رغم حجم المعركة القضائية وأسبقية رئيس الجمهورية وجهازه التنفيذي في السعي لترويض القضاء والحد من إمداداته المعنوية من خلال عزل 57 قاضيا واقتطاع أيام الإضراب وتعيين مجلس أعلى للقضاء إلا أن ذلك لم يمنع القضاة من مواصلة تحركاتهم وإضراب الجوع المعلن منذ يوم 22 جوان الماضي بالإضافة إلى حملتهم الإعلامية للتعريف بقضيتهم في مواجهة السلطة.
وفي هذا السياق أكد القاضي وهو احد المضربين عن الطعام حمادي الرحماني "الشروع في الاقتطاع من أجور القضاة على خلفية إضرابهم الشرعي احتجاجا على هتك دولة القانون ودوس الدستور وغصب الرئيس لسلطات المجلس الأعلى للقضاء وعزل 57 قاضيا بجرة قلم ظلما وانتقاما من مواقفهم المستقلة و"لاءاتهم" في وجه التعليمات السياسية."
كما تحركت اللجنة المدنية للدفاع على استقلال القضاء لتندد بالاستهداف السياسي لرئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي على خلفية نشاطه النقابي.
وأوردت اللجنة المدنية للدفاع على استقلال القضاء في بيان لها أمس "انه وفي إطار متابعتها للإجراءات التي طالت رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي على خلفية دوره في تحركات القضاة الرافضة للقرارات الجائرة المتعلقة بإعفاء 57 قاضيا وقاضية تؤكد على أن الإجراءات المتخذة ضد رئيس الجمعية والتي هي على صلة بمباشرته لنشاطه النقابي تشكل استهدافا خطيرا لحق القضاة في الاجتماع والتعبير لحماية استقلالهم وهو الحق المكفول بالدستور وبالمعاهدات الدولية المصادق عليها من الدولة التونسية."
وعبرت اللجنة عن بالغ انشغالها مما أسمته "انحراف التفقدية العامة بوزارة العدل بالإجراءات برفض تمكين رئيس الجمعية ومحاميه في ثلاث مناسبات من نسخة من الملف بكل وثائقه للإطلاع عليه وإعداد وسائل الدفاع في الأجل المعقول في مخالفة للقانون ولما استقر عليه فقه القضاء الإداري من أن احترام حقوق الدفاع في المادة التأديبية يرتقي إلى مرتبة المبادئ العامة للقانون التي يتعين على الإدارة احترامها وهي وجوب تمكين المعني بالأمر من الإطلاع على الملف ومده بنسخة منه ومنحه أجلا معقولا للجواب."
وخلصت اللجنة المدنية للدفاع على استقلال القضاء أن ما يتعرض له الحمادي "استهداف سياسي غايته إخماد صوت ثابت في الدفاع عن استقلالية القضاء وعلى نية واضحة لإصدار قرارات خطيرة في شأنه خاصة في هذا الظرف الذي تتواصل فيه تحركات القضاة من خلال إضراب الجوع الذي يشنه البعض ممن تم إعفاءهم ومحاولة لترهيب بقية القضاة المتمسكين باستقلالية السلطة التي ينتمون إليها وإشاعة الخوف لديهم ومزيد تسليط الضغوط عليهم.
وتحت شعار "الجوع ولا قضاء الخنوع" مازال عدد من القضاة مواصلين لإضراب جوعهم رفضا واحتجاجا على ما أسموه "بمجزرة القضاء" وذلك بعد الإعفاءات بالجملة لـ57 قاضيا تونسيا من مختلف الرتب في إطار ما اسماه رئيس الجمهورية قيس سعيد وأنصاره بحملة "تطهير" القضاء.
وفي هذا السياق يواصل 3 قضاة وهم القاضي محمد الطاهر الكنزاري والقاضي قيس الصباحي، والقاضي احمد العبيدي، إضراب الجوع الذي انطلق منذ 22 جوان الفارط، أمام تواصل انغلاق آفاق الحوار مع السلطة التنفيذية رغم المطالب المتكررة في ذلك لبحث حلول جادة للمرسوم عدد 35 وللأمر عدد 516 المتعلق بإعفاء 57 قاضية وقاضيا خارج أطر الإجراءات التأديبية الشفافة ودون كفالة حق الدفاع.
وإسنادا لحقوق زملائهم التحق منذ 5 جويلية الجاري قاضيان إلى قائمة المضربين وهما القاضي قيس الصباحي، والقاضي احمد العبيدي وذلك بعد انسحاب كل من حمادي الرحماني والقاضي رمزي بحرية اثر تدهور وضعهما الصحي مما استوجب نقلهما إلى احد مستشفيات العاصمة.
وفي واقع الأمر لم يكن صداع الخلاف القضائي بالأمر الطارئ على ساحة الأحداث وذلك بعد أن استعدت له السلطة التنفيذية ممثلة في شخص رئيس الدولة ووزيرة العدل اللذين عملا على تصعيد المعركة بنسق تصاعدي.
نسق بدأت مؤشراته مع حملات التشهير بحق القضاة ونعتهم بالفساد وأن مكانهم هو السجن، أما في مرحلة ثانية فقد انطلق سعيد في إطلاق تهديداته بحل المجلس الأعلى للقضاء وتعيين آخر وهو ما ذهبت إليه السلطة التنفيذية بعد غلق مقر المجلس ليتم لاحقا تعيين قضاة ضمن هيكل قضائي مؤقت لم ينجح إلى حد اليوم في اقتلاع شرعيته واحترامه من أبناء القطاع.
وإيمانا منه بضرب من يصفهم "بالفاسدين" داخل القضاء قرر سعيد إعفاء 57 قاضيا بموجب مرسوم رئاسي وهو ما زاد في تأجيج المعركة بين السلطة القضائية والتنفيذية لتجد قاعات الجلسات وأروقة المحاكم والمتقاضين أنفسهم بين كماشتي الصراع.
خليل الحناشي
تونس-الصباح
رغم حجم المعركة القضائية وأسبقية رئيس الجمهورية وجهازه التنفيذي في السعي لترويض القضاء والحد من إمداداته المعنوية من خلال عزل 57 قاضيا واقتطاع أيام الإضراب وتعيين مجلس أعلى للقضاء إلا أن ذلك لم يمنع القضاة من مواصلة تحركاتهم وإضراب الجوع المعلن منذ يوم 22 جوان الماضي بالإضافة إلى حملتهم الإعلامية للتعريف بقضيتهم في مواجهة السلطة.
وفي هذا السياق أكد القاضي وهو احد المضربين عن الطعام حمادي الرحماني "الشروع في الاقتطاع من أجور القضاة على خلفية إضرابهم الشرعي احتجاجا على هتك دولة القانون ودوس الدستور وغصب الرئيس لسلطات المجلس الأعلى للقضاء وعزل 57 قاضيا بجرة قلم ظلما وانتقاما من مواقفهم المستقلة و"لاءاتهم" في وجه التعليمات السياسية."
كما تحركت اللجنة المدنية للدفاع على استقلال القضاء لتندد بالاستهداف السياسي لرئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي على خلفية نشاطه النقابي.
وأوردت اللجنة المدنية للدفاع على استقلال القضاء في بيان لها أمس "انه وفي إطار متابعتها للإجراءات التي طالت رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي على خلفية دوره في تحركات القضاة الرافضة للقرارات الجائرة المتعلقة بإعفاء 57 قاضيا وقاضية تؤكد على أن الإجراءات المتخذة ضد رئيس الجمعية والتي هي على صلة بمباشرته لنشاطه النقابي تشكل استهدافا خطيرا لحق القضاة في الاجتماع والتعبير لحماية استقلالهم وهو الحق المكفول بالدستور وبالمعاهدات الدولية المصادق عليها من الدولة التونسية."
وعبرت اللجنة عن بالغ انشغالها مما أسمته "انحراف التفقدية العامة بوزارة العدل بالإجراءات برفض تمكين رئيس الجمعية ومحاميه في ثلاث مناسبات من نسخة من الملف بكل وثائقه للإطلاع عليه وإعداد وسائل الدفاع في الأجل المعقول في مخالفة للقانون ولما استقر عليه فقه القضاء الإداري من أن احترام حقوق الدفاع في المادة التأديبية يرتقي إلى مرتبة المبادئ العامة للقانون التي يتعين على الإدارة احترامها وهي وجوب تمكين المعني بالأمر من الإطلاع على الملف ومده بنسخة منه ومنحه أجلا معقولا للجواب."
وخلصت اللجنة المدنية للدفاع على استقلال القضاء أن ما يتعرض له الحمادي "استهداف سياسي غايته إخماد صوت ثابت في الدفاع عن استقلالية القضاء وعلى نية واضحة لإصدار قرارات خطيرة في شأنه خاصة في هذا الظرف الذي تتواصل فيه تحركات القضاة من خلال إضراب الجوع الذي يشنه البعض ممن تم إعفاءهم ومحاولة لترهيب بقية القضاة المتمسكين باستقلالية السلطة التي ينتمون إليها وإشاعة الخوف لديهم ومزيد تسليط الضغوط عليهم.
وتحت شعار "الجوع ولا قضاء الخنوع" مازال عدد من القضاة مواصلين لإضراب جوعهم رفضا واحتجاجا على ما أسموه "بمجزرة القضاء" وذلك بعد الإعفاءات بالجملة لـ57 قاضيا تونسيا من مختلف الرتب في إطار ما اسماه رئيس الجمهورية قيس سعيد وأنصاره بحملة "تطهير" القضاء.
وفي هذا السياق يواصل 3 قضاة وهم القاضي محمد الطاهر الكنزاري والقاضي قيس الصباحي، والقاضي احمد العبيدي، إضراب الجوع الذي انطلق منذ 22 جوان الفارط، أمام تواصل انغلاق آفاق الحوار مع السلطة التنفيذية رغم المطالب المتكررة في ذلك لبحث حلول جادة للمرسوم عدد 35 وللأمر عدد 516 المتعلق بإعفاء 57 قاضية وقاضيا خارج أطر الإجراءات التأديبية الشفافة ودون كفالة حق الدفاع.
وإسنادا لحقوق زملائهم التحق منذ 5 جويلية الجاري قاضيان إلى قائمة المضربين وهما القاضي قيس الصباحي، والقاضي احمد العبيدي وذلك بعد انسحاب كل من حمادي الرحماني والقاضي رمزي بحرية اثر تدهور وضعهما الصحي مما استوجب نقلهما إلى احد مستشفيات العاصمة.
وفي واقع الأمر لم يكن صداع الخلاف القضائي بالأمر الطارئ على ساحة الأحداث وذلك بعد أن استعدت له السلطة التنفيذية ممثلة في شخص رئيس الدولة ووزيرة العدل اللذين عملا على تصعيد المعركة بنسق تصاعدي.
نسق بدأت مؤشراته مع حملات التشهير بحق القضاة ونعتهم بالفساد وأن مكانهم هو السجن، أما في مرحلة ثانية فقد انطلق سعيد في إطلاق تهديداته بحل المجلس الأعلى للقضاء وتعيين آخر وهو ما ذهبت إليه السلطة التنفيذية بعد غلق مقر المجلس ليتم لاحقا تعيين قضاة ضمن هيكل قضائي مؤقت لم ينجح إلى حد اليوم في اقتلاع شرعيته واحترامه من أبناء القطاع.
وإيمانا منه بضرب من يصفهم "بالفاسدين" داخل القضاء قرر سعيد إعفاء 57 قاضيا بموجب مرسوم رئاسي وهو ما زاد في تأجيج المعركة بين السلطة القضائية والتنفيذية لتجد قاعات الجلسات وأروقة المحاكم والمتقاضين أنفسهم بين كماشتي الصراع.