* رغم ارتفاع نسبة التمدرس فإن 11 بالمائة من الأطفال محرومون من المرحلة التحضيرية
* 7 فاصل 6 بالمائة فقط من الأولياء يزورون أبناءهم المودعين بمراكز الإصلاح
تونس- الصباح
لئن تحسنت نسبة تمدرس أطفال الست سنوات لتصل إلى 99 فاصل 6 بالمائة خلال السنتين الماضيتين، فإن عدد الأطفال خارج المنظومة المؤسساتية الخاصة بالطفولة ناهز 330 ألفا، كما أن نسبة الأطفال الذين مازالوا محرومين من التمتع بالمرحلة التحضيرية تصل إلى 11 بالمائة، وهي نسبة تبعث على الانشغال وفق تعبير الدكتورة آمال بلحاج موسى وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن. ونبهت موسى أمس خلال لقاء إعلامي بالعاصمة حول مخرجات التقرير الوطني الخاص بوضع الطفولة لسنتي 2020ـ 2021 إلى التداعيات خطيرة لعدم مرور الأطفال بالمرحلة التحضيرية وتتمثل هذه التداعيات في الرسوب المتكرر والانقطاع المدرسي..
وشمل التقرير الوطني حسب قولها ستة محاور كبرى وهي الحق في التعليم والتربية والتكوين وكسب رهانات تكافؤ الفرص وتحقيق الجودة، والحق في الأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية، والحق في الرعاية الصحية والمرافقة النفسية والإحاطة الاجتماعية، والحق في الحماية من المخاطر، والحق في بيئة سليمة، والحق في المشاركة والتعبير. وذكرت أن التقرير الوطني أنجز في سياق استثنائي بسبب انتشار فيروس كوفيد 19 الذي طالت تداعياته الجسيمة الصحة الجسدية والنفسية لكل الفئات العمرية بما في ذلك الأطفال.. وبخصوص منهجية التقرير فقد قامت على اعتماد مقاربة حقوقية ومراعاة مسألة النوع الاجتماعي والتوازن الجهوي والاستناد على أهداف التنمية المستديمة. وقدمت الوزيرة خلال اللقاء الإعلامي العديد من المؤشرات الديموغرافية منها أن عدد الأطفال في تونس يبلغ 3 ملايين و770 ألف طفل أي ما يمثل ثلث سكان البلاد وذلك مع هينة عدد الأولاد على عدد البنات.
التربية والتعليم
لدى حديثها عن المحور المتعلق بالحق في التعليم والتربية والتكوين وكسب رهانات تكافؤ الفرص وتحقيق الجودة، تطرقت موسي إلى معطيات حول مؤسسات التربية في مرحلة الطفولة المبكرة وذكرت أن هناك 461 محضنة فيها 5785 طفلا منها 95 محضنة بولاية تونس وفسرت أسباب ضعف العدد بالإشارة إلى أن الأولياء يعولون على الأسر أكثر من المحاضن وإلى غياب المحاضن في بعض المناطق. أما عدد رياض الأطفال فيبلغ 5670 روضة منها 1448 موجودة في إقليم تونس الكبرى، وهناك 1959 كتابا داخل المساجد و21 كتابا خارج المساجد في حين بلغ عدد الفضاءات الفوضوية 801 وذكرت موسى أنه تم إصدار 316 قرار غلق لفضاءات فوضوية وهي فضاءات خارج النظم المؤسساتية وغير آمنة لا تستجيب لكراس الشروط.
وأعلنت الدكتورة آمال بلحاج موسي على أنه سيتم فتح ثلاث رياض أطفال عمومية في سيدي بوزيد خلال شهر جويلية وفتح بين 25 و30 روضة عمومية في غضون شهر سبتمبر، وذكرت أنه يوجد برنامج يهدف إلى النهوض بالطفولة المبكرة انتفعت فيه العديد من الولايات وفي مقدمها القصرين وسيدي بوزيد وجندوبة حيث تم الترفيع في عدد الأطفال المستفيدين منه وتم إعفاء رياض الأطفال المشاركة في البرنامج من دفع الضريبة.
وبخصوص المرحلة التحضيرية أشارت موسى إلى أن 11 بالمائة من الأطفال مازالوا محرومين من التمتع بها وهي مرحلة أساسية من التعلم وذلك رغم إسناد القطاع الخاص ومساهمة منظومة الكتاتيب، ولدى حديثها عن نسبة تمدرس أطفال الستة سنوات البالغة 99 بالمائة فاصل 6 بالمائة أشارت الوزيرة إلى أنه لا بد من التساؤل أين البقية، كما لاحظت انخفاض نسبة التمدرس للفئة العمرية بين 12 و18 سنة فهي في حدود 82 فاصل 3 بالمائة ويعود سبب الانخفاض إلى الرسوب والانقطاع إذ تبلغ نسبة الرسوب في المرحلة الابتدائية 7 فاصل 2 بالمائة وفي المرحلة الإعدادية 13 فاصل 4 بالمائة وفي المرحلة الثانوية 16 فاصل 2 بالمائة، في حين بلغت نسبة الانقطاع المدرسي في المرحلة الابتدائية صفر فاصل ستة بالمائة وفي المرحلة الإعدادية 6 فاصل 2 بالمائة وفي التعليم الثانوي 8 فاصل 1 بالمائة وبلغ عدد المنقطعين عن الدراسة 72 ألفا و991 ..
ولمقاومة الانقطاع المبكر تم على حد قولها وضع برنامج التمكين الاقتصادي للأسر ذات الوضعية الخاصة وقد استفادت منه 1600 أسرة باعتمادات قدرها سبعة مليارات، وكذلك برنامج التمكين الاقتصادي لأمهات التلاميذ المهددين بالانقطاع المدرسي الذي تم إطلاقه في أفريل 2015.
نقص التغطية الصحية
لدى حديثها عن المحور المتعلق بالرعاية الصحية لاحظت الدكتورة آمال بالحاج موسى أن التغطية الطبية الكاملة والشاملة للأطفال لم تبلغ مداها، وأن عدد أطباء الأطفال خلال سنة 2021 تراجع مقارنة بالسابق وأن نسبة الأطفال الذين يعانون من نقص التغذية بلغت 10 فاصل 4 بالمائة.
وحسب قول الوزيرة، فقد تضاعف عدد الأطفال المهددين المتعهد بهم من قبل المعهد الوطني لرعاية الطفولة من 466 سنة 2020 إلى 855 سنة 2021 رغم محدودية طاقة الاستيعاب، وبلغ عدد الإشعارات التي تلقاها مندوبو حماية الطفولة 15 ألفا و202 خلال سنة 2020 و17 ألفا و69 خلال سنة 2021 ولاحظت أن الطفل يتعرض للتهديد في كل الفضاءات التي يرتادها ويمثل منزل العائلة بدوره فضاء للتهديد بعدد إشعارات بلغ 10120 إشعارا سنة 2021 أي بنسبة 59 فاصل 3 بالمائة من مجموع الإشعارات. وبخصوص وضعية ما يسمى في التشريع التونسي بالطفل الجانح، ذكرت موسى أن مندوب حماية الطفولة تلقى 460 مطلب وساطة وهي آلية بديلة للإجراءات الجزائية التي خص بها المشرع الطفل الجانح.ولاحظت ارتفاعا في عدد الأطفال المحكوم عليهم في جرائم المخدرات مقارنة بالسابق إذ وصل العدد إلى 244 حكما تتوزع على 14 قضية متعلقة بالترويج أو الانخراط في عصابة مخدرات و230 قضية استهلاك وذكرت أن هذه الظاهرة خطيرة ولا بد من الانتباه إلى تداعياتها..
وبخصوص التدابير الوقتيّة التي يتخذها القاضي في علاقة بالطفل المهدّد فهي حسب الوزيرة تراعي المصلحة الفضلى للطفل وذكرت أنه خلال سنة 2021 فإن عدد حالات إبقاء الطفل لدى عائلته بلغ 744 وعدد حالات فصل الطفل عن عائلته بلغ 124 حين تمثل العائلة في حدّ ذاتها مصدر التهديد، وبالنسبة إلى القرارات المتخذة قضائيا فهناك حوالي خُمس الأطفال في نزاع مع القانون يوضعون بمؤسسة تربوية، وهناك أكثر من 80 بالمائة من قضايا منتهية بالوساطة.وقدمت الدكتورة موسى في مداخلتها نسبة صاعقة وقالت إن هناك 7 فاصل 6 بالمائة فقط من الأولياء يزورون منظوريهم المودعين بمراكز الإصلاح.
ولدى حديثها عن محاولات الانتحار المسجلة في صفوف الأطفال خلال السنتين الماضيتين أشارت إلى أن عددها بلغ 224 سنة 2020 و254 سنة 2021 ولكن رغم تراجع نسبة محاولات الانتحار لدى الأطفال يظل المؤشر وفق تأكيدها باعثا على الانشغال.
توصيات كثيرة
لئن سلطت الدكتورة آمال بلحاج موسى وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن الأضواء على أرقام ونسب ونقاط سلبية فإنها خصصت حيزا زمنيا كبيرا من مداخلتها لتقديم توصيات التقرير الوطني حول وضع الطفولة في تونس سنتي 2020 و2021، وشددت بالخصوص على ضرورة الامتناع عن نشر صور وخصوصيات الأطفال في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي كما دعت التوعية بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والاقتصادية في التقليص من الفجوة الموجودة بين الجهات والفئات في علاقة بتوفر مؤسسات الطفولة.وذكرت أنه لا بد من وضع خطة وطنية لتدارك التبعات السلبية للإرباك الذي سببه فيروس كوفيد والحد من تداعياته على مستوى مكتسبات الأطفال التربوية والدراسية والترفيهية والعمل على الاستفادة من دروسه لمزيد تأهيل مؤسسات الطفولة المبكرة والمؤسسات التربوية على المستوى اللوجستي وعلى مستوى اقتدار المربين والمُدرّسين على تأمين الأنشطة التعليمية عن بعد وتوفير التجهيزات الإعلامية والربط بالانترنيت للغرض..
ومن التوصيات الأخرى التي وردت في التقرير الوطني، ما يتعلق بوضع الهياكل والمؤسسات والآليّات المتّصلة بقطاع الطفولة المبكّرة تحت إشراف مركزي موحد على المستويات التشريعيّة والرقابيّة والقياديّة من أجل ضمان أقصى حدّ ممكن من التنسيق والانسجام والتكامل بينها وحسن حوْكمتها. وفي علاقة بحق الطفل في التعليم أوصى التقرير بتطوير المناهج البيداغوجية المعتمدة برياض الأطفال، وتعزيز الإحاطة بالتلاميذ في المدارس النائية والحدّ من حدّة العوْز الاجتماعي والاعتناء بذوي الصعوبات الصحيّة والاجتماعية والدراسية عبر تدخّلات إفراديّة تستجيب لحاجيات الفرد، إضافة إلى تعميم السنة التحضيريّة على المستوى الوطني وتعميم آليات الحد من الانقطاع والتّسرّب المدرسيين على غرار مدرسة الفرصة الثانية وإصلاح منظومة التوجيه لتتماشى مع متطلبات سوق الشغل الوطني والدولي وتثمين التعليم التقني من خلال مراجعة خارطة الاختصاصات التكوينية.
ومن بين التوصيات الأخرى ما تعلق بمزيد الاهتمام بالمطالعة والأنشطة الثقافية والرّياضيّة والاجتماعيّة داخل الفضاءات التربوية من خلال توفير قاعات المطالعة وفضاءات للحوار والإعلام والتثقيف الصحيّ وقاعات للمراجعة ولممارسة الرّياضة في جميع الجهات وخاصة في الجهات الداخلية والمناطق النائية، وكذلك تفادي نقص عدد نوادي الأطفال أو انعدامها باعتبارها جزءا أساسيا من مؤسسات الطفولة، وتطويق ظاهرة الانتشار الفوضوي للمحاضن المدرسية غير الخاضعة لأي ضوابط قانونية وبيداغوجية تربوية وغير المحققة لسلامة مرتاديها من الأطفال وخاصة إرساء إستراتيجية وطنية عمومية تقلص الفوارق بين الجهات وبين الفئات الاجتماعية، وضمان حقّ كلّ الأطفال بتونس في الثقافة الرقميّة دون تمييز وحماية الأطفال من المخاطر الرقميّة. وتضمن التقرير توصيات كثيرة تتعلق بحق الطفل في بيئة سليمة وكذلك حقه في الرعاية الصحية المتعلّقة بالتغذية والأمراض التنفسيّة وتمت الدعوة إلى الإسراع بمأسسة التربية الوالديّة في ظلّ تدنّي مستوى معارف الأولياء وثقافتهم في مجال صحة الطفل ومسار نموّه والاستكشاف المبكّر لمؤشرات التهديد المتعلّقة بالجوانب الصحيّة والنفسيّة للأبناء.
ودعا التقرير الوطني إلى العمل على تجاوز اختلال التوازن في توزيع الأطباء وخاصة أطباء الاختصاص والخدمات الصحيّة الأساسيّة المقدمة للطفل بصورة عامة بشكل يُراعي مبدأ تكافؤ الفرص بين الجهات، إلى جانب مأسسة الصحة النفسيّة والترفيع في عدد الأخصائيين النفسانيين والمربين الاجتماعيين بالمؤسسات التربوية أمام الطلبات المتزايدة والملحة لخدماتهم من قبل التلاميذ وأوليائهم خاصة بعد جائحة كوفيد 19، وتوحيد الهياكل التي تستهدف نفس الجمهور والتي تتدخل في نفس المؤسسات على غرار هياكل الإصغاء والمرافقة للتلميذ وإحكام التنسيق بين الهياكل الاجتماعية والتربوية التي تتعهد بالأطفال تربويا واجتماعيا، وتعزز برنامج "الأمان الاجتماعي"، وكثيف خدمات الإصغاء والمرافقة الاجتماعيّة للتّلاميذ وتعميمها، وتعزيز آليات الحماية من خلال مراجعة قانون حماية الطفولة، وكذلك تعزيز تأمين المحيط الخارجي للمدارس من خلال تكثيف الدوريات الأمنيّة، وتطويق ظواهر التشرد والتسول بكل الوسائل الممكنة وإحكام مراقبة رياض الأطفال لمنع التجاوزات والتصدي لمختلف السلوكات غير التربوية التي تتعارض مع النمو الطبيعي للأطفال وتوازنهم النفسي، وتعزيز آليات الرصد المبكّر للوضعيّات المهددة بالقطيعة الاجتماعية، ووضع الآليات الكفيلة باستكشافها، ومنع وقوعها، وتحسين ظروف عيش الأسر الضعيفة الدخل وتوفير فرص التشغيل في المناطق الفقيرة والنائية والحد من التفاوت بين المناطق والجهات تحقيقا للعدالة الاجتماعية وللتنمية الشاملة، وإيلاء الأهمية القصوى لحماية الأطفال من خطر الإدمان بكل أشكاله بما في ذلك الإدمان الالكتروني.
كما أوصى التقرير الوطني حول وضعية الطفولة بتونس بالتصدّي لظاهرة الاتجار بالأطفال ومنع الاستغلال الجنسي والعمل القسري والاستغلال الاقتصادي وذلك من خلال اتّباع أكبر قدر من الصرامة في إنفاذ القوانين والتشريعات المعمول بها، واللجوء الآلي إلى حضور أخصائي نفسي أو اجتماعي خلال الإصغاء إلى الأطفال ضحايا العنف عامّة والعنف الجنسي خاصّة، وشدد على ضرورة احترام إجراءات حماية حقوق الطفل في مراكز الإيقاف التحفظي والتعهد بتقديم الأطفال أمام قضاة الطفولة وليس أمام العدالة الجزائية.
سعيدة بوهلال
* رغم ارتفاع نسبة التمدرس فإن 11 بالمائة من الأطفال محرومون من المرحلة التحضيرية
* 7 فاصل 6 بالمائة فقط من الأولياء يزورون أبناءهم المودعين بمراكز الإصلاح
تونس- الصباح
لئن تحسنت نسبة تمدرس أطفال الست سنوات لتصل إلى 99 فاصل 6 بالمائة خلال السنتين الماضيتين، فإن عدد الأطفال خارج المنظومة المؤسساتية الخاصة بالطفولة ناهز 330 ألفا، كما أن نسبة الأطفال الذين مازالوا محرومين من التمتع بالمرحلة التحضيرية تصل إلى 11 بالمائة، وهي نسبة تبعث على الانشغال وفق تعبير الدكتورة آمال بلحاج موسى وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن. ونبهت موسى أمس خلال لقاء إعلامي بالعاصمة حول مخرجات التقرير الوطني الخاص بوضع الطفولة لسنتي 2020ـ 2021 إلى التداعيات خطيرة لعدم مرور الأطفال بالمرحلة التحضيرية وتتمثل هذه التداعيات في الرسوب المتكرر والانقطاع المدرسي..
وشمل التقرير الوطني حسب قولها ستة محاور كبرى وهي الحق في التعليم والتربية والتكوين وكسب رهانات تكافؤ الفرص وتحقيق الجودة، والحق في الأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية، والحق في الرعاية الصحية والمرافقة النفسية والإحاطة الاجتماعية، والحق في الحماية من المخاطر، والحق في بيئة سليمة، والحق في المشاركة والتعبير. وذكرت أن التقرير الوطني أنجز في سياق استثنائي بسبب انتشار فيروس كوفيد 19 الذي طالت تداعياته الجسيمة الصحة الجسدية والنفسية لكل الفئات العمرية بما في ذلك الأطفال.. وبخصوص منهجية التقرير فقد قامت على اعتماد مقاربة حقوقية ومراعاة مسألة النوع الاجتماعي والتوازن الجهوي والاستناد على أهداف التنمية المستديمة. وقدمت الوزيرة خلال اللقاء الإعلامي العديد من المؤشرات الديموغرافية منها أن عدد الأطفال في تونس يبلغ 3 ملايين و770 ألف طفل أي ما يمثل ثلث سكان البلاد وذلك مع هينة عدد الأولاد على عدد البنات.
التربية والتعليم
لدى حديثها عن المحور المتعلق بالحق في التعليم والتربية والتكوين وكسب رهانات تكافؤ الفرص وتحقيق الجودة، تطرقت موسي إلى معطيات حول مؤسسات التربية في مرحلة الطفولة المبكرة وذكرت أن هناك 461 محضنة فيها 5785 طفلا منها 95 محضنة بولاية تونس وفسرت أسباب ضعف العدد بالإشارة إلى أن الأولياء يعولون على الأسر أكثر من المحاضن وإلى غياب المحاضن في بعض المناطق. أما عدد رياض الأطفال فيبلغ 5670 روضة منها 1448 موجودة في إقليم تونس الكبرى، وهناك 1959 كتابا داخل المساجد و21 كتابا خارج المساجد في حين بلغ عدد الفضاءات الفوضوية 801 وذكرت موسى أنه تم إصدار 316 قرار غلق لفضاءات فوضوية وهي فضاءات خارج النظم المؤسساتية وغير آمنة لا تستجيب لكراس الشروط.
وأعلنت الدكتورة آمال بلحاج موسي على أنه سيتم فتح ثلاث رياض أطفال عمومية في سيدي بوزيد خلال شهر جويلية وفتح بين 25 و30 روضة عمومية في غضون شهر سبتمبر، وذكرت أنه يوجد برنامج يهدف إلى النهوض بالطفولة المبكرة انتفعت فيه العديد من الولايات وفي مقدمها القصرين وسيدي بوزيد وجندوبة حيث تم الترفيع في عدد الأطفال المستفيدين منه وتم إعفاء رياض الأطفال المشاركة في البرنامج من دفع الضريبة.
وبخصوص المرحلة التحضيرية أشارت موسى إلى أن 11 بالمائة من الأطفال مازالوا محرومين من التمتع بها وهي مرحلة أساسية من التعلم وذلك رغم إسناد القطاع الخاص ومساهمة منظومة الكتاتيب، ولدى حديثها عن نسبة تمدرس أطفال الستة سنوات البالغة 99 بالمائة فاصل 6 بالمائة أشارت الوزيرة إلى أنه لا بد من التساؤل أين البقية، كما لاحظت انخفاض نسبة التمدرس للفئة العمرية بين 12 و18 سنة فهي في حدود 82 فاصل 3 بالمائة ويعود سبب الانخفاض إلى الرسوب والانقطاع إذ تبلغ نسبة الرسوب في المرحلة الابتدائية 7 فاصل 2 بالمائة وفي المرحلة الإعدادية 13 فاصل 4 بالمائة وفي المرحلة الثانوية 16 فاصل 2 بالمائة، في حين بلغت نسبة الانقطاع المدرسي في المرحلة الابتدائية صفر فاصل ستة بالمائة وفي المرحلة الإعدادية 6 فاصل 2 بالمائة وفي التعليم الثانوي 8 فاصل 1 بالمائة وبلغ عدد المنقطعين عن الدراسة 72 ألفا و991 ..
ولمقاومة الانقطاع المبكر تم على حد قولها وضع برنامج التمكين الاقتصادي للأسر ذات الوضعية الخاصة وقد استفادت منه 1600 أسرة باعتمادات قدرها سبعة مليارات، وكذلك برنامج التمكين الاقتصادي لأمهات التلاميذ المهددين بالانقطاع المدرسي الذي تم إطلاقه في أفريل 2015.
نقص التغطية الصحية
لدى حديثها عن المحور المتعلق بالرعاية الصحية لاحظت الدكتورة آمال بالحاج موسى أن التغطية الطبية الكاملة والشاملة للأطفال لم تبلغ مداها، وأن عدد أطباء الأطفال خلال سنة 2021 تراجع مقارنة بالسابق وأن نسبة الأطفال الذين يعانون من نقص التغذية بلغت 10 فاصل 4 بالمائة.
وحسب قول الوزيرة، فقد تضاعف عدد الأطفال المهددين المتعهد بهم من قبل المعهد الوطني لرعاية الطفولة من 466 سنة 2020 إلى 855 سنة 2021 رغم محدودية طاقة الاستيعاب، وبلغ عدد الإشعارات التي تلقاها مندوبو حماية الطفولة 15 ألفا و202 خلال سنة 2020 و17 ألفا و69 خلال سنة 2021 ولاحظت أن الطفل يتعرض للتهديد في كل الفضاءات التي يرتادها ويمثل منزل العائلة بدوره فضاء للتهديد بعدد إشعارات بلغ 10120 إشعارا سنة 2021 أي بنسبة 59 فاصل 3 بالمائة من مجموع الإشعارات. وبخصوص وضعية ما يسمى في التشريع التونسي بالطفل الجانح، ذكرت موسى أن مندوب حماية الطفولة تلقى 460 مطلب وساطة وهي آلية بديلة للإجراءات الجزائية التي خص بها المشرع الطفل الجانح.ولاحظت ارتفاعا في عدد الأطفال المحكوم عليهم في جرائم المخدرات مقارنة بالسابق إذ وصل العدد إلى 244 حكما تتوزع على 14 قضية متعلقة بالترويج أو الانخراط في عصابة مخدرات و230 قضية استهلاك وذكرت أن هذه الظاهرة خطيرة ولا بد من الانتباه إلى تداعياتها..
وبخصوص التدابير الوقتيّة التي يتخذها القاضي في علاقة بالطفل المهدّد فهي حسب الوزيرة تراعي المصلحة الفضلى للطفل وذكرت أنه خلال سنة 2021 فإن عدد حالات إبقاء الطفل لدى عائلته بلغ 744 وعدد حالات فصل الطفل عن عائلته بلغ 124 حين تمثل العائلة في حدّ ذاتها مصدر التهديد، وبالنسبة إلى القرارات المتخذة قضائيا فهناك حوالي خُمس الأطفال في نزاع مع القانون يوضعون بمؤسسة تربوية، وهناك أكثر من 80 بالمائة من قضايا منتهية بالوساطة.وقدمت الدكتورة موسى في مداخلتها نسبة صاعقة وقالت إن هناك 7 فاصل 6 بالمائة فقط من الأولياء يزورون منظوريهم المودعين بمراكز الإصلاح.
ولدى حديثها عن محاولات الانتحار المسجلة في صفوف الأطفال خلال السنتين الماضيتين أشارت إلى أن عددها بلغ 224 سنة 2020 و254 سنة 2021 ولكن رغم تراجع نسبة محاولات الانتحار لدى الأطفال يظل المؤشر وفق تأكيدها باعثا على الانشغال.
توصيات كثيرة
لئن سلطت الدكتورة آمال بلحاج موسى وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن الأضواء على أرقام ونسب ونقاط سلبية فإنها خصصت حيزا زمنيا كبيرا من مداخلتها لتقديم توصيات التقرير الوطني حول وضع الطفولة في تونس سنتي 2020 و2021، وشددت بالخصوص على ضرورة الامتناع عن نشر صور وخصوصيات الأطفال في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي كما دعت التوعية بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والاقتصادية في التقليص من الفجوة الموجودة بين الجهات والفئات في علاقة بتوفر مؤسسات الطفولة.وذكرت أنه لا بد من وضع خطة وطنية لتدارك التبعات السلبية للإرباك الذي سببه فيروس كوفيد والحد من تداعياته على مستوى مكتسبات الأطفال التربوية والدراسية والترفيهية والعمل على الاستفادة من دروسه لمزيد تأهيل مؤسسات الطفولة المبكرة والمؤسسات التربوية على المستوى اللوجستي وعلى مستوى اقتدار المربين والمُدرّسين على تأمين الأنشطة التعليمية عن بعد وتوفير التجهيزات الإعلامية والربط بالانترنيت للغرض..
ومن التوصيات الأخرى التي وردت في التقرير الوطني، ما يتعلق بوضع الهياكل والمؤسسات والآليّات المتّصلة بقطاع الطفولة المبكّرة تحت إشراف مركزي موحد على المستويات التشريعيّة والرقابيّة والقياديّة من أجل ضمان أقصى حدّ ممكن من التنسيق والانسجام والتكامل بينها وحسن حوْكمتها. وفي علاقة بحق الطفل في التعليم أوصى التقرير بتطوير المناهج البيداغوجية المعتمدة برياض الأطفال، وتعزيز الإحاطة بالتلاميذ في المدارس النائية والحدّ من حدّة العوْز الاجتماعي والاعتناء بذوي الصعوبات الصحيّة والاجتماعية والدراسية عبر تدخّلات إفراديّة تستجيب لحاجيات الفرد، إضافة إلى تعميم السنة التحضيريّة على المستوى الوطني وتعميم آليات الحد من الانقطاع والتّسرّب المدرسيين على غرار مدرسة الفرصة الثانية وإصلاح منظومة التوجيه لتتماشى مع متطلبات سوق الشغل الوطني والدولي وتثمين التعليم التقني من خلال مراجعة خارطة الاختصاصات التكوينية.
ومن بين التوصيات الأخرى ما تعلق بمزيد الاهتمام بالمطالعة والأنشطة الثقافية والرّياضيّة والاجتماعيّة داخل الفضاءات التربوية من خلال توفير قاعات المطالعة وفضاءات للحوار والإعلام والتثقيف الصحيّ وقاعات للمراجعة ولممارسة الرّياضة في جميع الجهات وخاصة في الجهات الداخلية والمناطق النائية، وكذلك تفادي نقص عدد نوادي الأطفال أو انعدامها باعتبارها جزءا أساسيا من مؤسسات الطفولة، وتطويق ظاهرة الانتشار الفوضوي للمحاضن المدرسية غير الخاضعة لأي ضوابط قانونية وبيداغوجية تربوية وغير المحققة لسلامة مرتاديها من الأطفال وخاصة إرساء إستراتيجية وطنية عمومية تقلص الفوارق بين الجهات وبين الفئات الاجتماعية، وضمان حقّ كلّ الأطفال بتونس في الثقافة الرقميّة دون تمييز وحماية الأطفال من المخاطر الرقميّة. وتضمن التقرير توصيات كثيرة تتعلق بحق الطفل في بيئة سليمة وكذلك حقه في الرعاية الصحية المتعلّقة بالتغذية والأمراض التنفسيّة وتمت الدعوة إلى الإسراع بمأسسة التربية الوالديّة في ظلّ تدنّي مستوى معارف الأولياء وثقافتهم في مجال صحة الطفل ومسار نموّه والاستكشاف المبكّر لمؤشرات التهديد المتعلّقة بالجوانب الصحيّة والنفسيّة للأبناء.
ودعا التقرير الوطني إلى العمل على تجاوز اختلال التوازن في توزيع الأطباء وخاصة أطباء الاختصاص والخدمات الصحيّة الأساسيّة المقدمة للطفل بصورة عامة بشكل يُراعي مبدأ تكافؤ الفرص بين الجهات، إلى جانب مأسسة الصحة النفسيّة والترفيع في عدد الأخصائيين النفسانيين والمربين الاجتماعيين بالمؤسسات التربوية أمام الطلبات المتزايدة والملحة لخدماتهم من قبل التلاميذ وأوليائهم خاصة بعد جائحة كوفيد 19، وتوحيد الهياكل التي تستهدف نفس الجمهور والتي تتدخل في نفس المؤسسات على غرار هياكل الإصغاء والمرافقة للتلميذ وإحكام التنسيق بين الهياكل الاجتماعية والتربوية التي تتعهد بالأطفال تربويا واجتماعيا، وتعزز برنامج "الأمان الاجتماعي"، وكثيف خدمات الإصغاء والمرافقة الاجتماعيّة للتّلاميذ وتعميمها، وتعزيز آليات الحماية من خلال مراجعة قانون حماية الطفولة، وكذلك تعزيز تأمين المحيط الخارجي للمدارس من خلال تكثيف الدوريات الأمنيّة، وتطويق ظواهر التشرد والتسول بكل الوسائل الممكنة وإحكام مراقبة رياض الأطفال لمنع التجاوزات والتصدي لمختلف السلوكات غير التربوية التي تتعارض مع النمو الطبيعي للأطفال وتوازنهم النفسي، وتعزيز آليات الرصد المبكّر للوضعيّات المهددة بالقطيعة الاجتماعية، ووضع الآليات الكفيلة باستكشافها، ومنع وقوعها، وتحسين ظروف عيش الأسر الضعيفة الدخل وتوفير فرص التشغيل في المناطق الفقيرة والنائية والحد من التفاوت بين المناطق والجهات تحقيقا للعدالة الاجتماعية وللتنمية الشاملة، وإيلاء الأهمية القصوى لحماية الأطفال من خطر الإدمان بكل أشكاله بما في ذلك الإدمان الالكتروني.
كما أوصى التقرير الوطني حول وضعية الطفولة بتونس بالتصدّي لظاهرة الاتجار بالأطفال ومنع الاستغلال الجنسي والعمل القسري والاستغلال الاقتصادي وذلك من خلال اتّباع أكبر قدر من الصرامة في إنفاذ القوانين والتشريعات المعمول بها، واللجوء الآلي إلى حضور أخصائي نفسي أو اجتماعي خلال الإصغاء إلى الأطفال ضحايا العنف عامّة والعنف الجنسي خاصّة، وشدد على ضرورة احترام إجراءات حماية حقوق الطفل في مراكز الإيقاف التحفظي والتعهد بتقديم الأطفال أمام قضاة الطفولة وليس أمام العدالة الجزائية.