إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منتدى الصباح: الأسرة والطفولة في مشروع الدستور الجديد.. كان بالإمكان أحسن ممّا كان وهكذا يجب أن يكون؟

 

 

بقلم: د.ريم بالخذيري(*)

قبل أيّام قليلة من الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد ومنذ نشره في الرّائد الرسمي يوم 30جوان الفارط ينهمك التونسيون بمختلف فئاتهم ومستوياتهم التعليمية في قراءة النص الذين سيستفتون بشأنه. ومن لم يقرأه يكتفي بما ينشر حوله في وسائل الاعلام وفي صفحات الفيس بوك .

في المقابل انطلقت قراءات معمّقة لمشروع الدستور برمّته من قبل المختصين والسياسيين. في حين أنّ القراءات الأكثر حضورا هي تلك الموجهة بمعنى أنّ كل فئة في المجتمع تقرأ وتحلّل و تناقش ما يهمها على وجه الخصوص و بناء عليه ستحدّد موقفها ب"نعم" أو "لا".

ولئن لم يخرج مشروع الدستور على روح الدساتير في العالم واحترم لحدّ كبير فلسفة حقوق الانسان الكونية فان في هذا المشروع أبواب شكّلت محلّ جدل ونقاش ونقد .مقابل فصول أخرى لم يقع التطرّق اليها والحديث حولها على أهميتها في المجتمع وفي نجاح أي تجربة ديمقراطية.

من أهم هذه الفصول ما تعلّق بالأسرة عماد المجتمع وما تعلّق بالطفولة مستقبل تونس. وهاتان المسألتان تم تخصيص فصلين لهما منفصلين الأول ورد في الفصل12 وجاء فيه" الاسرة هي الخليّة الاساسية للمجتمع وعلى الدولة حمايتها" والثاني في الفصل 52 وجاء فيه" تحمي الدولة حقوق الطفل وتتكفّل بالأطفال المتخلّى عنهم أو مجهولي النسب.حقوق الطفل على أبويه وعلى الدولة ضمان الكرامة و الصحة و الرعاية و التعليم.وعلى الدولة أيضا توفير جميع أنواع الحماية لكلّ الأطفال دون تمييز وفق المصالح الفضلى للطفل."

وقبل تحليل هاذين الفصلين لابد من القاء نظرة مقارنة في دستوري 1959 و 2014.

ورد لفظ الأسرة في دستور 2014 في الفصل 7 حيث جاء فيها"الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، وعلى الدولة حمايتها." وقد تكرر حرفيا في مشروع الدستور الجديد.

وجاء في الفصل 8 إشارة أخرى للأسرة وللشباب الجزء الهام فيها وورد فيه"الشباب قوة فاعلة في بناء الوطن.

تحرص الدولة على توفير الظروف الكفيلة بتنمية قدرات الشباب وتفعيل طاقاته وتعمل على تحمله المسؤولية وعلى توسيع إسهامه في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية."

وأفرد للطفولة الفصل الفصل 47 الذي نص على أن "حقوق الطفل على أبويه وعلى الدولة ضمان الكرامة والصحة والرعاية والتربية والتعليم.

على الدولة توفير جميع أنواع الحماية لكلّ الأطفال دون تمييز وفق المصالح الفضلى للطفل".

أمّا دستور الجمهورية الأولى 1959 فانه خلا من أي فصول تهمّ الطفولة والأسرة عدا التوطئة التي ورد فيها "أن النظام الجمهوري خير كفيل لحقوق الإنسان وإقرار المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات ولتوفير أسباب الرفاهية بتنمية الاقتصاد واستخدام ثروة البلاد لفائدة الشعب وأنجع أداة لرعاية الأسرة وحق المواطنين في العمل والصحة والتعليم"

ما يلاحظ أنه لافرق في المضمون أو الشكل بين فصلي الأسرة والطفولة بين دستوري 1959 و 2014 وهذا فيه حيف وعدم اجتهاد لتطوير النصوص الخاصة بالطفولة وكان من الممكن أن تواكب التطور الحاصل في تونس وفي قطاع الطفولة و الأسرة .

ومن أهمّ ما كان يمكن تضمينه هو اضافة مفردات جديدة تجرّم اعتداء الأولياء على أبنائهم أو دفعهم الى التهلكة عبر الهجرة السرّية أو التشغيل الهش أو التسوّل .

وكان يمكن أن يكون الفصل المذكور "حقوق الطفل على أبويه وعلى الدولة ضمان الكرامة والصحة والرعاية والتربية والتعليم. ويجرّم الاعتداء عليهم أو دفعهم الى المهالك بأي شكل من الأشكال

على الدولة توفير جميع أنواع الحماية والرعاية لكلّ الأطفال من تعليم عصري والحقّ في بطاقة هوية ومنح نسب لمن لانسب لهم "

مشروع الدستور الجديد وان لم يعد ممكنا ادخال تحويرات عليه بعد نشره في الرائد الرسمي لكن من الضروري أن يتدعّم بقوانين جديدة مصاحبة ومن الضروري تنقيح مجلة الطفل وادراج فصول جديدة فيها تكون مواكبة للتطور في قطاع الطفولة في تونس والعالم.

والاولوية تبقى لمنح الطفل هوية لغاية سن 17قبل منحه بطاقة تعريف وطنية .كما أنه لم يعد مقبولا استهتار الأولياء بأبنائهم القصّر وتدمير مستقبلهم ولابد في هذا الاطار من تضمين تنقيحات جديدة في مجلة الطفل في هذا الاطار.

ان الدستور التونسي الجديد في حال ما تمت المصادقة عليه وكغيره من الدساتير لايكفل حقوقا كاملة للطفولة وهو يتعرّض لها اجمالا دون تفصيل ولذا من الضروري أن يعقب اعتماد ه ارساء مؤسسات جديدة تحميه و سن قوانين تدعّم أركانه. والبداية كما قلنا يكون بتنقيح مجلتي الأحوال الشخصية ومجلّة الطفل.

ونقترح في هذا المجال دمج المجلتين لتصبح مجلة الأسرة والطفل وتكون مضمّنة لقوانين توافقية وتحترم خصوصيات المجتمع التونسي المحافظ وتنبذ التعصّب وتجرّمه داخل الأسرة وخارجها .

وسيكون لنا عودة لمشروع هاته المجلة بالتفصيل في محطات قادمة لأنها ستمس أكثر من 80بالمائة من المجتمع التونسي وستكون بمثابة العقد الاجتماعي الحديث.الذي سنتفرّد به بين الدول العربية والافريقية كما تفرّدنا بمجلة الاحوال الشخصية في 1956.

(*)رئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط

 

منتدى الصباح: الأسرة والطفولة في مشروع الدستور الجديد.. كان بالإمكان أحسن ممّا كان وهكذا يجب أن يكون؟

 

 

بقلم: د.ريم بالخذيري(*)

قبل أيّام قليلة من الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد ومنذ نشره في الرّائد الرسمي يوم 30جوان الفارط ينهمك التونسيون بمختلف فئاتهم ومستوياتهم التعليمية في قراءة النص الذين سيستفتون بشأنه. ومن لم يقرأه يكتفي بما ينشر حوله في وسائل الاعلام وفي صفحات الفيس بوك .

في المقابل انطلقت قراءات معمّقة لمشروع الدستور برمّته من قبل المختصين والسياسيين. في حين أنّ القراءات الأكثر حضورا هي تلك الموجهة بمعنى أنّ كل فئة في المجتمع تقرأ وتحلّل و تناقش ما يهمها على وجه الخصوص و بناء عليه ستحدّد موقفها ب"نعم" أو "لا".

ولئن لم يخرج مشروع الدستور على روح الدساتير في العالم واحترم لحدّ كبير فلسفة حقوق الانسان الكونية فان في هذا المشروع أبواب شكّلت محلّ جدل ونقاش ونقد .مقابل فصول أخرى لم يقع التطرّق اليها والحديث حولها على أهميتها في المجتمع وفي نجاح أي تجربة ديمقراطية.

من أهم هذه الفصول ما تعلّق بالأسرة عماد المجتمع وما تعلّق بالطفولة مستقبل تونس. وهاتان المسألتان تم تخصيص فصلين لهما منفصلين الأول ورد في الفصل12 وجاء فيه" الاسرة هي الخليّة الاساسية للمجتمع وعلى الدولة حمايتها" والثاني في الفصل 52 وجاء فيه" تحمي الدولة حقوق الطفل وتتكفّل بالأطفال المتخلّى عنهم أو مجهولي النسب.حقوق الطفل على أبويه وعلى الدولة ضمان الكرامة و الصحة و الرعاية و التعليم.وعلى الدولة أيضا توفير جميع أنواع الحماية لكلّ الأطفال دون تمييز وفق المصالح الفضلى للطفل."

وقبل تحليل هاذين الفصلين لابد من القاء نظرة مقارنة في دستوري 1959 و 2014.

ورد لفظ الأسرة في دستور 2014 في الفصل 7 حيث جاء فيها"الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، وعلى الدولة حمايتها." وقد تكرر حرفيا في مشروع الدستور الجديد.

وجاء في الفصل 8 إشارة أخرى للأسرة وللشباب الجزء الهام فيها وورد فيه"الشباب قوة فاعلة في بناء الوطن.

تحرص الدولة على توفير الظروف الكفيلة بتنمية قدرات الشباب وتفعيل طاقاته وتعمل على تحمله المسؤولية وعلى توسيع إسهامه في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية."

وأفرد للطفولة الفصل الفصل 47 الذي نص على أن "حقوق الطفل على أبويه وعلى الدولة ضمان الكرامة والصحة والرعاية والتربية والتعليم.

على الدولة توفير جميع أنواع الحماية لكلّ الأطفال دون تمييز وفق المصالح الفضلى للطفل".

أمّا دستور الجمهورية الأولى 1959 فانه خلا من أي فصول تهمّ الطفولة والأسرة عدا التوطئة التي ورد فيها "أن النظام الجمهوري خير كفيل لحقوق الإنسان وإقرار المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات ولتوفير أسباب الرفاهية بتنمية الاقتصاد واستخدام ثروة البلاد لفائدة الشعب وأنجع أداة لرعاية الأسرة وحق المواطنين في العمل والصحة والتعليم"

ما يلاحظ أنه لافرق في المضمون أو الشكل بين فصلي الأسرة والطفولة بين دستوري 1959 و 2014 وهذا فيه حيف وعدم اجتهاد لتطوير النصوص الخاصة بالطفولة وكان من الممكن أن تواكب التطور الحاصل في تونس وفي قطاع الطفولة و الأسرة .

ومن أهمّ ما كان يمكن تضمينه هو اضافة مفردات جديدة تجرّم اعتداء الأولياء على أبنائهم أو دفعهم الى التهلكة عبر الهجرة السرّية أو التشغيل الهش أو التسوّل .

وكان يمكن أن يكون الفصل المذكور "حقوق الطفل على أبويه وعلى الدولة ضمان الكرامة والصحة والرعاية والتربية والتعليم. ويجرّم الاعتداء عليهم أو دفعهم الى المهالك بأي شكل من الأشكال

على الدولة توفير جميع أنواع الحماية والرعاية لكلّ الأطفال من تعليم عصري والحقّ في بطاقة هوية ومنح نسب لمن لانسب لهم "

مشروع الدستور الجديد وان لم يعد ممكنا ادخال تحويرات عليه بعد نشره في الرائد الرسمي لكن من الضروري أن يتدعّم بقوانين جديدة مصاحبة ومن الضروري تنقيح مجلة الطفل وادراج فصول جديدة فيها تكون مواكبة للتطور في قطاع الطفولة في تونس والعالم.

والاولوية تبقى لمنح الطفل هوية لغاية سن 17قبل منحه بطاقة تعريف وطنية .كما أنه لم يعد مقبولا استهتار الأولياء بأبنائهم القصّر وتدمير مستقبلهم ولابد في هذا الاطار من تضمين تنقيحات جديدة في مجلة الطفل في هذا الاطار.

ان الدستور التونسي الجديد في حال ما تمت المصادقة عليه وكغيره من الدساتير لايكفل حقوقا كاملة للطفولة وهو يتعرّض لها اجمالا دون تفصيل ولذا من الضروري أن يعقب اعتماد ه ارساء مؤسسات جديدة تحميه و سن قوانين تدعّم أركانه. والبداية كما قلنا يكون بتنقيح مجلتي الأحوال الشخصية ومجلّة الطفل.

ونقترح في هذا المجال دمج المجلتين لتصبح مجلة الأسرة والطفل وتكون مضمّنة لقوانين توافقية وتحترم خصوصيات المجتمع التونسي المحافظ وتنبذ التعصّب وتجرّمه داخل الأسرة وخارجها .

وسيكون لنا عودة لمشروع هاته المجلة بالتفصيل في محطات قادمة لأنها ستمس أكثر من 80بالمائة من المجتمع التونسي وستكون بمثابة العقد الاجتماعي الحديث.الذي سنتفرّد به بين الدول العربية والافريقية كما تفرّدنا بمجلة الاحوال الشخصية في 1956.

(*)رئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews