إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

لإصلاح النظام السياسي في تونس.. اتحاد الشغل يعرض على النقاش العام مبادرة لتعديل الدستور ومراجعة نظام الاقتراع

ـ منع السياحة الحزبية.. ترشيد الحصانة.. وأخلقه العمل البرلماني

رئيس الحزب أو الائتلاف الفائز في الانتخابات هو الذي يشكل الحكومة

 ـ رئيس الجمهورية يلعب دور الحكم بين الحكومة والبرلمان

ـ المحكمة الدستورية الجهة الوحيدة المختصة في تأويل الدستور

تونس: الصباح

عرض الاتحاد العام التونسي للشغل خلال لقاء عقده أمس بالعاصمة على عدد من الجامعيين والنقابيين وممثلي المجتمع المدني مشروعا أوليا أعده معهد تونس للسياسة لإصلاح النظام السياسي في تونس من خلال تعديل جملة من الفصول الموجودة في دستور 2014 من ناحية ومراجعة طريقة الاقتراع من ناحية أخرى..، ففي ما تعلق بتعديلات الدستور فإنها اتجهت نحو إرساء نظام مختلط..، نظام يجعل من رئيس الجمهورية الحكم الذي يملك الأدوات الحاسمة لمواجهة الأزمات التي تتسبب فيها الحكومة أو البرلمان وذلك بمنحه إمكانية حل البرلمان أو إقالة الحكومة، ويجعل من رئيس الجمهورية الميسر بين الحكومة والبرلمان فهو لا يتدخل في الحكم لكن من حقه العودة إلى الشعب عن طريق الاستفتاءات، ويجعل من الحكومة التي يرأسها وجوبا رئيس الحزب أو الائتلاف الفائز في الانتخابات التشريعية حكومة متضامنة..، حكومة يتمتع رئيسها بصفة حصرية بضبط السياسة العامة للدولة والسهر على تنفيذها، ويجعل من البرلمان أكثر نقاوة من خلال القطع مع السياحة الحزبية والترحال بين الكتل، ويجعل من المحكمة الدستورية الجهة الوحيدة التي تختص بتأويل الدستور بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس نواب الشعب أو رئيس الحكومة ويكون رأيها ملزما لجميع السلطات..، أما في ما يتعلق بمراجعة نظام الاقتراع فإنها اتجهت نحو إلغاء نظام الدوائر وإقرار دائرة وطنية انتخابية واحدة ويتم توزيع المقاعد على أساس التمثيل النسبي مع الأخذ بأكبر المتوسطات وباعتماد عتبة وطنية نسبتها 5 بالمائة.

نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أشار خلال افتتاح الملتقى المخصص لنقاش مقترح معهد تونس للسياسة حول إصلاح النظام السياسي إلى أن الإصلاح السياسي هو قضية اليوم في تونس، وهو من أهم المسائل التي تتعلق بمستقبل البلاد والشعب، وذكر أن المنظمة الشغيلة هي قوة خير وقوة اقتراح وقوة صياغة مضامين ويلتقي فيها الجميع على قاعدة الاختلاف في الرأي وهو اختلاف بناء من أجل تجويد صياغة المضامين، وأشار إلى أنه في هذا السياق تمت دعوة رؤساء جامعات وأساتذة في القانون العام والقانون الدستوري ومختصين في علوم الفلسفة والاجتماع والتاريخ إلى جانب النقابيين وممثلي منظمات المجتمع المدني وخاصة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ومنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية قصد إثراء النقاش حول النسخة الأولية من مشروع إصلاح النظام السياسي وسيتم لاحقا تقديم الصيغة النهائية.

 ورد الأمين العام على من ألقوا باللائمة على الاتحاد لأنه رفض المشاركة في اجتماعات الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة وقام بعمل مواز قائلا:" مع احترامي لجميع المشاركين في الحوار، لكن هؤلاء لم يطلعوا على النسخة التي قدمت لرئيس الجمهورية". وأضاف أنهم قرأوا الواقع جيدا، لذلك قرروا في الاتحاد عدم المشاركة في شيء مجهول فيه مخاتلة وتوجه إلى تكريس رؤى أحادية الجانب لا تتعلق بمبدإ الفصل بين السلط والتوازن بينها وحرية التعبير وحرية الإعلام وحرية التنظم والإضراب والعمل النقابي التي ناضل الشعب من أجل تكريسها في دستور 2014 .

وأضاف الطبوبي:"إن التاريخ يبدأ من هنا فتونس لديها حضارة عريقة تمتد على ثلاثة آلاف سنة والاتحاد العام التونسي للشغل يدافع عن هذا التاريخ مثلما يدافع على المكاسب وحقوق المرأة والمساواة"..، وأشار إلى أنه لا يمكن فصل النظام السياسي على النظام الانتخابي لكن إلى حد اليوم لم يقع التداول بشأن النظام الانتخابي الذي سيصدر بمرسوم لا أحد يعرف مضامينه وذكر أن الاتحاد لا يرجم الأحزاب لأن الأحزاب هي التي تتنافس في الانتخابات وترسم الخيارات، وعبر عن تمسك الاتحاد بالنظام المدني الجمهوري ورفضه العودة إلى القرون الوسطى. ولدى حديثه عن الاستفتاء تساءل الطبوبي لماذا لم يقع إصدار مرسوم يضبط نسبة المشاركة الدنيا في الاستفتاء حتى تكون للاستفتاء شرعية لكن هذا لم يحدث وهو دليل على وجود إرادة لتمريره مهما كان عدد المشاركين فيه. ويرى الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أن المخرج الحقيقي من الأزمة يكمن في التحلي برجاحة العقل وتغليب صوت الحكمة وذكر أن الحاكم عندما يقوم بمراجعات فهذا ليس دليلا على ضعف بل هو دليل على قوة. ولم يفوت الطبوبي الفرصة دون إثارة الخلاف القائم مع الحكومة حول الإصلاحات وأشار في هذا الخصوص إلى أنه ليس من حق هذه الحكومة وأي إنسان خارج إطار المؤسسات المنتخبة المنبثقة عن عمق الشعب رسم خيارات الشعب. وأضاف أن الحكومة تم تكوينها بمرسوم ولما تأتي حكومة نابعة عن انتخابات ومؤسسات فيمكنها أن تفتح حوارا حول الإصلاحات. وذكر أن الاتحاد مع الاصلاح لكن ليس بالخيارات الموجعة، وخلص إلى أن الاتحاد وفي لدماء الشهداء ومؤتمن على المسار الثوري وقال إن المسار الثوري متواصل ولا خوف على تونس لان شعبها قادر على أن يقول "لا" عندما يتعلق الأمر بمسألة يمكن أن تمس بمستقبل تونس.

وأضاف الطبوبي في تصريح صحفي أن الاتحاد يتبنى التنقيحات الواردة في المشروع الذي اقترحه معهد تونس للسياسة لأنه تم الاشتغال عليه بجدية في قسم الشؤون القانونية وقسم الدراسات بالاتحاد بتشريك أساتذة في التاريخ والفلسفة وعلم الاجتماع لأن الدستور ليس صياغة قانونية فنية فقط. وردا عن سؤال بخصوص الجدل القائم حاليا حول الفصل الأول من الدستور بين الأمين العام أن الأمر حسم في المجلس التأسيسي بعد الاستقلال وفي دستور 2014 والنقاش الدائر حاليا مفتعل والهدف منه صرف اهتمام التونسيين عن القضايا الجوهرية المتعلقة بالنظام السياسي ونظام الحكم. وفسر أن الاتحاد ليست لديه مشكلة مع رئيس الجمهورية وإنما هو يختلف معه في الرؤية.

عقلنة النظام السياسي

استعرض عبد الرزاق المختار أستاذ التعليم العالي في القانون العام والدكتورة إقبال بن موسى مقترحات تنقيح الدستور في علاقة بالنظام السياسي.. وقال المختار إن النظام السياسي يحتاج إلى نوع من العقلنة، وبين لدى حديثه عن البرلمان أنه لا بد من تلافي حالة العطالة الموجودة فيه وترشيد العمل النيابي وفي هذا السياق تم اقتراح سن قانون أساسي يحدد حقوق وواجبات النواب، وتم التأكيد على أن النائب هو نائب عن كامل الشعب وتم وضع حد لوضعية الاحتراف البرلماني من خلال عدم السماح بأكثر من ثلاث مدد نيابية كما تم منع السياحة البرلمانية لأن البرلمان تحول إلى سوق نخاسة، وتم ترشيد الحصانة حتى لا تكون جسرا للهروب والتفصي من القانون مثلما تمت أخلقة وضع النائب ومن خلاله أخرقة العمل البرلماني. ولترشيد العمل البرلماني أشار المختار إلى أنه تم الحسم في وضعية المراسيم فالمراسيم التي لا تتم المصادقة عليها في الدورة النيابية اللاحقة تعد في حكم العدم.

وأضاف الجامعي أنه تم توضيح التراتيب التي تتداخل مع مجال القانون حيث تكون مسألة إعادة التصنيف القانوني متاحة وتدخل في مجال المحكمة الدستورية. وذكر أنه تم ترشيد لائحة الإعفاء التي تقدم ضد رئيس الجمهورية لكن إذا قدمت اللائحة لا يمكن للرئيس حل البرلمان، وخلص إلى التعديلات التي شملت الفصول الخاصة بالسلطة التشريعية هي محاولة للخروج من سياسة اللا أخلاق إلى أخلقة السياسة.

أما في ما يتعلق بالسلطة التنفيذية بين عبد الرزاق المختار أن الذهنية السياسة العامة في تونس تقوم على فكرة حضور الرئيس لكن كان لا بد من استخلاص الدروس من دستور 59 ودستور 2014 ولهذا السبب تم العمل على أن يكون للرئيس مؤهلات الحكم ولكي يكون حكما جديا يجب تمكينه من توجيه الأوراق الصفراء والحمراء لكن لا يمكنه أن يتحول إلى لاعب وحكم في نفس الوقت، وليس هذا فقط بل تم ضبط الصلاحيات التي يتمتع بها رئيس الجمهورية بشكل واضح وتم نزع المبادرة التشريعية والتعيين في الوظائف العليا منه لأن هذه المسائل كانت عنوان أبرز المعارك التي عرفتها تونس مع مختلف الحكومات المتعاقبة.

وليكون رئيس الجمهورية حكما تم على حد قول الجامعي، اشتراط أن تكون وضعيته الدستورية واضحة إذ ليس من حقه حمل جنسية أخرى كما تم توضيح مجال قيادته للقوات المسلحة فهو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية فقط، كما أنه حكم في وضعية أزمات تشكيل الحكومة وأزمات تسييرها وهو يقوم بدور المسهل عندما يرافق تشكيل الحكومة صعوبات ولكن دون أن يكون مؤثرا ويكون رئيس الجمهورية حاضرا لمعالجة أزمات تسيير عمل الحكومة وذلك من خلال تمكينه من صلاحية حل البرلمان أو إقالة الحكومة وهو مخير بين الحلين. وأشار الجامعي إلى أنه تم منح رئيس الجمهورية إمكانية القيام بالاستفتاء التشريعي في مجالات تهم حقوق الإنسان والأحوال الشخصية والمعاهدات الدولية وتم تمكينه من آليات قانونية في حالة الطوارئ. وخلص إلى أن رئيس لن يكون حاكما وإنما حكم وهو رئيس يمكن مساءلته حيث تم الإبقاء على لائحة الإعفاء وتم تمكين البرلمان من حق ممارسة هذه اللائحة. وعبر المختار عن أمله في أن تساهم مقترحاتهم في إعادة العقل للنظام السياسي وذكر أنه بهذا التعديل يمكن تطوير المكاسب وتجاوز النقائص.

الحزب الفائز هو الذي يحكم

ولدى حديثها عن التعديلات الدستورية للفصول المتعلقة بالحكومة، قالت الدكتورة إقبال بن موسى إن تصورهم بالنسبة للحكومة مبني على التجربة التي مرت بها تونس منذ 2011، وذكرت انه في كل مرة سواء بعد انتخابات 2014 أو 2019 فان الحزب الذي يحصل على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان لم يرشح رؤساءه وقياداته العليا وإنما تم ترشيح شخصيات أخرى حتى من خارج الحزب والمقترح هو أن يرشح رئيس الجمهورية رئيس الحزب أو الائتلاف الانتخابي الحائز على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان لتشكيل حكومة. وذكرت أنه تم اشتراط أن يكون رئيس الحكومة حاملا للجنسية التونسية دون غيرها قيسا على رئيس الجمهورية، وبينت انه في صورة عجز مرشح الحزب الأغلبي عن تشكيل حكومة في الآجال فإنه طبقا للدستور الحالي، نجد رئيس الجمهورية هو الذي يرشح الشخص الأقدر ولكن بالتجربة تبين أنه لا بد من حذف السلطة التقديرية لرئيس الجمهورية في تحديد الشخص الأقدر، ولترشيح شخصية عليه أن يقوم بمشاورات مع الكتل البرلمانية وإذا لم ينجح هذا المسار فإن رئيس الجمهورية يقوم وجوبا بحل البرلمان. أما في ما يتعلق بالوظائف الموكولة للحكومة بينت الدكتورة إقبال بن موسى أنه في ما مضى لوحظ صراعا وجذبا داخل السلطة التنفيذية وللحد منه تم اقتراح أن تتولى الحكومة بصفة حصرية رسم السياسات العامة للدولة وحتى الخارجية فإنها تعود بالنظر إلى الحكومة كما تم التأكيد على مبدأ التضامن الحكومي وبالتالي حذف إمكانية سحب الثقة من وزير بعينه وسحب الثقة إن حصل فيشمل كامل الحكومة.

وقالت الجامعية انه في ما يتعلق بمسؤولية الحكومة أمام البرلمان فقد تمت المحافظة على آلية لائحة اللوم البناءة، فعندما يتم توجيه لائحة لوم أولى لكنها لا تنجح يمكن بعد ستة أشهر توجيه لائحة لوم ثانية وإذا لم تحصل على الأغلبية المطلقة فهذا مؤشر على وجود أزمة تتفاقم دون أن يكون هناك أفق لحلها وفي هذه الحالة يتسلح رئيس الجمهورية بسلاحين وهما إقالة الحكومة أو حل البرلمان. وذكرت انه في صورة ما إذا اختار رئيس الجمهورية إقالة الحكومة عليه أن يقوم بمشاورات مع الكتل البرلمانية لترشيح الشخصية الأقدر وفي صورة استدامة الأزمة يكون الحل في حل البرلمان.

تأويل الدستور

وقدمت الدكتورة إقبال بن موسى مقترحات تتعلق بالمحكمة الدستورية وهي تتلخص في التخفيض في عدد الأعضاء من 12 إلى 9 وفي ضبط اختصاصاتهم حيث أن ستة منهم أساتذة تعليم عال في القانون وثلاثة قضاة أحدهم عدلي والثاني إداري والثالث مالي.. وللخروج من حالة العطالة التي أعاقت تركيز المحكمة الدستورية بينت أنهم اقترحوا في مشروعهم، أن يقوم رئيس الجمهورية بتعيين ثلاثة أساتذة جامعيين ورئيس البرلمان يقوم بتعيين ثلاثة أساتذة جامعيين والمجلس الأعلى للقضاء يقوم بتعيين ثلاثة قضاة. وبالنسبة الى وظائف المحكمة الدستورية فقد تمت إضافة الرقابة على مشروع الدستور بأكمله وان تكون المحكمة مختصة حصريا في تأويل الدستور وذلك لوضع حد لفوضى التأويلات، ولتلافي إغراق المحكمة الدستورية بالطعون تم التنصيص على أن الإحالة على المحكمة الدستورية لا تتم إلا من قبل المحاكم العليا بالنسبة للرقابة عن طريق الدفع. ونبهت الجامعية إلى أن مقترحاتهم لا يمكن أن تكون ناجعة إلا إذا تمت مراجعة نظام اقتراع في اتجاه يضع حدا للتشتت.

ولاحظ أحمد إدريس رئيس معهد تونس للسياسة أنهم أرادوا من خلال المقترح المتعلق بإصلاح النظام السياسي في تونس أن يبينوا أنه بإمكان المجتمع المدني أن يقدم البديل وذكر أنهم عندما عرضوا المقترح على الاتحاد وجدوا ترحيبا به وتم الاشتغال عليه وتقديم تعديلات هامة، وذكر أن المشروع ليس تقويضا لدستور 2014 وليس مجرد تعديلات بسيطة فهو بين التعديل الجذري للنظام السياسي وبين التأكيد على أن دستور 2014 مازال صالحا في جوانب كبيرة منه، وأشار إلى أن النظام المقترح ليس نظاما رئاسيا أو برلمانيا وبالتالي هو نظام مختلط وليس بالنظام الهجين كالنظام الذي وضع سنة 2014. وفسر أنه هو نظام مختلط على أسس صحيحة ويكون فيه رئيس الجمهورية حكما قويا وليس رئيسا للسلطة التنفيذية فقط بل رئيسا مدعوما من الأغلبية وعلى هذا الأساس تم تصور نظام اقتراع مبتكر فهو نظام يقوم على دائرة وطنية وليس جهوية وله عديد الميزات التي تسمح بالتوصل إلى برلمان يقوم بدوره بعيدا عن التشتت..

تجريم التمييز

وخلال النقاش قدم المشاركون في الملتقى العديد من المقترحات التي من شأنها أن تساعد على ضمان الاستقرار السياسي والفصل بين السلط والتكامل بينها وهناك منهم من اعتبر النظام المختلط نظاما هجينا، في حين هناك من استغرب عدم تطرق الاتحاد العام التونسي للشغل ومعهد تونس للسياسة في مقترحهم إلى التوطئة والفصل الأول من الدستور وخاصة الفصل 80 سبب الأزمة، في حين هناك من شددوا على ضرورة تحجير التمييز في الدستور وفي هذا السياق اقترحت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات التنصيص على أن يحجر التمييز على أساس الجنس أو اللون أو العرق أو الطبقة أو الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية أو الهوية أو الوضع الصحي أو السن. ومن المقترحات الأخرى مراجعة الفصل المتعلق بإعفاء القضاة.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لإصلاح النظام السياسي في تونس.. اتحاد الشغل يعرض على النقاش العام مبادرة لتعديل الدستور ومراجعة نظام الاقتراع

ـ منع السياحة الحزبية.. ترشيد الحصانة.. وأخلقه العمل البرلماني

رئيس الحزب أو الائتلاف الفائز في الانتخابات هو الذي يشكل الحكومة

 ـ رئيس الجمهورية يلعب دور الحكم بين الحكومة والبرلمان

ـ المحكمة الدستورية الجهة الوحيدة المختصة في تأويل الدستور

تونس: الصباح

عرض الاتحاد العام التونسي للشغل خلال لقاء عقده أمس بالعاصمة على عدد من الجامعيين والنقابيين وممثلي المجتمع المدني مشروعا أوليا أعده معهد تونس للسياسة لإصلاح النظام السياسي في تونس من خلال تعديل جملة من الفصول الموجودة في دستور 2014 من ناحية ومراجعة طريقة الاقتراع من ناحية أخرى..، ففي ما تعلق بتعديلات الدستور فإنها اتجهت نحو إرساء نظام مختلط..، نظام يجعل من رئيس الجمهورية الحكم الذي يملك الأدوات الحاسمة لمواجهة الأزمات التي تتسبب فيها الحكومة أو البرلمان وذلك بمنحه إمكانية حل البرلمان أو إقالة الحكومة، ويجعل من رئيس الجمهورية الميسر بين الحكومة والبرلمان فهو لا يتدخل في الحكم لكن من حقه العودة إلى الشعب عن طريق الاستفتاءات، ويجعل من الحكومة التي يرأسها وجوبا رئيس الحزب أو الائتلاف الفائز في الانتخابات التشريعية حكومة متضامنة..، حكومة يتمتع رئيسها بصفة حصرية بضبط السياسة العامة للدولة والسهر على تنفيذها، ويجعل من البرلمان أكثر نقاوة من خلال القطع مع السياحة الحزبية والترحال بين الكتل، ويجعل من المحكمة الدستورية الجهة الوحيدة التي تختص بتأويل الدستور بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس نواب الشعب أو رئيس الحكومة ويكون رأيها ملزما لجميع السلطات..، أما في ما يتعلق بمراجعة نظام الاقتراع فإنها اتجهت نحو إلغاء نظام الدوائر وإقرار دائرة وطنية انتخابية واحدة ويتم توزيع المقاعد على أساس التمثيل النسبي مع الأخذ بأكبر المتوسطات وباعتماد عتبة وطنية نسبتها 5 بالمائة.

نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أشار خلال افتتاح الملتقى المخصص لنقاش مقترح معهد تونس للسياسة حول إصلاح النظام السياسي إلى أن الإصلاح السياسي هو قضية اليوم في تونس، وهو من أهم المسائل التي تتعلق بمستقبل البلاد والشعب، وذكر أن المنظمة الشغيلة هي قوة خير وقوة اقتراح وقوة صياغة مضامين ويلتقي فيها الجميع على قاعدة الاختلاف في الرأي وهو اختلاف بناء من أجل تجويد صياغة المضامين، وأشار إلى أنه في هذا السياق تمت دعوة رؤساء جامعات وأساتذة في القانون العام والقانون الدستوري ومختصين في علوم الفلسفة والاجتماع والتاريخ إلى جانب النقابيين وممثلي منظمات المجتمع المدني وخاصة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ومنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية قصد إثراء النقاش حول النسخة الأولية من مشروع إصلاح النظام السياسي وسيتم لاحقا تقديم الصيغة النهائية.

 ورد الأمين العام على من ألقوا باللائمة على الاتحاد لأنه رفض المشاركة في اجتماعات الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة وقام بعمل مواز قائلا:" مع احترامي لجميع المشاركين في الحوار، لكن هؤلاء لم يطلعوا على النسخة التي قدمت لرئيس الجمهورية". وأضاف أنهم قرأوا الواقع جيدا، لذلك قرروا في الاتحاد عدم المشاركة في شيء مجهول فيه مخاتلة وتوجه إلى تكريس رؤى أحادية الجانب لا تتعلق بمبدإ الفصل بين السلط والتوازن بينها وحرية التعبير وحرية الإعلام وحرية التنظم والإضراب والعمل النقابي التي ناضل الشعب من أجل تكريسها في دستور 2014 .

وأضاف الطبوبي:"إن التاريخ يبدأ من هنا فتونس لديها حضارة عريقة تمتد على ثلاثة آلاف سنة والاتحاد العام التونسي للشغل يدافع عن هذا التاريخ مثلما يدافع على المكاسب وحقوق المرأة والمساواة"..، وأشار إلى أنه لا يمكن فصل النظام السياسي على النظام الانتخابي لكن إلى حد اليوم لم يقع التداول بشأن النظام الانتخابي الذي سيصدر بمرسوم لا أحد يعرف مضامينه وذكر أن الاتحاد لا يرجم الأحزاب لأن الأحزاب هي التي تتنافس في الانتخابات وترسم الخيارات، وعبر عن تمسك الاتحاد بالنظام المدني الجمهوري ورفضه العودة إلى القرون الوسطى. ولدى حديثه عن الاستفتاء تساءل الطبوبي لماذا لم يقع إصدار مرسوم يضبط نسبة المشاركة الدنيا في الاستفتاء حتى تكون للاستفتاء شرعية لكن هذا لم يحدث وهو دليل على وجود إرادة لتمريره مهما كان عدد المشاركين فيه. ويرى الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أن المخرج الحقيقي من الأزمة يكمن في التحلي برجاحة العقل وتغليب صوت الحكمة وذكر أن الحاكم عندما يقوم بمراجعات فهذا ليس دليلا على ضعف بل هو دليل على قوة. ولم يفوت الطبوبي الفرصة دون إثارة الخلاف القائم مع الحكومة حول الإصلاحات وأشار في هذا الخصوص إلى أنه ليس من حق هذه الحكومة وأي إنسان خارج إطار المؤسسات المنتخبة المنبثقة عن عمق الشعب رسم خيارات الشعب. وأضاف أن الحكومة تم تكوينها بمرسوم ولما تأتي حكومة نابعة عن انتخابات ومؤسسات فيمكنها أن تفتح حوارا حول الإصلاحات. وذكر أن الاتحاد مع الاصلاح لكن ليس بالخيارات الموجعة، وخلص إلى أن الاتحاد وفي لدماء الشهداء ومؤتمن على المسار الثوري وقال إن المسار الثوري متواصل ولا خوف على تونس لان شعبها قادر على أن يقول "لا" عندما يتعلق الأمر بمسألة يمكن أن تمس بمستقبل تونس.

وأضاف الطبوبي في تصريح صحفي أن الاتحاد يتبنى التنقيحات الواردة في المشروع الذي اقترحه معهد تونس للسياسة لأنه تم الاشتغال عليه بجدية في قسم الشؤون القانونية وقسم الدراسات بالاتحاد بتشريك أساتذة في التاريخ والفلسفة وعلم الاجتماع لأن الدستور ليس صياغة قانونية فنية فقط. وردا عن سؤال بخصوص الجدل القائم حاليا حول الفصل الأول من الدستور بين الأمين العام أن الأمر حسم في المجلس التأسيسي بعد الاستقلال وفي دستور 2014 والنقاش الدائر حاليا مفتعل والهدف منه صرف اهتمام التونسيين عن القضايا الجوهرية المتعلقة بالنظام السياسي ونظام الحكم. وفسر أن الاتحاد ليست لديه مشكلة مع رئيس الجمهورية وإنما هو يختلف معه في الرؤية.

عقلنة النظام السياسي

استعرض عبد الرزاق المختار أستاذ التعليم العالي في القانون العام والدكتورة إقبال بن موسى مقترحات تنقيح الدستور في علاقة بالنظام السياسي.. وقال المختار إن النظام السياسي يحتاج إلى نوع من العقلنة، وبين لدى حديثه عن البرلمان أنه لا بد من تلافي حالة العطالة الموجودة فيه وترشيد العمل النيابي وفي هذا السياق تم اقتراح سن قانون أساسي يحدد حقوق وواجبات النواب، وتم التأكيد على أن النائب هو نائب عن كامل الشعب وتم وضع حد لوضعية الاحتراف البرلماني من خلال عدم السماح بأكثر من ثلاث مدد نيابية كما تم منع السياحة البرلمانية لأن البرلمان تحول إلى سوق نخاسة، وتم ترشيد الحصانة حتى لا تكون جسرا للهروب والتفصي من القانون مثلما تمت أخلقة وضع النائب ومن خلاله أخرقة العمل البرلماني. ولترشيد العمل البرلماني أشار المختار إلى أنه تم الحسم في وضعية المراسيم فالمراسيم التي لا تتم المصادقة عليها في الدورة النيابية اللاحقة تعد في حكم العدم.

وأضاف الجامعي أنه تم توضيح التراتيب التي تتداخل مع مجال القانون حيث تكون مسألة إعادة التصنيف القانوني متاحة وتدخل في مجال المحكمة الدستورية. وذكر أنه تم ترشيد لائحة الإعفاء التي تقدم ضد رئيس الجمهورية لكن إذا قدمت اللائحة لا يمكن للرئيس حل البرلمان، وخلص إلى التعديلات التي شملت الفصول الخاصة بالسلطة التشريعية هي محاولة للخروج من سياسة اللا أخلاق إلى أخلقة السياسة.

أما في ما يتعلق بالسلطة التنفيذية بين عبد الرزاق المختار أن الذهنية السياسة العامة في تونس تقوم على فكرة حضور الرئيس لكن كان لا بد من استخلاص الدروس من دستور 59 ودستور 2014 ولهذا السبب تم العمل على أن يكون للرئيس مؤهلات الحكم ولكي يكون حكما جديا يجب تمكينه من توجيه الأوراق الصفراء والحمراء لكن لا يمكنه أن يتحول إلى لاعب وحكم في نفس الوقت، وليس هذا فقط بل تم ضبط الصلاحيات التي يتمتع بها رئيس الجمهورية بشكل واضح وتم نزع المبادرة التشريعية والتعيين في الوظائف العليا منه لأن هذه المسائل كانت عنوان أبرز المعارك التي عرفتها تونس مع مختلف الحكومات المتعاقبة.

وليكون رئيس الجمهورية حكما تم على حد قول الجامعي، اشتراط أن تكون وضعيته الدستورية واضحة إذ ليس من حقه حمل جنسية أخرى كما تم توضيح مجال قيادته للقوات المسلحة فهو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية فقط، كما أنه حكم في وضعية أزمات تشكيل الحكومة وأزمات تسييرها وهو يقوم بدور المسهل عندما يرافق تشكيل الحكومة صعوبات ولكن دون أن يكون مؤثرا ويكون رئيس الجمهورية حاضرا لمعالجة أزمات تسيير عمل الحكومة وذلك من خلال تمكينه من صلاحية حل البرلمان أو إقالة الحكومة وهو مخير بين الحلين. وأشار الجامعي إلى أنه تم منح رئيس الجمهورية إمكانية القيام بالاستفتاء التشريعي في مجالات تهم حقوق الإنسان والأحوال الشخصية والمعاهدات الدولية وتم تمكينه من آليات قانونية في حالة الطوارئ. وخلص إلى أن رئيس لن يكون حاكما وإنما حكم وهو رئيس يمكن مساءلته حيث تم الإبقاء على لائحة الإعفاء وتم تمكين البرلمان من حق ممارسة هذه اللائحة. وعبر المختار عن أمله في أن تساهم مقترحاتهم في إعادة العقل للنظام السياسي وذكر أنه بهذا التعديل يمكن تطوير المكاسب وتجاوز النقائص.

الحزب الفائز هو الذي يحكم

ولدى حديثها عن التعديلات الدستورية للفصول المتعلقة بالحكومة، قالت الدكتورة إقبال بن موسى إن تصورهم بالنسبة للحكومة مبني على التجربة التي مرت بها تونس منذ 2011، وذكرت انه في كل مرة سواء بعد انتخابات 2014 أو 2019 فان الحزب الذي يحصل على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان لم يرشح رؤساءه وقياداته العليا وإنما تم ترشيح شخصيات أخرى حتى من خارج الحزب والمقترح هو أن يرشح رئيس الجمهورية رئيس الحزب أو الائتلاف الانتخابي الحائز على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان لتشكيل حكومة. وذكرت أنه تم اشتراط أن يكون رئيس الحكومة حاملا للجنسية التونسية دون غيرها قيسا على رئيس الجمهورية، وبينت انه في صورة عجز مرشح الحزب الأغلبي عن تشكيل حكومة في الآجال فإنه طبقا للدستور الحالي، نجد رئيس الجمهورية هو الذي يرشح الشخص الأقدر ولكن بالتجربة تبين أنه لا بد من حذف السلطة التقديرية لرئيس الجمهورية في تحديد الشخص الأقدر، ولترشيح شخصية عليه أن يقوم بمشاورات مع الكتل البرلمانية وإذا لم ينجح هذا المسار فإن رئيس الجمهورية يقوم وجوبا بحل البرلمان. أما في ما يتعلق بالوظائف الموكولة للحكومة بينت الدكتورة إقبال بن موسى أنه في ما مضى لوحظ صراعا وجذبا داخل السلطة التنفيذية وللحد منه تم اقتراح أن تتولى الحكومة بصفة حصرية رسم السياسات العامة للدولة وحتى الخارجية فإنها تعود بالنظر إلى الحكومة كما تم التأكيد على مبدأ التضامن الحكومي وبالتالي حذف إمكانية سحب الثقة من وزير بعينه وسحب الثقة إن حصل فيشمل كامل الحكومة.

وقالت الجامعية انه في ما يتعلق بمسؤولية الحكومة أمام البرلمان فقد تمت المحافظة على آلية لائحة اللوم البناءة، فعندما يتم توجيه لائحة لوم أولى لكنها لا تنجح يمكن بعد ستة أشهر توجيه لائحة لوم ثانية وإذا لم تحصل على الأغلبية المطلقة فهذا مؤشر على وجود أزمة تتفاقم دون أن يكون هناك أفق لحلها وفي هذه الحالة يتسلح رئيس الجمهورية بسلاحين وهما إقالة الحكومة أو حل البرلمان. وذكرت انه في صورة ما إذا اختار رئيس الجمهورية إقالة الحكومة عليه أن يقوم بمشاورات مع الكتل البرلمانية لترشيح الشخصية الأقدر وفي صورة استدامة الأزمة يكون الحل في حل البرلمان.

تأويل الدستور

وقدمت الدكتورة إقبال بن موسى مقترحات تتعلق بالمحكمة الدستورية وهي تتلخص في التخفيض في عدد الأعضاء من 12 إلى 9 وفي ضبط اختصاصاتهم حيث أن ستة منهم أساتذة تعليم عال في القانون وثلاثة قضاة أحدهم عدلي والثاني إداري والثالث مالي.. وللخروج من حالة العطالة التي أعاقت تركيز المحكمة الدستورية بينت أنهم اقترحوا في مشروعهم، أن يقوم رئيس الجمهورية بتعيين ثلاثة أساتذة جامعيين ورئيس البرلمان يقوم بتعيين ثلاثة أساتذة جامعيين والمجلس الأعلى للقضاء يقوم بتعيين ثلاثة قضاة. وبالنسبة الى وظائف المحكمة الدستورية فقد تمت إضافة الرقابة على مشروع الدستور بأكمله وان تكون المحكمة مختصة حصريا في تأويل الدستور وذلك لوضع حد لفوضى التأويلات، ولتلافي إغراق المحكمة الدستورية بالطعون تم التنصيص على أن الإحالة على المحكمة الدستورية لا تتم إلا من قبل المحاكم العليا بالنسبة للرقابة عن طريق الدفع. ونبهت الجامعية إلى أن مقترحاتهم لا يمكن أن تكون ناجعة إلا إذا تمت مراجعة نظام اقتراع في اتجاه يضع حدا للتشتت.

ولاحظ أحمد إدريس رئيس معهد تونس للسياسة أنهم أرادوا من خلال المقترح المتعلق بإصلاح النظام السياسي في تونس أن يبينوا أنه بإمكان المجتمع المدني أن يقدم البديل وذكر أنهم عندما عرضوا المقترح على الاتحاد وجدوا ترحيبا به وتم الاشتغال عليه وتقديم تعديلات هامة، وذكر أن المشروع ليس تقويضا لدستور 2014 وليس مجرد تعديلات بسيطة فهو بين التعديل الجذري للنظام السياسي وبين التأكيد على أن دستور 2014 مازال صالحا في جوانب كبيرة منه، وأشار إلى أن النظام المقترح ليس نظاما رئاسيا أو برلمانيا وبالتالي هو نظام مختلط وليس بالنظام الهجين كالنظام الذي وضع سنة 2014. وفسر أنه هو نظام مختلط على أسس صحيحة ويكون فيه رئيس الجمهورية حكما قويا وليس رئيسا للسلطة التنفيذية فقط بل رئيسا مدعوما من الأغلبية وعلى هذا الأساس تم تصور نظام اقتراع مبتكر فهو نظام يقوم على دائرة وطنية وليس جهوية وله عديد الميزات التي تسمح بالتوصل إلى برلمان يقوم بدوره بعيدا عن التشتت..

تجريم التمييز

وخلال النقاش قدم المشاركون في الملتقى العديد من المقترحات التي من شأنها أن تساعد على ضمان الاستقرار السياسي والفصل بين السلط والتكامل بينها وهناك منهم من اعتبر النظام المختلط نظاما هجينا، في حين هناك من استغرب عدم تطرق الاتحاد العام التونسي للشغل ومعهد تونس للسياسة في مقترحهم إلى التوطئة والفصل الأول من الدستور وخاصة الفصل 80 سبب الأزمة، في حين هناك من شددوا على ضرورة تحجير التمييز في الدستور وفي هذا السياق اقترحت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات التنصيص على أن يحجر التمييز على أساس الجنس أو اللون أو العرق أو الطبقة أو الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية أو الهوية أو الوضع الصحي أو السن. ومن المقترحات الأخرى مراجعة الفصل المتعلق بإعفاء القضاة.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews