظر إلى شح الكتابات حول البناء القاعدي من قبل من يتبنونه فقد اضطروا إلى الاستماع إلى تسجيلات صوتية للمدافعين عنه واستنتجوا انه نظام غير مكتمل من ناحية ومن ناحية أخرى فهو مليء بالتناقضات. وذكر أنه في ظل انعدام وضوح الطرح من المفروض ألا يتم التداول بشأن النظام القاعدي لكن هذا لم يحدث وفي المقابل نجد أن هناك توجها لتنزيله، ففي مشروع الدستور الصادر يوم 30 جوان هناك تأسيس للبناء القاعدي وفي النسخة الثانية من المشروع تبلورت الفكرة بوضوح. وطالب بن غازي دعاة البناء القاعدي إلى فتح حوار وإثراء النقاش حول ما جاء في الدراسة التي أنجزوها والرد عليها وخاصة الإجابة على الإشكاليات متعلقة بفلسفة البناء القاعدي لأنهم يعتقدون انه في صورة تواصل تنزيل البناء القاعدي فإن الوضع سيكون خطيرا.

أما الأستاذ حمادي الرديسي فلاحظ أن مشروع البناء القاعدي وفق ما جاء في الدراسة هو مشروع ارتجالي ويتم تنزيله بالتقسيط، وهو يعتقد أن البرنامج ليس ارتجاليا وبالتقسيط بل هو فقير من حيث الإطار النظري وأيضا من حيث الأطروحة، فهو يقوم على تمركز السلطة في يد شخص واحد من جهة ومن جهة أخرى على فكرة أن الشعب يريد، فمن ناحية نجد فردا وهو الرئيس يريد ومن ناحية أخرى نجد الشعب يريد. ويرى الجامعي أن المشروع فيه لخبطة وتردد وإخفاء للحقيقية وطمس للديمقراطية التمثيلية. ونبه الرديسي إلى أن مشروع البناء القاعدي سيفكك المجتمع لأنه يغلب المنطقة والجهة على الشعب، وخلص إلى أن النظام الجهوي لا يمكن أن يكون بديلا للديمقراطية التمثيلية، وأشار إلى أنه بتغيير طريقة الاقتراع سنجد أنفسنا في انتخابات تقوم على العروشية الجهوية وبارونات الجهات وفي النهاية ستساهم الانتخابات في تفكك الدولة.

سعيدة بوهلال

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews