أجمع المتدخلون، اليوم الجمعة خلال ورشة تحسيسية حول التدابير البديلة للعقوبة السجنية ودور المؤسسات الحاضنة في نظام المصاحبة، على ضرورة تعويض العقوبة السجنية السالبة للحرية في الجنح والمخالفات بعقوبة بديلة ومنها خاصة العمل لفائدة المصلحة العامة كي يتم القطع مع حالات الاكتظاظ داخل السجون والعود.
ولفت الوكيل العام السابق بمحكمة الاستئناف بسوسة، عبد الحميد عبادة، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء على هامش تنظيم هذه الورشة التي انتظمت ببادرة من الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، الى أن استبدال العقوبة السالبة للحرية بعمل للمصلحة العامة تكون عبر مرافقة المحكوم عليه بالمؤسسة الحاضنة لمدة زمنية محددة دون أجر ووفق جدول زمني مضبوط.
وأضاف ان المشرع التونسي حدّد المؤسسات والجمعيات الكفيلة باحتضان المحكوم عليه بعقوبة بديلة وتحديدا العمل لفائدة المصلحة العامة استنادا للفصل 17 من المجلة الجزائية.
وأشار الى أن المحكوم عليه بعقوبة بديلة ومنها العمل لفائدة المصلحة العامة تنحصر في المؤسسات العمومية والجمعيات الخيرية والاسعافية وذات مصلحة وطنية والمحافظة على البيئة حسب النص القانوني.
وبين أن استبدال العقوبة السجنية بعمل لفائدة المصلحة العامة يتم تنفيذها عن طريق مكتب مصاحبة الذي يكون تابعا لوزارة العدل ويشرف عليه قاضي تنفيذ عقوبات ويتكون من مرافقين عدليين تابعين للادارة العامة للسجون والاصلاح.
ويتولى مكتب المصاحبة تحديد المؤسسة الحاضنة للمحكوم عليه ومتابعته وتنظيم زيارات دورية وفجئية له، وفق ذات المصدر.
وأشار الوكيل العام السابق بمحكمة الاستئناف بسوسة، في مداخلته حول مكتب المصاحبة ودور المؤسسات الحاضنة في دعم نظام المصاحبة، الى الاطار الزمني لدخول العقوبات البديلة بمختلف أشكالها حيز التنفيذ والتي انطلقت منذ سنة 2002، لافتا، في ذات الصدد، الى وجود 14 مركز مصاحبة حاليا بصدد العمل وسيتم خلال موفى السنة الجارية احداث 3 مراكز اخرى.
من جهتها، اعتبرت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، راضية الجربي، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء، أن العقوبة البديلة فرصة لاستقطاب النساء والفتيات والطفولة الجانحة والشبان واعادة ادماجهم في المجتمع بدل عقوبة سالبة للحرية في مؤسسات سجنية لاتضطلع بدور اصلاحي.
ولفتت الى ان نسبة العود تقدر بـ 40 بالمائة وهي نسبة مرتفعة فأضحت المؤسسة السجنية تضطلع بدور عقابي بدل اصلاحي، لافتة الى ان نسبة الاكتظاظ تقدر بـ150 بالمائة.
واعتبرت رئيسة المنظمة النسائية ان الواقع المتأزم الاقتصادي منه والنفسي وانسداد الافق لاسيما في العشرية الاخير عمق من منسوب الجريمة.
من ناحيتها، تطرقت المحامية والخبيرة في مجال العقوبات والتدابير غير احتجازية، هند الفقي، خلال مداخلتها حول الاطار القانوني للعقوبات والتدابير غير احتجازية، الى أشكال التدابير غير الاحتجازية ومنها بدائل التتبع عبر الصلح وبدائل الايقاف التحفظي (السوار الالكتروني "غير المفعل" والالتزام بعدم مغادرة البلاد وحدود معينة) وبدائل العقوبة السجنية.
وبيّنت ان بدائل العقوبة السجنية تكون مالية وغير مالية وتتمثل غير المالية في السوار الالكتروني الذي نصص عليه في الفصل 3 من المرسوم عدد 29 لسنة 2020 مؤرخ في 10 جوان 2020 والمتعلق بنظام المراقبة الالكترونية في المادة الجزائية ولم يتم تفعيله الى اليوم.
كما تتمثل العقوبة البديلة للسجن وغير المالية في العمل لفائدة المصلحة العامة على ان لاتتجاوز ساعات العمل 600 ساعة.
واعتبرت ان من شأن اقرار العمل لفائدة المصلحة العامة عوضا عن العقوبة السجنية الحد من العود وتحسين ظروف الاحتجاز وفقا للمعايير الدولية والتقليص من ظاهرة الاكتظاظ وترشيد ميزانية الادارة العامة للسجون واعادة ادماج المحكوم عليه في المجتمع.
وللاشارة فان تنظيم الورشة التحسيسية جاء بالشراكة مع جمعية المحامين والقضاة الامريكية والتي توجت في السابق بابرام اتفاقية شراكة وتعاون لفائدة السجينات والطفولة الجانحة من اجل استبدال العقوبة السالبة للحرية بعقوبة بديلة تكون في شكل خدمة مدنية تطوعية في 2 سبتمبر المنقضي.
وذكر مسؤول برامج أول في جمعية المحامين والقضاة الامريكية، منتصر بن سليمان، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء، ان الجمعية شاركت في التجربة النموذجية التي احدثتها تونس بارساء اول مكتب مصاحبة بسوسة في سنة 2013.
وتقوم الجمعية، وفق محدث (وات)، بتكوين المكونين والقضاة والمحامين وتشبيك العمل بين منظمات المجتمع المدني ومكاتب المصاحبة من اجل ابرام اتفاقيات شراكة.
وتولت الجمعية في سنة 2019 تنفيذ مشروع تعميم نظام المصاحبة باحداث 7 مكاتب مصاحبة تحت اشراف وزارة العدل بعد مشاركتها في التجربة النموذجية بسوسة في 2015، لافتا الى انه منذ احداث مكتب المصاحبة بسوسة تمت الاحاطة بـألفي سجين بالعمل لفائدة المصلحة العامة.
وات