إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رئيسة المجلس الوطني لحزب التكتل لـ "الصباح": المبادرة الديمقراطية الاجتماعية خيار ثالث أصبح ضرورة لتغيير واقع البلاد

 

 

- لا للاستفتاء..لا للعبث ونرجو أن لا نصل إلى "التصادم"

- الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية تؤمن بدولة المؤسسات واحترام الدستور

- نرى تونس أفضل وممكنة دون قيس سعيد في المبادرة الديمقراطية الاجتماعية

- نرفض الوقوع مرة أخرى في فخ الغايات الانتخابية أو توزيع المناصب القيادية

- الحلول التقنية موجودة المهم توفر الرغبة والرؤية

الرئيس قيس سعيد بصدد محاورة الرئيس قيس سعيد.. يعمل على تمرير تصوراته لدستور جديد وتمثلاته لمنظومة سياسية جديدة

تونس- الصباح

المبادرة الديمقراطية الاجتماعية هي الحل للازمة الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية لتونس حسب عفاف داود رئيسة المجلس الوطني لحزب التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات، واعتبرت خلال لقائها بـ "الصباح" أن الرئيس قيس سعيد كان يمكنه وهو "الملك" الحاكم بأمره أنيصدر مراسيم لتغيير حياة الناس، لكنه لم يفعل، وبدل تقديم الحلول الاقتصادية الاجتماعية ذهب إلى وضع مسار لتحقيق تغييرات سياسية (الاستفتاء) وتمثلات شخصية لمنظومة الحكم والنظام السياسي.

وحتى مع ما تحمله من استعداد للحوار والتفاعل مع مختلف القوى السياسية ورغبة في المرور بالبلاد إلى بر الأمان السياسي والاقتصادي عبر حوار وطني، أقرت عفاف داود أن تونس أفضل وممكنة دون قيس سعيد بعد إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية تعيد السلطة فعلا لا قولا إلى الشعب.

تفاصيل الخيار الثالث ومستقبله السياسي وتقييمه للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحلول التي يقترحها كانت في حوار "الصباح" مع رئيسة المجلس الوطني لحزب التكتل وفيما يلي نص الحوار..

 

حاورتها: ريم سوودي

 

• اعتبرت في حديث سابق أن المبادرة الديمقراطية الاجتماعية يمكن أن تبني اللبنة الأولى للخيار الثالث، هل الطرح مازال قائما اليوم؟

-حسب رأيي الطرح أصبح ضرورة، لتغيير الواقع العام بالبلاد وخاصة الوضع الاقتصادي والاجتماعي. هو في الحقيقة الخيار الأوّل ويمكن اعتباره أيضا الخيار الأساسيّ في الساحة السياسية، فالتونسيون الذين خرجوا إلى الشارع في 2011 وطالبو بالحرية والكرامة والشغل، اعتقدوا أن الديمقراطية كفيلة بتحقيق ذلك لكن للأسف وبعد 11 عاما تحققت مكتسبات فيما يتعلق بالحريات وتأسيس المسار الديمقراطي، لكن بقيت مشكلة أساسية وهي الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي عجزت الديمقراطية عن تحقيقها. وبالتالي فالخيار والطريق الاجتماعي الديمقراطي هو ضرورة لبناء مستقبل جديد للتونسيين يمكن أن يعطي أملا جديدا. وأنا أؤمن أن بناء مستقبل أفضل ممكن وأؤمن أن حلول الأرض لم تنته بعد ولكن هذا يتطلب الكثير من الصدق ومصارحة الشعب التونسي ويتطلب الكثير من العقلانية ورحابة الصدر والعمل المشترك الذي فقد خلال السنوات الأخيرة.

• ما هو حجم هذه المبادرة أو هذا الخيار الثالث اليوم؟

-هناك فرق بين حجم المبادرة وما يمثله الخيار الثالث، أنا اعتقد أن أغلبية التونسيين قادرون على الانخراط في هذا الخيار،لأنه خيار هدفه البناء وتحقيق الاستثمار والنمو المستدام، يريد وضع أسس العدالة الاجتماعية والمساواة بين مختلف الفئات الاجتماعية وبين الجهات وبين الجنسين وبين مختلف الأعمار. وأنا اعتقد أن الشعب التونسي في حد ذاته يريد هذا الخيار الاجتماعي الديمقراطي لكن لم يجده بعد.

وحزب التكتل المعروف عليه بتوجهاته الاجتماعية الديمقراطية وحليفاه التيار الديمقراطي والحزب الجمهوري اللذان يتقاسمان معه هذا التوجه، هم بصدد العمل على التجميع وانطلقوا في العمل الميداني عبر زيارات ميدانية وتنظيم لقاءات مع التونسيين للنقاش وتقبل النقد وإثراء طرحنا وتصوراتنا، علما وان معرفة الحجم الحقيقي لأيّ قوّة سياسيّة لا يمكن تحقيقه في ظلّ غياب أيّ قانون للعبة الانتخابية.

نحن أحزاب تؤمن بدولة المؤسسات وضرورة احترام الدستور وتنقية الساحة السياسية عبر سنّ قانون للأحزاب وطريقة تنظّمها وتمويلها ومراجعة القانون الانتخابيّ وتفعيل الدور الرقابي لمحكمة المحاسبات ضمانا لمبدإ المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص وحتّى لا يقع تزييف إرادة الناخب بصفة قد تبدو "ديمقراطيّة".

ولا ينقص الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية اليوم لتكون فعلا تعبيرة سياسية قوية وناجعة على هذه الأغلبية إلا أن تعي بحتمية تكاملها لتشكل قوة تتمتع بالشرعية التاريخية وقادرة على إنتاج برامج وتبليغها للناس وأيضا على إدماج أكبر عدد ممكن من الشخصيات الاجتماعية الديمقراطية المستقلة والتي تنتظر مبادرة للتجميع.

• الخيار الثالث غير ممثل في الحوار، كما أنه من الداعين إلى مقاطعة الاستفتاء، كيف سيفرض طرحه السياسي وسيكون له تأثير على واقع التونسيين؟

-وجب التوضيح بداية أن ما نراه اليوم لا يمت للحوار بصلة، فالرئيس قيس سعيد بصدد محاورة الرئيس قيس سعيد، جمع عددا من الأطراف الموالين له وبصدد العمل على تمرير تصوراته لدستور جديد وتمثلاته لمنظومة سياسية جديدة.

أما فيما يخص مشاركتنا السياسية فنحن نرفض المشاركة في استفتاء على نص لم يخضع لحوار شامل وواسع لمختلف القوى الحية السياسية والمدنية، وهو أمر اقر وصرح به الرئيس قيس سعيد في حد ذاته في مناسبات سابقة، ولذلك نحن دعونا إلى مقاطعة الاستفتاء وسنواصل العمل على التعريف بخياراتنا الاقتصادية والاجتماعية. وسنواصل الضغط عبر مختلف آليات العمل السلمية من بيانات واجتماعات وتحركات ميدانية واحتجاجات.

وكلي أمل أن يقوم الرئيس قيس سعيد بمراجعات وتعديلات في مواقفه فمن غير المنطقي أن يواصل في تعنته وصمته وعدم تفاعله في وقت تتعارض معه مختلف القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، والأكاديميين(عمداء الكليات(.

وما ارجوه أن لا نصل خلال الفترة القادمة إلى نوع من التصادم فتلك هي النقطة التي لا أريد لتونس أن تصل إليها.

قيس سعيد يضع يده بشكل ممنهج وسافر على كل مفاصل الدولة والمجتمع. فبعد جمع كل السلطات التشريعية والتنفيذية بل والتأسيسية في يده، وضع يده على الإعلام العمومي الذي أصبح فيه صوت المعارضة مغيبا وعلى هيئة الانتخابات التي أصبحت تابعة له وعلى القضاء الذي تم ذبحه أكثر من مرة... كل هذا يشكل خطرا، لا على الأحزاب، بل على المجتمع ككل بتزييف وعيه وحرمانه من الأصوات العقلانية ومن حسه النقدي الذي يمكنه من التعبير عن إرادته الحرة وتقويم حكامه ومحاسبتهم.

• ما هي المراجعات التي اعتمدها التكتل اليوم في طرحه هذا الخيار ولمحو مرحلة تقاربه مع حركة النهضة وتواجده في الحكم؟

-حزب التكتل كان في الحكم لمدة سنتين، وكانت بعد انتخابات 2011، الهدف كان آنذاك هو تركيز مؤسسات، ارتكبنا أخطاء كما وفقنا في الكثير من الأمور وخاصة منها ما هو تأسيسي. التقارب كان ضرورة تعلمنا منه. طوى حزب التكتل هذه الصفحة، واليوم بصدد البناء على تلك المراكمات التي حققها، وأما انه لم يتغير منذ 2011 ومثله مثل من حكم في 2014 وفي 2019 وحتى ما بعد 25 جويلية حين أعطى قيس سعيد الأمل، مثل ما وقع ما بعد الثورة، لكن لم يحقق أي جديد في وقت انه الممسك بكل السلط "الملك" الحاكم بأمره كان يمكن له أن يصدر مراسيم لتغيير حياة الناس.. فمهم اليوم التأكيد على أن التونسي له كل الحق في فقدان الثقة أو عدم تصديق الفاعلين السياسيين وأنا أقول هنا من المهم أن نتعلم مما مضى وبالتالي مطالبين اليوم أن من يقدم برنامجه نطالبه بتوضيح مصادر تمويله كيف سيقوم بتغيير حياة التونسيين؟ ما الآليات التي سيعتمدها لإعادة تحريك الاقتصاد؟ من أين سيأتي بأقساط خلاص ديننا الخارجي؟

• مستقبل الخيار الثالث أو التقارب الثلاثي بين التكتل والتيار والجمهوري هل هو المحطات السياسية المنتظرة أو الانصهار الحزبي؟

-نرفض أن نقع مرة أخرى في فخ التجميع لغايات انتخابية أو بغرض توزيع المناصب القيادية وتكرار تجارب سابقة. كجيل جديد في قيادة الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية، نعمل من أجل مسار تأسيس جديد يقوم على الانفتاح على سائر مكونات العائلة داخل الأحزاب وخارجها للتفكير المشترك وإنتاج البرامج والحلول ونقاشها مباشرة مع المواطنات والمواطنين على الميدان. لذلك عملنا في إطار المنتدى، في تعاون غير مسبوق بين قيادات الأحزاب ومناضليها وخبراء من خارجها على إنتاج ورقات سياسية واقتصادية وعلى التنقل في الجهات لنقاش مسائل عملية تهم الناس وتنفعهم كالفلاحة والبيئة وارتفاع الأسعار والمياه...

وغايتنا تأسيس جديد غير مرتهن للاستحقاقات الانتخابية، فكم من حزب ولد من أجل الانتخابات واندثر بعدها هباء منثورا.

• سياسيا، ما هو المخرج للأزمة وهل مازال الحوار صالحا؟

-تونس مرت بتحديات كبيرة بعد انتصار الثورة في 14 جانفي2011، وكلّما احتدم الانقسام في المجتمع كان الحوار الوطني هو الإطار الذي نجد فيه حلولا تخرجنا من شدّة الأزمة إلى رحابة الاستقرار، بأشكال مختلفة لكن بهدف واحد، الحوار الوطني كان فضاء عبر فيه التونسيّون على ذكائهم الجماعي ووعيهم المشترك واستنبطوا فيه حلولا سياسية براغماتية في إطار الدستور والقانون.

يبقى إذن الحوار هو الحل الأمثل نظريا، فهو يسمح بتجاوز الخلافات وتعزيز المشترك بيننا كتونسيات وتونسيين والوصول إلى انتخابات تشريعية ورئاسية نزيهة. لكن للأسف ظروف الحوار غير متوفرة اليوم، فقيس سعيد يرفض الحوار وهو لا يستمع ولا يرى ولا يهتم بما يريده التونسيون والتونسيات. والمسؤولون عن الأزمة طيلة السنوات الفارطة يرفضون القيام بمراجعات وتحمل مسؤولياتهم بل يتوهمون أنهم جزء من الحل بينما هم أصل المشكل، كما نلاحظ أيضا وبكل أسف غياب أطراف تطرح على نفسها رعاية الحوار وتسهيله والوساطة فيه.

لذلك نؤمن كجيل جديد في قيادة الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية بضرورة تحملنا لمسؤولياتنا والتوجه مباشرة إلى الشعب ببرنامج سياسي وآخر اجتماعي واقتصادي نشكل حوله كتلة قادرة على إيقاف هذا العبث أولا وتوجيه تونس إلى الأمام لا إلى فترة السطو على الديمقراطية.

• ما هو تقييمكم للوضع الاقتصادي والبدائل المقدمة اقتصاديا واجتماعيا من قبل خياركم الثالث؟

أنا اعتبر أن المشكل والأزمة الحقيقية للتونسيين هي اقتصادية اجتماعية وليست بناء قاعديا أو تغيير الدستور. كما أنبه إلى انه ولسنوات تم التفرقة بين ما هو سياسي وما هو اقتصادي، في وقت ان الهدف الأول لما هو سياسي هو تغيير حياة الناس اقتصاديا وإخراجهم من الفقر والخصاصة والتهميش وضعف الدخل إلى تحقيق الكرامة والاستثمار والشغل والمساواة.. واعتبر أن الفترة السابقة كان المشكل فيها هو عدم العمل على تغيير حياة التونسي.

وبالعودة إلى تقييم الوضع الاقتصادي والاجتماعي، نحن أمام مشكلة استثمار ومشكلة بطالة ومشكلة سداد دين خارجي، والحلول موجودة دائما. وبداية حسب رأيي تكون بإعادة صياغة للعقد الاجتماعي الذي يربط الدولة بالتونسي، فلا يمكن أن ننسى أن هناك نحو الـ 4 ملايين تونسي يعشون أوضاعا صعبة اجتماعيا واقتصاديا ولا يمكن أن مبلغ 180 دينارا جراية أو مساعدات وزارة الشؤون الاجتماعية أن تحل مشكلتهم، كما لا يمكن أن ننسى وجود نحو المليون منقطع عن الدراسة و16% نسبة بطالة عامة و40% في صفوف خرجي الجامعات.

والمفروض البداية تكون بتحسين مناخ الاستثمار، والانطلاقة تكون بتحريك عجلة الاستثمار المتوقفة ومساعدة مؤسساتنا الصغرى والمتوسطة التي عرفت أوضاعة صعبة بعد جائحة فيروس كورونا، ومخلفات الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار النفط والمواد الأولية..، والتي تكون عبر إقرار برنامج إنعاش وتعاف اقتصادي وليس بالشاكلة التي تم طرحها خلال تقديم تلك الخطوط العريضة للإصلاحات الاقتصادية، والمرور إلى إعادة المناقشة مع صندوق النقد الدولي والدفاع بقوة على مقترح إعادة جدولة ديوننا وتمكيننا من فترة سداد أطول للدين ونحن فعليا قادرون على تحقيق ذلك.. وهو الأمر الذي سيسمح لنا براحة في السداد وفترة استثمار أطول ويكون ذلك بالتوازي مع إقرار إصلاحات سريعة في المنظومة التربوية والمنظومة الصحية وفي الإدارة التونسية عبر مضاعفة الجسم الرقابي ورقمنة الإدارة وحوكمة الطاقات والكفاءات البشرية.. الحلول التقنية موجودة المهم توفر الرغبة والرؤية. وهنا أؤكد مرة أخرى على أهمية تحلي كل الأطراف بالرصانة والعقلانية.

• في ظل التغيرات المنتظرة سياسا، هل ترون أن الوضع مازال ملائما للعمل السياسي؟

-قيس سعيد يضع يده بشكل ممنهج وسافر على كل مفاصل الدولة والمجتمع. فبعد جمع كل السلطات التشريعية والتنفيذية بل والتأسيسية في يده، وضع يده على الإعلام العمومي الذي أصبح فيه صوت المعارضة مغيبا وعلى هيئة الانتخابات التي أصبحت تابعة له وعلى القضاء الذي تم ذبحه أكثر من مرة... كل هذا يشكل خطرا، لا على الأحزاب، بل على المجتمع ككل بتزييف وعيه وحرمانه من الأصوات العقلانية ومن حسه النقدي الذي يمكنه من التعبير عن إرادته الحرة وتقويم حكامه ومحاسبتهم.

• هل قيس سعيد مازال بإمكانه أن يكون سبيل الخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟

-قيس سعيد بصدد العودة بنا إلى ما قبل 14 جانفي عبر فرض دستوره الخاص، دستور رئاسوي يؤكد نزعته التسلطية والتي قادته إلى وضع يده على الإعلام والقضاء والهيئات وإلى تعيين الوزراء والولاة والمعتمدين حسب الولاءات لا الكفاءات. قيس سعيد لا يرى لا يسمع ولا يتكلم إلا ليقسمنا ويتهمنا ويخوّننا.

ونحن على عكسه، نرى أن تونس تتسع للجميع وأن إدارة البلاد لا تكون إلا لما اختاره الشعب وفق عقد اجتماعي واضح. لذلك نرى تونس أفضل وممكنة دون قيس سعيد بعد إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية تعيد السلطة فعلا لا قولا إلى الشعب.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

رئيسة المجلس الوطني لحزب التكتل لـ "الصباح": المبادرة الديمقراطية الاجتماعية خيار ثالث أصبح ضرورة لتغيير واقع البلاد

 

 

- لا للاستفتاء..لا للعبث ونرجو أن لا نصل إلى "التصادم"

- الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية تؤمن بدولة المؤسسات واحترام الدستور

- نرى تونس أفضل وممكنة دون قيس سعيد في المبادرة الديمقراطية الاجتماعية

- نرفض الوقوع مرة أخرى في فخ الغايات الانتخابية أو توزيع المناصب القيادية

- الحلول التقنية موجودة المهم توفر الرغبة والرؤية

الرئيس قيس سعيد بصدد محاورة الرئيس قيس سعيد.. يعمل على تمرير تصوراته لدستور جديد وتمثلاته لمنظومة سياسية جديدة

تونس- الصباح

المبادرة الديمقراطية الاجتماعية هي الحل للازمة الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية لتونس حسب عفاف داود رئيسة المجلس الوطني لحزب التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات، واعتبرت خلال لقائها بـ "الصباح" أن الرئيس قيس سعيد كان يمكنه وهو "الملك" الحاكم بأمره أنيصدر مراسيم لتغيير حياة الناس، لكنه لم يفعل، وبدل تقديم الحلول الاقتصادية الاجتماعية ذهب إلى وضع مسار لتحقيق تغييرات سياسية (الاستفتاء) وتمثلات شخصية لمنظومة الحكم والنظام السياسي.

وحتى مع ما تحمله من استعداد للحوار والتفاعل مع مختلف القوى السياسية ورغبة في المرور بالبلاد إلى بر الأمان السياسي والاقتصادي عبر حوار وطني، أقرت عفاف داود أن تونس أفضل وممكنة دون قيس سعيد بعد إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية تعيد السلطة فعلا لا قولا إلى الشعب.

تفاصيل الخيار الثالث ومستقبله السياسي وتقييمه للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحلول التي يقترحها كانت في حوار "الصباح" مع رئيسة المجلس الوطني لحزب التكتل وفيما يلي نص الحوار..

 

حاورتها: ريم سوودي

 

• اعتبرت في حديث سابق أن المبادرة الديمقراطية الاجتماعية يمكن أن تبني اللبنة الأولى للخيار الثالث، هل الطرح مازال قائما اليوم؟

-حسب رأيي الطرح أصبح ضرورة، لتغيير الواقع العام بالبلاد وخاصة الوضع الاقتصادي والاجتماعي. هو في الحقيقة الخيار الأوّل ويمكن اعتباره أيضا الخيار الأساسيّ في الساحة السياسية، فالتونسيون الذين خرجوا إلى الشارع في 2011 وطالبو بالحرية والكرامة والشغل، اعتقدوا أن الديمقراطية كفيلة بتحقيق ذلك لكن للأسف وبعد 11 عاما تحققت مكتسبات فيما يتعلق بالحريات وتأسيس المسار الديمقراطي، لكن بقيت مشكلة أساسية وهي الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي عجزت الديمقراطية عن تحقيقها. وبالتالي فالخيار والطريق الاجتماعي الديمقراطي هو ضرورة لبناء مستقبل جديد للتونسيين يمكن أن يعطي أملا جديدا. وأنا أؤمن أن بناء مستقبل أفضل ممكن وأؤمن أن حلول الأرض لم تنته بعد ولكن هذا يتطلب الكثير من الصدق ومصارحة الشعب التونسي ويتطلب الكثير من العقلانية ورحابة الصدر والعمل المشترك الذي فقد خلال السنوات الأخيرة.

• ما هو حجم هذه المبادرة أو هذا الخيار الثالث اليوم؟

-هناك فرق بين حجم المبادرة وما يمثله الخيار الثالث، أنا اعتقد أن أغلبية التونسيين قادرون على الانخراط في هذا الخيار،لأنه خيار هدفه البناء وتحقيق الاستثمار والنمو المستدام، يريد وضع أسس العدالة الاجتماعية والمساواة بين مختلف الفئات الاجتماعية وبين الجهات وبين الجنسين وبين مختلف الأعمار. وأنا اعتقد أن الشعب التونسي في حد ذاته يريد هذا الخيار الاجتماعي الديمقراطي لكن لم يجده بعد.

وحزب التكتل المعروف عليه بتوجهاته الاجتماعية الديمقراطية وحليفاه التيار الديمقراطي والحزب الجمهوري اللذان يتقاسمان معه هذا التوجه، هم بصدد العمل على التجميع وانطلقوا في العمل الميداني عبر زيارات ميدانية وتنظيم لقاءات مع التونسيين للنقاش وتقبل النقد وإثراء طرحنا وتصوراتنا، علما وان معرفة الحجم الحقيقي لأيّ قوّة سياسيّة لا يمكن تحقيقه في ظلّ غياب أيّ قانون للعبة الانتخابية.

نحن أحزاب تؤمن بدولة المؤسسات وضرورة احترام الدستور وتنقية الساحة السياسية عبر سنّ قانون للأحزاب وطريقة تنظّمها وتمويلها ومراجعة القانون الانتخابيّ وتفعيل الدور الرقابي لمحكمة المحاسبات ضمانا لمبدإ المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص وحتّى لا يقع تزييف إرادة الناخب بصفة قد تبدو "ديمقراطيّة".

ولا ينقص الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية اليوم لتكون فعلا تعبيرة سياسية قوية وناجعة على هذه الأغلبية إلا أن تعي بحتمية تكاملها لتشكل قوة تتمتع بالشرعية التاريخية وقادرة على إنتاج برامج وتبليغها للناس وأيضا على إدماج أكبر عدد ممكن من الشخصيات الاجتماعية الديمقراطية المستقلة والتي تنتظر مبادرة للتجميع.

• الخيار الثالث غير ممثل في الحوار، كما أنه من الداعين إلى مقاطعة الاستفتاء، كيف سيفرض طرحه السياسي وسيكون له تأثير على واقع التونسيين؟

-وجب التوضيح بداية أن ما نراه اليوم لا يمت للحوار بصلة، فالرئيس قيس سعيد بصدد محاورة الرئيس قيس سعيد، جمع عددا من الأطراف الموالين له وبصدد العمل على تمرير تصوراته لدستور جديد وتمثلاته لمنظومة سياسية جديدة.

أما فيما يخص مشاركتنا السياسية فنحن نرفض المشاركة في استفتاء على نص لم يخضع لحوار شامل وواسع لمختلف القوى الحية السياسية والمدنية، وهو أمر اقر وصرح به الرئيس قيس سعيد في حد ذاته في مناسبات سابقة، ولذلك نحن دعونا إلى مقاطعة الاستفتاء وسنواصل العمل على التعريف بخياراتنا الاقتصادية والاجتماعية. وسنواصل الضغط عبر مختلف آليات العمل السلمية من بيانات واجتماعات وتحركات ميدانية واحتجاجات.

وكلي أمل أن يقوم الرئيس قيس سعيد بمراجعات وتعديلات في مواقفه فمن غير المنطقي أن يواصل في تعنته وصمته وعدم تفاعله في وقت تتعارض معه مختلف القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، والأكاديميين(عمداء الكليات(.

وما ارجوه أن لا نصل خلال الفترة القادمة إلى نوع من التصادم فتلك هي النقطة التي لا أريد لتونس أن تصل إليها.

قيس سعيد يضع يده بشكل ممنهج وسافر على كل مفاصل الدولة والمجتمع. فبعد جمع كل السلطات التشريعية والتنفيذية بل والتأسيسية في يده، وضع يده على الإعلام العمومي الذي أصبح فيه صوت المعارضة مغيبا وعلى هيئة الانتخابات التي أصبحت تابعة له وعلى القضاء الذي تم ذبحه أكثر من مرة... كل هذا يشكل خطرا، لا على الأحزاب، بل على المجتمع ككل بتزييف وعيه وحرمانه من الأصوات العقلانية ومن حسه النقدي الذي يمكنه من التعبير عن إرادته الحرة وتقويم حكامه ومحاسبتهم.

• ما هي المراجعات التي اعتمدها التكتل اليوم في طرحه هذا الخيار ولمحو مرحلة تقاربه مع حركة النهضة وتواجده في الحكم؟

-حزب التكتل كان في الحكم لمدة سنتين، وكانت بعد انتخابات 2011، الهدف كان آنذاك هو تركيز مؤسسات، ارتكبنا أخطاء كما وفقنا في الكثير من الأمور وخاصة منها ما هو تأسيسي. التقارب كان ضرورة تعلمنا منه. طوى حزب التكتل هذه الصفحة، واليوم بصدد البناء على تلك المراكمات التي حققها، وأما انه لم يتغير منذ 2011 ومثله مثل من حكم في 2014 وفي 2019 وحتى ما بعد 25 جويلية حين أعطى قيس سعيد الأمل، مثل ما وقع ما بعد الثورة، لكن لم يحقق أي جديد في وقت انه الممسك بكل السلط "الملك" الحاكم بأمره كان يمكن له أن يصدر مراسيم لتغيير حياة الناس.. فمهم اليوم التأكيد على أن التونسي له كل الحق في فقدان الثقة أو عدم تصديق الفاعلين السياسيين وأنا أقول هنا من المهم أن نتعلم مما مضى وبالتالي مطالبين اليوم أن من يقدم برنامجه نطالبه بتوضيح مصادر تمويله كيف سيقوم بتغيير حياة التونسيين؟ ما الآليات التي سيعتمدها لإعادة تحريك الاقتصاد؟ من أين سيأتي بأقساط خلاص ديننا الخارجي؟

• مستقبل الخيار الثالث أو التقارب الثلاثي بين التكتل والتيار والجمهوري هل هو المحطات السياسية المنتظرة أو الانصهار الحزبي؟

-نرفض أن نقع مرة أخرى في فخ التجميع لغايات انتخابية أو بغرض توزيع المناصب القيادية وتكرار تجارب سابقة. كجيل جديد في قيادة الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية، نعمل من أجل مسار تأسيس جديد يقوم على الانفتاح على سائر مكونات العائلة داخل الأحزاب وخارجها للتفكير المشترك وإنتاج البرامج والحلول ونقاشها مباشرة مع المواطنات والمواطنين على الميدان. لذلك عملنا في إطار المنتدى، في تعاون غير مسبوق بين قيادات الأحزاب ومناضليها وخبراء من خارجها على إنتاج ورقات سياسية واقتصادية وعلى التنقل في الجهات لنقاش مسائل عملية تهم الناس وتنفعهم كالفلاحة والبيئة وارتفاع الأسعار والمياه...

وغايتنا تأسيس جديد غير مرتهن للاستحقاقات الانتخابية، فكم من حزب ولد من أجل الانتخابات واندثر بعدها هباء منثورا.

• سياسيا، ما هو المخرج للأزمة وهل مازال الحوار صالحا؟

-تونس مرت بتحديات كبيرة بعد انتصار الثورة في 14 جانفي2011، وكلّما احتدم الانقسام في المجتمع كان الحوار الوطني هو الإطار الذي نجد فيه حلولا تخرجنا من شدّة الأزمة إلى رحابة الاستقرار، بأشكال مختلفة لكن بهدف واحد، الحوار الوطني كان فضاء عبر فيه التونسيّون على ذكائهم الجماعي ووعيهم المشترك واستنبطوا فيه حلولا سياسية براغماتية في إطار الدستور والقانون.

يبقى إذن الحوار هو الحل الأمثل نظريا، فهو يسمح بتجاوز الخلافات وتعزيز المشترك بيننا كتونسيات وتونسيين والوصول إلى انتخابات تشريعية ورئاسية نزيهة. لكن للأسف ظروف الحوار غير متوفرة اليوم، فقيس سعيد يرفض الحوار وهو لا يستمع ولا يرى ولا يهتم بما يريده التونسيون والتونسيات. والمسؤولون عن الأزمة طيلة السنوات الفارطة يرفضون القيام بمراجعات وتحمل مسؤولياتهم بل يتوهمون أنهم جزء من الحل بينما هم أصل المشكل، كما نلاحظ أيضا وبكل أسف غياب أطراف تطرح على نفسها رعاية الحوار وتسهيله والوساطة فيه.

لذلك نؤمن كجيل جديد في قيادة الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية بضرورة تحملنا لمسؤولياتنا والتوجه مباشرة إلى الشعب ببرنامج سياسي وآخر اجتماعي واقتصادي نشكل حوله كتلة قادرة على إيقاف هذا العبث أولا وتوجيه تونس إلى الأمام لا إلى فترة السطو على الديمقراطية.

• ما هو تقييمكم للوضع الاقتصادي والبدائل المقدمة اقتصاديا واجتماعيا من قبل خياركم الثالث؟

أنا اعتبر أن المشكل والأزمة الحقيقية للتونسيين هي اقتصادية اجتماعية وليست بناء قاعديا أو تغيير الدستور. كما أنبه إلى انه ولسنوات تم التفرقة بين ما هو سياسي وما هو اقتصادي، في وقت ان الهدف الأول لما هو سياسي هو تغيير حياة الناس اقتصاديا وإخراجهم من الفقر والخصاصة والتهميش وضعف الدخل إلى تحقيق الكرامة والاستثمار والشغل والمساواة.. واعتبر أن الفترة السابقة كان المشكل فيها هو عدم العمل على تغيير حياة التونسي.

وبالعودة إلى تقييم الوضع الاقتصادي والاجتماعي، نحن أمام مشكلة استثمار ومشكلة بطالة ومشكلة سداد دين خارجي، والحلول موجودة دائما. وبداية حسب رأيي تكون بإعادة صياغة للعقد الاجتماعي الذي يربط الدولة بالتونسي، فلا يمكن أن ننسى أن هناك نحو الـ 4 ملايين تونسي يعشون أوضاعا صعبة اجتماعيا واقتصاديا ولا يمكن أن مبلغ 180 دينارا جراية أو مساعدات وزارة الشؤون الاجتماعية أن تحل مشكلتهم، كما لا يمكن أن ننسى وجود نحو المليون منقطع عن الدراسة و16% نسبة بطالة عامة و40% في صفوف خرجي الجامعات.

والمفروض البداية تكون بتحسين مناخ الاستثمار، والانطلاقة تكون بتحريك عجلة الاستثمار المتوقفة ومساعدة مؤسساتنا الصغرى والمتوسطة التي عرفت أوضاعة صعبة بعد جائحة فيروس كورونا، ومخلفات الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار النفط والمواد الأولية..، والتي تكون عبر إقرار برنامج إنعاش وتعاف اقتصادي وليس بالشاكلة التي تم طرحها خلال تقديم تلك الخطوط العريضة للإصلاحات الاقتصادية، والمرور إلى إعادة المناقشة مع صندوق النقد الدولي والدفاع بقوة على مقترح إعادة جدولة ديوننا وتمكيننا من فترة سداد أطول للدين ونحن فعليا قادرون على تحقيق ذلك.. وهو الأمر الذي سيسمح لنا براحة في السداد وفترة استثمار أطول ويكون ذلك بالتوازي مع إقرار إصلاحات سريعة في المنظومة التربوية والمنظومة الصحية وفي الإدارة التونسية عبر مضاعفة الجسم الرقابي ورقمنة الإدارة وحوكمة الطاقات والكفاءات البشرية.. الحلول التقنية موجودة المهم توفر الرغبة والرؤية. وهنا أؤكد مرة أخرى على أهمية تحلي كل الأطراف بالرصانة والعقلانية.

• في ظل التغيرات المنتظرة سياسا، هل ترون أن الوضع مازال ملائما للعمل السياسي؟

-قيس سعيد يضع يده بشكل ممنهج وسافر على كل مفاصل الدولة والمجتمع. فبعد جمع كل السلطات التشريعية والتنفيذية بل والتأسيسية في يده، وضع يده على الإعلام العمومي الذي أصبح فيه صوت المعارضة مغيبا وعلى هيئة الانتخابات التي أصبحت تابعة له وعلى القضاء الذي تم ذبحه أكثر من مرة... كل هذا يشكل خطرا، لا على الأحزاب، بل على المجتمع ككل بتزييف وعيه وحرمانه من الأصوات العقلانية ومن حسه النقدي الذي يمكنه من التعبير عن إرادته الحرة وتقويم حكامه ومحاسبتهم.

• هل قيس سعيد مازال بإمكانه أن يكون سبيل الخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟

-قيس سعيد بصدد العودة بنا إلى ما قبل 14 جانفي عبر فرض دستوره الخاص، دستور رئاسوي يؤكد نزعته التسلطية والتي قادته إلى وضع يده على الإعلام والقضاء والهيئات وإلى تعيين الوزراء والولاة والمعتمدين حسب الولاءات لا الكفاءات. قيس سعيد لا يرى لا يسمع ولا يتكلم إلا ليقسمنا ويتهمنا ويخوّننا.

ونحن على عكسه، نرى أن تونس تتسع للجميع وأن إدارة البلاد لا تكون إلا لما اختاره الشعب وفق عقد اجتماعي واضح. لذلك نرى تونس أفضل وممكنة دون قيس سعيد بعد إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية تعيد السلطة فعلا لا قولا إلى الشعب.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews