بحسب آخر الإحصاءات المقدمة من وزارة الصحة، فإن عدد المسجلين لغاية 23 أوت بلغ نحو 5 ملايين و4 مائة ألف مسجل، وقد تجاوز عدد المطعمين المليوني ملقح أي بنسبة 17% من إجمالي السكان. ولكن في الوقت الذي تسعى فيه تونس إلى الوصول إلى تطعيم نصف السكان في غضون شهرين، تتصاعد تساؤلات حول ما إذا كان الملقحون ضد كورونا يحتاجون إلى جرعة ثالثة تعزيزية تهدف إلى زيادة ترفيع مناعتهم ضد الفيروس وخاصة ضد السلالات المتحورة وبالخصوص المتحور دلتا الذي مازال يثير مخاوف العلماء.
هنا نحاول الإجابة عن أهم الاسئلة التي تطرح بخصوص الجرعة الثالثة ومدى حاجتنا لها وأيضا إن كانت تونس تنوي التوجه لاعتمادها.
جرعة ثالثة في تونس؟
الناطقة باسم اللجنة العلمية بوزارة الصحة جليلة بن خليل أبرزت في حوار مع "كشف ميديا" أن الأشخاص المعنيين بالجرعة الثالثة هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بحالات خطيرة ومن يمكن أن تستدعي حالتهم الإنعاش، وهم الفئات العمرية أكثر من 60 عاما ومن يعانون من الأمراض المزمنة أو السمنة وكل العوامل التي من شأنها أن تضعهم في الخطر جراء الإصابة بكورونا. إلا أنها أشارت أيضا إلى أنه في تونس لا يمكن الانطلاق في التطعيم بجرعة ثالثة معززة في حين أننا لم نصل بعد إلى تطعيم كافة السكان.
أية دول ستقدم جرعة تعزيزية؟
الباحثون في الولايات المتحدة توصلوا إلى أن فعالية اللقاحات تضعف بمرور الزمن، فقد أعلن كبار مسؤولي الصحة في الولايات المتحدة منذ بضعة أيام أن البلاد ستبدأ على نطاق واسع في توزيع جرعات معززة. ويشير مركز السيطرة على الأمراض الأمريكي إلى أنه مع هيمنة متحور دلتا، وبمرور الزمن هنالك ملاحظة للتراجع في حماية الجرعتين. ويشير بيان صادر عن المركز إلى أنه "استنادا إلى أحدث تقييم لدينا، يمكن أن تتضاءل الحماية الحالية ضد الحالات الخطرة، والاستشفاء، والوفاة في الأشهر المقبلة، خاصة بين أولئك المعرضين لخطر أكبر أو الذين تم تطعيمهم خلال المراحل المبكرة من إطلاق التطعيم." هذا القرار يشمل من تلقوا لقاحات فايزر وموديرنا، أما بالنسبة إلى لقاح جونسون أند جونسون ذي الجرعة الواحدة فإن السلطات الصحية في الولايات المتحدة ترجح أنه يتطلب جرعات معززة، إلا أنهم ينتظرون بيانات أكبر قبل نشر توصية رسمية بخصوص هذا اللقاح.
وبحسب ما أورده مقال على موقع مجلة "ناتشور" العلمية البريطانية واطلعت عليه "الصباح" فإن التجارب القليلة التي اختبرت جرعات إضافية تشير إلى أن الجرعات الثالثة من اللقاحات التي طورتها موديرنا وفايزر وأسترازينيكا وسينوفاك تؤدي إلى ارتفاع حاد في مستويات الأجسام المضادة، عند تناولها بعد عدة أشهر من الجرعة الثانية.
كما تشير الدلائل المبكرة إلى أن مستويات الأجسام المضادة التي تسببها معظم لقاحات كوفيد-19 آخذة في الانخفاض أيضا، بحسب المجلة.
وقد أعلنت ألمانيا عن خطط للتطعيم بالجرعة المعززة، في حين بدأت قائمة متزايدة من البلدان بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والصين وروسيا بالفعل في إعطاء جرعات إضافية. كما تتجه فرنسا ابتداء من شهر سبتمبر إلى تطعيم الفئات الأكثر ضعفا وتعرضا للإصابة الخطرة بجرعة ثالثة.
ماذا تقول منظمة الصحة العالمية؟
منظمة الصحة العالمية لا تعتبر أن التطعيم بجرعة تعزيزية أولوية في المرحلة الحالية، إذ صرح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس أول أمس أنه يجب تأجيل ذلك من أجل إعطاء الأولوية لرفع معدلات التطعيم في البلدان التي لم يتم فيها إلا تطعيم 1% أو 2% فقط من السكان. بالنسبة إلى الصحة العالمية، إذا لم يتم رفع معدلات التطعيم على مستوى العالم، فيمكن أن يسمح ذلك بظهور أنواع أقوى من فيروس كورونا وترى أنه يجب التبرع باللقاحات المخصصة كجرعات معززة للبلدان التي لم يتلق فيها الناس جرعاتهم الأولى أو الثانية.
كما قالت المنظمة الصحة العالمية إن البيانات الحالية لا تشير إلى أن هناك حاجة لجرعات معززة وإن البراهين العلمية بهذا الخصوص غير مؤكده، وهذا أيضا ما أشارت إليه مجلة "ناتشور". ولكن بالرغم من ذلك تتجه عديد الدول إلى تطعيم مواطنيها بجرعة ثالثة كما أشرنا، ويذكرنا ذلك بطبيعة الحال بتوصية منظمة الصحة العالمية بعدم اعتماد جواز صحي للمطعمين في ظل وجود بلدان لم تستكمل تطعيم نصف سكانها بعد وعدم الحسم في نجاعة اللقاحات، ولكن هذا التصريح أو الجواز الصحي معتمد أيضا في عديد الدول من فرنسا.
إن كان الأمر لم يحسم بعد بالنسبة إلى منظمة الصحة العالمية، وإن كانت ترى أن الأولوية الحالية تتمثل في تطعيم أكبر عدد من سكان العالم من أجل تقليص خطر ظهور متحورات جديدة ربما لا تكون اللقاحات ناجعة أمامها هذه المرة، فإن الدول الكبرى قد تكون لها خيارات أخرى، بالرغم من أن الآراء العلمية ليست حاسمة اليوم أيضا بخصوص الحاجة إلى جرعات تعزيزية. فقد أثار قرار الولايات المتحدة بالاتجاه إلى اعتماد جرعة ثالثة جدلا مشابها على اعتبار أن من الأولى تقديم هذه الجرعات للدول الأقل حظا إلا أن القرار السياسي ذهب في ما أوصت به السلطات الصحية. في تونس، في المقابل، تبقى الأولوية اليوم تطعيم أكبر عدد من المواطنين في أقرب وقت ممكن، حينها ربما تصبح الخلاصات العلمية أوضح.
أروى الكعلي
تونس-الصباح
بحسب آخر الإحصاءات المقدمة من وزارة الصحة، فإن عدد المسجلين لغاية 23 أوت بلغ نحو 5 ملايين و4 مائة ألف مسجل، وقد تجاوز عدد المطعمين المليوني ملقح أي بنسبة 17% من إجمالي السكان. ولكن في الوقت الذي تسعى فيه تونس إلى الوصول إلى تطعيم نصف السكان في غضون شهرين، تتصاعد تساؤلات حول ما إذا كان الملقحون ضد كورونا يحتاجون إلى جرعة ثالثة تعزيزية تهدف إلى زيادة ترفيع مناعتهم ضد الفيروس وخاصة ضد السلالات المتحورة وبالخصوص المتحور دلتا الذي مازال يثير مخاوف العلماء.
هنا نحاول الإجابة عن أهم الاسئلة التي تطرح بخصوص الجرعة الثالثة ومدى حاجتنا لها وأيضا إن كانت تونس تنوي التوجه لاعتمادها.
جرعة ثالثة في تونس؟
الناطقة باسم اللجنة العلمية بوزارة الصحة جليلة بن خليل أبرزت في حوار مع "كشف ميديا" أن الأشخاص المعنيين بالجرعة الثالثة هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بحالات خطيرة ومن يمكن أن تستدعي حالتهم الإنعاش، وهم الفئات العمرية أكثر من 60 عاما ومن يعانون من الأمراض المزمنة أو السمنة وكل العوامل التي من شأنها أن تضعهم في الخطر جراء الإصابة بكورونا. إلا أنها أشارت أيضا إلى أنه في تونس لا يمكن الانطلاق في التطعيم بجرعة ثالثة معززة في حين أننا لم نصل بعد إلى تطعيم كافة السكان.
أية دول ستقدم جرعة تعزيزية؟
الباحثون في الولايات المتحدة توصلوا إلى أن فعالية اللقاحات تضعف بمرور الزمن، فقد أعلن كبار مسؤولي الصحة في الولايات المتحدة منذ بضعة أيام أن البلاد ستبدأ على نطاق واسع في توزيع جرعات معززة. ويشير مركز السيطرة على الأمراض الأمريكي إلى أنه مع هيمنة متحور دلتا، وبمرور الزمن هنالك ملاحظة للتراجع في حماية الجرعتين. ويشير بيان صادر عن المركز إلى أنه "استنادا إلى أحدث تقييم لدينا، يمكن أن تتضاءل الحماية الحالية ضد الحالات الخطرة، والاستشفاء، والوفاة في الأشهر المقبلة، خاصة بين أولئك المعرضين لخطر أكبر أو الذين تم تطعيمهم خلال المراحل المبكرة من إطلاق التطعيم." هذا القرار يشمل من تلقوا لقاحات فايزر وموديرنا، أما بالنسبة إلى لقاح جونسون أند جونسون ذي الجرعة الواحدة فإن السلطات الصحية في الولايات المتحدة ترجح أنه يتطلب جرعات معززة، إلا أنهم ينتظرون بيانات أكبر قبل نشر توصية رسمية بخصوص هذا اللقاح.
وبحسب ما أورده مقال على موقع مجلة "ناتشور" العلمية البريطانية واطلعت عليه "الصباح" فإن التجارب القليلة التي اختبرت جرعات إضافية تشير إلى أن الجرعات الثالثة من اللقاحات التي طورتها موديرنا وفايزر وأسترازينيكا وسينوفاك تؤدي إلى ارتفاع حاد في مستويات الأجسام المضادة، عند تناولها بعد عدة أشهر من الجرعة الثانية.
كما تشير الدلائل المبكرة إلى أن مستويات الأجسام المضادة التي تسببها معظم لقاحات كوفيد-19 آخذة في الانخفاض أيضا، بحسب المجلة.
وقد أعلنت ألمانيا عن خطط للتطعيم بالجرعة المعززة، في حين بدأت قائمة متزايدة من البلدان بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والصين وروسيا بالفعل في إعطاء جرعات إضافية. كما تتجه فرنسا ابتداء من شهر سبتمبر إلى تطعيم الفئات الأكثر ضعفا وتعرضا للإصابة الخطرة بجرعة ثالثة.
ماذا تقول منظمة الصحة العالمية؟
منظمة الصحة العالمية لا تعتبر أن التطعيم بجرعة تعزيزية أولوية في المرحلة الحالية، إذ صرح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس أول أمس أنه يجب تأجيل ذلك من أجل إعطاء الأولوية لرفع معدلات التطعيم في البلدان التي لم يتم فيها إلا تطعيم 1% أو 2% فقط من السكان. بالنسبة إلى الصحة العالمية، إذا لم يتم رفع معدلات التطعيم على مستوى العالم، فيمكن أن يسمح ذلك بظهور أنواع أقوى من فيروس كورونا وترى أنه يجب التبرع باللقاحات المخصصة كجرعات معززة للبلدان التي لم يتلق فيها الناس جرعاتهم الأولى أو الثانية.
كما قالت المنظمة الصحة العالمية إن البيانات الحالية لا تشير إلى أن هناك حاجة لجرعات معززة وإن البراهين العلمية بهذا الخصوص غير مؤكده، وهذا أيضا ما أشارت إليه مجلة "ناتشور". ولكن بالرغم من ذلك تتجه عديد الدول إلى تطعيم مواطنيها بجرعة ثالثة كما أشرنا، ويذكرنا ذلك بطبيعة الحال بتوصية منظمة الصحة العالمية بعدم اعتماد جواز صحي للمطعمين في ظل وجود بلدان لم تستكمل تطعيم نصف سكانها بعد وعدم الحسم في نجاعة اللقاحات، ولكن هذا التصريح أو الجواز الصحي معتمد أيضا في عديد الدول من فرنسا.
إن كان الأمر لم يحسم بعد بالنسبة إلى منظمة الصحة العالمية، وإن كانت ترى أن الأولوية الحالية تتمثل في تطعيم أكبر عدد من سكان العالم من أجل تقليص خطر ظهور متحورات جديدة ربما لا تكون اللقاحات ناجعة أمامها هذه المرة، فإن الدول الكبرى قد تكون لها خيارات أخرى، بالرغم من أن الآراء العلمية ليست حاسمة اليوم أيضا بخصوص الحاجة إلى جرعات تعزيزية. فقد أثار قرار الولايات المتحدة بالاتجاه إلى اعتماد جرعة ثالثة جدلا مشابها على اعتبار أن من الأولى تقديم هذه الجرعات للدول الأقل حظا إلا أن القرار السياسي ذهب في ما أوصت به السلطات الصحية. في تونس، في المقابل، تبقى الأولوية اليوم تطعيم أكبر عدد من المواطنين في أقرب وقت ممكن، حينها ربما تصبح الخلاصات العلمية أوضح.