*هذه أهم نقاط قوة منظومة المهرجانات ونقاط ضعفها والمخاطر التي تتهددها وفق احدث الدراسات
*اجماع حول ضرورة أن تكون التوصيات والمقترحات قابلة للتنفيذ
تونس- الصباح
انطلقت أمس بنزل بالضاحية الشمالية للعاصمة ندوة فكرية بعنوان المهرجانات قاطرة للتنمية وتتواصل اليوم وغدا (ثلاثة أيام) بمبادرة من وزارة الثقافة وذلك لاعادة النظر في منظومة المهرجانات في البلاد. وقد حضر عدد كبير من الفاعلين الثقافيين أشغال اليوم الاول للندوة ومن بينهم مديرو مهرجانات ومندوبيين جهويين للثقافة وخبراء من تونس والخارج.
وفسرت وزيرة الثقافة حياة قطاط القرمازي لدى افتتاحها الندوة بحضور وزير التعليم العالي منصف بوكثير فكرة توجيه الدعوة إلى الفاعلين الثقافيين سواء من القطاع العمومي أو القطاع الخاص أو من المجتمع المدني بالرغبة في التوصل إلى مقاربة تشاركية تتضمن مقترحات حول تطوير منظومة المهرجانات مشيرة إلى أن هذه المقاربة يجب أن تاخذ بعين الاعتبار مجموعة من الاهداف من بينها بالخصوص الحفاظ على الدور الثقافي للمهرجانات والتظاهرات الفنية والثقافية وتطوير مردوديتها الاقتصادية لأنها بالأساس مجالات ذات طاقة تشغيلية هامة موضحة أن الصناعات الثقافية عموما يمكن أن تكون عاملا لتحقيق التنمية ومصدرا هاما لخلق الثروة.
وزير التعليم والبحث العلمي منصف بوكثير نبه من جهته في كلمة مرتجلة بنفس المناسبة إلى أن الثقافة في تونس مازالت محصورة في زاوية ضيقة معتبرا أن تطوير الحياة الثقافية هي مسؤولية جماعية معربا عن استعداده لمزيد التعاون مع وزارة الثقافة لتطوير الانشطة الثقافية الجامعية التي قال في الاثناء أن وزارة التعليم العالي تبذل جهودا في هذا الباب وان لديها مراكزها الثقافية التي تنظم انشطة ثقافية ذات مستوى عال غير أن ذلك لا يحول دون العمل على مزيد تكثيف هذه الانشطة بالتعاون مع وزارة الثقافة(تم توقيع اتفاقية تعاون بين الوزارتين مؤخرا).
وتولى مدير عام المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية يوسف لشخم في نفس الجلسة الصباحية لندوة 'المهرجانات قاطرة للتنمية " تقديم ورقة حول موضوع الندوة.
وعاد المتحدث إلى تاريخ المهرجانات في العالم ( اول مهرجان تأسس في بريطانيا منذ قرنيين) مستخلصا أن المهرجانات اليوم منظومة ثقيلة ولانها كذلك، فإنها تستهلك وفق وصفه مقدرات كبيرة ولانها تشتغل في ميدان جمالي ثقافي، فإنه يتوجب دائما صيانته ورعايته. وبهذه الكلمات نزل الحدث في إطاره، موضحا بأن الندوة التي انتظمت ببادرة من وزيرة الثقافة، تهدف إلى الخروج بتوصيات حول كيفية رصد المهرجانات ليس بمعنى المراقبة وإنما بهدف التتبع والاحصاء لوضع استراتيجيات جديدة مشددا على ضرورة أن تكون مخرجات الندوة قابلة للتنفيذ.
مع العلم أن الندوة التي تتواصل إلى غاية يوم غد وشهد اليوم الأول نقاشا حماسيا بمشاركة العديد من ممثلي المهرجانات الدولية والوطنية والمحلية تنتظم بعد فترة من تقديم نتائج دراسة قام بها مكتب استشاري لصالح وزارة الثقافة بالتعاون مع البرامج الأوروبي تفنن تونس الابداعية، حول تطوير السياسات الثقافية في تونس.
وقد قدم احد الخبراء في ادارة المشاريع الثقافية (صابر الجماعي الذي هو أيضا اطارا في المندوبية الثقافية الجهوية بنابل) بدوره نتائج لدراسة جديدة ( تتمة للدراسة الاولى ) قال أنها ثمرة اللقاءات المتعددة التي انتظمت بمقر وزارة الثقافة او مع المندوبين الجهويين وفي مختلف اللقاءات التي شارك فيها العديد من الفاعلين الثقافيين حول مستقبل العمل الثقافي في تونس.
وقد تضمنت الدراسة نقاط القوة ونقاط الضعف لمنظومة المهرجانات مع فتح افاق مستقبلية ( استعملت آخر الاحصائيات في المجال وأغلبها تعود لوزارة الثقافة).
قال المتحدث أن ابرز نقاط قوة مهرجانات تونس ( احصى 797 مهرجانا وفق ارقام 2019) تتمثل في انها أولا لديها ثراء وعمق وهوية وكثير منها صار يتميز بالعراقة والتجذر ( هناك مهرجانات عمرها أكثر من خمسين سنة) وبعض المهرجانات لديها ديمومة وخصوصية وامتداد جغرافي وثانيا، لدى المهرجانات ديناميكية اقتصادية، فهي توفر حوالي 300 الف موطن شغل مباشر وغير مباشر في ظرف شهرين فقط ( جويلية واوت) وثالثا، هي مهرجانات مؤطرة وهي تحت اشراف اما وزارة الثقافة من خلال مؤسساتها او باشراف الجمعيات.
أما نقاط الضعف فهي تتمثل بالخصوص في محدودية التمويل رغم جهود الوزارة وتوفيرها نسبا هامة من الدعم ومساعدة المهرجانات بعروض مدعومة أو من خلال رصد المنح. هي تعاني كذلك من نقص الموارد البشرية ذات الكفاءة والمختصة، وهذا الامر يلاحظ بالخصوص لدى المهرجانات التي تشرف عليها الجمعيات. هناك ايضا مشكل البنية الاساسية، اذ لا تتوفر فضاءات عروض بالعديد من الجهات التي تسمح باستقبال كل انواع العروض، ثم إن المشرفين على هذه التظاهرات يتعاملون معها دائما على أنها تظاهرة محدودة في الزمن وليست مشروعا ثقافيا بأتم معنى الكلمة. برمجة هذه المهرجانات تتركز على فترة الصيف ( 48 بالمائة في جويلية وأوت) أما المحتوى فهو لا يتماشى دائما مع الانتظارات، وهناك نزعة نحو تكرار نفس البرمجة أو نسخها من مهرجان لآخر.
وتقترح الدراسة بذل جهد كبير على مستوى التشبيك وعقد شراكات استراتيجية مع الوزارات ومع هياكل عمومية وخاصة وجمعياتية مع ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وتطوير الثقافة الرقمية. ونبهت الدراسة من مجموعة من المخاطر التي تتهدد المهرجانات وهي تتمثل بالخصوص في مواصلة الاعتماد على اطار قانوني مكبل خاصة على مستوى الصرف الذي يخضع للرقابة القبلية التي تتسبب في تأخير صرف الاعتمادات إلى اجال تكون احيانا غير معقولة.
وتضمنت الدراسة مجموعة من المقترحات تهدف إلى ايجاد حلول للاشكاليات المطروحة لعل اكثرها استعجالية ضرورة مراجعة المنظومة القانونية وتوظيف الثقافة الرقمية ووضع مشروع قانون جديد للتصرف الاداري والمالي خاص بالمهرجانات ويراعي خصوصيتها والتكثيف من البحوث والدراسات وايضا انشاء مرصد وطني للثقافة يهتم بمتابعة المهرجانات، مع مزيد الانفتاح على الجامعات.
وتضمنت الدراسة مجموعة من المقترحات الاخرى التي تخص الجانب المالي ( تنويع مصادر التمويل بالخصوص) وتصنيف المهرجانات ( ارساء معايير واضحة) والتكوين ( بعث مركز تكوين ثقافي ) الذي يوجه بالأساس للمسؤولين على المهرجانات إلى جانب طبعا تحسين البنية الاساسية ( مسارح وفضاءات للعرض) وغيرها.
وقد اثارت كل هذه النقاط نقاشات حماسية كما ذكرنا مع وعد من المنظمين باخذ كل الملاحظات الجادة من اهل الميدان بالاهتمام.
جدير بالذكر أن الجلسة المسائية ليوم أمس قد خصصت للاستماع للمتحدثة الفرنسية بنيدكت دوميج ( مستشارة حول الاستراتيجيات الثقافية والفنية) حول تجربة مهرجانات فرنسا، وذلك وفي اطار التعرف على التجارب المقارنة التي شددت وزيرة الثقافة حياة القرمازي في كلمة في افتتاح الندوة على أهميتها لاسيما إذا كان اصحابها لديهم تاريخ هام في الفعل الثقافي.
ندوة "المهرجانات قاطرة للتنمية " تتواصل كامل نهار اليوم من خلال تنظيم مجموعة من الورشات بحضور خبراء في المجالات الثقافية وتختتم غدا بالاعلان عن التوصيات والمقترحات التي كما سبق ذكرنا شدد جل المتدخلين على ضرورة أن تكون قابلة للتنفيذ.
حياة السايب
*هذه أهم نقاط قوة منظومة المهرجانات ونقاط ضعفها والمخاطر التي تتهددها وفق احدث الدراسات
*اجماع حول ضرورة أن تكون التوصيات والمقترحات قابلة للتنفيذ
تونس- الصباح
انطلقت أمس بنزل بالضاحية الشمالية للعاصمة ندوة فكرية بعنوان المهرجانات قاطرة للتنمية وتتواصل اليوم وغدا (ثلاثة أيام) بمبادرة من وزارة الثقافة وذلك لاعادة النظر في منظومة المهرجانات في البلاد. وقد حضر عدد كبير من الفاعلين الثقافيين أشغال اليوم الاول للندوة ومن بينهم مديرو مهرجانات ومندوبيين جهويين للثقافة وخبراء من تونس والخارج.
وفسرت وزيرة الثقافة حياة قطاط القرمازي لدى افتتاحها الندوة بحضور وزير التعليم العالي منصف بوكثير فكرة توجيه الدعوة إلى الفاعلين الثقافيين سواء من القطاع العمومي أو القطاع الخاص أو من المجتمع المدني بالرغبة في التوصل إلى مقاربة تشاركية تتضمن مقترحات حول تطوير منظومة المهرجانات مشيرة إلى أن هذه المقاربة يجب أن تاخذ بعين الاعتبار مجموعة من الاهداف من بينها بالخصوص الحفاظ على الدور الثقافي للمهرجانات والتظاهرات الفنية والثقافية وتطوير مردوديتها الاقتصادية لأنها بالأساس مجالات ذات طاقة تشغيلية هامة موضحة أن الصناعات الثقافية عموما يمكن أن تكون عاملا لتحقيق التنمية ومصدرا هاما لخلق الثروة.
وزير التعليم والبحث العلمي منصف بوكثير نبه من جهته في كلمة مرتجلة بنفس المناسبة إلى أن الثقافة في تونس مازالت محصورة في زاوية ضيقة معتبرا أن تطوير الحياة الثقافية هي مسؤولية جماعية معربا عن استعداده لمزيد التعاون مع وزارة الثقافة لتطوير الانشطة الثقافية الجامعية التي قال في الاثناء أن وزارة التعليم العالي تبذل جهودا في هذا الباب وان لديها مراكزها الثقافية التي تنظم انشطة ثقافية ذات مستوى عال غير أن ذلك لا يحول دون العمل على مزيد تكثيف هذه الانشطة بالتعاون مع وزارة الثقافة(تم توقيع اتفاقية تعاون بين الوزارتين مؤخرا).
وتولى مدير عام المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية يوسف لشخم في نفس الجلسة الصباحية لندوة 'المهرجانات قاطرة للتنمية " تقديم ورقة حول موضوع الندوة.
وعاد المتحدث إلى تاريخ المهرجانات في العالم ( اول مهرجان تأسس في بريطانيا منذ قرنيين) مستخلصا أن المهرجانات اليوم منظومة ثقيلة ولانها كذلك، فإنها تستهلك وفق وصفه مقدرات كبيرة ولانها تشتغل في ميدان جمالي ثقافي، فإنه يتوجب دائما صيانته ورعايته. وبهذه الكلمات نزل الحدث في إطاره، موضحا بأن الندوة التي انتظمت ببادرة من وزيرة الثقافة، تهدف إلى الخروج بتوصيات حول كيفية رصد المهرجانات ليس بمعنى المراقبة وإنما بهدف التتبع والاحصاء لوضع استراتيجيات جديدة مشددا على ضرورة أن تكون مخرجات الندوة قابلة للتنفيذ.
مع العلم أن الندوة التي تتواصل إلى غاية يوم غد وشهد اليوم الأول نقاشا حماسيا بمشاركة العديد من ممثلي المهرجانات الدولية والوطنية والمحلية تنتظم بعد فترة من تقديم نتائج دراسة قام بها مكتب استشاري لصالح وزارة الثقافة بالتعاون مع البرامج الأوروبي تفنن تونس الابداعية، حول تطوير السياسات الثقافية في تونس.
وقد قدم احد الخبراء في ادارة المشاريع الثقافية (صابر الجماعي الذي هو أيضا اطارا في المندوبية الثقافية الجهوية بنابل) بدوره نتائج لدراسة جديدة ( تتمة للدراسة الاولى ) قال أنها ثمرة اللقاءات المتعددة التي انتظمت بمقر وزارة الثقافة او مع المندوبين الجهويين وفي مختلف اللقاءات التي شارك فيها العديد من الفاعلين الثقافيين حول مستقبل العمل الثقافي في تونس.
وقد تضمنت الدراسة نقاط القوة ونقاط الضعف لمنظومة المهرجانات مع فتح افاق مستقبلية ( استعملت آخر الاحصائيات في المجال وأغلبها تعود لوزارة الثقافة).
قال المتحدث أن ابرز نقاط قوة مهرجانات تونس ( احصى 797 مهرجانا وفق ارقام 2019) تتمثل في انها أولا لديها ثراء وعمق وهوية وكثير منها صار يتميز بالعراقة والتجذر ( هناك مهرجانات عمرها أكثر من خمسين سنة) وبعض المهرجانات لديها ديمومة وخصوصية وامتداد جغرافي وثانيا، لدى المهرجانات ديناميكية اقتصادية، فهي توفر حوالي 300 الف موطن شغل مباشر وغير مباشر في ظرف شهرين فقط ( جويلية واوت) وثالثا، هي مهرجانات مؤطرة وهي تحت اشراف اما وزارة الثقافة من خلال مؤسساتها او باشراف الجمعيات.
أما نقاط الضعف فهي تتمثل بالخصوص في محدودية التمويل رغم جهود الوزارة وتوفيرها نسبا هامة من الدعم ومساعدة المهرجانات بعروض مدعومة أو من خلال رصد المنح. هي تعاني كذلك من نقص الموارد البشرية ذات الكفاءة والمختصة، وهذا الامر يلاحظ بالخصوص لدى المهرجانات التي تشرف عليها الجمعيات. هناك ايضا مشكل البنية الاساسية، اذ لا تتوفر فضاءات عروض بالعديد من الجهات التي تسمح باستقبال كل انواع العروض، ثم إن المشرفين على هذه التظاهرات يتعاملون معها دائما على أنها تظاهرة محدودة في الزمن وليست مشروعا ثقافيا بأتم معنى الكلمة. برمجة هذه المهرجانات تتركز على فترة الصيف ( 48 بالمائة في جويلية وأوت) أما المحتوى فهو لا يتماشى دائما مع الانتظارات، وهناك نزعة نحو تكرار نفس البرمجة أو نسخها من مهرجان لآخر.
وتقترح الدراسة بذل جهد كبير على مستوى التشبيك وعقد شراكات استراتيجية مع الوزارات ومع هياكل عمومية وخاصة وجمعياتية مع ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وتطوير الثقافة الرقمية. ونبهت الدراسة من مجموعة من المخاطر التي تتهدد المهرجانات وهي تتمثل بالخصوص في مواصلة الاعتماد على اطار قانوني مكبل خاصة على مستوى الصرف الذي يخضع للرقابة القبلية التي تتسبب في تأخير صرف الاعتمادات إلى اجال تكون احيانا غير معقولة.
وتضمنت الدراسة مجموعة من المقترحات تهدف إلى ايجاد حلول للاشكاليات المطروحة لعل اكثرها استعجالية ضرورة مراجعة المنظومة القانونية وتوظيف الثقافة الرقمية ووضع مشروع قانون جديد للتصرف الاداري والمالي خاص بالمهرجانات ويراعي خصوصيتها والتكثيف من البحوث والدراسات وايضا انشاء مرصد وطني للثقافة يهتم بمتابعة المهرجانات، مع مزيد الانفتاح على الجامعات.
وتضمنت الدراسة مجموعة من المقترحات الاخرى التي تخص الجانب المالي ( تنويع مصادر التمويل بالخصوص) وتصنيف المهرجانات ( ارساء معايير واضحة) والتكوين ( بعث مركز تكوين ثقافي ) الذي يوجه بالأساس للمسؤولين على المهرجانات إلى جانب طبعا تحسين البنية الاساسية ( مسارح وفضاءات للعرض) وغيرها.
وقد اثارت كل هذه النقاط نقاشات حماسية كما ذكرنا مع وعد من المنظمين باخذ كل الملاحظات الجادة من اهل الميدان بالاهتمام.
جدير بالذكر أن الجلسة المسائية ليوم أمس قد خصصت للاستماع للمتحدثة الفرنسية بنيدكت دوميج ( مستشارة حول الاستراتيجيات الثقافية والفنية) حول تجربة مهرجانات فرنسا، وذلك وفي اطار التعرف على التجارب المقارنة التي شددت وزيرة الثقافة حياة القرمازي في كلمة في افتتاح الندوة على أهميتها لاسيما إذا كان اصحابها لديهم تاريخ هام في الفعل الثقافي.
ندوة "المهرجانات قاطرة للتنمية " تتواصل كامل نهار اليوم من خلال تنظيم مجموعة من الورشات بحضور خبراء في المجالات الثقافية وتختتم غدا بالاعلان عن التوصيات والمقترحات التي كما سبق ذكرنا شدد جل المتدخلين على ضرورة أن تكون قابلة للتنفيذ.