مختص في الاجتماع: الهشاشة .. والفراغ الروحي والاجتماعي في قفص الاتهام !!.. و الصدمات النفسية تساعد على استقطاب العنصر النسائي!
تمكنت الوحدات الامنية في عدد من جهات الجمهورية منذ فترة من تفكيك عدد من الخلايا الارهابية النسائية، حيث تم بتاريخ 5 نوفمبر الجاري بالعاصمة تفكيك خلية نسائية مرتبطة بتنظيمات إرهابية.. وهاته الخلية مكونة من أربعة عناصر نسائية تقمن بولايتي سوسة والقيروان، وقد أعلنت حينها السلطات الأمنية تفكيك هذه الخلية النسائية التي تبين وأنها مرتبطة بالجماعات الإرهابية المتواجدة ببؤر التوتر، حيث تمكنت المصالح المركزية لإدارة الاستعلامات بعد التنسيق مع فرقة الأبحاث والتفتيش بسوسة وفرقة الأبحاث والتفتيش بمنطقة حفوز، من الكشف عنها والتي اتضح أيضا أنها عناصر نسائية غير مكشوفة في مجال التطرف الديني، كما اتضح أن جميعهن يتواصلن في مجموعات مغلقة عبر حسابات التواصل الاجتماعي ويخضن في الفتاوى المتطرفة لدعاة الغلو الديني بالداخل والخارج ويتواصلن مع حسابات أجنبية لعناصر إرهابية متواجدة ببؤر التوتر وذلك وفق ما أورده البلاغ الصادر عن السلط الامنية ليقع على اثرها ايداع هاته العناصر السجن.
خلية أخرى تم تفكيكها في 25 من شهر جوان الفارط، وفق ما أعلنت عنه وزارة الداخلية، حيث تم القبض على خلية نسائية في الكرم بشبهة "الإرهاب" تتكون من ثمانية 8 نساء، 6 منهن صادرة بشأنهن بطاقات تفتيش من قبل الوحدات الامنية بقرطاج.
وأضافت الوزارة في بلاغ للغرض عن أن مصالحها تلقت معلومات عن نشوب خلاف بأحد أحياء الكرم الغربي بالضاحية الشمالية للعاصمة والذي تحول إلى تراشق بمواد حارقة، ليتم مداهمة أحد المنازل وايقاف امرأتين في مرحلة أولى و6 نساء في مرحلة ثانية صادرة بشأنهن بطاقات تفتيش بشبهة الانضمام لتنظيم إرهابي.
وفي مارس المنقضي تم في ذات السياق تفكيك خلية إرهابية أخرى مرتبطة بتنظيم "داعش" حيث أعلنت السلط الامنية عن إحباط مخطط إرهابي كان يخطط له من قبل عنصر تكفيري نسائي وقد نجحت القوات الامنية في تفكيك هاته الخلية الإرهابية التي تنشط في ولاية تطاوين وكانت تخطط للقيام بعمليات نوعية.
وقد اتضح أن الخلية تضم 6 عناصر، يطلق عليها اسم "الموحدون" وتنشط بجهة تطاوين، يتزعمها عنصر تكفيري غير معروف أمنيا، كما تولى عناصرها مبايعة زعيم ما يسمى بتنظيم "داعش" الإرهابي.
وأشارت وزارة الداخلية حينها إلى أن هذه الخلية تعمدت استقطاب مجموعة من تطاوين لتبني الفكر التكفيري، كما خططوا لصناعة مواد متفجرة وسموم لاستغلالها في القيام بعمليات نوعية.
وفي 28 من شهر اكتوبر من السنة الفارطة تم أيضا الاعلان عن ضبط خلية إرهابية نسائية تعمل لصالح تنظيم "داعش"، والتي كانت تعمل على استقطاب نساء لصالح هذا التنظيم.. وهذه الخلية تنشط بين ولايتي الكاف وتوزر في مجال استقطاب العناصر النسائية عبر الفضاء الافتراضي لفائدة تنظيم داعش الإرهابي"، علما وأنه لم يكشف عن عدد أفرادها أو هوياتهم الا أنه في المقابل تبين وأن الخلية المذكورة على صلة بالعناصر الإرهابية التابعة لما يعرف بتنظيم أجناد الخلافة (الموالي لـ"داعش") المتحصنة بالجبال التونسية.. ليقع على اثرها إحالتهم على أنظار النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، ثم إصدار بطاقات إيداع بالسجن في شأنهم.
ومما لاشك فيه يعد الكشف عن المخططات الإرهابية وخاصة حينما يتم إجهاضها بعمليات استباقية وتفكيك الخلايا المتطرفة دليل ومؤشر ايجابي على جاهزية قواتنا الأمنية التي "تجاهد" و تقاتل منذ سنين ضد هذه العناصر الإرهابية الموالية لتنظيم "القاعدة" و"داعش" والذين يتحصنون في جبال ولايات القصرين وكذلك ولايات جندوبة والكاف ولديهم خلايا نائمة داخل المدن.
نجاحات.. وتواصل التهديدات
ورغم كل النجاحات التي تحققها الوحدات الامنية في كل مرة الا أن حجم التهديدات لا يزال يلاحق بلادنا ما يبعث عن الكثير من القلق على أمن واستقرار البلاد خاصة وأننا مقبلون على عدة مناسبات من بينها رأس السنة الميلادية والتي نأمل أن تمر بسلام وندعو في هذا الصدد الى مواصلة الحذر واليقظة إزاء خطر المجموعات المتطرفة المتحركة والمتجددة.
وعن دور هاته الخلايا التي تحاول تغيير استراتيجيتها للوصول الى مبتغاها من خلال استغلال العنصر النسائي، اتصلت "الصباح نيوز" بالباحث في علم الاجتماع معاذ بن نصير لمعرفة ما هي المهام والادوار التي توكل لهاته الفئة وهل يعد ذلك استراتيجية جديدة للتنظيمات الارهابية التي باتت محاصرة وتسعى بكل ما أوتيت الى الخروج من هذا الحصار.
عدة اسباب لانخراط النساء
وفي هذا السياق يرى الباحث في علم الاجتماع معاذ بن نصير أن هنالك عدة اسباب مباشرة تجعل من المرأة تنخرط بشكل مباشر في الحركات المتطرفة، ولعل من اهمها الهشاشة النفسية لأغلبهن مع الفراغ الروحي والاجتماعي الذي تشكوا منهن البعض، زد على ذلك يلعب تدني المستوى التعليمي دورا هاما في تنامي هاته الحركات.
كما يؤكد بن نصير على ان الصدمات النفسية تساعد في استقطاب العنصر النسائي ، اذ أن بعض النساء اللواتي اختبرن هذه الصدمات، ولا سيما من ترعرعن في بيئات متطرّفة، فإنهن يرين في الالتحاق بالمجموعات الإرهابية وسيلة لاستعادة القدرات التي حَرمهن المجتمع منها، حيث تضطر بعضهن للاستجابة للتقاليد وللضغوط الاجتماعية التي تقمع حقوقهن فيجنحن في الأخير نحو تشجيع الأفكار المتطرفة التي تعتبر التضحية بالذات شيئا مقدسا، وذلك من خلال اللجوء إلى الأداء الأكثر تطرفا لتلك "القيم".. مضيفا بأن التربة الخصبة التي تنمو فيها هذه الأفكار المتطرفة لدى بعض النساء تكمن في عدم توفر طرق بديلة لديهن للتعبير عن غضبهن الذي تحول إلى كراهية دفينة.
القمع.. أحد الأسباب
ولاحظ محدثنا أنه بالنسبة لعدد كبير من النساء، فإن التعرض الأكثر شيوعا للقمع ينبع من داخل الوسط الاجتماعي الخاص بهن وبمعنى آخر، فان أحد الأسباب الرئيسية التي تختار بسببها تلك النساء الانخراط في الإرهاب هو البحث عن الإحساس بسلطة وقوة لم تتوفر لهن مطلقا في مجتمعاتهن، من خلال الميل نحو ايديولوجية متطرفة وقبول الأدوار القيادية الجديدة المتاحة لهن داخل تلك البنية ـ حتى وإن عاملتهن هذه المنظمات على أنهن مواطنات من الدرجة الثانية، وقد يصل إلى درجة الاتجار بهن جنسيا لكسب المال.
وذكر محدثنا في ذات السياق إلى أن بلادنا لا تزال تتخبط في مواجهة التشدد، على الرغم من الخطوات القيمة التي اتخذتها البلاد لإصلاح القطاع الأمني والجهود الدؤوبة التي بُذِلت لمكافحة الإرهاب، فالحكومة تفتقر إلى الخبرات والموارد اللازمة كي تتمكن في آن واحد من معالجة المشاغل الأمنية وإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بالبلاد، ولذلك تتقدم جهات من المجتمع المدني، وعلى رأسها الجمعيات النسائية – التي تستهدف فئات قد تكون من الأكثر تململاً وهشاشة في تونس – للمساعدة في محاربة التطرف بيد أن الاختلافات العقائدية من بين الاسباب لتنامي ظاهرة انخراط النساء التونسيات في الحركات المتطرفة.
الفوارق الاقتصادية والبطالة
وعن الأسباب التي تدفع بالشباب نحو التشدد اوضح الاستاذ بن نصير أنها هي نفسها التي تقود النساء إلى التطرف، وتتمثل في الفوارق الاقتصادية، وارتفاع البطالة، والاستياء من المرحلة الانتقالية الديمقراطية.
وأعطى الاستاذ بن نصير مثالا على ذلك قائلا أن احدى الفتيات اللاتي تم القبض عليها بتهمة التخطيط لعملية ارهابية بالعاصمة تونس تنحدر من منطقة ريفية على مقربة من مدينة المهدية الساحلية، وكانت عاطلة عن العمل مع أنها تحمل شهادة جامعية في اختصاص اللغة الإنكليزية للأعمال، وعلى الرغم من أن الحد من التفاوت بين المناطق كان مطلبا أساسيا من المطالب التي رفعتها الثورة التونسية، إلا أن الحكومات المتعاقبة لم توظف استثمارات كافية في المناطق المهمشة التي تواجه خطرا أعلى بالجنوح نحو التشدد، ولا سيما من أجل دعم توظيف المرأة مشيرا في هذا السياق إلى أن البطالة لدى النساء تسجل نسبة أعلى بكثير (22.7 في المائة) بالمقارنة مع الرجال (12.5 في المائة).
نساء برزن ضمن هذه التنظيمات
برزت ضمن الخلايا النسائية عدة نساء قياديات بلغ بالبعض منهم الى اتخاذ أدوار رئيسية من تخطيط وتنفيذ، من أبرزهن الملف الشهير المتعلق بالإرهابية فاطمة الزواغي والتي قيل عنها أنها من أخطر القيادات الارهابية.
والزواغي هي طالبة طب، انشأت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" تحت اسم "حماة الديار" تحرض من خلالها على الجهاد وأنشأت كذلك صفحات أخرى منها صفحة تتعلق بأنصار الشريعة المحظور وكذلك لحسابات تتعلق بعناصر إرهابية ضمن جبال الشعانبي وسمامة وسلوم.
وخططت الزواغي وحضرت لاغتيال سفير أمريكي حيث قامت برصد وتحديد الهدف فضلا عن تواصلها مع ارهابين من بينهم لقمان ابو صخر، وكانت قاب قوسين من تنفيذ مخططها حيث قامت بكراء المحل المقابل لحلاق السفير، كما كانت الزواغي تخطط لتفجير ثكنة بوشوشة فضلا عن القيام بعمليات إرهابية اخرى.
وتداول أن الزواغي كانت تحاول ايضا استقطاب كل من يعترضها داخل السجن حتى الاعوان الا ان مساعيها باءت بالفشل حيث ظلت تواصل مساعيها لتحقيق أهدافها وعملها الارهابي داخل السجون
امرأة أخرى كان لها الاثر الابرز وهي منى قبلة التي فجرت نفسها في شارع الحبيب بورقيبة، ومنى شابة في الثلاثين من عمرها من معتمدية سيدي علوان بولاية المهدية.. وقد خلف حينها هطا العمل الارهابي اصابة عدد من الجرحى من بينهم أمنيين ومدنيين.
وحسب المعلومات التي تم تداولها حينها فإن منفذة العملية تبلغ من العمر 30 سنة، وغير معروفة لدى المصالح الأمنية للتطرف.
كذلك من بين الامثلة الاخرى لهذه النساء الشقيقتين رحمة وغفران الشيخاوي اللتين وقع تجنيدهما من قبل التنظيمات الارهابية ثم التحقتا بتنظيم داعش الإرهابي في ليبيا.
فغفران الكبرى لم تتجاوز حينها سن 18 وقد تزوجت بمدينة سرت الليبية بأحد اخطر العناصر المصنفة وانجبت طفلة لتعلق بين براثن الإرهابيين وتصاب بحالة من الاحباط بحسب ما أخبرت به والدتها في إحدى تصريحات هذه الاخيرة، اما رحمة فقد اعتنقت في سن مبكرة الفكر الداعشي وقد انطلق ذلك بعد حضورها إحدى الخيمات الدعوية في 2012.
.. من الضحية المغرر بها الى الفاعلة والناشطة
من جانبه صرح الخبير الأمني علي زرمديني لـ"الصباح نيوز" أن الارهاب اصبح يعتمد على العنصر النسائي بكيفية كبيرة في السنوات الاخيرة لعدة اعتبارات.
وذكر زرمديني أن اول هذه الاعتبارات ذاتية من المرأة نفسها التي تسعى الى التحدي وان تظهر بمظهر المقاتل وعلى نفس الشاكلة وأن تؤدي نفس الدور الذي يؤديه الرجل، وبالتالي لم يعد دورها يقتصر على الخدمات وتقديم دورها المعهود كما في السابق.
وبين زرمديني أن المرأة اليوم ترغب ان تعطي لنفسها فاعلية ودورا لا يقل اهمية بل ربما اكثر حتى من الرجل بطبيعة التحدي، مشيرا بالقول أن "المراة "تدمغجت" أكثر من الرجل في باب الارهاب على اعتبار نفسيتها ولاعتبارات أخرى معينة يقع بموجبها التأثير عليها أكثر من الرجل.
وثاني الاعتبارات يخص الناحية العملياتية حيث ان الارهاب يعتمد على المرأة لعدة مسائل أولا لان المرأة عنصر يمر في الخفاء وله امكانية التستر وامكانية حمل الممنوعات جسديا على اعتبار وان هندامها يمكنها من اخفاء بعض الاشياء التي يمكن ان يكون لها تأثير وفعل مع العمليات الارهابية اذ يمكن للمرأة أن تخفي حزاما ناسفا او سلاحا وتمر بسلام من أمام الدوريات لأنه من النادر جدا أن يقع تفتيش المرأة او يقع معاكستها او مضايقتها خلال العمليات الامنية اللهم ان تواجد في الدورية الامنية عنصر نسائي وهو احتمال موجود لكن بقلة نادرة.
ولاحظ محدثنا أن المرأة اليوم باتت تعيش في المخيمات العسكرية وتخضع للتدريبات العسكرية شأنها شأن الاطفال وهو الذي جعلها تقدم على ارتكاب هاته الجرائم منتهيا الى الاشارة إلى أن المرأة ترسخ في عقليتها جانب الارهاب اكثر من الرجل و"الدمغجة" أكثر منه ما يجعلها تأتي مثل هاته الافعال الارهابية اكثر من الرجل.
دوران للمرأة في التنظيمات الارهابية
أما العميد المتقاعد من الجيش الوطني والرئيس السابق للجنة الوطنية لمكافحة الارهاب مختار بن النصر فقد أوضح أن المرأة من قبل موجودة ضمن هاته التنظيمات وهو أمر ليس بالجديد، مضيفا بأنه بالعودة لعديد العمليات الارهابية التي حصلت ببلادنا والتي تواجد فيها العنصر النسائي وأعلنت عنها وزارة الداخلية هي أنه يتم توظيف بعض منهن لجمع المعلومات او لترصد بعض الوحدات او الادلاء بمعلومات معينة الا ان الدراسات التي لديهم تبين انه على امتداد الفترة لمتراوحة بين 2011 و2020 المراة كانت تقريبا لها دورين، الاول دور الضحية وبكونها الانسانة المغرر بها سواء من قبل زوجها او اي قريب لها (وهنا لا تكون متقاتلة ) وانما تكون كسند لزوجها او قريبها الذي يقوم بالعمليات وهي تتكفل بدعمه.
وعن الدور الثاني ذكر بن نصر دور ناشطات وفاعلات في العمليات الارهابية سواء يقمن بتنفيذ عمليات أو جمع المعلومات او المعدات اللوجستية، مشيرا الى أن هاته الخلايا الارهابية هي خلايا منظمة بشكل توظف الجنسين وبطريقة متقدمة، حيث يتعلق الموضوع اما بالاستقطاب او الاستمالة او جمع المعلومات او التدخل في أماكن معينة او عبر الانترنات من خلال الاستقطاب فانه حينها يقع توظيف العنصر النسائي بشكل كبير وخاصة في مسالة الاستقطاب والاستمالة للشباب واكثر من ذلك كسند للمقاتلين حيث يعتبرنهم مجاهدين ويسعين الى مساندتهم بالحضور الميداني او حتى في القاعدة الخلفية كزوجات لهم وهو موجود مع تنظيم "داعش" وهو اسلوب عمل لهم.
وكشف العميد بن نصر بخصوص بلادنا فان ما حصل هو عدم وجود عنصر نسائي بكثرة لكنه يظل موجودا ومؤثرا وفاعلا ولعل ما تم اكتشافه في الفترة الاخيرة هو عينة من العينات المتداولة وأنهم موجودون ويشكلون خلايا منتشرة ويسعون الى بعث نقطة اتصال من خلال الامدادات اللوجستية او المساعدة في جمع المعلومات
وعن امكانية أن يتطور دور المراة مستقبلا ضمن هاته التنظيمات أوضح العميد بن نصر أنه سيظل توظيف العنصر النسائي بحكم انه سهل التخفي وقادر على الاستقطاب حيث يقع استغلالهن في عمليات الاستقطاب والاستمالة الا انه شدد على أنه قلما سنجد في العمليات الارهابية العنصر النسائي فاعلا ميدانيا او في عمليات القتل او السطو
سعيدة الميساوي
مختص في الاجتماع: الهشاشة .. والفراغ الروحي والاجتماعي في قفص الاتهام !!.. و الصدمات النفسية تساعد على استقطاب العنصر النسائي!
تمكنت الوحدات الامنية في عدد من جهات الجمهورية منذ فترة من تفكيك عدد من الخلايا الارهابية النسائية، حيث تم بتاريخ 5 نوفمبر الجاري بالعاصمة تفكيك خلية نسائية مرتبطة بتنظيمات إرهابية.. وهاته الخلية مكونة من أربعة عناصر نسائية تقمن بولايتي سوسة والقيروان، وقد أعلنت حينها السلطات الأمنية تفكيك هذه الخلية النسائية التي تبين وأنها مرتبطة بالجماعات الإرهابية المتواجدة ببؤر التوتر، حيث تمكنت المصالح المركزية لإدارة الاستعلامات بعد التنسيق مع فرقة الأبحاث والتفتيش بسوسة وفرقة الأبحاث والتفتيش بمنطقة حفوز، من الكشف عنها والتي اتضح أيضا أنها عناصر نسائية غير مكشوفة في مجال التطرف الديني، كما اتضح أن جميعهن يتواصلن في مجموعات مغلقة عبر حسابات التواصل الاجتماعي ويخضن في الفتاوى المتطرفة لدعاة الغلو الديني بالداخل والخارج ويتواصلن مع حسابات أجنبية لعناصر إرهابية متواجدة ببؤر التوتر وذلك وفق ما أورده البلاغ الصادر عن السلط الامنية ليقع على اثرها ايداع هاته العناصر السجن.
خلية أخرى تم تفكيكها في 25 من شهر جوان الفارط، وفق ما أعلنت عنه وزارة الداخلية، حيث تم القبض على خلية نسائية في الكرم بشبهة "الإرهاب" تتكون من ثمانية 8 نساء، 6 منهن صادرة بشأنهن بطاقات تفتيش من قبل الوحدات الامنية بقرطاج.
وأضافت الوزارة في بلاغ للغرض عن أن مصالحها تلقت معلومات عن نشوب خلاف بأحد أحياء الكرم الغربي بالضاحية الشمالية للعاصمة والذي تحول إلى تراشق بمواد حارقة، ليتم مداهمة أحد المنازل وايقاف امرأتين في مرحلة أولى و6 نساء في مرحلة ثانية صادرة بشأنهن بطاقات تفتيش بشبهة الانضمام لتنظيم إرهابي.
وفي مارس المنقضي تم في ذات السياق تفكيك خلية إرهابية أخرى مرتبطة بتنظيم "داعش" حيث أعلنت السلط الامنية عن إحباط مخطط إرهابي كان يخطط له من قبل عنصر تكفيري نسائي وقد نجحت القوات الامنية في تفكيك هاته الخلية الإرهابية التي تنشط في ولاية تطاوين وكانت تخطط للقيام بعمليات نوعية.
وقد اتضح أن الخلية تضم 6 عناصر، يطلق عليها اسم "الموحدون" وتنشط بجهة تطاوين، يتزعمها عنصر تكفيري غير معروف أمنيا، كما تولى عناصرها مبايعة زعيم ما يسمى بتنظيم "داعش" الإرهابي.
وأشارت وزارة الداخلية حينها إلى أن هذه الخلية تعمدت استقطاب مجموعة من تطاوين لتبني الفكر التكفيري، كما خططوا لصناعة مواد متفجرة وسموم لاستغلالها في القيام بعمليات نوعية.
وفي 28 من شهر اكتوبر من السنة الفارطة تم أيضا الاعلان عن ضبط خلية إرهابية نسائية تعمل لصالح تنظيم "داعش"، والتي كانت تعمل على استقطاب نساء لصالح هذا التنظيم.. وهذه الخلية تنشط بين ولايتي الكاف وتوزر في مجال استقطاب العناصر النسائية عبر الفضاء الافتراضي لفائدة تنظيم داعش الإرهابي"، علما وأنه لم يكشف عن عدد أفرادها أو هوياتهم الا أنه في المقابل تبين وأن الخلية المذكورة على صلة بالعناصر الإرهابية التابعة لما يعرف بتنظيم أجناد الخلافة (الموالي لـ"داعش") المتحصنة بالجبال التونسية.. ليقع على اثرها إحالتهم على أنظار النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، ثم إصدار بطاقات إيداع بالسجن في شأنهم.
ومما لاشك فيه يعد الكشف عن المخططات الإرهابية وخاصة حينما يتم إجهاضها بعمليات استباقية وتفكيك الخلايا المتطرفة دليل ومؤشر ايجابي على جاهزية قواتنا الأمنية التي "تجاهد" و تقاتل منذ سنين ضد هذه العناصر الإرهابية الموالية لتنظيم "القاعدة" و"داعش" والذين يتحصنون في جبال ولايات القصرين وكذلك ولايات جندوبة والكاف ولديهم خلايا نائمة داخل المدن.
نجاحات.. وتواصل التهديدات
ورغم كل النجاحات التي تحققها الوحدات الامنية في كل مرة الا أن حجم التهديدات لا يزال يلاحق بلادنا ما يبعث عن الكثير من القلق على أمن واستقرار البلاد خاصة وأننا مقبلون على عدة مناسبات من بينها رأس السنة الميلادية والتي نأمل أن تمر بسلام وندعو في هذا الصدد الى مواصلة الحذر واليقظة إزاء خطر المجموعات المتطرفة المتحركة والمتجددة.
وعن دور هاته الخلايا التي تحاول تغيير استراتيجيتها للوصول الى مبتغاها من خلال استغلال العنصر النسائي، اتصلت "الصباح نيوز" بالباحث في علم الاجتماع معاذ بن نصير لمعرفة ما هي المهام والادوار التي توكل لهاته الفئة وهل يعد ذلك استراتيجية جديدة للتنظيمات الارهابية التي باتت محاصرة وتسعى بكل ما أوتيت الى الخروج من هذا الحصار.
عدة اسباب لانخراط النساء
وفي هذا السياق يرى الباحث في علم الاجتماع معاذ بن نصير أن هنالك عدة اسباب مباشرة تجعل من المرأة تنخرط بشكل مباشر في الحركات المتطرفة، ولعل من اهمها الهشاشة النفسية لأغلبهن مع الفراغ الروحي والاجتماعي الذي تشكوا منهن البعض، زد على ذلك يلعب تدني المستوى التعليمي دورا هاما في تنامي هاته الحركات.
كما يؤكد بن نصير على ان الصدمات النفسية تساعد في استقطاب العنصر النسائي ، اذ أن بعض النساء اللواتي اختبرن هذه الصدمات، ولا سيما من ترعرعن في بيئات متطرّفة، فإنهن يرين في الالتحاق بالمجموعات الإرهابية وسيلة لاستعادة القدرات التي حَرمهن المجتمع منها، حيث تضطر بعضهن للاستجابة للتقاليد وللضغوط الاجتماعية التي تقمع حقوقهن فيجنحن في الأخير نحو تشجيع الأفكار المتطرفة التي تعتبر التضحية بالذات شيئا مقدسا، وذلك من خلال اللجوء إلى الأداء الأكثر تطرفا لتلك "القيم".. مضيفا بأن التربة الخصبة التي تنمو فيها هذه الأفكار المتطرفة لدى بعض النساء تكمن في عدم توفر طرق بديلة لديهن للتعبير عن غضبهن الذي تحول إلى كراهية دفينة.
القمع.. أحد الأسباب
ولاحظ محدثنا أنه بالنسبة لعدد كبير من النساء، فإن التعرض الأكثر شيوعا للقمع ينبع من داخل الوسط الاجتماعي الخاص بهن وبمعنى آخر، فان أحد الأسباب الرئيسية التي تختار بسببها تلك النساء الانخراط في الإرهاب هو البحث عن الإحساس بسلطة وقوة لم تتوفر لهن مطلقا في مجتمعاتهن، من خلال الميل نحو ايديولوجية متطرفة وقبول الأدوار القيادية الجديدة المتاحة لهن داخل تلك البنية ـ حتى وإن عاملتهن هذه المنظمات على أنهن مواطنات من الدرجة الثانية، وقد يصل إلى درجة الاتجار بهن جنسيا لكسب المال.
وذكر محدثنا في ذات السياق إلى أن بلادنا لا تزال تتخبط في مواجهة التشدد، على الرغم من الخطوات القيمة التي اتخذتها البلاد لإصلاح القطاع الأمني والجهود الدؤوبة التي بُذِلت لمكافحة الإرهاب، فالحكومة تفتقر إلى الخبرات والموارد اللازمة كي تتمكن في آن واحد من معالجة المشاغل الأمنية وإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بالبلاد، ولذلك تتقدم جهات من المجتمع المدني، وعلى رأسها الجمعيات النسائية – التي تستهدف فئات قد تكون من الأكثر تململاً وهشاشة في تونس – للمساعدة في محاربة التطرف بيد أن الاختلافات العقائدية من بين الاسباب لتنامي ظاهرة انخراط النساء التونسيات في الحركات المتطرفة.
الفوارق الاقتصادية والبطالة
وعن الأسباب التي تدفع بالشباب نحو التشدد اوضح الاستاذ بن نصير أنها هي نفسها التي تقود النساء إلى التطرف، وتتمثل في الفوارق الاقتصادية، وارتفاع البطالة، والاستياء من المرحلة الانتقالية الديمقراطية.
وأعطى الاستاذ بن نصير مثالا على ذلك قائلا أن احدى الفتيات اللاتي تم القبض عليها بتهمة التخطيط لعملية ارهابية بالعاصمة تونس تنحدر من منطقة ريفية على مقربة من مدينة المهدية الساحلية، وكانت عاطلة عن العمل مع أنها تحمل شهادة جامعية في اختصاص اللغة الإنكليزية للأعمال، وعلى الرغم من أن الحد من التفاوت بين المناطق كان مطلبا أساسيا من المطالب التي رفعتها الثورة التونسية، إلا أن الحكومات المتعاقبة لم توظف استثمارات كافية في المناطق المهمشة التي تواجه خطرا أعلى بالجنوح نحو التشدد، ولا سيما من أجل دعم توظيف المرأة مشيرا في هذا السياق إلى أن البطالة لدى النساء تسجل نسبة أعلى بكثير (22.7 في المائة) بالمقارنة مع الرجال (12.5 في المائة).
نساء برزن ضمن هذه التنظيمات
برزت ضمن الخلايا النسائية عدة نساء قياديات بلغ بالبعض منهم الى اتخاذ أدوار رئيسية من تخطيط وتنفيذ، من أبرزهن الملف الشهير المتعلق بالإرهابية فاطمة الزواغي والتي قيل عنها أنها من أخطر القيادات الارهابية.
والزواغي هي طالبة طب، انشأت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" تحت اسم "حماة الديار" تحرض من خلالها على الجهاد وأنشأت كذلك صفحات أخرى منها صفحة تتعلق بأنصار الشريعة المحظور وكذلك لحسابات تتعلق بعناصر إرهابية ضمن جبال الشعانبي وسمامة وسلوم.
وخططت الزواغي وحضرت لاغتيال سفير أمريكي حيث قامت برصد وتحديد الهدف فضلا عن تواصلها مع ارهابين من بينهم لقمان ابو صخر، وكانت قاب قوسين من تنفيذ مخططها حيث قامت بكراء المحل المقابل لحلاق السفير، كما كانت الزواغي تخطط لتفجير ثكنة بوشوشة فضلا عن القيام بعمليات إرهابية اخرى.
وتداول أن الزواغي كانت تحاول ايضا استقطاب كل من يعترضها داخل السجن حتى الاعوان الا ان مساعيها باءت بالفشل حيث ظلت تواصل مساعيها لتحقيق أهدافها وعملها الارهابي داخل السجون
امرأة أخرى كان لها الاثر الابرز وهي منى قبلة التي فجرت نفسها في شارع الحبيب بورقيبة، ومنى شابة في الثلاثين من عمرها من معتمدية سيدي علوان بولاية المهدية.. وقد خلف حينها هطا العمل الارهابي اصابة عدد من الجرحى من بينهم أمنيين ومدنيين.
وحسب المعلومات التي تم تداولها حينها فإن منفذة العملية تبلغ من العمر 30 سنة، وغير معروفة لدى المصالح الأمنية للتطرف.
كذلك من بين الامثلة الاخرى لهذه النساء الشقيقتين رحمة وغفران الشيخاوي اللتين وقع تجنيدهما من قبل التنظيمات الارهابية ثم التحقتا بتنظيم داعش الإرهابي في ليبيا.
فغفران الكبرى لم تتجاوز حينها سن 18 وقد تزوجت بمدينة سرت الليبية بأحد اخطر العناصر المصنفة وانجبت طفلة لتعلق بين براثن الإرهابيين وتصاب بحالة من الاحباط بحسب ما أخبرت به والدتها في إحدى تصريحات هذه الاخيرة، اما رحمة فقد اعتنقت في سن مبكرة الفكر الداعشي وقد انطلق ذلك بعد حضورها إحدى الخيمات الدعوية في 2012.
.. من الضحية المغرر بها الى الفاعلة والناشطة
من جانبه صرح الخبير الأمني علي زرمديني لـ"الصباح نيوز" أن الارهاب اصبح يعتمد على العنصر النسائي بكيفية كبيرة في السنوات الاخيرة لعدة اعتبارات.
وذكر زرمديني أن اول هذه الاعتبارات ذاتية من المرأة نفسها التي تسعى الى التحدي وان تظهر بمظهر المقاتل وعلى نفس الشاكلة وأن تؤدي نفس الدور الذي يؤديه الرجل، وبالتالي لم يعد دورها يقتصر على الخدمات وتقديم دورها المعهود كما في السابق.
وبين زرمديني أن المرأة اليوم ترغب ان تعطي لنفسها فاعلية ودورا لا يقل اهمية بل ربما اكثر حتى من الرجل بطبيعة التحدي، مشيرا بالقول أن "المراة "تدمغجت" أكثر من الرجل في باب الارهاب على اعتبار نفسيتها ولاعتبارات أخرى معينة يقع بموجبها التأثير عليها أكثر من الرجل.
وثاني الاعتبارات يخص الناحية العملياتية حيث ان الارهاب يعتمد على المرأة لعدة مسائل أولا لان المرأة عنصر يمر في الخفاء وله امكانية التستر وامكانية حمل الممنوعات جسديا على اعتبار وان هندامها يمكنها من اخفاء بعض الاشياء التي يمكن ان يكون لها تأثير وفعل مع العمليات الارهابية اذ يمكن للمرأة أن تخفي حزاما ناسفا او سلاحا وتمر بسلام من أمام الدوريات لأنه من النادر جدا أن يقع تفتيش المرأة او يقع معاكستها او مضايقتها خلال العمليات الامنية اللهم ان تواجد في الدورية الامنية عنصر نسائي وهو احتمال موجود لكن بقلة نادرة.
ولاحظ محدثنا أن المرأة اليوم باتت تعيش في المخيمات العسكرية وتخضع للتدريبات العسكرية شأنها شأن الاطفال وهو الذي جعلها تقدم على ارتكاب هاته الجرائم منتهيا الى الاشارة إلى أن المرأة ترسخ في عقليتها جانب الارهاب اكثر من الرجل و"الدمغجة" أكثر منه ما يجعلها تأتي مثل هاته الافعال الارهابية اكثر من الرجل.
دوران للمرأة في التنظيمات الارهابية
أما العميد المتقاعد من الجيش الوطني والرئيس السابق للجنة الوطنية لمكافحة الارهاب مختار بن النصر فقد أوضح أن المرأة من قبل موجودة ضمن هاته التنظيمات وهو أمر ليس بالجديد، مضيفا بأنه بالعودة لعديد العمليات الارهابية التي حصلت ببلادنا والتي تواجد فيها العنصر النسائي وأعلنت عنها وزارة الداخلية هي أنه يتم توظيف بعض منهن لجمع المعلومات او لترصد بعض الوحدات او الادلاء بمعلومات معينة الا ان الدراسات التي لديهم تبين انه على امتداد الفترة لمتراوحة بين 2011 و2020 المراة كانت تقريبا لها دورين، الاول دور الضحية وبكونها الانسانة المغرر بها سواء من قبل زوجها او اي قريب لها (وهنا لا تكون متقاتلة ) وانما تكون كسند لزوجها او قريبها الذي يقوم بالعمليات وهي تتكفل بدعمه.
وعن الدور الثاني ذكر بن نصر دور ناشطات وفاعلات في العمليات الارهابية سواء يقمن بتنفيذ عمليات أو جمع المعلومات او المعدات اللوجستية، مشيرا الى أن هاته الخلايا الارهابية هي خلايا منظمة بشكل توظف الجنسين وبطريقة متقدمة، حيث يتعلق الموضوع اما بالاستقطاب او الاستمالة او جمع المعلومات او التدخل في أماكن معينة او عبر الانترنات من خلال الاستقطاب فانه حينها يقع توظيف العنصر النسائي بشكل كبير وخاصة في مسالة الاستقطاب والاستمالة للشباب واكثر من ذلك كسند للمقاتلين حيث يعتبرنهم مجاهدين ويسعين الى مساندتهم بالحضور الميداني او حتى في القاعدة الخلفية كزوجات لهم وهو موجود مع تنظيم "داعش" وهو اسلوب عمل لهم.
وكشف العميد بن نصر بخصوص بلادنا فان ما حصل هو عدم وجود عنصر نسائي بكثرة لكنه يظل موجودا ومؤثرا وفاعلا ولعل ما تم اكتشافه في الفترة الاخيرة هو عينة من العينات المتداولة وأنهم موجودون ويشكلون خلايا منتشرة ويسعون الى بعث نقطة اتصال من خلال الامدادات اللوجستية او المساعدة في جمع المعلومات
وعن امكانية أن يتطور دور المراة مستقبلا ضمن هاته التنظيمات أوضح العميد بن نصر أنه سيظل توظيف العنصر النسائي بحكم انه سهل التخفي وقادر على الاستقطاب حيث يقع استغلالهن في عمليات الاستقطاب والاستمالة الا انه شدد على أنه قلما سنجد في العمليات الارهابية العنصر النسائي فاعلا ميدانيا او في عمليات القتل او السطو