إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

نقابة الصيادلة تطلق صيحة فزع: خسائر الدولة بالمليارات في قطاع الأدوية البيطرية.. تضارب مصالح.. وصحة المواطن في خطر

 
 
 
وجّه رئيس المجلس الوطني لعمادة الأطباء البيطريين التونسيين أحمد رجب دعوة لكافة منظوريه لعدم الانخراط في أيّ تكوين في مجال العلوم البيطرية وخاصة منها علوم الصيدلة البيطرية لأي طرف كان، وذلك اثر محاولات أطراف التدخل في هذه المهنة، في إشارة إلى الصيادلة.
 
كما أكّد رجب، وفق بيان تحصلت "الصباح نيوز" على نسخة منه، أنّ كلّ مخالف لهذا يُعرّض نفسه إلى الامتثال أمام مجلس التأديب لعدم احترام أخلاقيات المهنة.
 
وفي بيان آخر، واستعدادا من عمادة الأطباء البياطرة وبالشراكة مع كافة ممثلي المهنة البيطرية لعقد ندوة صحفية تليها وقفة احتجاجية، غدا الثلاثاء، فقد دعت العمادة الى استجابة السلطات المعنية لمشاغل المهنة في حماية صحة الانسان والحيوان والمحيط والجانب الاقتصادي، قبل أن تضطر إلى خوض اضراب عام يُحدّد موعده لاحقا.
 
واعتبرت العمادة ان استعمال الدواء البيطري بصفة عشوائية يُعدّ أهم عامل للتصحر البيطري ما يؤدي إلى انعدام اليقظة الوبائية البيطرية ، مشيرة إلى أنه ووفق منظمة الصحة العالمية فإنّ حوالي 70 بالمائة من الأمراض الجرثومية لدى الانسان هي من أصل حيواني، إضافة إلى أنّ استعمال الدواء بصفة غير علمية له مخاطر كارثية على صحة الانسان.
 
وأكّدت العمادة أنّ الطبيب البيطري يلعب دورا استراتيجيا في غاية الأهمية من حيث هندسة القرار العلاجي لحماية الانسان والمحيط كما يساهم بفعالية عالية في المحافظة على الأمن القومي والجانب الاقتصادي، إذ يعمل أيضا على احترام مدة الانتظار اللازمة عند مداواة الحيوان لتفادي استهلاك منتوجات حيوانية ملوثة بالرواسب.
 
 
 
نقابة الصيادلة على الخط
 
 
 
وإزاء كلّ هذا وان أكدت النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة في تصريح خاص لـ"الصباح نيوز" أنها ليست في نزاع مع الأطباء البياطرة ولن تدخل في أيّ صراع معها وأنّ كل مهنة على حدة، فقد أكّدت على لسان رئيسها نوفل عميرة أنها تتمسك بتطبيق القانون على الجميع دون استثناء.
 
وأضاف عميرة أنّ الصيادلة لم يتجاوزا المهام الموكولة إليهم ويعملون وفقا للقانون وأنّ مهامهم في صيدلياتهم تتمثل في بيع ما تم تدوينه في وصفات العلاج إضافة إلى الإرشاد والتثقيف الصحي ودعوة كل من يتحول إليها في صورة تسجيل مرض حيوان إلى التوجه إلى أقرب طبيب بيطري.
 
 
 
ويبقى الاشكال المطروح أنّ عدة أطباء بياطرة يتولون مداواة الحيوان وتدوين وصفة العلاج وتوفير الدواء بمقابل، غير أنه قانونا يمنع منعا باتا وصف وبيع دواء حماية للمواطن، وهو ما يعتبر تهربا جبائيا، إذ أنّ قيمة التهرب تصل إلى 200 مليون دينار منذ سنة 2000، هذا إضافة إلى أنّ هامش الربح الإضافي الموظف على الأطباء البيطريين عند الاقتناء من الصيدلية المركزية ومعهد باستور والمعهد القومي للبحوث البيطرية للاستعمال البيطري فقط، يُوظّف لصندوق التشغيل، وفقا لما جاء في قرار وزاري سابق لكل من وزراء الفلاحة والصحة العمومية والتجارة منذ 12 فيفري 2000 والمتعلق بضبط شروط تزوّد البياطرة بالمواد الصيدلية والبيولوجية المعدة للاستعمال البيطري، إلا أنّ هذا القرار لم يُطبق مُطلقا على ارض الواقع ما حرم الدولة من ما يناهز عن الـ180 مليون دينار إلى حدّ الساعة.
 
 
 
هذا وانتقدت نقابة الصيادلة عدم ضبط المواد المخول للبياطرة مسكها وعدم التزام هؤلاء بتطبيق الفصل 64 من الأمر الوزاري عدد 254 لسنة 2000 المتعلق بالمواد السمية وضرورة تضمين صرف هذه الأدوية بدفتر وصفات ممضى ومرقم من طرف الصيدلي المتفقد الجهوي، ما يضع الأمن الغذائي والصحي في خطر. كما استنكرت النقابة ما قد يعرض الصيادلة لضرر أخلاقي ومعنوي ومادي .
 
الأمر، لا يتوقف عند هذا الحدّ في ظلّ غياب أيّ حسيب ورقيب، وفق نقابة الصيادلة، إذ أنّه لا احترام لشروط المسك والنقل والحفظ وتحرير الوصفة الطبية عند البيع كما أنّ البيطري مطالب بالتطلع على سجل ترقيم الحيوانات عند القيامة بزيارة طبية وكذلك شهادة المتابعة الصحية وهو أمر لا يُطبّق إطلاقا، حسب مُحدثنا، ما من شأنه ضرب التسلسل المراقب من الدولة لعملية التزود بالأدوية وخروجها من الرقابة الصارمة التي تفرضها وزارة الصحة، ما أدى إلى خضوع الأدوية لتضارب المصالح وابتعادها عن خصوصيتها القانونية كخدمة صحية بدرجة أولى وليست تجارية، قائلا: "اليوم أصبح هنالك احتكار للعلم لاحتكار الدواء.. والأطباء البيطريين أصبحوا خلافا لمهمتهم الأصلية صيادلة موزعين بالجملة وباعة تفصيل للأدوية البيطرية.. كل هذا والتهرب الجبائي أبرز عنوان". علما وأنّ الفصل 4 من قانون عدد 47 لسنة 1997 المتعلق بممارسة مهنة طبيب بيطري وتنظيمها يُحجّر على نفس الشخص أن يمارس في آن واحد الطب البيطري من جهة والصيدلة من جهة أخرى كما لا يمكن الجمع بين ممارسة مهنة طبيب بيطري ونشاط ذي صبغة تجارية..."
 
كما سُجّل، وفق أرقام رسمية، دخول حوالي 20 بالمائة من الأدوية البيطرية المهربة عبر الاردن والجزائر، علما وأن نفس الأدوية موجودة بتونس تحت مسمى آخر فيما الأدوية المهربة غير متحصلة على رخصة ترويج "AMM".. ما يترتب عنه مضار صحية للحيوان والانسان والاقتصاد ويؤدي إلى فوضى عارمة في البيع، كما أنه من غير المعلوم مدى صحة تلك الأدوية وكيفية تخزينها لدى الطبيب البيطري وهل انها تستجيب للمعايير الصحية لحفظ الأدوية والأمصال.
 
"فراغ" شرّع للبياطرة بيع ادوية بيطرية بمساندة مُصنعين محليين وموزعين بالجملة، في مخالفة صريحة للفصل 38 من قانون عدد 75 لسنة 1992، حيث لا يمكن للصيدلية المركزية ومخابر صنع الأدوية البيطرية والصانعون المحليون للمواد الصيدلية إلاّ للصيادلة وأصحاب صيدليات البيع بالتفصيل وللوكلاء الصيدليين وللمنشآت الصحية والمستشفيات العمومية أو المؤسسات العمومية التي لها صبغة اجتماعية وتعرف بمصلحتها القومية، كما سمح "الفراغ" باستفحال الظاهرة في ظل غياب واضح لأي تفقد صيدلي للعيادات والعربات البيطرية.
 
وعودة للأرقام، فإنّ اقتناءت الصيادلة من الصيدلية المركزية منذ بداية سنة 2022 بلغت 700 ألف دينار، فيما بلغت اقتناءات البياطرة لنفس الأدوية من الصيدلية المركزية ولنفس الفترة 8 مليون دينار، إضافة إلى اقتناءاتها المُباشرة من المصنعين والتي هي غير مخول لها ذلك، علما وأنّ نسبة الربح للبياطرة في تلك الأدوية تصل إلى 40 بالمائة، كما أنّ البياطرة، وفق ذات المتحدث، يحققون هوامش ربح أكثر من الصيادلة.
 
ونفى عميرة أن تكون نقابة الصيادلة تُطالب بعدم السماح للطبيب البيطري ببيع الدواء وإنما تتمسك بتطبيق الفصل 33 من قانون عدد 75 لسنة 1973 والمتعلق بتنظيم مهنة الصيدلة والذي ينصّ على أنّه يمكن للبياطرة تعاطي الصيدلة البيطرية ولهذا يمكنهم مسك المواد الصيدلية والبيولوجية المعدة للاستعمال البيطري والضرورية منها لممارسة المهنة.
 
وفي سياق متصل، استنكرت نقابة الصيادلة عدم إصدار مجموعة قائمة الأدوية التي يحق للبياطرة اقتناؤها من الصيدلية المركزية والتي تم تعطيلها من قبل البياطرة منذ 22 سنة مضت.
 
وإن تمسكت عمادة البياطرة بأن مطالبها تتعلق بالأمن القومي العام، فقد رأتها نقابة الصيادلة أنها مادية بحتا، حيث يرغب البياطرة في السماح لهم باقتناء الأدوية مباشرة من المصنعين وموزعي الجملة  وأن تكون رقابة الأدوية البيطرية لدى وزارة الفلاحة
 
 
 
تحرك "ممنهج"
 
ورأت نقابة الصيادلة أنّ التحرك المعلن من قبل عمادة البياطرة يأتي كمحاولة للضغط على وزارة الصحة لتمرير مطالب مادية بحتة وتقليل الرقابة إن وجدت وكردة فعل على إرساء تكوين مستمر في "الصيدلة البيطرية" بكلية الصيدلة والذي ستنطلق بداية سنة 2023، اي في خطوة لتعطيل تفعيل هكذا قرار مع استعمال لغة الوعيد والتهديد من قبل عمادة البياطرة لمنظوريها لعدم الانخراط في هذا المشروع.
 
وذكّرت النقابة بأنّ البياطرة يرتكبون عدة جرائم لعلّ أهمها تعطيل قانون 73 المتعلق بالصيدلة الاستشفائية والرقمنة والتعريفات الجديدة للأدوية، وكذلك تعطيل إحداث الوكالة الوطنية للأدوية والتي بإحداثها سيتم تقليص آجال الحصول على تراخيص ترويج الدواء بهدف ضمان تزود المواطن بالادوية وكذلك تعطيل أي عمل إصلاحي.
 
 
وفي سياق متصل، دعا عميرة المصنعين والصيدلية المركزية إلى الالتزام بالقانون والكف عن الممارسات غير الشرعية، والأطباء البياطرة إلى الالتزام بتطبيق القانون وممارسة مهنتهم والكف عن ممارسة الصيدلة التي هي ليست من مهامهم.. ما خلق حالة من الفوضى العارمة وتسبب في ارتكاب جرائم فعلية، وفق تعبيره، مُشددا على ضرورة وضع حدّ أمام مافيا الدواء البيطري.
 
وفي ختام حديثه، أكّد نوفل عميرة غياب الدولة في ملف الأدوية البيطرية، وغياب كلي لإدارة التفقد الصيدلي في عمليات مراقبة ومسك وتوزيع الأدوية البيطرية كذلك التساهل في قضية أمن قومي من الصنف الأول في ظل تهريب لهذه الأدوية من وإلى البلدان المجاورة دون رادع، وينضاف إلى كل ذلك حصولهم على حصانة مطلقة من وزارة الفلاحة في عمليات المراقبة والمسك...وانتشار المواد الطبية البيطرية والسمية منها وبيعها في كل مكان بالأسواق والمعارض....
 
وللإفادة فقد تم وضع برنامج إنقاذ وطني لمجابهة المقاومة للمضاد الحيوي سنة 2019 على أن يمتد لـ4 سنوات وأمضى عليه كل من وزيرة الصحة آنذاك سنية بالشيخ ووزير الفلاحة السابق سمير بالطيب، وذلك تحت إشراف منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، ويهدف إلى ترشيد استعمال المضادات الحيوية والتي تمثل خطرا كبيرا على الصحة العامة، غير أنّ هذا البرنامج لم ير النور.
 
عبير الطرابلسي
 
نقابة الصيادلة تطلق صيحة فزع: خسائر الدولة بالمليارات في قطاع الأدوية البيطرية.. تضارب مصالح.. وصحة المواطن في خطر
 
 
 
وجّه رئيس المجلس الوطني لعمادة الأطباء البيطريين التونسيين أحمد رجب دعوة لكافة منظوريه لعدم الانخراط في أيّ تكوين في مجال العلوم البيطرية وخاصة منها علوم الصيدلة البيطرية لأي طرف كان، وذلك اثر محاولات أطراف التدخل في هذه المهنة، في إشارة إلى الصيادلة.
 
كما أكّد رجب، وفق بيان تحصلت "الصباح نيوز" على نسخة منه، أنّ كلّ مخالف لهذا يُعرّض نفسه إلى الامتثال أمام مجلس التأديب لعدم احترام أخلاقيات المهنة.
 
وفي بيان آخر، واستعدادا من عمادة الأطباء البياطرة وبالشراكة مع كافة ممثلي المهنة البيطرية لعقد ندوة صحفية تليها وقفة احتجاجية، غدا الثلاثاء، فقد دعت العمادة الى استجابة السلطات المعنية لمشاغل المهنة في حماية صحة الانسان والحيوان والمحيط والجانب الاقتصادي، قبل أن تضطر إلى خوض اضراب عام يُحدّد موعده لاحقا.
 
واعتبرت العمادة ان استعمال الدواء البيطري بصفة عشوائية يُعدّ أهم عامل للتصحر البيطري ما يؤدي إلى انعدام اليقظة الوبائية البيطرية ، مشيرة إلى أنه ووفق منظمة الصحة العالمية فإنّ حوالي 70 بالمائة من الأمراض الجرثومية لدى الانسان هي من أصل حيواني، إضافة إلى أنّ استعمال الدواء بصفة غير علمية له مخاطر كارثية على صحة الانسان.
 
وأكّدت العمادة أنّ الطبيب البيطري يلعب دورا استراتيجيا في غاية الأهمية من حيث هندسة القرار العلاجي لحماية الانسان والمحيط كما يساهم بفعالية عالية في المحافظة على الأمن القومي والجانب الاقتصادي، إذ يعمل أيضا على احترام مدة الانتظار اللازمة عند مداواة الحيوان لتفادي استهلاك منتوجات حيوانية ملوثة بالرواسب.
 
 
 
نقابة الصيادلة على الخط
 
 
 
وإزاء كلّ هذا وان أكدت النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة في تصريح خاص لـ"الصباح نيوز" أنها ليست في نزاع مع الأطباء البياطرة ولن تدخل في أيّ صراع معها وأنّ كل مهنة على حدة، فقد أكّدت على لسان رئيسها نوفل عميرة أنها تتمسك بتطبيق القانون على الجميع دون استثناء.
 
وأضاف عميرة أنّ الصيادلة لم يتجاوزا المهام الموكولة إليهم ويعملون وفقا للقانون وأنّ مهامهم في صيدلياتهم تتمثل في بيع ما تم تدوينه في وصفات العلاج إضافة إلى الإرشاد والتثقيف الصحي ودعوة كل من يتحول إليها في صورة تسجيل مرض حيوان إلى التوجه إلى أقرب طبيب بيطري.
 
 
 
ويبقى الاشكال المطروح أنّ عدة أطباء بياطرة يتولون مداواة الحيوان وتدوين وصفة العلاج وتوفير الدواء بمقابل، غير أنه قانونا يمنع منعا باتا وصف وبيع دواء حماية للمواطن، وهو ما يعتبر تهربا جبائيا، إذ أنّ قيمة التهرب تصل إلى 200 مليون دينار منذ سنة 2000، هذا إضافة إلى أنّ هامش الربح الإضافي الموظف على الأطباء البيطريين عند الاقتناء من الصيدلية المركزية ومعهد باستور والمعهد القومي للبحوث البيطرية للاستعمال البيطري فقط، يُوظّف لصندوق التشغيل، وفقا لما جاء في قرار وزاري سابق لكل من وزراء الفلاحة والصحة العمومية والتجارة منذ 12 فيفري 2000 والمتعلق بضبط شروط تزوّد البياطرة بالمواد الصيدلية والبيولوجية المعدة للاستعمال البيطري، إلا أنّ هذا القرار لم يُطبق مُطلقا على ارض الواقع ما حرم الدولة من ما يناهز عن الـ180 مليون دينار إلى حدّ الساعة.
 
 
 
هذا وانتقدت نقابة الصيادلة عدم ضبط المواد المخول للبياطرة مسكها وعدم التزام هؤلاء بتطبيق الفصل 64 من الأمر الوزاري عدد 254 لسنة 2000 المتعلق بالمواد السمية وضرورة تضمين صرف هذه الأدوية بدفتر وصفات ممضى ومرقم من طرف الصيدلي المتفقد الجهوي، ما يضع الأمن الغذائي والصحي في خطر. كما استنكرت النقابة ما قد يعرض الصيادلة لضرر أخلاقي ومعنوي ومادي .
 
الأمر، لا يتوقف عند هذا الحدّ في ظلّ غياب أيّ حسيب ورقيب، وفق نقابة الصيادلة، إذ أنّه لا احترام لشروط المسك والنقل والحفظ وتحرير الوصفة الطبية عند البيع كما أنّ البيطري مطالب بالتطلع على سجل ترقيم الحيوانات عند القيامة بزيارة طبية وكذلك شهادة المتابعة الصحية وهو أمر لا يُطبّق إطلاقا، حسب مُحدثنا، ما من شأنه ضرب التسلسل المراقب من الدولة لعملية التزود بالأدوية وخروجها من الرقابة الصارمة التي تفرضها وزارة الصحة، ما أدى إلى خضوع الأدوية لتضارب المصالح وابتعادها عن خصوصيتها القانونية كخدمة صحية بدرجة أولى وليست تجارية، قائلا: "اليوم أصبح هنالك احتكار للعلم لاحتكار الدواء.. والأطباء البيطريين أصبحوا خلافا لمهمتهم الأصلية صيادلة موزعين بالجملة وباعة تفصيل للأدوية البيطرية.. كل هذا والتهرب الجبائي أبرز عنوان". علما وأنّ الفصل 4 من قانون عدد 47 لسنة 1997 المتعلق بممارسة مهنة طبيب بيطري وتنظيمها يُحجّر على نفس الشخص أن يمارس في آن واحد الطب البيطري من جهة والصيدلة من جهة أخرى كما لا يمكن الجمع بين ممارسة مهنة طبيب بيطري ونشاط ذي صبغة تجارية..."
 
كما سُجّل، وفق أرقام رسمية، دخول حوالي 20 بالمائة من الأدوية البيطرية المهربة عبر الاردن والجزائر، علما وأن نفس الأدوية موجودة بتونس تحت مسمى آخر فيما الأدوية المهربة غير متحصلة على رخصة ترويج "AMM".. ما يترتب عنه مضار صحية للحيوان والانسان والاقتصاد ويؤدي إلى فوضى عارمة في البيع، كما أنه من غير المعلوم مدى صحة تلك الأدوية وكيفية تخزينها لدى الطبيب البيطري وهل انها تستجيب للمعايير الصحية لحفظ الأدوية والأمصال.
 
"فراغ" شرّع للبياطرة بيع ادوية بيطرية بمساندة مُصنعين محليين وموزعين بالجملة، في مخالفة صريحة للفصل 38 من قانون عدد 75 لسنة 1992، حيث لا يمكن للصيدلية المركزية ومخابر صنع الأدوية البيطرية والصانعون المحليون للمواد الصيدلية إلاّ للصيادلة وأصحاب صيدليات البيع بالتفصيل وللوكلاء الصيدليين وللمنشآت الصحية والمستشفيات العمومية أو المؤسسات العمومية التي لها صبغة اجتماعية وتعرف بمصلحتها القومية، كما سمح "الفراغ" باستفحال الظاهرة في ظل غياب واضح لأي تفقد صيدلي للعيادات والعربات البيطرية.
 
وعودة للأرقام، فإنّ اقتناءت الصيادلة من الصيدلية المركزية منذ بداية سنة 2022 بلغت 700 ألف دينار، فيما بلغت اقتناءات البياطرة لنفس الأدوية من الصيدلية المركزية ولنفس الفترة 8 مليون دينار، إضافة إلى اقتناءاتها المُباشرة من المصنعين والتي هي غير مخول لها ذلك، علما وأنّ نسبة الربح للبياطرة في تلك الأدوية تصل إلى 40 بالمائة، كما أنّ البياطرة، وفق ذات المتحدث، يحققون هوامش ربح أكثر من الصيادلة.
 
ونفى عميرة أن تكون نقابة الصيادلة تُطالب بعدم السماح للطبيب البيطري ببيع الدواء وإنما تتمسك بتطبيق الفصل 33 من قانون عدد 75 لسنة 1973 والمتعلق بتنظيم مهنة الصيدلة والذي ينصّ على أنّه يمكن للبياطرة تعاطي الصيدلة البيطرية ولهذا يمكنهم مسك المواد الصيدلية والبيولوجية المعدة للاستعمال البيطري والضرورية منها لممارسة المهنة.
 
وفي سياق متصل، استنكرت نقابة الصيادلة عدم إصدار مجموعة قائمة الأدوية التي يحق للبياطرة اقتناؤها من الصيدلية المركزية والتي تم تعطيلها من قبل البياطرة منذ 22 سنة مضت.
 
وإن تمسكت عمادة البياطرة بأن مطالبها تتعلق بالأمن القومي العام، فقد رأتها نقابة الصيادلة أنها مادية بحتا، حيث يرغب البياطرة في السماح لهم باقتناء الأدوية مباشرة من المصنعين وموزعي الجملة  وأن تكون رقابة الأدوية البيطرية لدى وزارة الفلاحة
 
 
 
تحرك "ممنهج"
 
ورأت نقابة الصيادلة أنّ التحرك المعلن من قبل عمادة البياطرة يأتي كمحاولة للضغط على وزارة الصحة لتمرير مطالب مادية بحتة وتقليل الرقابة إن وجدت وكردة فعل على إرساء تكوين مستمر في "الصيدلة البيطرية" بكلية الصيدلة والذي ستنطلق بداية سنة 2023، اي في خطوة لتعطيل تفعيل هكذا قرار مع استعمال لغة الوعيد والتهديد من قبل عمادة البياطرة لمنظوريها لعدم الانخراط في هذا المشروع.
 
وذكّرت النقابة بأنّ البياطرة يرتكبون عدة جرائم لعلّ أهمها تعطيل قانون 73 المتعلق بالصيدلة الاستشفائية والرقمنة والتعريفات الجديدة للأدوية، وكذلك تعطيل إحداث الوكالة الوطنية للأدوية والتي بإحداثها سيتم تقليص آجال الحصول على تراخيص ترويج الدواء بهدف ضمان تزود المواطن بالادوية وكذلك تعطيل أي عمل إصلاحي.
 
 
وفي سياق متصل، دعا عميرة المصنعين والصيدلية المركزية إلى الالتزام بالقانون والكف عن الممارسات غير الشرعية، والأطباء البياطرة إلى الالتزام بتطبيق القانون وممارسة مهنتهم والكف عن ممارسة الصيدلة التي هي ليست من مهامهم.. ما خلق حالة من الفوضى العارمة وتسبب في ارتكاب جرائم فعلية، وفق تعبيره، مُشددا على ضرورة وضع حدّ أمام مافيا الدواء البيطري.
 
وفي ختام حديثه، أكّد نوفل عميرة غياب الدولة في ملف الأدوية البيطرية، وغياب كلي لإدارة التفقد الصيدلي في عمليات مراقبة ومسك وتوزيع الأدوية البيطرية كذلك التساهل في قضية أمن قومي من الصنف الأول في ظل تهريب لهذه الأدوية من وإلى البلدان المجاورة دون رادع، وينضاف إلى كل ذلك حصولهم على حصانة مطلقة من وزارة الفلاحة في عمليات المراقبة والمسك...وانتشار المواد الطبية البيطرية والسمية منها وبيعها في كل مكان بالأسواق والمعارض....
 
وللإفادة فقد تم وضع برنامج إنقاذ وطني لمجابهة المقاومة للمضاد الحيوي سنة 2019 على أن يمتد لـ4 سنوات وأمضى عليه كل من وزيرة الصحة آنذاك سنية بالشيخ ووزير الفلاحة السابق سمير بالطيب، وذلك تحت إشراف منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، ويهدف إلى ترشيد استعمال المضادات الحيوية والتي تمثل خطرا كبيرا على الصحة العامة، غير أنّ هذا البرنامج لم ير النور.
 
عبير الطرابلسي
 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews