إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

...ويبقى لمين النهدي قيمة فنية ثابتة..والركح ركنه وبيته لا سن للإبداع ولا للتوقف عنه والجمهور هو الحكم

تونس – الصباح

هل هنالك سن معينة للإبداع وللكف عنه ؟ هل هنالك سن معينة للفنان تمكنه من ارضاء جمهوره وبتجاوزها يخسره وهل يمكن ان يتنكر جمهور فنان او قراء كاتب او شاعر ويتخلى عمن هام بهم واقتنع بما عرضوه عليه وقبل منهم فنهم وإبداعهم ؟

ألا يكبر جمهور الفنان معه ويتقدم في السن مثله ؟ أليس الفنان الجيد هو من يكسب مع تقدمه في العمر والتجربة جمهورا جديدا وشبابا تتواصل معهم وبهم تجربته ؟  أليس هذا ما يعتقده ويؤمن به اغلبنا ؟

أليس من حق من افنى عمره - ولم يستعذب فترات شبابه ولم ير ابناءه يكبرون لأنه كان دوما مشغولا بالبحث عما يعجب جمهوره- ان يعيش حلمته ؟   وهل يكف الانسان والفنان عن الحلم بان يرى الايادي تجتمع لتصفق له والأكف تلتهب من حرارة التصفيق ؟ هل لهذا الاحساس عمر ومن يحدد هذا العمر؟

وكيف ينسى الناس من كان سببا في سعادتهم وفرّج عنهم هما جاثما على صدورهم و اضحكهم من قلوبهم حتى سالت دموعهم ولو للحظات ؟ 

اسئلة كثيرة تفجر غصة في الحلق ومرارة. ومجرد اثارتها او الحديث عنها يسيء للنفس وللآخر. لماذا لا نحترم كبارنا عمرا و تجربة ؟ لماذا نستكثر عليهم غرامهم بعملهم وشغفهم بلقاء جمهورهم بعصارة فكرهم و جديدهم .                               لماذا اصبح السعي الدائم لإحباط الآخر هواية لدى بعض الناس يمارسونها سرا وعلنا دون أي تفكير في ما قد يسببونه من آلام للفنان ونحن نعرف رهافة حس الفنانين وسهولة التأثير سلبا على نفسياتهم وإيذائهم ؟ الا تتسع الدنيا للجميع ؟

دنيانا تتسع للجميع واغلبنا لا يتنكر ولا ينسى العهود

دنيانا تتسع لكل الناس ولكل التجارب ولكل الشرائح العمرية والجمهور جماهير بعضها لا تنكر الجميل ولا تنسى العهود وتسعد وتنتشي لمجرد رؤية الفنان قبل ان يتكلم او يتحرك او يتوجه بأية اشارة ولهؤلاء ولغيرهم ( ممن لم يواكبوا مسيرته ولا يعرفونه جيدا ولا اعتقد انهم كثّر لان لمين النهدي اشهر من نار على علم سواء في تونس او في الوطن العربي او في البلدان الاوروبية حيث تعيش الجاليات العربية ) يقدم لمين عرضه المسرحي الجديد "نموت عليك"(عرض  بعد أمام جمهور  المسرح البلدي بالعاصمة ).

ولكن يبدو ان البعض لم ترق لهم عودة لمين النهدي بالجديد الى الركح واعتبروا انه تقدم في السن بما يكفي ليرتاح ويترك الخشبة وانه من الفنانين الذين لا يعرفون متى يتوقفون و يعتزلون خاصة وان جل اعماله في السنوات الاخيرة كانت تجارية بحتة الى درجة الابتذال وان صورة الفتى الريفي التي اتقن تقديمها في تسعينات القرن الماضي لم تعد تقنع جمهور القرن الواحد والعشرين وحتى مسرحية "المكي وزكية " التي صمدت على الركح لأكثر من سبع سنوات لا يمكن ان تقنع جمهور اليوم .                                                                                            ورأى البعض من منتقدي عودة لامين النهدي الى مسرحه ايضا ان هذه العودة بعد غياب ستخرجه من الباب الصغير وهو العملاق بتاريخه الزاخر بالعطاء وتمنى البعض الآخر ان يحافظ لمين النهدي على الصورة الجميلة جدا التي يحملها له جمهوره وان لا يغامر بعمل جديد قد لا يكون في مستوى نجاح " المكي وزكية ".

اجتمعا فنجحا ب "المكي وزكية" فلماذا لا يتجدد النجاح مع" نموت عليك"

" نموت عليك " كتب نصها ويخرجها المنصف ذويب ويعرض من خلالها لمين النهدي اربعين شخصية مختلفة عن الشخصيات التي قدمها في اعماله السابقة  وهي رابع "وان مان شو" للمين النهدي بعد نجاح "المكي وزكية"، و"في هاك السردوك نريشو "و"ليلة على دليلة"..صحيح ان الثنائي لمين النهدي والمنصف ذويب عرف نجاحا منقطع النظير في اول عمل جمعهما الاول في الاداء والتمثيل والثاني في كتابة نص المكي وزكية ..                                                         نجاح تواصل مع وان مان شو "في هاك السردوك نريشو"  ودام هذا التعاون والنجاح مدة عشرين سنة متتالية الى ان كانت القطيعة ورفع الامر للقضاء الذي فصل بينهما ولكن مسيرة لامين لم تبدأ بتعامله مع المنصف ذويب بل كانت العلاقة مبنية على اساس صلب نحته النهدي الاب منذ سبعينات القرن الماضي مع مسرحيات "الكريطة "و"القافزون " و"الفرجة" و"عرب" تجارب ونجاحات مكنته من ان يطبع  نصوص "المكي وزكية" و"في هاك السردوك نريشو" للمنصف ذويب بطابعه الخاص .

في "المكي وزكية "صنع لمين النهدي الفرجة وملأ كل الركح بحسن ادائه لخمسين شخصية تختلف كل منها عن الاخرى فدام عرضها سبع سنوات او اكثر وأحيانا عرضت بمعدل مرتين يوميا فكانت علامة مميزة في تاريخ الفن والمسرح في تونس لا بسبب عدد مرات العرض فقط انما ايضا لعدد الجمهور الذي لم يكتف منها ولم يملها وشاهدها مرات عديدة .

ورغم انه يصعب تقديم عمل انجح من عمل ناجح على كل المستويات  فقد حظي " في هاك السردوك نريشو " بالإعجاب وكان يمكن ان يتواصل نجاحه لسنوات لولا ذلك الحكم القضائي الذي فرض على لمين النهدي ان يسدد للمنصف ذويب منابه من مداخيل مسرحية  "في هاك السردوك نريشو " ويقدّر ب345 ألف دينار، حقوق تأليف..خلاف عطل مسيرة الثنائي وحرم معجبيهما من متعة اللقاء معهما.

لقد راكم لمين النهدي النجاحات على مدى اكثر من اربعة عقود من الزمن  

وتمكن من ارضاء معجبيه المخلصين وجمهوره  الصعب المراس و الذي ينتظر بفارغ الصبر ان يجدد معه العهد..جمهور لا يرى فيه الا الفنان المبدع القادر على الترفيه عنه و اضحاكه حتى وهو واقف صامت لا ينبس ببنت شفة ..ولا ينظر لعمر لمين ولا لتغير هيئته ولا لتصرفات ابنائه..

ارضاء الناس غاية ادركها لمين فلماذا يبتعد؟

ولماذا ينظر الجمهور الى عمر الفنان وهو لا يزال قادرا على العطاء وعلى الابداع وعلى ارضاء الناس..اليس لمين النهدي في نفس عمر ميشال بوجناح الفنان الكوميدي الفرنسي من اصول تونسية الذي مازال يعرض فنه ويملا المسارح ويلتقي جمهوره متى اراد ذلك . الفرنسيون عكسنا تماما يحتفون ويكرّمون ويبجّلون الممثلين المتقدمين في السن ويعترفون بجميلهم على المشهد الفني والتمثيلي الكوميدي الفرنسي ويدخل احتفاؤهم الدائم بالكوميدية آن ماري شازل  والممثل كريسيان كلافيي مثلا في هذا الاطار.

وهل طلب الامريكيون من جيري سينفيلد ، البالغ من العمر 63 عاما التوقف عن التمثيل وهل مل الجمهور الامريكي الممثل الكوميدي  جيم غافيجان الذي تجاوز سن الخامسة والخمسين من العمر وهو حاليا  أحد الممثلين الكوميديين الأعلى اجرا في العالم ؟ وهل توقف الممثل الامريكي بيل كوسبي عن التمثيل إلا سنة 2018 عندما دخل الى السجن وكان عمره 79 عاما .  وهل طلب البريطانيون من "مستر بين".. روان أتكينسون ان يعتزل وهو من مواليد سنة 1955 وقد ظهرت عليه علامات التقدم في السن .                                                                           ومن منا سمع ان المصريين طلبوا من عادل امام الاعتزال والتقاعد الم يشتغل حسن حسني ورجاء الجداوي  كالكثير من الكوميديين المصريين في المسرح والسينما والدراما التلفزية الى ان توفوا ؟

يبقى لمين النهدي قيمة فنية ومسرحية ثابتة ويبقى الركح ركنه وبيته طالما يوجد له رصيده الكبير من المعجبين  بفنه والمخلصين لمسيرته الذين ينتظرونه بفارغ الصبر.

علياء بن نحيلة

            

...ويبقى لمين النهدي قيمة فنية ثابتة..والركح ركنه وبيته  لا سن للإبداع ولا للتوقف عنه والجمهور هو الحكم

تونس – الصباح

هل هنالك سن معينة للإبداع وللكف عنه ؟ هل هنالك سن معينة للفنان تمكنه من ارضاء جمهوره وبتجاوزها يخسره وهل يمكن ان يتنكر جمهور فنان او قراء كاتب او شاعر ويتخلى عمن هام بهم واقتنع بما عرضوه عليه وقبل منهم فنهم وإبداعهم ؟

ألا يكبر جمهور الفنان معه ويتقدم في السن مثله ؟ أليس الفنان الجيد هو من يكسب مع تقدمه في العمر والتجربة جمهورا جديدا وشبابا تتواصل معهم وبهم تجربته ؟  أليس هذا ما يعتقده ويؤمن به اغلبنا ؟

أليس من حق من افنى عمره - ولم يستعذب فترات شبابه ولم ير ابناءه يكبرون لأنه كان دوما مشغولا بالبحث عما يعجب جمهوره- ان يعيش حلمته ؟   وهل يكف الانسان والفنان عن الحلم بان يرى الايادي تجتمع لتصفق له والأكف تلتهب من حرارة التصفيق ؟ هل لهذا الاحساس عمر ومن يحدد هذا العمر؟

وكيف ينسى الناس من كان سببا في سعادتهم وفرّج عنهم هما جاثما على صدورهم و اضحكهم من قلوبهم حتى سالت دموعهم ولو للحظات ؟ 

اسئلة كثيرة تفجر غصة في الحلق ومرارة. ومجرد اثارتها او الحديث عنها يسيء للنفس وللآخر. لماذا لا نحترم كبارنا عمرا و تجربة ؟ لماذا نستكثر عليهم غرامهم بعملهم وشغفهم بلقاء جمهورهم بعصارة فكرهم و جديدهم .                               لماذا اصبح السعي الدائم لإحباط الآخر هواية لدى بعض الناس يمارسونها سرا وعلنا دون أي تفكير في ما قد يسببونه من آلام للفنان ونحن نعرف رهافة حس الفنانين وسهولة التأثير سلبا على نفسياتهم وإيذائهم ؟ الا تتسع الدنيا للجميع ؟

دنيانا تتسع للجميع واغلبنا لا يتنكر ولا ينسى العهود

دنيانا تتسع لكل الناس ولكل التجارب ولكل الشرائح العمرية والجمهور جماهير بعضها لا تنكر الجميل ولا تنسى العهود وتسعد وتنتشي لمجرد رؤية الفنان قبل ان يتكلم او يتحرك او يتوجه بأية اشارة ولهؤلاء ولغيرهم ( ممن لم يواكبوا مسيرته ولا يعرفونه جيدا ولا اعتقد انهم كثّر لان لمين النهدي اشهر من نار على علم سواء في تونس او في الوطن العربي او في البلدان الاوروبية حيث تعيش الجاليات العربية ) يقدم لمين عرضه المسرحي الجديد "نموت عليك"(عرض  بعد أمام جمهور  المسرح البلدي بالعاصمة ).

ولكن يبدو ان البعض لم ترق لهم عودة لمين النهدي بالجديد الى الركح واعتبروا انه تقدم في السن بما يكفي ليرتاح ويترك الخشبة وانه من الفنانين الذين لا يعرفون متى يتوقفون و يعتزلون خاصة وان جل اعماله في السنوات الاخيرة كانت تجارية بحتة الى درجة الابتذال وان صورة الفتى الريفي التي اتقن تقديمها في تسعينات القرن الماضي لم تعد تقنع جمهور القرن الواحد والعشرين وحتى مسرحية "المكي وزكية " التي صمدت على الركح لأكثر من سبع سنوات لا يمكن ان تقنع جمهور اليوم .                                                                                            ورأى البعض من منتقدي عودة لامين النهدي الى مسرحه ايضا ان هذه العودة بعد غياب ستخرجه من الباب الصغير وهو العملاق بتاريخه الزاخر بالعطاء وتمنى البعض الآخر ان يحافظ لمين النهدي على الصورة الجميلة جدا التي يحملها له جمهوره وان لا يغامر بعمل جديد قد لا يكون في مستوى نجاح " المكي وزكية ".

اجتمعا فنجحا ب "المكي وزكية" فلماذا لا يتجدد النجاح مع" نموت عليك"

" نموت عليك " كتب نصها ويخرجها المنصف ذويب ويعرض من خلالها لمين النهدي اربعين شخصية مختلفة عن الشخصيات التي قدمها في اعماله السابقة  وهي رابع "وان مان شو" للمين النهدي بعد نجاح "المكي وزكية"، و"في هاك السردوك نريشو "و"ليلة على دليلة"..صحيح ان الثنائي لمين النهدي والمنصف ذويب عرف نجاحا منقطع النظير في اول عمل جمعهما الاول في الاداء والتمثيل والثاني في كتابة نص المكي وزكية ..                                                         نجاح تواصل مع وان مان شو "في هاك السردوك نريشو"  ودام هذا التعاون والنجاح مدة عشرين سنة متتالية الى ان كانت القطيعة ورفع الامر للقضاء الذي فصل بينهما ولكن مسيرة لامين لم تبدأ بتعامله مع المنصف ذويب بل كانت العلاقة مبنية على اساس صلب نحته النهدي الاب منذ سبعينات القرن الماضي مع مسرحيات "الكريطة "و"القافزون " و"الفرجة" و"عرب" تجارب ونجاحات مكنته من ان يطبع  نصوص "المكي وزكية" و"في هاك السردوك نريشو" للمنصف ذويب بطابعه الخاص .

في "المكي وزكية "صنع لمين النهدي الفرجة وملأ كل الركح بحسن ادائه لخمسين شخصية تختلف كل منها عن الاخرى فدام عرضها سبع سنوات او اكثر وأحيانا عرضت بمعدل مرتين يوميا فكانت علامة مميزة في تاريخ الفن والمسرح في تونس لا بسبب عدد مرات العرض فقط انما ايضا لعدد الجمهور الذي لم يكتف منها ولم يملها وشاهدها مرات عديدة .

ورغم انه يصعب تقديم عمل انجح من عمل ناجح على كل المستويات  فقد حظي " في هاك السردوك نريشو " بالإعجاب وكان يمكن ان يتواصل نجاحه لسنوات لولا ذلك الحكم القضائي الذي فرض على لمين النهدي ان يسدد للمنصف ذويب منابه من مداخيل مسرحية  "في هاك السردوك نريشو " ويقدّر ب345 ألف دينار، حقوق تأليف..خلاف عطل مسيرة الثنائي وحرم معجبيهما من متعة اللقاء معهما.

لقد راكم لمين النهدي النجاحات على مدى اكثر من اربعة عقود من الزمن  

وتمكن من ارضاء معجبيه المخلصين وجمهوره  الصعب المراس و الذي ينتظر بفارغ الصبر ان يجدد معه العهد..جمهور لا يرى فيه الا الفنان المبدع القادر على الترفيه عنه و اضحاكه حتى وهو واقف صامت لا ينبس ببنت شفة ..ولا ينظر لعمر لمين ولا لتغير هيئته ولا لتصرفات ابنائه..

ارضاء الناس غاية ادركها لمين فلماذا يبتعد؟

ولماذا ينظر الجمهور الى عمر الفنان وهو لا يزال قادرا على العطاء وعلى الابداع وعلى ارضاء الناس..اليس لمين النهدي في نفس عمر ميشال بوجناح الفنان الكوميدي الفرنسي من اصول تونسية الذي مازال يعرض فنه ويملا المسارح ويلتقي جمهوره متى اراد ذلك . الفرنسيون عكسنا تماما يحتفون ويكرّمون ويبجّلون الممثلين المتقدمين في السن ويعترفون بجميلهم على المشهد الفني والتمثيلي الكوميدي الفرنسي ويدخل احتفاؤهم الدائم بالكوميدية آن ماري شازل  والممثل كريسيان كلافيي مثلا في هذا الاطار.

وهل طلب الامريكيون من جيري سينفيلد ، البالغ من العمر 63 عاما التوقف عن التمثيل وهل مل الجمهور الامريكي الممثل الكوميدي  جيم غافيجان الذي تجاوز سن الخامسة والخمسين من العمر وهو حاليا  أحد الممثلين الكوميديين الأعلى اجرا في العالم ؟ وهل توقف الممثل الامريكي بيل كوسبي عن التمثيل إلا سنة 2018 عندما دخل الى السجن وكان عمره 79 عاما .  وهل طلب البريطانيون من "مستر بين".. روان أتكينسون ان يعتزل وهو من مواليد سنة 1955 وقد ظهرت عليه علامات التقدم في السن .                                                                           ومن منا سمع ان المصريين طلبوا من عادل امام الاعتزال والتقاعد الم يشتغل حسن حسني ورجاء الجداوي  كالكثير من الكوميديين المصريين في المسرح والسينما والدراما التلفزية الى ان توفوا ؟

يبقى لمين النهدي قيمة فنية ومسرحية ثابتة ويبقى الركح ركنه وبيته طالما يوجد له رصيده الكبير من المعجبين  بفنه والمخلصين لمسيرته الذين ينتظرونه بفارغ الصبر.

علياء بن نحيلة

            

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews