بحضور نحو 85 نائبا من مختلف الكتل النيابية ومن المستقلين عقدت أمس الخميس أول جلسة برلمانية افتراضية منذ إعلان الرئيس قيس سعيد عن قراره بتجميد الدستور وتعليق اختصاصاته يوم 25جويلية الماضي.
وقال رئيس البرلمان المعلقة أشغاله راشد الغنوشي في كلمته الافتتاحية بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثامنة لختم دستور 2014 "إن الخطر الجاثم ليس البرلمان أو الدستور وإنما الشعبويات والاستبداد".
وطالب رئيس البرلمان بضرورة إصلاح المنظومة الدستورية والديمقراطية من داخلها وعدم الانجرار وراء المجهول كما تطالب بعض الأطراف.''
وفي رده على منتقدي الدستور والدعوات المتواترة لإنهاء العمل بهذه الوثيقة قال الغنوشي "إن الدستور زكاه الشعب التونسي وحصل على أغلبية كبيرة وكان مبعث فخر واعتزاز أمام العالم الديمقراطي"، معبرا في ذات السياق "عن انزعاجه من إحياء الذكرى والبرلمان مغلق بما يمثله ذلك من رسالة سلبية للعالم الحر."
وعلى غير عادتها فقد جاءت جلسة أمس هادئة دون تشنج أو خلافات لتحظى باتفاق وإقرار نيابي واضح بوجود أخطاء في ممارسة العمل البرلماني وقد اعترف عدد كبير منهم "بوجود أخطاء وهنات طبعت عمل البرلمان، منذ حوالي ثلاث سنوات"، بيد أن ذلك لم يمنعه من الإقرار برفضهم "للانقلاب" معتبرين أن ذلك "لا يبرّر تجميد عمل المجلس وتعليق العمل بالدّستور الذّي شاركت في صياغته كلّ مكوّنات المجتمع التونسي، وتبلور بعد نقاشـات معمّقة في جميع المجالات".
وقال النواب الذين مثّلوا كتل حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة إلى جانب بعض المستقلين "إنّ 25 جويلية هو لحظة فرضتها أحداث وسياقات معيّنة وجاءت لتجيب على تطلعات الشعب في جزء معيّن من حياته، لكنّها انحرفت في ما بعد لتصبح تفرّداً بالسلطة وتجاوزا للدستور بكل فصوله".
ورغم الأغلبية البرلمانية المشاركة في أشغال جلسة أمس، فقد وصفت رئيسة الحزب الدستوري عبير موسي على صفحتها الرسمية جلسة الخميس "بالباطلة قانونا" منتقدة أن لا يتخذ ممن وصفته برئيس سلطة تصريف الأعمال أي إجراء لمنع التلاعب بالمؤسسة الدستورية ووضع حد لعربدة الغنوشي وتجاوزاته القانونية تجاه النواب وتجاه القرارات والأوامر التي تحكم البلاد".
ولم تتوقف ردود الأفعال عند موقف موسي فحسب بل تطورت القراءات لتصف جلسة أمس بالتمرد على قرارات رئيس الجمهورية.
وقد تصدر هذا الرأي أستاذ القانون العام الصغير الزكراوي حيث أكد في تصريح له لـ"الصباح نيوز" أن تونس تعيش في حالة الاستثناء، وبالتالي فان عقد مثل هذه الجلسات البرلمانية، ولو إنه انتظم افتراضيا فإنه دعوة للتمرد وتدخل تحت طائلة حالة الاستثناء."
وأضاف "أن مجلس نواب الشعب قد وقع تجميد أشغاله، كما صدر أمر رئاسي عدد 117 لسنة 2021 مؤرّخ في 22 سبتمبر 2021 يتعلق بتدابير استثنائية، والذي ضبط وحدّد السلطات وهي رئاسة الجمهورية والحكومة" داعيا رئيس الجمهورية إلى "التحرك والتدخّل، بأن يأذن للجهات القضائية بإيلاء الترتيبات اللازمة، وأنه من المفروض أن يتعهد القانون والقضاء بهذا التمرّد".
وتأتي جلسة أمس لتبعث بجملة من الرسائل سوى للداخل أو الخارج،ففي معنى رسائل الداخل فإنها موجهة رأسا إلى رئيس الجمهورية حيث تفيد بعدم مقبولية إجراءاته خاصة تلك المتعلقة بسلامة وشرعية إجراءات تجميد البرلمان.
أما رسالة الخارج فهي موجهة إلى كل تلك الجهات التي ساندت عودة البرلمان والتي اشترطت ربطت المساعدات بالعودة إلى الديمقراطية والتأكيد على أن مجلس نواب الشعب مازال قائما كمؤسسة رغم المنع الحاصل والإغلاق المسجل لأبوابه.
وقد أدرك رئيس الجمهورية سريعا هذه الرسائل ليرد من خلال اجتماع مجلس الوزراء عشية أمس على أن التدابير الاستثنائية ترمي إلى المرور إلى مرحلة المؤسسات المستقرّة والمستمرّة التي تُعبّر عن الإرادة الحقيقية للشعب التونسي وتوفّر له أسباب العيش الكريم في دولة حرة ذات سيادة.
كما شدّد على أن العمل يتمّ وفق الدستور والقانون من أجل تطهير البلاد من كلّ من استولى على مقدّراتها.
خليل الحناشي
تونس-الصباح
بحضور نحو 85 نائبا من مختلف الكتل النيابية ومن المستقلين عقدت أمس الخميس أول جلسة برلمانية افتراضية منذ إعلان الرئيس قيس سعيد عن قراره بتجميد الدستور وتعليق اختصاصاته يوم 25جويلية الماضي.
وقال رئيس البرلمان المعلقة أشغاله راشد الغنوشي في كلمته الافتتاحية بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثامنة لختم دستور 2014 "إن الخطر الجاثم ليس البرلمان أو الدستور وإنما الشعبويات والاستبداد".
وطالب رئيس البرلمان بضرورة إصلاح المنظومة الدستورية والديمقراطية من داخلها وعدم الانجرار وراء المجهول كما تطالب بعض الأطراف.''
وفي رده على منتقدي الدستور والدعوات المتواترة لإنهاء العمل بهذه الوثيقة قال الغنوشي "إن الدستور زكاه الشعب التونسي وحصل على أغلبية كبيرة وكان مبعث فخر واعتزاز أمام العالم الديمقراطي"، معبرا في ذات السياق "عن انزعاجه من إحياء الذكرى والبرلمان مغلق بما يمثله ذلك من رسالة سلبية للعالم الحر."
وعلى غير عادتها فقد جاءت جلسة أمس هادئة دون تشنج أو خلافات لتحظى باتفاق وإقرار نيابي واضح بوجود أخطاء في ممارسة العمل البرلماني وقد اعترف عدد كبير منهم "بوجود أخطاء وهنات طبعت عمل البرلمان، منذ حوالي ثلاث سنوات"، بيد أن ذلك لم يمنعه من الإقرار برفضهم "للانقلاب" معتبرين أن ذلك "لا يبرّر تجميد عمل المجلس وتعليق العمل بالدّستور الذّي شاركت في صياغته كلّ مكوّنات المجتمع التونسي، وتبلور بعد نقاشـات معمّقة في جميع المجالات".
وقال النواب الذين مثّلوا كتل حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة إلى جانب بعض المستقلين "إنّ 25 جويلية هو لحظة فرضتها أحداث وسياقات معيّنة وجاءت لتجيب على تطلعات الشعب في جزء معيّن من حياته، لكنّها انحرفت في ما بعد لتصبح تفرّداً بالسلطة وتجاوزا للدستور بكل فصوله".
ورغم الأغلبية البرلمانية المشاركة في أشغال جلسة أمس، فقد وصفت رئيسة الحزب الدستوري عبير موسي على صفحتها الرسمية جلسة الخميس "بالباطلة قانونا" منتقدة أن لا يتخذ ممن وصفته برئيس سلطة تصريف الأعمال أي إجراء لمنع التلاعب بالمؤسسة الدستورية ووضع حد لعربدة الغنوشي وتجاوزاته القانونية تجاه النواب وتجاه القرارات والأوامر التي تحكم البلاد".
ولم تتوقف ردود الأفعال عند موقف موسي فحسب بل تطورت القراءات لتصف جلسة أمس بالتمرد على قرارات رئيس الجمهورية.
وقد تصدر هذا الرأي أستاذ القانون العام الصغير الزكراوي حيث أكد في تصريح له لـ"الصباح نيوز" أن تونس تعيش في حالة الاستثناء، وبالتالي فان عقد مثل هذه الجلسات البرلمانية، ولو إنه انتظم افتراضيا فإنه دعوة للتمرد وتدخل تحت طائلة حالة الاستثناء."
وأضاف "أن مجلس نواب الشعب قد وقع تجميد أشغاله، كما صدر أمر رئاسي عدد 117 لسنة 2021 مؤرّخ في 22 سبتمبر 2021 يتعلق بتدابير استثنائية، والذي ضبط وحدّد السلطات وهي رئاسة الجمهورية والحكومة" داعيا رئيس الجمهورية إلى "التحرك والتدخّل، بأن يأذن للجهات القضائية بإيلاء الترتيبات اللازمة، وأنه من المفروض أن يتعهد القانون والقضاء بهذا التمرّد".
وتأتي جلسة أمس لتبعث بجملة من الرسائل سوى للداخل أو الخارج،ففي معنى رسائل الداخل فإنها موجهة رأسا إلى رئيس الجمهورية حيث تفيد بعدم مقبولية إجراءاته خاصة تلك المتعلقة بسلامة وشرعية إجراءات تجميد البرلمان.
أما رسالة الخارج فهي موجهة إلى كل تلك الجهات التي ساندت عودة البرلمان والتي اشترطت ربطت المساعدات بالعودة إلى الديمقراطية والتأكيد على أن مجلس نواب الشعب مازال قائما كمؤسسة رغم المنع الحاصل والإغلاق المسجل لأبوابه.
وقد أدرك رئيس الجمهورية سريعا هذه الرسائل ليرد من خلال اجتماع مجلس الوزراء عشية أمس على أن التدابير الاستثنائية ترمي إلى المرور إلى مرحلة المؤسسات المستقرّة والمستمرّة التي تُعبّر عن الإرادة الحقيقية للشعب التونسي وتوفّر له أسباب العيش الكريم في دولة حرة ذات سيادة.
كما شدّد على أن العمل يتمّ وفق الدستور والقانون من أجل تطهير البلاد من كلّ من استولى على مقدّراتها.