إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

عبد الحميد الجلاصي لـ"الصباح": الطبقة السياسية انتهت.. والنهضة اعتمدت "تكتيكات" فاشلة

 

- القول الفصل سيكون للديمقراطيين المبثوثين في مختلف التيارات

- الأحزاب والمنظمات وهياكل المجتمع المدني لم تستفد من أخطائها

- اتحاد الشغل والنهضة مسؤولان عن العشرية الماضية

تونس – الصباح

انتقد عبد الحميد الجلاصي القيادي السابق في حركة النهضة، طريقة تعاطي الطبقة السياسية والمنظمات المعارضة لمسار ما بعد 25 جويلية، وفي مقدمتها حركة النهضة والاتحاد العام التونسي للشغل، باعتبار أنهما يتحملان مسؤولية كبيرة في كل ما عرفته بلادنا في العشرية الماضية. واستغرب كيف يصف بعض قياديي الاتحاد تلك الفترة بـ"العشرية السوداء" رغم أنهم كانوا طرفا فاعلا فيها وقال: "لا أحد ينكر أن الثلاثي النهضة والاتحاد ونداء تونس هو تقريبا الثلاثي الذي تحمل مسؤولية قيادة المرحلة والمنظومة السياسية في العشرية الماضية، لذا أستغرب كيف يتفصى بعض هؤلاء من مسؤوليتهم ويقدمون مغالطات تاريخية وأخلاقية من شأنها أن تؤثر على ثقة الناس فيها".

واعتبر في عدم تواضع هذه الجهات وذلك باعترافها بأخطائها في سياق المصالحة المطلوبة بين الشق السياسي والمدني والمنظماتي المناضل من ناحية مع الشارع الاجتماعي من ناحية أخرى، ومحافظتها على نفس "السيستام" الذي يعتمد على الهروب إلى الأمام، من العوامل التي جعلت كل الجهات المعارضة لما بعد 25 جويلية الذي يوصف بـ"الانقلاب"، تعجز عن افتكاك الشارع التونسي من مناطق رئيس الجمهورية قيس سعيد.

وأفاد الجلاصي أنه وفقا لقراءة موضوعية للراهن واستشراف للمستقبل، سيكون القول الفصل في الدولة والمشهد السياسي للديمقراطيين المبثوثين في مختلف التيارات والأحزاب والمنظمات المدنية نظرا لاعتبارات فكرية وثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية وذلك بعيدا عن منطق الإقصاء أو التحيز أو محاولة التفرد بالحكم والرأي والسلطة. لأنه يعتبر أن عدم وجود الحلول في هذه المرحلة لا يدفع للخوف لأنه لا يعني بالضرورة الفراغ باعتبار أن الحلول تكون نابعة عن معطيات واقعية وموضوعية ولا تبنى على النوايا والرغبات مثلما تبين ذلك أغلب مكونات المشهد السياسي والمدني في تونس.

العامل الحاسم

كما اعتبر الجلاصي أن الشارع الاجتماعي هو العامل المحدد والحاسم في الوضع بعد أن عجزت القوى والجبهات المعارضة عن إيقاف عجلة المسار الذي يقوده رئيس الجمهورية، حيث يرى أنه إذا ما تم تنظيم الاستفتاء فإن القوى الدولية التي وصفها متخصصة في بيع الكلام فقط من قبيل "القلق" لا غير، ستغير موقفها وتقبل بالتعامل مع وضعية جديدة ببلوغ الانتخابات التشريعية، مضيفا: "مرة أخرى يكون سعيد أمام عوامل جديدة تخدم مشروعه وتكون ضده إرادة المعارضة، والمتمثل في فصل الصيف بما يمكنه من ربح ستة أشهر أخرى قد تساعده على النجاح في إرساء جانب من مشروعه، ليجد الشارع الاجتماعي، المنهك، نفسه أمام صعوبات حقيقية ووضع مترد في الخريف القادم تدفعه للخروج للشارع والوقوف ضد عجز منظومة الاستثناء".

وأكد أن تونس مرشحة للمرور بمرحلة جد صعبة وكبيسة ولكنها ستكون فرصة للتفكير العميق لكل الجهات بعد الصدمة الكبيرة لمكونات المشهد المدني والسياسي والعقل الديمقراطي. معتبرا ما حصل من 25 جويلية إلى الآن هو مراكمة لأخطاء وممارسة وتقديرات وفهم خاطئ للجمهور السياسي.

طبقة منتهية

كما ذهب عبد الحميد الجلاصي في قراءته للمشهد السياسي في تونس اليوم إلى التأكيد على أن الطبقة السياسية بجميع مكوناتها قد انتهت قبل قرارات سعيد ولكن 25 جويلية كان يوم إعلان نهايتها بعد أن جانبت فرص الإصلاح والتدارك بما في ذلك حركة النهضة بعد إضاعة عديد الفرص واعتماد "تكتيكات" وصفها بالفاشلة ومساهمة في تأزيم الوضع وترديه سواء تعلق الأمر بالأحزاب اليمينية أو اليسارية والتقدمية وغيرها بما في ذلك الدستوري الحر الذي اعتبره تأكيدا لفشل الشعبوية الفاشية.

واعتبر أن الأمر لا يقتصر على الأحزاب السياسية فحسب وإنما يشمل أيضا المنظمات وهياكل المجتمع التي لم تستفد من أخطائها وتقوم بالمراجعات المطلوبة في إبانها وفي مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل. موضحا أن سعيد ماض في سياسة تحجيم دور الأجسام الوسيطة التي ستطال اتحاد الشغل لمحاولة إرجاعه إلى المربع النقابي خاصة أنه أمر مرغوب فيه من قبل رعاة الديمقراطية في العالم، وفق تقديره. ولم يخف موقفه من الإضراب الذي دعت له المنظمة الشغيلة ونفذ أول أمس واعتبره حراكا اجتماعيا لكنه سياسي.

كما أكد الجلاصي أن سعيد سوف يلتحق بهذه الطبقة قريبا بسبب انتهاجه نفس "السيستام" وغلق كل منافذ الانفتاح والتواصل مع مكونات المشهد السياسي والمدني في المسار الإصلاحي وبما وصفه فشل الشعبوية الفوضوية.

لكنه في المقابل يقر بأن الدولة التونسية سوف لن تنهار لعوامل تاريخية وحضارية وثقافية رغم صعوبة الوضع وما يمكن أن يفرزه من عدم استقرار وتوتر.

الشباب المبعد العائد

وفي تطرقه لمدى حضور الشباب ودوره في الوضع السياسي ما بعد ثورة 2011 إلى اليوم، وصف القيادي السابق في حركة النهضة قصة الشباب التونسي مع الثورة بالمؤلمة، وفسر ذلك بقوله: "بعد أن أقبل الشباب بنهم على العمل السياسي بعد نجاح ثورته ضد منظومة بن علي سنة 2011 على أمل ضخ أمل وأفكار جديدة لكنه أصيب بعد عامين تقريبا بصدمات بعد أن وجد "حراس المعبد" في كل مكان وكل حدب حزبي، فبعضها خير الابتعاد وجزء آخر اختار المجتمع المدني والبقية بقيت تتفرج".

ويرى محدثنا أن هذه الفئة التي وصفها بالشباب الذهبي الذي يفكر والمشبع بالفكر النير وثقافة الاعتراف بالآخر والحقوق والواجبات بعيدا عن التسويق السياسي، هو من سيصنع مستقبل تونس السياسي بعيدا عن الأسماء والأحزاب والأفكار النمطية والتقليدية التي أثبت فشلها الذريع ولم تعد لها مكانة في تونس الحاضر والمستقبل مهما كررت محاولات البحث عن فرص التموقع والعودة من جديد، وفق تقديره.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عبد الحميد الجلاصي لـ"الصباح": الطبقة السياسية انتهت.. والنهضة اعتمدت "تكتيكات" فاشلة

 

- القول الفصل سيكون للديمقراطيين المبثوثين في مختلف التيارات

- الأحزاب والمنظمات وهياكل المجتمع المدني لم تستفد من أخطائها

- اتحاد الشغل والنهضة مسؤولان عن العشرية الماضية

تونس – الصباح

انتقد عبد الحميد الجلاصي القيادي السابق في حركة النهضة، طريقة تعاطي الطبقة السياسية والمنظمات المعارضة لمسار ما بعد 25 جويلية، وفي مقدمتها حركة النهضة والاتحاد العام التونسي للشغل، باعتبار أنهما يتحملان مسؤولية كبيرة في كل ما عرفته بلادنا في العشرية الماضية. واستغرب كيف يصف بعض قياديي الاتحاد تلك الفترة بـ"العشرية السوداء" رغم أنهم كانوا طرفا فاعلا فيها وقال: "لا أحد ينكر أن الثلاثي النهضة والاتحاد ونداء تونس هو تقريبا الثلاثي الذي تحمل مسؤولية قيادة المرحلة والمنظومة السياسية في العشرية الماضية، لذا أستغرب كيف يتفصى بعض هؤلاء من مسؤوليتهم ويقدمون مغالطات تاريخية وأخلاقية من شأنها أن تؤثر على ثقة الناس فيها".

واعتبر في عدم تواضع هذه الجهات وذلك باعترافها بأخطائها في سياق المصالحة المطلوبة بين الشق السياسي والمدني والمنظماتي المناضل من ناحية مع الشارع الاجتماعي من ناحية أخرى، ومحافظتها على نفس "السيستام" الذي يعتمد على الهروب إلى الأمام، من العوامل التي جعلت كل الجهات المعارضة لما بعد 25 جويلية الذي يوصف بـ"الانقلاب"، تعجز عن افتكاك الشارع التونسي من مناطق رئيس الجمهورية قيس سعيد.

وأفاد الجلاصي أنه وفقا لقراءة موضوعية للراهن واستشراف للمستقبل، سيكون القول الفصل في الدولة والمشهد السياسي للديمقراطيين المبثوثين في مختلف التيارات والأحزاب والمنظمات المدنية نظرا لاعتبارات فكرية وثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية وذلك بعيدا عن منطق الإقصاء أو التحيز أو محاولة التفرد بالحكم والرأي والسلطة. لأنه يعتبر أن عدم وجود الحلول في هذه المرحلة لا يدفع للخوف لأنه لا يعني بالضرورة الفراغ باعتبار أن الحلول تكون نابعة عن معطيات واقعية وموضوعية ولا تبنى على النوايا والرغبات مثلما تبين ذلك أغلب مكونات المشهد السياسي والمدني في تونس.

العامل الحاسم

كما اعتبر الجلاصي أن الشارع الاجتماعي هو العامل المحدد والحاسم في الوضع بعد أن عجزت القوى والجبهات المعارضة عن إيقاف عجلة المسار الذي يقوده رئيس الجمهورية، حيث يرى أنه إذا ما تم تنظيم الاستفتاء فإن القوى الدولية التي وصفها متخصصة في بيع الكلام فقط من قبيل "القلق" لا غير، ستغير موقفها وتقبل بالتعامل مع وضعية جديدة ببلوغ الانتخابات التشريعية، مضيفا: "مرة أخرى يكون سعيد أمام عوامل جديدة تخدم مشروعه وتكون ضده إرادة المعارضة، والمتمثل في فصل الصيف بما يمكنه من ربح ستة أشهر أخرى قد تساعده على النجاح في إرساء جانب من مشروعه، ليجد الشارع الاجتماعي، المنهك، نفسه أمام صعوبات حقيقية ووضع مترد في الخريف القادم تدفعه للخروج للشارع والوقوف ضد عجز منظومة الاستثناء".

وأكد أن تونس مرشحة للمرور بمرحلة جد صعبة وكبيسة ولكنها ستكون فرصة للتفكير العميق لكل الجهات بعد الصدمة الكبيرة لمكونات المشهد المدني والسياسي والعقل الديمقراطي. معتبرا ما حصل من 25 جويلية إلى الآن هو مراكمة لأخطاء وممارسة وتقديرات وفهم خاطئ للجمهور السياسي.

طبقة منتهية

كما ذهب عبد الحميد الجلاصي في قراءته للمشهد السياسي في تونس اليوم إلى التأكيد على أن الطبقة السياسية بجميع مكوناتها قد انتهت قبل قرارات سعيد ولكن 25 جويلية كان يوم إعلان نهايتها بعد أن جانبت فرص الإصلاح والتدارك بما في ذلك حركة النهضة بعد إضاعة عديد الفرص واعتماد "تكتيكات" وصفها بالفاشلة ومساهمة في تأزيم الوضع وترديه سواء تعلق الأمر بالأحزاب اليمينية أو اليسارية والتقدمية وغيرها بما في ذلك الدستوري الحر الذي اعتبره تأكيدا لفشل الشعبوية الفاشية.

واعتبر أن الأمر لا يقتصر على الأحزاب السياسية فحسب وإنما يشمل أيضا المنظمات وهياكل المجتمع التي لم تستفد من أخطائها وتقوم بالمراجعات المطلوبة في إبانها وفي مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل. موضحا أن سعيد ماض في سياسة تحجيم دور الأجسام الوسيطة التي ستطال اتحاد الشغل لمحاولة إرجاعه إلى المربع النقابي خاصة أنه أمر مرغوب فيه من قبل رعاة الديمقراطية في العالم، وفق تقديره. ولم يخف موقفه من الإضراب الذي دعت له المنظمة الشغيلة ونفذ أول أمس واعتبره حراكا اجتماعيا لكنه سياسي.

كما أكد الجلاصي أن سعيد سوف يلتحق بهذه الطبقة قريبا بسبب انتهاجه نفس "السيستام" وغلق كل منافذ الانفتاح والتواصل مع مكونات المشهد السياسي والمدني في المسار الإصلاحي وبما وصفه فشل الشعبوية الفوضوية.

لكنه في المقابل يقر بأن الدولة التونسية سوف لن تنهار لعوامل تاريخية وحضارية وثقافية رغم صعوبة الوضع وما يمكن أن يفرزه من عدم استقرار وتوتر.

الشباب المبعد العائد

وفي تطرقه لمدى حضور الشباب ودوره في الوضع السياسي ما بعد ثورة 2011 إلى اليوم، وصف القيادي السابق في حركة النهضة قصة الشباب التونسي مع الثورة بالمؤلمة، وفسر ذلك بقوله: "بعد أن أقبل الشباب بنهم على العمل السياسي بعد نجاح ثورته ضد منظومة بن علي سنة 2011 على أمل ضخ أمل وأفكار جديدة لكنه أصيب بعد عامين تقريبا بصدمات بعد أن وجد "حراس المعبد" في كل مكان وكل حدب حزبي، فبعضها خير الابتعاد وجزء آخر اختار المجتمع المدني والبقية بقيت تتفرج".

ويرى محدثنا أن هذه الفئة التي وصفها بالشباب الذهبي الذي يفكر والمشبع بالفكر النير وثقافة الاعتراف بالآخر والحقوق والواجبات بعيدا عن التسويق السياسي، هو من سيصنع مستقبل تونس السياسي بعيدا عن الأسماء والأحزاب والأفكار النمطية والتقليدية التي أثبت فشلها الذريع ولم تعد لها مكانة في تونس الحاضر والمستقبل مهما كررت محاولات البحث عن فرص التموقع والعودة من جديد، وفق تقديره.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews