إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

البنك الدولي يخفض توقعاته للنمو فيها الاقتراض الخارجي لتونس سيكون محفوفًا بالمخاطر وبلغ ذروته ماي الماضي

*ارتفاع تكاليف دعم المواد الغذائية سيستنزف ميزانية دول مثل تونس ولبنان ومصر

تونس- الصباح

أعلن البنك الدولي، في احدث تقرير له، صادر مساء الثلاثاء الماضي، عن تخفيض توقعاته للنمو في تونس لهذا العام بمقدار 0.5 نقطة مائوية إلى 3٪. ، بعد ان رجح تعافي الاقتصاد الوطني بنسبة 3.5٪ في عام 2022 ، لافتا الى ان الانتعاش سيكون متواضعًا في تونس مع انخفاض طفيف في البطالة، والتي رجح ان تكون مرتفعة.

وتوقع تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الأخير لشهر جوان 2022 ، الذي نشره البنك الدولي ، معدل نمو 3٪ في 2022 في تونس، ومن المتوقع أن يصل إلى 3.5٪ عام 2023 و3.3٪ عام 2024 ، وفقًا لتقديرات البنك.

واعتبر تقرير البنك الدولي أن البلاد "تواجه تحديات اقتصادية" مع التأكيد على "عدم اليقين السياسي الكبير، وضعف الإصلاحات التنفيذية والتوسع"، وعجز الحساب الجاري لخزينة الدولة، مشيرا الى ان الدول المستوردة للنفط ، مثل تونس،  معرضين بشكل خاص لارتفاع أسعار المواد الغذائية وهم أكثر عرضة لنقص الحبوب ، التي توفرها عادة روسيا وأوكرانيا.

واشار البنك الدولي في تقريره الى ان آفاق النمو في تونس لا تزال أقل من تلك المحددة للبلدان المستوردة للنفط ، والتي سيبلغ نموها الاقتصادي 4.1٪ في عام 2022 و 4.4٪ في عام 2023 ، لافتا الى ان تواصل دعم المواد الغذائية سيسهم في تدهور الميزانية لدول مثل تونس ومصر.

الاقتراض الخارجي محفوف بالمخاطر

كما يتوقع البنك الدولي استمرار السياسة النقدية المتشددة مع زيادات إضافية في أسعار الفائدة الرئيسية من قبل البنك المركزي التونسي. ولفت التقرير ان الاقتراض الخارجي لتونس سيكون محفوفًا بالمخاطر نظرًا لأنه تضاعف تقريبًا منذ غزو أوكرانيا ليبلغ ذروته بأكثر من 30٪ في شهر ماي 2022.

ويقدر البنك الدولي في تقريره أن الانتعاش في تونس لا يزال متواضعا وأن البطالة رغم انخفاضها تظل مرتفعة ، ويضاف إليها حالة من عدم اليقين السياسي الكبير، وضعف تنفيذ الإصلاحات وعجز كبير في الميزانية والميزان التجاري، وحسب تقرير البنك فإن تونس هي من بين البلدان الأكثر عرضة لمشاكل تغير المناخ والصراع الروسي الأوكراني ، بالنظر إلى "الاعتماد الكبير على الواردات الغذائية من روسيا وأوكرانيا"، كما يشير إلى أن دعم الغذاء والطاقة سيسهم في تدهور الميزانية العامة للبلاد التونسية.

وتجدر الإشارة إلى أن البنك الدولي توقع في ذات التقرير انكماش الاقتصاد اللبناني بنسبة 6.5٪ في عام 2022 ، وذلك بسبب استنزاف احتياطه من النقد الاجنبي ، امام تواصل موجة جل المواد الاساسية عالميا ، وهو ما يزيد في اغراق الاقتصاد اللبناني الذي يعاني منذ سنوات.

ضغط متواصل على الميزانية

وكان تقرير سابق للبنك الدولي تحت عنوان "المرصد الاقتصادي لتونس - شتاء 2022''، قد حذر من تواصل ارتفاع نسب البطالة في البلاد بسبب تبعات ازمة كورونا والتي مازالت متواصلة منذ عام 2020 ، معتبرا أن الانتعاش الضعيف لاقتصاد يضغط على المالية العامة التي تمر بأزمة خانقة ، حيث لا يزال عجز الميزانية مرتفعاً عند 7.6٪ في عام 2021 ، على الرغم من الانكماش الطفيف من 9.4٪ في عام 2020. ومن المتوقع أن ينخفض عجز الميزانية تدريجياً ليصل إلى 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2022-2023 ، مدعومًا بانخفاض النفقات المتعلقة بالصحة، شريطة الحفاظ على المسار الإيجابي إلى حد ما للإنفاق والإيرادات. لكن التقرير أشار إلى أن الدين العام المتزايد سيكون من الصعب تمويله دون إصلاحات مالية عامة واقتصادية حاسمة.

وقال مدير مكتب البنك الدولي في تونس ألكسندر أروبيو : "تمامًا مثل أي مكان آخر ، أثر COVID-19 سلبًا على الاقتصاد التونسي ، وباتت تونس في حاجة إلى معالجة التحديات طويلة الأمد للنمو المستدام، بما في ذلك تحسين بيئة الأعمال"، متابعا ، "للخروج من هذه الأزمة ، تحتاج تونس إلى اعتماد إصلاحات حاسمة لتعزيز تنمية القطاع الخاص ، وتعزيز القدرة التنافسية وخلق المزيد من فرص العمل ، وخاصة للنساء والشباب."

وكشف الجزء الاول من التقرير الذي اعده خبراء بالبنك الدولي الأسباب المحتملة وراء بطء الانتعاش الاقتصادي في تونس، ويسلط الضوء على عاملين محددين هما اعتماد البلاد على خدمات السياحة والنقل، وجمود مناخ الأعمال ، بما في ذلك القيود المفروضة على الاستثمارات والمنافسة التي تقيد إعادة تخصيص الموارد في الاقتصاد. وتناول الجزء الثاني من التقرير، بالتفصيل العوائق الرئيسية بالبلاد، حيث أن البيئة التنظيمية الحالية في تونس تقيد المنافسة وتثني عن تطوير أعمال تجارية جديدة. واستشرافا للمستقبل ، يوصي التقرير بأهمية مواصلة الإصلاحات الاقتصادية لضمان تكافؤ الفرص في كل القطاعات، والتي باتت ضرورية لتعزيز فرص العمل للتونسيين والرفع من القدرة الشرائية.

وذكر البنك الدولي، أن ارتفاع معدل البطالة يبقى عبء كبير يحول دون تعافي الاقتصاد بالبلاد ، لافتا الى ان ذلك سيؤثر على فئة الشباب والمواطنين بالمناطق الغربية بالبلاد بشكل اعمق، داعيا الى ضرورة إجراء إصلاحات هيكلية حاسمة وتحسين مناخ الأعمال في الاقتصاد التونسي، ليتمكن من استعادة مسار نمو باكثر صلابة، وخلق مواطن شغل بالعدد الكافي لتشغيل الشباب والخفض من نسب البطالة الى مستويات مطمئنة، وفق ما ورد في التقرير.

تبعات خطيرة للحرب شرق أوروبا

ومع اندلاع الحرب الروسية- الاوكرانية ، حذر خبراء بالبنك الدولي من ان يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب إلى زيادة في أسعار 90٪ من المواد التي تحتاجها تونس، وذلك بسبب ارتفاع مصاريف الشحن، وارتفاع مخاطر نقل السلع في العالم.

كما من المتوقع أن يكون لهذه الحرب تأثير سلبي على نسبة التضخم في تونس، واهتراء مخزون البلاد من العملة الصعبة بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية.

وبدأت عدة دول عربية تتلمس آثار الأزمة التي خلفتها الحرب في أوكرانيا على سلع غذائية أبرزها القمح الذي ارتفعت أسعاره عالميا، واختلال آليات توزيعه، وإعلان روسيا وأوكرانيا تعليق تصديره مع بداية الحرب.

وقالت كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي، كارمن راينهارت، إن ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا قد يفاقم مخاوف الأمن الغذائي القائمة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وقد يؤدي إلى تنامي الاضطرابات الاجتماعية.

وسيؤثر الصراع في أوكرانيا تأثيرا ملموسا وسلبيا على عدة اقتصادات في المنطقة (مثل لبنان وسوريا وتونس واليمن)، فهذه البلدان تعتمد اعتمادا أساسيا على أوكرانيا وعلى روسيا في الحصول على وارداتها الغذائية، ولا سيما القمح والحبوب.

وأدت الأزمة فعلا إلى تعطل سلاسل توريد الحبوب والبذور الزيتية، وزيادة أسعار الأغذية، وارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج المحلية في قطاع الزراعة، بالاضافة الى استنزاف متواصل لميزانيات عديد الدول وعلى رأسها تونس لتوفير حاجياتها الضرورية من المواد الاولية والاساسية.

*سفيان المهداوي

البنك الدولي يخفض توقعاته للنمو فيها  الاقتراض الخارجي لتونس سيكون محفوفًا بالمخاطر وبلغ ذروته ماي الماضي

*ارتفاع تكاليف دعم المواد الغذائية سيستنزف ميزانية دول مثل تونس ولبنان ومصر

تونس- الصباح

أعلن البنك الدولي، في احدث تقرير له، صادر مساء الثلاثاء الماضي، عن تخفيض توقعاته للنمو في تونس لهذا العام بمقدار 0.5 نقطة مائوية إلى 3٪. ، بعد ان رجح تعافي الاقتصاد الوطني بنسبة 3.5٪ في عام 2022 ، لافتا الى ان الانتعاش سيكون متواضعًا في تونس مع انخفاض طفيف في البطالة، والتي رجح ان تكون مرتفعة.

وتوقع تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الأخير لشهر جوان 2022 ، الذي نشره البنك الدولي ، معدل نمو 3٪ في 2022 في تونس، ومن المتوقع أن يصل إلى 3.5٪ عام 2023 و3.3٪ عام 2024 ، وفقًا لتقديرات البنك.

واعتبر تقرير البنك الدولي أن البلاد "تواجه تحديات اقتصادية" مع التأكيد على "عدم اليقين السياسي الكبير، وضعف الإصلاحات التنفيذية والتوسع"، وعجز الحساب الجاري لخزينة الدولة، مشيرا الى ان الدول المستوردة للنفط ، مثل تونس،  معرضين بشكل خاص لارتفاع أسعار المواد الغذائية وهم أكثر عرضة لنقص الحبوب ، التي توفرها عادة روسيا وأوكرانيا.

واشار البنك الدولي في تقريره الى ان آفاق النمو في تونس لا تزال أقل من تلك المحددة للبلدان المستوردة للنفط ، والتي سيبلغ نموها الاقتصادي 4.1٪ في عام 2022 و 4.4٪ في عام 2023 ، لافتا الى ان تواصل دعم المواد الغذائية سيسهم في تدهور الميزانية لدول مثل تونس ومصر.

الاقتراض الخارجي محفوف بالمخاطر

كما يتوقع البنك الدولي استمرار السياسة النقدية المتشددة مع زيادات إضافية في أسعار الفائدة الرئيسية من قبل البنك المركزي التونسي. ولفت التقرير ان الاقتراض الخارجي لتونس سيكون محفوفًا بالمخاطر نظرًا لأنه تضاعف تقريبًا منذ غزو أوكرانيا ليبلغ ذروته بأكثر من 30٪ في شهر ماي 2022.

ويقدر البنك الدولي في تقريره أن الانتعاش في تونس لا يزال متواضعا وأن البطالة رغم انخفاضها تظل مرتفعة ، ويضاف إليها حالة من عدم اليقين السياسي الكبير، وضعف تنفيذ الإصلاحات وعجز كبير في الميزانية والميزان التجاري، وحسب تقرير البنك فإن تونس هي من بين البلدان الأكثر عرضة لمشاكل تغير المناخ والصراع الروسي الأوكراني ، بالنظر إلى "الاعتماد الكبير على الواردات الغذائية من روسيا وأوكرانيا"، كما يشير إلى أن دعم الغذاء والطاقة سيسهم في تدهور الميزانية العامة للبلاد التونسية.

وتجدر الإشارة إلى أن البنك الدولي توقع في ذات التقرير انكماش الاقتصاد اللبناني بنسبة 6.5٪ في عام 2022 ، وذلك بسبب استنزاف احتياطه من النقد الاجنبي ، امام تواصل موجة جل المواد الاساسية عالميا ، وهو ما يزيد في اغراق الاقتصاد اللبناني الذي يعاني منذ سنوات.

ضغط متواصل على الميزانية

وكان تقرير سابق للبنك الدولي تحت عنوان "المرصد الاقتصادي لتونس - شتاء 2022''، قد حذر من تواصل ارتفاع نسب البطالة في البلاد بسبب تبعات ازمة كورونا والتي مازالت متواصلة منذ عام 2020 ، معتبرا أن الانتعاش الضعيف لاقتصاد يضغط على المالية العامة التي تمر بأزمة خانقة ، حيث لا يزال عجز الميزانية مرتفعاً عند 7.6٪ في عام 2021 ، على الرغم من الانكماش الطفيف من 9.4٪ في عام 2020. ومن المتوقع أن ينخفض عجز الميزانية تدريجياً ليصل إلى 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2022-2023 ، مدعومًا بانخفاض النفقات المتعلقة بالصحة، شريطة الحفاظ على المسار الإيجابي إلى حد ما للإنفاق والإيرادات. لكن التقرير أشار إلى أن الدين العام المتزايد سيكون من الصعب تمويله دون إصلاحات مالية عامة واقتصادية حاسمة.

وقال مدير مكتب البنك الدولي في تونس ألكسندر أروبيو : "تمامًا مثل أي مكان آخر ، أثر COVID-19 سلبًا على الاقتصاد التونسي ، وباتت تونس في حاجة إلى معالجة التحديات طويلة الأمد للنمو المستدام، بما في ذلك تحسين بيئة الأعمال"، متابعا ، "للخروج من هذه الأزمة ، تحتاج تونس إلى اعتماد إصلاحات حاسمة لتعزيز تنمية القطاع الخاص ، وتعزيز القدرة التنافسية وخلق المزيد من فرص العمل ، وخاصة للنساء والشباب."

وكشف الجزء الاول من التقرير الذي اعده خبراء بالبنك الدولي الأسباب المحتملة وراء بطء الانتعاش الاقتصادي في تونس، ويسلط الضوء على عاملين محددين هما اعتماد البلاد على خدمات السياحة والنقل، وجمود مناخ الأعمال ، بما في ذلك القيود المفروضة على الاستثمارات والمنافسة التي تقيد إعادة تخصيص الموارد في الاقتصاد. وتناول الجزء الثاني من التقرير، بالتفصيل العوائق الرئيسية بالبلاد، حيث أن البيئة التنظيمية الحالية في تونس تقيد المنافسة وتثني عن تطوير أعمال تجارية جديدة. واستشرافا للمستقبل ، يوصي التقرير بأهمية مواصلة الإصلاحات الاقتصادية لضمان تكافؤ الفرص في كل القطاعات، والتي باتت ضرورية لتعزيز فرص العمل للتونسيين والرفع من القدرة الشرائية.

وذكر البنك الدولي، أن ارتفاع معدل البطالة يبقى عبء كبير يحول دون تعافي الاقتصاد بالبلاد ، لافتا الى ان ذلك سيؤثر على فئة الشباب والمواطنين بالمناطق الغربية بالبلاد بشكل اعمق، داعيا الى ضرورة إجراء إصلاحات هيكلية حاسمة وتحسين مناخ الأعمال في الاقتصاد التونسي، ليتمكن من استعادة مسار نمو باكثر صلابة، وخلق مواطن شغل بالعدد الكافي لتشغيل الشباب والخفض من نسب البطالة الى مستويات مطمئنة، وفق ما ورد في التقرير.

تبعات خطيرة للحرب شرق أوروبا

ومع اندلاع الحرب الروسية- الاوكرانية ، حذر خبراء بالبنك الدولي من ان يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب إلى زيادة في أسعار 90٪ من المواد التي تحتاجها تونس، وذلك بسبب ارتفاع مصاريف الشحن، وارتفاع مخاطر نقل السلع في العالم.

كما من المتوقع أن يكون لهذه الحرب تأثير سلبي على نسبة التضخم في تونس، واهتراء مخزون البلاد من العملة الصعبة بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية.

وبدأت عدة دول عربية تتلمس آثار الأزمة التي خلفتها الحرب في أوكرانيا على سلع غذائية أبرزها القمح الذي ارتفعت أسعاره عالميا، واختلال آليات توزيعه، وإعلان روسيا وأوكرانيا تعليق تصديره مع بداية الحرب.

وقالت كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي، كارمن راينهارت، إن ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا قد يفاقم مخاوف الأمن الغذائي القائمة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وقد يؤدي إلى تنامي الاضطرابات الاجتماعية.

وسيؤثر الصراع في أوكرانيا تأثيرا ملموسا وسلبيا على عدة اقتصادات في المنطقة (مثل لبنان وسوريا وتونس واليمن)، فهذه البلدان تعتمد اعتمادا أساسيا على أوكرانيا وعلى روسيا في الحصول على وارداتها الغذائية، ولا سيما القمح والحبوب.

وأدت الأزمة فعلا إلى تعطل سلاسل توريد الحبوب والبذور الزيتية، وزيادة أسعار الأغذية، وارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج المحلية في قطاع الزراعة، بالاضافة الى استنزاف متواصل لميزانيات عديد الدول وعلى رأسها تونس لتوفير حاجياتها الضرورية من المواد الاولية والاساسية.

*سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews