إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تحقيقات "الصباح" 890م.د حجم خسائرها.. "الشيمينو" تواجه الإفلاس.."النقل" لا تتفاعل.. وترويج "رسمي" للقطار السريع

تجاوز تراجع نشاط الشركة الخاص بنقل مادة الفسفاط الـ50%..

أسطول هرم يفوق معدل أعمار عرباته الـ40 عاما

عدم عودة الخط رقم 15 بين المتلوي وأم العرائس يتسبب في خسارة سنوية للشركة في حدود الـ18 مليون دينار

10 مليون دينار كلفة دراسة مشروع القطار السريع والدولة لم تجد تمويلها بعد..

تونس-الصباح

أمام ما تعيشه الشركة الوطنية للسكك الحديد من مشاكل وإشكاليات وعجز مالي وتهرؤ في البنية التحتية وتراجع لمستوى أسطولها الحديد، وفي ظل التعثر الذي يعرفه تقدم أشغال شركة تونس للشبكة الحديدية السريعة، لا يمكن أن تتنزل دعوة رئيس الجمهورية خلال لقائه الأخير بوزير النقل بالتسريع في انجاز الدراسات الأولية الخاصة بقطار سريع يربط شمال البلاد بجنوبها، إلا في سياق الأحلام صعبة التحقيق ان لم نقل المستحيلة.. وانه وفي حال توفرت الإرادة السياسية للتقدم فيما يتصل بالنقل الحديدي فالأجدر ان يوجه الدعم الى الشركة الوطنية للسكك الحديد وذلك لما يمكن ان يحمله من طريق نجاة للشركة بدرجة أولى وما له ان يجسده من منطلق إنقاذ للاقتصاد الوطن ككل. فاستنادا لمختلف التجارب المقارنة يعد النقل الحديدي احد المؤشرات الهامة للتنمية وتحقيق العدالة.

وعلى الأرجح لم يحط وزير النقل الرئيس قيس سعيد علما بوضعية إحدى ابرز الشركات الوطنية التابعة له ـ السكك الحديد ـ والتي تواجه الإفلاس منذ سنتين ويتم تقييم وضعيتها المالية رسميا بـ"الحرجة"...

الخسائر تتراكم..

وللإشارة بلغ حسب المعطيات التي تحصلت عليها "الصباح" من السكك الحديدية حجم الدين إلى غاية 2021 حوالي الـ500 مليون دينار في الوقت الذي تفيد أرقام سابقة ان حجم الخسائر المتراكمة للشركة الوطنية للسكك الحديد قد وصل مع موفى سنة 2020 إلى حدود الـ890 مليون دينار.. وفي ذلك التاريخ ووفقا لرئيسها المدير العام الأسبق شهاب بن احمد كانت الشركة غير قادرة على الصمود لأكثر من سنة أو سنتين على أقصى تقدير وهي تتجه نحو الإفلاس ان لم  يتم الانطلاق الفوري والاني في برنامج الإنقاذ الشامل.. الامر الذي يعني انها اليوم وبعد مرور السنتين هي على حافة الإفلاس وتواجه تراكما اكبر للخسائر.. ويروج أنها أصبحت عاجزة تماما على سداد أجور أعوانها وموظفيها وان مداخيلها قد تراجعت على تغطية الـ43 % من أعبائها التي كانت تؤمنها.. علما وان الشركة الوطنية للسكك الحديد لم تجد التفاعل المطلوب من قبل وزارة الإشراف، وزارة النقل، ولا من قبل رؤساء الحكومات المتعاقبة التي واصلت في تهميشها ولم تتقدم ولو خطوة فيما يتصل بمشروع إعادة الهيكلة وبرنامج الإنقاذ المقدم.. في الوقت الذي تؤكد الأرقام والمعطيات والإحصائيات التي سنعرضها تباعا، ان الدولة لو قامت بمهامها في حماية السكة الحديدية ووضعت حدا للوبيات النقل خاصة في مجال الفسفاط لما كان حجم الخسارة او وضعية الشركة على هذا الشكل.

وفقا للأرقام والإحصائيات التي تحصلت عليها "الصباح" ، الازمة المالية ما انفكت تتعمق منذ 2011.. اين شهدت الشركة خلال العشرية الأخيرة تراجع تجاوز الـ50% في نشاطها الخاص بنقل مادة الفسفاط على خلفية ما سجل من تراجع في الإنتاج وتدخل غير مدروس للنقل عبر الشاحنات واحتجاجات خلفت تراجعا في عدد رحلات نقل الفسفاط من 14 قطارا يوميا إلى بين 2 و4 قطارات يوميا...

وتسببت الاحتجاجات والاضطرابات التي عرفتها خطوط السكك الحديدة على امتداد السنوات السابقة في خسارة "كسب فائت" في حدود الـ600 مليون دينار ما بين سنتي 2012 و2019. كما تسبب انقطاع الخط 15 لنقل الفسفاط بين معتمديتي المتلوي وام العرائس من ولاية قفصة سنة 2017 جراء الفيضانات وعدم تأهيله من جديد، من خسارة سنوية في حدود الـ18 مليون دينار، ورغم أن آجال عودة هذا الخط إلى العمل كان من المفروض أن تكون خلال جانفي 2021، ثم أكتوبر من نفس السنة، فانه والى غاية الآن لم يعد بعد الخط 15 للاستغلال. كما تسببت التحركات على مستوى معامل تحويل الفسفاط في عدم انجاز من 30 إلى 40 % من برامج نقل الفسفاط.

 

وسجلت نفس الفترة، إلى حدود 2020، ارتفعا في دين الشركة لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وصندوق التامين على المرض والشركة الوطنية لتوزيع البترول قدر بـ365 مليون دينار رافقها تراجع في حجم النشاط شمل الخطوط البعيدة بالأساس.

 

وضع الشبكة والأسطول..

ووفقا لما هو منشور في صفحة مرصد المجلس على خلفية جلسة الاستماع التي انتظمت خلال شهر جويلية الماضي، لم يتم تجديد شبكة السكك الحديد الخاصة بالشركة منذ إنشائها من قبل المستعمر الفرنسي أواخر القرن ال19.. كما لم تسع على امتداد الـ150 سنة الماضية الدولة الى تركيز خطوط جديدة وكل خط يتم حذفه او إيقاف استغلاله لا يقع تعويضه او تجديده.. والى غاية واليوم تم التخلي عن استغلال 373 كلم من السكك الحديدية وهي خط ماطر طبرقة سيدي مهيمش وخط سوسة القصرين وخط المتلوي القصرين وخط سيدي إسماعيل المرجة. في المقابل قامت الشركة بإضافة سكة على طول 10.5 كلم بين النفيضة ومصنع اسمنت النفيضة ومثلها بين غنوش ومصنع اسمنت قابس.

وتضع الشركة خط ماطر طبرقة  وخط سوسة القصرين من ضمن المشاريع المستقبلية تحت الدرس فضلا عن تقوية شبكة نقل الفسفاط بـ165 كلم.

وتشتغل اليوم الشركة الوطنية للسكك الحديد، بأسطول هرم يفوق معدل أعمار عرباته الـ40 عاما، فيتراوح  معدل اعمار تلك الخاصة بنقل البضائع بين الـ8 و42 عاما اما بالنسبة للعربات الخاصة بنقل المسافرين فتبلغ الـ34 سنة وتكون نسبة جاهزية في حدود الـ45% فقط.. كما تواجه الشركة صعوبات في خلاص الشركة الأمريكية بسبب انخفاض قيمة الدينار.

وتواجه قطارات الشركة وشبكتها نقصا كبيرا في الصيانة وتفصيليا تبلغ نسبة الجاهزية في خطوط الأحواز 76 %، اما بالنسبة للقطار ذو الجر فتكون نسبة الجاهزية في حدود الـ30 % فقط، وتبلغ الجاهزية في 115 عربة مسافرين خطوط بعيدة الـ45%، اما عربات البضائع فترتفع الجاهزية الى 70 %، وتكون تلك الخاصة بنقل الفسفاط بجاهزية في حدود الـ49%. ويبلغ كما جاء في معطيات الشركة 301 عربة من بين الـ439 المخصصة لنقل الفسفاط والبضائع الصالح للاستعمال.

كما تعاني الشركة من مشاكل في عدم إيجاد قطع الغيار، واهتراء في المستودعات،  ونقص في الموارد البشرية والعنصر البشري المختص  (صيانة أعوان تجاريين وإطارات) حيث لم يتم فتح باب الانتداب داخلها منذ أكثر من 12 عاما أي منذ سنة 2010.

وتراجعت خلال نفس الفترة، نسبة الإنتاجية حسب عدد الأعوان من 778 في 2010 لتصبح في حدود الـ389 مع موفى سنة 2019 علما وأن النسبة العالمية تبلغ الـ600. وتطورت طبقا لذلك أعباء الأعوان العاملين داخل الشركة الوطنية للسكك الحديد من 91 مليون دينار في 2010 لتقفز إلى حدود 134 مليون دينار سنة 2020.

تعتبر الشركة الوطنية لسكك الحديد منشاة عمومية ذات صبغة إدارية أحدثت منذ ديسمبر 1956 تتمتع بالشخصية المدنية والاستقلال المالي وتغطي السكك الحديدية كامل تراب الجمهورية تقريبا وتتكون من 23 خطا يقدر إجمالي طول شبكتها الحديدية الـ2170 كلم يستغل منها حاليا 1797 كلم. وتظم هذه الخطوط 267 محطة ونقطة توقف وتؤمن 3 خطوط ترابط بين السكة الحديدة والنقل البري.

مقترح الإنقاذ

وتكتفي وزارة النقل ومن ورائها الشركة الوطنية للسكك الحديدة في ردها عن سؤال "الصباح" حول برنامج الإنقاذ  واليات حلحلة هذا الوضع المتأزم بكلمتين يتيمتين "بصدد التحيين" في الوقت الذي سبق أن عرضت الشركة برنامجها منذ سنتين لوزارة النقل ولم يتم الانطلاق في تنفيذه. وعنها أكد الرئيس المدير العام شهاب بن احمد، على ان مخطط الإنقاذ لا يجب ان يتم تبنيه من قبل وزارة الإشراف أو رئاسة الحكومة فقط بل يجب ان يتحول الى مشروع وطني اجتماعي اقتصادي.. وهو مشروع يعتبر انه وفي حال تبنيه من قبل الدولة سيكون قادرا على إنقاذ السكك الحديدية وجعلها من جديد شركة منتجة للثروة خلال 3 سنوات هذا فضلا عما سيكون له من تأثير على الاقتصاد الوطني.

ومن بين ابرز النقاط التي جاءت في مخطط الإنقاذ وإعادة الهيكلة المقترح، هو تثمين الأملاك الخاصة للشركة، وتثمين المحلات التجارية في إطار تهيئة محطة الارتال ومراجعة العقود والتراخيص والاتفاقات في إطار تشريعات اكثر مرونة مع تشجيع كل اشكال الشراكة مع من له ان يوفر مداخيل للشركة دون المساس بعمومية الشركة. مع العمل على تحسين جاهزية المعدات وتمكين الشركة من اللجوء الى المناولة خاصة في مجال الحراسة ودعم منظومة الرقابة الداخلية ومراجعة اتفاقيات النقل مع مختلف الأسلاك النشيطة.  هذا فضلا على الاستثمار في البنية التحتية التي تهم تجديد السكك وتقويتها خاصة تلك التي تهم نقل الفسفاط  واقتناء محولات وصيانة سكك الخطوط البعيدة وخطوط الاحواز في مواعيدها..

مشروع مغاربي قديم..

ورسميا وحسب المعطيات التي قدمتها وزارة النقل، تم إدراج دراسة مشروع القطار السريع والذي سيربط شمال البلاد بجنوبها، ضمن مخطط 2016-2020 بتكلفة قدرها 10 مليون دينار مازالت في مرحلة البحث عن تمويل.

ومشروع ربط شمال البلاد بجنوبها عبر قطار ان كان القطار السريع، او العادي، لا يعتبر من المشاريع الجديدة. بل هو مشروع بدأ الحديث عنه منذ أكثر من عشريتين في سياق مشروع مغاربي يربط دول المغرب العربي فيما يبينها وكان يطلق عليه بمشروع العصر. غير ان التحولات والخلافات السياسية حالت دون الانطلاق في تنفيذه. وكان يفترض ان يشمل هذا المشروع تحسينا وتجديدا في وضع شبكة السكك الحديد وتوسيعا لها لتشمل كل مدن البلاد.

وتمت العودة بقوة للحديث عن هذا المشروع سنة 2019 على أساس انه وفي مرحلته الأولى سيربط بين تونس والجزائر والمغرب ليتوسع في مرحلة ثانية ويشمل ليبيا ومريتانيا. ويأتي ذلك بعد ان قامت الأمانة العامة للاتحاد المغاربي في صيف 2017 بدراسة تتعلق بتأهيل وتحديث بعض أجزاء خط السكة الحديدية للقطار المغاربي. ومول طبقا لذلك البنك الأفريقي للتنمية هذه الدراسة بمبلغ 1.7 مليون دولار أي نحو الـ5 مليون دينار تونسي.

وقد قدرت التكلفة الجملية لمشروع القطار المغاربي حسب المقالات المنشور حوله، بحوالي أربعة مليار دولار، وتشمل الأشغال المبرمجة تحديث أجزاء السكك الحديدية من الدار البيضاء إلى تونس العاصمة، مروراً بالجزائر، وذلك على طول 2350 كيلومتراً، كما ستمر بعدد من المدن المغربية والجزائرية والتونسية، على أن تُعد دراسة أخرى بالنسبة إلى كل من ليبيا وموريتانيا.

ريم سوودي

تحقيقات "الصباح" 890م.د حجم خسائرها.. "الشيمينو" تواجه الإفلاس.."النقل" لا تتفاعل.. وترويج "رسمي" للقطار السريع

تجاوز تراجع نشاط الشركة الخاص بنقل مادة الفسفاط الـ50%..

أسطول هرم يفوق معدل أعمار عرباته الـ40 عاما

عدم عودة الخط رقم 15 بين المتلوي وأم العرائس يتسبب في خسارة سنوية للشركة في حدود الـ18 مليون دينار

10 مليون دينار كلفة دراسة مشروع القطار السريع والدولة لم تجد تمويلها بعد..

تونس-الصباح

أمام ما تعيشه الشركة الوطنية للسكك الحديد من مشاكل وإشكاليات وعجز مالي وتهرؤ في البنية التحتية وتراجع لمستوى أسطولها الحديد، وفي ظل التعثر الذي يعرفه تقدم أشغال شركة تونس للشبكة الحديدية السريعة، لا يمكن أن تتنزل دعوة رئيس الجمهورية خلال لقائه الأخير بوزير النقل بالتسريع في انجاز الدراسات الأولية الخاصة بقطار سريع يربط شمال البلاد بجنوبها، إلا في سياق الأحلام صعبة التحقيق ان لم نقل المستحيلة.. وانه وفي حال توفرت الإرادة السياسية للتقدم فيما يتصل بالنقل الحديدي فالأجدر ان يوجه الدعم الى الشركة الوطنية للسكك الحديد وذلك لما يمكن ان يحمله من طريق نجاة للشركة بدرجة أولى وما له ان يجسده من منطلق إنقاذ للاقتصاد الوطن ككل. فاستنادا لمختلف التجارب المقارنة يعد النقل الحديدي احد المؤشرات الهامة للتنمية وتحقيق العدالة.

وعلى الأرجح لم يحط وزير النقل الرئيس قيس سعيد علما بوضعية إحدى ابرز الشركات الوطنية التابعة له ـ السكك الحديد ـ والتي تواجه الإفلاس منذ سنتين ويتم تقييم وضعيتها المالية رسميا بـ"الحرجة"...

الخسائر تتراكم..

وللإشارة بلغ حسب المعطيات التي تحصلت عليها "الصباح" من السكك الحديدية حجم الدين إلى غاية 2021 حوالي الـ500 مليون دينار في الوقت الذي تفيد أرقام سابقة ان حجم الخسائر المتراكمة للشركة الوطنية للسكك الحديد قد وصل مع موفى سنة 2020 إلى حدود الـ890 مليون دينار.. وفي ذلك التاريخ ووفقا لرئيسها المدير العام الأسبق شهاب بن احمد كانت الشركة غير قادرة على الصمود لأكثر من سنة أو سنتين على أقصى تقدير وهي تتجه نحو الإفلاس ان لم  يتم الانطلاق الفوري والاني في برنامج الإنقاذ الشامل.. الامر الذي يعني انها اليوم وبعد مرور السنتين هي على حافة الإفلاس وتواجه تراكما اكبر للخسائر.. ويروج أنها أصبحت عاجزة تماما على سداد أجور أعوانها وموظفيها وان مداخيلها قد تراجعت على تغطية الـ43 % من أعبائها التي كانت تؤمنها.. علما وان الشركة الوطنية للسكك الحديد لم تجد التفاعل المطلوب من قبل وزارة الإشراف، وزارة النقل، ولا من قبل رؤساء الحكومات المتعاقبة التي واصلت في تهميشها ولم تتقدم ولو خطوة فيما يتصل بمشروع إعادة الهيكلة وبرنامج الإنقاذ المقدم.. في الوقت الذي تؤكد الأرقام والمعطيات والإحصائيات التي سنعرضها تباعا، ان الدولة لو قامت بمهامها في حماية السكة الحديدية ووضعت حدا للوبيات النقل خاصة في مجال الفسفاط لما كان حجم الخسارة او وضعية الشركة على هذا الشكل.

وفقا للأرقام والإحصائيات التي تحصلت عليها "الصباح" ، الازمة المالية ما انفكت تتعمق منذ 2011.. اين شهدت الشركة خلال العشرية الأخيرة تراجع تجاوز الـ50% في نشاطها الخاص بنقل مادة الفسفاط على خلفية ما سجل من تراجع في الإنتاج وتدخل غير مدروس للنقل عبر الشاحنات واحتجاجات خلفت تراجعا في عدد رحلات نقل الفسفاط من 14 قطارا يوميا إلى بين 2 و4 قطارات يوميا...

وتسببت الاحتجاجات والاضطرابات التي عرفتها خطوط السكك الحديدة على امتداد السنوات السابقة في خسارة "كسب فائت" في حدود الـ600 مليون دينار ما بين سنتي 2012 و2019. كما تسبب انقطاع الخط 15 لنقل الفسفاط بين معتمديتي المتلوي وام العرائس من ولاية قفصة سنة 2017 جراء الفيضانات وعدم تأهيله من جديد، من خسارة سنوية في حدود الـ18 مليون دينار، ورغم أن آجال عودة هذا الخط إلى العمل كان من المفروض أن تكون خلال جانفي 2021، ثم أكتوبر من نفس السنة، فانه والى غاية الآن لم يعد بعد الخط 15 للاستغلال. كما تسببت التحركات على مستوى معامل تحويل الفسفاط في عدم انجاز من 30 إلى 40 % من برامج نقل الفسفاط.

 

وسجلت نفس الفترة، إلى حدود 2020، ارتفعا في دين الشركة لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وصندوق التامين على المرض والشركة الوطنية لتوزيع البترول قدر بـ365 مليون دينار رافقها تراجع في حجم النشاط شمل الخطوط البعيدة بالأساس.

 

وضع الشبكة والأسطول..

ووفقا لما هو منشور في صفحة مرصد المجلس على خلفية جلسة الاستماع التي انتظمت خلال شهر جويلية الماضي، لم يتم تجديد شبكة السكك الحديد الخاصة بالشركة منذ إنشائها من قبل المستعمر الفرنسي أواخر القرن ال19.. كما لم تسع على امتداد الـ150 سنة الماضية الدولة الى تركيز خطوط جديدة وكل خط يتم حذفه او إيقاف استغلاله لا يقع تعويضه او تجديده.. والى غاية واليوم تم التخلي عن استغلال 373 كلم من السكك الحديدية وهي خط ماطر طبرقة سيدي مهيمش وخط سوسة القصرين وخط المتلوي القصرين وخط سيدي إسماعيل المرجة. في المقابل قامت الشركة بإضافة سكة على طول 10.5 كلم بين النفيضة ومصنع اسمنت النفيضة ومثلها بين غنوش ومصنع اسمنت قابس.

وتضع الشركة خط ماطر طبرقة  وخط سوسة القصرين من ضمن المشاريع المستقبلية تحت الدرس فضلا عن تقوية شبكة نقل الفسفاط بـ165 كلم.

وتشتغل اليوم الشركة الوطنية للسكك الحديد، بأسطول هرم يفوق معدل أعمار عرباته الـ40 عاما، فيتراوح  معدل اعمار تلك الخاصة بنقل البضائع بين الـ8 و42 عاما اما بالنسبة للعربات الخاصة بنقل المسافرين فتبلغ الـ34 سنة وتكون نسبة جاهزية في حدود الـ45% فقط.. كما تواجه الشركة صعوبات في خلاص الشركة الأمريكية بسبب انخفاض قيمة الدينار.

وتواجه قطارات الشركة وشبكتها نقصا كبيرا في الصيانة وتفصيليا تبلغ نسبة الجاهزية في خطوط الأحواز 76 %، اما بالنسبة للقطار ذو الجر فتكون نسبة الجاهزية في حدود الـ30 % فقط، وتبلغ الجاهزية في 115 عربة مسافرين خطوط بعيدة الـ45%، اما عربات البضائع فترتفع الجاهزية الى 70 %، وتكون تلك الخاصة بنقل الفسفاط بجاهزية في حدود الـ49%. ويبلغ كما جاء في معطيات الشركة 301 عربة من بين الـ439 المخصصة لنقل الفسفاط والبضائع الصالح للاستعمال.

كما تعاني الشركة من مشاكل في عدم إيجاد قطع الغيار، واهتراء في المستودعات،  ونقص في الموارد البشرية والعنصر البشري المختص  (صيانة أعوان تجاريين وإطارات) حيث لم يتم فتح باب الانتداب داخلها منذ أكثر من 12 عاما أي منذ سنة 2010.

وتراجعت خلال نفس الفترة، نسبة الإنتاجية حسب عدد الأعوان من 778 في 2010 لتصبح في حدود الـ389 مع موفى سنة 2019 علما وأن النسبة العالمية تبلغ الـ600. وتطورت طبقا لذلك أعباء الأعوان العاملين داخل الشركة الوطنية للسكك الحديد من 91 مليون دينار في 2010 لتقفز إلى حدود 134 مليون دينار سنة 2020.

تعتبر الشركة الوطنية لسكك الحديد منشاة عمومية ذات صبغة إدارية أحدثت منذ ديسمبر 1956 تتمتع بالشخصية المدنية والاستقلال المالي وتغطي السكك الحديدية كامل تراب الجمهورية تقريبا وتتكون من 23 خطا يقدر إجمالي طول شبكتها الحديدية الـ2170 كلم يستغل منها حاليا 1797 كلم. وتظم هذه الخطوط 267 محطة ونقطة توقف وتؤمن 3 خطوط ترابط بين السكة الحديدة والنقل البري.

مقترح الإنقاذ

وتكتفي وزارة النقل ومن ورائها الشركة الوطنية للسكك الحديدة في ردها عن سؤال "الصباح" حول برنامج الإنقاذ  واليات حلحلة هذا الوضع المتأزم بكلمتين يتيمتين "بصدد التحيين" في الوقت الذي سبق أن عرضت الشركة برنامجها منذ سنتين لوزارة النقل ولم يتم الانطلاق في تنفيذه. وعنها أكد الرئيس المدير العام شهاب بن احمد، على ان مخطط الإنقاذ لا يجب ان يتم تبنيه من قبل وزارة الإشراف أو رئاسة الحكومة فقط بل يجب ان يتحول الى مشروع وطني اجتماعي اقتصادي.. وهو مشروع يعتبر انه وفي حال تبنيه من قبل الدولة سيكون قادرا على إنقاذ السكك الحديدية وجعلها من جديد شركة منتجة للثروة خلال 3 سنوات هذا فضلا عما سيكون له من تأثير على الاقتصاد الوطني.

ومن بين ابرز النقاط التي جاءت في مخطط الإنقاذ وإعادة الهيكلة المقترح، هو تثمين الأملاك الخاصة للشركة، وتثمين المحلات التجارية في إطار تهيئة محطة الارتال ومراجعة العقود والتراخيص والاتفاقات في إطار تشريعات اكثر مرونة مع تشجيع كل اشكال الشراكة مع من له ان يوفر مداخيل للشركة دون المساس بعمومية الشركة. مع العمل على تحسين جاهزية المعدات وتمكين الشركة من اللجوء الى المناولة خاصة في مجال الحراسة ودعم منظومة الرقابة الداخلية ومراجعة اتفاقيات النقل مع مختلف الأسلاك النشيطة.  هذا فضلا على الاستثمار في البنية التحتية التي تهم تجديد السكك وتقويتها خاصة تلك التي تهم نقل الفسفاط  واقتناء محولات وصيانة سكك الخطوط البعيدة وخطوط الاحواز في مواعيدها..

مشروع مغاربي قديم..

ورسميا وحسب المعطيات التي قدمتها وزارة النقل، تم إدراج دراسة مشروع القطار السريع والذي سيربط شمال البلاد بجنوبها، ضمن مخطط 2016-2020 بتكلفة قدرها 10 مليون دينار مازالت في مرحلة البحث عن تمويل.

ومشروع ربط شمال البلاد بجنوبها عبر قطار ان كان القطار السريع، او العادي، لا يعتبر من المشاريع الجديدة. بل هو مشروع بدأ الحديث عنه منذ أكثر من عشريتين في سياق مشروع مغاربي يربط دول المغرب العربي فيما يبينها وكان يطلق عليه بمشروع العصر. غير ان التحولات والخلافات السياسية حالت دون الانطلاق في تنفيذه. وكان يفترض ان يشمل هذا المشروع تحسينا وتجديدا في وضع شبكة السكك الحديد وتوسيعا لها لتشمل كل مدن البلاد.

وتمت العودة بقوة للحديث عن هذا المشروع سنة 2019 على أساس انه وفي مرحلته الأولى سيربط بين تونس والجزائر والمغرب ليتوسع في مرحلة ثانية ويشمل ليبيا ومريتانيا. ويأتي ذلك بعد ان قامت الأمانة العامة للاتحاد المغاربي في صيف 2017 بدراسة تتعلق بتأهيل وتحديث بعض أجزاء خط السكة الحديدية للقطار المغاربي. ومول طبقا لذلك البنك الأفريقي للتنمية هذه الدراسة بمبلغ 1.7 مليون دولار أي نحو الـ5 مليون دينار تونسي.

وقد قدرت التكلفة الجملية لمشروع القطار المغاربي حسب المقالات المنشور حوله، بحوالي أربعة مليار دولار، وتشمل الأشغال المبرمجة تحديث أجزاء السكك الحديدية من الدار البيضاء إلى تونس العاصمة، مروراً بالجزائر، وذلك على طول 2350 كيلومتراً، كما ستمر بعدد من المدن المغربية والجزائرية والتونسية، على أن تُعد دراسة أخرى بالنسبة إلى كل من ليبيا وموريتانيا.

ريم سوودي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews