إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

التلفزة الوطنية تواجه أياما صعبة وسط لامبالاة غريبة من الدولة

*كان من المفروض أن تمثل التلفزة الوطنية نقطة ضوء في هذا البحر من الرداءة لكنها غارقة في مشاكلها الداخلية

*تغول قنوات الإثارة لا يمكن مقاومته الا بقرار وطني

تونس- الصباح

تعيش مؤسسة التلفزة الوطنية هذه الفترة، أياما صعبة إذ تستمر الاحتجاجات التي اتخذت في الساعات الماضية منحى تصعيديا والغريب في الأمر أن الدولة  لا تبدي أي اهتمام بهذا المرفق الاعلامي العمومي الخطير ( بمعنى الأهمية)  وإذا ما تدخلت فإنها تعتمد اساليب غير ناجعة على غرار ما حدث مؤخرا باستعمال القوة في خلاف بين الإدارة والهياكل النقابية الممثلة. كان ذلك في جانفي المنقضي ( 13 من الشهر) إذ أكد  كاتب عام نقابة الإداريين وليد منصر حينها، في عدة تصريحات اعلامية، ان مجموعة من السيارات الأمنية اقتحمت مقر التلفزة وأنه ووفق قوله، تم تهديد  العاملين الذين كانوا قد لوحوا  بتنفيذ اضراب  احتجاجا على طريقة تسيير المؤسسة  ( تم تعيين عواطف الصغروني بتسيير المؤسسة منذ أواخر جويلية 2021).

ولم تهدأ الأوضاع منذ تلك الفترة، فإن تم الغاء اضراب العملة والاداريين  بعد اجراء جلسة تفاوضية بين الهيكل النقابي (منضوي تحت الاتحاد العام التونسي للشغل) وبين وزارة الشؤون الاجتماعية، مع وعود باجراء جلسات اخرى للوصول إلى حل  توفيقي،  فإن بؤرة توتر أخرى قد فتحت وهي تخص الصحفيين وخاصة غرفة الأخبار. فقد اصدر  فرع النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالتلفزة الوطنية،  بتاريخ 3 فيفري بيانا اعتبر فيه أن ادارة المؤسسة هي المتسببة في المشاكل التي تعيشه التلفزة الوطنية.

وقال الفرع في بيانه أن الادارة تنكرت لتعهداتها بخصوص المطالب المهنية معلنا أن صحفيي قسم الأخبار قرروا  الدخول في  سلسلة من التحركات الاحتجاجية ضد الادارة العامة للسبب المذكور وايضا لغياب  رؤية أو مشروع اصلاح جدي يضمن ديمومة المؤسسة وفق ما جاء في بيان الفرع النقابي.

وتتمثل القرارات الاحتجاجية المعلن عنها في الآتي.:

- مواصلة الامتناع عن القيام بالأعمال الميدانية واقتصار الصحفيين المصورين على التصوير التلفزي والامتناع عن القيام بمهام خارج الاختصاص.

امتناع رؤساء النشرات عن القيام بهذه المسؤولية كعمل إضافي بداية من الأسبوع الثاني للتحرك.

الاقتصار على العمل في أوقات العمل وفق نظام 36 ساعة أسبوعيا عدا الآحاد وأيام العطل الرسمية.

- حمل الشارة الحمراء بداية من تاريخ الثامن من فيفري 2022

مقاطعة القيام بالمونتاج وأعمال السكريبت باعتبارها أعمال خارج الاختصاص.

من جهتها اصدرت ادارة مؤسسة التلفزة الوطنية بيانا اعربت فيه عما اسمته بأسفها للقرارات  الصادرة عن فرع النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالتلفزة ، ونفت ما وجه إليها من انتقادات وشددت على  أنها لم تتنكر لتعهداتها تجاه المطالب المهنية وإنما دعت إلى ضرورة احترام التراتيب والإجراءات الإدارية والقانونية خاصة وأن من أبرز النقاط الخلافية ما يتعلق بالمطالب المادية وبالخطط الوظيفية والتي لها انعكاسات مالية يصعب حلها في القريب العاجل ، في ظرف تمر به المؤسسة من صعوبات مالية واشارت إدارة  التلفزة  في بيانها إلى أنها تعمل على  الإسراع في إيجاد حلول لتجاوز الصعوبات التقنية واللوجستية  واقتناء معدات لتوفير أحسن الظروف لعمل الصحفيين ولإنتاج مادة إخبارية  بجودة عالية وفق ما تعهدت به في البيان.

وما يمكن استخلاصه من كل ذلك أن مؤسسة التلفزة التونسية لا تعمل اليوم في ظروف طبيعية وهي تعاني من صعوبات مادية باعتراف الادارة، ومن مشاكل وتوترات وجب وضع حد لها لأن كل ذلك  يهدد هذا المرفق العمومي الذي يعتبر رغم كل المؤاخذات على الأداء وعلى نوعية المنتوج وعلى أساليب العمل والتعامل مع المشاهدين، مكسبا وطنيا وهو في حاجة إلى الدعم والاصلاح.

وإن كان المشتغلون بالمؤسسة سواء من اعلاميين أو موظفين أو عملة، هم المعنيون بدرجة أولى بكل ما يحدث بالتلفزة الوطنية ومن حقهم أن يطالبوا بتسوية عاجلة لكل المشاكل التي  تعيق عملها، فإنه لابد من التوضيح أن التلفزة الوطنية تعني كل التونسيين. والأمر كذلك، ليس فقط لأنها مرفق عمومي وتتأتى نفقاتها من دافعي الضرائب في البلاد، وإنما بالخصوص لما يمكن  أن تضطلع به من دور حاسم في  هذه الظرفية الصعبة التي تمر بها تونس.

فالاعلام وخاصة السمعي البصري  لما  له من تأثير على الناس من المفروض أن يكون في قلب المعركة  التي تخوضها تونس من أجل النهوض بالبلاد والارتقاء بها إلى صفوف الامم المتطورة.

ووجب الاعتراف في هذا السياق بأن  الاعلام عموما والتلفزيون بشكل خاص لم يقم بدوره المنتظر بشكل فعال هذا إن لم يساعد على انجاح كل عمليات الهدم ومحاولات العودة بتونس إلى زمن الديكتاتورية والتخلف.

صحيح، لقد استفاد الاعلام في تونس  من حرية التعبير  بفضل ثورة 2011، لكن هذه الحرية وبشهادة جل الخبراء والملاحظين لم توظف  ايجابيا، بل تم توظيف حرية التعبير في اغلب القنوات التلفزيونية بالخصوص، توظيفا سيئا جدا.

وفي الوقت الذي توقعنا فيه أن تساهم التعددية ( ظهور العديد من القنوات الخاصة بعد الثورة) اثر  احداث جانفي 2011، بعد أن كان القطاع تحت الرقابة المباشرة للدولة، في تنويع المشهد وفي خلق تنافس حقيقي من أجل خدمة  قضايا البلاد، اتخذت جل القنوات منحى تجاريا بحتا.

وإن كان من حق أي مشروع  بما في ذلك في مجال الاعلام تحقيق الربح، إلا أن ذلك لا يعني أن يتحول المشهد الاعلامي إلى مزرعة على طريقة ما هو موجود اليوم، حيث نلاحظ انفلاتا تاما رغم وجود هيئة للتعديل الذاتي ( الهايكا) التي يبدو أن كثرة مشاكل القطاع والحجم الهائل للخروقات، قد قلصت كثيرا من فاعليتها.

هناك اليوم وبكل بساطة دوس على كل القيم وعدم احترام لاي حرمة وقد لا نبالغ  عندما نقول إن القنوات التلفزيونية الخاصة  صارت اليوم خطرا على التونسيين من خلال اعتمادها الذي يكاد  يكون كليا على الاثارة وابتزاز العواطف بالتركيز على برمجة رديئة وهي لا  تدافع  عن أي قيمة وكل همها استدارج  اكبر ما يمكن من الجماهير لمشاهدة برامج تافهة وسطحية من حيث المضمون وتعتمد على اسلوب بذيء في الطرح يصل حتى إلى اختلاق معارك وهمية وفبركة الأخبار دون أن ننسى التشهير بالناس والاساءة لهم ويقدم كل ذلك بطريقة خالية من الذوق ومن ابسط شروط  آداب التعامل.

وكان من المفروض أن يمثل التلفزيون الوطني  نقطة ضوء في هذا البحر من الرداءة التي تحيط بنا، لكن مؤسسة التلفزة الوطنية في تراجع متواصل وهي اليوم غارقة في مشاكلها الداخلية، في وقت ينتظر منها أن تتجند للدفاع عن قيم البلاد  متحولة هي  بدروها إلى مشكل مما  سمح لأصحاب  العقلية "الاجتثاثية"  بالمطالبة بكل بساطة، بغلقها.

وإننا إذ نجدد  من جانبنا  التأكيد على  أن التلفزيون الوطني هو مكسب لكل التونسيين، فإنه من الواضح أنه في حاجة إلى عملية اصلاح جوهرية عاجلة.

وإذ نترك المسائل الإدارية إلى أهل الاختصاص، فإننا في المقابل نشدد على أن التلفزة الوطنية مطالبة بمراجعة برامجها مراجعة تجعلها تحقق هدفين أساسيين:

أولا، توفير مضامين راقية  تمكنها على الاقل أن تساعد على اصلاح ما تفسده القنوان التجارية مع الاهتمام بالقضايا الجوهرية المغيبة التي تهملها قنوات الاثارة واساسا منها القضايا الثقافية والحضارية والفكرية، تلك القضايا التي تساعد على تطوير ملكة النقد وتنمية المقدرة على الفهم والتحليل والاستنتاج، وهي مسائل مغيبة في قنواتنا التي تزيد في تسطيح العقول ببرامجها السمجة والاستهلاكية.

ثانيا، مواكبة التطور الذي يشهده عالم الاعلام والاتصال والاشتغال على مسألة الشكل بالتعويل على الاساليب الحديثة في التقديم والاستفادة من الكفاءات العالية.  وقد وجب الاقرار في هذا الجانب بأن التلفزة الوطنية مازالت كلاسيكية جدا على مستوى الشكل وهي مدعوة  وبإلحاح  الى مراجعات في هذا الباب وادخال روح جديدة على الدار التي اصبحت الحاجة فيها إلى التجديد أكيدة جدا.

ولنا أن نذكّر بالدور الخطير للتلفزيون  وذلك رغم المنافسة من وسائل الاتصال الرقيمة الحديثة، لأن التلفزيون مازال في  تونس محافظا على مكانته ومازالت له القدرة على الوصول إلى المشاهدين أينما كانوا  في مختلف انحاء البلاد.

وقد لا نتردد في القول إن ترك التلفزيون الوطني يغرق رويدا رويدا ليس في مصلحة تونس، بل هو ضد مصلحتها، تماما مثلما لا نتردد في القول إن وضع حد لتغول قنوات الاثارة لا يأتي إلا بقرار وطني. قرار وطني  يمنح التلفزيون الوطني، هذا المرفق الاعلامي العمومي، الذي ظل طويلا  إما يعاني من  الهيمنة السياسية ورقابة السلطة ( قبل الثورة وايضا بعدها) أو هو مهمل  ومتجاهل تماما (على غرار ما يجري اليوم) كل الامكانيات، المادية والمعنوية. فالقضية، قضية وطنية بامتياز.

 حياة السايب

التلفزة الوطنية تواجه أياما صعبة وسط لامبالاة غريبة من الدولة

*كان من المفروض أن تمثل التلفزة الوطنية نقطة ضوء في هذا البحر من الرداءة لكنها غارقة في مشاكلها الداخلية

*تغول قنوات الإثارة لا يمكن مقاومته الا بقرار وطني

تونس- الصباح

تعيش مؤسسة التلفزة الوطنية هذه الفترة، أياما صعبة إذ تستمر الاحتجاجات التي اتخذت في الساعات الماضية منحى تصعيديا والغريب في الأمر أن الدولة  لا تبدي أي اهتمام بهذا المرفق الاعلامي العمومي الخطير ( بمعنى الأهمية)  وإذا ما تدخلت فإنها تعتمد اساليب غير ناجعة على غرار ما حدث مؤخرا باستعمال القوة في خلاف بين الإدارة والهياكل النقابية الممثلة. كان ذلك في جانفي المنقضي ( 13 من الشهر) إذ أكد  كاتب عام نقابة الإداريين وليد منصر حينها، في عدة تصريحات اعلامية، ان مجموعة من السيارات الأمنية اقتحمت مقر التلفزة وأنه ووفق قوله، تم تهديد  العاملين الذين كانوا قد لوحوا  بتنفيذ اضراب  احتجاجا على طريقة تسيير المؤسسة  ( تم تعيين عواطف الصغروني بتسيير المؤسسة منذ أواخر جويلية 2021).

ولم تهدأ الأوضاع منذ تلك الفترة، فإن تم الغاء اضراب العملة والاداريين  بعد اجراء جلسة تفاوضية بين الهيكل النقابي (منضوي تحت الاتحاد العام التونسي للشغل) وبين وزارة الشؤون الاجتماعية، مع وعود باجراء جلسات اخرى للوصول إلى حل  توفيقي،  فإن بؤرة توتر أخرى قد فتحت وهي تخص الصحفيين وخاصة غرفة الأخبار. فقد اصدر  فرع النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالتلفزة الوطنية،  بتاريخ 3 فيفري بيانا اعتبر فيه أن ادارة المؤسسة هي المتسببة في المشاكل التي تعيشه التلفزة الوطنية.

وقال الفرع في بيانه أن الادارة تنكرت لتعهداتها بخصوص المطالب المهنية معلنا أن صحفيي قسم الأخبار قرروا  الدخول في  سلسلة من التحركات الاحتجاجية ضد الادارة العامة للسبب المذكور وايضا لغياب  رؤية أو مشروع اصلاح جدي يضمن ديمومة المؤسسة وفق ما جاء في بيان الفرع النقابي.

وتتمثل القرارات الاحتجاجية المعلن عنها في الآتي.:

- مواصلة الامتناع عن القيام بالأعمال الميدانية واقتصار الصحفيين المصورين على التصوير التلفزي والامتناع عن القيام بمهام خارج الاختصاص.

امتناع رؤساء النشرات عن القيام بهذه المسؤولية كعمل إضافي بداية من الأسبوع الثاني للتحرك.

الاقتصار على العمل في أوقات العمل وفق نظام 36 ساعة أسبوعيا عدا الآحاد وأيام العطل الرسمية.

- حمل الشارة الحمراء بداية من تاريخ الثامن من فيفري 2022

مقاطعة القيام بالمونتاج وأعمال السكريبت باعتبارها أعمال خارج الاختصاص.

من جهتها اصدرت ادارة مؤسسة التلفزة الوطنية بيانا اعربت فيه عما اسمته بأسفها للقرارات  الصادرة عن فرع النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالتلفزة ، ونفت ما وجه إليها من انتقادات وشددت على  أنها لم تتنكر لتعهداتها تجاه المطالب المهنية وإنما دعت إلى ضرورة احترام التراتيب والإجراءات الإدارية والقانونية خاصة وأن من أبرز النقاط الخلافية ما يتعلق بالمطالب المادية وبالخطط الوظيفية والتي لها انعكاسات مالية يصعب حلها في القريب العاجل ، في ظرف تمر به المؤسسة من صعوبات مالية واشارت إدارة  التلفزة  في بيانها إلى أنها تعمل على  الإسراع في إيجاد حلول لتجاوز الصعوبات التقنية واللوجستية  واقتناء معدات لتوفير أحسن الظروف لعمل الصحفيين ولإنتاج مادة إخبارية  بجودة عالية وفق ما تعهدت به في البيان.

وما يمكن استخلاصه من كل ذلك أن مؤسسة التلفزة التونسية لا تعمل اليوم في ظروف طبيعية وهي تعاني من صعوبات مادية باعتراف الادارة، ومن مشاكل وتوترات وجب وضع حد لها لأن كل ذلك  يهدد هذا المرفق العمومي الذي يعتبر رغم كل المؤاخذات على الأداء وعلى نوعية المنتوج وعلى أساليب العمل والتعامل مع المشاهدين، مكسبا وطنيا وهو في حاجة إلى الدعم والاصلاح.

وإن كان المشتغلون بالمؤسسة سواء من اعلاميين أو موظفين أو عملة، هم المعنيون بدرجة أولى بكل ما يحدث بالتلفزة الوطنية ومن حقهم أن يطالبوا بتسوية عاجلة لكل المشاكل التي  تعيق عملها، فإنه لابد من التوضيح أن التلفزة الوطنية تعني كل التونسيين. والأمر كذلك، ليس فقط لأنها مرفق عمومي وتتأتى نفقاتها من دافعي الضرائب في البلاد، وإنما بالخصوص لما يمكن  أن تضطلع به من دور حاسم في  هذه الظرفية الصعبة التي تمر بها تونس.

فالاعلام وخاصة السمعي البصري  لما  له من تأثير على الناس من المفروض أن يكون في قلب المعركة  التي تخوضها تونس من أجل النهوض بالبلاد والارتقاء بها إلى صفوف الامم المتطورة.

ووجب الاعتراف في هذا السياق بأن  الاعلام عموما والتلفزيون بشكل خاص لم يقم بدوره المنتظر بشكل فعال هذا إن لم يساعد على انجاح كل عمليات الهدم ومحاولات العودة بتونس إلى زمن الديكتاتورية والتخلف.

صحيح، لقد استفاد الاعلام في تونس  من حرية التعبير  بفضل ثورة 2011، لكن هذه الحرية وبشهادة جل الخبراء والملاحظين لم توظف  ايجابيا، بل تم توظيف حرية التعبير في اغلب القنوات التلفزيونية بالخصوص، توظيفا سيئا جدا.

وفي الوقت الذي توقعنا فيه أن تساهم التعددية ( ظهور العديد من القنوات الخاصة بعد الثورة) اثر  احداث جانفي 2011، بعد أن كان القطاع تحت الرقابة المباشرة للدولة، في تنويع المشهد وفي خلق تنافس حقيقي من أجل خدمة  قضايا البلاد، اتخذت جل القنوات منحى تجاريا بحتا.

وإن كان من حق أي مشروع  بما في ذلك في مجال الاعلام تحقيق الربح، إلا أن ذلك لا يعني أن يتحول المشهد الاعلامي إلى مزرعة على طريقة ما هو موجود اليوم، حيث نلاحظ انفلاتا تاما رغم وجود هيئة للتعديل الذاتي ( الهايكا) التي يبدو أن كثرة مشاكل القطاع والحجم الهائل للخروقات، قد قلصت كثيرا من فاعليتها.

هناك اليوم وبكل بساطة دوس على كل القيم وعدم احترام لاي حرمة وقد لا نبالغ  عندما نقول إن القنوات التلفزيونية الخاصة  صارت اليوم خطرا على التونسيين من خلال اعتمادها الذي يكاد  يكون كليا على الاثارة وابتزاز العواطف بالتركيز على برمجة رديئة وهي لا  تدافع  عن أي قيمة وكل همها استدارج  اكبر ما يمكن من الجماهير لمشاهدة برامج تافهة وسطحية من حيث المضمون وتعتمد على اسلوب بذيء في الطرح يصل حتى إلى اختلاق معارك وهمية وفبركة الأخبار دون أن ننسى التشهير بالناس والاساءة لهم ويقدم كل ذلك بطريقة خالية من الذوق ومن ابسط شروط  آداب التعامل.

وكان من المفروض أن يمثل التلفزيون الوطني  نقطة ضوء في هذا البحر من الرداءة التي تحيط بنا، لكن مؤسسة التلفزة الوطنية في تراجع متواصل وهي اليوم غارقة في مشاكلها الداخلية، في وقت ينتظر منها أن تتجند للدفاع عن قيم البلاد  متحولة هي  بدروها إلى مشكل مما  سمح لأصحاب  العقلية "الاجتثاثية"  بالمطالبة بكل بساطة، بغلقها.

وإننا إذ نجدد  من جانبنا  التأكيد على  أن التلفزيون الوطني هو مكسب لكل التونسيين، فإنه من الواضح أنه في حاجة إلى عملية اصلاح جوهرية عاجلة.

وإذ نترك المسائل الإدارية إلى أهل الاختصاص، فإننا في المقابل نشدد على أن التلفزة الوطنية مطالبة بمراجعة برامجها مراجعة تجعلها تحقق هدفين أساسيين:

أولا، توفير مضامين راقية  تمكنها على الاقل أن تساعد على اصلاح ما تفسده القنوان التجارية مع الاهتمام بالقضايا الجوهرية المغيبة التي تهملها قنوات الاثارة واساسا منها القضايا الثقافية والحضارية والفكرية، تلك القضايا التي تساعد على تطوير ملكة النقد وتنمية المقدرة على الفهم والتحليل والاستنتاج، وهي مسائل مغيبة في قنواتنا التي تزيد في تسطيح العقول ببرامجها السمجة والاستهلاكية.

ثانيا، مواكبة التطور الذي يشهده عالم الاعلام والاتصال والاشتغال على مسألة الشكل بالتعويل على الاساليب الحديثة في التقديم والاستفادة من الكفاءات العالية.  وقد وجب الاقرار في هذا الجانب بأن التلفزة الوطنية مازالت كلاسيكية جدا على مستوى الشكل وهي مدعوة  وبإلحاح  الى مراجعات في هذا الباب وادخال روح جديدة على الدار التي اصبحت الحاجة فيها إلى التجديد أكيدة جدا.

ولنا أن نذكّر بالدور الخطير للتلفزيون  وذلك رغم المنافسة من وسائل الاتصال الرقيمة الحديثة، لأن التلفزيون مازال في  تونس محافظا على مكانته ومازالت له القدرة على الوصول إلى المشاهدين أينما كانوا  في مختلف انحاء البلاد.

وقد لا نتردد في القول إن ترك التلفزيون الوطني يغرق رويدا رويدا ليس في مصلحة تونس، بل هو ضد مصلحتها، تماما مثلما لا نتردد في القول إن وضع حد لتغول قنوات الاثارة لا يأتي إلا بقرار وطني. قرار وطني  يمنح التلفزيون الوطني، هذا المرفق الاعلامي العمومي، الذي ظل طويلا  إما يعاني من  الهيمنة السياسية ورقابة السلطة ( قبل الثورة وايضا بعدها) أو هو مهمل  ومتجاهل تماما (على غرار ما يجري اليوم) كل الامكانيات، المادية والمعنوية. فالقضية، قضية وطنية بامتياز.

 حياة السايب

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews