يتسارع ضغط الآجال من أجل الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لإنقاذ الميزانية والمالية العمومية وتفادي الأسوأ .
ورغم تأكيدات الكثير من الخبراء في المجال الاقتصادي والمالي أن الإمضاء مع صندوق النقد الدولي مهمة صعبة وتكاد لدى البعض تكون مستحيلة لعدة أسباب في مقدمتها الشروط المجحفة في شكل إصلاحات والتي يتمسك بها الطرف المانح إضافة إلى الظرف السياسي الراهن وتواصل تعطل لغة الحوار لا سيما مع الأطراف الاجتماعية، إلا أن الحكومة تعمل جاهدة على ما يبدو لإنجاح المفاوضات مع صندوق النقدي الدولي والتوصل إلى إمضاء الاتفاق قبل أفريل القادم.
ولعل حكومة بودن تدرك حق الإدراك أن ذلك بمثابة طوق النجاة لها لتفادي دوامة المزيد من الضغوط المالية والأعباء الاجتماعية والاحتجاجية المفتوحة على كل الاحتمالات في صورة عجز الدولة عن تعبئة الموارد المالية المطلوبة لتمويل الميزانية.
إجراءات ولقاءات
أقل من شهرين هي المدة المتبقية لحكومة نجلاء بودن للإجابة والاستجابة للإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي كمقدمة لتوقيع اتفاق جديد مع تونس.
وتسارع الحكومة اليوم الخطى لتقديم التطمينات اللازمة بأنها ملتزمة بالإصلاحات المطلوبة. واتضح ذلك من خلال إقرار الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات كمقدمة حسن نوايا اعتبرها البعض رسائل مضمونة الوصول لصندوق النقد الدولي تثبت التزام تونس بتعهّداتها برفع الدعم التدريجي على عديد المواد ومن بينها المحروقات.
وفي السياق ذاته أشرفت أول أمس رئيسة الحكومة نجلاء بودن على 3 جلسات عمل وزارية متتالية عبر تقنية التواصل عن بُعد تناولت الإصلاحات الهيكلية لإنقاذ الاقتصاد ومتابعة برامج التعاون مع الشركاء الفنيين والماليين. حيث أفادت رئاسة الحكومة في بلاغ لها بأن الجلسة الأولى خصصت للنظر في " مدى التقدم في إعداد برنامج الإصلاحات ذات الأولوية بهدف عقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي وذلك بحضور الوزارات المعنية والبنك المركزي ".
في حين تناولت الجلسة الثانية "الإجراءات التي تتعلق ببرامج الدعم المالي والفني المقدمة من قبل كل من الاتحاد الأوروبي والوكالة الفرنسية للتنمية AFD وبنك التنمية الألماني KFW".
وأما الجلسة الثالثة فخصصت لاستعراض" مشروع خطة الإنعاش الاقتصادي على المدى القصير وما تضمنت من اقتراحات وإجراءات أعدتها وزارة الاقتصاد والتخطيط بالتشاور مع مخلف الوزارات والهياكل المعنية".
الدعم الفرنسي على الخط
شملت كذلك اللقاءات الماراطونية وحالة الاستنفار تحضيرا للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، مفاوضات وترتيبات غير معلنة ، على الأقل من الجانب التونسي، مع أطراف أجنبية وتحديدا فرنسية.
فقد كشف أمس موقع “افريك انتلجينس” عن زيارة أداها أول أمس المدير العام للخزينة الفرنسية ورئيس نادي باريس “ايمانوال مولان” إلى تونس ولقائه مع كل من مروان العباسي محافظ البنك المركزي وسهام البوغديري نمصية وزيرة المالية .
وأفاد الموقع أن اللقاءات تناولت أساسا الإصلاحات التي يتعين على تونس القيام بها من أجل توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
أشار أيضا موقع “افريك انتلجينس” إلى أن فرنسا تقترح تقديم مساعدة تقنية لتونس قصد الاستجابة لطلبات صندوق النقد الدولي المقدمة منذ منتصف شهر جانفي الماضي لا سيما في ظل عدم تقدم المفاوضات مع الصندوق منذ إعادة إطلاقها رسميا في نوفمبر الماضي.
ووفق المصدر ذاته فإن زيارة“ايمانوال مولان” تأتي اثر المكالمة الهاتفية التي كانت قد جمعت الرئيس الفرنسي ايمانوال ماكرون برئيس الجمهروية قيس سعيد في 22 جانفي الفارط.
في السياق ذاته صرح أمس سفير فرنسا بتونس 'أندريه باران' لمراسل موزاييك بتطاوين على هامش زيارة أداها للجهة، أن "الوضع بتونس صعب جدا وفرنسا تتابع باستمرار وهي جاهزة لمساعدة الحكومة على استعادة التوازن بالتنسيق مع المجتمع الدولي".
تشاؤل
من جهتها أعربت أمس وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية عن تفاؤلها بالتوصل لاتفاق من هنا إلى نهاية شهر افريل مع صندوق النقد الدولي .
وأكدت في تصريح إذاعي بان الوزارة على دراية بالطلبات التي قدمها الصندوق وبأنه تمت الاستجابة إليها.
في المقابل أعرب الخبير الاقتصادي، رضا الشكندالي، عن جدية التخوّفات من عدم قدرة الحكومة على تعبئة الموارد بما فيها الموارد الداخلية.
واعتبر في تصريح أول أمس أن الوضعية الحالية للمالية العمومية "ستكون أسوأ بكثير جدا، إذا لم تتوصّل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، قبل موفى شهر مارس".
مؤكدا أن كل المؤشرات تبيّن أنه من الصعب التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
موقف الاتحاد؟
تجدر الإشارة أيضا إلى أن حكومة بودن تواجه موقف المنظمة الشغيلة الرافض لبعض شروط صندوق النقد لا سيما مسألة رفع الدعم والتفويت في المؤسسات العمومية وكان نور الدين الطبوبي قد جدد في لآخر تصريح له في افتتاح المؤتمر العادي للاتحاد الجهوي للشغل بمدنين التأكيد على هذا الموقف قائلا “…لدينا استحقاقاتنا الاجتماعية ولن يقبل الاتحاد برفع الدعم والتفويت في القطاع العمومي وبتجميد الأجور.. لن نعود لـ10 سنوات سوداء ".
فهل حصلت حكومة بودن على الضوء الأخضر من الاتحاد في كواليس المفاوضات أم أنها تعول على استغلال "معركة المؤتمر" وتداعيات الفصل 20 ومساره القضائي لتمرير اتفاقها مع صندوق النقد الدولي بهدوء؟
م.ي
تونس-الصباح
يتسارع ضغط الآجال من أجل الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لإنقاذ الميزانية والمالية العمومية وتفادي الأسوأ .
ورغم تأكيدات الكثير من الخبراء في المجال الاقتصادي والمالي أن الإمضاء مع صندوق النقد الدولي مهمة صعبة وتكاد لدى البعض تكون مستحيلة لعدة أسباب في مقدمتها الشروط المجحفة في شكل إصلاحات والتي يتمسك بها الطرف المانح إضافة إلى الظرف السياسي الراهن وتواصل تعطل لغة الحوار لا سيما مع الأطراف الاجتماعية، إلا أن الحكومة تعمل جاهدة على ما يبدو لإنجاح المفاوضات مع صندوق النقدي الدولي والتوصل إلى إمضاء الاتفاق قبل أفريل القادم.
ولعل حكومة بودن تدرك حق الإدراك أن ذلك بمثابة طوق النجاة لها لتفادي دوامة المزيد من الضغوط المالية والأعباء الاجتماعية والاحتجاجية المفتوحة على كل الاحتمالات في صورة عجز الدولة عن تعبئة الموارد المالية المطلوبة لتمويل الميزانية.
إجراءات ولقاءات
أقل من شهرين هي المدة المتبقية لحكومة نجلاء بودن للإجابة والاستجابة للإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي كمقدمة لتوقيع اتفاق جديد مع تونس.
وتسارع الحكومة اليوم الخطى لتقديم التطمينات اللازمة بأنها ملتزمة بالإصلاحات المطلوبة. واتضح ذلك من خلال إقرار الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات كمقدمة حسن نوايا اعتبرها البعض رسائل مضمونة الوصول لصندوق النقد الدولي تثبت التزام تونس بتعهّداتها برفع الدعم التدريجي على عديد المواد ومن بينها المحروقات.
وفي السياق ذاته أشرفت أول أمس رئيسة الحكومة نجلاء بودن على 3 جلسات عمل وزارية متتالية عبر تقنية التواصل عن بُعد تناولت الإصلاحات الهيكلية لإنقاذ الاقتصاد ومتابعة برامج التعاون مع الشركاء الفنيين والماليين. حيث أفادت رئاسة الحكومة في بلاغ لها بأن الجلسة الأولى خصصت للنظر في " مدى التقدم في إعداد برنامج الإصلاحات ذات الأولوية بهدف عقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي وذلك بحضور الوزارات المعنية والبنك المركزي ".
في حين تناولت الجلسة الثانية "الإجراءات التي تتعلق ببرامج الدعم المالي والفني المقدمة من قبل كل من الاتحاد الأوروبي والوكالة الفرنسية للتنمية AFD وبنك التنمية الألماني KFW".
وأما الجلسة الثالثة فخصصت لاستعراض" مشروع خطة الإنعاش الاقتصادي على المدى القصير وما تضمنت من اقتراحات وإجراءات أعدتها وزارة الاقتصاد والتخطيط بالتشاور مع مخلف الوزارات والهياكل المعنية".
الدعم الفرنسي على الخط
شملت كذلك اللقاءات الماراطونية وحالة الاستنفار تحضيرا للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، مفاوضات وترتيبات غير معلنة ، على الأقل من الجانب التونسي، مع أطراف أجنبية وتحديدا فرنسية.
فقد كشف أمس موقع “افريك انتلجينس” عن زيارة أداها أول أمس المدير العام للخزينة الفرنسية ورئيس نادي باريس “ايمانوال مولان” إلى تونس ولقائه مع كل من مروان العباسي محافظ البنك المركزي وسهام البوغديري نمصية وزيرة المالية .
وأفاد الموقع أن اللقاءات تناولت أساسا الإصلاحات التي يتعين على تونس القيام بها من أجل توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
أشار أيضا موقع “افريك انتلجينس” إلى أن فرنسا تقترح تقديم مساعدة تقنية لتونس قصد الاستجابة لطلبات صندوق النقد الدولي المقدمة منذ منتصف شهر جانفي الماضي لا سيما في ظل عدم تقدم المفاوضات مع الصندوق منذ إعادة إطلاقها رسميا في نوفمبر الماضي.
ووفق المصدر ذاته فإن زيارة“ايمانوال مولان” تأتي اثر المكالمة الهاتفية التي كانت قد جمعت الرئيس الفرنسي ايمانوال ماكرون برئيس الجمهروية قيس سعيد في 22 جانفي الفارط.
في السياق ذاته صرح أمس سفير فرنسا بتونس 'أندريه باران' لمراسل موزاييك بتطاوين على هامش زيارة أداها للجهة، أن "الوضع بتونس صعب جدا وفرنسا تتابع باستمرار وهي جاهزة لمساعدة الحكومة على استعادة التوازن بالتنسيق مع المجتمع الدولي".
تشاؤل
من جهتها أعربت أمس وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية عن تفاؤلها بالتوصل لاتفاق من هنا إلى نهاية شهر افريل مع صندوق النقد الدولي .
وأكدت في تصريح إذاعي بان الوزارة على دراية بالطلبات التي قدمها الصندوق وبأنه تمت الاستجابة إليها.
في المقابل أعرب الخبير الاقتصادي، رضا الشكندالي، عن جدية التخوّفات من عدم قدرة الحكومة على تعبئة الموارد بما فيها الموارد الداخلية.
واعتبر في تصريح أول أمس أن الوضعية الحالية للمالية العمومية "ستكون أسوأ بكثير جدا، إذا لم تتوصّل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، قبل موفى شهر مارس".
مؤكدا أن كل المؤشرات تبيّن أنه من الصعب التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
موقف الاتحاد؟
تجدر الإشارة أيضا إلى أن حكومة بودن تواجه موقف المنظمة الشغيلة الرافض لبعض شروط صندوق النقد لا سيما مسألة رفع الدعم والتفويت في المؤسسات العمومية وكان نور الدين الطبوبي قد جدد في لآخر تصريح له في افتتاح المؤتمر العادي للاتحاد الجهوي للشغل بمدنين التأكيد على هذا الموقف قائلا “…لدينا استحقاقاتنا الاجتماعية ولن يقبل الاتحاد برفع الدعم والتفويت في القطاع العمومي وبتجميد الأجور.. لن نعود لـ10 سنوات سوداء ".
فهل حصلت حكومة بودن على الضوء الأخضر من الاتحاد في كواليس المفاوضات أم أنها تعول على استغلال "معركة المؤتمر" وتداعيات الفصل 20 ومساره القضائي لتمرير اتفاقها مع صندوق النقد الدولي بهدوء؟