* المولدي الجندوبي: اتحاد الشغل استعمل حقه.. والحكومة أغلقت آذانها
* عز الدين سعيدان: الخسائر غير المباشرة ليوم الإضراب هي الأخطر..
تونس – الصباح
بعيدا عن الحسم في الجدل القائم منذ يوم أول أمس ومازال متواصلا حول نجاح أو فشل الإضراب في القطاع العام والتشكيك في النسبة المعلنة من قبل الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل وهي أن الإضراب نجح بنسبة 96.22 بالمائة والتي اعتبرها العديد من المتابعين بأنها نسبة "غير منطقية"، ولا تعكس الاستجابة للإضراب، لكن ما يهم في كل هذا هو ما وصل إليه الوضع بين المنظمة الشغيلة والحكومة الحالية من التصادم الذي بلغ أوجه.
كما لاحظ العديد أن حكومة نجلاء بودن بدت غير "منزعجة" أو "آبهة" بالإضراب الذي شمل قطاعات حساسة وأبرزها النقل. حسابات الربح والخسارة لإضراب اتحاد الشغل تبقى مسألة مطروحة خاصة وأن هذه الحق الشرعي الذي مارسته منظمة الشغالين لا جدال فيه لكن ماذا بعد؟ وكيف سيكون منهج التعامل بين الحكومة والمنظمة؟ وهل مازال هناك باب مفتوح بين الطرفين لاستئناف التفاوض أم أن منطق التصعيد سيتواصل؟
كل هذه الأسئلة رغم أنها سابقة لأوانها لكن ستبقى مطروحة، في ظل الفجوة بين السلطة والاتحاد العام التونسي للشغل، فالأولى تنصلت من مسؤولياتها الاجتماعية والثاني يبحث عن حق منظوريه في ظل تردي الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار الذي أثقل كاهل الطبقة الشغيلة.
المنشور 20 وبداية "التصادم"..
ويبدو أن الحكومة الحالية اختارت "الصدام" منذ البداية وكان ذلك منذ إصدار المنشور عدد20 الذي ينص على شروط التفاوض مع النقابات وكانت رئيسة الحكومة نجلاء بودن قد دعت في المنشور عدد 20 الذي حمل إمضاءها، كل الوزراء وكتاب الدولة والمديرين العامين والرؤساء المديرين العامين للمؤسسات والمنشآت العمومية إلى ضرورة التنسيق بصفة مسبقة معها وعدم الشروع في التفاوض مع النقابات قبل التنسيق المسبق.
وينص المنشور الحكومي عدد 20 على عدم الشروع في التفاوض مع النقابات سواء فيما يخص مجال الوظيفة العمومية أو المؤسسات والمنشآت العمومية إلاّ بعد الترخيص في ذلك من قبلها، إضافة إلى جملة من الشروط الأخرى، والتي يصبح الاتفاق لاغيا في صورة عدم توفرها، حسبما نص عليه المرسوم.
الاتحاد العام التونسي للشغل ومنذ البداية كان رافضا لهذه الخطوة وأكد أنه سيدافع عن حقوق منظوريه بكل الأشكال النضالية المتاحة وسيتولى إقرار جملة من التحركات الاحتجاجية وكانت تصريحات الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري الذي أكد أن الاتحاد لن يقبل بإصدار هذا المنشور وسيقوم "بتقديم قضية ضد رئيسة الحكومة نجلاء بودن لدى منظمة العمل الدولية، باعتبار أن هذا المنشور يتناقض تماما مع الاتفاقية الدولية لأن الغاية هي ضرب الحوار الاجتماعي والمفاوضات وضرب الاتحاد".
رغم "الشيطنة" الاتحاد ينتصر للشغالين..
ورغم الانتقادات الموجهة للاتحاد العام التونسي للشغل ومحاولات "الشيطنة" التي رافقت إضراب أول أمس بدعوى أن الوضع الاقتصادي لا يحتمل فإن اتحاد الشغل انتصر للشغالين إذا ما عدنا الى برقية التي تضمنت جملة من النقاط التي "تبرر" دوافعه وأساسا الدعوة الى تطبيق جميع الاتفاقيات الموقعة، والشروع في مفاوضات اجتماعية لتحسين المقدرة الشرائية، بالإضافة إلى إلغاء المساهمة التضامنية وهي مساهمة تضامنية لفائدة الصناديق الوطنية تم إقرارها سنة 2018.
لكن تبقى رسالة الاتحاد لسعيد قوية حسب المختص في الفلسفة السياسية شكري بن عيسى الذي كتب على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "الاتحاد وجه رسالة قوية لسعيد بان ما راهن عليه من فشل الإضراب قد سقط وبالتالي لن يقدر على استباحة الاتحاد وبالتالي فتقديراته كانت خاطئة باعتبار استعادة الاتحاد لقدرته الحيوية في التحشيد والتعبئة فضلا عن إثبات التماسك الذي يعتبر أيضا استفتاء ميدانيا على الشرعية.. الاتحاد من جهة أخرى بتحقيقه هذا المنجز الميداني في ظل التشكيكات على قدرته الفعلية يسترجع ثقته في النفس ويسترجع مركزه وموقعه الوطني كقوة توازن وكقوة ضغط لا يستهان بها وهو ما سيجعل خطابه مستقبلا اقل حدة ولكن أكثر قوة وثقة باعتبار إثباته وجود قوة ميدانية ثابتة".
المولدي الجندوبي الأمين العام المساعد السابق بالاتحاد العام التونسي للشغل اعتبر أن إضراب المنظمة الشغيلة لا يمكن اختزاله أو حصره بين فئة تراه ناجحا وأخرى تعتبره فاشلا لان الخطوة عندما تم اتخاذها أتت في إطار وسياق معين وهو فشل المفاوضات مع الحكومة الحالية لذلك استعمل الاتحاد العام التونسي للشغل "سلاحه" الطبيعي وحقه الشرعي والدستوري والقانوني وهو إقرار الإضراب العام.
وحسب الجندوبي فان الإضراب لم يحقق بعد نتيجته والمطالب الاجتماعية لازالت مرفوعة، ودعا جميع الأطراف الى الابتعاد عن التشنج والعودة الى طاولة المفاوضات دون أي ضغط، مضيفا أن المنشور عدد 20 الصادر عن الحكومة الحالية لا ضرورة له وحتى زمن نظام بن علي لم نشهد مثل هذه الممارسات من السلطة التي عليها أن تبتعد أن منهجية "صم الآذان".
وفي نفس السياق اعتبر الأمين العام المساعد السابق للاتحاد العام التونسي للشغل المولدي الجندوبي أن الجميع يعلم الوضعية الاقتصادية والمالية الصعبة التي تعيشها تونس والضغط الدولي الذي تمارسه الدوائر المالية لكن ما هكذا تدار الأمور وكان على الحكومة إيجاد طريقة أو منهجية أخرى في التعامل مع المنظمة الشغيلة وهذا ليس انحيازا للاتحاد لأنه سيظل مقياس حرارة مهم في الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الراهن.
وحذر الجندوبي من المتربصين بالدولة سواء في الداخل أو الخارج قائلا "لقد نجح من يسعى الى تغذية الأزمة بين الحكومة واتحاد الشغل من خلال هذا الإضراب والرابح من هذه الأزمة هم أعداء تونس ".
الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أكد انه لا احد قادر على تقدير حجم خسارة يوم كامل للإضراب لان هناك خسائر مباشرة وهذا أمر طبيعي ولكن الأخطر من كل هذا هي الخسائر غير المباشرة مثل تداعيات غلق المطار والموانئ البحرية ونحن في بداية موسم سياحي هذا بالإضافة لتأثير ذلك على سير المحادثات مع المؤسسات المالية المانحة التي تطالب بتوافق داخلي على جملة الإصلاحات لكن ما حصل يؤكد العكس وهو وجود تصادم حقيقي بن المركزية النقابية ممثلة في الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة.
وقال سعيدان "لأول مرة تصل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي أكثر من 14 شهرا وكان من المفروض في ظل هذا الوضع الاقتصادي الصعب والخطير أن تسعى كل الأطراف الى إيجاد حلول وليس اللجوء الى المصادمة لأن من خسر هي تونس لا غير"..
جهاد الكلبوسي
* المولدي الجندوبي: اتحاد الشغل استعمل حقه.. والحكومة أغلقت آذانها
* عز الدين سعيدان: الخسائر غير المباشرة ليوم الإضراب هي الأخطر..
تونس – الصباح
بعيدا عن الحسم في الجدل القائم منذ يوم أول أمس ومازال متواصلا حول نجاح أو فشل الإضراب في القطاع العام والتشكيك في النسبة المعلنة من قبل الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل وهي أن الإضراب نجح بنسبة 96.22 بالمائة والتي اعتبرها العديد من المتابعين بأنها نسبة "غير منطقية"، ولا تعكس الاستجابة للإضراب، لكن ما يهم في كل هذا هو ما وصل إليه الوضع بين المنظمة الشغيلة والحكومة الحالية من التصادم الذي بلغ أوجه.
كما لاحظ العديد أن حكومة نجلاء بودن بدت غير "منزعجة" أو "آبهة" بالإضراب الذي شمل قطاعات حساسة وأبرزها النقل. حسابات الربح والخسارة لإضراب اتحاد الشغل تبقى مسألة مطروحة خاصة وأن هذه الحق الشرعي الذي مارسته منظمة الشغالين لا جدال فيه لكن ماذا بعد؟ وكيف سيكون منهج التعامل بين الحكومة والمنظمة؟ وهل مازال هناك باب مفتوح بين الطرفين لاستئناف التفاوض أم أن منطق التصعيد سيتواصل؟
كل هذه الأسئلة رغم أنها سابقة لأوانها لكن ستبقى مطروحة، في ظل الفجوة بين السلطة والاتحاد العام التونسي للشغل، فالأولى تنصلت من مسؤولياتها الاجتماعية والثاني يبحث عن حق منظوريه في ظل تردي الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار الذي أثقل كاهل الطبقة الشغيلة.
المنشور 20 وبداية "التصادم"..
ويبدو أن الحكومة الحالية اختارت "الصدام" منذ البداية وكان ذلك منذ إصدار المنشور عدد20 الذي ينص على شروط التفاوض مع النقابات وكانت رئيسة الحكومة نجلاء بودن قد دعت في المنشور عدد 20 الذي حمل إمضاءها، كل الوزراء وكتاب الدولة والمديرين العامين والرؤساء المديرين العامين للمؤسسات والمنشآت العمومية إلى ضرورة التنسيق بصفة مسبقة معها وعدم الشروع في التفاوض مع النقابات قبل التنسيق المسبق.
وينص المنشور الحكومي عدد 20 على عدم الشروع في التفاوض مع النقابات سواء فيما يخص مجال الوظيفة العمومية أو المؤسسات والمنشآت العمومية إلاّ بعد الترخيص في ذلك من قبلها، إضافة إلى جملة من الشروط الأخرى، والتي يصبح الاتفاق لاغيا في صورة عدم توفرها، حسبما نص عليه المرسوم.
الاتحاد العام التونسي للشغل ومنذ البداية كان رافضا لهذه الخطوة وأكد أنه سيدافع عن حقوق منظوريه بكل الأشكال النضالية المتاحة وسيتولى إقرار جملة من التحركات الاحتجاجية وكانت تصريحات الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري الذي أكد أن الاتحاد لن يقبل بإصدار هذا المنشور وسيقوم "بتقديم قضية ضد رئيسة الحكومة نجلاء بودن لدى منظمة العمل الدولية، باعتبار أن هذا المنشور يتناقض تماما مع الاتفاقية الدولية لأن الغاية هي ضرب الحوار الاجتماعي والمفاوضات وضرب الاتحاد".
رغم "الشيطنة" الاتحاد ينتصر للشغالين..
ورغم الانتقادات الموجهة للاتحاد العام التونسي للشغل ومحاولات "الشيطنة" التي رافقت إضراب أول أمس بدعوى أن الوضع الاقتصادي لا يحتمل فإن اتحاد الشغل انتصر للشغالين إذا ما عدنا الى برقية التي تضمنت جملة من النقاط التي "تبرر" دوافعه وأساسا الدعوة الى تطبيق جميع الاتفاقيات الموقعة، والشروع في مفاوضات اجتماعية لتحسين المقدرة الشرائية، بالإضافة إلى إلغاء المساهمة التضامنية وهي مساهمة تضامنية لفائدة الصناديق الوطنية تم إقرارها سنة 2018.
لكن تبقى رسالة الاتحاد لسعيد قوية حسب المختص في الفلسفة السياسية شكري بن عيسى الذي كتب على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "الاتحاد وجه رسالة قوية لسعيد بان ما راهن عليه من فشل الإضراب قد سقط وبالتالي لن يقدر على استباحة الاتحاد وبالتالي فتقديراته كانت خاطئة باعتبار استعادة الاتحاد لقدرته الحيوية في التحشيد والتعبئة فضلا عن إثبات التماسك الذي يعتبر أيضا استفتاء ميدانيا على الشرعية.. الاتحاد من جهة أخرى بتحقيقه هذا المنجز الميداني في ظل التشكيكات على قدرته الفعلية يسترجع ثقته في النفس ويسترجع مركزه وموقعه الوطني كقوة توازن وكقوة ضغط لا يستهان بها وهو ما سيجعل خطابه مستقبلا اقل حدة ولكن أكثر قوة وثقة باعتبار إثباته وجود قوة ميدانية ثابتة".
المولدي الجندوبي الأمين العام المساعد السابق بالاتحاد العام التونسي للشغل اعتبر أن إضراب المنظمة الشغيلة لا يمكن اختزاله أو حصره بين فئة تراه ناجحا وأخرى تعتبره فاشلا لان الخطوة عندما تم اتخاذها أتت في إطار وسياق معين وهو فشل المفاوضات مع الحكومة الحالية لذلك استعمل الاتحاد العام التونسي للشغل "سلاحه" الطبيعي وحقه الشرعي والدستوري والقانوني وهو إقرار الإضراب العام.
وحسب الجندوبي فان الإضراب لم يحقق بعد نتيجته والمطالب الاجتماعية لازالت مرفوعة، ودعا جميع الأطراف الى الابتعاد عن التشنج والعودة الى طاولة المفاوضات دون أي ضغط، مضيفا أن المنشور عدد 20 الصادر عن الحكومة الحالية لا ضرورة له وحتى زمن نظام بن علي لم نشهد مثل هذه الممارسات من السلطة التي عليها أن تبتعد أن منهجية "صم الآذان".
وفي نفس السياق اعتبر الأمين العام المساعد السابق للاتحاد العام التونسي للشغل المولدي الجندوبي أن الجميع يعلم الوضعية الاقتصادية والمالية الصعبة التي تعيشها تونس والضغط الدولي الذي تمارسه الدوائر المالية لكن ما هكذا تدار الأمور وكان على الحكومة إيجاد طريقة أو منهجية أخرى في التعامل مع المنظمة الشغيلة وهذا ليس انحيازا للاتحاد لأنه سيظل مقياس حرارة مهم في الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الراهن.
وحذر الجندوبي من المتربصين بالدولة سواء في الداخل أو الخارج قائلا "لقد نجح من يسعى الى تغذية الأزمة بين الحكومة واتحاد الشغل من خلال هذا الإضراب والرابح من هذه الأزمة هم أعداء تونس ".
الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أكد انه لا احد قادر على تقدير حجم خسارة يوم كامل للإضراب لان هناك خسائر مباشرة وهذا أمر طبيعي ولكن الأخطر من كل هذا هي الخسائر غير المباشرة مثل تداعيات غلق المطار والموانئ البحرية ونحن في بداية موسم سياحي هذا بالإضافة لتأثير ذلك على سير المحادثات مع المؤسسات المالية المانحة التي تطالب بتوافق داخلي على جملة الإصلاحات لكن ما حصل يؤكد العكس وهو وجود تصادم حقيقي بن المركزية النقابية ممثلة في الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة.
وقال سعيدان "لأول مرة تصل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي أكثر من 14 شهرا وكان من المفروض في ظل هذا الوضع الاقتصادي الصعب والخطير أن تسعى كل الأطراف الى إيجاد حلول وليس اللجوء الى المصادمة لأن من خسر هي تونس لا غير"..