إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مسرحية " ضو" قريبا في قاعة الفن الرابع

* المخرج الطاهر عيسى بن العربي :"نحن نقدّم خرافة بصريّة عنصر الكتابة فيها هو الضوء"

* نحب التعامل مع المشاهد المؤول لكل ما يراه والممثل الواعي المبدع لدوره دون تكلف

*الفقدان والخسارة ومتلازمة الحضور والغياب

*التساؤل.. التفكير..التأمّل في الفعل الإنسانيّ العبثي إلى حدّ التطرّف

تونس– الصباح

في اطار سهرات رمضان تقترح قاعة الفن الرابع على روادها في سهرة الخميس 21 افريل الجاري مسرحية "ضوّ" التي اقتبسها وأخرجها الطاهر عيسى بن العربي عن نص "روبارتوسوكو " للفرنسي برنارد ماري كولتيسوهو كاتب ودراماتورج وسينوغراف، اثّرت بصمته كثيرا في أساليب العلاقة الوثوقيّة بين الدراماتورجيا والإخراج وكان من المؤثرين في تألّق المسرح الوطني بستراسبورغ . مسرحية "ضوّ"دعمتها وزارة الشؤون الثقافية وانتجتها شركة"سوريزبرود".

يحيل عنوان المسرحية "ضوّ" – بمعنى الفكرة والاستنارة - على واقع يدعو للتأمل..واقع كلينيكي مرضي إلى حد الفصام.وتدور احداثها حول علاقة "ضو" الذي ارتكب سلسلة من الجرائم المتشابهة ( والده ووالدته وطفل صغير ثم تتالت وتتابعت جرائمه.. ) والفارّ من وجه العدالة والثائر على وضعه العائلي والطفلة المراهقة " الفرخة " الثائرة بدورها على عائلتها وعلى المجتمع والواقعة في حبه .  في سجن المجتمع الكبير الذي يدمّر ويصنع العنف .. في هذا المجتمع يبحث الكل عن "ضو"، المتأزم والذي تنتج ازمته عن كونه قادرا على فعل كل شيء او على الحصول على اشياء لا يحبها لأنها تضاعف من يأسه وهو في الاساس باحث عن الحرية، يريد الانعتاق من سجونه كلها : سجن مستشفى الامراض العقلية والسجن الفعلي وسجن الذات وسجن المجتمع لكن الطريق الى هذه الحرية المطلقة لا يتحقق الا عبر فعل القتل، القتل المجاني، من دون اي انفعالات او ندم...

يقوم بادوار البطولة في هذه المسرحية كل من  خالد الزيدي، ضياء المالكي، معز بن طالب، سميرة مسيخ ، يسرة بن علي ، زياد سليم، محمد فوزي البكوش، الشيماء الزعزاع، ويؤدون ادوار مسرحية "ضو" القاتل  والوحيد الذي يتعامل مع ذاته و مع هواجسه وميولاته بصدق ، مما يجعله مختلفا عن البقية وحالة مرضية مستعصية رغم ان  فعل القتل المتكرر لديه ليس اعتباطيا بل منظم و يخضع لشروط و" الخو "وهو شاب فقير ومهمش حوّله الاقصاء الى منحرف لاهث وراء الرفاه المفقود و"الفرخة"  وهي  فتاة تبلغ 14 سنة تعيش نوعا من الكبت على مستويات مادية ومعنوية عديدة تتعرضللعنف المادي والمعنوي مما يجعلها تتوق للحرية المفقودة داخل محيطها المحبط وتحاول تجاوزالعوائق الذاتية بشتى الطرق ..و" المرا" الفقيرة التي تزوجت رجلا غنيا والتي  تؤثر معاناتها واضطراباتها النفسية على نوعية علاقتاها الاجتماعيةوتدخل في علاقة مباشرة مع البطل " ضو"..ثم "الاخت"المنغلقة والمتدنية والتي تتحمل مسؤوليات كبرى تتجاوزها ، إلى حد إيمانها بدورها السلطوي في العائلة لكنها سلطة سرعان ما تنهار أمام واقع مرير و"المفتش " الحزين ، الكئيب الذي يسعى للقبض على السفاح "ضوّ" . و"الخنثاوي " وهو  رجل اختار ان يكون امرأة بعد اغتصاب سبب له معاناة من نظرة دونية وقاسية من المجتمع .

نتساءل .. ندرس .. نتّخذ موقعا انطلاقا من معاشنا الآن وهنا

وفي تقديمه لمشروع المسرحية يقول الطاهر عيسى بن العربي :"نحن و إن أردنا تقديم رؤية خاصّة متونسة لعالم "كولتيس" فإنّنا نحترم المقترحات الجماليّة الأساسية لهذا الهرم في الكتابة الدراميّة المستبطنة للصّورة فهو الدراماتورج السينوغراف الّذي يقترح جوهر فكرة تشكيل الفضاء في بنائه الدراماتورجي للنّصّ ، نحن عبر مقترحه نتساءل ، ندرس و نتّخذ موقعا انطلاقا من معاشنا الآن و هنا."  يطرح النص الاصلي للحكاية الواقعية تساؤلات عديدة عن كيفية تكوّن شخصية القاتل المتسلسل، ودور الثقافة الحديثة في تكوين جانبه الإجرامي، وما هي علاقة القاتل مع عائلته، ومع محيطه الخارجي؟ وعن مكانة الآخرين في حياته؟ في المدن الحديثة المفككة، والتي لا رابط يجمع بين سكانها في ظل غياب تامّ للتواصل الإنساني ، ومدى تأثير كل هذا على تكوّن شخصية القاتل.               ولكن الطاهر عيسى بن العربي اضاف للنص اعتمادا على مبدأ التناص ، واختار ان تحيل عناوين  اللوحات أو المشاهد على تاريخ المسرح بداية من أوديب وقتل الأب، فيدرا وسؤال الخير والشر، تعدى ذلك ليستدعي غربة الشّابي كإحالة على العزلة مرتكزا على كتابات آن أوبرسفيلد في "قراءة المسرح" و"مدرسة المتفرج"، وعلى مفهوم الحكاية في العرض، آخذا بعين الاعتبار ان المتعة في المسرح تتأتى من فهم الحكاية، وتفكيك المعنى وتركيبه، والوصول إلى عملية التأويل من قبل المتفرج. وقد عمل المخرج ومقتبس النصحسب ما ورد في الورقة التقديمية للمسرحية على ما يسمّى بدراماتورجيا المتفرج، الدراماتورجيا التي تأخذ بالحسبان دور المتفرج في عملية التلقي، التأويل وتشكيل المعنى.

الرؤية الاخراجية الاقتباس والتونسة والتغلغل في رهانات المرحلة

وفي حديثه عن رؤيته الاخراجية وطريقته في الاقتباس والتونسة(اي التصور الدراماتورجي) للحكاية اشار الطاهر عيسي بن العربي الى انه اقتبس نصا فرنسيّا وألبسه روحا تونسيّة وتغلغل في رهانات المرحلة الإنسانية لمجتمعنا وراهنية إشكالاتنا المباشرة في معاشنا اليومي . وبيّن انه تعامل مع النص الاصلي بحذر شديد وخاصة عندما غاص بحثا في أعماق أفراد العائلة للكشف عن مساحات حميميّة جدا لأبطاله، الأب الغائب فعليا والحاضربثقله في حياة الشخصيات، في ماضيهم وذاكرتهم، الأم المريضة والغائبة، والأخ محرّك الأحداث ، المتحكّم في فعل المرأة طوال الأحداث الدرامية ، والأخت التي تحضر في المسرحية كجثة محافظة على الجسد الحيّ من عنف الرجل فتجيب على نظرة الذّكر بالإنغلاق الذهنيّ والتطرّف في الرّأي.اي انه ببحثه في اشكاليات الفقدان والخسارة، ومتلازمة الحضور والغياب اراد ان يؤكد على تأثير الماضي على الحاضر.

ثم  كان لا بد من التفكير في اسئلة تكوّن الاجابة عنها ما يسمى بالرؤية الاخراجية وهي مثلا :"أين يجلس الجمهور؟ كيف يتشكل العرض المسرحي؟ ما العلاقة بين العرض والثقافة الاجتماعية المحيطة؟ كيف تتحول الفضاءات الحقيقية إلى مكان للفرجة ، وما هي التعديلات الدلالية الواجب ادخالها لرسم فضاء مختلف في كلّ عرض ؟ وهكذا اقترح المخرج الطاهرعيسى بن العربي السلالم وجعلها تظهر كواجهة لبيت والسكّة التي توجد في أقصى يسار المكان الدرامي ، والسلالم –وهذا تفسيره - :" تحيل على العالم الذي تنزل منه الشخصيات وأهمّها "ضو"ّاو "روبيرتو سوكو" ، فهو لا يأتي من عوالم الأرض بل معلّق ،ارتقى بأسلوبه السماوي كالضّوء تماما ، يخرج من الضّوء ويعود إليه."                           

وبيّن المخرج انه وفريق العمل تعاملوا مع النص المسرحي باعتباره نصا مفتوحاعلى التأويل البصري المستمر ، وبحث فيه عن الصورة الشاعرية في علاقة الجسد بالديكورات التي يأتي منها الضوء من كلّ جانب ، ضوء تحتي وفوقي وورائي يأتي من النتوءات الخلفيّة حيث السلالم وقال :" نحن نقدّم خرافة بصريّة عنصر الكتابة فيها هو الضوء ، ونخلق الأماكن المغلقة برسم الشبابيك وظلالها على خشبة الرّكح أو بإخفاء الشخصيات بين الظلام والنور ،حيث تكون الإضاءة الخلفيّةcontre jour، وحدة مقصودة ، لتخرج الشخصيات من الظلام إلى النور وتلعب الإضاءة خلال العرض دورا للتقطيع والعزل. علما باننا لا نكتب التشكيل البصريّ بهدف تقديم الحكاية بل لغاية التساؤل والتفكير والتامّل في الفعل الإنسانيّ اليوم وهو فعل عبثيّ وتيه إلى حدّ التطرّف".                             

وأضاف المخرج :" كما اننا نحب التعامل مع المشاهد المؤول لكل ما يراه على الركح ونعمل على ذلك لان الدراماتورجيا حسب رأينا تمتد – اضافة الى اعداد النص والإخراج –لتشكل رؤية من كافة جوانب العرض المسرحي، كالتمثيل وحضور الجسد والتباعد للنظر والتفكير مع الجمهور أي المتلقي.
ونحن لكل هذا نحتاج الى الممثل الواعي ، المفكّر ، المبدع لدوره والمطوّر لمفاهيمه المعرفيّة والجمالية دون تكلف ونسعى لان يكون اداء الممثل في تواضع وتماه تامّ مع حقيقة الشخصيات وآلامها وتطرّفها وضياعها.                           

يذكر انه تم عرض مسرحية " ضو " ثلاث مرات في مناسبات مختلفة وان عرض الخميس 21 افريل 2022 هو الرابع .

علياء بن نحيلة

مسرحية " ضو" قريبا في قاعة الفن الرابع

* المخرج الطاهر عيسى بن العربي :"نحن نقدّم خرافة بصريّة عنصر الكتابة فيها هو الضوء"

* نحب التعامل مع المشاهد المؤول لكل ما يراه والممثل الواعي المبدع لدوره دون تكلف

*الفقدان والخسارة ومتلازمة الحضور والغياب

*التساؤل.. التفكير..التأمّل في الفعل الإنسانيّ العبثي إلى حدّ التطرّف

تونس– الصباح

في اطار سهرات رمضان تقترح قاعة الفن الرابع على روادها في سهرة الخميس 21 افريل الجاري مسرحية "ضوّ" التي اقتبسها وأخرجها الطاهر عيسى بن العربي عن نص "روبارتوسوكو " للفرنسي برنارد ماري كولتيسوهو كاتب ودراماتورج وسينوغراف، اثّرت بصمته كثيرا في أساليب العلاقة الوثوقيّة بين الدراماتورجيا والإخراج وكان من المؤثرين في تألّق المسرح الوطني بستراسبورغ . مسرحية "ضوّ"دعمتها وزارة الشؤون الثقافية وانتجتها شركة"سوريزبرود".

يحيل عنوان المسرحية "ضوّ" – بمعنى الفكرة والاستنارة - على واقع يدعو للتأمل..واقع كلينيكي مرضي إلى حد الفصام.وتدور احداثها حول علاقة "ضو" الذي ارتكب سلسلة من الجرائم المتشابهة ( والده ووالدته وطفل صغير ثم تتالت وتتابعت جرائمه.. ) والفارّ من وجه العدالة والثائر على وضعه العائلي والطفلة المراهقة " الفرخة " الثائرة بدورها على عائلتها وعلى المجتمع والواقعة في حبه .  في سجن المجتمع الكبير الذي يدمّر ويصنع العنف .. في هذا المجتمع يبحث الكل عن "ضو"، المتأزم والذي تنتج ازمته عن كونه قادرا على فعل كل شيء او على الحصول على اشياء لا يحبها لأنها تضاعف من يأسه وهو في الاساس باحث عن الحرية، يريد الانعتاق من سجونه كلها : سجن مستشفى الامراض العقلية والسجن الفعلي وسجن الذات وسجن المجتمع لكن الطريق الى هذه الحرية المطلقة لا يتحقق الا عبر فعل القتل، القتل المجاني، من دون اي انفعالات او ندم...

يقوم بادوار البطولة في هذه المسرحية كل من  خالد الزيدي، ضياء المالكي، معز بن طالب، سميرة مسيخ ، يسرة بن علي ، زياد سليم، محمد فوزي البكوش، الشيماء الزعزاع، ويؤدون ادوار مسرحية "ضو" القاتل  والوحيد الذي يتعامل مع ذاته و مع هواجسه وميولاته بصدق ، مما يجعله مختلفا عن البقية وحالة مرضية مستعصية رغم ان  فعل القتل المتكرر لديه ليس اعتباطيا بل منظم و يخضع لشروط و" الخو "وهو شاب فقير ومهمش حوّله الاقصاء الى منحرف لاهث وراء الرفاه المفقود و"الفرخة"  وهي  فتاة تبلغ 14 سنة تعيش نوعا من الكبت على مستويات مادية ومعنوية عديدة تتعرضللعنف المادي والمعنوي مما يجعلها تتوق للحرية المفقودة داخل محيطها المحبط وتحاول تجاوزالعوائق الذاتية بشتى الطرق ..و" المرا" الفقيرة التي تزوجت رجلا غنيا والتي  تؤثر معاناتها واضطراباتها النفسية على نوعية علاقتاها الاجتماعيةوتدخل في علاقة مباشرة مع البطل " ضو"..ثم "الاخت"المنغلقة والمتدنية والتي تتحمل مسؤوليات كبرى تتجاوزها ، إلى حد إيمانها بدورها السلطوي في العائلة لكنها سلطة سرعان ما تنهار أمام واقع مرير و"المفتش " الحزين ، الكئيب الذي يسعى للقبض على السفاح "ضوّ" . و"الخنثاوي " وهو  رجل اختار ان يكون امرأة بعد اغتصاب سبب له معاناة من نظرة دونية وقاسية من المجتمع .

نتساءل .. ندرس .. نتّخذ موقعا انطلاقا من معاشنا الآن وهنا

وفي تقديمه لمشروع المسرحية يقول الطاهر عيسى بن العربي :"نحن و إن أردنا تقديم رؤية خاصّة متونسة لعالم "كولتيس" فإنّنا نحترم المقترحات الجماليّة الأساسية لهذا الهرم في الكتابة الدراميّة المستبطنة للصّورة فهو الدراماتورج السينوغراف الّذي يقترح جوهر فكرة تشكيل الفضاء في بنائه الدراماتورجي للنّصّ ، نحن عبر مقترحه نتساءل ، ندرس و نتّخذ موقعا انطلاقا من معاشنا الآن و هنا."  يطرح النص الاصلي للحكاية الواقعية تساؤلات عديدة عن كيفية تكوّن شخصية القاتل المتسلسل، ودور الثقافة الحديثة في تكوين جانبه الإجرامي، وما هي علاقة القاتل مع عائلته، ومع محيطه الخارجي؟ وعن مكانة الآخرين في حياته؟ في المدن الحديثة المفككة، والتي لا رابط يجمع بين سكانها في ظل غياب تامّ للتواصل الإنساني ، ومدى تأثير كل هذا على تكوّن شخصية القاتل.               ولكن الطاهر عيسى بن العربي اضاف للنص اعتمادا على مبدأ التناص ، واختار ان تحيل عناوين  اللوحات أو المشاهد على تاريخ المسرح بداية من أوديب وقتل الأب، فيدرا وسؤال الخير والشر، تعدى ذلك ليستدعي غربة الشّابي كإحالة على العزلة مرتكزا على كتابات آن أوبرسفيلد في "قراءة المسرح" و"مدرسة المتفرج"، وعلى مفهوم الحكاية في العرض، آخذا بعين الاعتبار ان المتعة في المسرح تتأتى من فهم الحكاية، وتفكيك المعنى وتركيبه، والوصول إلى عملية التأويل من قبل المتفرج. وقد عمل المخرج ومقتبس النصحسب ما ورد في الورقة التقديمية للمسرحية على ما يسمّى بدراماتورجيا المتفرج، الدراماتورجيا التي تأخذ بالحسبان دور المتفرج في عملية التلقي، التأويل وتشكيل المعنى.

الرؤية الاخراجية الاقتباس والتونسة والتغلغل في رهانات المرحلة

وفي حديثه عن رؤيته الاخراجية وطريقته في الاقتباس والتونسة(اي التصور الدراماتورجي) للحكاية اشار الطاهر عيسي بن العربي الى انه اقتبس نصا فرنسيّا وألبسه روحا تونسيّة وتغلغل في رهانات المرحلة الإنسانية لمجتمعنا وراهنية إشكالاتنا المباشرة في معاشنا اليومي . وبيّن انه تعامل مع النص الاصلي بحذر شديد وخاصة عندما غاص بحثا في أعماق أفراد العائلة للكشف عن مساحات حميميّة جدا لأبطاله، الأب الغائب فعليا والحاضربثقله في حياة الشخصيات، في ماضيهم وذاكرتهم، الأم المريضة والغائبة، والأخ محرّك الأحداث ، المتحكّم في فعل المرأة طوال الأحداث الدرامية ، والأخت التي تحضر في المسرحية كجثة محافظة على الجسد الحيّ من عنف الرجل فتجيب على نظرة الذّكر بالإنغلاق الذهنيّ والتطرّف في الرّأي.اي انه ببحثه في اشكاليات الفقدان والخسارة، ومتلازمة الحضور والغياب اراد ان يؤكد على تأثير الماضي على الحاضر.

ثم  كان لا بد من التفكير في اسئلة تكوّن الاجابة عنها ما يسمى بالرؤية الاخراجية وهي مثلا :"أين يجلس الجمهور؟ كيف يتشكل العرض المسرحي؟ ما العلاقة بين العرض والثقافة الاجتماعية المحيطة؟ كيف تتحول الفضاءات الحقيقية إلى مكان للفرجة ، وما هي التعديلات الدلالية الواجب ادخالها لرسم فضاء مختلف في كلّ عرض ؟ وهكذا اقترح المخرج الطاهرعيسى بن العربي السلالم وجعلها تظهر كواجهة لبيت والسكّة التي توجد في أقصى يسار المكان الدرامي ، والسلالم –وهذا تفسيره - :" تحيل على العالم الذي تنزل منه الشخصيات وأهمّها "ضو"ّاو "روبيرتو سوكو" ، فهو لا يأتي من عوالم الأرض بل معلّق ،ارتقى بأسلوبه السماوي كالضّوء تماما ، يخرج من الضّوء ويعود إليه."                           

وبيّن المخرج انه وفريق العمل تعاملوا مع النص المسرحي باعتباره نصا مفتوحاعلى التأويل البصري المستمر ، وبحث فيه عن الصورة الشاعرية في علاقة الجسد بالديكورات التي يأتي منها الضوء من كلّ جانب ، ضوء تحتي وفوقي وورائي يأتي من النتوءات الخلفيّة حيث السلالم وقال :" نحن نقدّم خرافة بصريّة عنصر الكتابة فيها هو الضوء ، ونخلق الأماكن المغلقة برسم الشبابيك وظلالها على خشبة الرّكح أو بإخفاء الشخصيات بين الظلام والنور ،حيث تكون الإضاءة الخلفيّةcontre jour، وحدة مقصودة ، لتخرج الشخصيات من الظلام إلى النور وتلعب الإضاءة خلال العرض دورا للتقطيع والعزل. علما باننا لا نكتب التشكيل البصريّ بهدف تقديم الحكاية بل لغاية التساؤل والتفكير والتامّل في الفعل الإنسانيّ اليوم وهو فعل عبثيّ وتيه إلى حدّ التطرّف".                             

وأضاف المخرج :" كما اننا نحب التعامل مع المشاهد المؤول لكل ما يراه على الركح ونعمل على ذلك لان الدراماتورجيا حسب رأينا تمتد – اضافة الى اعداد النص والإخراج –لتشكل رؤية من كافة جوانب العرض المسرحي، كالتمثيل وحضور الجسد والتباعد للنظر والتفكير مع الجمهور أي المتلقي.
ونحن لكل هذا نحتاج الى الممثل الواعي ، المفكّر ، المبدع لدوره والمطوّر لمفاهيمه المعرفيّة والجمالية دون تكلف ونسعى لان يكون اداء الممثل في تواضع وتماه تامّ مع حقيقة الشخصيات وآلامها وتطرّفها وضياعها.                           

يذكر انه تم عرض مسرحية " ضو " ثلاث مرات في مناسبات مختلفة وان عرض الخميس 21 افريل 2022 هو الرابع .

علياء بن نحيلة

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews