مازالت احداث المنجمي التي انطلقت في جانفي سنة 2008، بالرديف من ولاية قفصة والتي رفع فيها شباب مدن الحوض المنجمي مطالب تهمّ التشغيل والتنمية واستمرّت هذه التحرّكات السلمية اشهر لكنها جوبهت في النهاية بالعنف البوليسي والقمع وبحملة اعتقالات في صفوف المحتجين والنقابيين والمناضلين السياسيين تثير الاهتمام والفضول.
ومن هذا المنطلق تعتبر المبادرة التي قام المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لانجاز فيلم يوثق لهذه الاحداث، هامة. والفيلم الذي عرض مؤخرا بقاعة الريّو بالعاصمة بحضور شخصيات حقوقية ووجوه سياسية إلى جانب وزير الشؤون الاجتماعية، هو وثائقي بعنوان « الحوض المنجمي: قضية وطن» للمخرج نضال العارم ومن إنتاج ماهر عبد الرحمان، ومدّته 90 دقيقة.
وقد استعرض شهادات لمجموعة من الأهالي والحقوقيين والمحامين والناشطين في المجتمع المدني والنقابيين، بالإضافة إلى عرض صور وفيديوهات وثّق فيها أصحابها لعمليات المداهمات الأمنية والاعتقالات والتدخّل الأمني الوحشي لقمع المتظاهرين السلميين.
تنطلق الأحداث بعرض مقتطفات لنشرات إخبارية على التلفزة التونسية تتحدّث عن أعمال شغب ونهب للممتلكات العامة والخاصة وتدخّل قوات البوليس لفرض الأمن وحماية المنشآت والأملاك، وموازاة مع ذلك يعرض الفيلم صورا للاحتجاجات السلمية المطالبة بالتشغيل التي نقلتها وسائل إعلام أجنبية لا سيّما الفرنسية منها، في محاولة للتشهير بالتضليل الاعلامي.
ويروي المواطنون بالجهة، والمعتقلون السابقون والناشطون، ممّن استعرض الفيلم شهاداتهم أن الاحتجاجات بدأت سلمية يوم 5 جانفي سنة 2008 واستمرّت على هذا النحو إلى حدود شهر جوان من السنة نفسها. وقد خرج الشباب هاتفين مطالبين بالتشغيل وبالعدالة الاجتماعية. لكن الاحداث اخدت منعرجا خطيرا اثر وفاة الشاب هشام العلايمي صعقا بالكهرباء بعد اصرار المسؤول المحلي على اعادة تشغيل الكهرباء وفق تأكيد أحد شهود العيان الذي نقل عن المتسبب في الجريمة بأنه لم يكن مباليا بحياة الناس بل على العكس صدرت عنه عبارات مسيئة قبل أن يختفي من المكان في حماية الأمن.
وتفيد الشهادات المضمّنة في الفيلم لعدد من النقابيين أنّ الاتحاد المحلّي للشغل بالرديّف تبنّى مطالب المحتجّين وتولّى تأطير التحرّكات الاحتجاجية، مما دفع بالاتحاد الجهوي للشغل بقفصة إلى مراسلة المركزية النقابية طالبا سحب عضوية بعض النقابيين المحليين المشاركين في الاحتجاجات على غرار عدنان الحاجي، وهو ما خلق حالة من الانقسام داخل المركزية النقابية بين مؤيّد ورافض، ليستقرّ رأي أغلبية النقابيين على الدفاع عن المعتقلين بعد أن تبنّت بعض المكاتب الجهوية للاتحاد مطالب المحتجين في الرديف على غرار الاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس وكذلك بجندوبة.
الفيلم اظهر ومن خلال إفادة الشهود أنّ محاكمات المحتجين كانت جائرة ولُفّقت لهم قضايا تكوين وفاق والتآمر على أمن البلاد، رغم التعذيب الذي تعرضوا له. وقد تطوع للدفاع عنهم عشرات المحامين من قفصة وتونس وصفاقس وسوسة ومدنين. وقد لفت الفيلم الانتباه إلى محاولات بعض الحقوقيين في المهجر تدويل القضية وكسب تعاطف النقابات الدولية خاصة في فرنسا والجزائر والمغرب، وحظي سجناء الحوض المنجمي بتعاطف كبير أيضا من الأحزاب اليسارية والاشتراكية الفرنسية ومن دعم المنظمات الحقوقية الدولية التي عملت على التعريف بالقضية في الإعلام الدولي.
واستقى الفيلم شهادات كلّا من النقابي عدنان الحاجي (أصيل الرديف) والمحامي والحقوقي رضا الرداوي وحمادي بن عثمان ومحجوب المبروكي ومحمد المسلمي (نقابي) وحسين العباسي (الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل) وقاسم عفية (نقابي) وعبد الرحمان الهذيلي (حقوقي ورئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية) وسعيدة قراش وأحلام بلحاج وخديجة الشريف (الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات) ومختار الطريفي (محامي وحقوقي) وكمال جندوبي وراضية نصراوي وسهير بلحسن ومحي الدين شربيب، فضلا عن الناشطين في منظمات عمالية وحقوقية فرنسية ومغربية.
وقد تم قبل عرض الفيلم مسبوقا تكريم المحامية والحقوقية راضية نصراوي والمحامي الراحل عمر صفراوي والراحل حسين المبروكي والناشط الحقوقي « أنطونيو مانغديلا » والصحفي ماهر عبد الرحمان الذي ساهم في إنتاج هذا العمل، إلى جانب عدد من أفراد عائلات شهداء أحداث الحوص المنجمي.
وحول ظروف انجاز الفيلم، شدد عبد الرحمان الهذيلي رئيس المنتدى التونسي الاقتصادي والاجتماعي أنه تم الانطلاق في انجاز الفيلم في شهر جانفي من العام الماضي، بعد الحصول على فيديوهات حية للأحداث التي عرفها الحوض المنجمي، مؤكدا أن هذا الفيلم هو أيضا تكريم للضحايا ولعائلاتهم وللمناضلين والحقوقيين.
وللتذكير فإن انتفاضة الحوض المنجمي انطلقت من الرديف وشملت المتلوي وأم العرايس والمظيلة بولاية قفصة وجوبهت بالقمع البوليسي وتم تسجيل سقوط ثلاثة شهداء هم هشام العلايمي وحفناوي المغزاوي وعبد الخالق عميدي، وذلك إلى جانب العديد من الجرحى والاعتقالات.
ولم تحض هذه الاحداث بالاهتمام الكامل بعد ثورة 14 جانفي رغم أن الثورة تعتبر في نظر العديد من الملاحظين امتدادا لاحداث الحوض المنجمي في 2008 وهم يرون أن الغضب الشعبي ضد نظام بن علي انطلق فعليا مع احداث الحوض المنجمي التي تعتبر في كل الحالات مرحلة حاسمة في طريق استعادة الشعب التونسي لحريته.
س ت
تونس- الصباح
مازالت احداث المنجمي التي انطلقت في جانفي سنة 2008، بالرديف من ولاية قفصة والتي رفع فيها شباب مدن الحوض المنجمي مطالب تهمّ التشغيل والتنمية واستمرّت هذه التحرّكات السلمية اشهر لكنها جوبهت في النهاية بالعنف البوليسي والقمع وبحملة اعتقالات في صفوف المحتجين والنقابيين والمناضلين السياسيين تثير الاهتمام والفضول.
ومن هذا المنطلق تعتبر المبادرة التي قام المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لانجاز فيلم يوثق لهذه الاحداث، هامة. والفيلم الذي عرض مؤخرا بقاعة الريّو بالعاصمة بحضور شخصيات حقوقية ووجوه سياسية إلى جانب وزير الشؤون الاجتماعية، هو وثائقي بعنوان « الحوض المنجمي: قضية وطن» للمخرج نضال العارم ومن إنتاج ماهر عبد الرحمان، ومدّته 90 دقيقة.
وقد استعرض شهادات لمجموعة من الأهالي والحقوقيين والمحامين والناشطين في المجتمع المدني والنقابيين، بالإضافة إلى عرض صور وفيديوهات وثّق فيها أصحابها لعمليات المداهمات الأمنية والاعتقالات والتدخّل الأمني الوحشي لقمع المتظاهرين السلميين.
تنطلق الأحداث بعرض مقتطفات لنشرات إخبارية على التلفزة التونسية تتحدّث عن أعمال شغب ونهب للممتلكات العامة والخاصة وتدخّل قوات البوليس لفرض الأمن وحماية المنشآت والأملاك، وموازاة مع ذلك يعرض الفيلم صورا للاحتجاجات السلمية المطالبة بالتشغيل التي نقلتها وسائل إعلام أجنبية لا سيّما الفرنسية منها، في محاولة للتشهير بالتضليل الاعلامي.
ويروي المواطنون بالجهة، والمعتقلون السابقون والناشطون، ممّن استعرض الفيلم شهاداتهم أن الاحتجاجات بدأت سلمية يوم 5 جانفي سنة 2008 واستمرّت على هذا النحو إلى حدود شهر جوان من السنة نفسها. وقد خرج الشباب هاتفين مطالبين بالتشغيل وبالعدالة الاجتماعية. لكن الاحداث اخدت منعرجا خطيرا اثر وفاة الشاب هشام العلايمي صعقا بالكهرباء بعد اصرار المسؤول المحلي على اعادة تشغيل الكهرباء وفق تأكيد أحد شهود العيان الذي نقل عن المتسبب في الجريمة بأنه لم يكن مباليا بحياة الناس بل على العكس صدرت عنه عبارات مسيئة قبل أن يختفي من المكان في حماية الأمن.
وتفيد الشهادات المضمّنة في الفيلم لعدد من النقابيين أنّ الاتحاد المحلّي للشغل بالرديّف تبنّى مطالب المحتجّين وتولّى تأطير التحرّكات الاحتجاجية، مما دفع بالاتحاد الجهوي للشغل بقفصة إلى مراسلة المركزية النقابية طالبا سحب عضوية بعض النقابيين المحليين المشاركين في الاحتجاجات على غرار عدنان الحاجي، وهو ما خلق حالة من الانقسام داخل المركزية النقابية بين مؤيّد ورافض، ليستقرّ رأي أغلبية النقابيين على الدفاع عن المعتقلين بعد أن تبنّت بعض المكاتب الجهوية للاتحاد مطالب المحتجين في الرديف على غرار الاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس وكذلك بجندوبة.
الفيلم اظهر ومن خلال إفادة الشهود أنّ محاكمات المحتجين كانت جائرة ولُفّقت لهم قضايا تكوين وفاق والتآمر على أمن البلاد، رغم التعذيب الذي تعرضوا له. وقد تطوع للدفاع عنهم عشرات المحامين من قفصة وتونس وصفاقس وسوسة ومدنين. وقد لفت الفيلم الانتباه إلى محاولات بعض الحقوقيين في المهجر تدويل القضية وكسب تعاطف النقابات الدولية خاصة في فرنسا والجزائر والمغرب، وحظي سجناء الحوض المنجمي بتعاطف كبير أيضا من الأحزاب اليسارية والاشتراكية الفرنسية ومن دعم المنظمات الحقوقية الدولية التي عملت على التعريف بالقضية في الإعلام الدولي.
واستقى الفيلم شهادات كلّا من النقابي عدنان الحاجي (أصيل الرديف) والمحامي والحقوقي رضا الرداوي وحمادي بن عثمان ومحجوب المبروكي ومحمد المسلمي (نقابي) وحسين العباسي (الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل) وقاسم عفية (نقابي) وعبد الرحمان الهذيلي (حقوقي ورئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية) وسعيدة قراش وأحلام بلحاج وخديجة الشريف (الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات) ومختار الطريفي (محامي وحقوقي) وكمال جندوبي وراضية نصراوي وسهير بلحسن ومحي الدين شربيب، فضلا عن الناشطين في منظمات عمالية وحقوقية فرنسية ومغربية.
وقد تم قبل عرض الفيلم مسبوقا تكريم المحامية والحقوقية راضية نصراوي والمحامي الراحل عمر صفراوي والراحل حسين المبروكي والناشط الحقوقي « أنطونيو مانغديلا » والصحفي ماهر عبد الرحمان الذي ساهم في إنتاج هذا العمل، إلى جانب عدد من أفراد عائلات شهداء أحداث الحوص المنجمي.
وحول ظروف انجاز الفيلم، شدد عبد الرحمان الهذيلي رئيس المنتدى التونسي الاقتصادي والاجتماعي أنه تم الانطلاق في انجاز الفيلم في شهر جانفي من العام الماضي، بعد الحصول على فيديوهات حية للأحداث التي عرفها الحوض المنجمي، مؤكدا أن هذا الفيلم هو أيضا تكريم للضحايا ولعائلاتهم وللمناضلين والحقوقيين.
وللتذكير فإن انتفاضة الحوض المنجمي انطلقت من الرديف وشملت المتلوي وأم العرايس والمظيلة بولاية قفصة وجوبهت بالقمع البوليسي وتم تسجيل سقوط ثلاثة شهداء هم هشام العلايمي وحفناوي المغزاوي وعبد الخالق عميدي، وذلك إلى جانب العديد من الجرحى والاعتقالات.
ولم تحض هذه الاحداث بالاهتمام الكامل بعد ثورة 14 جانفي رغم أن الثورة تعتبر في نظر العديد من الملاحظين امتدادا لاحداث الحوض المنجمي في 2008 وهم يرون أن الغضب الشعبي ضد نظام بن علي انطلق فعليا مع احداث الحوض المنجمي التي تعتبر في كل الحالات مرحلة حاسمة في طريق استعادة الشعب التونسي لحريته.