إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. الحرب على الجريمة

عديدة هي المؤشرات والمعطيات الصادرة عن هياكل وجهات رسمية ومختصة تفيد بتفشي ظاهرة الجريمة بجميع أنواعها في تونس خلال السنوات الأخيرة وتطورها من حيث النوع والعدد، مقابل تواتر صيحات الفزع حول تداعياتها على الوضع الأمني العام وما تشكله من خطر يهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي في الدولة إذا ما لم يتم التصدي للظاهرة بنجاعة والتحرك بقوة بوضع مقاربات متكاملة تشمل ما هو تربوي واجتماعي وعلمي واقتصادي وثقافي وأمني وردعي، وذلك قبل أن تتحول الجريمة إلى ثقافة في المجتمع وتحقيق مصالحة معها في ظل التطور الذي عرفته الجريمة وعلاقة ذلك بالتنوع في بنية المجتمع التونسي والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفها في العقود الأخيرة.

وإذ أكد المرصد الاجتماعي التونسي في تقرير نشر نتائجه خلال النصف الأول من العام الجاري، أن الجريمة تضاعفت خلال الخمس سنوات الأخيرة أربع مرات فإن المصالح الأمنية ما انفكت تكشف في إطار مهامها الأمنية المختلفة عن جرائم عديدة وشبكات منظمة أصبحت تقف وراء أغلب الجرائم المسجلة بما يفيد أن الأمر لم يعد يقتصر على أحداث أو جرائم عرضية أو فردية، سواء تعلق الأمر بالجرائم المالية والاقتصادية أو تلك المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال أو ظاهرة ترويج المخدرات أو السرقات والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة أو الاعتداء على الأمن العام وعلى الأشخاص وغيرها من الجرائم الأخرى المنشورة لدى القضاء التونسي.

والتصدي لهذه الظاهرة يعد اليوم أولوية تتطلب تضافر جهود عديد الأطراف المعنية بمعالجتها واجتثاثها من جذورها. لأن المراهنة على المقاربة الأمنية والقضائية وحدها لم تعد كافية في هذه المرحلة خاصة وأن العوامل المغذية للجريمة في تزايد من بينها تغير القيم السائدة في المجتمع وتبدّل معادلة التنشئة والتربية في الأسرة والمجتمع وفي الفضاء المدرسي والتعليمي وتأثير ذلك في شخصية الفرد. ولعل من أبرز العوامل الأخرى توسع دائرة ترويج المخدرات واستهلاكها في مختلف الأوساط لاسيما بالنسبة للشباب ودور ذلك في انتشار الجرائم. إذ لم يعد الأمر يقتصر على ميسوري الحال بل أصبح الإقبال على الاستهلاك والإدمان يشمل مختلف الشرائح الاجتماعية.

كما بينت دراسة ميدانية أجرتها وحدة علوم الإجرام بمركز الدراسات القضائية بتونس أن 57 % من  المتعاطين للمخدرات بمختلف أنواعها هم من الفئة العمرية التي تتراوح أعمارها بين 13 و18 سنة فيما تتضاعف النسبة بالنسبة للمبتدئين وأغلبهم من المراهقين. وهو ما يعكس وضعية محيط المدارس والمعاهد الذي أصبح غير آمن وقبلة للمروجين والمنحرفين الذين يستهدفون هذه الشريحة من المجتمع. والأمر نفسه تقريبا بالنسبة للفضاءات الترفيهية الليلية بالأساس وغيرها. مقابل ارتفاع تكلفة العلاج من الإدمان الذي أصبح يصنف ضمن الأمراض المزمنة في تونس فيما تعجز أغلب عائلات المدمنين على توفير مستلزمات ذلك.

ومما لا شك فيه أن مضي الجهات الرسمية في سياستها للتصدي للظاهرة والقضاء على العصابات والأطراف التي تقف وراء مختلف أشكال الجرائم عبر الإيقافات أو اتخاذ قرارات غلق بعض المحلات والفضاءات المشبوهة التي تحولت إلى نقاط سوداء أو بؤر لترويج واستهلاك المخدرات أو القيام بحملات أمنية واسعة في محيط المؤسسات التربوية وغيرها لإيقاف المنحرفين والمتهمين بارتكاب جرائم والفارين من العدالة، كلها تساهم في بعث الطمأنينة في المجتمع وتمكن من حماية الممتلكات الخاصة والعامة ولكنها تظل غير كافية.

لذلك وجد قرار وزارة العدل الأخيرة القاضي باتخاذ إجراءات قانونية وردعية ضد بعض الممارسات التي تصنف في خانة "الجرائم"، على بعض شبكات التواصل الاجتماعي أساسا منها "تيك توك" وأنستغرام" تفاعلا واسعا. فالقضاء أو التصدي للجريمة مهمة ليست هينة وتتطلب انتهاج سياسة وقائية اجتماعية شاملة تنفتح على عديد الهياكل والمؤسسات الرسمية والمدنية وغيرها.

نزيهة الغضباني

عديدة هي المؤشرات والمعطيات الصادرة عن هياكل وجهات رسمية ومختصة تفيد بتفشي ظاهرة الجريمة بجميع أنواعها في تونس خلال السنوات الأخيرة وتطورها من حيث النوع والعدد، مقابل تواتر صيحات الفزع حول تداعياتها على الوضع الأمني العام وما تشكله من خطر يهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي في الدولة إذا ما لم يتم التصدي للظاهرة بنجاعة والتحرك بقوة بوضع مقاربات متكاملة تشمل ما هو تربوي واجتماعي وعلمي واقتصادي وثقافي وأمني وردعي، وذلك قبل أن تتحول الجريمة إلى ثقافة في المجتمع وتحقيق مصالحة معها في ظل التطور الذي عرفته الجريمة وعلاقة ذلك بالتنوع في بنية المجتمع التونسي والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفها في العقود الأخيرة.

وإذ أكد المرصد الاجتماعي التونسي في تقرير نشر نتائجه خلال النصف الأول من العام الجاري، أن الجريمة تضاعفت خلال الخمس سنوات الأخيرة أربع مرات فإن المصالح الأمنية ما انفكت تكشف في إطار مهامها الأمنية المختلفة عن جرائم عديدة وشبكات منظمة أصبحت تقف وراء أغلب الجرائم المسجلة بما يفيد أن الأمر لم يعد يقتصر على أحداث أو جرائم عرضية أو فردية، سواء تعلق الأمر بالجرائم المالية والاقتصادية أو تلك المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال أو ظاهرة ترويج المخدرات أو السرقات والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة أو الاعتداء على الأمن العام وعلى الأشخاص وغيرها من الجرائم الأخرى المنشورة لدى القضاء التونسي.

والتصدي لهذه الظاهرة يعد اليوم أولوية تتطلب تضافر جهود عديد الأطراف المعنية بمعالجتها واجتثاثها من جذورها. لأن المراهنة على المقاربة الأمنية والقضائية وحدها لم تعد كافية في هذه المرحلة خاصة وأن العوامل المغذية للجريمة في تزايد من بينها تغير القيم السائدة في المجتمع وتبدّل معادلة التنشئة والتربية في الأسرة والمجتمع وفي الفضاء المدرسي والتعليمي وتأثير ذلك في شخصية الفرد. ولعل من أبرز العوامل الأخرى توسع دائرة ترويج المخدرات واستهلاكها في مختلف الأوساط لاسيما بالنسبة للشباب ودور ذلك في انتشار الجرائم. إذ لم يعد الأمر يقتصر على ميسوري الحال بل أصبح الإقبال على الاستهلاك والإدمان يشمل مختلف الشرائح الاجتماعية.

كما بينت دراسة ميدانية أجرتها وحدة علوم الإجرام بمركز الدراسات القضائية بتونس أن 57 % من  المتعاطين للمخدرات بمختلف أنواعها هم من الفئة العمرية التي تتراوح أعمارها بين 13 و18 سنة فيما تتضاعف النسبة بالنسبة للمبتدئين وأغلبهم من المراهقين. وهو ما يعكس وضعية محيط المدارس والمعاهد الذي أصبح غير آمن وقبلة للمروجين والمنحرفين الذين يستهدفون هذه الشريحة من المجتمع. والأمر نفسه تقريبا بالنسبة للفضاءات الترفيهية الليلية بالأساس وغيرها. مقابل ارتفاع تكلفة العلاج من الإدمان الذي أصبح يصنف ضمن الأمراض المزمنة في تونس فيما تعجز أغلب عائلات المدمنين على توفير مستلزمات ذلك.

ومما لا شك فيه أن مضي الجهات الرسمية في سياستها للتصدي للظاهرة والقضاء على العصابات والأطراف التي تقف وراء مختلف أشكال الجرائم عبر الإيقافات أو اتخاذ قرارات غلق بعض المحلات والفضاءات المشبوهة التي تحولت إلى نقاط سوداء أو بؤر لترويج واستهلاك المخدرات أو القيام بحملات أمنية واسعة في محيط المؤسسات التربوية وغيرها لإيقاف المنحرفين والمتهمين بارتكاب جرائم والفارين من العدالة، كلها تساهم في بعث الطمأنينة في المجتمع وتمكن من حماية الممتلكات الخاصة والعامة ولكنها تظل غير كافية.

لذلك وجد قرار وزارة العدل الأخيرة القاضي باتخاذ إجراءات قانونية وردعية ضد بعض الممارسات التي تصنف في خانة "الجرائم"، على بعض شبكات التواصل الاجتماعي أساسا منها "تيك توك" وأنستغرام" تفاعلا واسعا. فالقضاء أو التصدي للجريمة مهمة ليست هينة وتتطلب انتهاج سياسة وقائية اجتماعية شاملة تنفتح على عديد الهياكل والمؤسسات الرسمية والمدنية وغيرها.

نزيهة الغضباني

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews