إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مقصى اجتماعيا وسياسيا: شباب مغيب.. وفاقد لأمل التغيير

تونس-الصباح

يواجه الشباب في تونس خلال الفترة الأخيرة تغييبا كبيرا عن المشاركة في الشأن العام وهو ما تجسد من خلال عدم حضوره في اللجان الاستشارية وكذلك المشاورات بشأن مشروع الدستور الجديد الذي سيعرض على الاستفتاء الشهر المقبل.

وعلى غرار ارتفاع معدل البطالة في صفوف الشباب في تونس بين 15 و24 سنة، ليبلغ خلال الثلاثي الأول من سنة 2022 38,5%، فإن الشباب ما يزال مغيبا عن المشاركة في النقاش الاجتماعي حيث بإمكانه طرح حلول ومقاربات تتلاءم معه. حيث مثلت نسبة الشباب بين 23 سنة و39 سنة 23% في مجلس نواب الشعب السابق، كما أن نسبة مشاركة الفئة العمرية 18- 25 سنة لم تتجاوز 11.6%، أما الفئة العمرية 26-45 سنة كانت في حدود 39.2%.

وكان الأستاذ عادل العياري أكد في مقال علمي نشره بمجلة العلوم الاجتماعية قبل فترة تحت عنوان "في عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية في تونس: السياقات، الأسباب والآثار" أن مشاركة الشباب في الحياة السياسية دليل على ديناميكية المجتمعات وأحد أوجه قدرات النخب السياسية والمدنية الشابة على التأثير في الشأن العام وتعبئة الطاقات والموارد البشرية المختلفة في اتجاه مشروع سياسي ومجتمعي معين..

تطلعات الشعب

وقالت ولاء القاسمي رئيسة منظمة ''الشباب يقرّر'' في هذا الشأن في تصريح إذاعي، إنّها كانت تأمل في بناء عقد اجتماعي جديد خاصة أن الشعب التونسي اكتسب نضجا وتعلم بالممارسة من 2011 إلى 2021.

وأوضحت أن الدستور الجديد والانتخابات يوحيان بأن الأوضاع ستتغير نظريا لكن الواقع عكس ذلك، متابعة "النوايا نظرية لكنها بعيدة عن الواقع وبعيدة عن تطلعات الشعب بعد 25 جويلية". وأشارت ولاء القاسمي إلى أنها لو كانت مكان رئيس الجمهورية لغيرت التمشي وقامت بفتح نقاش في البلاد من خلال معهد الدراسات الإستراتيجية.

وكان مدير مركز الدراسات المتوسطية والدولية، أحمد إدريس، قد أكد خلال ملتقى إقليمي حول موضوع "الشباب العربي والمشاركة السياسية: السياقات، الرهانات، العقبات، تجارب مقارنة" وذلك بمشاركة أكثر من 7 دول عربية ومغاربية، قبل أشهر على أهمية مشاركة الشباب في الحياة السياسية، مبرزا ضرورة تفكيك أشكال المشاركة والعقبات التي تحول دون اكتمالها كمّا وكيفا. كما أبرز أحمد إدريس عمل مركز الدراسات المتوسطية والدولية حول موضوع المشاركة الشبابية وتنزيلها كمحور رئيسي من محاور عمل المركز وضمن برنامج كامل يمتد على 5 سنوات تحت عنوان "قوة الحوار" والذي يخص الشباب المنتمين الى الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني ويهدف الى تعميق معارفهم وتنمية قدراتهم من خلال جمعهم في إطار مشترك قصد تبادل الرؤى والخبرات.

عزوف الشباب

وقامت جمعيّة "شبكة مراقبون" بالتعاون مع مكتب الدراسات "وان تو وان" للبحوث والاستطلاعات وبدعم من مؤسسة "هاينريش بول" بانجاز دراسة معمقة في شكل سبر آراء تفصيلي عن طريق ملء استمارات حسب الطريقة العشوائية شملت أكثر من ألفي مواطن موزعين بين التونسيات البالغات من العمر 18 سنة فما فوق والتّونسيين الذّين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة وذلك خلال الفترة الممتدّة بين من 26 نوفمبر الى 09 ديسمبر 2018.

حيث كشفت الاستمارات التي تم تجميعها والاشتغال على الإجابات الواردة فيها، جملة من التساؤلات التي وجّهت الى الفئات المستهدفة، وعملت على تفكيك مفهومي الحياة العامة والشأن المحلي خصوصا بعد الانتخابات البلدية التي جرت في تونس سنة 2018 ( 47% من الشباب و42 % من النساء غير مهتمين مطلقا بالحياة السياسية والقضايا المحلية).

بشكل واقعي، إن العزوف عن المشاركة في الحياة الاجتماعية والمحلية هي الفكرة الطاغية على المشهد في تونس خصوصا لدى الفئتين المستهدفتين (الشباب والنساء) لكن المرور الى تفكيك هذا المعطى يمرّ حتما عبر فهم الأسباب العميقة وراء هذه الاستقالة عالية النسبة الأمر الذي يبرر قطعا التعويل على طرح أسئلة حول تقييم الوضعية الاقتصادية العامة للبلاد ونسب الرضاء المتعلق بالوضع السياسي بالإضافة الى نسبة الاهتمام بالقضايا المحلية لدى كل مستجوب من الفئتين الأمر الذي كانت نتيجته مرتفعة في جوانب عدم الرضا عن الوضعين الاقتصادي ( 71 % من الشباب و61 % من النساء كان تقييمهم له كسيئ وسيّئ جدا) والسياسي ( 71.9 % من الشباب و69.7 % من النساء عبروا عن عدم رضائهم الكامل) .

وقد مثّلت نسب المشاركة المتدنية في الانتخابات البلدية الأخيرة في تونس أمرا مقلقا لكنها لم تكن أبدا مفاجئة وفي إجابتهن حول مشاركتهن، عبرت النساء المستجوبات عن عدم مشاركتهن بنسبة فاقت 80% وتوزعت نسب تبرير هذا العزوف بين عدم الاهتمام وعدم الاقتناع بعدم قدرة الانتخابات على تغيير الأوضاع أو تعديلها نحو الأفضل. وبشكل متساو مع النساء فإن إجابة الشباب حول المشاركة والعزوف كانت متطابقة من ناحية عدم الأمل في التغيير الايجابي ( 51.8% من الشباب و42.7% من النساء يرون أنه لن يحدث أي تغيير بعد الانتخابات البلدية) .

صلاح الدين كريمي

 

 

 

مقصى اجتماعيا وسياسيا: شباب مغيب.. وفاقد لأمل التغيير

تونس-الصباح

يواجه الشباب في تونس خلال الفترة الأخيرة تغييبا كبيرا عن المشاركة في الشأن العام وهو ما تجسد من خلال عدم حضوره في اللجان الاستشارية وكذلك المشاورات بشأن مشروع الدستور الجديد الذي سيعرض على الاستفتاء الشهر المقبل.

وعلى غرار ارتفاع معدل البطالة في صفوف الشباب في تونس بين 15 و24 سنة، ليبلغ خلال الثلاثي الأول من سنة 2022 38,5%، فإن الشباب ما يزال مغيبا عن المشاركة في النقاش الاجتماعي حيث بإمكانه طرح حلول ومقاربات تتلاءم معه. حيث مثلت نسبة الشباب بين 23 سنة و39 سنة 23% في مجلس نواب الشعب السابق، كما أن نسبة مشاركة الفئة العمرية 18- 25 سنة لم تتجاوز 11.6%، أما الفئة العمرية 26-45 سنة كانت في حدود 39.2%.

وكان الأستاذ عادل العياري أكد في مقال علمي نشره بمجلة العلوم الاجتماعية قبل فترة تحت عنوان "في عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية في تونس: السياقات، الأسباب والآثار" أن مشاركة الشباب في الحياة السياسية دليل على ديناميكية المجتمعات وأحد أوجه قدرات النخب السياسية والمدنية الشابة على التأثير في الشأن العام وتعبئة الطاقات والموارد البشرية المختلفة في اتجاه مشروع سياسي ومجتمعي معين..

تطلعات الشعب

وقالت ولاء القاسمي رئيسة منظمة ''الشباب يقرّر'' في هذا الشأن في تصريح إذاعي، إنّها كانت تأمل في بناء عقد اجتماعي جديد خاصة أن الشعب التونسي اكتسب نضجا وتعلم بالممارسة من 2011 إلى 2021.

وأوضحت أن الدستور الجديد والانتخابات يوحيان بأن الأوضاع ستتغير نظريا لكن الواقع عكس ذلك، متابعة "النوايا نظرية لكنها بعيدة عن الواقع وبعيدة عن تطلعات الشعب بعد 25 جويلية". وأشارت ولاء القاسمي إلى أنها لو كانت مكان رئيس الجمهورية لغيرت التمشي وقامت بفتح نقاش في البلاد من خلال معهد الدراسات الإستراتيجية.

وكان مدير مركز الدراسات المتوسطية والدولية، أحمد إدريس، قد أكد خلال ملتقى إقليمي حول موضوع "الشباب العربي والمشاركة السياسية: السياقات، الرهانات، العقبات، تجارب مقارنة" وذلك بمشاركة أكثر من 7 دول عربية ومغاربية، قبل أشهر على أهمية مشاركة الشباب في الحياة السياسية، مبرزا ضرورة تفكيك أشكال المشاركة والعقبات التي تحول دون اكتمالها كمّا وكيفا. كما أبرز أحمد إدريس عمل مركز الدراسات المتوسطية والدولية حول موضوع المشاركة الشبابية وتنزيلها كمحور رئيسي من محاور عمل المركز وضمن برنامج كامل يمتد على 5 سنوات تحت عنوان "قوة الحوار" والذي يخص الشباب المنتمين الى الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني ويهدف الى تعميق معارفهم وتنمية قدراتهم من خلال جمعهم في إطار مشترك قصد تبادل الرؤى والخبرات.

عزوف الشباب

وقامت جمعيّة "شبكة مراقبون" بالتعاون مع مكتب الدراسات "وان تو وان" للبحوث والاستطلاعات وبدعم من مؤسسة "هاينريش بول" بانجاز دراسة معمقة في شكل سبر آراء تفصيلي عن طريق ملء استمارات حسب الطريقة العشوائية شملت أكثر من ألفي مواطن موزعين بين التونسيات البالغات من العمر 18 سنة فما فوق والتّونسيين الذّين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة وذلك خلال الفترة الممتدّة بين من 26 نوفمبر الى 09 ديسمبر 2018.

حيث كشفت الاستمارات التي تم تجميعها والاشتغال على الإجابات الواردة فيها، جملة من التساؤلات التي وجّهت الى الفئات المستهدفة، وعملت على تفكيك مفهومي الحياة العامة والشأن المحلي خصوصا بعد الانتخابات البلدية التي جرت في تونس سنة 2018 ( 47% من الشباب و42 % من النساء غير مهتمين مطلقا بالحياة السياسية والقضايا المحلية).

بشكل واقعي، إن العزوف عن المشاركة في الحياة الاجتماعية والمحلية هي الفكرة الطاغية على المشهد في تونس خصوصا لدى الفئتين المستهدفتين (الشباب والنساء) لكن المرور الى تفكيك هذا المعطى يمرّ حتما عبر فهم الأسباب العميقة وراء هذه الاستقالة عالية النسبة الأمر الذي يبرر قطعا التعويل على طرح أسئلة حول تقييم الوضعية الاقتصادية العامة للبلاد ونسب الرضاء المتعلق بالوضع السياسي بالإضافة الى نسبة الاهتمام بالقضايا المحلية لدى كل مستجوب من الفئتين الأمر الذي كانت نتيجته مرتفعة في جوانب عدم الرضا عن الوضعين الاقتصادي ( 71 % من الشباب و61 % من النساء كان تقييمهم له كسيئ وسيّئ جدا) والسياسي ( 71.9 % من الشباب و69.7 % من النساء عبروا عن عدم رضائهم الكامل) .

وقد مثّلت نسب المشاركة المتدنية في الانتخابات البلدية الأخيرة في تونس أمرا مقلقا لكنها لم تكن أبدا مفاجئة وفي إجابتهن حول مشاركتهن، عبرت النساء المستجوبات عن عدم مشاركتهن بنسبة فاقت 80% وتوزعت نسب تبرير هذا العزوف بين عدم الاهتمام وعدم الاقتناع بعدم قدرة الانتخابات على تغيير الأوضاع أو تعديلها نحو الأفضل. وبشكل متساو مع النساء فإن إجابة الشباب حول المشاركة والعزوف كانت متطابقة من ناحية عدم الأمل في التغيير الايجابي ( 51.8% من الشباب و42.7% من النساء يرون أنه لن يحدث أي تغيير بعد الانتخابات البلدية) .

صلاح الدين كريمي

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews