إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

فجوة مالية جديدة في ميزانية الدولة بعد ارتفاع سعر برميل النفط الى 68  دولارا !  

 

بلغ سعر برميل النفط اليوم مستوى 68.5 دولاراً مع توقعات ببلوغ 75 دولاراً خلال الربع الثالث من العام و80 دولار مع موفى العام وفق ما أعلنت عنه تقارير أمريكية ، الامر الذي سيربك الحسابات الحكومية وسيعمق هوة العجز الاقتصادي، ويدفع بالحكومة الى سن قانون تكميلي لسد ثغرات الزيادات في أسعار النفط العالمية ، والتي سترفع من حاجيات تونس المالية الى 22 مليار دينار بعد ان كانت مقدرة بـ 18.5 مليار دينار في ميزانية 2021.

وسجلت أسعار النفط قفزة بأكثر من 3%، وأنهت عقود خام "برنت" القياسي العالمي جلسة التداول مرتفعة 2.02 دولار، أو 3%، لتسجل عند التسوية 68.46 دولار للبرميل، وصعدت عقود خام القياس الأمريكي "غرب تكساس الوسيط" 2.47 دولار، أو 3.9%، لتبلغ عند التسوية 66.05 دولار للبرميل.

من جهته، قال بنك "غولدمان ساكس"، إن "التوقعات لمزيد من الارتفاع في أسعار النفط تبقى كما هي حتى مع زيادة محتملة في الصادرات الإيرانية"، وأضاف: "حتى إذا استؤنفت الصادرات الإيرانية في جويلية المقبل، فإن أسعار برنت ستصل إلى 80 دولارا للبرميل في الربع الرابع من 2021".

وتوقع بنك غولدمان ساكس، ارتفاع أسعار النفط إلى 80 دولارا للبرميل في الربع الأخير 2021، حتى رغم الاستئناف المحتمل لإمدادات النفط الإيراني، وقال البنك في تقرير نشره الاثنين الماضي إن ارتفاع الأسعار يستند إلى نمو الطلب الكبير بعد تسارع وتيرة التطعيمات ضد كورونا، إضافة إلى استمرار الإمدادات النفطية غير المرنة.

وتابع بنك الاستثمار الأمريكي: "حتى مع الافتراض الجاد باستئناف الصادرات الإيرانية في جويلية فإن أسعار برنت ستصل إلى 80 دولارا للبرميل بحلول الربع الرابع من العام الحالي".

وكانت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم ، قد بادرت مؤخرا، بتوظيف زيادات جديدة في أسعار بيع المحروقات للعموم تتراوح بين 100 و75 مليما للتر الواحد، وهي زيادات اثارت حنق المواطنين على شبكات التواصل الاجتماعي وخلفت موجة من الاحتقان والاستنكار لسياسات الدولة في قطاع المحروقات، علما وان هذه الزيادات اخذت نسقا تصاعديا من شهر الى آخر ، وأثرت على العديد من القطاعات والمستهلكين بشكل عام.

وحسب وزارة الصناعة والطاقة والمناجم، فقد تم الترفيع في نسبة التعديل الشهري لسعر بيع المحروقات والمواد البترولية للعموم، إلى 5 بالمائة بالترفيع أو بالتخفيض عوضا عن 1.5 بالمائة، من سعر البيع المعمول به منذ آخر تعديل وذلك في إطار آلية التعديل الدوري والآلي لأسعار المحروقات.

واتخذت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم هذه الاجراءات ، بناء على مؤشرات وزارة المالية، التي كشفت أن العجز التجاري لقطاع الطاقة بلغ أكثر من 45.8 في المائة من العجز الإجمالي الذي تشهده تونس، وأيضا استنادا لميزانية سنة 2021 التي حددت فرضية 45 دولاراً للبرميل الواحد من النفط، وهي فرضية حذر منها خبراء الاقتصاد بأنها غير دقيقة، باعتبار ان أسعار النفط أخذت منحى تصاعديا في الآونة الاخيرة ما يهدد باتساع دائرة العجز الطاقي.

ارتفاع الاسعار يربك حسابات الحكومة

وتكلف اي زيادة بنحو 10 مليمات، في سعر المحروقات قرابة 50 مليون دينار في نفقات الدعم للدولة ، ومع استمرار الزيادات وفق آلية وزارة الصناعة والطاقة والمناجم فإن أسعار النفط مرجحة للإرتفاع بنحو الضعفين خلال العام الحالي ، خصوصا وان هذه الزيادات ستستمر من شهر الى آخر ، وليست هناك أي فرضية لتراجع أسعار النفط العالمية بسبب تداعيات جائحة كورونا على الاسواق العالمية وأيضا بسبب حالة الركود التي تشهدها الاسواق العالمية، بالاضافة الى توقف ايران عن امداد السوق العالمية بحصتها من النفط.

وحسب الاتفاق المبرم مع صندوق النقد الدولي منذ 2016 ، فإن الحكومة التونسية مطالبة باعتماد آلية التعديل الآلي لأسعار النفط كل 3 أشهر، وهذا الاجراء شهد بدوره تعديلا مع حلول سنة 2021، حيث أصبحت أسعار النفط تضبط شهريا وهو ما يزيد من الضغوطات على المواطنين وأصحاب المؤسسات على حد سواء، ويضاعف من الازمة الاقتصادية في الفترة القادمة، بالإضافة الى العجز المالي الذي سيخلفه ارتفاع سعر برميل النفط الى مستوى 80 دولار.

وتظهر تقديرات الإدارة الأمريكية حول الطاقة اتجاها تصاعديا في مراجعة الأسعار المتوقعة بسبب قوة الطلب والقيود المفروضة على العرض، وفي حال استقرار الأسعار حول معدل 55 دولارا للبرميل في العام الحالي، فإن هذا سيوفر إيرادات إضافية للدول العربية المصدرة لكن الدول المستهلكة ومن بينها تونس ستشهد عجزا في ميزانيتها وعلى المستهلكين بشكل عام.

تغيير وجهة الدعم لخلاص الديون

وشهدت ميزانية 2021 جملة من الاجراءات المتعلقة بمراجعة منظومة الدعم وطالت المواد الاستهلاكية المدعمة بالدرجة الاولى، فيما بلغت نفقات الدعم 6236 م د مقابل 4180 م د مقدرة أي بزيادة صافية بـ +2056 م د وتم تخصيص 1600 م. د لتسوية نفقات الدعم بعنوان المحروقات للسنوات الفارطة و1550م. د لتسوية نفقات الدعم بعنوان المواد للسنوات الفارطة و100 م. د كجزء من متخلدات شركات النقل بعنوان الدعم و1194م. د لدعم نفقات المحروقات العالقة مع تدني أسعار النفط الى جانب 935 م. د نفقات طارئة لمجابهة جائحة كورونا.

وسجل الطلب على المواد البترولية الى موفى أوت 2020 انخفاضا بنسبة 13 ٪ بالمقارنة بنفس الفترة لسنة 2019، وقد سجل استهلاك البنزين والغازوال انخفاضا في المجمل بنسبة تتراوح بين 4٪ و11% بسبب تداعيات مجابهة جائحة كورونا على التنقل وآثار سياسة العزل والتوقي بصفة عامة على الأنشطة الاقتصادية الوطنية، ما أثر سلبا على استهلاك كيروزان الطيران الذي شهد تراجعا حادا بنسبة 66 ٪ الى موفى شهر أوت من سنة 2020 بسبب تراجع حركة الطيران على المستوى الوطني والدولى.

وسجل انتاج الغاز التجاري الى موفي شهر أوت 2020 ارتفاعا طفيفا بنسبة 0.2% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019 إذ بلغ حوالي 1.073 مليون طن موازي نفط مقابل 1.071 مليون طن موازي نفط خلال نفس الفترة من سنة 2019 ،ويعود هذا أساسا حسب آخر نشرية صادرة عن الطاقة والمناجم إلى دخول حقل نوارة حيز الاستغلال مع تواصل الانخفاض في انتاج أهم الحقول.

كما سجل الطلب الجملي على الطاقة الأولية 5.9 مليون طن مكافئ نفط موفى أوت 2020 ،مسجلا بذلك انخفاضا بـنسبة 9% بالمقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة، إذ شهد الطلب على المواد البترولية انخفاضا ملحوظا بـ13% وانخفض الطلب على الغاز الطبيعي بـ 6% وذلك تبعا للإجراءات الاستثنائية التي تم اتخاذها لمجابهة جائحة كورونا والتي اثرت بصفة مباشرة على استهلاك الطاقة.

وسجل ميزان الطاقة، عجزا ب 3.3 مليون طن مكافئ نفط موفي أوت 2020 مقابل عجز بـ 3.8 مليون طن مكافئ نفط خلال نفس الفترة من سنة 2019 أي بتحسن بنسبة 13%، اما بخصوص نسبة الاستقلالية الطاقية (نسبة تغطية الموارد المتاحة للطلب الجملي) فقد سجلت هي الاخرى تحسنا لتبلغ 44% موفى أوت 2020 مقابل 41% خلال نفس الفترة من العالم الماضي.

وكشفت بيانات حديثة عن تسجيل انخفاض في قيمة الصادرات بنسبة 47٪ مصحوبة بانخفاض في الواردات بنسبة 35٪ وخاصة على مستوى واردات المواد البترولية بحوالي 47٪. وتجدر الاشارة الى ان عجز الميزان التجاري الطاقي سجل انخفاضا ملحوظا الى موفي أوت لسنة 2020 بالمقارنة بالسنة الماضية حيث بلغ 3397 مليون دينار مقابل 4883 مليون دينار، أي بتحسن بنسبة 30 ٪.

انخفاض انتاج النفط الخام

كما سجل الإنتاج الوطني للنفط الى موفى شهر أوت 2020 انخفاضا بحوالي 1.13 مليون طن موازي نفط مسجلا انخفاضا بنسبة 3% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019 حيث بلغ حوالي 1.17 مليون طن موازي نفط،كما بلغ إنتاج سوائل الغاز حوالي 102 ألف طن موازي نفط الى موفي شهر أوت 2020 مقابل 111 ألف طن موازي نفط خلال نفس الفترة من سنة 2019 مسجلا تراجعا بنسبة 8٪.

وتعول تونس بشكل أساسي في الاونة الاخيرة على "حقل نوارة" للغاز الطبيعي بولاية تطاوين جنوب البلاد ، إذ يمثل أكبر مشروع بقيمة استثمارية 3.5 مليارات دينار ، وبطاقة إنتاجية 2.7 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، الا ان توقفه بسبب اعتصام الكامور أدى الى خسائر حادة في عمليات الانتاج.

ويلاحظ من خلال ميزانية 2021 ، تغير نمط الدعم الذي كان من المفروض ان يوجه لدعم المواد الاستهلاكية بدرجة أولى، الا أنه تم تغيير جزء من الاموال المرصودة نحو تسوية ديون المحروقات للسنوات الفارطة وخلاص جزء من ديون المؤسسات العمومية، بالاضافة الى مراجعة المعاليم الموظفة على واردات المواد الاستهلاكية، بمقتضى الفصل 39 من قانون المالية لسنة 2018.

فجوة جديدة في الميزانية

وبدأت تونس منذ سنوات في اتخاذ اجراءات غير مدروسة لرفع الدعم عن عدد من المواد الأساسية تدريجيا ، وذلك رغم السخط الشعبي من هذه الاجراءات التي ألحقت ضررا كبيرا في المقدرة الشرائية للتونسيين، واعتمدت الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2017 اجراءات تقوم على رفع الدعم التدريجي للعديد من المواد الاستهلاكية ، وشملت ايضا المواد الطاقية والوقود.

ويواجه الاقتصاد التونسي فجوة عميقة بين توقعات وزارة المالية والواقع الحالي الذي شهد أسعاراً بلغت مستوى 65 دولاراً لبرميل النفط، مع توقعات ببلوغ 75 دولاراً خلال الربع الثالث من العام، الامر الذي اربك كل الحسابات الحكومية، خاصة في ظل شح الموارد المالية، حيث يقدر الخبراء ان الزيادة في اسعار النفط العالمية الى مستوى 80 دولار سيرفع من حاجيات الدولة المالية لسنة 2021 الى اكثر من 22 مليار دينار، وذلك بعد ان كانت في حاجة الى موارد مالية ب 18.5 مليار دينار في الميزانية الاساسية للسنة الحالية.

ويتوقع خبراء المالية والاقتصاد أن تعمق الزيادات في أسعار المحروقات من عجز الدولة حيث ان الزيادة بدولار واحد تكلف الدولة أكثر من 50 مليون دولار ، كما ترفع من نفقات الدعم الى مستويات تعجز الدولة عن مجاراتها بسبب الثغرات المالية في ميزانية 2021 ، ما يحتم اعداد ميزانية تكميلية على وجه السرعة لإدارة الزيادات الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط في العالم.

يذكر ان الحكومة سارعت مؤخرا ،الى فرض زيادة في أسعار الوقود للمرة الثالثة هذا العام، في مسعى لكبح العجز في ميزانية الدولة وارتفع سعر لتر البنزين إلى 2.095 دينار بعد ان كان مطلع العام الحالي في حدود 1.995 دينار.

سفيان المهداوي

جريدة الصباح

فجوة مالية جديدة في ميزانية الدولة بعد ارتفاع سعر برميل النفط الى 68  دولارا !   

 

بلغ سعر برميل النفط اليوم مستوى 68.5 دولاراً مع توقعات ببلوغ 75 دولاراً خلال الربع الثالث من العام و80 دولار مع موفى العام وفق ما أعلنت عنه تقارير أمريكية ، الامر الذي سيربك الحسابات الحكومية وسيعمق هوة العجز الاقتصادي، ويدفع بالحكومة الى سن قانون تكميلي لسد ثغرات الزيادات في أسعار النفط العالمية ، والتي سترفع من حاجيات تونس المالية الى 22 مليار دينار بعد ان كانت مقدرة بـ 18.5 مليار دينار في ميزانية 2021.

وسجلت أسعار النفط قفزة بأكثر من 3%، وأنهت عقود خام "برنت" القياسي العالمي جلسة التداول مرتفعة 2.02 دولار، أو 3%، لتسجل عند التسوية 68.46 دولار للبرميل، وصعدت عقود خام القياس الأمريكي "غرب تكساس الوسيط" 2.47 دولار، أو 3.9%، لتبلغ عند التسوية 66.05 دولار للبرميل.

من جهته، قال بنك "غولدمان ساكس"، إن "التوقعات لمزيد من الارتفاع في أسعار النفط تبقى كما هي حتى مع زيادة محتملة في الصادرات الإيرانية"، وأضاف: "حتى إذا استؤنفت الصادرات الإيرانية في جويلية المقبل، فإن أسعار برنت ستصل إلى 80 دولارا للبرميل في الربع الرابع من 2021".

وتوقع بنك غولدمان ساكس، ارتفاع أسعار النفط إلى 80 دولارا للبرميل في الربع الأخير 2021، حتى رغم الاستئناف المحتمل لإمدادات النفط الإيراني، وقال البنك في تقرير نشره الاثنين الماضي إن ارتفاع الأسعار يستند إلى نمو الطلب الكبير بعد تسارع وتيرة التطعيمات ضد كورونا، إضافة إلى استمرار الإمدادات النفطية غير المرنة.

وتابع بنك الاستثمار الأمريكي: "حتى مع الافتراض الجاد باستئناف الصادرات الإيرانية في جويلية فإن أسعار برنت ستصل إلى 80 دولارا للبرميل بحلول الربع الرابع من العام الحالي".

وكانت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم ، قد بادرت مؤخرا، بتوظيف زيادات جديدة في أسعار بيع المحروقات للعموم تتراوح بين 100 و75 مليما للتر الواحد، وهي زيادات اثارت حنق المواطنين على شبكات التواصل الاجتماعي وخلفت موجة من الاحتقان والاستنكار لسياسات الدولة في قطاع المحروقات، علما وان هذه الزيادات اخذت نسقا تصاعديا من شهر الى آخر ، وأثرت على العديد من القطاعات والمستهلكين بشكل عام.

وحسب وزارة الصناعة والطاقة والمناجم، فقد تم الترفيع في نسبة التعديل الشهري لسعر بيع المحروقات والمواد البترولية للعموم، إلى 5 بالمائة بالترفيع أو بالتخفيض عوضا عن 1.5 بالمائة، من سعر البيع المعمول به منذ آخر تعديل وذلك في إطار آلية التعديل الدوري والآلي لأسعار المحروقات.

واتخذت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم هذه الاجراءات ، بناء على مؤشرات وزارة المالية، التي كشفت أن العجز التجاري لقطاع الطاقة بلغ أكثر من 45.8 في المائة من العجز الإجمالي الذي تشهده تونس، وأيضا استنادا لميزانية سنة 2021 التي حددت فرضية 45 دولاراً للبرميل الواحد من النفط، وهي فرضية حذر منها خبراء الاقتصاد بأنها غير دقيقة، باعتبار ان أسعار النفط أخذت منحى تصاعديا في الآونة الاخيرة ما يهدد باتساع دائرة العجز الطاقي.

ارتفاع الاسعار يربك حسابات الحكومة

وتكلف اي زيادة بنحو 10 مليمات، في سعر المحروقات قرابة 50 مليون دينار في نفقات الدعم للدولة ، ومع استمرار الزيادات وفق آلية وزارة الصناعة والطاقة والمناجم فإن أسعار النفط مرجحة للإرتفاع بنحو الضعفين خلال العام الحالي ، خصوصا وان هذه الزيادات ستستمر من شهر الى آخر ، وليست هناك أي فرضية لتراجع أسعار النفط العالمية بسبب تداعيات جائحة كورونا على الاسواق العالمية وأيضا بسبب حالة الركود التي تشهدها الاسواق العالمية، بالاضافة الى توقف ايران عن امداد السوق العالمية بحصتها من النفط.

وحسب الاتفاق المبرم مع صندوق النقد الدولي منذ 2016 ، فإن الحكومة التونسية مطالبة باعتماد آلية التعديل الآلي لأسعار النفط كل 3 أشهر، وهذا الاجراء شهد بدوره تعديلا مع حلول سنة 2021، حيث أصبحت أسعار النفط تضبط شهريا وهو ما يزيد من الضغوطات على المواطنين وأصحاب المؤسسات على حد سواء، ويضاعف من الازمة الاقتصادية في الفترة القادمة، بالإضافة الى العجز المالي الذي سيخلفه ارتفاع سعر برميل النفط الى مستوى 80 دولار.

وتظهر تقديرات الإدارة الأمريكية حول الطاقة اتجاها تصاعديا في مراجعة الأسعار المتوقعة بسبب قوة الطلب والقيود المفروضة على العرض، وفي حال استقرار الأسعار حول معدل 55 دولارا للبرميل في العام الحالي، فإن هذا سيوفر إيرادات إضافية للدول العربية المصدرة لكن الدول المستهلكة ومن بينها تونس ستشهد عجزا في ميزانيتها وعلى المستهلكين بشكل عام.

تغيير وجهة الدعم لخلاص الديون

وشهدت ميزانية 2021 جملة من الاجراءات المتعلقة بمراجعة منظومة الدعم وطالت المواد الاستهلاكية المدعمة بالدرجة الاولى، فيما بلغت نفقات الدعم 6236 م د مقابل 4180 م د مقدرة أي بزيادة صافية بـ +2056 م د وتم تخصيص 1600 م. د لتسوية نفقات الدعم بعنوان المحروقات للسنوات الفارطة و1550م. د لتسوية نفقات الدعم بعنوان المواد للسنوات الفارطة و100 م. د كجزء من متخلدات شركات النقل بعنوان الدعم و1194م. د لدعم نفقات المحروقات العالقة مع تدني أسعار النفط الى جانب 935 م. د نفقات طارئة لمجابهة جائحة كورونا.

وسجل الطلب على المواد البترولية الى موفى أوت 2020 انخفاضا بنسبة 13 ٪ بالمقارنة بنفس الفترة لسنة 2019، وقد سجل استهلاك البنزين والغازوال انخفاضا في المجمل بنسبة تتراوح بين 4٪ و11% بسبب تداعيات مجابهة جائحة كورونا على التنقل وآثار سياسة العزل والتوقي بصفة عامة على الأنشطة الاقتصادية الوطنية، ما أثر سلبا على استهلاك كيروزان الطيران الذي شهد تراجعا حادا بنسبة 66 ٪ الى موفى شهر أوت من سنة 2020 بسبب تراجع حركة الطيران على المستوى الوطني والدولى.

وسجل انتاج الغاز التجاري الى موفي شهر أوت 2020 ارتفاعا طفيفا بنسبة 0.2% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019 إذ بلغ حوالي 1.073 مليون طن موازي نفط مقابل 1.071 مليون طن موازي نفط خلال نفس الفترة من سنة 2019 ،ويعود هذا أساسا حسب آخر نشرية صادرة عن الطاقة والمناجم إلى دخول حقل نوارة حيز الاستغلال مع تواصل الانخفاض في انتاج أهم الحقول.

كما سجل الطلب الجملي على الطاقة الأولية 5.9 مليون طن مكافئ نفط موفى أوت 2020 ،مسجلا بذلك انخفاضا بـنسبة 9% بالمقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة، إذ شهد الطلب على المواد البترولية انخفاضا ملحوظا بـ13% وانخفض الطلب على الغاز الطبيعي بـ 6% وذلك تبعا للإجراءات الاستثنائية التي تم اتخاذها لمجابهة جائحة كورونا والتي اثرت بصفة مباشرة على استهلاك الطاقة.

وسجل ميزان الطاقة، عجزا ب 3.3 مليون طن مكافئ نفط موفي أوت 2020 مقابل عجز بـ 3.8 مليون طن مكافئ نفط خلال نفس الفترة من سنة 2019 أي بتحسن بنسبة 13%، اما بخصوص نسبة الاستقلالية الطاقية (نسبة تغطية الموارد المتاحة للطلب الجملي) فقد سجلت هي الاخرى تحسنا لتبلغ 44% موفى أوت 2020 مقابل 41% خلال نفس الفترة من العالم الماضي.

وكشفت بيانات حديثة عن تسجيل انخفاض في قيمة الصادرات بنسبة 47٪ مصحوبة بانخفاض في الواردات بنسبة 35٪ وخاصة على مستوى واردات المواد البترولية بحوالي 47٪. وتجدر الاشارة الى ان عجز الميزان التجاري الطاقي سجل انخفاضا ملحوظا الى موفي أوت لسنة 2020 بالمقارنة بالسنة الماضية حيث بلغ 3397 مليون دينار مقابل 4883 مليون دينار، أي بتحسن بنسبة 30 ٪.

انخفاض انتاج النفط الخام

كما سجل الإنتاج الوطني للنفط الى موفى شهر أوت 2020 انخفاضا بحوالي 1.13 مليون طن موازي نفط مسجلا انخفاضا بنسبة 3% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019 حيث بلغ حوالي 1.17 مليون طن موازي نفط،كما بلغ إنتاج سوائل الغاز حوالي 102 ألف طن موازي نفط الى موفي شهر أوت 2020 مقابل 111 ألف طن موازي نفط خلال نفس الفترة من سنة 2019 مسجلا تراجعا بنسبة 8٪.

وتعول تونس بشكل أساسي في الاونة الاخيرة على "حقل نوارة" للغاز الطبيعي بولاية تطاوين جنوب البلاد ، إذ يمثل أكبر مشروع بقيمة استثمارية 3.5 مليارات دينار ، وبطاقة إنتاجية 2.7 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، الا ان توقفه بسبب اعتصام الكامور أدى الى خسائر حادة في عمليات الانتاج.

ويلاحظ من خلال ميزانية 2021 ، تغير نمط الدعم الذي كان من المفروض ان يوجه لدعم المواد الاستهلاكية بدرجة أولى، الا أنه تم تغيير جزء من الاموال المرصودة نحو تسوية ديون المحروقات للسنوات الفارطة وخلاص جزء من ديون المؤسسات العمومية، بالاضافة الى مراجعة المعاليم الموظفة على واردات المواد الاستهلاكية، بمقتضى الفصل 39 من قانون المالية لسنة 2018.

فجوة جديدة في الميزانية

وبدأت تونس منذ سنوات في اتخاذ اجراءات غير مدروسة لرفع الدعم عن عدد من المواد الأساسية تدريجيا ، وذلك رغم السخط الشعبي من هذه الاجراءات التي ألحقت ضررا كبيرا في المقدرة الشرائية للتونسيين، واعتمدت الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2017 اجراءات تقوم على رفع الدعم التدريجي للعديد من المواد الاستهلاكية ، وشملت ايضا المواد الطاقية والوقود.

ويواجه الاقتصاد التونسي فجوة عميقة بين توقعات وزارة المالية والواقع الحالي الذي شهد أسعاراً بلغت مستوى 65 دولاراً لبرميل النفط، مع توقعات ببلوغ 75 دولاراً خلال الربع الثالث من العام، الامر الذي اربك كل الحسابات الحكومية، خاصة في ظل شح الموارد المالية، حيث يقدر الخبراء ان الزيادة في اسعار النفط العالمية الى مستوى 80 دولار سيرفع من حاجيات الدولة المالية لسنة 2021 الى اكثر من 22 مليار دينار، وذلك بعد ان كانت في حاجة الى موارد مالية ب 18.5 مليار دينار في الميزانية الاساسية للسنة الحالية.

ويتوقع خبراء المالية والاقتصاد أن تعمق الزيادات في أسعار المحروقات من عجز الدولة حيث ان الزيادة بدولار واحد تكلف الدولة أكثر من 50 مليون دولار ، كما ترفع من نفقات الدعم الى مستويات تعجز الدولة عن مجاراتها بسبب الثغرات المالية في ميزانية 2021 ، ما يحتم اعداد ميزانية تكميلية على وجه السرعة لإدارة الزيادات الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط في العالم.

يذكر ان الحكومة سارعت مؤخرا ،الى فرض زيادة في أسعار الوقود للمرة الثالثة هذا العام، في مسعى لكبح العجز في ميزانية الدولة وارتفع سعر لتر البنزين إلى 2.095 دينار بعد ان كان مطلع العام الحالي في حدود 1.995 دينار.

سفيان المهداوي

جريدة الصباح

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews