إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كاتب عام مرصد الحقوق والحريات لـ"الصباح": إضراب القطاع العام "سياسي".. وسعيد لن يتراجع عن قرار عزل القضاة

 

 

الحوار الوطني.. تكريم فقط لبعض الشخصيات التي ساندت سعيد

  المجلس المؤقت للقضاء رفض عزل 57 قاضيا

* فكرة بوليس الرئيس عادت..

* العميد بودربالة لم يساند عبد الرزاق الكيلاني والمحامين الذين تمت محاكمتهم وهذه سابقة في تاريخ المحاماة

 

تونس – الصباح

قال الأستاذ مالك بن عمر المحامي وكاتب عام مرصد الحقوق والحريات بتونس انه لا يوجد حوار وطني أصلا بل هو تكريم لمجموعة من الأسماء المساندة لرئيس الجمهورية قيس سعيد، مضيفا أن ما حصل يوم 1 جوان الحالي من عزل بالجملة لقضاة أغلبهم معروفون بنزاهتهم ونظافة أيديهم غير مقبول بالمرة.

وحسب بن عمر فإن عملية عزل 57 قاضيا بقرار رئاسي تختلف عن عزل القضاة زمن الترويكا، مشددا أن ما يقال عن قضاء البحيري سردية تافهة لا أساس لها من الصحة.

وعن الإضراب العام قال بن عمر إنه سياسي أكثر منه اجتماعي لأن المعركة بن الاتحاد العام التونسي للشغل ورئيس الجمهورية معركة مواقع ولان المنظمة الشغيلة أصبحت تعي أن دورها تراجع عما كانت تحظى به قبل 25 جويلية.

كما اعتبر بن عمر أن ما أقدم عليه سعيد يدخل في خانة التأسيس لحكم الفرد الواحد من خلال سعيه الكبير للاستحواذ على جميع السلط.

 

أجرت الحوار: جهاد الكلبوسي

 

*في البداية، لننطلق من المستجدات في علاقة بواقع الحقوق والحريات في تونس بعد 25 جويلية، الأستاذ مالك بن عمر من خلال تعاملكم مع  مختلف المعطيات في المرصد، ما هو تعليقهم على ما يجري في هذا الملف تحديدا؟

أولا ومنذ تاريخ 25 جويلية 2021 استولى رئيس الجمهورية قيس سعيد على كل السلط، لذلك من يضرب مؤسسات الدولة طبيعي أن يضرب الحقوق والحريات وخير دليل على ذلك المسار المرتبك وتصريف الوضعية التي تعيشها تونس من خلال اخذ قرارات بالجملة وهي في الأصل انتهاكات إنسانية مثل فرض الإقامة الجبرية أو المنع من السفر دون إذن قضائي.

علما وأنه بان بالكاشف السعي لتأسيس حكم الفرد الواحد وحتى بعض الأحزاب التي كانت تساند ما حصل في 25 جويلية أصبحت تقوم بمراجعاتها بعد صدور المرسوم 117 في سبتمبر 2021  ومنها التي أعلنت رفضها لقرارات سعيد وأصبحت من اشد معارضيه مثل حزب التيار الديمقراطي.

*وصفت ما يحدث في تونس منذ 25 جويلية بـ"هستيريا" انتهاكات حقوق الإنسان، لماذا اعتمدت هذا التوصيف؟

طبيعي لأن الحقوق والحريات أصبحت معلّقة ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد لجأ رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى استخدام المحاكم العسكرية كأداة لتكريس الانقلاب في تونس.

رئيس الدولة اعتمد منهجية لضرب الحقوق والحريات لذلك في البداية استهدف من يعتبرهم خصوما سياسيين ثم وصل الأمر الى محاكمة إعلاميين وحتى المدونين.

وحتى فكرة بوليس الرئيس التي كانت موجودة قبل الثورة بدأت تعود منذ 25 جويلية وتجسدت هذه الفكرة في هرسلة عديد المدونين وإحالتهم على قطب الإرهاب وهم بالمئات ولا يمكن حتى حصرهم في عملية الرصد من قبل مجموعة محامون من اجل الحريات.

*هل يوجد لديكم رقم محدد بعدد المحالين على المحاكم بسبب تدوينات أو آراء معارضة لرئيس الدولة؟

يوميا هناك عديد الإحالات على المحاكم تحت عنوان تهمة ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية حسب الفصل 67 من المجلة الجزائية والتي صدرت في عام 1913 وهو أكثر فصل تم تطبيقه منذ 25 جويلية.

هذا بالإضافة الى وجود جريمة جديدة بعد 25 جويلية وهي جريمة الإخفاء القسري التي تعرض إليها الأستاذ نور الدين البحيري الذي تم اختطافه يوم 31 ديسمبر من أمام منزله وإخفائه قسريا واحتجازه خارج النظم القانونية وهي من أقصى الجرائم وحتى محكمة العدل الدولية يمكن أن تصدر ضدها أحكاما لأنه لا يوجد أي ملف أو بحث مفتوح يدين نور الدين البحيري رئيس كتلة حركة النهضة في البرلمان المنحل.

*هل يوجد تشابه بين الأمس واليوم في علاقة بعزل القضاة؟ هل تحولنا مما يسمى بقضاء البحيري الى قضاء الرئيس؟

لا توجد أي علاقة بين ما حصل يوم 1 جوان المتمثل في عزل 57 قاضيا بما حصل في 2012 من عزل لما يعرف بقضاة النظام أو قضاة التعليمات وخرافة قضاء البحيري سردية تافهة لا أساس لها.

عملية عزل القضاة في 2012 عندما كان نور الدين البحيري وزيرا للعدل شملت ما يعرف بقضاة النظام أو قضاة التعليمات زمن نظام بن علي ولا ننكر وجود تسرع في اتخاذ قرار عزل العديد منهم في تلك الفترة لكن مبدأ المواجهة كان موجودا من خلال الاستدلال بقضايا وملفات ضد من شملهم  العزل كما تم تمكينهم من الطعن في المحكمة الإدارية وأغلبهم عادوا لممارسة المهنة.

لكن فكرة الإعفاء بالجملة التي تمت يوم 1 جوان غير مقبولة لأنها لا تعطي الفرصة للدفاع وتنقصها ضمانات المحاكمة العادلة بالإضافة الى أن إعفاء عدد من القضاة بعد الثورة يختلف عن إعفاء 57 قاضيا  في 1 جوان الحالي لان هذا القرار جاء في إطار التأسيس لسلطة فرد واحد ومحاولة تصفية حسابات مع خصوم سياسيين.

بان بالكاشف أن الرئيس بعد استحواذه على السلطتين التشريعية والتنفيذية كاملة لازال له مشكل في السلطة القضائية بعد أن تأكد أنه غير قادر على تصفية حساباته مع خصومه السياسيين عن طريق القضاء العدلي.

*لكن هناك محاكمات تمت أمام القضاء العسكري؟

صحيح لكن القضاء العسكري له طاقة وثلاث محاكم في كامل تراب الجمهورية لا يمكن أن تغطي كل القضايا بينما القضاء العدلي المنتشر على كامل تراب الجمهورية ومن خلال منظومته الجزائية هو القادر على تغطية جل المحاكمات وتنفيذ الأحكام التي يسعى إليها الرئيس لكن تبين أن القضاء العدلي رفض التعليمات.

*ما حصل خلق أزمة حقيقية صلب القضاء التونسي كيف يمكن تجاوزها؟

قبل كل شيء يجب أن نخوض في مسألة مهمة وهي أنه من بين 57 قاضيا معزولا أو معفى، أربعون منهم هم في المنظومة الجزائية وهم قضاة في مراكز حساسة مثل وكيل عام في محكمة استئناف تونس ووكيل جمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس وقاضي قضاة التحقيق بتونس وقضاة في قطب الإرهاب.

بالإضافة الى 49 قاضيا من المعزولين ليس لديهم أي ملف تأديبي بل هي عملية واضحة هدفها تركيع وتخويف القضاء انطلقت بالتشويه والتعميم وحل المجلس الأعلى للقضاء الشرعي المنتخب من قبل قضاة ومحامين وأساتذة جامعيين وتنصيب مجلس أعلى مؤقت بتراتيب ومراسيم جديدة وسمح لنفسه بالتدخل في كل الأمور المتعلقة بالقضاة والقضاء.

*هناك مجلس أعلى مؤقت للقضاء لماذا لم يصدر القرار عنه؟ لماذا الإعفاء صدر بمرسوم رئاسي؟

يبدو أن المجلس الأعلى المؤقت للقضاء رفض تعليمات الرئيس بعزل القضاة فقام سعيد بتنقيح المرسوم ليقوم بهذه الجريمة العشوائية في حق القضاء التونسي.

*لكن المجلس الأعلى المؤقت للقضاء لم يصدر أي موقف حول ما يجري؟

لا يمكن مطالبة المجلس الأعلى المؤقت للقضاء بردة فعل ومواقف حاسمة حول ما حصل لأنهم في الأول والأخير معينون من قبل رئيس الدولة.

*ما هو تعليقك على مسألة هتك الأعراض التي رافقت عزل القضاة؟

طبيعي أن نشهد مثل هذه الأمور لأن منظومة الاستبداد تمضي في طريقين إما في معاقبة المعارضين أو تشويههم.

لكن من المفروض أن يكون رئيس الدولة الأكثر حرصا حتى لا يتم المساس بأعراض الناس حتى لو كانوا من خصومه السياسيين لكن ما حصل قبل إعلان قائمة القضاة المعزولين من إثارة للموضوع من خلال الحديث عن وجود شبهات تحرش وجرائم زنا وأخلاقية ثم يصدر الأمر بالإعفاء بالاسم واللقب يعني أن الجميع اليوم أمام الرأي العام هم متهمون بهذه الجرائم.

*بعد إقرار إضراب القضاة الذي مازال متواصلا، هل تعتقد أن يتراجع الرئيس عن قرار العزل؟

قيس سعيد لم يتراجع على أي قرار منذ 25 جويلية إلا في حالتين وهما المنع من السفر بعد أن فهم أن القرار خاطئ وتراجع عنه دون إعلان ذلك والمسالة الثانية بخصوص التراجع عن موضوع الإقامة الجبرية ماعدا ذلك فهو لا يتراجع عن قراراته حتى وان كانت شعبوية مثل قرار عزل القضاة لكن من سوء حظ الرئيس أن أغلب القضاة ممن شملهم القرار هم أناس مشهود لهم بالنزاهة ونظافة اليد والجميع بما في ذلك المحامون، والقضاة يعرفون ذلك جيدا.

ردة فعل القضاة بإعلان الإضراب قرار طبيعي في ظل ما يحصل بل ساهم قرار سعيد في تقريب مواقف جمعية القضاة ونقابة القضاة وهذا يدل على ارتباكه السياسي، وحسب رأيي قرار الإضراب سيتواصل لأن الإشكال ليس في عزل 57 قاضيا فقط بل في الصلاحية الجديدة التي أصبحت بيد رئيس الجمهورية لان المعركة أصبحت مفتوحة مع جميع القضاة لأن ما حصل مؤخرا اجتماع تاريخي تمثل في مصادقة أكثر من 1500 قاض على قرار الإضراب التاريخي كما أن القضاة اليوم أصبحوا مكبلين بعد محاولات التدخل حتى في القضايا العادية لذلك تجاوزت المسألة محاسبة الخصوم السياسيين.

أمس نفذ الاتحاد العام التونسي للشغل إضرابا عاما، هل تعتقد أنه ردّ فعل سياسي أم اجتماعي مثلما ما تؤكده المركزية النقابية؟

هو رد فعل سياسي أقرب منه الى اجتماعي لان الاتحاد العام التونسي للشغل أصبح يعي أن دوره بات ثانويا بعد تغييبه في اتخاذ القرارات، وما حدث معه نوع من التجاهل.

وإضراب أمس أساسه الصراع على المواقع.

*يعني، توجد معركة بين الرئيس والاتحاد؟

نعم لان قضية الاتحاد العام التونسي للشغل المتعلقة بالمؤتمر حسب تصريحات رئيس جمعية القضاة الذي قال إن رئيسة محكمة الاستئناف بتونس تم عزلها لأنها رفضت تعيين قضية الاتحاد في دائرة معينة حسب رغبة وزارة العدل لان الاتحاد رفض الحوار ورفض منظمة بحجم الاتحاد من شانه أن ينقص من قيمة الحوار لذلك أصبح مستهدفا.

*لكن الاتحاد ساند 25 جويلية؟

نعم لكن لم يكن ذلك صكا على بياض لان من يذكر بيانه الأول بعد 25جويلية الذي أكد فيه الاتحاد انه رغم مساندته لمسار الرئيس إلا انه مع العودة الى مؤسسات الدولة، لذلك تلك النقطة أزعجت الرئيس.

*ما هو تعليقك على رفض الاتحاد المشاركة في الحوار الوطني؟

لا يوجد حوار وطني أصلا هو فقط دعوة لبعض الشخصيات المساندة للرئيس لتكريمها رمزيا في ما يسمى بتحضير مقترحات لان الأمر 117 تحدث عن تقديم تقرير وليس مشروع دستور.

*هناك انتقادات من المحامين لعميدهم إبراهيم بودربالة، هل تعتقد أنه ورط قطاع المحاماة بمساندته خيارات الرئيس؟

مثل جميع القطاعات هناك انقسام واختلاف في الرأي في صفوف المحامين بخصوص 25 جويلية بين مساند ورافض وبالنسبة لعميد المحامين هو من المساندين لقرارات الرئيس وهذا حقه الشخصي لكن ليس له حق توريط المحاماة وهذا ما طالبناه به منذ البداية.

بلغ الأمر بعميد المحامون وهي سابقة في تاريخ العمادة انه لم يساند أو يتعاطف مع محامين وقفوا أمام القضاء العسكري كما لم يساند حتى العميد السابق عبد الرزاق الكيلاني وهذا لم تعشه المحاماة في تونس لان مبدأ التضامن داخل القطاع لا جدال فيه ومبدأ رئيسي مهما كانت الاختلافات السياسية والإيديولوجية.

*قدم عدد من المحامين طعنا في تأجيل انتخابات عمادة المحامين المنتظر انعقادها في جويلية المقبل، لم يريد العميد بودربالة تأجيل الانتخابات؟

العميد بودربالة تم انتخابه في 5 جويلية 2019 وعهدته تنتهي بعد ثلاث سنوات يعني في 6 جويلية القادم ومن المفروض أن يتم الإعلان على انعقاد جلسة عامة اعتيادية وجلسة عامة انتخابية قبل ذلك التاريخ لكنه يريد تأجيل الموعد الى 11 سبتمبر القادم بطريقة غير قانونية.

 كاتب عام مرصد الحقوق والحريات لـ"الصباح": إضراب القطاع العام "سياسي".. وسعيد لن يتراجع عن قرار عزل القضاة

 

 

الحوار الوطني.. تكريم فقط لبعض الشخصيات التي ساندت سعيد

  المجلس المؤقت للقضاء رفض عزل 57 قاضيا

* فكرة بوليس الرئيس عادت..

* العميد بودربالة لم يساند عبد الرزاق الكيلاني والمحامين الذين تمت محاكمتهم وهذه سابقة في تاريخ المحاماة

 

تونس – الصباح

قال الأستاذ مالك بن عمر المحامي وكاتب عام مرصد الحقوق والحريات بتونس انه لا يوجد حوار وطني أصلا بل هو تكريم لمجموعة من الأسماء المساندة لرئيس الجمهورية قيس سعيد، مضيفا أن ما حصل يوم 1 جوان الحالي من عزل بالجملة لقضاة أغلبهم معروفون بنزاهتهم ونظافة أيديهم غير مقبول بالمرة.

وحسب بن عمر فإن عملية عزل 57 قاضيا بقرار رئاسي تختلف عن عزل القضاة زمن الترويكا، مشددا أن ما يقال عن قضاء البحيري سردية تافهة لا أساس لها من الصحة.

وعن الإضراب العام قال بن عمر إنه سياسي أكثر منه اجتماعي لأن المعركة بن الاتحاد العام التونسي للشغل ورئيس الجمهورية معركة مواقع ولان المنظمة الشغيلة أصبحت تعي أن دورها تراجع عما كانت تحظى به قبل 25 جويلية.

كما اعتبر بن عمر أن ما أقدم عليه سعيد يدخل في خانة التأسيس لحكم الفرد الواحد من خلال سعيه الكبير للاستحواذ على جميع السلط.

 

أجرت الحوار: جهاد الكلبوسي

 

*في البداية، لننطلق من المستجدات في علاقة بواقع الحقوق والحريات في تونس بعد 25 جويلية، الأستاذ مالك بن عمر من خلال تعاملكم مع  مختلف المعطيات في المرصد، ما هو تعليقهم على ما يجري في هذا الملف تحديدا؟

أولا ومنذ تاريخ 25 جويلية 2021 استولى رئيس الجمهورية قيس سعيد على كل السلط، لذلك من يضرب مؤسسات الدولة طبيعي أن يضرب الحقوق والحريات وخير دليل على ذلك المسار المرتبك وتصريف الوضعية التي تعيشها تونس من خلال اخذ قرارات بالجملة وهي في الأصل انتهاكات إنسانية مثل فرض الإقامة الجبرية أو المنع من السفر دون إذن قضائي.

علما وأنه بان بالكاشف السعي لتأسيس حكم الفرد الواحد وحتى بعض الأحزاب التي كانت تساند ما حصل في 25 جويلية أصبحت تقوم بمراجعاتها بعد صدور المرسوم 117 في سبتمبر 2021  ومنها التي أعلنت رفضها لقرارات سعيد وأصبحت من اشد معارضيه مثل حزب التيار الديمقراطي.

*وصفت ما يحدث في تونس منذ 25 جويلية بـ"هستيريا" انتهاكات حقوق الإنسان، لماذا اعتمدت هذا التوصيف؟

طبيعي لأن الحقوق والحريات أصبحت معلّقة ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد لجأ رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى استخدام المحاكم العسكرية كأداة لتكريس الانقلاب في تونس.

رئيس الدولة اعتمد منهجية لضرب الحقوق والحريات لذلك في البداية استهدف من يعتبرهم خصوما سياسيين ثم وصل الأمر الى محاكمة إعلاميين وحتى المدونين.

وحتى فكرة بوليس الرئيس التي كانت موجودة قبل الثورة بدأت تعود منذ 25 جويلية وتجسدت هذه الفكرة في هرسلة عديد المدونين وإحالتهم على قطب الإرهاب وهم بالمئات ولا يمكن حتى حصرهم في عملية الرصد من قبل مجموعة محامون من اجل الحريات.

*هل يوجد لديكم رقم محدد بعدد المحالين على المحاكم بسبب تدوينات أو آراء معارضة لرئيس الدولة؟

يوميا هناك عديد الإحالات على المحاكم تحت عنوان تهمة ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية حسب الفصل 67 من المجلة الجزائية والتي صدرت في عام 1913 وهو أكثر فصل تم تطبيقه منذ 25 جويلية.

هذا بالإضافة الى وجود جريمة جديدة بعد 25 جويلية وهي جريمة الإخفاء القسري التي تعرض إليها الأستاذ نور الدين البحيري الذي تم اختطافه يوم 31 ديسمبر من أمام منزله وإخفائه قسريا واحتجازه خارج النظم القانونية وهي من أقصى الجرائم وحتى محكمة العدل الدولية يمكن أن تصدر ضدها أحكاما لأنه لا يوجد أي ملف أو بحث مفتوح يدين نور الدين البحيري رئيس كتلة حركة النهضة في البرلمان المنحل.

*هل يوجد تشابه بين الأمس واليوم في علاقة بعزل القضاة؟ هل تحولنا مما يسمى بقضاء البحيري الى قضاء الرئيس؟

لا توجد أي علاقة بين ما حصل يوم 1 جوان المتمثل في عزل 57 قاضيا بما حصل في 2012 من عزل لما يعرف بقضاة النظام أو قضاة التعليمات وخرافة قضاء البحيري سردية تافهة لا أساس لها.

عملية عزل القضاة في 2012 عندما كان نور الدين البحيري وزيرا للعدل شملت ما يعرف بقضاة النظام أو قضاة التعليمات زمن نظام بن علي ولا ننكر وجود تسرع في اتخاذ قرار عزل العديد منهم في تلك الفترة لكن مبدأ المواجهة كان موجودا من خلال الاستدلال بقضايا وملفات ضد من شملهم  العزل كما تم تمكينهم من الطعن في المحكمة الإدارية وأغلبهم عادوا لممارسة المهنة.

لكن فكرة الإعفاء بالجملة التي تمت يوم 1 جوان غير مقبولة لأنها لا تعطي الفرصة للدفاع وتنقصها ضمانات المحاكمة العادلة بالإضافة الى أن إعفاء عدد من القضاة بعد الثورة يختلف عن إعفاء 57 قاضيا  في 1 جوان الحالي لان هذا القرار جاء في إطار التأسيس لسلطة فرد واحد ومحاولة تصفية حسابات مع خصوم سياسيين.

بان بالكاشف أن الرئيس بعد استحواذه على السلطتين التشريعية والتنفيذية كاملة لازال له مشكل في السلطة القضائية بعد أن تأكد أنه غير قادر على تصفية حساباته مع خصومه السياسيين عن طريق القضاء العدلي.

*لكن هناك محاكمات تمت أمام القضاء العسكري؟

صحيح لكن القضاء العسكري له طاقة وثلاث محاكم في كامل تراب الجمهورية لا يمكن أن تغطي كل القضايا بينما القضاء العدلي المنتشر على كامل تراب الجمهورية ومن خلال منظومته الجزائية هو القادر على تغطية جل المحاكمات وتنفيذ الأحكام التي يسعى إليها الرئيس لكن تبين أن القضاء العدلي رفض التعليمات.

*ما حصل خلق أزمة حقيقية صلب القضاء التونسي كيف يمكن تجاوزها؟

قبل كل شيء يجب أن نخوض في مسألة مهمة وهي أنه من بين 57 قاضيا معزولا أو معفى، أربعون منهم هم في المنظومة الجزائية وهم قضاة في مراكز حساسة مثل وكيل عام في محكمة استئناف تونس ووكيل جمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس وقاضي قضاة التحقيق بتونس وقضاة في قطب الإرهاب.

بالإضافة الى 49 قاضيا من المعزولين ليس لديهم أي ملف تأديبي بل هي عملية واضحة هدفها تركيع وتخويف القضاء انطلقت بالتشويه والتعميم وحل المجلس الأعلى للقضاء الشرعي المنتخب من قبل قضاة ومحامين وأساتذة جامعيين وتنصيب مجلس أعلى مؤقت بتراتيب ومراسيم جديدة وسمح لنفسه بالتدخل في كل الأمور المتعلقة بالقضاة والقضاء.

*هناك مجلس أعلى مؤقت للقضاء لماذا لم يصدر القرار عنه؟ لماذا الإعفاء صدر بمرسوم رئاسي؟

يبدو أن المجلس الأعلى المؤقت للقضاء رفض تعليمات الرئيس بعزل القضاة فقام سعيد بتنقيح المرسوم ليقوم بهذه الجريمة العشوائية في حق القضاء التونسي.

*لكن المجلس الأعلى المؤقت للقضاء لم يصدر أي موقف حول ما يجري؟

لا يمكن مطالبة المجلس الأعلى المؤقت للقضاء بردة فعل ومواقف حاسمة حول ما حصل لأنهم في الأول والأخير معينون من قبل رئيس الدولة.

*ما هو تعليقك على مسألة هتك الأعراض التي رافقت عزل القضاة؟

طبيعي أن نشهد مثل هذه الأمور لأن منظومة الاستبداد تمضي في طريقين إما في معاقبة المعارضين أو تشويههم.

لكن من المفروض أن يكون رئيس الدولة الأكثر حرصا حتى لا يتم المساس بأعراض الناس حتى لو كانوا من خصومه السياسيين لكن ما حصل قبل إعلان قائمة القضاة المعزولين من إثارة للموضوع من خلال الحديث عن وجود شبهات تحرش وجرائم زنا وأخلاقية ثم يصدر الأمر بالإعفاء بالاسم واللقب يعني أن الجميع اليوم أمام الرأي العام هم متهمون بهذه الجرائم.

*بعد إقرار إضراب القضاة الذي مازال متواصلا، هل تعتقد أن يتراجع الرئيس عن قرار العزل؟

قيس سعيد لم يتراجع على أي قرار منذ 25 جويلية إلا في حالتين وهما المنع من السفر بعد أن فهم أن القرار خاطئ وتراجع عنه دون إعلان ذلك والمسالة الثانية بخصوص التراجع عن موضوع الإقامة الجبرية ماعدا ذلك فهو لا يتراجع عن قراراته حتى وان كانت شعبوية مثل قرار عزل القضاة لكن من سوء حظ الرئيس أن أغلب القضاة ممن شملهم القرار هم أناس مشهود لهم بالنزاهة ونظافة اليد والجميع بما في ذلك المحامون، والقضاة يعرفون ذلك جيدا.

ردة فعل القضاة بإعلان الإضراب قرار طبيعي في ظل ما يحصل بل ساهم قرار سعيد في تقريب مواقف جمعية القضاة ونقابة القضاة وهذا يدل على ارتباكه السياسي، وحسب رأيي قرار الإضراب سيتواصل لأن الإشكال ليس في عزل 57 قاضيا فقط بل في الصلاحية الجديدة التي أصبحت بيد رئيس الجمهورية لان المعركة أصبحت مفتوحة مع جميع القضاة لأن ما حصل مؤخرا اجتماع تاريخي تمثل في مصادقة أكثر من 1500 قاض على قرار الإضراب التاريخي كما أن القضاة اليوم أصبحوا مكبلين بعد محاولات التدخل حتى في القضايا العادية لذلك تجاوزت المسألة محاسبة الخصوم السياسيين.

أمس نفذ الاتحاد العام التونسي للشغل إضرابا عاما، هل تعتقد أنه ردّ فعل سياسي أم اجتماعي مثلما ما تؤكده المركزية النقابية؟

هو رد فعل سياسي أقرب منه الى اجتماعي لان الاتحاد العام التونسي للشغل أصبح يعي أن دوره بات ثانويا بعد تغييبه في اتخاذ القرارات، وما حدث معه نوع من التجاهل.

وإضراب أمس أساسه الصراع على المواقع.

*يعني، توجد معركة بين الرئيس والاتحاد؟

نعم لان قضية الاتحاد العام التونسي للشغل المتعلقة بالمؤتمر حسب تصريحات رئيس جمعية القضاة الذي قال إن رئيسة محكمة الاستئناف بتونس تم عزلها لأنها رفضت تعيين قضية الاتحاد في دائرة معينة حسب رغبة وزارة العدل لان الاتحاد رفض الحوار ورفض منظمة بحجم الاتحاد من شانه أن ينقص من قيمة الحوار لذلك أصبح مستهدفا.

*لكن الاتحاد ساند 25 جويلية؟

نعم لكن لم يكن ذلك صكا على بياض لان من يذكر بيانه الأول بعد 25جويلية الذي أكد فيه الاتحاد انه رغم مساندته لمسار الرئيس إلا انه مع العودة الى مؤسسات الدولة، لذلك تلك النقطة أزعجت الرئيس.

*ما هو تعليقك على رفض الاتحاد المشاركة في الحوار الوطني؟

لا يوجد حوار وطني أصلا هو فقط دعوة لبعض الشخصيات المساندة للرئيس لتكريمها رمزيا في ما يسمى بتحضير مقترحات لان الأمر 117 تحدث عن تقديم تقرير وليس مشروع دستور.

*هناك انتقادات من المحامين لعميدهم إبراهيم بودربالة، هل تعتقد أنه ورط قطاع المحاماة بمساندته خيارات الرئيس؟

مثل جميع القطاعات هناك انقسام واختلاف في الرأي في صفوف المحامين بخصوص 25 جويلية بين مساند ورافض وبالنسبة لعميد المحامين هو من المساندين لقرارات الرئيس وهذا حقه الشخصي لكن ليس له حق توريط المحاماة وهذا ما طالبناه به منذ البداية.

بلغ الأمر بعميد المحامون وهي سابقة في تاريخ العمادة انه لم يساند أو يتعاطف مع محامين وقفوا أمام القضاء العسكري كما لم يساند حتى العميد السابق عبد الرزاق الكيلاني وهذا لم تعشه المحاماة في تونس لان مبدأ التضامن داخل القطاع لا جدال فيه ومبدأ رئيسي مهما كانت الاختلافات السياسية والإيديولوجية.

*قدم عدد من المحامين طعنا في تأجيل انتخابات عمادة المحامين المنتظر انعقادها في جويلية المقبل، لم يريد العميد بودربالة تأجيل الانتخابات؟

العميد بودربالة تم انتخابه في 5 جويلية 2019 وعهدته تنتهي بعد ثلاث سنوات يعني في 6 جويلية القادم ومن المفروض أن يتم الإعلان على انعقاد جلسة عامة اعتيادية وجلسة عامة انتخابية قبل ذلك التاريخ لكنه يريد تأجيل الموعد الى 11 سبتمبر القادم بطريقة غير قانونية.

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews