إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خالد بوزيد لـ"الصباح نيوز": كوميديا اليوم هي كوميديا الكلام وليست كوميديا المواقف

- الأعمال الدرامية تستهدف الرغبات الجنسية والعدوانية لدى المتفرج

-الهايكا ليست لديها آليات النقد لأن الفنون الدرامية تُقيّم وتٌقوّم من أهل الاختصاص

-"الغشة" في بعض الأعمال الهزلية لا علاقة لها بـ "jeu de mot "

عديدون  هم من يعتقدون أن الكوميديا تقتصر على "السكاتشات" أو "les stand-up" أو ما يتداول في بعض وسائل الإعلام من "نٍكات" أو "فكهجة".. في حين أن ما يُعرض اليوم -خاصة في الأعمال الرمضانية- في مجمله أصبح خاليا من "الضمار" وفن الإضحاك والإبداع إلى درجة أنك تشعر وكأنك بصدد سماع "lexique " أو مجموعة نصوص كوميدية مقتضبة بإحدى المقاهي أو إحدى الأزقة هنا وهناك .. ذلك أن بعض الممثلين استسهلوا الامر واستمدوا أعمالهم من الشارع وضحكوا على ذقون المتفرج من خلال تقديم أعمال فنية مبتذلة ساهمت في تدني الذوق العام.. لتبقى"دار لقمان على حالها" طيلة سنوات،  باستثناء بعض الأعمال والتي -للاسف- أغلبها لم تبث في وسائل الإعلام..

عن انعكاس ذلك على المتفرج و"تفكيك" المشهد الكوميدي وسبل النهوض والارتقاء به، أفاد الفنان المسرحي خالد بوزيد "الصباح نيوز" بآرائه حول المسألة.. وأبدى مواقفه ومؤاخذاته من الأعمال الدرامية..

علما وأن محدثنا-لمن لا يعرف مسيرته الفنية باستثناء دور "الفاهم" في "نسيبتي العزيزة"- كانت له ادوار بطولة في العديد من الأعمال المسرحية الراقية على غرار "خمسون" ويحيى يعيش" لفاضل الجعايبي وغيرها من الأعمال الناجحة فضلا عن تكوين الناشئة والمشاركة في تربصات عالمية..

ما تقييمك للأعمال الكوميدية عامة في تونس؟

-في البداية اريد أن أشير الى أنه إضافة إلى كوني ممثل كوميدي انا باحث دكتوراه في الكوميديا في السينما الصامتة بين الكوميدي والأداء الإيمائي.. والكوميديا حسب تقييمي كانت ولا تزال مرتبطة بكثافة الإنتاج الكوميدي لكن ليس بشكل درامي يعني "السكاتش" وكوميديا الكلام comique verbal وليس كوميديا المواقف وكوميديا تركيبة الشخصية .. ليتعود الجمهور على ذلك.. أرى أن غياب مختص في السيناريو في الكوميديا من بين الاسباب الجوهرية لتفاقم الظاهرة.. فصلاح الدين الصيد المخرج على سبيل المثال كان يتدخل في السيناريو استنادا لحرفيته وإتقانه إدارة الممثلين وهما عنصران في غاية الأهمية لنجاح اي عمل فني..

الأعمال الكوميدية اليوم ترتكز على النص فقط.. نص غالبا ما يكون صاحبه غير مطلع على مفهوم الإضحاك حسب "بركسون" غير مطلع على كوميديا التكرار.. على كوميديا الحركة.. كوميديا الوضعية وكوميديا سوء الفهم.. ثم إن "سيتكوم" يجب أن يتضمن "ضحكة" كل 13ثانية لا كل 30ثانية .. ليس المهم ان تشهد "السكاتش" تخمة في البرامج التلفزية بل بالعكس كثرتها تساهم في صناعة الابتذال..

هل من حلول لإنقاذ المشهد الكوميدي؟

kaled.jpg

-الحلول بأيدي أهل الاختصاص "الي يداوي بالأعشاب مينجمش يكون في قاعة عمليات" .. وهنا أقصد الهايكا التي ليس لديها آليات النقد فالفنون الدرامية تقيم وتقوم من المختصين..ذلك أن المخرج حين يريد أن يقنع الجمهور بأن العمل مستمد من الواقع المعيش لا تستطيع أن تجابهه بالحجة لكن حينما تقدم تحليلا دقيقا كمختص تستطيع أن تلجمه..

من جهة أخرى يجب أن نضع حدا للجانب التجاري الذي أصبح مستشريا وأضر بالقطاع.. وألا نعطي الشرعية للتلفزات- التي أصبحت تستقي مصادرها من "الفيسبوك"- وأن تصنف أشخاصا تافهين على أنهم نجوم.. كذلك -بما اني قمت بتربص حول تنشيط الاخبار في فرانس 24 واعي ما اقول- يحزنني أن أشاهد كوميدي في "سكاتش" يؤطره منشط.. والحال أنه يفوقه ثقافة وحرفية..

في الذات السياق يجب كذلك القطع مع "الغشة" في الأعمال الكوميدية والمواصلة في استبلاه المتفرج بتعلة أنها jeu de mot  لأن اللعب بالكلمات نجدها في نصوص توفيق الجبالي ومحمد ادريس.. وليس في الإيحاءات الجنسية..

كما أننا نلاحظ وباتفاق مع أهل الاختصاص أن سينياريست النصوص الكوميدية اليوم أصبح مؤلفا لكوميديا الكلام وليس كوميديا المواقف لأن الكثير منهم لا يدركون أن الكوميديا هي دراما كذلك.. والدراما هي صراع بين المقولة والفعل ..بين الخير والشر..بين الأبله والذكي...كما أنه ثمة فرق بين "الضمار" والفكهجة والكوميديا والكوميديا الهادفة ذلك أن أغلب الفكاهيين اليوم لا يتقمصون شخصيات، إنما يشخصون أنفسهم في الواقع..

هل يمكن اعتبار البعض من "الوان مانشو" نمطا من أنماط الكوميديا الناجحة؟

-هناك الوان مان شو وهناك المونودرام.. الوان مانشو ليس بمسرحية، هو فرجة عكس ما يقدمونه.. فتعريف المسرح حسب ارسطو هو "المأساة والمحاكاة لفعل .." كما أنه ثمة فرق بين الكوميديا التي تمس وعي المتفرج وتلك التي تمس إحساسه..

بالنسبة لي العمل الكوميدي الناجح هو التئام مجموعة من الممثلين مع حضور سيناريو متميز ومخرج متميز وديكور متميز.. اي حضور les ingrédients ..جميعها يجب أن يتوفر واي خلل يطال اي عنصر سيكون سببا من أسباب الفشل والعكس صحيح..

كما اريد ان أشير في ذات السياق إلى تفاقم ظاهرة "الربح الكثير في الوقت القليل " التي أصبحت سائدة في الوسط الفني عامة.. كم نحن بحاجة إلى وعي المواطن.. وما احوجنا إلى الوطنية في اي مجال وأن نكون حريصين دائما على تقديم الأعمال الهادفة..

ما رأيك في الأعمال الدرامية الرمضانية؟

-لا علاقة لها بالواقع التونسي c'est pas de l'inspiration c'est de l'emballage.. طبعا باستثناء أعمال لسعد الوسلاتي المميزة على جميع المستويات (حرقة1وحرق2:الضفة الاخرى) .. فالاعمال الدرامية عامة تندرج ضمن "دراما الصورة" لأن مخرجين الأعمال لا يطالعون الروايات لا يملكون الوعي لإدارة الممثلين.. حيث يجد المتفرج نفسه إزاء narration avec l'image وصور باهتة والحال أن تونس تزخر بمصادر الإلهام والابتكار والإبداع.. هي فعلا حبلى بالوقائع التراجيدية.. فالصعب هو أن تجعل القضايا الاجتماعية والوطنية تولد من رحم الدراما .. لا نستسهل الأمر وأن نبرر الإجرام على أساس انه مستمد من واقعنا..نسوا أو تناسوا أنهم صوروا المجرم وليس الضحية .. وهذه "vague كبيرة مشات فيها تونس" منذ سنوات وكأن منتج  الأعمال الدرامية أو المخرج لم يحتكا بالطبقة الكادحة إلا في السجون!! .. تونس غنية بالازمات والمتناقضات ويمكن إثارة العديد من المحاور الهامة دون إثارة الرغبات الجنسية والعدوانية لدى المتفرج خاصة وأن الاطفال عادة ما يتماهون بما يذاع على الشاشات الصغيرة أو على مواقع التواصل الاجتماعي كما أن المواطن التونسي بسيط جدا والانتاج الدرامي سواء كان في الكوميديا أو التراجيديا من شأنه أن يؤثر اكثر من السياسي لأن الشعب كالطفل الصغير يتأثر بسهولة..

أجرى الحوار: وليد عبداللاوي

صورة الكاريكاتير للفنان حمدي المزهودي

خالد بوزيد لـ"الصباح نيوز": كوميديا اليوم هي كوميديا الكلام وليست كوميديا المواقف

- الأعمال الدرامية تستهدف الرغبات الجنسية والعدوانية لدى المتفرج

-الهايكا ليست لديها آليات النقد لأن الفنون الدرامية تُقيّم وتٌقوّم من أهل الاختصاص

-"الغشة" في بعض الأعمال الهزلية لا علاقة لها بـ "jeu de mot "

عديدون  هم من يعتقدون أن الكوميديا تقتصر على "السكاتشات" أو "les stand-up" أو ما يتداول في بعض وسائل الإعلام من "نٍكات" أو "فكهجة".. في حين أن ما يُعرض اليوم -خاصة في الأعمال الرمضانية- في مجمله أصبح خاليا من "الضمار" وفن الإضحاك والإبداع إلى درجة أنك تشعر وكأنك بصدد سماع "lexique " أو مجموعة نصوص كوميدية مقتضبة بإحدى المقاهي أو إحدى الأزقة هنا وهناك .. ذلك أن بعض الممثلين استسهلوا الامر واستمدوا أعمالهم من الشارع وضحكوا على ذقون المتفرج من خلال تقديم أعمال فنية مبتذلة ساهمت في تدني الذوق العام.. لتبقى"دار لقمان على حالها" طيلة سنوات،  باستثناء بعض الأعمال والتي -للاسف- أغلبها لم تبث في وسائل الإعلام..

عن انعكاس ذلك على المتفرج و"تفكيك" المشهد الكوميدي وسبل النهوض والارتقاء به، أفاد الفنان المسرحي خالد بوزيد "الصباح نيوز" بآرائه حول المسألة.. وأبدى مواقفه ومؤاخذاته من الأعمال الدرامية..

علما وأن محدثنا-لمن لا يعرف مسيرته الفنية باستثناء دور "الفاهم" في "نسيبتي العزيزة"- كانت له ادوار بطولة في العديد من الأعمال المسرحية الراقية على غرار "خمسون" ويحيى يعيش" لفاضل الجعايبي وغيرها من الأعمال الناجحة فضلا عن تكوين الناشئة والمشاركة في تربصات عالمية..

ما تقييمك للأعمال الكوميدية عامة في تونس؟

-في البداية اريد أن أشير الى أنه إضافة إلى كوني ممثل كوميدي انا باحث دكتوراه في الكوميديا في السينما الصامتة بين الكوميدي والأداء الإيمائي.. والكوميديا حسب تقييمي كانت ولا تزال مرتبطة بكثافة الإنتاج الكوميدي لكن ليس بشكل درامي يعني "السكاتش" وكوميديا الكلام comique verbal وليس كوميديا المواقف وكوميديا تركيبة الشخصية .. ليتعود الجمهور على ذلك.. أرى أن غياب مختص في السيناريو في الكوميديا من بين الاسباب الجوهرية لتفاقم الظاهرة.. فصلاح الدين الصيد المخرج على سبيل المثال كان يتدخل في السيناريو استنادا لحرفيته وإتقانه إدارة الممثلين وهما عنصران في غاية الأهمية لنجاح اي عمل فني..

الأعمال الكوميدية اليوم ترتكز على النص فقط.. نص غالبا ما يكون صاحبه غير مطلع على مفهوم الإضحاك حسب "بركسون" غير مطلع على كوميديا التكرار.. على كوميديا الحركة.. كوميديا الوضعية وكوميديا سوء الفهم.. ثم إن "سيتكوم" يجب أن يتضمن "ضحكة" كل 13ثانية لا كل 30ثانية .. ليس المهم ان تشهد "السكاتش" تخمة في البرامج التلفزية بل بالعكس كثرتها تساهم في صناعة الابتذال..

هل من حلول لإنقاذ المشهد الكوميدي؟

kaled.jpg

-الحلول بأيدي أهل الاختصاص "الي يداوي بالأعشاب مينجمش يكون في قاعة عمليات" .. وهنا أقصد الهايكا التي ليس لديها آليات النقد فالفنون الدرامية تقيم وتقوم من المختصين..ذلك أن المخرج حين يريد أن يقنع الجمهور بأن العمل مستمد من الواقع المعيش لا تستطيع أن تجابهه بالحجة لكن حينما تقدم تحليلا دقيقا كمختص تستطيع أن تلجمه..

من جهة أخرى يجب أن نضع حدا للجانب التجاري الذي أصبح مستشريا وأضر بالقطاع.. وألا نعطي الشرعية للتلفزات- التي أصبحت تستقي مصادرها من "الفيسبوك"- وأن تصنف أشخاصا تافهين على أنهم نجوم.. كذلك -بما اني قمت بتربص حول تنشيط الاخبار في فرانس 24 واعي ما اقول- يحزنني أن أشاهد كوميدي في "سكاتش" يؤطره منشط.. والحال أنه يفوقه ثقافة وحرفية..

في الذات السياق يجب كذلك القطع مع "الغشة" في الأعمال الكوميدية والمواصلة في استبلاه المتفرج بتعلة أنها jeu de mot  لأن اللعب بالكلمات نجدها في نصوص توفيق الجبالي ومحمد ادريس.. وليس في الإيحاءات الجنسية..

كما أننا نلاحظ وباتفاق مع أهل الاختصاص أن سينياريست النصوص الكوميدية اليوم أصبح مؤلفا لكوميديا الكلام وليس كوميديا المواقف لأن الكثير منهم لا يدركون أن الكوميديا هي دراما كذلك.. والدراما هي صراع بين المقولة والفعل ..بين الخير والشر..بين الأبله والذكي...كما أنه ثمة فرق بين "الضمار" والفكهجة والكوميديا والكوميديا الهادفة ذلك أن أغلب الفكاهيين اليوم لا يتقمصون شخصيات، إنما يشخصون أنفسهم في الواقع..

هل يمكن اعتبار البعض من "الوان مانشو" نمطا من أنماط الكوميديا الناجحة؟

-هناك الوان مان شو وهناك المونودرام.. الوان مانشو ليس بمسرحية، هو فرجة عكس ما يقدمونه.. فتعريف المسرح حسب ارسطو هو "المأساة والمحاكاة لفعل .." كما أنه ثمة فرق بين الكوميديا التي تمس وعي المتفرج وتلك التي تمس إحساسه..

بالنسبة لي العمل الكوميدي الناجح هو التئام مجموعة من الممثلين مع حضور سيناريو متميز ومخرج متميز وديكور متميز.. اي حضور les ingrédients ..جميعها يجب أن يتوفر واي خلل يطال اي عنصر سيكون سببا من أسباب الفشل والعكس صحيح..

كما اريد ان أشير في ذات السياق إلى تفاقم ظاهرة "الربح الكثير في الوقت القليل " التي أصبحت سائدة في الوسط الفني عامة.. كم نحن بحاجة إلى وعي المواطن.. وما احوجنا إلى الوطنية في اي مجال وأن نكون حريصين دائما على تقديم الأعمال الهادفة..

ما رأيك في الأعمال الدرامية الرمضانية؟

-لا علاقة لها بالواقع التونسي c'est pas de l'inspiration c'est de l'emballage.. طبعا باستثناء أعمال لسعد الوسلاتي المميزة على جميع المستويات (حرقة1وحرق2:الضفة الاخرى) .. فالاعمال الدرامية عامة تندرج ضمن "دراما الصورة" لأن مخرجين الأعمال لا يطالعون الروايات لا يملكون الوعي لإدارة الممثلين.. حيث يجد المتفرج نفسه إزاء narration avec l'image وصور باهتة والحال أن تونس تزخر بمصادر الإلهام والابتكار والإبداع.. هي فعلا حبلى بالوقائع التراجيدية.. فالصعب هو أن تجعل القضايا الاجتماعية والوطنية تولد من رحم الدراما .. لا نستسهل الأمر وأن نبرر الإجرام على أساس انه مستمد من واقعنا..نسوا أو تناسوا أنهم صوروا المجرم وليس الضحية .. وهذه "vague كبيرة مشات فيها تونس" منذ سنوات وكأن منتج  الأعمال الدرامية أو المخرج لم يحتكا بالطبقة الكادحة إلا في السجون!! .. تونس غنية بالازمات والمتناقضات ويمكن إثارة العديد من المحاور الهامة دون إثارة الرغبات الجنسية والعدوانية لدى المتفرج خاصة وأن الاطفال عادة ما يتماهون بما يذاع على الشاشات الصغيرة أو على مواقع التواصل الاجتماعي كما أن المواطن التونسي بسيط جدا والانتاج الدرامي سواء كان في الكوميديا أو التراجيديا من شأنه أن يؤثر اكثر من السياسي لأن الشعب كالطفل الصغير يتأثر بسهولة..

أجرى الحوار: وليد عبداللاوي

صورة الكاريكاتير للفنان حمدي المزهودي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews