إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في صورة مخالفتهم قواعد التمويل.. عقوبات مالية وأخرى سجنية تنتظر المشاركين في حملة الاستفتاء

ـ نائب رئيس هيئة الانتخابات: لا يوجد تمويل عمومي لحملة الاستفتاء.. والأمر المتعلق بسقف التمويل الذاتي والتمويل الخاص سوف يصدر

تونس: الصباح

حرم قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المنتظر نشره في الرائد الرسمي والمتعلق بضبط قواعد تمويل حملة الاستفتاء وإجراءاته وطرقه، جميع المشاركين في هذه الحملة من أحزاب وجمعيات وأشخاص طبيعيين، من التمويل العمومي الذي كرسه القانون الانتخابي. ولكنه في المقابل أبقى على عقوبات مالية وأخرى سالبة للحرية في حال مخالفة تلك القواعد.

 ونص القرار المذكور على أن محكمة المحاسبات تسلط عقوبة مالية تتراوح بين 500 دينار و2500 دينار على المشاركين الذين يعمدون إلى عرقلة أعمال هذه المحكمة بالتأخير في مدها بالوثائق المطلوبة لإنجاز الأعمال الرقابية الموكولة لها. كما يمكن لمحكمة المحاسبات أن تسلط عقوبة مالية تتراوح بين ألف وخمسة آلاف دينار على المشاركين الذين لا يقومون بفتح حساب بنكي وحيد خاص بحملة الاستفتاء والذين لا يعينون وكيلا للتصرف في الحساب البنكي الوحيد وفي المسائل الماليّة والمحاسبيّة للحملة، والذين لا يقومون بفتح حساب بنكي وحيد ترصد فيه المبالغ المخصّصة للحملة وتصرف منه جميع المصاريف ولا يمدون الهيئة بمعرّف الحساب البنكي الوحيد وهويّة الوكيل الذي يتحمّل مسؤولية صرف المبالغ المودعة بالحساب البنكي الوحيد ولا يقومون بمسك سجلّ مرقّم ومختوم من قبل الهيئة لتسجيل كلّ المداخيل والنفقات بصفة متسلسلة حسب تاريخ إنجازها دون شطب أو تغيير مع التنصيص على مرجع وثيقة الإثبات ومسك قائمة في التظاهرات والأنشطة والملتقيات المنجزة في إطار الحملة مؤشّر عليها من قبل الهيئة، وكذلك الذين لا يعدون قائمة تأليفية للمداخيل والمصاريف الانتخابية بالاعتماد على سجلّ هذه العمليات ممضاة من قبل المشارك. وإذا ثبت لمحكمة المحاسبات أن المشارك في الحملة قد تحصل على تمويل أجنبي لحملته فإنها تحكم عليه بدفع خطية مالية تتراوح بين عشرة أضعاف وخمسين ضعفا لمقدار قيمة التمويل الأجنبي.

وفضلا عن العقوبات المالية، يعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وخطية مالية من ألف إلى 3 آلاف دينار، كل شخص يتمّ ضبطه بصدد تقديم تبرعات نقدية أو عينية قصد التأثير على الناخب أو استعمل نفس الوسائل لحمل الناخب على الإمساك عن التصويت سواء كان ذلك قبل الاقتراع أو أثناءه أو بعده. ويمكن تسليط عقوبة تكميلية تقضي بالحرمان من الحق في الاقتراع لمدّة لا تقل عن سنتين ولا تتعدى ستّ سنوات على مرتكب إحدى الجرائم الانتخابية التي تسلط فيها عقوبة بالسجن لمدّة سنة أو أكثر.

أين التمويل العمومي؟

لئن حافظ قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على عقوبات مالية وأخرى سجنية يتم تسليطها في حال مخالفة قواعد تمويل الحملة، فإنه لم يتضمن القسم الخاص بالتمويل العمومي الذي نجده في قرار سابق للهيئة يتعلق بنفس الغرض، والحال أن القانون الانتخابي وفق ما أكده لها أحد الخبراء المختصين في مراقبة الحملات الانتخابية كرس التمويل العمومي، حيث نص في الفصل 75 على أن يتم تمويل الحملة الانتخابية للمترشحين والقائمات المترشحة وحملة الاستفتاء بالتمويل الذاتي والتمويل الخاص والتمويل العمومي. في حين نص الفصل 79 على أن تخصص منحة بعنوان مساعدة عمومية على تمويل حملة الاستفتاء لفائدة الأحزاب النيابية المشاركة في الاستفتاء توزع بالتساوي بينها وتصرف المنحة بعنوان استرجاع مصاريف بعد الإعلان عن نتائج الاستفتاء، ولا يكون استرجاع المصاريف إلا بالنسبة إلى المصاريف المنجزة والتي تكتسي صبغة نفقة تتعلق بالاستفتاء، ولا يستفيد في الاستفتاء الموالي من منحة التمويل العمومي كل حزب سلطت عليه محكمة المحاسبات حكما باتا بسبب مخالفته أحكام التمويل العمومي المتعلقة بالاستفتاء..

وبالعودة إلى قرار سابق أصدرته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات خلال سنة 2014 ثم نقحته في 23 أكتوبر 2017 وبمقارنته بقرار الهيئة الجديد المنشور يوم غرة جويلية والمنتظر إصداره بالرائد الرسمي، يمكن الإشارة إلى أنه تم حذف قسم كامل خاص بالتمويل العمومي للحملة، وقد نص هذا القسم على أن تخصص الدولة للقائمة المترشحة أو المترشح منحة بعنوان المساعدة العمومية على تمويل الحملة ويتم ضبط شروط إسنادها وسقفها وإجراءات صرفها بأمر حكومي. وخلال محطات انتخابية سابقة كانت تنتفع بكامل منحة التمويل العمومي أي قائمة تتحصل على ثلاثة بالمائة على الأقل من الأصوات المصرح بها على مستوى الدائرة الانتخابية حتى إن لم تفز بأي مقعد بمجلس نواب الشعب، وكل قائمة تفوز بمقعد على الأقل بمجلس نواب الشعب حتى ولو حصلت على أقل من 3 بالمائة من الأصوات المصرّح بها على مستوى الدائرة الانتخابية، وكل مترشح يتحصل على 3 بالمائة على الأقل من الأصوات المصرح بها على المستوى الوطني. ولكن بالنسبة إلى القائمة التي تتحصل على أقل من 3 بالمائة من الأصوات المصرح بها على مستوى الدائرة الانتخابية ولم تفز بمقعد بمجلس نواب الشعب فهي مطالبة بإرجاع كامل المنحة، ونفس الشيء ينسحب على كل مترشح تحصل على أقل من 3 بالمائة من الأصوات المصرح بها على المستوى الوطني. وتحرم من التمويل العمومي بالنسبة للانتخابات الموالية كل قائمة مستقلة مترشحة، بنفس التركيبة، لم تقم بإرجاع كامل المنحة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى جميع القائمات الحزبية المترشحة عن الحزب الذي لم تقم إحدى قائماته أو أكثر بإرجاع كامل المنحة، وكل مترشح لم يقم بإرجاع كامل المنحة، وكلّ قائمة أو مترشح لم يرجع المبالغ التي ثبت أنها لا تكتسي صبغة مصاريف انتخابية. ثم أن كل قائمة مترشحة وكل مترشح ملزم بإرجاع كامل المبلغ الذي لم يتمّ صرفه من المنحة العمومية أو تمّ بذله في نفقات لا تكتسي صبغة مصاريف انتخابية.

من يتمتع بالتمويل العمومي؟

بعد تعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب في 25 جويلية 2021 حصل نقاش داخل هيئة الانتخابات السابقة برئاسة نبيل بفون حول ما إذا سيقتصر منح التمويل العمومي على الأحزاب البرلمانية، ولكن بعد حل البرلمان لم تعد هناك أحزاب برلمانية، وبمقدم مجلس الهيئة الحالي برئاسة فاروق بوعسكر ارتأى هذا المجلس فتح مجال المشاركة في حملة الاستفتاء أمام الجميع وليس أمام الأحزاب البرلمانية فقط فكل الأحزاب والمنظمات والأشخاص الطبيعيين سمحت لهم الهيئة بالمشاركة في الحملة.. وفي هذا السياق أعلنت عن قائمة نهائية للمشاركين في حملة الاستفتاء تتضمن 148 مشاركا يتوزعون بين أحزاب وجمعيات وأشخاص طبيعيين ولكن الغلبة كانت للأشخاص الطبيعيين والسؤال المطروح هو هل يمكن لهؤلاء بعد حجب منحة التمويل العمومي، تنظيم حملة بالتعويل على مواردهم الذاتية وعلى تمويل خاص إن وجد؟

إجراء غير ملزم

 باستفسار نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ماهر الجديدي عن سبب عدم تنصيص قرار الهيئة عدد 17 لسنة 2022 المؤرخ في غرة جويلية الجاري والمتعلق بضبط قواعد تمويل حملة الاستفتاء وإجراءاته وطرقه، عن عدم تنصيصه، على التمويل العمومي لحملة الاستفتاء قال:"إنه من حيث المبدأ لا يوجد تمويل عمومي لحملة الاستفتاء، والقانون غير ملزم والاستفتاء ليس مثل الانتخابات التشريعية والانتخابات الرئاسية".

وبين الجديدي في تصريح خاطف لـ «الصباح" أن قرار الهيئة المذكور لم ينصص على التمويل العمومي، وبالتالي فإن المشارك في الحملة يمول حملته بالتمويل الذاتي أي بموارده الذاتية والتمويل الخاص الذي يمكن أن يسنده له خواص في إطار تشجيعهم لحملته.

وتعقيبا عن استفسار آخر حول ما إذا تم ضبط سقف تمويل حملة الاستفتاء أم ليس بعد، بين نائب رئيس الهيئة أنه من المفروض أن يصدر أمر يتعلق بتحديد السقف الجملي للإنفاق على حملة الاستفتاء، وسقف التمويل الذاتي وسقف التمويل الخاص، وهذا السقف لا تضبطه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وبين أنه من المنتظر أن يتم إصدار أمر في الرائد الرسمي يحدد هذا السقف.

مبادئ تمويل الحملة

لئن ألغى قرار الهيئة الذي تم نشره يوم غرة جويلية الجاري القسم المخصص للتمويل العمومي الموجود في قرارها الذي أصدرته سابقا بمناسبة الحملات الانتخابية للانتخابات التشريعية والرئاسية فإنه حافظ على المبادئ الأساسية لتمويل الحملة، إذ يخضع تمويل حملة الاستفتاء إلى المبادئ الأساسية التي نصّ عليها الدستور والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة المصادق عليها من الدولة التونسية والقانون الانتخابي والتراتيب ذات العلاقة بسقف الإنفاق بالحملة.

وبموجب قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتاريخ غرة جويلية تعمل الهيئة بالتنسيق مع السلط القضائية والإدارية على ضمان شفافية مصادر تمويل الحملة وطرق صرف الأموال المرصودة لها كما تعمل على منع تمويل الحملة بمصادر أجنبية أو مجهولة أو بأموال مكتسبة بصفة غير مشروعة وتعمل على ضمان المساواة وتكافؤ الفرص بين كافة المشاركين.

وبالنسبة إلى السلط العمومية فهي مطالبة بضمان حياد الإدارة والسهر على فرض عدم استعمال أعوان أو وسائل السلطة العمومية والموارد العمومية في حملة المشاركين.

ومثلما أشار إليه ماهر الجديدي نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، نص القرار على أن تمويل الحملة يتم من المصادر المتأتية من التمويل الذاتي والتمويل الخاص دون سواهما. ويمكن أن يكون التمويل نقديا أو عينيّا. ويتم تنزيل قيمة التمويل العيني في الحساب المالي للمشارك، بالرجوع إلى الأسعار المعمول بها بالسوق حين تسلّمه وباعتبار الاستهلاك طبقا لقواعد المحاسبة المعمول بها وتحتسب ضمن سقف الإنفاق الانتخابي. ففي ما يتعلق بالتمويل الذاتي، فهو كل تمويل نقدي أو عيني للحملة بالموارد الذاتية المتأتية من المشارك، ويشمل التمويل الذاتي الأموال المتأتية من المشارك سواء كان مصدرها أجور أو مداخيل مهنيّة أو مدّخرات أو غيرها، ومساهمات عينيّة، وقروض بنكية. أما التمويل الخاص فهو التمويل النقدي أو العيني للحملة المتأتّي من الذوات الطبيعية دون سواها من غير المشاركين، ويمكن للفرد الواحد أن يمول كل مشارك في حدود ثلاثين مرة الأجر الأدنى المضمون في القطاعات غير الفلاحية وفق نظام 48 ساعة. وفي المقابل حجّر قرار الهيئة التمويل الخاص المتأتي من الذوات المعنوية بجميع أصنافها.

وعلى غرار حملة الانتخابات التشريعية والرئاسية حجر قرار الهيئة المنتظر إصداره بالرائد الرسمي التمويل غير المشروع لحملة الاستفتاء، وحجر تمويل الحملة بأموال يكون مصدرها أجنبيّا، مجهولا، ومتأتيا من ذات معنوية، عمومية أو خاصة، سواء كان نشاطها يكتسي صبغة تجارية أو يهدف إلى تحقيق مصلحة غير ربحية، أو متأتّيا من غسيل الأموال وصدر في شأنه حكما جزائيا باتا. وحجّر قرار الهيئة كل تمويل مقنّع لحملة الاستفتاء، والتمويل المقنع هو توجيه موارد عمومية أو خاصة، دون وجه قانوني، للترويج بصفة مباشرة أو غير مباشرة لموقف في الحملة، كما يعتبر شكلا من أشكال التمويل المقنع استعمال الأعوان العموميون أو الوسائل والموارد العمومية في الحملة. أما التمويل الأجنبي فيتمثل في الأموال النقدية أو العينية أو الدعائية المتأتية من حكومات أجنبية، ذوات معنوية أجنبية، عمومية أو خاصة، مهما كان نشاطها، حتى وإن كانت لها فروع في تونس، ذوات طبيعية أجنبية حتى وإن كانت مقيمة بتونس أو كان مصدر دخلها تونسيا وفقا للتشريع الجبائي إضافة إلى الهبات أو الهدايا أو المنح التي يعتبر مصدرها أجنبيا وفق التشريع الجبائي مهما كانت جنسية المموّل، ويعد تمويلا أجنبيا، تمويل التونسيين بالخارج للمشاركين في الحملة داخل تونس، وفي المقابل لا يعتبر تمويل التونسيين بالخارج للمشاركين في الحملة بالخارج تمويلا أجنبيا.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في صورة مخالفتهم قواعد التمويل..  عقوبات مالية وأخرى سجنية تنتظر المشاركين في حملة الاستفتاء

ـ نائب رئيس هيئة الانتخابات: لا يوجد تمويل عمومي لحملة الاستفتاء.. والأمر المتعلق بسقف التمويل الذاتي والتمويل الخاص سوف يصدر

تونس: الصباح

حرم قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المنتظر نشره في الرائد الرسمي والمتعلق بضبط قواعد تمويل حملة الاستفتاء وإجراءاته وطرقه، جميع المشاركين في هذه الحملة من أحزاب وجمعيات وأشخاص طبيعيين، من التمويل العمومي الذي كرسه القانون الانتخابي. ولكنه في المقابل أبقى على عقوبات مالية وأخرى سالبة للحرية في حال مخالفة تلك القواعد.

 ونص القرار المذكور على أن محكمة المحاسبات تسلط عقوبة مالية تتراوح بين 500 دينار و2500 دينار على المشاركين الذين يعمدون إلى عرقلة أعمال هذه المحكمة بالتأخير في مدها بالوثائق المطلوبة لإنجاز الأعمال الرقابية الموكولة لها. كما يمكن لمحكمة المحاسبات أن تسلط عقوبة مالية تتراوح بين ألف وخمسة آلاف دينار على المشاركين الذين لا يقومون بفتح حساب بنكي وحيد خاص بحملة الاستفتاء والذين لا يعينون وكيلا للتصرف في الحساب البنكي الوحيد وفي المسائل الماليّة والمحاسبيّة للحملة، والذين لا يقومون بفتح حساب بنكي وحيد ترصد فيه المبالغ المخصّصة للحملة وتصرف منه جميع المصاريف ولا يمدون الهيئة بمعرّف الحساب البنكي الوحيد وهويّة الوكيل الذي يتحمّل مسؤولية صرف المبالغ المودعة بالحساب البنكي الوحيد ولا يقومون بمسك سجلّ مرقّم ومختوم من قبل الهيئة لتسجيل كلّ المداخيل والنفقات بصفة متسلسلة حسب تاريخ إنجازها دون شطب أو تغيير مع التنصيص على مرجع وثيقة الإثبات ومسك قائمة في التظاهرات والأنشطة والملتقيات المنجزة في إطار الحملة مؤشّر عليها من قبل الهيئة، وكذلك الذين لا يعدون قائمة تأليفية للمداخيل والمصاريف الانتخابية بالاعتماد على سجلّ هذه العمليات ممضاة من قبل المشارك. وإذا ثبت لمحكمة المحاسبات أن المشارك في الحملة قد تحصل على تمويل أجنبي لحملته فإنها تحكم عليه بدفع خطية مالية تتراوح بين عشرة أضعاف وخمسين ضعفا لمقدار قيمة التمويل الأجنبي.

وفضلا عن العقوبات المالية، يعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وخطية مالية من ألف إلى 3 آلاف دينار، كل شخص يتمّ ضبطه بصدد تقديم تبرعات نقدية أو عينية قصد التأثير على الناخب أو استعمل نفس الوسائل لحمل الناخب على الإمساك عن التصويت سواء كان ذلك قبل الاقتراع أو أثناءه أو بعده. ويمكن تسليط عقوبة تكميلية تقضي بالحرمان من الحق في الاقتراع لمدّة لا تقل عن سنتين ولا تتعدى ستّ سنوات على مرتكب إحدى الجرائم الانتخابية التي تسلط فيها عقوبة بالسجن لمدّة سنة أو أكثر.

أين التمويل العمومي؟

لئن حافظ قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على عقوبات مالية وأخرى سجنية يتم تسليطها في حال مخالفة قواعد تمويل الحملة، فإنه لم يتضمن القسم الخاص بالتمويل العمومي الذي نجده في قرار سابق للهيئة يتعلق بنفس الغرض، والحال أن القانون الانتخابي وفق ما أكده لها أحد الخبراء المختصين في مراقبة الحملات الانتخابية كرس التمويل العمومي، حيث نص في الفصل 75 على أن يتم تمويل الحملة الانتخابية للمترشحين والقائمات المترشحة وحملة الاستفتاء بالتمويل الذاتي والتمويل الخاص والتمويل العمومي. في حين نص الفصل 79 على أن تخصص منحة بعنوان مساعدة عمومية على تمويل حملة الاستفتاء لفائدة الأحزاب النيابية المشاركة في الاستفتاء توزع بالتساوي بينها وتصرف المنحة بعنوان استرجاع مصاريف بعد الإعلان عن نتائج الاستفتاء، ولا يكون استرجاع المصاريف إلا بالنسبة إلى المصاريف المنجزة والتي تكتسي صبغة نفقة تتعلق بالاستفتاء، ولا يستفيد في الاستفتاء الموالي من منحة التمويل العمومي كل حزب سلطت عليه محكمة المحاسبات حكما باتا بسبب مخالفته أحكام التمويل العمومي المتعلقة بالاستفتاء..

وبالعودة إلى قرار سابق أصدرته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات خلال سنة 2014 ثم نقحته في 23 أكتوبر 2017 وبمقارنته بقرار الهيئة الجديد المنشور يوم غرة جويلية والمنتظر إصداره بالرائد الرسمي، يمكن الإشارة إلى أنه تم حذف قسم كامل خاص بالتمويل العمومي للحملة، وقد نص هذا القسم على أن تخصص الدولة للقائمة المترشحة أو المترشح منحة بعنوان المساعدة العمومية على تمويل الحملة ويتم ضبط شروط إسنادها وسقفها وإجراءات صرفها بأمر حكومي. وخلال محطات انتخابية سابقة كانت تنتفع بكامل منحة التمويل العمومي أي قائمة تتحصل على ثلاثة بالمائة على الأقل من الأصوات المصرح بها على مستوى الدائرة الانتخابية حتى إن لم تفز بأي مقعد بمجلس نواب الشعب، وكل قائمة تفوز بمقعد على الأقل بمجلس نواب الشعب حتى ولو حصلت على أقل من 3 بالمائة من الأصوات المصرّح بها على مستوى الدائرة الانتخابية، وكل مترشح يتحصل على 3 بالمائة على الأقل من الأصوات المصرح بها على المستوى الوطني. ولكن بالنسبة إلى القائمة التي تتحصل على أقل من 3 بالمائة من الأصوات المصرح بها على مستوى الدائرة الانتخابية ولم تفز بمقعد بمجلس نواب الشعب فهي مطالبة بإرجاع كامل المنحة، ونفس الشيء ينسحب على كل مترشح تحصل على أقل من 3 بالمائة من الأصوات المصرح بها على المستوى الوطني. وتحرم من التمويل العمومي بالنسبة للانتخابات الموالية كل قائمة مستقلة مترشحة، بنفس التركيبة، لم تقم بإرجاع كامل المنحة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى جميع القائمات الحزبية المترشحة عن الحزب الذي لم تقم إحدى قائماته أو أكثر بإرجاع كامل المنحة، وكل مترشح لم يقم بإرجاع كامل المنحة، وكلّ قائمة أو مترشح لم يرجع المبالغ التي ثبت أنها لا تكتسي صبغة مصاريف انتخابية. ثم أن كل قائمة مترشحة وكل مترشح ملزم بإرجاع كامل المبلغ الذي لم يتمّ صرفه من المنحة العمومية أو تمّ بذله في نفقات لا تكتسي صبغة مصاريف انتخابية.

من يتمتع بالتمويل العمومي؟

بعد تعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب في 25 جويلية 2021 حصل نقاش داخل هيئة الانتخابات السابقة برئاسة نبيل بفون حول ما إذا سيقتصر منح التمويل العمومي على الأحزاب البرلمانية، ولكن بعد حل البرلمان لم تعد هناك أحزاب برلمانية، وبمقدم مجلس الهيئة الحالي برئاسة فاروق بوعسكر ارتأى هذا المجلس فتح مجال المشاركة في حملة الاستفتاء أمام الجميع وليس أمام الأحزاب البرلمانية فقط فكل الأحزاب والمنظمات والأشخاص الطبيعيين سمحت لهم الهيئة بالمشاركة في الحملة.. وفي هذا السياق أعلنت عن قائمة نهائية للمشاركين في حملة الاستفتاء تتضمن 148 مشاركا يتوزعون بين أحزاب وجمعيات وأشخاص طبيعيين ولكن الغلبة كانت للأشخاص الطبيعيين والسؤال المطروح هو هل يمكن لهؤلاء بعد حجب منحة التمويل العمومي، تنظيم حملة بالتعويل على مواردهم الذاتية وعلى تمويل خاص إن وجد؟

إجراء غير ملزم

 باستفسار نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ماهر الجديدي عن سبب عدم تنصيص قرار الهيئة عدد 17 لسنة 2022 المؤرخ في غرة جويلية الجاري والمتعلق بضبط قواعد تمويل حملة الاستفتاء وإجراءاته وطرقه، عن عدم تنصيصه، على التمويل العمومي لحملة الاستفتاء قال:"إنه من حيث المبدأ لا يوجد تمويل عمومي لحملة الاستفتاء، والقانون غير ملزم والاستفتاء ليس مثل الانتخابات التشريعية والانتخابات الرئاسية".

وبين الجديدي في تصريح خاطف لـ «الصباح" أن قرار الهيئة المذكور لم ينصص على التمويل العمومي، وبالتالي فإن المشارك في الحملة يمول حملته بالتمويل الذاتي أي بموارده الذاتية والتمويل الخاص الذي يمكن أن يسنده له خواص في إطار تشجيعهم لحملته.

وتعقيبا عن استفسار آخر حول ما إذا تم ضبط سقف تمويل حملة الاستفتاء أم ليس بعد، بين نائب رئيس الهيئة أنه من المفروض أن يصدر أمر يتعلق بتحديد السقف الجملي للإنفاق على حملة الاستفتاء، وسقف التمويل الذاتي وسقف التمويل الخاص، وهذا السقف لا تضبطه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وبين أنه من المنتظر أن يتم إصدار أمر في الرائد الرسمي يحدد هذا السقف.

مبادئ تمويل الحملة

لئن ألغى قرار الهيئة الذي تم نشره يوم غرة جويلية الجاري القسم المخصص للتمويل العمومي الموجود في قرارها الذي أصدرته سابقا بمناسبة الحملات الانتخابية للانتخابات التشريعية والرئاسية فإنه حافظ على المبادئ الأساسية لتمويل الحملة، إذ يخضع تمويل حملة الاستفتاء إلى المبادئ الأساسية التي نصّ عليها الدستور والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة المصادق عليها من الدولة التونسية والقانون الانتخابي والتراتيب ذات العلاقة بسقف الإنفاق بالحملة.

وبموجب قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتاريخ غرة جويلية تعمل الهيئة بالتنسيق مع السلط القضائية والإدارية على ضمان شفافية مصادر تمويل الحملة وطرق صرف الأموال المرصودة لها كما تعمل على منع تمويل الحملة بمصادر أجنبية أو مجهولة أو بأموال مكتسبة بصفة غير مشروعة وتعمل على ضمان المساواة وتكافؤ الفرص بين كافة المشاركين.

وبالنسبة إلى السلط العمومية فهي مطالبة بضمان حياد الإدارة والسهر على فرض عدم استعمال أعوان أو وسائل السلطة العمومية والموارد العمومية في حملة المشاركين.

ومثلما أشار إليه ماهر الجديدي نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، نص القرار على أن تمويل الحملة يتم من المصادر المتأتية من التمويل الذاتي والتمويل الخاص دون سواهما. ويمكن أن يكون التمويل نقديا أو عينيّا. ويتم تنزيل قيمة التمويل العيني في الحساب المالي للمشارك، بالرجوع إلى الأسعار المعمول بها بالسوق حين تسلّمه وباعتبار الاستهلاك طبقا لقواعد المحاسبة المعمول بها وتحتسب ضمن سقف الإنفاق الانتخابي. ففي ما يتعلق بالتمويل الذاتي، فهو كل تمويل نقدي أو عيني للحملة بالموارد الذاتية المتأتية من المشارك، ويشمل التمويل الذاتي الأموال المتأتية من المشارك سواء كان مصدرها أجور أو مداخيل مهنيّة أو مدّخرات أو غيرها، ومساهمات عينيّة، وقروض بنكية. أما التمويل الخاص فهو التمويل النقدي أو العيني للحملة المتأتّي من الذوات الطبيعية دون سواها من غير المشاركين، ويمكن للفرد الواحد أن يمول كل مشارك في حدود ثلاثين مرة الأجر الأدنى المضمون في القطاعات غير الفلاحية وفق نظام 48 ساعة. وفي المقابل حجّر قرار الهيئة التمويل الخاص المتأتي من الذوات المعنوية بجميع أصنافها.

وعلى غرار حملة الانتخابات التشريعية والرئاسية حجر قرار الهيئة المنتظر إصداره بالرائد الرسمي التمويل غير المشروع لحملة الاستفتاء، وحجر تمويل الحملة بأموال يكون مصدرها أجنبيّا، مجهولا، ومتأتيا من ذات معنوية، عمومية أو خاصة، سواء كان نشاطها يكتسي صبغة تجارية أو يهدف إلى تحقيق مصلحة غير ربحية، أو متأتّيا من غسيل الأموال وصدر في شأنه حكما جزائيا باتا. وحجّر قرار الهيئة كل تمويل مقنّع لحملة الاستفتاء، والتمويل المقنع هو توجيه موارد عمومية أو خاصة، دون وجه قانوني، للترويج بصفة مباشرة أو غير مباشرة لموقف في الحملة، كما يعتبر شكلا من أشكال التمويل المقنع استعمال الأعوان العموميون أو الوسائل والموارد العمومية في الحملة. أما التمويل الأجنبي فيتمثل في الأموال النقدية أو العينية أو الدعائية المتأتية من حكومات أجنبية، ذوات معنوية أجنبية، عمومية أو خاصة، مهما كان نشاطها، حتى وإن كانت لها فروع في تونس، ذوات طبيعية أجنبية حتى وإن كانت مقيمة بتونس أو كان مصدر دخلها تونسيا وفقا للتشريع الجبائي إضافة إلى الهبات أو الهدايا أو المنح التي يعتبر مصدرها أجنبيا وفق التشريع الجبائي مهما كانت جنسية المموّل، ويعد تمويلا أجنبيا، تمويل التونسيين بالخارج للمشاركين في الحملة داخل تونس، وفي المقابل لا يعتبر تمويل التونسيين بالخارج للمشاركين في الحملة بالخارج تمويلا أجنبيا.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews