إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الكتاب والدبلوماسية الثقافية: جلسة حوارية بمشاركة شخصيات دبلوماسية وأكاديمية من تونس وفنزويلا

  في إطار فعاليات الدورة 39 من معرض تونس الدولي للكتاب، احتضن فضاء المعرض يوم الثلاثاء 29 أفريل جلسة حوارية بعنوان "دور الكتاب في تعزيز الدبلوماسية الثقافية"، أدارها السفير السابق الهادي بن نصر، وشارك في تأثيثها ثلة من الشخصيات الدبلوماسية والأكاديمية من تونس وفنزويلا.

 افتتح الكاتب والشاعر عبد العزيز قاسم مداخلته بالإشارة إلى تجربته الطويلة في المجال الثقافي، مؤكدا أن الثقافة ليست شأنا حكوميا محصورا في وزارة واحدة، واعتبرها منظومة شاملة تشمل وزارات التربية والشؤون الثقافية والشؤون الخارجية. 
وتحدث قاسم عن تجربته في دار الكتب الوطنية وعمله ضمن لجان ثقافية متخصصة، مشيرا إلى بعض التحديات التي واجهت تمثيل الشعر التونسي في الفعاليات الدولية.
 
واستعرض تجربة شخصية حين اكتشف مشاركة نصوص كتبها صحفي أجنبي في معارض دولية باسم تونس، ما جعله يطرح تساؤلات حول آليات اختيار المبدعين الممثلين للبلد. وختم بالتأكيد على ضرورة أن يكون للدبلوماسيين الشباب إلمام واسع بالتاريخ والثقافة الوطنية.
 
 
 الكتاب كأداة للديبلوماسية الناعمة
 
وثمّن مراد بلحسن، وهو مدير عام للدبلوماسية الاقتصادية والثقافية بوزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، هذه المبادرة التي تعكس وعي إدارة المعرض بأهمية الثقافة والكتاب في تمثيل صورة تونس في الخارج. 
وأكد على أن الديبلوماسية الثقافية تمثل إحدى ركائز القوة الناعمة للدول ووسيلة فعالة لبناء جسور التواصل. وسلط الضوء على الرصيد الحضاري المتنوع لتونس الذي يؤهلها لتكون فاعلا أساسيا في هذا المجال، مشيرا إلى مبادرات قامت بها وزارة الشؤون الخارجية مثل ملتقى "أدب الجزيرة" بالفضاء الفرانكوفوني ومشاركات تهدف لإبراز مكانة المرأة التونسية والهوية الوطنية من خلال الثقافة.
 
 كارمن بوهوركيس: من فنزويلا إلى تونس... نحو ديبلوماسية شعبية
 
 
ومن دولة فنزويلا، تحدثت "كارمن بوهوركيس"، الباحثة والسفيرة السابقة، عن ضرورة تحرير الدبلوماسية الثقافية من النخبوية والانفتاح على تمثيل الشعوب. وقدّمت قراءة نقدية لتجربة بلادها مع الاستعمار الإسباني، مؤكدة أن النخب ظلت مهيمنة على الصورة الثقافية في الخارج.
 
وتطرقت إلى الدور السلبي الذي لعبته السفارات الفنزويلية في الخارج خلال القرن العشرين، حيث اقتصر تمثيلها الثقافي على النخبة وعلى صورة نمطية لبلد غني بالنفط، في تجاهل تام لثقافة الشعب الحقيقية ولإبداعاته في الموسيقى والمسرح والأدب الشعبي. 
وطرحت تساؤلا جوهريا: ماذا يجب أن تُظهر دولة ما عبر بعثاتها الدبلوماسية؟ وهل تكتفي بترويج ثقافة النخبة أم تعكس روح الشعب وموروثه الحقيقي؟
 
وفي سياق حديثها، شددت المتحدثة الفنزويلية على أن التحول الجذري الذي عرفته بلادها انطلق مع ظهور الرئيس الراحل "هوغو تشافيز" الذي أعاد الاعتبار إلى الفئات الشعبية المهمّشة وفتح أمامها المجال للتعبير عن نفسها ولإبراز ثقافتها الأصيلة في الداخل والخارج. واعتبرت أن تلك اللحظة كانت بداية بناء دبلوماسية ثقافية بديلة أكثر عدلا وصدقا تستند إلى روابط التضامن بين الشعوب.
 
 
وأبرزت في هذا الصدد تطور العلاقات الثقافية بين فنزويلا والدول الإفريقية التي كانت مهمّشة بدورها، مؤكدة أن الدبلوماسية الثقافية الحقيقية تقوم على التلاقي الإنساني بين الشعوب لا على تبادل الامتيازات بين النخب.
 
وختمت مداخلتها بالدعوة إلى تجاوز النموذج النخبوي في تمثيل الثقافة والعمل على تبني دبلوماسية ثقافية شعبية تكون مرآة صادقة للهويات الوطنية ووسيلة لتعزيز الحوار والتفاهم بين الأمم.
 
 
 الثقافة ركيزة استراتيجية في الخارج
 
وتحدثت سامية العربي من واقع تجربتها كسفيرة سابقة للجمهورية التونسية ببوخارست وملحقة ثقافية في سفارة تونس بروما، مبرزة دور الثقافة في تحسين صورة تونس لدى الرأي العام الأوروبي. وقدّمت مثالا ناجحا بتنظيم أسبوع للسينما التونسية في روما الذي جذب اهتمام الجمهور الإيطالي وأثار نقاشات إيجابية حول صورة تونس.
 
وأكدت على أهمية دعم هذا النوع من المبادرات من خلال تمويل مستقر وبرامج شراكة مع المجتمع المدني بالإضافة إلى ضرورة دعم اللوجستيات لنقل العروض والكتب والمحتوى الثقافي إلى الخارج.
 
 
لا ديبلوماسية ثقافية دون الاعتناء بالمثقفين
 
وأكد توفيق جابر، وهو سفير سابق للجمهورية التونسية بكل من القاهرة واسطنبول وباريس وصنعاء، أن الثقافة عنصر أساسي في العمل الدبلوماسي إلى جانب السياسة والاقتصاد وأن الكتّاب والفنون هم سفراء صامتون فاعلون. غير أنه انتقد ما وصفه بـ"تهميش المثقفين" داخل تونس، مشددا على أن ذلك يُضعف من قيمة التمثيل الثقافي في الخارج.
 
ودعا إلى جعل العمل الثقافي نشاطا دائما في السفارات وليس موسميا. واقترح تكوينا عمليا للدبلوماسيين يشمل زيارات للمواقع التراثية والمعالم الثقافية بالداخل لتكوين معرفة أعمق تساعدهم في تمثيل البلاد.
 
 نحو خارطة طريق عملية للديبلوماسية الثقافية
 
واختتم عبد الرزاق الأندلسي المداخلات برؤية استراتيجية شدد فيها على أن الديبلوماسية الثقافية ليست شعارا بل خطة عمل متكاملة تتطلب تنسيقا محكما. وأشار إلى أن تونس تمتلك مخزونا ثقافيا كبيرا لكن توظيفه ما يزال جزئيا وموسميا، وفق تقديره. واقترح وضع خارطة طريق وطنية للديبلوماسية الثقافية تتضمن تحديد الأولويات الثقافية ودعم المبدعين في الخارج وإنشاء آلية دائمة لمتابعة التمثيل الثقافي. 
كما دعا إلى مراجعة طرق اختيار المشاركين في المعارض والمهرجانات الدولية وإلى تعزيز برامج الترجمة باعتبارها الجسر الحقيقي لعبور الكتاب التونسي إلى العالمية.
وات
الكتاب والدبلوماسية الثقافية: جلسة حوارية بمشاركة شخصيات دبلوماسية وأكاديمية من تونس وفنزويلا

  في إطار فعاليات الدورة 39 من معرض تونس الدولي للكتاب، احتضن فضاء المعرض يوم الثلاثاء 29 أفريل جلسة حوارية بعنوان "دور الكتاب في تعزيز الدبلوماسية الثقافية"، أدارها السفير السابق الهادي بن نصر، وشارك في تأثيثها ثلة من الشخصيات الدبلوماسية والأكاديمية من تونس وفنزويلا.

 افتتح الكاتب والشاعر عبد العزيز قاسم مداخلته بالإشارة إلى تجربته الطويلة في المجال الثقافي، مؤكدا أن الثقافة ليست شأنا حكوميا محصورا في وزارة واحدة، واعتبرها منظومة شاملة تشمل وزارات التربية والشؤون الثقافية والشؤون الخارجية. 
وتحدث قاسم عن تجربته في دار الكتب الوطنية وعمله ضمن لجان ثقافية متخصصة، مشيرا إلى بعض التحديات التي واجهت تمثيل الشعر التونسي في الفعاليات الدولية.
 
واستعرض تجربة شخصية حين اكتشف مشاركة نصوص كتبها صحفي أجنبي في معارض دولية باسم تونس، ما جعله يطرح تساؤلات حول آليات اختيار المبدعين الممثلين للبلد. وختم بالتأكيد على ضرورة أن يكون للدبلوماسيين الشباب إلمام واسع بالتاريخ والثقافة الوطنية.
 
 
 الكتاب كأداة للديبلوماسية الناعمة
 
وثمّن مراد بلحسن، وهو مدير عام للدبلوماسية الاقتصادية والثقافية بوزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، هذه المبادرة التي تعكس وعي إدارة المعرض بأهمية الثقافة والكتاب في تمثيل صورة تونس في الخارج. 
وأكد على أن الديبلوماسية الثقافية تمثل إحدى ركائز القوة الناعمة للدول ووسيلة فعالة لبناء جسور التواصل. وسلط الضوء على الرصيد الحضاري المتنوع لتونس الذي يؤهلها لتكون فاعلا أساسيا في هذا المجال، مشيرا إلى مبادرات قامت بها وزارة الشؤون الخارجية مثل ملتقى "أدب الجزيرة" بالفضاء الفرانكوفوني ومشاركات تهدف لإبراز مكانة المرأة التونسية والهوية الوطنية من خلال الثقافة.
 
 كارمن بوهوركيس: من فنزويلا إلى تونس... نحو ديبلوماسية شعبية
 
 
ومن دولة فنزويلا، تحدثت "كارمن بوهوركيس"، الباحثة والسفيرة السابقة، عن ضرورة تحرير الدبلوماسية الثقافية من النخبوية والانفتاح على تمثيل الشعوب. وقدّمت قراءة نقدية لتجربة بلادها مع الاستعمار الإسباني، مؤكدة أن النخب ظلت مهيمنة على الصورة الثقافية في الخارج.
 
وتطرقت إلى الدور السلبي الذي لعبته السفارات الفنزويلية في الخارج خلال القرن العشرين، حيث اقتصر تمثيلها الثقافي على النخبة وعلى صورة نمطية لبلد غني بالنفط، في تجاهل تام لثقافة الشعب الحقيقية ولإبداعاته في الموسيقى والمسرح والأدب الشعبي. 
وطرحت تساؤلا جوهريا: ماذا يجب أن تُظهر دولة ما عبر بعثاتها الدبلوماسية؟ وهل تكتفي بترويج ثقافة النخبة أم تعكس روح الشعب وموروثه الحقيقي؟
 
وفي سياق حديثها، شددت المتحدثة الفنزويلية على أن التحول الجذري الذي عرفته بلادها انطلق مع ظهور الرئيس الراحل "هوغو تشافيز" الذي أعاد الاعتبار إلى الفئات الشعبية المهمّشة وفتح أمامها المجال للتعبير عن نفسها ولإبراز ثقافتها الأصيلة في الداخل والخارج. واعتبرت أن تلك اللحظة كانت بداية بناء دبلوماسية ثقافية بديلة أكثر عدلا وصدقا تستند إلى روابط التضامن بين الشعوب.
 
 
وأبرزت في هذا الصدد تطور العلاقات الثقافية بين فنزويلا والدول الإفريقية التي كانت مهمّشة بدورها، مؤكدة أن الدبلوماسية الثقافية الحقيقية تقوم على التلاقي الإنساني بين الشعوب لا على تبادل الامتيازات بين النخب.
 
وختمت مداخلتها بالدعوة إلى تجاوز النموذج النخبوي في تمثيل الثقافة والعمل على تبني دبلوماسية ثقافية شعبية تكون مرآة صادقة للهويات الوطنية ووسيلة لتعزيز الحوار والتفاهم بين الأمم.
 
 
 الثقافة ركيزة استراتيجية في الخارج
 
وتحدثت سامية العربي من واقع تجربتها كسفيرة سابقة للجمهورية التونسية ببوخارست وملحقة ثقافية في سفارة تونس بروما، مبرزة دور الثقافة في تحسين صورة تونس لدى الرأي العام الأوروبي. وقدّمت مثالا ناجحا بتنظيم أسبوع للسينما التونسية في روما الذي جذب اهتمام الجمهور الإيطالي وأثار نقاشات إيجابية حول صورة تونس.
 
وأكدت على أهمية دعم هذا النوع من المبادرات من خلال تمويل مستقر وبرامج شراكة مع المجتمع المدني بالإضافة إلى ضرورة دعم اللوجستيات لنقل العروض والكتب والمحتوى الثقافي إلى الخارج.
 
 
لا ديبلوماسية ثقافية دون الاعتناء بالمثقفين
 
وأكد توفيق جابر، وهو سفير سابق للجمهورية التونسية بكل من القاهرة واسطنبول وباريس وصنعاء، أن الثقافة عنصر أساسي في العمل الدبلوماسي إلى جانب السياسة والاقتصاد وأن الكتّاب والفنون هم سفراء صامتون فاعلون. غير أنه انتقد ما وصفه بـ"تهميش المثقفين" داخل تونس، مشددا على أن ذلك يُضعف من قيمة التمثيل الثقافي في الخارج.
 
ودعا إلى جعل العمل الثقافي نشاطا دائما في السفارات وليس موسميا. واقترح تكوينا عمليا للدبلوماسيين يشمل زيارات للمواقع التراثية والمعالم الثقافية بالداخل لتكوين معرفة أعمق تساعدهم في تمثيل البلاد.
 
 نحو خارطة طريق عملية للديبلوماسية الثقافية
 
واختتم عبد الرزاق الأندلسي المداخلات برؤية استراتيجية شدد فيها على أن الديبلوماسية الثقافية ليست شعارا بل خطة عمل متكاملة تتطلب تنسيقا محكما. وأشار إلى أن تونس تمتلك مخزونا ثقافيا كبيرا لكن توظيفه ما يزال جزئيا وموسميا، وفق تقديره. واقترح وضع خارطة طريق وطنية للديبلوماسية الثقافية تتضمن تحديد الأولويات الثقافية ودعم المبدعين في الخارج وإنشاء آلية دائمة لمتابعة التمثيل الثقافي. 
كما دعا إلى مراجعة طرق اختيار المشاركين في المعارض والمهرجانات الدولية وإلى تعزيز برامج الترجمة باعتبارها الجسر الحقيقي لعبور الكتاب التونسي إلى العالمية.
وات