آلاف المؤسسات الصغرى والمتوسطة تغلق أبوابها سنويا ليحال عشرات الآلاف من العمال على البطالة نتيجة للوضع الصعب الذي تعيش على وقعه، هذا ما أكده عبد الرزاق حواص الناطق الرسمي باسم الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة الذي أفاد لـ"الصباح" أن الوضع الاقتصادي الصعب له تداعيات كارثية على هذه المؤسسات وهذا يعود لعديد العوامل والتراكمات لحكومات متعاقبة اتخذت، وفق قوله، قرارات ضد المؤسسات الصغرى والمتوسطة ما خلق صعوبات أدت لإفلاس وغلق عدد كبير منها.
وبين أن السبب الرئيسي الذي أزم الوضع هو إمضاء الحكومات المتعاقبة لاتفاقيات مع تركيا والاتحاد الأوروبي والصين وغيرها من الدول تمكن الموردين أي كبار رؤوس الأموال من جلب كل أنواع السلع والمنتجات من ملابس وأحذية ومواد غذائية بأسعار زهيدة جدا تغرق السوق ما يعد ضربا للمؤسسات الصغرى والمتوسّطة التي باتت غير قادرة على المنافسة وتشجيعا ودعما للقطاع الموازي الذي تغول وبات يمثل أكثر من 50% من الاقتصاد المنظم على اعتبار أن أغلب من يروجون هذه البضائع لا يقومون بواجبهم الضريبي وكل هذا أدى إلى إفلاس عدد كبير جدا من المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
وابرز أن قطاع النسيج يعرف ارتفاعا كبيرا في أسعار المواد الأولية وهذا بات ملحوظا بعد انتشار فيروس كورونا مع صعوبة في توريد حاجياته من هذه المواد، هذا إلى جانب التضخم المالي التراكمي بفعل ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الموردة التي ارتفعت خلال الأربع أشهر الأولى من العام الحالي 2024 بـ3.79% مقابل تراجع واردات المواد الأولية ومعدات الإنتاج من قبل الشركات المنتجة بـ5.16% خلال نفس الفترة.
وشرح أنه ولئن يعتبر انخفاض الواردات بشكل عام علامة إيجابية، لكن البيانات المتعلقة بالتجارة الخارجية لتونس قد كشفت عن اتجاه مثير للقلق حيث وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية انخفضت مشتريات البلاد من المعدات والمواد الخام وهذا يشير إلى تباطؤ النشاط الصناعي والاقتصاد ككل.
وأشار عبد الرزاق حواص إلى أنه وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الحكومة لتخفيف وتيرة توريد المواد الاستهلاكية بأنواعها إلا أن استيرادها شهد تسارعًا ملحوظًا خلال هذه السنوات الثلاث ما يثير تساؤلات حول التوازن بين الإنتاج المحلي والواردات، وتأثير هذه الديناميكية على المدى الطويل على الاقتصاد الوطني.
وكشف أنه ووفق أرقام المعهد الوطني للإحصاء الصادرة بتاريخ 17 نوفمبر 2023 بشأن عدد الشركات التي أغلقت من 2017 إلى 2021 فإن هناك على الأقل 38 ألف مؤسسة أعلنت إفلاسها وأغلقت سنويا.
البنوك لم تعد تمول المؤسسات والاقتصاد
واعتبر الناطق باسم الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة أن قانون البنك المركزي المصادق عليه سنة 2016 سبب الأزمة على اعتبار أنه يخول للدولة الاقتراض من البنوك عوضا عن الاقتراض مباشرة من البنك المركزي وهذا أدى إلى توجه البنوك وعوضا عن تمويل المؤسسات والاقتصاد، من اجل خلق التنمية والنمو، إلى تمويل ميزانية الدولة وهي تمويلات موجهة لخلاص الديون وتسديد الأجور وتمويل المصاريف العمومية وهذا أدى إلى إفراغ السوق المالية من التمويلات خاصة وان البنوك تخير تمويل الميزانية مقابل ضمان استرجاع أموالها بنسبة فائدة مضمونة عوضا عن تمويل المؤسسات الاقتصادية، معتبرا أن هذا الإقراض غير منتج للثروة.
وأردف أن هذا القانون، أي قانون البنك المركزي، دفع بميزانية الدولة في دوامة الاقتراض من البنوك مقابل استفادتها من تسهيلات وتمويلات تضخ من قبل البنك المركزي الذي يحول كل القروض الأجنبية التي يتحصل عليها لفائدة البنوك.
وكشف حواص أن مواصلة الدولة العمل بهذه السياسة وهذا القانون يجعلها تغرق في حلقة مفرغة وهي الإقراض الخارجي والداخلي ما من شأنه المس بالسيادة الوطنية إذ تصبح الدولة مطالبة بإتباع املاءات وشروط الدول والمؤسسات المالية المانحة خارجيا وداخليا.
تغيير الإطار التشريعي
وشرح محدثنا أن البنوك التي تقرض الدولة تتحكم فيها العائلات النافذة المساهمة في رأس مالها، وهذا حقيقة وواقع في كل القطاعات، ما يجعل هذه العائلات تتحكم في الأسعار وفي السوق وخلق تضخم مصطنع ما يعني أنها تتحكم في قوت الشعب التونسي وفي الاقتصاد الوطني عموما.
واعتبر رئيس الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة أن الخطوات التي يجب أن تتخذها الدولة هو تغيير الإطار التشريعي لإنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية والذي يمكن أن يتضمن عدة مبادرات وسياسات، وأبرزها إقرار تشريعات تمويلية من خلال إنشاء صناديق خاصة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير قروض بفائدة منخفضة أو دون فائدة، مع تسهيل الوصول إلى التمويل من خلال البنوك والمؤسسات المالية الأخرى، بالإضافة إلى إقرار حوافز ضريبية للمؤسسات التي تقدم دعمًا ماليًا أو تقنيًا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الاستثمار في القطاعات ذات الأهمية الاقتصادية.
وطالب حواص أيضا بإحداث برامج حكومية مختصة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مثل البرامج التدريبية والاستشارية وبرامج التمويل، مع وضع قوانين وتنظيمات تحمي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من الممارسات غير العادلة، وتعزز التنافسية النزيهة في السوق.
حنان قيراط
تونس-الصباح
آلاف المؤسسات الصغرى والمتوسطة تغلق أبوابها سنويا ليحال عشرات الآلاف من العمال على البطالة نتيجة للوضع الصعب الذي تعيش على وقعه، هذا ما أكده عبد الرزاق حواص الناطق الرسمي باسم الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة الذي أفاد لـ"الصباح" أن الوضع الاقتصادي الصعب له تداعيات كارثية على هذه المؤسسات وهذا يعود لعديد العوامل والتراكمات لحكومات متعاقبة اتخذت، وفق قوله، قرارات ضد المؤسسات الصغرى والمتوسطة ما خلق صعوبات أدت لإفلاس وغلق عدد كبير منها.
وبين أن السبب الرئيسي الذي أزم الوضع هو إمضاء الحكومات المتعاقبة لاتفاقيات مع تركيا والاتحاد الأوروبي والصين وغيرها من الدول تمكن الموردين أي كبار رؤوس الأموال من جلب كل أنواع السلع والمنتجات من ملابس وأحذية ومواد غذائية بأسعار زهيدة جدا تغرق السوق ما يعد ضربا للمؤسسات الصغرى والمتوسّطة التي باتت غير قادرة على المنافسة وتشجيعا ودعما للقطاع الموازي الذي تغول وبات يمثل أكثر من 50% من الاقتصاد المنظم على اعتبار أن أغلب من يروجون هذه البضائع لا يقومون بواجبهم الضريبي وكل هذا أدى إلى إفلاس عدد كبير جدا من المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
وابرز أن قطاع النسيج يعرف ارتفاعا كبيرا في أسعار المواد الأولية وهذا بات ملحوظا بعد انتشار فيروس كورونا مع صعوبة في توريد حاجياته من هذه المواد، هذا إلى جانب التضخم المالي التراكمي بفعل ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الموردة التي ارتفعت خلال الأربع أشهر الأولى من العام الحالي 2024 بـ3.79% مقابل تراجع واردات المواد الأولية ومعدات الإنتاج من قبل الشركات المنتجة بـ5.16% خلال نفس الفترة.
وشرح أنه ولئن يعتبر انخفاض الواردات بشكل عام علامة إيجابية، لكن البيانات المتعلقة بالتجارة الخارجية لتونس قد كشفت عن اتجاه مثير للقلق حيث وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية انخفضت مشتريات البلاد من المعدات والمواد الخام وهذا يشير إلى تباطؤ النشاط الصناعي والاقتصاد ككل.
وأشار عبد الرزاق حواص إلى أنه وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الحكومة لتخفيف وتيرة توريد المواد الاستهلاكية بأنواعها إلا أن استيرادها شهد تسارعًا ملحوظًا خلال هذه السنوات الثلاث ما يثير تساؤلات حول التوازن بين الإنتاج المحلي والواردات، وتأثير هذه الديناميكية على المدى الطويل على الاقتصاد الوطني.
وكشف أنه ووفق أرقام المعهد الوطني للإحصاء الصادرة بتاريخ 17 نوفمبر 2023 بشأن عدد الشركات التي أغلقت من 2017 إلى 2021 فإن هناك على الأقل 38 ألف مؤسسة أعلنت إفلاسها وأغلقت سنويا.
البنوك لم تعد تمول المؤسسات والاقتصاد
واعتبر الناطق باسم الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة أن قانون البنك المركزي المصادق عليه سنة 2016 سبب الأزمة على اعتبار أنه يخول للدولة الاقتراض من البنوك عوضا عن الاقتراض مباشرة من البنك المركزي وهذا أدى إلى توجه البنوك وعوضا عن تمويل المؤسسات والاقتصاد، من اجل خلق التنمية والنمو، إلى تمويل ميزانية الدولة وهي تمويلات موجهة لخلاص الديون وتسديد الأجور وتمويل المصاريف العمومية وهذا أدى إلى إفراغ السوق المالية من التمويلات خاصة وان البنوك تخير تمويل الميزانية مقابل ضمان استرجاع أموالها بنسبة فائدة مضمونة عوضا عن تمويل المؤسسات الاقتصادية، معتبرا أن هذا الإقراض غير منتج للثروة.
وأردف أن هذا القانون، أي قانون البنك المركزي، دفع بميزانية الدولة في دوامة الاقتراض من البنوك مقابل استفادتها من تسهيلات وتمويلات تضخ من قبل البنك المركزي الذي يحول كل القروض الأجنبية التي يتحصل عليها لفائدة البنوك.
وكشف حواص أن مواصلة الدولة العمل بهذه السياسة وهذا القانون يجعلها تغرق في حلقة مفرغة وهي الإقراض الخارجي والداخلي ما من شأنه المس بالسيادة الوطنية إذ تصبح الدولة مطالبة بإتباع املاءات وشروط الدول والمؤسسات المالية المانحة خارجيا وداخليا.
تغيير الإطار التشريعي
وشرح محدثنا أن البنوك التي تقرض الدولة تتحكم فيها العائلات النافذة المساهمة في رأس مالها، وهذا حقيقة وواقع في كل القطاعات، ما يجعل هذه العائلات تتحكم في الأسعار وفي السوق وخلق تضخم مصطنع ما يعني أنها تتحكم في قوت الشعب التونسي وفي الاقتصاد الوطني عموما.
واعتبر رئيس الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة أن الخطوات التي يجب أن تتخذها الدولة هو تغيير الإطار التشريعي لإنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية والذي يمكن أن يتضمن عدة مبادرات وسياسات، وأبرزها إقرار تشريعات تمويلية من خلال إنشاء صناديق خاصة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير قروض بفائدة منخفضة أو دون فائدة، مع تسهيل الوصول إلى التمويل من خلال البنوك والمؤسسات المالية الأخرى، بالإضافة إلى إقرار حوافز ضريبية للمؤسسات التي تقدم دعمًا ماليًا أو تقنيًا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الاستثمار في القطاعات ذات الأهمية الاقتصادية.
وطالب حواص أيضا بإحداث برامج حكومية مختصة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مثل البرامج التدريبية والاستشارية وبرامج التمويل، مع وضع قوانين وتنظيمات تحمي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من الممارسات غير العادلة، وتعزز التنافسية النزيهة في السوق.